عامل المناخ - إيريك دور تشيميد

العادك

ع

إهاهلاس !|

مدني

عامل المناخ

كيف غيرت الطبيعة
مجرى الشاريخ

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

دراسض

اسم المؤلف: إيريك دورتشميد

عنوان الكتاب: عامل المناخ: كيف غيّرت
الطبيعة مجرى التاريخ

ترجمة: أحمد الزبيدي

تصميم الغلاف: ماجد الماجدي

الناشر: دار المدى

الطبعة الأولى: 2020

لعأتلاء سونط علتمك :«مناعنيم

11077 :اماع ه"! معطغوء ١71‏ عط نعلل
111501 0122860 1125 ع" ننخوار

30 ةطنام-اة لعتتقطة ننزطا لعنأداكقة 1
120ل 513[60 نناطا لعموزاوء2] ج60
41-2 :20

21 100

جميع الحقوق محفوظة: دار المدى

0 مع 11طء5 ناآ ع1أدكا © غخاع :3م00

9

05 دده ع 7لتأآلت ,712013 07[ 200 171-/ 4

بغداد: حى أبو نؤاسن - محلة 102 - شسارع 13 - بناية 141

0 954 )0( 770 2799 9

1 ومألأنب8 - أعع]5 13 - 102 ,لأوأعن-وويللدل ناخ -5030و83 /وت١ا‏ 0 8080 770 (0) 964 +

لهت .من1010©0215303-90 :انلمع - لمن .مناه 1و-303لراد .ببدم © 0 1919 790 (0) 954 +

بيروت: الحمرا- مسارع ليونن- بناية منصور- الطابق الأول 617067 عي
000 .ه2010 و-2155303 0260 6 961175 +

دمشق: شمارع كرجية حداو- متفرع من شمارع 20 اباد

+ 1172017

11226 +
لاك .50690161نالرام لومم دام 5 011+

لانجوز نشر أى جزء من هذا الكناب أو بخزين أى
ماده بطر يمه الاسنر جاع؛ أو نقله. على أي نحوء أو
تأنى طر بقة منواء كائت إلكبروئنه أو ميكائيكية أو
بالتفسيو بر أو بالتتجيل أو شلاف ذلك إلا مواقفة
كمانة من التالمير مفدها.

هذا الككباب مسؤولية الكاني. والاراء الوارده فنه له
تغير بالشيروره عن رأى الناشر.

صس. ب: 8277 9 م2 95511 +

ااانا لأنطلام كانلا إن اعم ملق امبخمجمم عاوابرم الل
ضقان انان ل ول أسما؟ سن امم رمم مرا ترفارض
0 “7 ا(0لن/ لوقا 11 || مك اد اورما دل
الا ارت اوأر بألعا سرس بعنصمما عملم خرممم مر
“لاير “1 اانم اناس حابصم ران سن فربوتلس مر
ل ل 7000000700

'1|/ أل بواتأاطتكمررحمم كرمارس مرا جز أرط حنطل
022 اضر مل متمصمرا) أمسيواسرة خومتصامره
:امنأ اأطيام عرزا لت سمتسرره عط مالم

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إيريك دورتشميد

عامل المناخ

كيف غيرت الطبيعة مجرى التاريخ

ترجمك : أحمد الربيدي
0
9

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إيريك دورشميد

ولد إيريك دورشميد في فيينا عام 1930. وبعد الحرب العالمية الثانية»
هاجر إلى كندا. عمل مراسلاً حربياً تلفزيونياً للمحطتين التلفزيونيتين
60 و085 قام دورتشميد بتغطية جميع الأزمات الكبرى التي شهدها
العالم في فيتنام وإيران والعراق وبلفاست وبيروت وشيلي وكويا
وأفغانستان» حاز على العديد من الجوائز. كتبت عنه مجلة نيوزويك
(دورتشميد مراسل موهوب للغاية وحقق نقلة نوعية في وسائل الإعلام
التي عمل بها. «أما صحيفة» اللوموند فقد كتبت عنه قائلة إنه نجا من
معارك عدة أكثر من أي جنرال على قيد الحياة» وهو يعيش حالياً مع
عائلته ما بين باريس ومنطقة بروفنس جنوب فرنسا.

5

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إهداء المؤلف:
إلى ويليام والكسندر

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المقدمة

لا يعمل المؤلف» وهو يصف الأحداث الحقيقية: » في فراغ. إِن نقده
للأحداث التي تتسبب في (أو أحياناً تمنع) حدوث نتائج مثيرة» يعتمد
على أعمال من سبقوه. ابتداءً من الكتبة اللاتينيين القدماء إلى المراسلين
الصحفيين في وقتنا الحاضرء على الرغم من تعرضهم إلى محاولات
التقليل من شأنهم أو قمعهم في كثير من الأحيان. ومع ذلك فقد تم سرد
كل شيء جرى بعد الحدث!

يمكن مقارنة التأثير التاريخي الذي أحدثته بعض الأحداث؛ على
الرغم من أنها كانت صغيرة نسبياء بتأثير المعارك الضخمة التي لا
تزال تختزنها الذاكرة الحديثة. وعلى سبيل المثال» في حين أن معركة
غابة تويتوبورغ. الحاسمة بين الألمان والرومان التي جرت وقائعها في
سنة 9 م شهدت مواجهة بين حوالي أربعين ين ألف محارب قاتل بعضهم
البعض الآخرء لكن معركة موسكو في عام 1941» شهدت تدمير أربعين
ألف مدفع. وموت الملايين من الجنود. ومع ذلك وسواء كانت تلك
الأحداث كبيرة أم صغيرة» فإن كل واحد منها شكل منعطفاً تاريخياً.

لق اتلك "النضيغة مق الفؤركين التارزية :فى" الوقات السامر
لتوجيهي في خياري. واعتمدت على أعمال أخرى» مثل أعمال المؤرخ
الروماني تاسيتس» فهي محفوظة جيداً ويمكن العثور عليها في المكتبات
الرئيسية : أود أن أغرت عن امتناني للكتاب الذين قدمت جهودهم
أساساً مهماً لي وألهّمتني في عمليء ولا سيما الجنرال الجيوستراتيجي

-9-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بيير غالوا (الضابط المتقاعد من القوة الجوية الفرنسية» » والمؤرخ في
الأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بوينت» العقيد كين هامبورغر
(ضابط متقاعد من الجيش الأمريكي). وقائد الكوماندوز الألماني
السابق» الكولونيل أوتو سكورزيني (المتوفى)» والخبير في التاريخ
الأيرلندي» روبرت كيء الذي نجا من الإعصار الرهيبء وربان المدمرة
الأمريكية ديويء الكابتن ريمون كالهونء (ضابط متقاعد في البحرية
الأمريكية). فقد كانت رواياتهم الشخصية حاسمة في جعل هذا الكتاب
حقيقة واقعة.

وأود أيضاً أن أشكر الأعضاء العديدين في مختلف معاهد البحوث
التي استشرتهاء فلولا مساعدتهمء كان من المستحيل القيام بهذا
المشروع: المعهد الألماني للتاريخ (باريس)» المعهد الثقافي الياباني
(طوكيو)» مكتبة مدينة باريس المعهد الهولندي (باريس)» مكتبة
الأكاديمية العسكرية الأمريكية (وست بوينت»» المحفوظات الوطنية
(باريس)؛ محفوظات الكلية الأيرلندية (باريس) قسم بحوث التاريخ
العسكري (فيينا)» وغيرها من المؤسسات البحثية.

-10-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نلمهيد

رياح خفيفة إلى متغيرة السرعة...
عندما تمطرء يتبلل الجميع

٠‏ مثل شعبي

عندما تتحدث عن الطقسء يصغي إليك الجميع.
«كيف تبدو الأجواء اليوم؟» يسأل الصوت العذب عندما يتوقف
جرس المنبه. تقفز خارج السرير تتلمس طريقك إلى النافذة» وتحدق
وأنت نصف مستيقظ فى السحب الرمادية وفى برك المياه التى
اتنشرات غلى الأرضن» وتتاوة قائلاً: «إنها تمطر) . ويتأوه الككيرؤن فى
الوقت نفسه. منهم المزارع» لأن العاصفة المطرية تسببت في تلف
محصوله من القمحء ويتأوه الزوجان الشابان اللذان كانا على وشك
أن يعقدا قرانهما حين يعرفان أن المطر سيتسبب بإلغاء حفلتهماء أو
الجنرال الذي قيل له للتو إن دباباته غارقة في الوحل. لقد كان يومهم

سيئاً بالفعل.

«... الرياح خفيفة إلى متغيرة السرعة...» أصبحت الحالة الجوية هي
المعلومة الصباحية الرئيسة للملايين. تتغير روح الدعابة عند المواطنين
مع تغير الطقسء» وخاصة بالنسبة لأولئك الذين لا يعملون في بيئة
محمية. مثل الصيادين» وعمال البناء ومتسابقي الدراجات الهوائية؛
كلهم يجب أن يعانوا من نزوات إله الطقس. ينطبق ذلك على الجنود
أيضاً. ولا ننسى كذلك مسؤول التأمين الذي يرتعد عند مجرد التفكير

1ك

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

في الفيضان. وحين يتعلق الأمر به فإن الحكمة تشير إلى أن أي كارئة
طبيعية يشار إليها ببساطة بأنها «عمل من أعمال الخالق».

كان لأعمال الخالق والطقس تأثيرهما العميق على التاريخ. من
تذمير جيوس إمبراطورية روما القديمة إلى إلقاء أول قنبلة ذرية» والقائمة

يحدق الرجل العجوز في الغيوم التي تتجمع. ويقول: «ليس أمامنا
سوى شيء واحد نفعله الآن».

فتسأله زوجته: «ماهو؟».

فيجيبها: الصلاة.

ثم جاءت الريح ودمرت كل ما بناه ذلك الرجل بمثابرة.

212
6 لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

هذا ما أخيرنا به الكتاب المقدس
إنه قضاء وفقدر

«وها أنا أحمل طوفاناً من الماء ليغرق
الأرض» ولكى أدمر كل حسكل» يتنفس
الحياة» في هذا العالم».

17 :6 سفر التكوين‎ ٠

الى البو شيم افر لني ابام
الجب العميق» وفتحت نوافذ السماء».

11 سفر التكوين7:‎ ٠«

قال الخادم لسيدة يجب اناتيي قارياً»

وأن تضع فيه كل الأشياء التي تريد الحفاظ
عليها. الأمطار الغزيرة ستغرق الأرض.

٠.‏ من حكايات قبيلة

الهنود الشيروكى فى أمريك!!)

قد لا يتخيل المرء مدى الإثارة» التي حدثت في ذلك اليوم في نينوى.
وفي بابل» عندما اصطدم معول عالم الآثار بشيء صلب وأخرج أول لوح
طيني من بين آلاف كانت تحوي خطوط الكتابة المسمارية. مطمورة في

1 - كانت قصة الطوفان التى ذكرتها الحضارات السومرية والأكدية واليونانية مشابهة لهذه
القصة.

13

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ا ة جلجامش تكريماً
الأرض منذ آلاف || ٠‏ أطلق عليها اسم (ملحمة َ مش تكريما
رص 5 ( يمكن أن
' سنة 3000 قبل الميلاد»". هل د

لملكث سومري أسطوري» حكم ع 0 الذ 5
تكون هذه الملحمة جزءا من 1 ' 0 الفنضان:
بورع نيت نام 97 ونين الهاو وت مسجل لقصة نوح و 0-6 :
ب : 0 أف اد عائلت وأقا

0 بت معي على متن السفينة جميع أفراد عائاتي وا أربي
والبهائم؛ والماشية» والحرفيين» وبعد أن صعدوأ . جميعا. دخلت لسفينة

من قلب السماء خرجت سحابة سوداء...

تحول كل ما هو مضيء إلى ظلام ظلت الرياح والفيضانات تزحف
قدماً لمدة ستة نهارات وليال» امتثلت الأرض لقوة العاصفة. عندما بزِغ
فجر اليوم السابع؛ خفتت العاصفة» وهجم الفيضان مثل جيش جرار»
وتلوث جميع الرجال بالطين7...

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الفيضان المذكور في الكتاب المقدس
قد حدث في حوال سنة 5600 قب , الميلاد» فى منطقة البحر الأسود. ة

في حوالي : شي سوة: في

المياه العذبة لبحيرة داخلية عن البحر الأبيض المتوسط. أدى التغير
المفاجئ في درجة الحرارة - مفاجئ بالنسبة للساعة الأرضية؛ لكنه يعنى
عدة آلاف من السنين - إلى ذوبان الطبقة الجليدية الأوراسية.

أدى ذلك إلى ارتفاع منسوب مياه المحيط وانهيار حاجز البوسفور
ان سنة. أندفعت المياه في البحر الأسود بلا حواجز وسوعة
000 مساحة تقدر بحوالي 5 الف كيلومتر مربع. أجبر
الطوفان عائلات الصيادين وجامعي ثمار الأشجار على الهجرة إلى

[ت ربما تمت كتابته حوالي 700 قبل الميلاد ولكن يمكن أن يكون أقدم من ذلك بكثير.
2- تشارلز بيرتز» البحث عن سفيئة نوح.
3- تم تحديد التاريخ وفقاً لأعمال الحفر التي أجريت فى جزيرة غرينلئد» ودراسة
الطبقات الأرضية. : 1 '
-14-
ألا 0131013مهوذع ]آلا

أقصى الجنوب نحو بلدان مثل مصر وبابل» وهذا ما يفسر كيف أن
القبائل الشمالية البدائية انتهى بها المطاف في الأرض التوراتية للفراعنة.
تناقل الناس قصة معجزة هروبهم (في سفينة نوح) من جيل إلى جيل»
وكتبت في نهاية المطاف في سفر التكوين وملحمة جلجامش.

تؤدي التغيرات المفاجئة في الظروف الجوية إلى حدوث الكوارث.
التي تتسبب بها الرياح والفيضانات والعواصف الممطرة والجفاف
والحرارة الحارقة والبرد القارسء وقائمة لا تنتهى من مصائب الطبيعة.
إن تأثير التقلبات الجوية الحادة التى تحدث فجأة» ولا يمكن التنبؤ بهاء
بالاقتران مع قوى الطبيعة الهائلة التي تصب جام غضبها عليناء يؤدي إلى
حدوث الكوارث. يتغير العالم الذي نعيش فيه على حين غرة فيضطر
الإنسان إلى أن يركع على ركبتيه ويصلي طلباً للغوث الإلهي. غالباً لا
يستجيب لصلاته أحد إلا في مرات قليلة.

منذ غابر الزمان» وأحداث التاريخ تتأثر بعناصر الطبيعة. اندثئرت
الحيوانات الضخمة التى كانت تنتشر فى مختلف أنحاء اللأرض بسبب
لخر اكد المداسة :اذى" التتشها فين الحاكعء فى اوواعة النغرارة إل
هلاك الحيوانات المفترسة والديناصورات الشرسة. ثم ظهر مخلوق
نجح في المشي منتصباً» وكان يتجول في كل مكان عارياًء يعاني من
واحد من اثنين» إما برد قارس أو حرارة عالية. كان أول عمل قام به هو
قتل بعض الحيوانات ذوات الفرو ويدثر جسمه بجلد ضحيته. ويقوم
بقطع غصن محترق من شجرة ضربها البرق» ويحمل الشعلة إلى كهفه
لإشعال النار في مأواه الأصلي. أعقب عصر النار هذا اعصر الأدوات»»
م بنى الإنسان أماكن بدائية تأويه من الشمس والثلوج والرياح
والامطار. وتحميه من التغيرات الجوية اليومية والموسمية.

تعتمد حياة أو موت الأشخاص على كوكبنا دائماً على بضع درجات
حرارة مرتفعة أو منخفضة. يمكن للمرء أن يتخيل رعب رجل بدائي.
عندما يصبح النهار أقصر وأبرد ويدوم الليل لفترة أطول. لا بد أنه كان

-15-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

يتساءل: هل ستعود الشمس للشروق مرة أخرى؟ هل من العجيب إذاً أن
ينظر الإنسان إلى الطقس على أنه شيء خارق للطبيعة» يقع في مجال عمل
الخالق أو الشيطان؟ لطالما كانت ظواهر الأحوال الجوية مرتبطة بالقدرات
الشيطانية أو الإلهية. كان أجدادنا يناجون السماء» ويتضرعون للقديسين»
ويعانون من الكوارث التي تصبها السماء عليهم. تحولوا إلى الضفادع
والتقاويم للحصول على معلومات حول المطر وشروق الشمس. كانوا
يركعون أمام صور القديسين ويتضرعون لهم لكي يجلبوا لهم الماء الذي
يمنح الحياة» أو يدعوهم بدلا من ذلك لمنع هطول الأمطار والفيضانات
حتى لا تغرقهم. كانوا يذهبون إلى أبعد حد في مناشدتهم السماوات.
نعلم اليوم أن الربيع يأتي بعد الشتاء كما هو الحال في النهار الذي
يتبع الليل. نحن نعرف أكثر من ذلك بكثير. على سبيل المثال» يزداد
معدل الخصوبة خلال فترة معينة من دورة القمر'". وفيما بعد سيشرح
أحد العلماء كيف أن هذا الأمر مرتبط بالجاذبية» والضوءء والتغيرات
فى المجالات المغناطيسية للأرضء والتي تؤثر أيضاً على السلوك
الجنسي للبشر هذه الحقائق كان يعرفها الفلاحون في قريتي قبل وقت
ظويل من ظهون الخواسشيت العبلاقة .هل يعت ذلك أن خبراء الأرضاة
الجوية الذين يحدقون بأعينهم في صور الأقمار الصناعية من الفضاءء
والتي تخبرهم كل شيء عن التكوينات السحابية على غرينلاند.
ومضادات الأعاصير فوق جزر الأزور ورطوبة الهواء في بورنيوه هم
على علم أفضل.من الفلاحين في قريتي؟ يستمع مزارعونا إلى توقعات
الأرصاد الجوية ثم يلتزمون بما كان يقوم به أسلافهم؛ يشمّون الهواء.
ويبرزون إصبعهم لاختبار اتجاه الريح» ويدرسون الحالة العصبية
للماشية والطيور. وإذا كان كل شيء على ما يرام حينها فقط سيغرسون
أشجارهم أو يبذرون محاصيلهم. وعندما تتمايل رؤوس نبات عباد
الشمس في شهر تموزء فهذا يعني أنها بحاجة إلى المطر. وعندما تمطر

1- الدورة الشهرية للمرأة مساوية لدورة اكتمال القمر والتي تبلغ ثمانية وعشرين يوماً.

-16-
لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

في شهر آب» يصبح محصول القمح مستوياء ولكن لماذا يكون لدينا
الكثير من الكمأة في شهر كانون الثاني حتى كهنتنا ليس لديهم إجابة
على هذا اللغز.

كل من يصغي باهتمام إلى نشرة الحالة الجوية اليومية تتكون لديه
فكرة عامة حول ما سيحدث في الساعات أو الأيام القادمة. لكن هناك
شيئاً واحداً لا يمكن للعالم ولا للمزارع التنبؤ به - وهو موعد وصول
الكارثة الطبيعية. فهي عندما تصلء فإنها تفعل ذلك بكل قوة الطبيعة
الجامحة» وتكون مفاجئة وقاتلة سواء كانت على سبيل المثال لا الحصر
أعاصير أو فيضانات أو انهيارات ثلجية» أو قضمة الصقيع. أو حرائق
الغابات الجهنمية أو ضباب قاتلء لقد كان لأحوال الطقس تأثير عميق
ودائم على تاريخ البشرية. فكانت العواصف الرعدية تدمر جحافل
الجيوشء والأساطيل الحربية تغرق بسبب الأعاصيرهء والدبابات تعلق

في الوحلء ويتجمد أفراد الجيش الغازي حتى الموتء وانتهت ت الحرب
الذرية حتى قبل أن تيذاً.

لا يحمل الطقس السيئع دائماً أخباراً سيئة. فالرؤية الجيدة» مثل
ضعف الرؤية» هي عامل حيوي لمخططي العملية العسكرية. إن أي تغيير
مفاجئ في «الظروف الجوية المواتية» يمكن أن يحول خطة مدروسة إلى
كابوس. يمكن أن يتحول الهجوم, الذي تم شنه تحت غطاء الضباب؛
إلى رعب إذا ما انقشع الضباب وأمكن لرجال المدفعية تحديد أهدافهم.
لكن بالنسبة لجماهير المتدينين الورعين» استمرت النبوءات الكثيبة
للكوارث المتتالية تحمل تلك السمات المألوفة بشكل مثير: شلل فى
حركة الحياة وذعر يخطف القلوب. على مدى قرون ظل أهل الفكر
والعلم يسخرون من أولئك الخاتفين والمذعورين. وفي الوقت الحاضر
فإنهم أول من يلوذ بالفرار.

كانت توقعات الأحوال الجوية في الماضي مجرد تخمينات مبنية
على مجموعة من المعلومات, أما صفاتها السائدة هي التي يقررها الله

-17-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

أو الحظ السعيد. إن التنبؤ بالطقس كان دائماً مشروعاً محفوفاً بالمخاطر,
ولا تزال معرفتنا مقتصرة على أحدث تقارير الطقس. اليوم يستمع العالم
إلى مذيعي النشرات الجوية على وسائل الإعلام العالمية. وتعد تنبؤاتهم
الجوية ذات تأثير اقتصادي: فالمزارعون وسائقو الشاحنات والملاحون
والطيارون وحتى سماسرة البورصة يتابعون هذا المذيع وهو يعلن ...١‏
هناك احتمال لهطول الأمطارء مصحوبة برياح عاتية» عند الظهر...2.

قد يكون الفيضان الذي ورد فى الكتاب المقدس أول ظاهرة مناخية
سمعنا بها أحدثت تغييراً عميقاً في التاريخ البشري. إذا كنا نصدق
المؤرخين ورواياتهم المعاصرة. فإن العالم منذ تلك الفترة نذا يختنه
نحو الأسوأ. كانت معارك البشر مع الطبيعة أكثر عدداً من معاركهم فيما
بينهم. لكن حينما تصطدم القوتان - الطبيعة مع حروب البشر - فإن
ذلك يؤدي بلا جدال إلى حدوث كارثة.

ويقال حينذاك إنه قضاء وقدر.

-18- لطا 06312 مر هدع الا

عندما هلكت جحافل الجنرال الروماني فاروس
الحادي عشر من أيلول: سنة 9 ميلادية

فاروسء يا فاروس. أعد لي جيوشي.
« الإمبراطور أغسطس. سنة 9 ميلادية!(1)

إنها السنة التاسعة بعد الميلاد» في إحدى أماسي الخريف في أرض
قبيلة الشيراسكيون©00 فو 3 تار الصنوبر العو السماء الذهبية
مليئة بأسراب الطيور الجارحة» وهي تتبع رتل الجنود الذي يتمايل مثل
أفعى عملاقة على طول الطريق الذي يمر من خلال الغابات البدائية...
ظلت ثلاث فيالق رومانية تقاتل لساعات على طول هذا الدرب الضيق»
والذي كان طريقاً صالحاً لسير الماعز أكثر منه طريقاً صالحاً لسير
العربات. اضطر جنود الوحدات المتقدمة أن يشقوا طريقهم وسط
الأعشاب الكثيفة والأشجار الضخمة التي كانت أغصانها تعلق بهم. مما
تسبب بجروح وخدوش في أذرعهم وسيقانهم العارية» وبات البعوض
يستقر على تلك الجروح المتقيحة. كانت هناك أكوام حجارة مكدسة
بشكل غير مرتب تعلوها جماجم تغير لونهاء تمثل قرابين كانت تقدم إلى
1- عن كتاب المؤرخ سويتونيوس 1528011105 صدر في القرن الثاني الميلادي
2- قبيلة جرمانية قطنت أجزاء من شمال وادي الراين وسهول وغابات شمال غرب

ألمانياء في المنطقة الواقعة حالياً بين أوسنابروك وهانوفرء خلال القرن الأول قبل

الميلاد والقرن الأول الميلادي. المترجم.
3- براونشفيك أو براونسفيك.

-19-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إله وثني» مما يشير إلى وجود قبائل محلية في تلك المنطقة. لم :
طليعة الفيلق الروماني؛ سوى رؤية سوى جزء صغير من الطريق أمامها.
كان كل شيء ساكناً وهادثاً. لم يكن سوى سنجاب أو أرنب يتحرك من
حين لآخر في أرجاء الغابة. ومع ذلك. فإِن الجميع؛ » من التريبونيون».
الموجودين في الفيلق» يشعرون بعدم الارتياح في هذه الأجواء غير
المألوفة» وهم محاطون من الجانبين بالأشجار العالية. ومسارهم يشبه
نفقأء تتدلى منه شبكة متداخلة من الفروع التي تشكل سقفاً مقبباً مع شبه
ظله الطبيعي. كان ممراً ضيقاً بين الأشجار المتقاربة للغاية بحيث لا
يستطيع الرماة استخدام أسهمهم في حالة تعرضهم إلى كمين. لم يكن
يجرؤ السينتوريون من ذوي الخبرة على إخبار قادتهم من التريبونيين
الذين كانوا يلبسون دروعاً وملابسّ فاخرة» كونهم من أقارب الإمبراطور
أغسطس2» إنه ليس من الحكمة أن يسيروا فى هذه البرية المعادية دون
إرسال دوريات لاستطلاع مقدمة الطريق أو حماية أجنحتهم. كان هناك
منعطف آخر في طريقهم. كانوا يأملون أن يكون ذلك هو الأخير» ويجب
عليهم بالتأكيد الخروج إلى سهل مفتوح. لكن وراء هذا المنعطف كان
اخرء ثم آخر. كان ادرب ماخر جا على الوا مكل جلاولة من غابة إلى
مستنقع ومن مستنقع إلى غابة. شعر الرومان بأنهم فقدوا السيطرة» كما
لو كان تيار نهر شديد القوة يحملهم. كانت المستنقعات تحيط بهم. وأي
خطوة غير مدروسة إلى الجانب ستعني موتاً محققاً لأنهم سيعلقوا في
المستنقع بسبب وزن سلاحهم الثقيل. ل ارد
مستنقعاء فهناك دائماً تلك الغابة الكبيرة والمظلمة والمخيفة.

كان يسير في أعقاب تلك الجحافل من الجيش الروماني موكب
تسوده الفوضى من عربات الخيل والحيوانات الأليفة وعربات ع8

ال د 0
2- في سنة 12 قبل الميلا , 0 غسطسر مجلس
يا امه ,1 : د. عند وفاة ليبيدوس. أ أ أعضاء

الكهنة الأعلى في روما القديمة. 9 8 ئ

لا31طأ ا 01310123مر هودع الا

-20-

والنساء اللواتي يهذرن. والأطفال الرضع. والطهاةء والصيارفة» والبغاياء
وجميع المشردين الذين كانوا يتجمعون عند القواعد العسكرية والذي
يمكن العثور عليهم في أي مكان في مملكة الإمبراطور أغسطس.

0لا/ل (موناامآان16 ,9 دام

وأممصضوم

م7106 بورمممع برجا 00367 المحم لماع ه20 0 أن ص ساس
بم بع (1766) 80060 ممست
(وؤامه0) مناه أن مانن لول عه | 8

-21-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وسط صرخات الألم والشتائم» كان هؤلاء الغوغاء يسحقون ما
يجدونه أمامهم ليستمروا بالسير مع فيالق الجيش. وعرباتهم التي تحمل
أشياء كثيرة تصدر ضجيجا إلى جانب الهزات المؤلمة لجذوع الأفخاذ
المكتنزة» والتى لا تفعل سوى النبش في أعماق المخلفات التي كانت
تتركها وراءها عربات مواد التموين الخاصة بالجحافل. كان الجميع
يصلى من أجل أن تنتهى هذه الغابة اللعينة.

تقتل الغابة كل إحساس بالزمان والمكان. تتقدم طليعة الجيشء»
المؤلفة من سكان روما الأصليين تحت قيادة أرمينيوس أحد نبلاء قبيلة
الشيروسكيء حول المنحنى؛ عندما تتحول أولى الأفواج الرومانية إلى
الزاوية نفسهاء يختفى أفراد قبيلة الشيروسكي وتبتلعهم الغابة. وبما أن
أرمينيوس والكشافة المحليين هم الوحيدون الذين يعرفون طريقهم
حول هذه الغابات» فإن الرومان يصابون بالارتباك عندما يصلون إلى
مفترق الطرق. لقد أنهكهم مسير ذلك اليوم حتى لم يعد بمستطاعهم
سماع صوت تكسر أغصان الأشجار» فجأة» تظهر عدد من المخلوقات
المخيفة المكسوة بالفراء أمامهم. وهي تحمل الرماح والصولجانات»
كانوا رجالا رؤوسهم حليقة وعيونهم تقدح بنيران الشرر. يصاب
الرومان بالذهول جراء المفاجأة لدرجة أنه لا أحد منهم يتحرك إلى أن
تختفى تلك المخلوقات الغريبة فى منطقة نائية. قامت وحدة عسكرية
من أحد فيالق الجيش الروماني بتعقب أثر الهاربين» لكن أثرهم تلاشى.
كان ظهورهم حيلة ذكية: إنها تجذب التشكيلات الرومانية إلى الدرب»
الآمر الذي يقودهم مباشرة نحو الكمين.

«كان يهمس جنود الفيلق الروماني أنهم هنا... قريبون جداً». لكن
رز ا سرت كسته را

قبل نصف قرن من ذلك التاريخ» وبالتحديد في عام 59 قبل الميلاد

1- نقلآً عن الكتب التي ألفها الكتبة الرومان آنذاك أمثال تاسيتوس وفيليوس
وباتي رك ولوسء وديوكاسيوس.

22 لدنطتنا وتصهغهمهدع الا

7 ل لقا 0 - قد بدأ 506
«الهدنة» مع أقوام الغاليين سكان بلاد (الغال)2 وبالتالي دفع حدود روما
الخارجية إلى نهر الراين. . كان مشروعه الطموح التالي هو توسيع حدود
الإمبراطورية عبر نهر الراين» لتصل إلى الأنهار الكبيرة فى وسط ألمانياء
وبالتالي ضمان حماية «الأكروبوليس الإيطالي» (الذي يضم إيطاليا
العليا ومدينة روما) ومنطقة بروفنس من توغل القبائل الألمانية”" والتى
وصفها المؤرخ كاسيوي ديو بأنها قبائل همجية ودنيئة للغاية».

بعد أن نجح في وقف غزو 250 ألف فرد من الهلفيتيون وهم قبائل
كلتية عن طريق قطع الجسور المارة عبر نهر الرون في مدينة جنيف».
تحؤل يوليوس قيصر إلى الشمال لتحطيم الملك أريوفستس ومناصريه
من القبائل السويبية في سهل الألزاس. بعد ذلك» قاد قيصر ثمانية أفواج
من الجنود عبر نهر الرايق وقام بإحلال السلام في المنطقة المحيطة
بكولونيا وبون. عند مدينة ترير كان المقاتلون البالغ عددهم مئتا ألف
لا يستطيعون مقارعة خمسين ألف فرد» هو تعداد أفواج جيش يوليوس
قيصر التي تتميز بانضباطها العالي وفي مواجهة القوة العسكرية لروماء
هرب العديد من زعماء القبائل خشية الوقوع في الأسر. وعد قيصر
بالرأفة بهم ومنحهم العطاياء وأقام وليمة كبيرة دعا إليها - جميع الزعماء
الذين كانوا مختبئين. 00
رؤوسهم. بعد تلك الحادثة قام بمهاجمة القبائل التى أصبحت بلا زعماء
ومارس بحقهم عمليات قتل جماعي©.

ماتت الجمهورية الرومانية مع شيشرون وبدأت الإمبراطورية مع

القبائل).

-23-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إلى الوجود الدائم لجنودها في أراضيها الشاسعة. كانت هيبتها العسكرية
هي الدعامة للقوة العسكرية. كانت جحافل روما حاضرة فى كل مكان؛
تضرب أعداءها بدون رحمة؛ مما جعل حلفاءهم يشعرون بالاطمئنان؛ فقد
قطعت الطريق على البرابرة. وبسبب نفوذها الكبير» كانت روما هى من
تقرر أوقات الحرب والسلام. وبدأت فترة 101122 :287 باكس رومانا".
في أيام حكم يوليوس قيصرء انتقلت العديد من القبائل الجرمانية من
معاقلها في الغابات إلى السهول المفتوحة؛ وأنشأت قرى في السهول
الزراعية» كانت في المقام الأول على طول الأنهار الرئيسية. وكان
من المحتم أن يقودها هذا الأمر إلى صراع مع الرومان؛ أثبت البرابرة
عندما يحين وقت المواجهة, أنهم لا يستطيعون مقارعة آلة الحرب
الرومانية المنظمة بشكل جيد. وعندماء عبر يوليوس قيصر في السنة
التالية» نهر الراين بالقرب من مدينة كوبلنتسء» تمكن من هزيمة قبيلة
سيكامبريون التي وصفها بهذه الكلمات: «تتكون حياتهم من أعمال
الصيد والأنشطة القتالية» مجدون ومثابرون في العمل. يتناولون الحليب
والجبن واللحمء ولا يظهرون أدنى اهتمام بالزراعة. كان قادتهم قلقين
للغاية من أن مواطنيهم استعاضوا عن الزراعة بالقيام بغزو الآخرين©.
من هذا الوصف. قد نخلص إلى أن غالبية القبائكل الجرمانية كانت من
أصل بدوي. استطاع يوليوس قيصر أن يكتشف سريعاً أن القبائل الوثنية
كانت تكره بعضها البعضء واستغل هذا السياسى الانتهازى والداهية
باقتدار هذه المعطيات لممارسة سياسة فرّق تسد. وضع اغتيال قيصر
نهاية لخططه لغزو ألمانيا في نهاية المطاف. . بعد وفاته» تم التخلي عن
دبلوماسيته القائمة على سياسة فرق تسدء وبدلاً من ذلك» رفعت قوة
القمع؛ المدعومة بالرماح الرومانية» رأسها القبيح.
1- كانت فترة طويلة من السلام والاستقرار النسبيين حدئت في الإمبراطورية الرومانية.

المتراجم.
2- من سجل يوليوس قيصرء عن حروب بلاد الغال.

-24- 1 12ط ا 13013ممهذع اناا

القبائل الجرمانية» وفقاً للمؤرخ تاسيتس”" الذي كان تغوقا بأخارها:
كانوا يتميزون بأجسامهم الفارعة وشعرهم الأشقر وعيونهم الزرق. لم
يكونوا يرتدون أية دروع؛ لكنهم كانوا يتسلحون بالرماح القصيرة القاتلة:
ويحاربون كرجل واحد. وبالتالي كان يمكن بسهولة تدميرهم بوابل من
السهام من الرماة الرومان.

ما جعل البرابرة يختلفون عن غزاتهم الرومان كان إيمانهم الذي لا
يتزعزع بآلهتهم القاسية» وهو إيمان يتعارض مع الاقتناع العميق بالروح
البشرية: «الآلهة مقدر عليها الفشل والنتيجة هي الموت»© والفالهالا1©,
الى كانكاموطا لاليكيي كانق تجيها كينا جنا لشوذات لمكا زبية:
الذين يكمن نشاطهم الرئيس في السعي وراء الحرب.

فالهالا كانت مكانا بشعاًء من الحرائق ق المشتعلة والظلمة المطلقة. لم
تكن جنة المقاتلين هذه تحوي مكاناً لإلهة الحب أو واحدة من آلهات
الجمال؛ كانت نسائهم من الفالكيريات©» يركبن الخيل أثناء المعركة
لتنفيذ إرادة الإله أودين. الذي كان يقرر من ينبغى أن يموت» ويقمن
الفالكرياك تحمل الأبطال الذدن سقطو إلى ادن ل دفن لذن
أبواب الفالهالا ويملأن لهم أكواب (الخمر).» كان هناك إله النور بالدورء
الذي قتل على يد أخيه الأعمى هود. وفريككاء إلهة الزواج» التي كانت
ترعى الأخلاق الدنيوية. وأودين (أو ووتان). إله المحاربين والملوك,
الذي كان لا يرحم”» حتى إنه نفى ابنته المتمردة برونهيلد إلى صخرة
نارية. كان هناك تراي إله الحربء وكانت هناك فريا إلهة رائعة الجمال
ذهبية الشعرء التي ادعت أن نصف الذين قتلوا : في المعركة. كان بسببها

2- قصائد ايدا القديمة» وهو يشبه كتاب رؤيا يوحنا

3- فالهالا (من اللغة النوردية القديمة) وتعني «قاعة المقتولين». المترجم.

4- اثنان من مجموعة آلهة يخترن المقتولين في المعركة» ويأخذن من ماتوا بشجاعة منهم
إلى قاعة الأبطال فالهالا حيث ينضمون إلى معبودهم أودن. المترجم.

5- سبق أن ذكره المؤرخ تاسيتوس في عام 98 بعد الميلاد.

-25-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وهو أمر طبيعي بالنسبة للمحارب أن يموت بسبب جمال المرأة. لكن
أعنف كل الآلهة كان هو ثور صاحب المطرقة» إله الرعد. مع مطرقته
القوية التي تدعى مولنير» التي كانت ترمز للبرق» كان يقذف بالصواعق
ليضرب أعداءه”». وهكذاء أصبح البرق والرعد صوتا الإله وفأل خير
للانتصار في المعركة. :

خلال المعركة» كانت العادة القبلية تقتضي بأن يكون البرابرة على
المستوى نفسه من الشجاعة والإقدام مع زعيمهمء وأن يضيفوا بأفعالهم
الشجاعة مجداً جديداً إلى أمجاده. وكان الزعيم القبلي المتتخب بشكل
حر (أباً لشعبه4» وكاتنعا كلمته قانوناء وكان يتمع بالببلملة على البقياة
والموت. ومع ذلك لم يكن ديكتاتوراً ©, وكان أي قرار يؤثر على
القبيلة بأكملهاء مثل الذهاب إلى الحرب ضد جيرانهم» يتوقف على
رأي مجلس الشيوخ خالها جه متم يده العو افده يصبح الزعيم القائد
الأعلى وبهذا المعنى؛ » كان الحكم في القبائل الألمانية مزيجاً غريباً من
نظام الحكم الديمقراطي والإقطاعي.

كان سلاح زعيم القبيلة الرئيس الناجح خفياً وخادعاً. . وكان التغلب
على العدوء وخاصة الروماني» بأي وسيلة كانت أقر | مقو لوقه .
وكما قال المؤرخ سترابو «في مواجهة رجال القبائل هؤلاء؛ كان انعدام
الثقة هو وسيلة الدفاع الأوثق - فبالنسبة لأوائك الذين كانوا يثقون بهم
كانوا يتعرضون لأكثر الأذى». وستثبت الأيام مدى صحة توقع سترابو©.

كان الليغاتوس ]ج16 9) الذي تقدم جيوش روما المتوجهة إل

- تغير اسم ثور إلى ثورداج» ومنه جاء اسم يوم الخميس (/1503)). تم العثور على
رمزه وهو المطرقة. كمجوهرات في العديد من مقابر المحاربين.

2- كان هتلر يحب أن يصور نفسه كقائد لقبيلة جرمانية» لكنه لم يكن كذلك.

3- سترابو أو سترابون» جغرافي يوناني (58 ق. م - 25 ب. م)» مؤلف كتاب «مذكرات
تاريخية وجغرافية».

4- هو منصب لضابط في الجيش الروماني» يمائل سلطته ضابطاً عادياً ىق الوقت
الحالي. المترجم.

-26-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نهر ألبه هو القنصل دوميتيوس أهيناباربوس (ولد فى سنة 1 ميلادية)
ولأجل هذا العمل الفذء قام الإمبراطور أوغسطس بتزيينه بحلية النصر.
كان خليفته هو القاتد ماركوس فينيسيوس (ولد سنة 4م)» الذي قاتل
تحت قيادة القائد تيبيريوس في طريقه إلى نهر فيزروغيس (فيزر). ثم
تبعه القائد بوبليوس كوينكتيليوس فاروس الذي كان قد ارتقى إلى
رتبة قنصل عام 13 ق. م وأصبح قائد جيش الراين في 6 م. وقد عبرت
جيوشه النهر الحدودي «للحفاظ على السلام». لكنهم بدلاً من ذلك
انتقلوا مثل الطاعون عبر الريفء وقاموا بإطعام أنفسهم من خيرات
الأرض دون أن يتركوا أي شيء لأولئك الذين حرثوا الأرض. لقد
قاموا بالاستيلاء على مؤونات الشتاء» وحكموا بعدها على القرويين
وأسرهم بالموت جوعاً. وكأن سرقة الطعام لم تكن كافية» فبدأ جامعو
الضرائب الرومانيون بمضايقة السكان المحليين» وسرقوا أي شيء ذي
قيمة. وتمت مصادرة الخواتم والحلي والأسلحة الشخصية وتوزيعها
بين القادة والجنود. وعندما كانت تجروؤ قبيلة على الاعتراض»ء أو رفض
دفع الضرائبء فإن جنود فاروس كانوا يعلقون سكان قرى بأكملها من
رقابهم على الأشجار. أما الناجون منهم فقد كانوا يفرون إلى الغابات
الكثيفة ويشكلون العصابات وقد عاشوا متخفين (لكنهم لم يفعلوا سوى
القليل للتخفيف من معاناة القرويين). كانوا يهاجمون دوريات الجيش
الروماني» فيرد عليهم الرومان بإرسال بعثات عقابية تصبٌ جام غضبها
على القرويين العُزّل الأبرياء. لكن مثل كل الجنود المكلفين بواجبات
عسكرية بسيطة ويواجهون عدواً ضعيفاًء انهارت معنوياتهم. وبينما كان
الجنود العاديون يقومون باغتصاب النساء, كان ضباطهم يقومون بحشو
بطونهم بالطعام» بل وأجبروا القرويين على إعطائهم أموالهم. نعم» كان
هناك الكثير من الظلم» لكن روما كانت بعيدة» وكان تركيز الإمبراطور
منصباً على غزواته فى الشرقء أو على المؤامرات التى كانت تُّحاك فى
البلاط الملكى. 2 ٠ ٠‏

-

--

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

في عام 7 قبل الميلاد» شنت قبيلة سوغامبري محفا وأشرك
الضابط (التريبيون) ماركوس لوليوس في أرض سبخية عشبية» حيث
ألحقت هزيمة مكلفة بجنوده» على الرغم مما كان يبدو أن رجال
القبيلة مهتمين بالسخرية من قائد عسكري لجيش روما أكثر من
اهتمامهم بالإضرار الدائم بقدرة روما العسكرية. وقد أشار المؤرخ
فيليوس باتركولوس إلى ذلك قائلاً: «في جميع حروبه؛ لم يتلق
الإمبراطور أغسطس أبداً أي هزيمة مخزية إلا في ألمانياء على يد
. مساعديه لوليوس وفاروس».

بعثت هذه الهزيمة رسالة واضحة إلى الإمبراطور أوغسطس الذي
كان يركز اهتمامه على حدوده غير المكتملة» وأنظمة الليمس 11265 27
فقد كان يحد روما من الجنوب نهر الدانوب ومن الغرب نهر الراين
لفتت هذه الهزيمة الانتباه إلى مسألة مهمة جداء وهي التركيز على
أهمية إنشاء علاقة مناسبة بين قوات ردنا المرجردة على لود اراي
وتلك الموجودة قرب نهر الدانوب©. تضمنت الخطة الاستراتيجية
للإمبراطور إنشاء خط حدودي نهري جديد ومحصنء يمر بما يعرف
اليوم بمنطقة بريمن عبر بوهيميا إلى فيندوبونا (فيينا»0. وقام بإرسال
ميرك روي العرالة ادق اوه زمر اريت إلى العريو الشرد
إلى نهر فيزر» وبالتالي منع أي تهديد بشن البرابرة هجوماً على بلاد
الغال أو الجنوب عبر جبال الألب.

أوكل هذه المهمة إلى أبنائه بالتبني الضابط دروسوس وشقيقه الضابط

1- وهي الأنظمة العسكرية والدفاعية والاقتصادية التي شكلت حزاماً واقياً للإمبراطورية
الرومانية في وجه الثورات وتثبيتا لهيمنة روما الاستعمارية. المترجم

2- لم يتحقق ذلك حتى أنشأ الإمبراطور دوميتبان عدداً من النقاط القوية في عام 90م.

3- هي ممائلة لخطط نابليون الاستراتيجية لاتحاد نهر الراين (1806) لحماية حدود
فرنسا الشرقية مع روسيا والنمسا.

-28- ألا 0131013مهوذع ]آلا

تيبيريوس”"» كان دريوسوس رجلا ذا طموح جامح. لم يكن يكتفي بمجرد
معاقبة قبائل سوغامبري المنشقة؛ لكنه قام أيضاً بضم كامل الأراضي
البارزة التي تقع بين نهر الدانوب والراين. وأقام مقره في مدينة (ماينتس).
في سنة 11 قبل الميلاد» انطلق جيشه إلى المنطقة المجهولة من موقعين
محصنين بشدة على طول نهر الراين. أخذه تقدمه شرقاً نحو غابة هارتس»
الوافضة في تورينجياء أرض قبائل الماركومانيون الجرمانية» ثم انحرف
شمالاً ودخل أراضي قبيلة الشيراكسيون الجرمانية. وبعد أن اتصالح»
مع تلك القبيلة» عبر مدينة بروانشفيك متوجهاً إلى نهر ألبه» عندها وصل
طموحه إلى النهاية المفاجئة. في عام 9 قبل الميلاد سقط دروسيوس عن
حصانه وكسرت رقبته. تولى تيبيريوس قيادة جحافل جيش الرومان. ومثل
سلفه اللامع؛ يوليوس قيصرء استغل تيبيريوس الضعف الكبير في أوساط
البرابرة» ومشاعر الغيرة التي تسود بين القبائل. فقام بتحريض مختلف
القبائل ضد بعضها البعض مستخدماً الوعود والهداياء وفشل محاربوهاء
رار بر نا جلاصوي زو اعري الالصتررو لازامو الج ااي
التوحد في جبهة مشتركة ضد المغتصب. وأصبح هذا هو العامل الحاسم»
الذي استخدمه الجنرال الروماني على نحو ملائم ليحقق لحملته الألمانية
خاتمة مظفرة. تعرض البرابرة المنقسمين إلى هزيمة تلو الأخرى؛ على يد
اه

بحلول عام 7 ق. م» أصبحت معظم أراضي ألمانيا الشمالية خاضعة
لحكم الرومان. وتم قمع القبائل» ومع ذلك لم يتحقق السلام: ففي
عام 1 ق. م أعلنت قبيلة الشيروسكي تمرداً صريحاً وكان خطيراً بما
يكفي لأن يأمر الإمبراطور أوغسطس الليغاتوس© تيبيروس بالعودة إلى
1- أبناء ليفياء الزوجة اللاحقة للإمبراطور أوغسطسء اللذين تآمرا ليتبناهم الإمبراطور

أوغسطس كأبنائه. وقد خلف تيبيريوس الإمبراطور أوغسطس على العرش في العام

الرابع ميلادي.
2- وهو منصبٌ لضابط في الجيش الروماني. المترجم.

-29-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

ألمانيا'» وتأكيد سلطة روما عليها. جمع تيبيريوس جيشاً انطلق في سنة 4
ميلادية. تمكن من هزيمة الشيروسكيين ثم جيرانهم. قبائل اللانغباردي
(اللومبارد)» مستخدماً الأساليب الوحشية المعتادة لدى الرومان.
قبل أن يبحر إلى أقصى الشمال إلى يوتلاند©»» حيث علقت قواته
في ثلوج الدول الإسكندنافية. وبعد أن جمّع جيشاً جديداً في منطقة
كارنانتوم” عبر تيبيريوس نهر الدانوب لمهاجمة قبائل الماركوماني في
منطقة بوهيمياء في حين كانت قوة عسكرية أخرى تحت قيادة الضابط
(تريبيون) ساتورينيوسء تتقدم من نهر الراين. نجت قبيلة الماركوماني
من الانقراض بسبب اندلاع تمرد في مقاطعتي إيليريكوم وبانونيا
البعيدتين» وتم إصدار الأوامر إلى تيبيريوس لترك الحملة في منطقة
بوهيميا والاندفاع جنوبا لسحق التمرد.

لقد أدرك تيبيريوس أنه من غير الحكمة ترك المناطق التي غزاها
حديثاً بدون حماية. فأبقى خمسة أفواج للسيطرة على الحصون التي
أنشأها على طول الأنهار الكبيرة وسط ألمانيا. وتم تسليم القيادة على
قوات الاحتلال هذه إلى الضابط (تريبيون) بوبليوس كوينكتيليوس
فاروسء الذي كان مسؤولاً عن شؤون البلاط الإمبراطوري وبقدر ما
كان كسولاً كان غبياً أيضاًء وقد اعتاد على تمضية وقته في اللهو بدلاً من
المشاركة الفعلية في الحروب" لقد كان فاروس حفيد مارك أنطونى من
ابنته أنطونياء وقد تمكن بذكاء من أن يتزوج من حفيدة شقيق الإمبراطور
أوغسطس. وباعتباره حاكم روما الفاسد في سورياء وقد جمع ثروة
شخصية؛» وكان يحابي لضان ويجمع الجزية من السكان. وقد خضع
السوريون لمطالبه؛ لكن الألمان لم يفعلوا.
1- تم ترقيته إلى رتبة أعلى.
2- شبه جزيرة أوروبية» تشكل الجزء القاري من الدنمارك والجزء الشمالى من ألمانيا.

المترجم.
3- هاينبورغء تقع بالقرب من فيينا.
4- المؤرخ فيليوس بيتراكولوس.

-30- ألا 0131013مهوذع ]آلا

مع الهدوء الذي خيّم على بلاد الغال» وانتصارات تيبيريوس في
حملاته التي تركت القبائل الألمانية بدون زعيم» كانت مهمة فاروس
ااسهلة»: كانت حياته العسكرية سلسلة طويلة من الحفلات وتناول
الطعام بشراهة ومعاشرة البغايا من الصنف الممتاز» وكانت مصاريفه
جميعا تدفع من الضرائب المفروضة على السكان المحليين» وبذلك
كا فسالا سينا لجدودةالذون تحولوا إلى اشخاض املين ومعراخين.
لم تخضع أي واحدة من الفصائل الخمس التي كانت تحت قيادته
للتدريب العسكري المنتظمء وكانت مهمة الجنود هي سرقة الماشية
والانشحضال على الضرانت+ كان المقاتلوث مشعؤلين بالحضول على
زوجات لهم أو ببساطة اختطاف نساء القبائكل لجعلهن محظيات لهمء
وباتت معسكرات الجيش أشبه بمدن الصفيح.

طوال مدة توليه منصب حاكم ألمانياء فشل فاروس في اكتشاف الفرق
بين السوريين المذعنين الذين رضخوا له من قبل والبرابرة الشرسين الذين
كان يحاول أن يحكمهم الآن. وسواء كان مجرد حاكم ضعيف أو مستبد
ظالم؛ فإن هذا الأمر لم يتم التحقق منه أبدا بشكل تام. ومهما كان السبب»
فقد حفر قبره بيده في اللحظة التي بدأ فيها بفرض الجزية على القبائل لملء
خزائئه الشخصية. كان الذهب نادراًء ولم يكن الألمان على وشك التخلي
عنه عن طيب خاطر. كما أنهم لم يستسيغوا إجبار زوجاتهم أو بناتهم على
خدمة المقاتلين وأن تحمل نساؤهم في بطونهن ذريتهم غير الشرعية

في عام 9م بينما كان انتباه الإمبراطور أوغسطس منصباً على مؤامرات
البلاط في مبنى الكابيتول. وكان تيبيريوس مشغولا في دالماسيا» وصلت
رسالة إلى قائد منطقة فاروس. ففي أوائل أيلول؛ اندلعت الاضطرابات
في المنطقة الواقعة بين نهري فيزر وإيمس. في منطقة غابات كثيفة كانت
تسكنها قبائل الشيروسكي. وكان القرويون الغاضبون قد ألقوا بجامعي
الضرائب في النهرء وهذه الأخبار لم يأخذها فاروس على محمل الجد:
حيث كان يعلم أن زعيم قبيلة الشيروسكي» سيغيمور» كان شخصاً يرغب

خا

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

بالسلام دائماً. لكنه كان لديه تصفية حساب مع ابن الزعيم؛ أرمينوس»
وهو شخص مثير للقلاقل؛ أطلق عليه تاسيتوس لقب «مثير الفتن في
ألمانيا» . وكان يستحق تلك السمعة السيئة تماما.

ولد أرسنيوسن ىّ سنة 17 قبل الميلاد. وقد برزت شجاعته منذ
متو انع قساة الممكرة وحاز على احترام قبيلته. وقد خدم مع أخيه
فلافيوس في الجيش الروماني؛ 0 الفلبل» 1
أنه كان طويلاً وذا بنية قوية» كما أنه أرستقراطي من أعلى الرتب وقد
رافق الحكام الرومانيين لعدد من السنوات. . في السادسة والعشرين» من
عمره كان قد أظهر أكثر من مرة شجاعته وذكاءه في خدمة تيبيريوس أثناء
الحملة في إقليم إيليريا. ويسبب شجاعته وصفاته القيادية تمت ترفيته
إلى رتبة الفروسية في طبقة النبلاء الرومان وصدر الأمر التالي:
110115 عمعادكمم ع2تاتاتتد كنانالأدكة كناتصتتصم عدستدهمم كتصء انط )

(0(ع و رروجوره ؟[ وأاهاأالن تتنوتاء عنناا و2017

يعين الشاب أرمينيوس المرافق الحربي الأول ويمنح الحق في تحرير
المدن الرومانية)» وأصبح برتبة برييفكتوس في الجيش الروماني. ومع
ذلك. كان هناك شيء واحد لم يكن الرومان يعرفونه: كان أرمينيوس
متعصباً لوطنه ألمانيا بشدة. منذ أيام الطفولة» بعد أن كان شاهداً على
مذبحة في إحدى قرى قبيلته قام بها الفيلق الروماني» حمل هذا الزعيم
المتمرس في داخله كراهية شديدة لكل ما هو روماني.

ظل أرمينيوس لعدة سنواتء بينما كان يخدم تحت إمرة مختلف
القادة الرومان» ينظر على نحو عاجز في المأساة التي حلت بشعبه.
أصبح مصيرهم الحزين جراء الهزيمة هاجسه الأوحد واكاك تسيب عقا
وإزغاحا له ودأب على تذكير والده مرارا أوتكراراء بالمصير الذي كان
ينتظر أمة شير وشكسية ضعيفة ومقهورة. وفي حين كان والده ينصحه
بالصبر؛ كان الغضب يعتمل في صدر الشاب؛ ومن تجربته العسكرية

|- المؤرخ تاسيتوس.

-32-
لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

الخاصة بحث عن طريقة لدعم شعبه ليقف في وجه العبودية الرومانية
المستمرة» على الرغم من أن هذه لم تكن مهمة سهلة.

كانت الإمبراطورية الرومانية مبنية على روح الغزو وتدين بوحدتها
بشكل حصري إلى التواجد الدائم لجنودها وهم يحرسون حدود أراضيها
الضخمة. وكان الجيش الروماني يتكون من جنود محترفين» كل واحد منهم
مواطن روماني (على الرغم من أن قلة قليلة منهم كانت من الإيطاليين)» كانوا
شتلحون اللرعا يذى عل سيم تعنير يبتام للجبال القريب ودرع
بيضوي مصنوع من جلد البقر بلون الفيلق. كان يتم تقسيم الفيلق (الوحدة)؛
التى يقودها الي ا 0
ان سيت ود الك القت كل انها مز رد نوها ربت رفيا سو ودر 3ن
السبنية الرومانية الكل قاقد مغة مين المنعازبيرة: كات الليقاتوين تحاكما مغن
من قبل البلاط الملكيء ومتفوقاً في الرتبة العسكرية.

كان أرمينيوس يدرك من التجربة أن مواجهة آلة الحرب الرومانية
في معركة مفتوحة لا بد أن تؤدي حتماً إلى كارثة. وكان قد درس
مصير فارسانجيتوراكس” وأبناء قومه الشرسين الشجعان» الذي تلقى
الهزيمة 7 ا القيصر المنضبطة بده تدريياً عالياً. 1 52

35 الاعتماد 10 تماماً وكانت تشارك في المنافسات التافهة. ولم
يكن بإمكانها أن تواجه تفوق وحدات المشاة والرماية وسلاح الفرسان
عند الرومان. وأخيراًء لم يكن زعيم القبيلة بإمكانه أن يأمر أبناء قبيلته
مثلما يفعل القادة العسكريون الرومان حينما يأمرون جحافلهم؛ كان
على رئيس العشيرة أن يرسل خفية أشخاصاً يحملون رسائل منه (يمكن
أن يتم اعتراضهم من قبل الرومان أو زعماء القبائل الذين يغارون منه)؛

1- وهي حرابٌ قصيرة ة كثيراً ما استعملها الجنود الرُومان القدماء في المعارك. المترجم
2- هو ابن زعيم غالي. لسسع ين أكتر قرام لان الخال واد فى ميسارلة جور الحراة
الرومان. المترجم.
-33-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ثم يدعو الله أن يلبي دعوته ما يكفي من المحاربين حتى يتمكن من
اتخاذ موقف. وكان عليه أيضاً اختيار الأرض المناسبة للمعركة حتى
تكون المواجهة فى صالحه. كانت حامية روما عبارة عن حصون مسورة
بجدران مجك :الاك كن مها خمتا: ولكن خارج الحصون, كانت
جحافل الإمبراطور» مكشوفة خاصة إذا تم محاصرتها في مكان لن
تتمكن فيه من الانتشار في صورة تشكيلاتها الحربية المنظمة.

في عام 8م. انضم أرمينيوس إلى القائد فاروس الذي كان يحمل
رتبتي الليغاتوس والأطربون" بمنصب قائد لوحدة من المتعاونين من
قبيلة الشيروسكي. وفي الوقت نفسه. بدأ بوضع خطة ماكرة» والتي من
شأنها أن تجعل فاروس مكشوفاً في العراء وصيداً سهلاً. ولإغراء الدب
للخروج من مخبئه يجب أن يكون هناك سبب وجيه يحفزه. مثل حدوث
انتفاضة» أو كما حدث آنذاك, انتشار شائعة معينة.

سرعان ما اكتشف أرمينيوس أن فاروس لم يكن مثل تيبريوس.
وكان يحمل نحو هذا (القائد) مشاعر ازدراء مبررة» وكان على استعداد
لاستخدام إهمال الجنود الرومان كفرصة للخيانة» وكان يرى بشكل
ذكي أنه لا يمكن التغلب على أي شخص بسهولة أكثر من الرجل الذي
لذ معني سينا وأنبدانة الكارثة هو الشغرو بالاامان8 .كات فاروين
يفشل دائماً في اتخاذ الاحتياطات المهمة والأساسية» حيث كان يخرج
من المخيم دون الاستطلاعات اللازمة» ولم يكن هناك أي سبب يجعل
المرء يفترض أنه سيغير أسلوبه. حدث ذلك في وقت مبكر من فصل
الخريف» وحينها كان الوقت قد حان لعودة جحافل فاروس الثلاثة من
معسكراتها الصيفية على ضفاف نهر فيزر إلى مقراتها الشتوية في أليسو
(التي تسمى حالياً هالترن) على ضفاف نهر ليبه. والكريك باز على انق
القائد فاروسء كان يعلم أنه يخطط للقيام بالتفاف. لتلقين «القرويين
- كلا لقبيه الإداري والعسكري.
2- المؤرخ فيليوس بيتراكولوس.

-34-
14 لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المعدردين» قرسا كان قلق أرمعيوسن الوخين :مق تفوق: الروهان
العددي. ولهذا السبب احتاج إلى خطة جريئة» لأن هدفه لم يكن أقل من
إبادة قوات الاحتلال التي قدمت من روما. كان عليه تكوين تحالف من
جميع القبائل. وبينما كان يفكر في ذلك الأمرء وضع جانبا حذره؛ وبدأ
في التحريض ضد فاروسء وشرع يتصل سراً بالقبائل.

كان لدى أرمينوس عم يدعى» سيغيستيس» وهو شقيق سيغيمور
وكان يعتقد أن زعامة القبيلة يجب أن تكون من نصيبه» وحينما فشل
فى الحصول على أصوات أفراد القبيلة» تحول إلى العمل مخيرا لد
فاروسء والرومان. ومما زاد الطين بلة» أن أرمينيوس قد وقع في حب
تسشلدا ابنة سيغيستيس ٠‏ وهى فتاة جميلة ذات ضفائر ذهبية. وقرر
العاشقان الشابان أن يهربا معاً ويتزوجاء وبسبب هذه الإهانة» كان
سيغيستيس يكره هذا المحارب الشاب.
القبائل» ليس في قبيلة الشيروسكي وحدهاء ولكن أيضا في قبائل
أمسيفاري» ومارسيء وبوهرني» واللانغباردي وشاتي. بعل الكثير من
الجدل والمساومة؛ أقنعهم بأن ينحًّوا جانبا خلافاتهم حول الأخذ بالثأر
فيما بينهم وينضموا إليه في جهد مشترك من أجل تخليص أوطانهم من
الغزاة. على الرغم من الشكوك والعداوة من جانب بعض القادة» فإن
ملامح المؤامرة بدأت تتشكل. طرح أرمينوس خطته. التي تم التصويت
عليها وقبولها. الأمر الذي لا بد أنه سيشكل مساراً فريداً في تاريخ ألمانيا
في العصور الوسطى المبكرة» طهرت القبائل من قياداتها جميع العناصر
المشاكسة التي لا يمكن الاعتماد عليها عن طريق انتخاب أرمينيوس
زعيما وحيدا لها. ولكن مثل هكذا مؤامرة كانت ذات حجم كبير» ولم
يكن بالإمكان إبقاؤها سرية» وبالتأكيد لم يكن هناك من شخص له
اتصالات جيدة بالرومان أفضل من عمه سيغيستيس. حاول سيغيستيس

35

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

أن يحذر فاروس "١لا‏ تثق بأرمينيوس»» (إنه يتآمر عليك ويجب أن تلقيه
في السجن وإلا فسوف يدمرك». اعتقد فاروسء وقد كان يعلم جيدا مدى
مشاعر المرارة التي تطبع العلاقة بين سيغيستيس وابن أخيه أرمينيوس,
الذي صادف أن يكون واحداً من أعوانه الأكثر موثوقية» إن هذا الاتهام
هو مسألة انتقام من رجل عجوز لتصفية حساباته الشخصية؛ وبالتالي
تجاهل هذا التحذير بل إن ذلك الأمر أقنع فاروس أنه لا يوجد أي خطر
على الإطلاق. وكمفارقة في نهاية المطافء تم تسليم أرمينيوس «الجدير
بالثقة» منصب القيادة على الآفواج المتقدمة من الجيش والتي ستقوم
بتوجيه المحاربين خلال منطقة الغابات القاسية. وهكذاء وفر فاروس
للقائد أرمينيوس فرصة قيادة ثلاثة جحافل رومانية وإيقاعها في الفخ.

بدأ الأسبوع الأول من شهر أيلول» عام 9م؛ دون أن يحمل أية إشارة
إلى الكارثة القادمة. بعد أن قضت جحافل الرومان صيفها بسرور بما فيه
الكفاية على ضفاف نهر فيزر كان من المتوقع أن تصل إلى مقراتها الشتوية
في غضون أسبوع من المسير. وقد قيل لهم إن قائدهم (الأباطرون) كان
يخطط للقيام بانحراف بسيط عن خط السير لتعليم بعض القرويين
المتمردين درساً. قبل أن تنطلق الأرتال الطويلة» أرسل أرمينيوس رسلا
إلى حلفاته» ليحتشدوا مع محاربيهم في غابة تويتوبورغ".

في صباح يوم خريفي» خرج فاروس من المخيم الصيفي على
رأس قوة جبارة» تضم الفيلق السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشرء
بالإضافة إلى ثلاثة فصائل من سلاح الفرسان وستة من سرايا الإسناد.
كانت مجهزة بسلاح الكاتافراكت والكليياناري2 وبكامل دروعها©
وهي تتبع جنود المشاة والرماة مع الدروع الملونة الخاصة بهم (لون
1- 0 على اسم قبيلة تيبتونوس الاسم الأصلي لدويتشلاند أو أرض الألمان وتقع

بين نهري ويسر وإيمز في مثلث تشكله اليوم مدن ديتمولد وأونسبروك وميندن.
34 ص ف 0 الفرسان الثقيلة المدرعة التي كانت تستخدم في الحروب
3- ركوب الخيل بدون مسند القدم كما يفعل الفرسان في سنوات ما قبل القرون الوسطى.

-36- 121 طأا 01430123مر هدع ]آلا

لكل وحدة وفيلق). إجمالآء كان هناك أكثر من عشرين ألف رجل
مدججين بالسلاح يسيرون في أثر رتل فوضوي ومرتبك من الأزواج
وعوائل الجنود والعاملين في أمور الخدمة في المعسكر.

كان الفخ جاهزاً.

في تلك الأيام البعيدة» كانت الغابات الممتدة بين نهري فيزر وإمس
تتكون من أعشاب بدائية مع شجرات صنوبر يبلغ طولها أكثر من مئة قدم.
خلال هذه الحياة البرية المظلمة والشريرة؛ لم تكن هناك سوى طرق
بدائية» داستها الوحوش البرية طوال فترة عيشها. وكانت هذه الطرق
ضيقة وزلقة» تغزوها الجذور السميكة للأعشاب والنباتات» والتى
كان لا بد من قلعها للسماح بمرور العربات الثقيلة. بدأ الجنود يسيلون
عرقا تحت جركيناتهم”" الجلدية بسبب وزن الدروع الثقيل والرطوبة
الخانقة. ومع ذلك» وعلى الرغم من الحرارة المرهقة» كانوا يشعرون
بقشعريرة تتسلل إلى عظامهم. كانوا يعرفون أن البرابرة كانوا موجودين»
من حولهم ورغم أنهم غير مرئيين لكنهم يراقبونهم. وقد دعاهم قادتهم:
الذين تميزوا بستراتهم القصيرة الضيقة القرمزية اللون» إلى مزيد من
السرعة فى المسير» وكانت الأبواق تصفرء وكان المحاربون يزيدون من
إحكام أربطة خوذاتهم» ويهيئون أنفسهم لأية محنة تتربص بهم.

من اللحظة التي اختفى فيها أرمينيوس وجنود الاستطلاع من أبناء
قبيلته الشيروسكيء فقد الرومان بوصلتهم. تعثرت الجحافل في عمق
برية من الأشجار المتساقطة والمستنقعات الكريهة الرائحة. وعلى الرغم
من التقارير السابقة عن القبائل المعادية في المنطقة والاختفاء الغامض
لمرشده للطريق» كان فاروس لا يزال يرفض إرسال طليعة الدوريات
على الرغم من تفوقه العسكري الهائلء إلا أنه أخطأ بشكل أعمى. أي
قائد يرتكب مثل هذه الحماقة يكون مذنباً بالإهمال الجسيم. وفي حين
كان أرمينيوس على علم بخطط القادة الرومان - فإن طريق مسيرته لا بد
1- سترة رجاليّة ضيقة؛ عادةً مصنوعة من الجلد وبلا كمين. المترجم.

م3

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وأن تقوده حتماً لأن يسلك ممرات دورينشلوخت. لم تكن لدى فاروس
أي فكرة عن أماكن وجود الشيروسكي.

في 9 أيلول عام 9 ميلادي. وضع أرمينيوس خطته موضع التنفيذ. كان
تكتيكه هو الهجوم على الوحدات الأمامية والخلفية المعزولة» وتدميرهاء
ودفع القوات الرئيسية إلى عمق أكبر في الغابة» حيث ستكون محرومة من
القدرة على المناورة. كانت الوحدة الأمامية الرومانية أول من دفن تحت
وابل من الرماح والصخور. حدث الهجوم بشكل غير متوقع لدرجة أن
معظم المحاربين ماتوا على الفورء أو قتلوا على يد جحافل من المحاربين
الذين كانت عيونهم تنطق بالشررء كانوا يثبون على ضحاياهم التعساء من
المنحدرات والأشجار. أما أولئك الذين هربوا من المذبحة فقد هرعوا
عائدين ليحذّروا الآخرين وهم يصيحون. #شيروسكيون! شيروسكيون"
لقد أحدثت صيحاتهم ذعراً بين الآلاف من الخدم العاملين في المعسكر
والذين أصبحوا الآن يتدافعون نحو الوحدات العسكرية طلبا للحماية.
«لم تكن الجحافل تسير وفق أي ترتيب منظمء بل امتزجت الواحدة
بالأخرى وساد الهرج والمرج وسط العربات والأشخاص العزل من
السلاح”» إضافة إلى الارتباك السائد» تسببت هجمات متقطعة أكثر كانت
تنطلق من أستار الغابة الكثيفة في زيادة الاضطراب وعدد الإصابات بين
أفراد الجحافل. استمرت هجمات الكرّ والفرّ في معظم أوقات اليوم
الأول. قام رجال القبائل بضربتهم.ء ثم تلاشوا في ثنايا الغابة. وفي وقت
متأخر من بعد الظهرء وصلت الجحافل إلى سهل مفتوح. أمر فاروس
قواته أخيرا بالتوقف. انتشر الحراس وتم إشعال النيران من حول
المعسكر. لم يشن رجال قبيلة الشيروسكي هجوماً في تلك الليلة.

في الصباح الباكر لليوم التالي قام الرومان باختراق المخيم. أمر فاروس
بإشعال النار في المكان المخصص لوقوف عربته الفخمة» كان الطريق يؤدى
مرة أخرى إلى الغابة الكثيفة. ما إن دخلت الأرتال إلى الغابة حتى هاجمها

-38-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

البرادرة: أصدر القادة أوامرهم بالتراجع. كان هذا لعياء عرف أرمينيوس
كان عدد من مقاتلي قبيلة الشيروسكيى قد قاموا بالفعل بمطاردة الرومان نحو
السهل المفتوح. وبذلك, فقد الشيروسكي ميزة التضاريس التي اختاروها.
وفي ذلك م ا ما ا الككيلات الزركاب المع

تم جار 5 5 ا في وضع 58 من اختياره» ووقف
المعركة. تم تنفيذ الانقضاض الأولي للمحاربين وسط حالة من الهياج
لدرجة أنهم كانوا على وشك اختراق خطوط الرومان. هذه الطاقة
والروح التي كان يملكها هؤلاء الهمج ألقت الرعب في قلب فاروس
الموهن والضعيف الذي كان يقبع محمياً خلف دروع جحافله. كان
مشلولاً من الخوف وغير قادر على التوصل إلى قرار» ولكن سرعان
ما تمكن مساعدوه من جعل الوضع تحت السيطرة. سرعان ما تشكلت
القاتل؛ كانت أجسادهم تعجٌ بالرماح والسيوف والدروع الواقية التي
تعلو فوق رؤوسهم تحميهم من وابل الرماح التي كانت تسقط عليهم
بينما كان الرماة الرومان في أحسن حالاتهم. فإضافة إلى النتائج المدمرة
التي أحرزوهاء أطلقوا مجموعات من النبال نحو المها- جمين المحصنين
بكثافة. وبمجرد أن تم إضعاف هجوم البرابرة» صدحت الأبواق» وتقدم
التزتاريون الروهان") والبريسابيس© في تركيب: تموذجى: :هاجت

1- من العناصر المهمة في الفيالق الرومانية خلال العهد المبكر للجمهورية. كان
الترياري أكبر الجنود عمراً في الجيش الروماني؛ وكانوا أيضاً من أكثرهم ثراً» لذلك
كانوا قادرين على شراء معدات قتالية غالية الثمن» فارتدوا الدروع المعدنيّة الثقيلة
وحملوا تروساً ضخمة. المترجم

2- ارات ساود جهلة الرماء زلا جذا الوق ان ماو الوه وار
كان معظم جنود فئة البرينساييس رجالاً في منتصف العمر بمقدارٍ متوسّط من الثراء»
وكانوا قادرين على توفير عتادٍ جيّد لأنفسهم. كانوا أثقل المشاة في الفيلق الروماني»
إذ حملوا تروساً كبيرة وارتدوا دروعاً عالية الجودة. المترجم.

39-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

الجيوش الأكثر انضباطاً القبائل بقوة ومع الالتحام العنيف بالأسلحة,
أظهر مقاتلو قبيلة الشيروسكي شجاعة وعناداً واختاروا الموت على أن
يتراجعوا خطوة واحدة.

وبينما بقي القادة الرومان في أمان في المواقع الخلفية» كان أرمينيوس
في خضم المعركة؛ يمسك بسيفه العريض. لكن عزيمة رجاله وصلت
إلى حدها الأقصى؛ حتى أفضل مقاتليه وصلت قوتهم إلى نهايتها. كأن
بقاءهم في الميدان تقديراً لزعيمهم ذي الإرادة الحديدية الذي أمرهم
بسحق الرومان. في ذلك السهل المفتوح. لقي العديد من المحاربين
الشجعان مصرعهم قبل أن تعلن أبواق الحرب الأوامر بالانسحاب.
ويعود من تبقى من المحاربين إلى الغابات. أما بالنسبة للرومان» الذين
كانوا منهكين بالدرجة نفسهاء فقد فشلوا في تعزيز نصرهم وتدمير الخطر
الكامن لهم.

أصبح أرمينيوس في مأزق. فقد تعرض للتوبيخ بسبب دعوته
للانسحاب» وهو أقصى قدر من العار بالنسبة لأي مقاتل. وتجرأ البتعض
على وصفه بالجبان. واستاء آخرون منه كذلك لأنه لم يمنحهم الفرصة
لنهب عربات الكنوز التي كانت بلا حماية. وفي السهل المفتوح, فقد
عدداً كبيراً من أشجع مقاتليه» والعديد منهم كانوا متجانسين مع بعضهم»
والآن أصبح مسؤولا عن فقدانهم. واتهمه عدد من رؤساء القبائل
بمحاولة تقويض سلطتهم. بطريقة ماء كان لدى أرمينيوس الكثير مما
يخشاه من حلفائه بالقدر نفسه الذي كان يخشى فيه رماح الأعداء. كان
يداهن ويدعو إلى الصبر ويوضح استراتيجيته. كان يطلب يوماً واحداً
آخر يوماً واحداً فقطء وسوف يدخل موتاهم إلى الفالهالا» بعد أن
يتتقم لهم. وسوف يشنود هجوماً مرة أخرى في اليوم التالي» ولكن هذه
المرة في أعماق الغابات» على أرض مناسبة لهم.
1- قاعة المقتولين في الأساطير النوردية وهي القاعة الموجودة في العالم الآخر التى

يذهب إليها من مات في المعارك ويعيشون فيها بسعادة. المترجم. 1

-40-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بالنسبة إلى الرومان. فإن الأجواء فيما تبقى من اليوم الثاني كانت
هادئة. كان القائد فاروس مقتنعاً بأنه ألحق هزيمة ساحقة بأعدائه» وأن
البرابرة نالوا ما يستحقونه وأصبحوا بعيدين عنهم. وبينما كان محاربوه
يوقدون النيران ويعتنون بجراحهم ويحتفلون بانتصارهم. أخطأ فاروس
مرة أخرى في عدم إرسال دوريات للاستطلاع.

أبحر القمر الفضي عبر السماء وكان الليل بارداً. لم يستطع
أرمينيوس أن يبعد عن رأسه أفكاره اليائسة. . كم محارب جيد قد ضحى
به! هل يمكن للمتبقين شن هجوم آخر؟ مهما كان الوضعء يجب
أن يكون الهجوم الأخير. لم يكن لديه المزيد من المقاتلين الاحتياط
تحت تصرفه. هل كانت هذه هى النهاية؟ تكون لدى الرجل الشجاع
دائماً فرصة لأن يضحي بحياته بثمن غال. في ساعة النهاية هذه. كان
أرمينيوس لوحده. وسيكون عليه مرة أخرى قيادة شعبه إلى المعركة»
وربما سيلاقي الموت. استند إلى جذع شجرة صنوبر ملتوية. نما قرص
القمر قبل أن يختفي خلف سحابة رقيقة. تسربت أشعة الشمس الأولى
من خلال مظلة من قمم الجبال المتعرجة. لقد بزغ فجر اليوم الثالث.

ساهم تفوق الرومان العددي» وسكون المناطق المحيطة بهم» في
أن يشعروا بأمان زائف. بعد الفجر بقليل. تركوا معسكرهم. 0
الوصول إلى حضهع المقام على نهر إيمسء كان الدرب الوحيد
الذي كان مفتوحا أمامهم هو من خلال «غابة بترو وعبر ممر
الدوغينشلوخت» المشؤوم"» وسارت الجحافل التي طمأنها الشعور
بأنها تمكنت بالفعل من تحقيق النصر في نسق جيد مكون من خمسة
مواكب على طول الطريق الملتوي. ما تلا ذلك كان أقل تنظماء
مجموعات من الغوغاء الغاضبة» والصاخبة» والخائفة للغاية. أما القوة
1- الحوليات كتاب ألفه تاسيتس المؤرخ والسيناتور الروماني لايزال الموضع الدقيق

لمعركة فاروس التي جرت ما بين 11-9 أيلول من سنة 9 ميلادية محل جدل حتى

ل ل

-41-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

الرئيسية المرافقة للقائد فاروس التي تراجعت للسماح لطلائع القوات
بالوصول إلى الوادي» فقد أصبحت غير منظمة كلياً عندما اجتاحتها
مجاميع من الغوغاء رثة الثياب ).

وضع ارعيسوسن محاربيه على جانبي ممر دوغينشلوخت. وهو واد
تحده المنحدرات الشجرية الحادة. من أعلى المنحدر» شاهد الرومان
وهم يقعون في الفخ. كان على وشك أن يشير إلى البدء بالهجوم عندما
وفع حدث كان هو من قرر نتيجة المعركة. جاءته المساعدة بطريقة غير
متوقعة في اللحظة التي كان يحتاجها بشكل أكبر تماماً. أول إشارة جاءته
كانت يور سحابة 000 سرعان ما أصبحت الشمس مختبئة وراء
كتلة سوداء قبيحة.

بالنسبة إلى الرومان لم يكن ما حولهم سوى الصمت فقطء ذلك
الصمت الثقيل الرطب الذي يسبق العاصفة. كانت السماء قريبة جدا
لدرجة أنها تلاشت في الأرض. ترشح ضوء معدني من خلال الغيوم
وكشف بشكل حاد عن مدى تشابك الأشجارء مما حول المشهد إلى
اعلان عن فوضى الطبيعة. تسابقت الكتلة السحابية المظلمة بشحتاتها
الكهربائية المليئة بالمطر لتجعله يتساقط على جحافل المحاربين» وكان
ذلك -بالنسبة لهم- فألاً سيئاً. أصغى المحاربون إلى لوعاتهم التي

1[- من كتاب المؤرخ سويتونيوس 17220111110015". الجزء 56: اوهكذا تكشفت الخطة. كان
الزعيم [أرمينيوس] يرافق [فاروس] عندما انطلق» ثم بدأ يختلق الأعذار للتغيب..
اصطحب الرومان معهم العديد من العربات والحيوانات كما كانوا يفعلون في أوقات
السلم. .. وفي تلك الأثناءء هطلت الأمطار الغزيرة وهبت العواصف بينما كان الرتل
يتحرك إلى الأمام. كما تسبب هذا في جعل الأرض حول جذور الشجر وجذوعها
المقطعة زلقة» مما جعل الحركة شديدة الخطورة» وأصبحت قمم الأشجار تتكسر
وتتحطم عليهاء مما سبب الارتباك. بينما كان الرومان يكافحون ضد الطبيعة» أحاط
البرابرة فجأة بهم من جميع الأطراف في آن واحدء وكانوا ينسلون من خلال الأشجار
الكثيفة الكثيرة وقد كانوا على دراية بالممرات.. .. قام خصوم الرومان باجتياحهم
وأحاطوهم من كل جانب» وسقط الكثير من الضحايا في صفوف الرومان وكانوا

غير
قادرين على شن هجوم مضاد).

-42- ألا 0131013مهوذع ]آلا

بدأت تكبر. . ولطمأنة أنفسهم؛ أمسكوا بسيوفهم. لقد كان عدوهم من
الآلهة» لو كان من البشر لكان أمكن لهم أن يواجهوه؛ لكنه كان الإله
عطاردء الذي يسيطر على الطقس .

فجأة انفجرت شرارات البرق فى الأفق. واشتعلت السماء بالنيران.
أطلقت ومضات من البرق لمحات شبحية خاطفة للأشجار التي
كانت تميل للزرقة» تليها أصوات تشق الآذان. عندما ضربت العاصفة
المكان» كانت مصحوبة بعنف غير مألوفء ولم تترك أي شك حول
قوة الطبيعة. بالنسبة إلى الرومان» فات الأوان على تفسير الأسباب
الطبيعية. صدمهم الرعد الهائج وجعلهم يتجمدون في أماكنهم.
تضرعوا إلى آلهتهم ورفعوا دروعهم لتدرأ عنهم الشياطين الشريرة.
اهتزت الأرض. وعندما شعرت النساء بالرعب من هذا الهجوم الذي
لا يقاوم من ومضات البرق السماوية» بدأن بالصراخ, أما كبار السن
فقد جثوا على ركبهمء فهم لم يشهدوا مثل هذا الغضب من قبل.
ومضات من البرق تليها زخات من الشرارات التي تحطم الأشجار
وتقطعها إزبا. أما أولنك الذين هربوا طلياً للحماية تحت أشجار
الصنوبر فقد تقطعت أوصالهم عندما ضرب البرق رؤوس الأشجار.
اقتلعت العواصف العاتية جذورها الضخمة» ودفنت المحاربين وأتباع
المعسكر على حد سواء. ضربت العاصفة الثلجية جحافل الجيش
الروماني؛ وكانت ترمي حجارة بحجم بيض طير أبي الحناء تصطدم
بالخوذات المعدنية مصدرة صوت ارتطام. ولحماية أنفسهم من هذا
القصف المتواصلء رفع المحاربون دروعهم. وسرعان ما تشبعت
الأغطية الجلدية للدروع بالماء بشكل كامل وأصبحت ثقيلة للغاية
لدرجة أن الجنود لم يعد بإمكانهم حملها. ألقت الخيول المصدومة
بالهلع براكبيها عن ظهرها ورمت بهم فوق أفواج الإسناد التي كانت
تسير على طول الطريق الضيق. قام الجنود المرعوبون بإلقاء أنفسهم
بسرعة على الأرض وغرسوا أصابعهم فيها وبدؤوا بالصلاة من أجل

5

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

أن يتوقف الرعد والبرق. ولكن لا شيء كان يستطيع أن يوقف النار التى
صبتها الآلهة من السماء على جحافل الرومان المؤمنين بالخرافات. لم
يقف إله المشتري”" معهم في ذلك اليوم؛ يبدو أن السماء نفسها سيطر
عليها جنون تدمير كل ما كان رومانيً©.

كان الوضع مختلفاً تماما بالنسبة لمحاربي قبيلة الشيروسكي. لقد
العاصفة الهوجاء كغضب من الآلهة» كانت بالنسبة لمحاربى الشمال
علامة على وقوف الآلهة إلى جانبهم. قال أرمينيوس بصوت مرتفع ما
كان يفكر به الجميع: «باسم الثور!22 ورفع سيفه. ونفخ في البوق إيذانا
بيدء المعركة» وكان وراءه عدة مئات. تصاعدت الحركة في ما كانت»
قبل لحظات. عبارة عن غابة كثيفة. تحركت الشجيرات» وقفز الرجال
من وراء الأشجار والصخور. وعلى حين غرة» أصبحت المنحدرات
المتقاربة على الطريق مكتظة بالبرابرة. كانت الصواعق تنفجر من السماء
وحولت الغابة المظلمة إلى وعاء كبير تتساقط فيه الومضات الرائعة»
وامتلأت الغابة بحشود من المحاربين المخيفين وطوال القامة» وهم
يصرخون بأعلى أصواتهم «ثور!» وينزلون على المنحدرات. كانت
تتعالى صرخات «ثور! ارد كا 5 اراي نر الوتكار بد يجين
قواهم ويمنحهم زخماً إضافياً من الغضب (ثور). ا جرادم
يعحماوت 0 المنخفضة 0 ا 5 المحاربين

جد موري اتالعرين ا ل «تم منع جحافل فاروس من
المضي قدماً أو حتى من الوقوف بشكل آمنء وعلاوة على ذلك تم
1- وهو إله السماء والبيرق. المترجم.

2- هذا الوصف من كتاب الحوليات للمؤرخ تاسيتوس .
3- أحد شخصيات الأساطير الإسكندنافية» وهو آله الرعد والبرق والعواصف. المترجم

-44-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

حرمانهم من استخدام الأسلحة. لأنهم لم يتمكنوا من استخدام أقواسهم
أو رماحهم؛ ولاحتى دروعهم. التي كانت منقوعة بالكامل»"".

اجتاحت الصدمة جحافل الجيش الرومانى جرّاء هذا الانهيار غير
المتوقع» والذي عزته خرافاتهم إلى غضب الإله عطارد. الذي كان
يحدق فجأة في الغابة وهي تحترقء. تجمعت أمة بأكملها لتغرق في
الدم. كل هؤلاء الرومان الذين اضطروا إلى تحمل العيش تحت نير
الحكام الرومان. تلك الومضات الزرقاء المتقطعة أعطت انطباعا لدى
الرومان عن الأعداد الكبيرة جداً من البرابرة الذين يندفعون إليهم. وهم
يطلقون صرخاتهم الرهيبة المفزعة» ويحملون رماحهم وهراواتهم»
تعينهم في ذلك الحمم المتساقطة من السماء. على طول الوادي
الضيق كانت الصورة مماثلة» وفي قفزات كبيرة ومتوحشة. كان الالاف
من محاربي قبيلة الشيروسكي وحلفائهم ينزلون إلى أسفل المنحدر
وهم يصرخون ويشتبكون مع الرومان المذهولين» وبرماحهم جعلوا
من محاربي الرومان التعساء مثل الدجاج في المفرمة. كانت قوة هذا
الهجوم الوحشي الذي لا يوصف أكثر من اللازم حتى بالنسبة إلى أكثر
المحاربين الرومان شجاعة؛ كان تأثيره الأولي مدمراً بالقدر نفسه الذي
أثبت فيه أنه قد حسم المعركة.

لقد تدفقت الدماء في الأنهار. ظن محاربو جحافل الجيش الروماني.
التي تعرضت بالفعل لصدمة من الغضب العنيف غير المبرر للطبيعة»
أن آلهتهم قد تخلت عنهم. كانت الأمطار تتساقط على شكل ألواخ
صلبة. تضرب وجوههم وجعلتهم أشبه بالعميان تقريبا. كانت نوبات
الرعد المتواصلة تشل آذانهم. لكن جحافل روما تم تدريبها على الطاعة
العمياء. تشكلت بعض الوحدات» ثم استدارت لتواجه العدو. لهذا كان
المسار مكتظا للغاية» ولم يسمح بأي مجال للمناورة ولم يعد تفوقهم
العددي ينفع في أي شيء. قام الرماة الرومان برمي السهام. ولكن

1- ألف كاسيوس ديو كتابه تاريخ الرومان في نهاية القرن الثانى الميلادي.

-45-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

أذرعهم كانت مبتلة وواهنة» والمسافة بين الطرفين قريبة جداً فلم تثبت
فاعليتها. حولت الأمطار الغزيرة والدم المسكوب أرض المعركة إلى
طين زلق. بسبب ذلك افتقر المحاربون إلى أرض صلبة» مما حرمهم
من اتخاذ موقف دفاعي عادي خلف جدار من الدروع والرماح المثبتة.
ازداد عنف الاشتباك بالايدى: قاتل الرومان بآخر ما يمتلكون من
قوة» لكن تشكيلاتهم المفتوحة لم 3 تستطع ميجاراة روج القتال الشرسة
لدى البرابرة. لا أحد يستطيع أن يصمد أمام هجوم تم شنه بمثل هذه
المشاعر الغاضبة لفترة طويلة. الرومان لم يفعلوا ذلك. انفصلت فصائل
المحاربين عن طوابير الجيش» وتم عزلهاء وحوصرت» وهموجمت
بوحشية حتى الموت.

خرجت المعركة عن السيطرة تماماء كل شيء قد حدث بسرعة
كبيرة بالنسبة لأرمينيوس مما أثر على نتائجها. كان يراقب مصرع قادته
يمنحه لأحد. خلفت وحشية الهجوم ثغرات كبيرة في طوابير المحاربين
الطويلة. أدى الحماس والغضب الذي كان يعتمل في نفوس البرايرة
إلى أن يتفكك الجيش الروماني إلى وحدات صغيرة لم تعد قادرة على
الرومان من جديد. بدؤوا يخبطون البرابرة بسيوفهم ويرمولن عليهم
مسار الغابات الضيقة» يهوون بالهراوات والفؤوس على خوذ الرومان»
الذين كانوا معزولين في دوائر ضيقة تماما. تلاشمى صراخهم للحصول
على المساعدة وسط هدير العاصفة العاتية. أكملت الرماح الحادة
والقصيرة والمطارق الحجرية لمقاتلي القبائل مذبحة المحاربين
اونا و ال تاهت ار الج.* الرومانيء
الأمور | إلى نهايتها عندما هرب فالا نومونيوس قائد سلاح الفرسان

-46- 1 2اطأا 0143012 ممكع الا

الرومان من ميدان المعركة؛ مما أدى إلى خلق ثغرة كبيرة بين صفوف
جحافل الجيش الروماني وبات يتدفق من خلالها رجال القبائل'".

وتحولت بقية أجزاء اللقاء الدموي إلى مجزرة أشد فظاعة. قطعت
أعناق الآلاف من رجال فاروسء وكانت أكوام القتلى تتناثر في كل
مكان محاطة بأعداد كبيرة من الجثث. كان كل روماني يقاتل حتى النزع
الأخير على الأرض التي باتت زلقة جراء الدماء والأمطار. حاول بعض
المحاربين إيجاد منفذ لهم» لكن الضغط الذي سلط عليهم لم يسعفهم.
نجا عدد قليل جداً منهم بحياته. معظم أولئك الذين حاولواء ودخلوا في
الغابة مثل الخيول المجنونة» مستخدمين آخر ما تبقى لديهم من قوة في
مسيرتهم اليائسة» تعثروا بجذور الأشجار وأمسك بهم مطاردوهم. أما
بالنسبة للمصابين» الذين كانوا يعانون من جروح أو طعنات بسيطة» فلم
تكن هناك فرصة لمساعدتهم. سرعان ما كانوا يسقطون صرعى» بسبب
قطع أعناقهم؛ أو تلوث جروحهم.

وهدأت العواصف الرعدية بسرعة كما جاءت» واكتسحت الشمس
الغيوم. وقف القائد بوبيليوس كوينتيلوس فاروس في فسحة صغيرة من
الأرض» تحميها دروع آخر من تبقى من ضباطه؛ كان واضحاً للعيان
وهو يرتدي التوغا البيضاء العتيدة2» ورداء أحمر على الكتفين والخوذة
الذهبية. كل من حوله قد سقط صريعاً - بلا حياة» يحدق بعينيه وفمه
مفتوح - بينما الأقنعة المتوحشة للرجال الذين بلا شفقة تبعث نظرات
متجهمة بشراهة وترسم من حوله دائرة محكمة ا
كان بإمكانهم أن يطلقوا رماحهم للتخلص من فاروسء لكن لاء لقد
الو نا . سيصبح غنيمتهم؛ وسيجعلوا منه قرباناً على المذبح الوثني
لإرضاء الهتهم الفظيعة. بالنسبة للقائد الروماني» فقد انتهى كل شيء؛

1- المؤرخ فيليوس بيتراكيليوس.

2 هو زي كان أهل روما القدماء يلبسونه عدا العبيد» ويتكون من رداء أبيض متفاوت
الطول يلف حول الجسم. عادة ما يكون التوغا معيؤلاً فر الوك ويليس فوق
التونيك الذي هو بدوره يكون مصنوعاً من الكتان. المترجم.

-47-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

فقد فاقه رجال الشيروسكي دهاء وحطموا سلطته. لن يعيده إمبراطوره
إلى السلطة ولن يحصل على عفو من أعدائه. أطلق صرخة مؤلمة» غرس
مقبض سيفه القصير في الأرض» وارتمى فوقه. وقد حذا الضباط حذوه
وفضلوا أن يفقدوا حياتهم بدلاً من أن يقعوا في أسر البرابرة”". ارتفعت
هتافات الانتصار الوحشية من قبل رجال الشيروسكي وحلفائهم.

الآن أصبح النصر ملكهمء بدأت تظهر أولى علامات العملية
المشؤومة للانهيار في الانضباط القبلي على شكل نوبات مفاجئة من
المزاج المتوحش. بدأ البرابرة في القتال فيما ببنهم» قبيلة ضد قبيلة:
وعشيرة ضد عشيرة» ورجل ضد رجل. كانوا يتقاتلون من أجل الفوز
بالحلي؛ والسيوف والدروعء والنساء والغنائم وكنوز فاروس. أصابت
بعضهم حالة من الهيجان» وذبحوا الرومانيين الجرحى وجردوهم
من ثيابهم وتركوهم عراة - كل ذلك دون أدنى انفعال. كانت النساء
وهي تحمل الأطفال تتوسل بهم طلباً للرحمة. لم يستجب أحد. أما
المحاربون الرومان» ممن جعلهم حظهم السبئ يقعون في الأسرء فقد تم
دفنهم وهم أحياء, أو تم صلبهم؛ أو التضحية بهم كقرابين على المذبح
الوثني. وأخيرأء التقط البرابرة رأس القائد الروماني الميت» ووضعوه
على طرف رمح وقدموه إلى زعيمهم:

كان الدرب ملطخاً بالدم ومكدساً بالجئث؛ ولم يهرب رجل واحد©.
كان أرمينيوس يقف جانباً ولم يفعل شيئاً لمنع محاربيه من مواصلة
سلوكهم البربري. كان النهب والاغتصاب جزءاً من طقوس الحرب.
لقد عانى رجاله وانتصروا في نهاية المطاف. . لكنه لم يشاركهم فرحتهم.
رفع بصره إلى السماءء ليقدم الشكر لأنه كان يعلم أن إله الحرب القاسى

هذا هو من منحه النصرء فقد وقف بجانبه عندما أرسل تلك العواصف
الرعدية المفاجئة والعنيفة.

1- كاسيوس ديوء تاريخ الرومان.
2- تاسيتوس» كتاب الحوليات.

-48-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

«ابينما كان يتعثر في الغابات والمستنقعات, التى أصابها الاضطراب
العنيف للطبيعة» تم القضاء على الجيش الرومانى إلى آخر رجل فيه تقريباً
على يد العدو نفسه الذي كان يذبحه دائماً مثل الماشية». هكذا وصف
العصور القديمة.

عندما وصلت أخبار كارثة (معركة فاروس) إلى روماء مرّق
الإمبراطور أوغسطس ثيابه وحزن كثيراً لأنه كان يخشى من أن العدو
فشي الآن نحو إيطاليا». وفي حالة يأس شديدة» وكما أشيع عنه
فقد ضرب أوغسطس رأسه في الحائط وصرخ بصعوبة: «فاروسء يا
فاروسء أعد لى جحافلى».

وكنتيجة مباشرة. تم التخلى عن العديد من الحصون الرومانية
وتحررت ألمانيا من قوات الاحتلال الرومانية. كان الإمبراطور
قبيلته الألمانية سيتمكنون من عبور نهر الراين ويقومون بتحريض قبائل
بلاد الغال على القيام بتمرد. لم يكن هناك ما يدعوه إلى الخوفء. بقى
الألمان في جانبهم من نهر الراين. توفي الإمبراطور أوغسطس في آب
من عام 14م» وخلفه ربيبه تيبيريوس في عام 15م, قام الإمبراطور الجديد
بإرسال جرمانيكوسء ابن دروسء على رأس حملة تأديبية إلى ألمانيا.
عندما وصل الجيش إلى منطقة غابات تويتوبورغ© اكتشف جرمانيكوس
مشهدا مروعا: عظاما متحللة» ورماحا متكسرة. وجثثا ملتصقة باللأرض»
وجماجم متسمرة على الأشجار©.

وبينما أدرك الرومان العبقرية العسكرية التي يمتلكها أرمينيوس»
استبدله مجلس القبائل الجرمانية» خوفا من هيمنته المتنامية

2- تاسيتوس» كتاب الحوليات.
3- تم وصف بعثة جرمانيكوس ونتائجها في كتاب جرمانيا للمؤرخ تاسيتوس.

-49-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بأنغويوميروس المتهور. الذي قادهم في القتال ضد جرمانيكوس
وجحافله الثمانية. جرت المواجهة في عام 16م, في مدينة مندن الألمانية,
وانتهت بانتصار روماني. هذه المرة» هاجمت القبائل بحماقة التشكيلات
الحربية الرومانية المنضبطة ذ فى السهل امارج . بعد هزيمتهم. أعيل
أ نتوين «بعد إحالته إلى التقاعد». واستطاع أن يصد اعتداء الرومان
وجعل الإمبراطور تيبيريوس يدرك أن قيمة جرمانيا العليا'"» التي تصل
إلى جبال الألب. لا تقارن مع المساعي الضرورية لضمان النصر على
قبيلة الشيروسكي.

خلال شتاءعام 16م دعا تيبيريوس إلى إيقاف الحملة الألمانية» لأنه
كان خائفاً من عودة عدو روماء أرميئيوس. كان الشغل الشاغل لروما هو
منع كل من إقليم الليريا (البلقان) وجرمانيا من النهوض في الوقت نفس
لأن روما كانت تفتقر إلى الوساتل الضرورية للقتال على جبهتين.

لقد فهم أرمينيوس أن وحدة ألمانيا تعتمد على إقامة تحالف يجمع
قبائلها الشمالية مع قبائل الماركومانيون في وسط ألمانيا والتي كانت
واقعة تحت حكم الملك ماروبودوس. وفي الوقت الذي كانت قبائل
الشيروسكي وحلفاؤها تقوم بالدفاع عن حدودها عند نهر الراين» كانت
قباتل الماركومانيون تقوم بالشيء نفسه على طول نهر الدانوب. وكدليل
على انتصاره على جحافل الرومان» أرسل أرمينيوس رأس فاروس إلى
حاكم الماركومانيون. . أصبح الملك ماروبودوسء وهو رجل شرير كثير
الشكوكء قلقاً للغاية بشأن الهيمنة المتزايدة بسرعة لأرمينيوس مما جعله
ينحاز إلى روما. . وكدليل على ولائه للومبراطورء أحال رأس فاروس إلى
الإمبراطور أوغسطس. استطاع أرمينيوس هزيمة القبائل الشمالية. رفي
معركة دامية حدثت في عام 17 ميلادية. . بعد الهزيمة هرب ماروبودوس
إلى إيطاليا حيث توفي في عام 41م.

500 ت بذلا لانها تقع أعلى جرمانيا الصغرى» كانت مقاطعة رومانية في الإمبراطورية

-50- 121 طأا 0143013م هدع ]آلا

كتب الكثيرون من الكتاب الرومان عن أرمينيوس. وبالكاد استطاعوا
التقليل من شأن المحارب الشجاع دون أن يوضحوا بشكل جلي عدم
كفاءة جنرالات روما أنفسهم. لكن من الواضح أنه لم يكن ليحصل على
لقب «القائد الأعلى» لو لم يكن يمتلك الصفات المناسبة.

لقد كان قائداً ملهماً لكنه لم يكن غازياً مطلقاً. وبدافع الرغبة في وقف
سفك الدماء بين القبائل» وضع أرمينيوس اللبنة الأولى لتوحيد جميع
العشائر الجرمانية. وبعد انتصاره على الرومان» أصبح المتحدث الذي
لا خلاف عليه باسم القبائل الشمالية. لكن فكرته عن مشاعر وأحاسيس
وطنية جرمانية واحدة» كانت في غير وقتها وغير واقعية. بمجرد تحقيق
النصر على خصمه العنيد روماء فقد فقدت فكرة الوحدة الألمانية
جاذبيتهاء ولم تنجح خطته العظيمة» أي توحيد القبائل الجرمانية في بلد
عظيم.» في تحقيق أي شيء.

في عام 19م: تأججت نيران العداوة القبلية القديمة من جديد ولأجل
تسوية هذا النزاع» دعا أرمينيوس إلى اجتماع لمجلس الشيوخ. في يوم
العظيم إلى الأبد بواسطة طعنة خنجر من أحد أقاربه. وماتت معه الرؤية
التى كانت تمثل طموحه طوال حياته وهو توحيد ألمانيا فى دولة واحدة
كبيرة. استغرق الأمر أكثر من ثمانمئة سنة» وظهور الإمبراطور شارلمان»
لإنهاء المهمة التي بدأها أرمينيوس على طول طريق الغابة الزلق.

كان هناك تكريم مناسب له فقد أقام زعيم آخر دعا لوحدة ألمانيا هو
بالقرب من الموقع التاريخي للمعركة".

كانت 7211202 612065 والمعروفة على نطاق واسع باسم معركة
غابة توتيوبورغ» واحدة من أهم المعارك في التاريخ» حيث إنها تمثل

1- عام 1875» بأمر من القيصر فيلهلم الأول» في غروتينبيرغ (أوتوباهن بالقرب من
بيليفيلد).

-51-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نقطة التحول فى اختراق الرومان وسط أوروبا. وعلى الرغم من أن
حمللات أخرى (كانت تحت قيادة جرمانيكوس) استعادت بعض
الأماكن المحصنة» فإن زمن إخضاع القيصر للقبائل الوثنية أصبح
شيئاً من الماضي. وحتى حلول أوائل الخريف لم يستقر أمر حملات
الفتح الروماني في الأراضي الواقعة خلف نهر الراين. لم يحل أحد
محل جحافل الرومان أبدا. ومع وجود إمكانية غزو سهل لألمانياء فإن
جحافل الرومان تراجعت إلى ما وراء النهرين الرئيسيين في أوروباء
الراين والداثوت:

استمر حكم روما لمدة خمسمئة سنة أخرىء ولكنها لم تحكم ألمانيا
مرة أخرى. وببقاء حدود إمبراطوريتهم على طول نهر إلبه. فإن مسار
التاريخ الأوروبي خضع لتغيير عميق. من خلال توسيع حدود روما
إلى البلدان السلافية» فإن كل أوروبا سوف تتحدث لغة جذورها اللغة
اللاتينية. وستصبح ألمانيا مملكة القبائل الالمانية: مثلما ستصبح فرنسا
بلاد أقوام الغال. وربما كانت الدولتان الكبيرتان في ألمانيا وفرنسا
ستعيشان جنباً إلى جنب في سلام؛ رغم أن هذا يبدو مستبعداً إلى حد
كبيزه أما'بالسية لبريكانيا هده الجزيرة | لنا وان يطلق عليه أحد اسم
إنجلترا ابداً)) وم من شواطئها اسينشئون قارة جديدة» ذات ثقافة
تكون جذورها لاتينية

لاك 21116 2215 © ولكن الآلهة تعتقد غير ذلك.

الحقيقة هي أنه في يوم خريفي قبل ألفي عام؛ ساعد إله الطقس
الإسكندنافي الأأمير المحارب في عناده وإصراره. وصنعا عا تاريخ
العالم.

آذآ سس
1- من كتاب إدوا 50 7 0
إذوارد كرسي. خمس عشرة معركة حاسمة ف تار ن:
2- فير جيل الإلياذة. يي 0 العالم.
-52-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

1 أولوناة 15 - 14 وعق)ألرة»!

لبم0>ا

3
انتييليت نلا جيسا يسايسو

1م" اموموقة

لنيني ايها
1 14:15 تسبوديم

-53-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الرياح الالهية
15ب 1281

... (إن نيبون #مصص/ة ما كانت يوماً
ولن تكون طريحة تحت أقدام الفاتحين
الطغاة»
٠‏ وليام شكسبير»
مسرحية الملك جون.
فى مكان ما شرق الصين» فوق المحيط الهادئ الذي لا نهاية له
يشتعل لهيب الشمس فوق بحر هادئ الأمواج. الهواء ساخن للغاية
ويمتص الأبخرة الكثيفة. تظهر أول قطعة رقيقة من سحابة خفيفة في
السماء الكثيبة. وتكبر السحابة حتى تتحول إلى كتلة رمادية كثيفة» مما
يزيد من الرطوبة» فتمتلئ بملايين الأطنان من الماء. ترتفع الكتلة السحابية
أعلى فأعلى» حتى تنفتح مثل بتلات زهرة ضخمة. تبدأ حركة الأرض
الدورانية إلى أن تجعل هذه الكتلة المحملة بالماء تنحرك حركة دائرية»
تتسارع أكثرء حتى تتحول إلى شيء دوار يمتلك قوة دافعة خاصة به.
تجعله يدور أسرع وأسرع وأسرع؛ قرص دوار يدور بجنون ويجتاز عدة
مئات من الأميال. فيولد وحش مصمم على أن يتسبب بالموت والدمار.
في ذلك اليوم الرابع عشر من آب 1281 كان أكبر أسطول حربي على
الإطلاق يمخر عباب الباخر؛ وهو يضم 3500 سفينة» تحمل مئات الالاف
من الغزاة المغول على متنهاء وجميعها متجهة إلى شواطئ اليابان.
55

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كانت الصينء التي تمثل مركز الكون؛ تنقسم دائما إلى إمبراطورية
عندوية وأخرى شمالية. في عام 1234» اجتاحت جحافل المغول
بقيادة جنكيز خان» مملكة الشمال التي تحكمها سلالة كين '"'» في حين
قاومت إمبراطورية سونغ الجنوبية هجمة التتار حتى عام 1279» قبل أن
تستسلم إلى قوبلاي خان. في الغربء امتدت الإمبراطورية المغولية إلى
البحر الأسود. تمٌّ إخضاع الروس إلى العبودية» وتحولت عاصمتهم.
موسكوء إلى رماد. ترك قرنان من عبودية المغول بصمته الدائمة على
النظام التوتوني في معركة ليغتتز» وجلبوا ثمانية أكياس كانت مليئة بآذان
الفرسان المقتولين©. في الشرقء» لم يقم جنكيزخان بسحق الصين
وكوشين-الصين وبيغو والينغال والتبت على أن يكونوا أتباعا أذلاء
لزعيم المغول. ومن كوريا الأرض التي احتلها لتوه» حدق الإمبراطور
قوبلاي خان في البحر ووضع عينيه على سلسلة من جزر إمبراطورية
الشجين المشراقة:

كانت تلك هي اللحظة التي شهدت فيه الأرض تساقط وابل من
النجوم. فسر منجم البلاط المغولي هذا الحدث ناعيا ره فالا يمر نا:
نما رائ اليابانيون في الصواريخ السماوية تلك نذير شؤم باقتراب
كارثة كبيرة. كانت طريقة قوبلاي في العمل ارتداء قفاز فو لاذي مغطى
بالمخمل” ومع أنه كان يضع في باله أن هناك انتصاراً سهلاًء أرسل وفداً
إلى بلاط كيوتوالخاص بالإمبراطور الياباني كامياما. لم يصل الوفد إلى
هناك أبداً. فقد اعترضه القائد كاماكورا الذي يطلق عليه اسم باكوفو

1- ولد في تيموجين بجانب بحيرة بايكال؛ في سيبيريا وعاش للفترة ة من 1167 -1227.
2- غيبوك.

-56-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

شوغون". القائد العسكري القوي والمقرر الحقيقي لمصير اليابان.
كانت رسالة الصين تحمل تهديدا بقدر ما تحمل من إهانة.

نوجه نحن ملك منغولياء وبنعمة وفضل من السماءء هذه الرسالة إلى
ملك اليابان©.

لقد فكّرنا ملياً في كون حتى أمراء الدول الصغيرة كانوا منذ العصور
القديمة. يسعون جاهدين لبناء عللاقات ودية مع المناطق المجاورة.

... إن أمير كوريوء الذي يشعر شعبه بالامتنان تجاهناء قد زار بلدناء
ورغم أن العلاقة بيننا وبينهم هي مثل علاقة السيد والتابع» لكن طبيعة
هذه العلاقة تبعث على السعادة مثل علاقة الوالدين بطفلهم. وبلا شك»
أنت مدرك بشكل جيد لهذا الأمر.

لذلك فنحن نتوسم بعد ذلك أنك ستقيم علاقات ودية معنا. هل
من المعقول رفض إدامة الصلات مع بعضنا البعض؟ إذا لم يكن الأمر
كذلك. فإنه سيؤدي إلى الحربء وهل هناك من يحب أن تكون الآشياء
على هذه الحال؟

فكر بهذاء أيها الملك!

أغضبت نغمة رسالة قوبلاي خان كثيراً أعضاء الفريق الحكومى
من الساموراي» مما أوجب على القائد العسكري (شوغون) التدخل
ومنعهم من قتل مبعوثي إمبراطور المغول.

لقد تضاءل حم البلاط الإمبراطوري الياباني إلى بقايا متداعية
مهرجى البلاط الفاسدين والمستشارين التشريفيين لإمبراطور عاجز.
كانوا خائفين من «الخطر الأصفراء الذي جعلهم شبحه المتجهم
1- شوغون هو اللقب الذي كان يطلق على الحاكم العسكري لليابان منذ 1192م وحتى

نهاية فترة إيدو. كان شوغون رئيس حكومته التي تسمى «باكوفو». المترجم.
2- يركز الإيطاليون على العبارات المسيئة» على سبيل المثال: «الملك» الياباني كان

إمبراطوراً.

-57-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الوحشي المرير يتخيلون صورا مؤرقة ومضطربة» ونصحوا (الإمبراطور)
بأن يقبل شكلاً ما من أشكال الخضوع الاسمي. لحسن حظ اليابان» لم
تعد السلطة الحقيقية في أيدي النسل المهيب لإلهة الشمس أميتراسو,
بل آلت إلى كاماكوراء مع باكوفو شوغوناتي'" وحكامها العسكريين
المعينين.

كان الشوغون (القائد العسكري) حينها هو الشاب هوجو توكيمون

شوغون توكيمون ذي القبضة الحديدية اثار عميقة على مستقبل اليابان.
كخطوة أولى» استدعى توكيميون «كل الرجال القادرين على حمل

السلاح» وقتل جميع الذين يرفضون»©. قام المغول باختطاف اثنين من

النبلاء اليابانيين© من جزيرة تسوشيما» وسلموهم إلى بلاط قوبلاي
خان في بكين حيث أظهروا «كياسة عظيمة وتغنوا بروعة إمبراطور
المغول»؛ وبعد ذلك تمت إعادتهم إلى اليابان لإقناع مواطنيهم بنية
الخير التي تحملها بكين. لم تغير أحاديثهم عن الجنة الصينية ولا
بقي الفرسان الشرفاء المتمسكين بالبوشيدو» صامدين في إرادتهم
للدفاع عن استقلالهم حتى الموت. و مثل أي دولة تقع داخل جزيرة
يحميها البحر» كان هناك دائما توقع أن يتمكنوا من تحقيق ذلك. كان من
المعروف جيدا أن المغول لم يكونوا شعباً بحرياً مثل الصينيين بخبراتهم

1 - أقامه مانيموتو وليس توريتومو في عام 1185 والذي نال لقب سيجى توشيغون أو
مدمر البرابرة. ١ ّ ١‏

2- من كتاب أزوما كاغامي. وقائع باكوفو.

3- عرفوا بأسماء توجيرو وياجيرو ولكن لم يعرف عنهم شيء آخر.

4ت اشتهرت تسوشيما في المعركة البحرية التي خاضتها اليابان مع روسيا عام 1904.

5 هى مجموعة ع القوان . الأخلاقية الك 007 . 5 . :
7 أن وبين 2 التي كان يتبعها المحاربون (بوشي) في اليابان
أثناء العصور الوسطى» تم تدوينها أثناء فترة إيدو (1867-1603م)» تأثرت هذه
التعاليم بمذهب زن البوذي والعقيدة الكونفشيوسية. المترجم.

-58-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

العريقة في التجارة عن طريق البحر. كان على المغول الاعتماد كلياً على
بناة السفن والبحارة الصينيبين والكوريين» وكلاهما بلدان تابعان لا
يمكن الوثوق بهما. وسيصبح هذا الوضع المعقد. وهو أن قادة الجيش
المنغولي مرتابون من ملاحيهم الصينيين؛ هو مفتاح الأحداث اللاحقة.

في عام 1273؛ أصدر قوبلاي خان أوامر لملك كوريو ليصنع له ألف
سفينة. لم يستطع ملك كوريو تلبية طلب كهذاء ولم يصدر الأوامر بذلك.
أرسل إمبراطور المغول 5000 فرد من فرقة المشاة الخيالة للمساعدة فى
إقناع ملك كوريو. جمع قوبلاي؛ الوائق من تحقيق نصر سهل؛ 40 ألف
جندي. لقد تسبب الشتاء القارس والمجاعة فى كوريو فى تأخير خطط
الغزوء وكان عليه الانتظار حتى الربيع. تم إهدار المزيد من الوقت على
بذل الجهود الدبلوماسية الأخيرة. طالب سفيره سكان الجزر العنيدين
بالقبول أو مواجهة الغضب الرهيب من قوبلاي خان المقتدر. تم طرد
المبعرث الشخصي للإمبراطور قوبلاي خان بشكل غير رسميء وكانت
الحرب على وشك أن تندلع.

جعل قانون الشرف (بوشيدو) من المحاربين الساموراي اليابانيين
متساوين مع أفضل ما كان يمتلكه المغول من محاربين. خاض
المحاربون اليابانيون القتال بموجب قواعد الشرف التى تحددها
قوانين البوشيدو. القد كان من عادة البوشي [الفارس] أن يقوم بإعلان
اسمه ولقبه وهو في المنازلة أمام العدو ليوقع الرعب في قلب خصمه:
ويتقدم خصمه ليشتبك معه. ويؤذي الطقوس ذاتها من تقديم نفسه.
ومع ذلك. لم يكن المبارز الماهر يبحث بالضرورة عن قتال منفرد؛
كان على استعداد للدخول في الاشتباك وسط صفوف العدو دون أن
يحاول تمييز نفسه. لكن السمة العامة للمعركة تبقى منافسة فردية»
وعندما يتوقف القتال» ينتقل كل بوشي إلى خيمة سيده ليتفحص
رؤوس أولئك الذين قتله.ه".
إن هتكن من كتاب الثقيب بويتكلى» النابان:

-59-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وكانت القوات البرية اليابانية تعاني بشدة من آلة النشابية المخيفة”»
التي كان د يمتلكها المغول. والتي كان يستخدمها فرسان التتار ببراعة
تامة©» حتى لو كانت الخيل تجري بكامل سرعتها. كان كل خيال يدخل
إلى المعركة حاملاً 60 سهماًء 30 منها مصنوعة من رماح خفيفة لكي
الدروع من مسافة قريبة©. ولكن عندما يتعلق الأمر بالشجاعة المطلقة
والروح القتالية» لم يكن اليابانيون مثلهم. ففي القتال من مسافات قريبة:
كانوا متفوقين بالتأكيد على عدوهم

وبينما كان بإمكان القائد العسكري 000 (الشوغون) استدعاء 400
ألف محارب للقتال تحت راياته من ش: شتى الجزر اليابانية» كان قوبلاي
خان لا د يستطيع تجميع سوى 25 ألف فرد فقط من النخبة من «فرسان
البحرية المغولية»©. أضف إلى ذلك 15 ألف فرد من الكوريين غير
الموثوقين الذين لا يحملون وداً كبيراً لأباطرة التتار. لقد أخطأ قوبلاي
ل ب ا
الك رقو لوقه ادر وقد ذاق أولى تجاريه في تشرين الثاني عام
1714| . فقد نزل الأسطول البحري المغولي في جزيرة تسوشيما الساحلية
اليابانية»؛ حيث خاض قائدها المحلي و200 فرد من سكان الجزيرة قتالاً
شجاعاً وأوقفوا زحف الجنرال لين فوك هنغ ومقاتليه البالغ عددهم
5 ألف فرد لعدة أيام. . بعد سقوط خط الدفاع الأخيرء ذبح الغزاة جميع
[- آلة حربية قديمة؛ سلاح صغير يشبه القوس يستخدم في إطلاق القذائاف القصيرة.

اكوم
2- المؤرخ تشارلز أومان» فن فن الحرب في العصور الوسطى. . لقد ظهر سلاح القوس

المستعرض عند المغول قبل ظهور القوس الطويل عند الإنجليز في حرب المئة عام

قبل قرن من الزمان.

3- رحلات ماركو بولو.
4- بخلاف القوات الخاصة: احتفظ المغول بخيولهم؛ حتى عند عبور المحبط.
-60-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

سكان تسوشيماء وارتكبوا خطأ كانت له عواقب معنوية خطيرة» لأن هذا
العمل الوحشي أظهر لشعب اليابان أنهم لا ب: يتمتعون بالرأفة . وهذالوحده
عزز إرادتهم في القتال وجعله أكثر شراسة. بعد أسبوع. نزل المغول في
جزيرة إكي» ومن هناك عبروا القناة إلى كيوشو"» وهي واحدة من جزر
اليابان الرئيسة:

في 18 تشرين الثاني من عام 1274 دخل أسطول الغزو خليج
هاكوساكيء على بعد أميال قليلة من دازايفوه عاصمة كيوشو. كانت
أعداد المدافعين اليابانيين قليلة للغاية فلم يبدوا أية مقاومة طويلة ولذلك
كان بإمكان المغول التجول في أنحاء الجزيرة. لكنهم بدلاً من ذلك.
ظلوا على الخط الساحلي. حيث انقسموا إلى عدة وحدات هجومية.
أبحرت عدة وحدات من الجيش المغولى» وأنزلت خيولها على شريط
رملي بالقرب من مدينة هاكاتا الساحلية» وأشعلوا الحرائق في المدينة.
ومن هناك توجهوا إلى أكاساكاء وساروا بمحاذاة الساحل نحو إماتسو.
وفي طريقهم, قاموا بقتل الصيادين من السكان المحليين. وقد أدى
الوعد بالحصول على الغنائم بسهولة إلى صرف الجنرال لين فوك هنغ
عن هدفه الرئيس. ري ددا نا اب الا
الشوغون في توكيمون بتجميع جميع الرجال القادرين على القتال في
كيوشوء في حين هرع القائد (الشوغون) على رأس جيشه من كاماكورا
لتعزيز دفاعات الجزيرة. وقبل أن يتمكن الإمبراطور قوبلاي خان من
القيام بأدوار هامة في الأعمال القتالية» كان القادة المحليون© قد هاجموا
بالفعل جحافل جيشه.

في الرابع والعشرين من تشرين الثاني» وقعت مواجهة كبرى أمام

الجدار البترى ميزوكي”" الذي ب يقع بالقرب من منطقة هاكوساكي. ما
1- يتكون الساحل الشمالي لكيوشو من مقاطعتي هيزن وشيكوزن والجزر الساحلية

غوتو وايكي وتسوشيما.
2- وهي ماتسوراء وشيمادزوء وكيوشوء وكيكوتشيء وشوني وأوتو.
3- بنيت قبل ستة قرون على يد العمال الكوريين.

-61- ألا 0131013مهوذع ]آلا

حدث حقاً في ذلك اليوم ضاع في غياهب النسيان مع مرور الوقت. لا
توجد معلومات دقيقة عنه» بخلاف أن المعركة استمرت ثماني ساعات
وكانت الخسائر كبيرة على كلا الجانبين. في البداية» هاجم اليابانيون
بمشاعر من التعصب الأعمى» في حين تكبد الرماة المغول خسائر
فادحة. وحالما أصبح الساموراي على مقربة من عدوهم؛ استخدموا
شفراتهم ذات اليد المزدوجة بكفاءة شديدة. سرعان ما فقد المغول
رغبتهم في مواصلة القتال؛ وتخلوا عن تابعيهم من الكوريين الذين
ذبحوا مثل الماشية. قبل وقت قصير من حلول الليل» اتخذ قائد التتار
قراراً. كان يعلم أن سهامهم تكون عديمة الفائدة في الظلام» في حين
كان بإمكان الساموراي الحصول من سيوفهم الحاذة الشائكة على نتائج
مميتة» وبينما تدفقت المزيد من احتياطيات الجنود اليابانيين على ساحة
المعركة. قرر القتال في وضح النهار في اليوم التالي. وأمر رجاله بأن
يصعدوا في الليل على متن المراكب الواقفة في عرض البحر. وللتغطية
على عملة تراجفيم» أضرموا النار في ضريح هاكوساكيء وهو هيكل
خشبي كان مثيرا للإعجاب. وتحت غطاء من الدخان الكثيف. تمكن
المغول من الانسحاب دون مزيد من الخسائر. وبينما هرع اليابانيون
لإنقاذ مزارهم المقدسء تغير الطقس» فقد هبت عاصفة هوجاء مدمرة
وصدمت السفن وهي تحمل على متنها الجيش المغولي. مُّلئت أسطح
السفن بالماء» ومزقت الصواري» وسحقت البحارة والجنود. وكافح
الرجال الذين يديرون دفة المراكب لكي ينقلوها بعيداً عن المياه الضحلة
الخطرة. تحطمت السفن أو تعثرت» وغرق عدداً كبيراً منها. أما أولئك
الرجال الذين كانوا يكافحون ليكونوا على متن السفينة ويتشبثوا بالسلالم
المصنوعة من الحبال فقد تهشمت أجسادهم على جانبي السفن. أما
الأخروه الدين كانوا ينتظرون على الشاطىع. فإنهم لم يحظوا بأي
فرصة للنجاة لان موجات البحر الوحشية علت فوقهم. حاولت سفينة
واحدة ان تجرب حظها. فرفعت مقدمتهاء ثم وقعت مباشرة على
رصيف صخري ثم تحطمت من الخلف. واندفعت سفيئة أخرى نحو
-62-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لسان رملي. وقام الصيادون المحليون, الذين اشتعلت النير ان في قراهم
قبل أيام فقطء بسحب طاقمها وحوالي 300 جندي من البحر قبل أن
يعرضوهم إلى موت شنيع. معظم الضحايا من المحاربين المغول البالغ
ل لاسر ار تر
ا

عندما انتهت حالة الطوارئ. أعلن الكهنة اليابانيون تحقيقهم
النصر. 0
أصغر فرد يصلون ويتضرعون إلى الله لمساعدتهم في تدمير الغزاة
وقد استجاب الله لهم. ولكن ما إن زال الخطرء وتحطم أسطول
المغول على الصخورء : نسي الكثير منهم إلههم؛ مما أثار استياء الكهنة»
الدين اذكو في إشارة إلى العاصفة أن الله قد استجاب لصلاتهمء
وأن من أنقذ اليابان لم تكن البطولة الفردية لمقاتلي الساموراي» بل
صلاة الرهبان. وطالبوا بأن يتدفق جزء كبير من الأموال المخصصة
للأسلحة إلى خزائنهم. وبالفعلء وافق الإمبراطورء كانت الآلهة لا
تزال ضرورية؛ وصدرت الأوامر بمنح الأديرة مساحات كبيرة من
الأراضى؛ وطليت معابدها بالذهب وتم تجديدها. أثارت هذه الهبات
حفيظة أولتك الذين سيتعين عليهم تحمل أي هجوم في المستقبل»
والتعرض لمصاعب ومشاق كبيرة.

على الجانب الآخر من البحرء رفض الإمبراطور قوبلاي خان
الاعتراف بالهزيمة. وبينما ألقى مستشاروه باللائمة على غضب الطبيعة»
تعلم قوبلاي خان درسه . في المرة القادمة سيكون الأمر مختلفاًء ولأنه.
حاكم الكون, ف فمن المؤكد أنه ستكون هناك مرة قادمة! وهكذا بدأ في
التخطيط لغزو ثانٍ أكثر قوة. ولهذاء استلزم الأمر وجود أسطول بحري
كبير بما يكفى لحمل جيش يتألف من عدة مئات الآلاف من الأفراد.

أمر قوبلاي خان بالاستيلاء على كل سفينة صالحة للإبحار على
طول ساحل البحرء من جنوب الصين إلى كوريا وبعضها كان صغيراً

5
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

للغانة الشمكرة مين عبور المحيط. كتب المؤرخ ماردو بولو يقول:
كان على كل سفينة أن تحمل على متنها 20 بحاراء و15 حصانا مع
فرسانها)7). منذ محاولة خان الأخيرة للغزو جردت ميلح كوريو من
السفن والقوى العاملة. وتم تقطيع غاباتها لغرض بناء الأسطول الذي
شارك فى غزو اليابان في عام 1274 لم يكن هناك المزيد من الأخشاب
لثاء أسطول أخ. التدعى تويلةئ خان ملك كوريو إلى بكية»:وآمره
بصنع ألف سفينة» تحت طائلة قطع رأس أي شخص يجرؤ على عرقلة
إرادته. تم جلب الخشب براً من الصين وتم توفير القوى العاملة من
المستعمرات التي تعرضت لعقاب. مات الآلاف من العبيد بسبب
المجاعة وسوء المعاملة» لكنه تم تشكيل الأسطول. وكانت النتيجة
النهائية غير كافية لخطة خان الضخمة؛ تم سد النقص في أعداد السفن
من خلال غزو الإمبراطورية الصينية الجنوبية (1279)» الذي زوده بثلاثة
آلاف وخمسمئة» سفينة إضافية©. في أواخر عام 1280» أصبح كل شيء
جاهزاً وتم جمع جيوش المغول والدول التابعة لهم في نقاط انطلاق
مختلفة. كانت تلك هي القوة الأكثر إثارة للإعجاب التي تجحفلت
تحت الآلاف من رايات التنين الملونة.

وق الرقك نفس لم يكن الباناقيوة عتافلين توقك ميق قينا
عن أن يكون مجالاً حصرياً للصينيين. تم نقل السفن المسلحة
والمقاتلين اليابانيين إلى البحر بواسطة ما سمى «بأسطول البعوض»
لكون سفنه صغيرة» ولكن نجاحاته لم تكن كذلك. وبسفنهم السريعة»
سرق اليابانيون التجار الصينيين الأبطأ منهم. وعندما حان الوقت
لينخرطوا في الدفاع عن أمتهمء لبوا الدعوة للقتال واعترضوا السفن
لكا اكات العام الإجمالي للسفن الرئيسة أقرب إلى 300 أو 400. أما الباقى» إذا كان
ل فده يشبه إجلاء القوة الاستطلاعية البريطانية من دنكيرك في
الشراعي لعبور اال "من للطراة إلى الباخرة البخارية إلى القارت

-64- ل21طأنا 2أدجأممرهدع الا

الحاملة للجنود وهي في طريقها إلى نقاط التجمع الخاصة بها. أحرقت
السفن التي تم أسرها في عرض البحرء وألقي بأطقمها في البحر وتركوا

في ربيع عام 1280» نقل جواسيس القائد العسكري (شوغون)
للتوكيمون معلومات له عن الاستعدادات النهائية لقيام المغول بشن
هجوم جديد. كان الإمبراطور الياباني ذو الشخصية الضعيفة أودا
الثاني» البالغ من العمر ستة عشر عاماء والذي كان يصغي لنصائح
المقربين منه الخائفين بينما كان يهرج مع بغايا البللاط. على استعداد
للدخول في محادئات استسلام مع قوبلاي خان. ومرة ثانية» منعه
القائد ذو الإرادة الحديدية توكيمون من فعل ذلك. وكما نجح في عام
4+ وضع الشوغون أمته في طريق الحرب. كانت اليابان تشحذ
قواها إلى الربيع المقبل. لم يعد السؤال: هل سيأتي المغول؟ بل كان:

متى ؟

وبينما كان قوبلاي خان يعد العدة في بكين لفرض إرادته على
سكان الجزيرة قام القائلة العسكري (الشوغون) بمواجية هذه التخطوة
باستراتيجية دفاعية قوية. كان من المفترض أن يختار المغول مسار
الغزو السابق نفسه تقريباً ويحاولون الوصول إلى أقرب مصب نهر
عند كيوشو. أمر توكيمون بتعزيز الجدار البحري الموجود في ميزوكي»
وخرج السكان طواعية لحفر خنادق عميقة تم تصميمها لمنع جحافل
الفرسان من العبور إلى داخل الجزيرة. تم نصب أبراج خشبية خاصة
للرماة. أنشأ توكيمون المناطق الدفاعية التي يمكن أن تهرع إلى مساعدة
بعضها البعض. وأسس ميليشيا محلية تتكون لأول مرة من أفراد من مهن
مختلفة. حدادون يصنعون السيوف وأسلة الرماح ورؤوس السهام؛
وصيادون مدربون على الحرب البحرية» وفلاحون يتدربون على
استخدام الأسلحة وهو فن كلصا عادة لصنف المحاربين. كان
الأمر الأخير الذي اتخذه الشوغون, والذي أثبت أنه ذو فائدة حيوية»

-65-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

هو أن يتدرب جميع الرجال القادرين على ممارسة الرماية. فأقيمت
المسابقات» وتم تكريم الفائزين. وسرعان ما أتقن اليابانيون فن القتال
برماية القوس وتفوقوا فيه على عدوهم.

في حزيران 1281 كانت الاستعدادات الأخيرة جارية للغزو المغولي
الكبير» صعد الرجال على متن السفن» وانطلق الأسطول من مقاطعة
ماسامبو. تحت قيادة الجئرال هوان باكو وكان رجلا قاسياء تم احتلال
جزيرة تسوشيما بدون ضجة كبيرة. في 10 حزيران» سقطت جزيرة
إيكي. وفي 23 حزيران» ظهرت أول أشرعة الأسطول الكبير قبالة
ساحل جزيرة كيوشو. ودخلت السفن من خلال ساحل منطقة الشيغاء
ووصلت ميناء هاكوساكي. كان من الواضح أن اليابانيين عززوا بشكل
حكيم وبعدد من الرجال الجدار الدفاعي ميزوكي الذي تمت تقويته
مؤخراء حيث كانت أي قوة بشرية متوفرة بسهولة» ولكنهم بالكاد كانوا
يصدقون عيونهم عندما يرون مجاميع المغول وهي تتدفق إلى الشاطئ.
كانوا مستعدين للتضحية بأنفسهم» ويصمدون إلى أقصى حد ضد وقوع
أي هجوم مركزء ومحاولة تأجيل دخول جحافل قوبلاي خان الجزيرة.
لكنهم كانوا يعلمون أن الامر كان ميؤوسا منه.

ليس هناك سوى القليل من الوثائق التي تناولت ما حدث بالفعل
في فترة السبعة أسابيع» بدءاً من الإنزال الأولي في حزيران» الذي أدى
إلى الأحداث الدرامية في منتصف آب 1281. لم تذكر الوثائق سوى
أن المغول لم يعبرواء أو منعوا من عبور» جدار ميزوكي. وأنهم فشلوا
في الالتفاف على الدفاعات الساحلية ل يجب الافتراض أنهم
فامواء بتشتيت جهودهم في هجماتهم الاولية على طول شاطئ البحر
دون أن يستغلوا تفوقهم الساجق في شن ضربة واحدة. انقسم المغول إلى
مجموعات تقوم بغارات فردية لمهاجمة أهداف سهلة مثل الأديرة» التى
كانت تعد بالحصول على ثروات كبيرة لمقتتخميها. أيا كانت الظروؤف,

|- هذا النجاح أدى إلى سابقة تاريخية خطيرة لاستر

اتيجيتهم الدفاعية لعام 1944.

-66 لإلقنطنا وأصجغممهذهع الا

فإن المعركة كانت متأرجحة بين الطرفين طوال الصيف. كان هناك تعادل
في ميزان القوى. وتظهر السجلات الموجودة حالياً أن الخسائر اليابانية:
خاصة في جميع أنحاء شبه جزيرة شيغاء كانت مرتفعة للغاية. وهذا وحده
يشير إلى أن المعارك لا بد وأنها كانت كثيرة العدد وشرسة.

في بداية آبء قرر قائد المغول تحشيد جميع قواته لشق هجوم
شامل ضد دفاعات ميزوكي. أرسل سفنه لجمع قواته المنتشرة على
الجيش بالبقاء على متن السفن الخاصة بهمء التي كانت راسية قبالة
جزيرة تاكيشيما (جزيرة هوك)» حتى يوم الغزو المكثف. كانت أعداد
اليابانيين في حينها قليلة للغاية لدرجة أنهم لم يتوقعوا أن ينجو أحدهم
من هجوم آخرء خصوصا إذا كان على شكل ضربة مركزة من جانب عدو
متفوق عليهم كثيرا.

ولكن عندما يصطدم حتى الخصم الأقوى بالقوى التدميرية الهائلة
التي تحملها الطبيعة» فإن رائحة الموت النتنة تغزو المكان. لقد استطاع
ذلك اليوم المشؤوم (الخامس عشر من آب 1281) أن يغيّر التاريخ
وأضاف يي | ديا إلى لغات العالم وهو كاميكازي ١!‏ 1211111226 فى
لحظة حاجتهم القصوىء وقف حظ الحرب المتقلب مع اليابانيين: وحين
تقرر البدء بالهجوم المغولي في فترة ما بعد الظهيرة كان الإعصار قد بدأ.

تفاقمت شدة الرياح في المحيط الهادئ لعدة أيام» وبدأت ترتفع
فوق ذلك المحيط شديد الحرارة» كميات هائلة من الأبخرة من سطحه.
الإعصار القاتلة. كانت التيارات النفاثة المتغيرة باستمرار فى الغلاف
1- كامي تعني «الإله؛ أو «الرب» وكازي تعني «رياح» هي كلمة يابانية» تترجم عادة

بالرباخ المقدسة أو الوتاح الإلهية» وهي كلمة تستخدم للإشارة إن إعصار يقال

إنه أنقَذ اليابان من غزو الأسطول المغولي بقيادة قبلاي حان في 21 1. . في اليابان
يستخدم الاسم «كاميكازي») للإشارة فقط لهذا الإعصار. المترجم.

67

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الجوي العلوي تدفع بالعاصفة في اتجاه شمالي غربي باتجاه مضيق
كوريا. صل هذا القرص الدوار إلى اليابانك في وفت متأخر بعد ظهر
يوم 14 آب. في الوقت نفسه تقريباً الذي كان يتوجه فيه أسطول التتار إلى
الشاطئ لإنزال قواته» ازدادت قوة الرياح» واشتد هيجان البحر. وجدت
بعض السفن الكبيرة أنه من المستحيل الوصول إلى نقاط النزول الخاصة
بها عن طريق الإبحار» وكان يتعين سحبها بواسطة زوارق التجديف؛ وجد
آخرون أنفسهم موتى في مواجهة مهب الرياح في قناة تكون المناورة فيها
شاقة للغاية» وخاصة حول الساحل الرملي البارز من نقطة شيغا. وكانت
هناك مئات من السفن قد انحشرت بالفعل في البحيرة» الضحلة في حين أن
المزيد من السفنء التي كانت تواجه تياراً قويأء سرعان ما ملأت المدخل
الضيق في الخليج. وكانت السفن الأقرب إلى الشاطئ قد مدت الألواح
الخشبية لنقل الرجال والخيول إلى قوارب إنزال أصغر عندما بدأت أولى
العواصف. بدأت أمواج البحر تتلاطم. وحدق القباطنة الصينيون في
السماء وحاولوا تحذير أسيادهم المغول من الخطر الذي يلوح في الأفق.
لكن محاربي البر لم يكن لديهم أي فكرة عن غضب الطبيعة ورفضوا
الاستماع إلى البحارة. كانت أولويتهم هي إنزال رجالهم على الشاطئ من
أجل القيام بالهجوم المخطط له.

اتسعت شدة الرياح» واكتسحت موجات أكبر 3 الضيق للمدخل.
وتمايلت السفن حولهء تشدها حبال المرساة. تحولت السماء إلى
كتلة سوداء من الغيوم المتشابكة» تمزقها إرباً ومضات القصف الإلهي
البنفسجية والبرتقالية. ومن خلال سواد الأفق» كان الخط الأبيض
الرقيق ينساب على السفن عند المرساة» ممتداً إلى أقصى ما يمكن للعين
رؤيته؛ كانت أول موجة وحشية» وقد خلفت البحر وراءها مثل مرجل

من الماء المغلي. ووسط قلقهم من الابتعاد عن المياه الضحلة والشعاب
المرجانية. رفع القباطنة أصواتهم لإصدار الأوامر ؟ شق البحارة طريقهم
من خلال حبال المرساة. مع هدير المياه المليئة بالزبد وهي تتدحرج

-68-
1131لا 0130م هذع ]آلا

فوق المياه الضحلة؛ واللسان الرملي» ومن ثم إلى الخليج. وقد التقطت
في قبضاتها العملاقة العديد من السفن الصغيرة وحطمتها ورمتها على
الصخور. كانت الموجة تصطدم بمنحدرات الصخورء ثم تعود من حيث
أنت: كانت الأمواج المتلاطمة بقوة تلقي بالسفن وكأنها حطام عائم. وقد
وقع كل شيء وسط دوامة العاصفة. حتى أكبر السفن كانت تبدو مثل
الألعاب الصغيرة وسط الأمواج الهائلة. غمرت أطنان من الماء المراكب
وجعلت أسطحها نظيفة. اهتاجت الخيول وقفزت إلى البحرء وأمسك
الرجال بالحبال فقط لتتهشم أجسادهم على جوانب السفن. كانت
صواعق البرق تظهر باستمرار وتضيء مشهداً غير عادي» حيث يظهر
الأسطول البحري الضخم وهو يتداعى وسط غضب الإعصار”".

تم اكتشاف مئات السفن التي نجت من الهجوم الأولي داخل مصب
لا يوجد به مجال للمناورة» غاصت السفن التي غمرتها الأمواج الهائلة:
في القاع أو تداخلت مع بعضها البعض. كانت الأشرعة متشابكة:
والصواري مقطعة» والحزم متشققة» وتم سحب السفن والناس من
دوامة البحر.

وساد الذعر والإرباك بين أولئك الذين رمتهم الأمواج على الأرض
لقد أمسكت بهم الأمواج الوحشية التي غمرت الشواطئ الضحلة»
وأعادتهم مرة أخرى إلى المحيط.

استمر غضب الإعصار بلا هوادة طوال الليل» وفي اليوم التالي»
مع خيط الضياء الأول» حاولت السفن التي نجت بأعجوبة من ليلة
رياه اللخروج امن بصي النهن. كانت لديها فرصة واحد في المئة»
لأنه ببساطة كان هناك الكثير من السفن والكثير جداً من حطام السفن في
قبضة تيار قوي» والذي كان يسحبهم لامحالة نحو الممرات الضيقة. في في
ظل هياجها للهروب من أمواج الغليان» حطمت السفن بعضها البعض»
أو انفصلت عن الصخور المغمورة بالماء» أو تقطعت بها السبل على

1- تتعلق بمخطوطات مصورة رسمها الفنانون في تلك الفترة.
-69-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

و ع وت اي وه
الرجال والبهائم المشوهة بشكا رهيب. . أما أولتك الذين 'وجدوا لهم
افر در :للش لديا لكلل لجاع قر عرق

١ك‏ كتملت الكارثة. ولم يحصل ضحاياها على قبر يضم رفاتهم.

ارتفعت العاصفة من جهة الغرب وتجمعت السفن كلها في مدخل
الخليج. كان المد يتحرك بقوة ويضع السفن بلا مقاومة في قبضته. عندما
تقابل الجيشان عند مصب النهرء وقعت كارثة مروعة. كانت المراكب
مزدحمة. وكانت جثث الرجال والأخشاب المحطمة تتجمع معاً فق
كتلة صلبة ولكي يتمكن الشخص من المرور من نقطة واحدة على
الأرض إلى أخرى كان عليه السير على كتلة من الحطام. كانت السفن
المدمرة تحمل 100 ألف رجل من جنوب الصين. كان هذا هو وصف
الكارثة التي ذكرها كتاب تاريخ كوري معاصر”".

نجع بخص الناجون” فى الوصول إلى جزيره ة تاكاشيما. وقد فقدوا
معظم أسلحتهم. وغرق معظم قادتهم. هاجمهم القائد العسكري الياباني
شوني كاغاسوكيء الذي كان يقود الساموراي الشرسين من داي ميو©
من منطقة خردين وم يقتل منهم سوى ثلاثة آللاف فقط. م موت
جنرالهم الأخيره تشانغ باك انتهى غزو المغول العظيم. كانت النكبة
كبيرة لدرجة أن قوبلاي خان فقد رغبته في مزيد من المغامرات من هذا
النوع. . توفي قوبلاي خان في عام 1294. وخلفه تيمور خان الذي تخلى
عن كل المحاولات الأخرى لغزو اليابان.
0 اليابان» وتوافد مؤمنوها إلى باهم لتقديم الشكر. كان

ل الحقيقيون هم الآلاف ممن ضحوا بأنفسهم. من الساموراي
1- كتاب من تاريخ اليابان: الغزو المغولي.

2- التسمية التي كانت تطلق على كبار الزعماء الإقطاعيين في اليابان منذ القرن ال12م
وحتى إصلاحات فترة مييجى مييجي. المترجم.

-770-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المجهولين الذين قاتلوا الجحافل الهمجية لمدة سبعة أسابيع طويلة
والإرادة الحديدية للشوغون القائد توكيمون"»؛ الذين أنقذوا استقلال
اليابان الوطني. لكن الكهنة ادعواء وكان لهم بعض المبررات» أن
إمبراطورية الشمس المشرقة قد تم إنقاذها من قبل إله الطقس. لم ينس
اليابانيون أبداً أسطورة العاصفة المعجزة ة. وقد عزز ذلك من إيمانهم بأن
آلهة الشنتو حمت أراضيهم. وعلى شرفهاء أطلقوا عليها اسم «العاصفة
الكاميكازية» والتي تعني الرياح الإلهية.

إن المعجزة التي حققتها اليابان من خلال غضب الطبيعة» فى ذلك
اليوم من عام 1 كانت لها عواقت بعيدة المدى النسة لاسا ققد
أصبحت القوة العسكرية الوحيدة ذ فى الشرق الأقصىء. التي كانت قادرة
على موازنة التوسعات القارية للصين» وأبقت بلدهم منيعاً خلف أسواره
البحرية المحصنة. وهكذاء أصبحت اليابان أمة تعيش في عزلة. لسبع
قرون أخرىء فإن البحار المحيطة بإمبراطورية الشمس الصاعدة أبقتها
مصانة» وكان لا بد أن يكون هناك غزو أجنبى واحد آخرء أو هبوب آخر
للكاميكازي أو للرياح الإلهية. ْ

وسيحصل هذا الحدث بعد ست مئة وثلاثة وستين سنة.

1- توفي توكيمون في عام 1284 وخلفه في القيادة ساداتوكي ابنه البالغ من العمر أربعة
عشر عاماً.

3/1

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

م ا 606060ا6ا6ااااا 0

ومرحم أ م8 51020160

. 404

اي 6 56 اانه مولانا860 وأا 06 هوام

وان 16 2
06 8
© هأولة ©
هاازلا ول 60:61 0
6

ع

2664 ه06 وعوام

2 لةطأنا وأدحغه مهدع الا

ليلة أمطرت السماء فوق باريس
9 ثرميدور؛ السنة الثانية (27 تموز 1794)

المطر يمثل ثورة مضادة!

داز ل تومتو البراة
(1754 - 1838)

طوال اليومء, كانت السحب تحوم بشكل منخفض فوق باريسء» كان
يونا ضننا حارا ووظ ا كه عيورت فى الج إلجادة بعاد ويام الورة
الفرنسية. كانت شائعات الأحداث الخطيرة تنطلق من المؤتمر الوطنى
(الجمعية الوطنية): وتسير على طول ممرات المديئة الداغغلية إلى أكواخ
حقيرة نتنة تقع في الضواحيء التي تمثل مصادر الاضطرابات الدائمة»
والتي تعج بالأطفال العراة والعجائز الشمطاوات النكدات اللواتي جعلهن
البؤوس يصبحن عجائز في وقت مبكر. طريدة كبرى... هناك طريدة كبيرة
اليوم. طريدة لا تشير هذه العبارة إلى وجبة لذيذة من لحم الخنزير أو الأيل»
بل تعني أن شخصاً مهماً على وشك أن يفقد رأسه . ومنذ شهر نيسان» عندما
تم اقتياد «دانتون الدنيء) - قبل سقوطه كان يعرف باسم «دانتون العظيم) -
إلى المقصلة؛ لم تحصل أية حادثة ذات أهمية ممائلة. » في الأشهر الثلاثة
الأخيرة» ذهب الآلاف بهذه الطريقة» لكن جميعهم كانوا من الأرستقراطيين
وأعداء الكووة: فيك الحشود بالتجمع حول ما يسمى 121215015-566110825»
وهي قاعات التجمع في كل حي من أحياء المدينة الثمانية والأربعين.

1- كان ثرميدورء يمثل في التقويم الثوري» شهر تموز.

-73-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

بدأت الأكواخ تخلو من الرجال المتجهمين وزوجاتهم البشعات
بالقدر نفسه. 169ل 19 4 5ن10» كان الجميع في المدينة!ء ومثل ينبوع
ماء تغذيه النهيرات الصغيرة المتفرعة من نهر عظيمء كان هذا هو الحال
مع حشود باريس. كان الطوفان البشري يتعاظم؛ لا أحد يويك أن تنوه
الإثارة» على الجميع أن يكونوا جزءا منه. وبدون وجود أي زعيمء كانوا
يجتمعون من كلا جانبي النهر. وكانوا يسيرون عبر جسر نهر السين. ليس
هناك من نسيم يحرك الهواء. كانت درجة الحرارة ترتفع. كان هناك المزيد
والمزيد من الضغط في بلدية باريس» والناس يصيبها الإغماء جراء تدافع .
الخ المتعرقين: قيما كانت السيفب الواكة جيه على الأطراقت:

في غضون ساعات قليلة سوف تصل هذه الغيوم إلى وسط المدينة»
وسيغير عنف هطول الأمطار التاريخ. هذا شيء لم يكن يدركه الالاف.
الذين تجمعوا أمام لا ميزون-كومون. قاعة مدينة باريس في ساحة بلدية
باريس7» في هذا اليوم القائظ المصادف 27 تموز 1794.

لقد فتحت الثورة الفرنسية الأبواب أمام الشخص العادي ليرتقي
بوضعه الاجتماعى. أصبحت الميزات الشخصية؛ وليس الأصل العائلى
أو النفوذء هو القانون الجديد للرقي. .وقد اختار مام شاب من مديئة
أراس يدعىء ماكسيميليان ماري إيزيدور روبسبيير» طريقه بحكمة. من
خلال تجنب الكمائن والفخاخ بمهارة» وبذلك تسلق للوصول إلى قمة
السلطة. ولتحقيق هذا كان الآمر يتطلب أكثر من الصفات العادية. لا
يمكن للتاريخ أن يرفضه كونه وحشأء أو متعصباً دون صمات مميزة. إذا
كان قد أراق الكثير من الدماء» فقد حدث هذا في خضم كفاحه المهووس
عن الفضيلة» ومن أجل إنجاح الجمهورية الشابة. حتى إن نابليون ذكر أن
روبسبيير كان كبش فداء للثورة. عندما يحكم عليه التاريخ» قد يجد أنه
ليس أسوا من الثوار المشاركين» بل على الأرجح هو أفضل من الكثيرين.

في 7 تموز 2.1793 حل روبسبيير محل غاسبارين يي المؤتمر
1- يقع في مكانه اليوم فندق دي فيل.

-74-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الوطني البارز والذي كان يعاني من وعكة صحية كعضو دائم في لجنة
السلامة العامة أو المجلس التنفيذي"» حيث بدأ بذلك قصة صعوده إلى
السلطة. سرعان ما تمكن من إسكات منافسه الأكبر» جورج دانتون.
وحصل الخلاف بين الرفيقين السابقين في الثورة بعد اغتيال جان بول
مارا بفترة قصيرة في صالون يقع في منزل رقم 398 في شارع سانت
أونوريه©. حيث كان يمكن من هذا المكان الشرير» وبجرة قلم» إزهاق
حياة الكثير من الناس. في إحدى ليالي عام 1794» اقتحم دانتون المكان
وصاح: «يريد أصدقاؤك قتلى!».

فرد عليه روبسبيير ببرود شديد: «وأصدقاؤك يريدون قتل
الجمهورية!).

القد أسسنا المحكمة الثورية كأداة حماية» وقمت بتحويلها إلى أداة
للذبح بلا تمييز. استخدمت قذائف المدافع في ليون» وألقى جزاروك في
مدينة نانت بالناس في نهر اللوار. كل الذين وقفوا ضدك. ماتوا!».

ارد نسمت على وجه روبسبيير ابتسامة رقيقة: «لكنك مخطيع. والدليل
على ذلك هو أنك ما زلت على قيد الحياة»)©.

لم يمر وقت طويل. حتى سقط دانتون ميتأ مثل جميع الآخرين؛
ضحية ل «النزيه )). ونجح روبسبيير في هذا ببساطة عن طريق مدع
ا لمتهم من حق الدفاع عن نفسه! بناء على اقتراح من لويس أنطوان دو
سان - دوء الذي كان يعتبر ظل روبسبيير الشرير تقدم بمقترح إفرار
١قانون‏ 22 بريريال»7) من خلال الجمعية الوطنية. لم يسبق على الإطلاق
سن مثل هذا القانون المتعسف. فقد تجاهل كل سلطة للقانون» وسلمها

1- تم إنشاء لجنة دي سالو قبل ثلاثة أشهرء في 6 نيسان 1793. وتم إلغاؤها في كانون
الأول 1795.
2- توجد اليوم في موقع مقهى روبسبيير.
00-3 اجع : عخطءتطعوععغاء 177 ععل عطع ةمدع ,دداء/1ا.
4- لقب روبسبيير. المترجم.
5- قانون قوّض حقوق الإنسان. المترجم.
دوك
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إلى هيئة محلفين حزبية تصدر أحكام الإدانة بدون دليل أو محاكمة . كان
الاتهام مساوياً للإدانة! لم يكن أحد مستثنى من ذلك» وشمل ذلك أعضاء
المؤتمر الوطني. خاك هذا القانو نتكواً ل ل
روبسبيير وخلق قاعدة لسلطته». حاول عضو المؤتمر الوطني غيوم منع
تمرير هذا شري فقن يرا سان ار علحد قل اتوي الوا
سمحنا بتمرير هذا القانون «لن يبقى شيء بالنسبة لنا لنفعله سوى تفجير
أدمغتنا». صرخ بوجهه اليعاقبة» واقتيد إلى المقصلة.
خلق هذا القانون جواً من الإرهاب» وتسبب في تدفق المزيد من
الدماء. وأصبح فوكيه تانفيل» المدعي العام» هو الأداة التي يستخدمها
القانون» وأصبحت المقصلة هي آلة التتسلب أصبح الخامس من نيسان
عام 1794» وهو اليوم الذي اقتيد فيه جورج دانتون مع أصدقائه المقربين
وأنصاره إلى المقصلة؛ إشارة إلى بدء موجة الإرهاب الكبير. على مدار
الأشهر الثلاثة التالية» عانى 2085 شخصاً من مصير مماثل. لم تعد
محكمة الثورة مكاناً للعدالة بل كانت قبواً تحفظ فيه الجثث. فقد المدعى
العام وأعضاء هيئة المحلفين المساعدين كل حس للعدالة» وحتى أي
شعور بالإنسانية. تم منع أمّ من إرضاع طفلها وتم أخذه منها من على
المنصة؛ قامت أخرى بتسليم طفلها الرضيع وهي في الطريق إلى تنفيذ
حكم الإعدام بها. قالت إحدى ربات البيوت إنها تريد ا (101160
بالفرنسية) وتمت إدانتها لأنهم سمعوها تقول (0: بالفرنسية) ومعناها
ملكة. وقد ماتت حينها. وعندما استنكر فليوري» وهو رجل متقاعد
الظلم الذي وقع على ابنته» والتي اتهمت عن طريق الخطأ بالتعامل في
الوق الشؤداء ضاع يه فويه تالفيل: «هذا الرجل في عجلة من أمره».
ا ا ل
س الرجلء مع باقي أفراد عائلته. كان لا بد من حفر مزراب خاص
3 سمه للسماح لأنهار الدماء بالتدفق إلى المجاري» بسبب كثرة

1- كان هذا أول قانون يتم رفضه... بعد إعدامه.

-76-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

أعمال الذبح التي كانت تنفذ يومياً. وبالنسبة لهذه المجزرة الفظيعة»

أصبح روبسبيير» الذي كان شعب باريس يهتف له ويصفه بالنزيهء هو

المسؤول عنها «هولاء الأوغاد كانوا متعطشين للقتلء ولا يطلبون شيئاً

سواه. وها هم يحملونني المسؤولية عنه!».
بعد ثلاثة أشهر من عمليات الإعدام اليومية» كانت الغالبية العظمى

من الباريسيين يتوقون لإنهاء الإرهاب. وهكذاء كانوا يشيرون إلى سقوط

روسسير. إنه درس في التاريخ يشير إلى أن الجماهير ستقبل بأي شيء

طالما يتم إعطاؤها شيئاً في المقابل يجعلها تفقد ذاكرتها عن الحرية.

لكن المقصلة كانت تنتصب هناك» بطولها المرعب والمخيف. كتذكير

يومي بالقمع الديكتاتوري.
وسط الحر الخانق لشهر تموز 1794» كان من الواضح أن اليعقوبي

روبسبيير لن يعمر طويلاً بوجود الجيروندان الذين أسقطوه في حزيران

3. كان جوزيف فوشيه القوة التى تقف وراء ما عرف بالمؤامرة

العقلم فى ؟ الك سقون لكر كان ساق سو ميك فك قال تذاض مزة عن قر شه

إنه يريد #جعل الحرية مومساً». أطلق الرجل الذي كان سيصبح دوق
أوترانتوه ورئيس شرطة نابليون المثير للخوفء تعبير النزيه وبعد أن
شاهد روبسبيير يتسلق إلى قمة الهرم بعد أن تبنى مفهوم الربوبية© «لقد

اخترع الله لكي يصبح كاهنه الأعظم».
انضم جان لامبرت تالين» وقد كان رجلاً دنيئأء وفساده فاضحاًء

إلى المؤامرة. عندما تم اعتقال هيثيا كاباروس» عشيقة تالين الجميلة

(مع صديقتها المفضلة» جوزفين دو بوهارنايس» الزوجة المستقبلية
لنابليون)» عرف أنه لن يجد شفقة في القلب الحجري ل (النزيه). وفقط

1- الشهر التاسع من تقويم الثورة الفرنسية. المترجم.

2- مذهب فكري لا ديني وفلسفة تؤمن بوجود خالق عظيم خلق الكون وبأن هذه الحقيقة
يمكن الوصول إليها باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي وحده دون الحاجة إلى
اىاقين: المتري :

0

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إسقاط روبسبيير يمكن أن ينقذ عشيقته. كان بول باراس أحد المتآمرين,
مثل كولوت دي هيربواء «جزار ليون»؛ و«ابيلود فارين»؛ الذين «يقومون
قال روبسبيير في تصريح له يشبه إعلان الحرب على نوابها المنتخبين:
«لم يعد المؤتمر الوطني الموبوء بالفساد يمتلك سلطة إنقاذ الجمهورية»...
ولو تصرف روسبييم في الوقت المناسبء وابتعد عنهم كما فعل مع منافسه
دانتون» لكان قد أنقذ حكمه. 0 من ذلك» كان ينتابه التردد والخمول.
حاول القديس جوست عبثاً أن يبعث فيه الإرادة لضرب أعدائه. لك
روبسبيير» الذي تغلب عليه الوهن يسبب اله شمتزاز من أنه» النزيه» عومل
على الفور بقسوة شديدة من قبل أعضاء المؤتمر الوطني الفاسدين» فشل في
الاستجابة لنداءات القديس. حتى اليوم الذي وقع فيه مذكرة الوفاة الخاصة
به عندما خاطب المؤتمر الوطني قائلا: ١إننا‏ نؤكد وجود مؤامرة ضد الحرية
العامة. وهى تستمد قوتها من التحالف الإجرامي الذي يتأجج في حضن
المؤتمر الوطني. حتى إن هذا التحالف لديه شركاء في لجنة السلامة العامة؛
وإن بعض 5-6 ررد 9 هذه المؤامرة». علت الصيحات 00
ا ا ا ا
هؤلاء المفترون». هذا التلميح زرع الخوف في قلوب أعداته اللدودين.
كانت لديه قائمة! فمن كان فيها؟ أثار فوشيه. الرجل الذي يتحرك خلف
الكواليس» كرك بين العديد من النواب بأن أسماءهم كانت موجودة في
تلك القائمة. فقفز بوردون دو لويزء الذي كان مقتنعاً بأن اسمه كان على
را القائمة» قائلا: اايجب توضيح مثل هذه الاتهامات!») عندها حاول
روبسبيير الإجابة» لكن المتامر كامبون أسكته قائلا: ايجب إخبار المؤتمر
الوطني بالحقيقة. هناك رجل واحد يريد أن يقيد إرادته». ووسط الصمت
المفاجئ الذي أعقب ذلكء أشار بإصبعه قائلاً: «هذا الرجل هو روبسبيير!».
صرخ بيلاو فارين: «مزقوا القناع!» سادت الغرفة حالة من الجنون:
-78-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

(القائمة! أغطونا القائمة!4» تشبحي وجه وويشييرة كان يتوق لشو عن
هواء. وتعثر في وسط الغرفة؛ توجه إلى نادي اليعاقبة ليخاطب أنقادة
المخلصين؛ وأعلن رداً على هتافاتهم المسعورة «سنطهر المؤتمر الوطني
من هؤلاء الأوغاد الفاسدين». لقد خسر الجولة الأولى» لكن ليس
الجر كةة دا سركوق يوام ا ربو قدا سينيد قور الوه رقن تيتا كان
يعود إلى مسكنه؛ قابل مالكته» السيدة دوبلاي؛ عند عتبة الباب. نظر إلى
السماء: وقال «غداً سيكون يوماً رائعاً». ولكنه لم يكن يناقش حالة الطقس.

وبينما كان فوشيه وعصبته من المتآمرين يهيئون ساحة المعركة لليوم
التالي» كان روبسبيير يذهب إلى النوم؛ بعد أن ترك لسان جوست مهمة
التخطيط لهجوم التاسع من ثرميدور. لم تكن المهمة سهلة؛ فقد كان على
سان جوست مواجهة عضو مؤثر في لجنة السلامة العامة وهوء لازار
كارنوء الذي اتهمه صراحة بتدبير مؤامرة ماكرة. أجابه سان جوست بشكل
خبيث: ااسوف أتصرف معك بطريقة متقنة». ربما كان قد فعل ذلك» ولكن
بالنسبة لفوشيه» فقد تفوق ببراعة على الثلاثي سان جوست»ء وروبسبيير
وكوتون» حينما قام بترشيح أحد شركائه في المؤامرة وهو كوليت دي بيغوا
كرئيس للمؤتمر الوطني في الجلسة الحاسمة.

في التاسع من ثرميدور في السنة الثانية (الذي يصادف 27 تموز
4 لم يكن الطقس على الإطلاق كما توقع روبسبيير. كانت السحب
تتجمع فوق المدينة وكانت الرطوبة خانقة. افتتح المؤتمر الوطني
جلسته في تمام الساعة الحادية عشرة. كان اليعاقبة قد ملؤوا قاعات
المبنى بحشود من مؤيديهمء الذين هللوا بشدة عندما وصل روبسبيير»
في معطفه الأزرق المخضر الشهير وبنطاله الأصفر» في وقت مبكر
برفقة سان جوست وكوتون. وبينما كان وائقاً من فوزه الوشيكء فقد
لوّح إلى أنصاره. ذهب سان- جوست إلى المنبر لشن الهجوم الأولي»
ولكن قبل أن ينتهي من أول جملة له. دفعه تالين بوحشية جانباء ولوح
بخنجر كان يحمله (وهو ما زعم أنه أرسل إليه من قبل حبيبته تريزا):

-79-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ردد على الفور بقية المتآمرين «أزيحوا الستار). وخاصة من قبل بيلود
فارين» الذي صرخ قائلاً: «يحاول اليعاقبة قتل المؤتمر الوطني!» ومن
وسط الارتباك والاضطراب الذي ساد داخل القاعة. تقدم تالين نحو
روبسبيير. فوجئ (النزيه) بالأمرء وحاول الكلام؛ لكن صوته خانه. «دم
دانتون يخنقه» صاح تالين. عندما فتح روبسبيير فمه» لوح المتآمر كولوت
دريبواء بجرس الرئيس» واستخدم صوته ليمنعه من الكلام. ووسط
الهرج والمرج صاح صوت أجش: لايا زعيم القتلة أنت لن تسمعني!)
قبل أن يغيب صوت روبسبيير بشكل مؤلم. نظر إلى النواب من حزب
الجبل”" لكنه لم يرَ سوى الذهول. وخاطب نواب حزب السهل2» فكان
يهيمن عليهم العبوس. ثم صعد فجأة لوشييه» وهو نائب لم يسبق له أن
أظهر أي مبادرة أو شجاعة: وقال: «أطالب باعتقال الخائن روبسبيير!»
للحظة لم يكن هناك سوى صمت الصدمة» قبل أن تسود القاعة مظاهرة
صاخية. عندما حاول روسبيير التحدث» صرخ عدد من النواب بصوت
واحد: «دع دماء دانتون النبيلة تخنقك !).

ارتمئن. ووتسبييز في مقعده.» شاحب الوجه ويتعرق. فقط سان
جوست حافظ على هدوته. تلا الرئيس الأمر الذي تم إعداده مسبقاً
لاعتقال ماكسيميليان روبسبيير واعصابة من الأو غاد». تم اقتياد (النزيه)
من القاعة من قبل اثنين من رجال الدرك. وتمتم قائلاً: «الجمهورية
ضاعت. وقطاع الطرق انتصروا».

مع جاح بعادت في القصر. وتوفيف روبسبيير» وسان جوستء.
وكوتون» اتخذ المؤتمر أكثر القرارات جنوناً في تاريخ الثورة: توقف
لمذة شاعتين لخرض'تتاول: الحشات. انتقل التوتر الذى امنتحوة حل
الور الوطني. بسرعة إلى الأحياء الشعبية في باريس. ففي حين
خرجت حشود من القاعة إلى جميع أنحاء باريس لجمع الدعم لقادتها
1 - أنصار روبسبيير. المترجم.
2- كان هذا الحزب يتبنى موقفاً معتدلاً. المترجم.

-80-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المعتقلين» بعث نادي اليعاقبة رسلاً إلى أقسام المدينة لتجميع «مجاميع

من الرجال والنساء الأقور ياء») في 2111106 - 1215011[ 2[ ع0 ع2120.
قصر لاميسو كومون وبمساعدة من مدافع الحريق الوطني؛ وزعيمه»
هنريوت» سوف يواجهون هذا المؤتمر المتمرد قريباً.

كان فرالضوا هنريوت. الجنرال في الحرس الوطني في باريس» في
العادة شخصاً ثملاً ومتنجيا ...زد احياته العسكرية» كخادم لضابط فر
من البلاد» قبل أن يصبح قاتلاً مأجوراً يعمل لصالح مارات . في 2 حزيران
3+ وبناء على طلب مارات» قام بجمع الحشود لاقتحام المؤتمر
الوطني؛ وإلاطاحة بالجيرونديين» وتثبيت م اليعاقبة. وبعد بضعة
أيام» مات مارات» وسرعان ما حول هانيوت ولاءه إلى رويسبيير. وبسبب
خيانته» تم تسليمه قيادة الحرس الوطني. في الليلة التي سبقت 9 ثرميدور
كان كل اكد كههنا اروتسيي أله ميرنةه أسلحته نحو المؤتمر الوطني
«وينسف هؤلاء الخونة ويذهب , بهم إلى الجحيم' . ثم توجه إلى أقرب حانة
ليسكر فيها عندما عثر عليه أصدقاؤه أخبروه بصدور أمر إلقاء القبض عليه
فقفز على حصانه وراح يعدو به» وتناول سيفه وصرخ بشدة «سأقتل كل
النواب!» واتجه إلى حديقة التويلري» حيث تم إنزاله بشكل فظ من فوق
حصانه؛ وتقيبده وإلقائه في غرفة للتخزين. وبمجرد أن سمعت الكومونة
باعتقاله» ذهب 200 رجل مدججين بالسلاح لإنقاذه. وحطموا أبواب
مبنى المؤتمر الوطني وأطلقوا سراح هنريوت» الذي كان ما زال في حالة
سكر وغير متوازن. وبدون أوامر محددة» حمل الرعاع المسلحين «قائد
الكومونة المحرر» إلى عربة قريبة ثم غادروا المكان» لكنهم لم يلحقوا أي
ضرر بالنوابء الذين كانوا قد عادوا بعد عشاء لطيف. خلال هذا الارتباك»
اعتزل فرانسوا هانيوت» مرة أخرى في مسكنه في شوفال فير.

تمكن لازار كارنوت والذي كان قد سيطر على لجنة السلامة العامة
من روبسببير المخلوعء أن يواجه بالفعل أي تحرك ممكن من هنريوت
والكوميونات من خلال إصداره أوامر لرجال الدرك الموالين له بحراسة

-81-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

قانن الدعيرة وقد أرسلٍِ 000 00 المسلحين 0 إلى
و اس ندري ساية اد دوك جز بيدلا لاعن ٠‏ وقد
سمح له محتجزوه بالرحيل» بعد أن لم يتلقوا أي أوامر محددة لاحتجاز,
لفترة أطول وعلى الأرجح بسبب الرعب من قبل الحشود المتجمعة.
ار 0 بسرعة ره لغرض عو امود بإعلان ؛ روبسبير
تقال فوريً ويم إعدامه بدوث محاكمة. . تم تعبين بول باراس؛ العضو
فى المؤتمر الوطني» مسؤولاً عن تنفيذ القرار. وأرسل أعضاء المؤتمر

الوطني إلى مختلف مناطق باريس لتلاوة المرسوم. أظهر المرسوم تأثيراً
فورياً. ل ل ل
كله سه القتيراء طلى اكه وضينها احفر وبساء) لوقا عاك ووه

تأرجح في الموقف العام» بسبب الحيلة الذكية بجعل روبسبيير خارجاً
عن القانون» أعلنوا في النهاية وقوفهم إلى 0
استنكارهم بصراحة لإرهاب رويسبيير. 0 ال
هنريوت عزيمة أكبر. فقدل قاموا جنا الو جنب مع الآلاف من الناس
البسطاء؛ بمسيرة في ساحة قصر البلدية» والذي كان معروفاً أكثر خلال
الأيام الثورية باسم 0:11:26 - 1/1150 12 6ل وءهاط. بحلول الساعة
العاشرة مساءء ودون انتظار تعليمات من قائدهم. تم نصب اثنتين وثلاثين
قطعة من المدفعية على الطرق المؤدية إلى ء//171 6 870161 الذي يمثل
مبنى البلدية وعلى طول الأرصفة. . في ذلك الوقت. لم يكن جميع أعضاء
المؤتمر تمر الوطني قادرين على إصدار الأوامر إلا لسرية واحدة من رجال
الدرك» مسلحين بالمسدسات فقط. خلال هذه الساعات الحاسمة:
كانت الكومونة تحظى بتفوق ساحق فى المدافع - وهي ورقة رابحة
كان من المؤكد أنها كانت ستحسم القضية - إذا استطاعت فقط العثور

-82-

لا31طأ ا 01310123 مر هودع الا

على قائد لتولي المسؤولية! وفي حين كان المؤتمر الوطني يناقش أفضل
السبل للتعامل مع هذا الوضع المتفجرء ويعيش خلف أبواب مغلقة في
رعب مستمر من حشود الغوغاء في الشارع» تجمعت الغيوم العاصفة
فوق سماء المدينة.

أثناء كل هذه الفوضىء أين كان الرجل الذي تسبب في كل هذه
الإثارة؟ لم يظهر وجهه في قصر بلدية باريس» رغم أنه كان معروفا على
نطاق واسع أنه قد تم إطلاق سراحه. لقد فر عبر النهر وأخفى نفسه في
مقر عمدة الجادة الخامسة فى باريس. وللمرة الأولى فى حياته» كان
خائفاً يعاني من القلق وغير قادر على التوصل إلى قرار. ما هي فرصة أن
يحاكم هو وأنصاره بموجب قانون بريليريال الذي شرعه؟ كانت النتيجة
المؤكدة: هي الموت. هل ما زال يعتمد على إنقاذه في اللحظة الأخيرة
من قبل هنريوت وحرسه الوطني؟ وفي حين انفجرت باريس وكان أعضاء
الكومونة يبحثون عنه في جميع أنحاء المدينة» كان هنريوت مرتمياً فوق
إحدى الطاولات في فندق شوفال فيرد!" في شارع جيوفريه لاسنيه 16ا؟/
أءنودو4 :1 نز 06088. والذي يبعد مسافة قصيرة عن قصر البلدية» وهو
يشخر. وهذا لم يترك أمام روبسبيير أي خيار سوى أن يضع مستقبله بين
أيدي الغوغاء؛ أداة الإرهاب المخيفة لمارات. كل هذا أصبح يتوقف
الآن على رد فعل رؤساء الأحياء ورعاع الشوارع. ومع كل ما كان ينوء
بحمله وإدراكه الكامل أنه قد تم إعلانه خارجاً عن القانون» شق طريقه
إلى مبنى البلدية 1/1116 [1*17616. ووصل إلى هناك في حوالي الساعة
العاشرة والنصف مساءًء وتصرف بحذر شديد. لأنه لا يريد أن يربك
ا اح ل اند ارو 0
اك بلاس عزف والحكدر تقلت تفج جروا ارت لمن

دم تجميع كل عناصر الحرب الأهلية الشاملة. كانت جماعة

1 - وقد عاش دانتون هناك خلال زيارته الأولى إلى باريس.

-83-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الثرمودوريون في المؤتمر الوطني تحظىء بدعم من البرجوازية ونصف
أحياء المدينة» والنائب باراس وفصيله من رجال الدرك» وروبسبيير
واليعاقبة» ومدافع هنريوت1271104» وحشود الكومونة من رعاع باريس.
أصبحت ساحة قصر البلديةع0711717)-1215017// 12 0 2/206» التى توجد
أمام النوافذ المفتوحة لمبنى البلدية الذي يرفع شعار 0 والمساواة
6 هل هماوى» بؤرة لبث الإشاعات. وازداد بسرعة الغضب فى
المزاج السائد بين الحشود الغاضبة. رفع الرعاع رأسهم المع وتحطمت
النوافذ ونهبت المتاجر. تم تجميع كل مكونات الهيجان الثوري: لن
يحتاج ا إلا إلى اقل شرارة لوطلاق حمام دم. حوالي حتفت الليل»
ذكرت الأخبار أن العديد من قادة الأحياء قد بدؤوا يقفون جنب إلى جنب
المحصن. عندما وصلت هذه الأخبار الخطيرة إلى الحشود. بدأ العديد
من أولئك الذين كانوا يتتظرون دون جدوى لساعات رسالة من (النزيه)
بالتراجع. اندلعت المعارك والنقاشات» وبدأت المجموعات الأولى ف
التجول. ولو خاطب روبسبيير على الفور الجمهور من النافذة المفتوحة؛
على حين غرة وجدت باريس نفسها في قبضة عاصفة صيفية عنيفة".
ازداد هطول الأمطار بشدة. في عضون لحظات كان الغوغاء ينهارون.
كان الناس يسيرون عبر المطر المنهمر وهو يجلدهم مثل السوط متجهين
إلى منازلهم» ويخوضون في البرك التي غطت الرصيف. وقد تحولت
لازي إلى انهار. واجتاحت الممرات المؤدية من حي ماريه وضول
إلئ نهر السين سيولا -جارفة: اقتلعت حصى الرصيف وجرفت القمامة
وأغرقت الكلاب. ثم انسحب رجال المدفعية» وجروا مدافعهم خلفهم.
وقاموا بنقلها من خلال شبكة من الممرات المؤدية صعوداً إلى حى
ماريه؛ وهم يكافحون ضد سيل من المياه المتسارعة. تراقصت أشكال
لمت كا لوك ريه ري

1- راجع: عق أمدعطه]]! عل عرزماوز1] رأعميوكز بع

-84- 0
لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

غامضة وسط البرك وكانت تقفز من حجر إلى حجر وفوق الأنقاض
التي تم جرفها. حتى الفئران تركت المجاري الفائضة. أغرقت العواصف
الممطرة المفاجئة أمل روبسبيير الأخير. وعلى مدار ساعة من الإثارة»
تفككت السحب وألقت مليون طن من المياه على المدينة. عندما وقف
روبسبيير أمام النافذة ونظر إلى الأسفل نحو مبنى البلدية الذي غاص
بالماء وكان مهجوراً تماماء كان يعلم أن قضيته قد ضاعت. كان درعه
وهي الجماهير من أحياء باريس الموالية له قد تخلى عنه. وبحلول
الساعة الواحدة» كانت الساحة مهجورة تحاف لم يتمكن هنريوت.
الذي استفاق أخيراً من سباته المخمور؛ من تحديد موقع مدافعه. . دمرت
الأمطار الغزيرة حلماً ثورياً وأسقطت ديكتاتوراً".

ساد الهرج والمرج مبنى البلدية وصل كوثون المنكوب إلى المبنى
بعد منتصف الليل بقليل . وشكل مع روبسبيير لجنة الإعدامات,. 1/6رم)
01 جنا ل جنب مع سانت جوسء» عمل على إعلان يدعو
إلى المساعدة من الكومونة» موجه بشكل خاص إلى حي بيكيه؛ الذي
كانت تعيش فيه الحلقة المقربة من روبسبيير وجاء فيه: ' ١‏

كأت0 105 5081 21110165م كو[ 10105 ... أيها الأخو ة والأصدقاءء. إن
الوطن في خطر مميت. فقد سيطر الأشرار على المؤتمر الوطنىء وقيّدوا
روبسبيبر الفاضل بالسلاسل. !605نزم!1© 7:65:ئة 4 هيا لحمل السلاح !
الموت للخونة!

في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل» بينما كان روبسبيير
وكوتون يقومان بكتابة الإعلان» كان عضو المؤتمر الوطني بول باراس
يقوم بتحركاته. اقترب فصيل مؤلف من ثلاثين من رجال الدرك.
1- يقول مادلين: فجأة» ازدادت حدة المطر الذي كان قد هطل منذ الظهرء بشكل عنيف

مما تسبب في إحداث السيول. وهذا أعطى الحشد ذريعة للتفرق. لم يعد بإمكان

هنريوت تحديد مكان أي من مقاتليه. في النهاية قرر روبسبيير التوقيع على النداء

لحمل السلاح ولكن الأوان كان قد فات.

-85-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نع انادة ليونارد بوردون» من ساحة البلدية -11421500 2| ع0 معوام
وورررجرججه) بحذر شديد. كانوا يتوقعون مواجهة حشد ضخم ووجدوا
بدلا من ذلك ساحة مهجورة. اقتحم رجال الدرك بقيادة بوردون السلالم
الكبير ة في فين بلذية تازيئن+ وعندما اندفعوا حدر العاارم وجدوا
حوالى عشرة أشخاص تجمعوا حول روبسبيبر. كان الرجل نفسه يجلس
على كريس هيعد أزايدا التو فى كتابة اول تحرقين من امه في الإعلان.
صاح 00 الاستسلم» أيها الخائن». رد عليه روبسبيير وهو يصرح:
(أنت هو الخائن. لهذا ناطلة عليك النار». لقد تسبب الهرج والمرج
والفوضى التي أعقبت ذلك في إثارة واحدة من الخلافات الكبرى في
الثورة الفرنسية. من أطلق النار على روبسبيير”".

عندما اندفع رجال الدرك التابعون للمؤتمر الوطني الغرفة» أطلق
أحدهم وكان يدعى ميردا أو ميدا النار من مسدسه من مسافة قصيرة.
أصابت الرصاصة روبسبيير. اخترقت خده وحطمت عظم الفك. سقط
وجهه إلى الأمام» فوق المرسوم الذي كان قد بدأ للتو التوقيع عليه.
وتناثر الدم الذي كان يتدفق من فمه على الورقة التي كانت تحمل
الحرفين الأولين من اسمه 0 1 ... بينما سقط رأسه إلى الآمام©. وقام
أحد أقرب مؤيدي روبسبيير» وهو فيليب لوباس» بسحب مسدس من
حزامه. قام سانت جوسء وكان واقفا إلى جواره. بتمزيق قميصه وناداه
قائلاً: ايا أخي. أطلقوا النار عليّ!» لم يفعل لوباس سوى أن يسخر منه
قائلاً: «(ومك :1و2 أحمق ساذج)؛ لدي أشياء اكثر أهمية للقيام بها».

1- هذه واحدة من أكثر الأحداث التي نوقشت في الثورة الفرنسية. هل كان روبسبيير
من أمر بذلك؟ أم هل كان الدركي ميدا هو الذي أطلق الرصاص؟ إنه سؤال بقى دون
إجابة. حيث إن المشاركين في تلك الأحداث المثيرة لم يتفقوا أبداً على ما حدث
بالفعل في تلك الدقائق الأولى. فهل يصور روبسبيير على أنه رجل شجاع أو إنه مات

2- لا تزال الورقة موجودة؛ وفي الأسفل يوجد أول حرفين... 10 من اسم روبسبيير وهي
معروضة في متحف 0270278164. ادعى أحد رجال الدرك أنه هو من أطلق النار من
المسدس. لكن روايته لا يعتمد عليها.

-86-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

مع هذه الكلمات قدح زناد البندقية وفجر دماغه. وألقى أخو رويسبيير
الأصغرء أوعسقية بنفسه من إحدى النوافذ وتسبب في كسر ساقه.
كان هنريوت أكثر حظأ إلى حد ماء وسقط من نافذة على كومة عالية من
الروث. وبقي هناك لساعات» يغط في شخير عميق بسبب إسرافه في
تناول الكحولء قبل أن يستمع إليه أحد الدرك في صباح اليوم التالي.
أمسك [كوثن] وهو يعرج. , بسكين وقطع أوردته. قام أحد رجال الدرك
بإلقاء القبض عليه ورمى به على الدرج الرخامي الضخم. تدحرج
كوتون إلى الأسفل» وتكسرت عظامه وأخيراً تمدد هناك» فاقد الوعى.
تم وضع روبسبيير» الذي كان يغطيه الدم؛ وقد كانت ملابسه في حالة من
الفوضىء على سطح الطاولة؛ وألقي به في عربة مكشوفة» توجهت ت إلى

مبنى المؤتمر الوطني» حيث قام باراس بعرض درامي قاتلاً: «إن الخائن
روبسبيير في الخارج». وبعد هذا العرض وقف رئيس المؤتمر وأعلن:
«المكان المناسب للخائن والمتواطئين معه هو ساحة الثورة!» وهكذا
اقتيد روبسبيير إلى المقصلة.

لم يتم خوض المعركة الحاسمة للثورة الفرنسية في 9 ثرميدور
بالمدافع والحراب» ولكن بالكلمات» والخيانة» والخوفء ومفاجات
الطقس.

وجاءت النهاية في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم التالي» 28 تموز
4 . قام فوشيه بتأخير وقت الإعدام لإعطاء الباريسيين فرصة اليشهدوا
نهاية الغول». فى السادسة مساءًء تأرجحت بوابة قصر كونسيير جيري عند
شكها ووخلك عرية تقوذه] قاذثة حيو ل كانت نعود للسبية عامسون أو
«سيد باريس) وهو «الجلاد العام الذي ينفذ أحكام الإعدام» وقدغادرت
الشارع يحيط بها العديد من الباريسيين الذين يطلقون الشتائم وعبارات
السخرية. شقت القافلة طريقها المعروف جيدا نحو المقصلة» التي
كانت تلقب 100101052 2 فيا دولوروسا"» كانت كراهية العديد من

1- موجودة اليوم في ساحة الكونكورد. وتنتتصب المقصلة أمام مدخل حدائق التويلري.

-87-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الباريسيين حتى تلك اللحظة لا تعبر عن نفسها إلا عن طريق النظرات
والهمسات. ولكنهم الآن باتوا يعبرون عنها بالصراخ بصوت عال.
يسقط الطاغية!ء هكذا كانت تصيح بهستيريا الجماهير نفسهاء التي
كانت قبل أسابيع فقط تجئو على ركبتيها أمام هذا الكائن الأسمى.
كان [هنريوت]. ما زال مخموراً ومتكوماً وسط الروث؛ وتتدلى إحدى
عينيه من محجرهاء متمدداً قبالة [أوغستين] المتكسرة عظامه في العربة
التي تسير في المقدمة. وأجبر ماكسيميليان روبسبيير» وهو الشخصية
الأكثر جذباً للجماهيرء إلى الوقوف في العربة الخشبية الثانية» وتم ربطه
بالحبال لمنعه من السقوط. صفع مساعد الجلاد الحصانان النورمانديان
رماديّ اللون اللذين كانا مربوطين إلى العربة» وانطلق الموكب. وكان
رجال الدرك يوجهون مسار روبسبيير الأشعث الشعر بسيوفهم. كان
عبارة عن حطام إنسان منهك ومنحطء؛ يبصق عليه الناس» يجلله العار
والحقد من الجميع» ومجرم معروف في طريقه إلى المقصلة. كان لا بد
أن يتضاعف الألم في فكه المحطم كلما قفزت العجلات الخشبية للعربة
إثر دوسها على الحصى المتنائرة في شارع سانت أونوريه المؤدي إلى
ساحة الغورة).

توقفت العربة فجأة أمام مكان إقامة روبسبيير. أحضر رجل دلو
مملوء بالدم من المسلخ ورش به الواجهة الخارجية لمسكن عائلة
دوبلاي. كانت هناك تلك الحائكات البشعاتء وقد أطلق عليهن هذا
الوصف لأنهن كن يجلسن حول المقصلة وبشعور بالغبطة كن يراقبن
سفك الدماء وهن يقمن بالحياكة والآن يرقصن حول العربة وقد كن
مسرورات لقيامهن بسحب عجلاتهاء قبل يوم واحد فقطء وهى تحمل
اكثر من آلف من ضحايا روبسييير" كان الناس يتصرفون ليس فقط

1- من البوابة الرئيسية لمبنى لكونيجيريء عبر نهر السين
شارع سانت أونوريه إلى ساحة الكونكورد.
2 راجع : لاقطانانلك .0

على جسر نيوف. وعلى طول

-88- قطنا وأصوغممهذه الا

بشكل متعصب وغير متسامح» ولكن بقسوة لأجل التنفيس عن الكراهية
التي كانوا يحملونها. قفزت امرأة على جانب العربة» وضربت روبسبيير
في وجهه المليء بالضمادات؛ مما جعله يجفل» وصاحت به: «أذهب
إلى الجحيم» ترافقك لعنات كل الأمهات 5 فرنسا». وعند مفترق
طرق» توقف الموكب للسماح لجنازة بالمرور. كانت لإحدى السيدات
وح يدا دوي كلت يدها عدوا بجاء رجا روسسير غتها به
ربما كانت هي ضحيته الأخيرة2".

تجمع حشد من ثمانية آلاف شخص في ساحة الثورة. كان على
رجال الدرك استخدام حرابهم ليشقوا طريقهم عبر الحشود. كانت تلوح
فوق رؤوس الناس أداة روبسبيير الخاصة بالإرهاب, وهي المقصلة.
كان هناك اثنان وعشرون شخصا يجرون خطاهم الواحد تلو الآخرء
لمواجهة سامسون الجلاد ومساعديه. صرخ كوتن وتوسل» وتغوط في
سرواله. كان يجب دفع معظم الآخرين إلى المنصة الملطخة بالدماء.
وبدأت رؤوسهم تتكوم في السلال وألقيت جثثهم المدماة بلا مبالاة
من المنصة إلى عربات الموت المبطنة بالقش. كان سانت جوس هو
الوحيد الذي حافظ على كرامته حتى النهاية؛ لم يتحدث أبداً دفاعاً عن
نفسه وصعد السلم بخطى حازمة. كان في السابعة والعشرين من عمره»
واجه الموت بالإحساس والمشاعر الباردة نفسها التي جعلت منه الرجل
الأكثر غموضاً في الثورة.

كان الضحية الحادية والعشرين للمقصلة هو النزيه» ماكسيميليان
روبسبيير. تكونت من دم العشرين ضحية التي سبقته بركة قرمزية
حول قاعدة المنصة. وللمرة الأولى» خيّم الصمت فوق الميدان: كان
يسمع فقط صهيل حصان هناء وتنهيدة مكتومة هناك. شدد الرجال من
قبضتهم على عصيهم» رسمت النساء صورة الصليب على صدورهن؛

1- في ذلك اليوم؛ كان هناك 7,500 سجين آخر ما زالوا في السجون الباريسية» يتتظرون
-89-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وهن يتمتمن: «هكذا تكون نهاية الشيطان». كانت الأبصار تحدق في
المنصة المرتفعة والشفرة البراقة. جذب مساعدو الجلاد جسد ر وبسبيير
المحطم فوق السلم. تدلت يداه الملطخة بالدماء على أكتاف الجلادين,
وكانت قدماه تخبط بقوة درجات السلم في كل خطوة. برز من وجهه
الملىء بالضمادات زوج من العيون كانت ترنو نحو السماء الكثيبة.
وعندما ارتخت ركبتيه دفعوه نحو لوح المنصة وتركوه ممددا كرمز
لطاغية ساقط. قبل أن يجرجروه إلى لوح المنصة؛ وقد ملأته الدماء
وأصبح أحمر اللون بعد أن مسح بجسده دماء الضحايا الذين ذبحوا قبله.
مزق مساعد الجلاد الضمادة المليئة بالدماء من حول الفك الممزق.
صرخ روبسبيير من شدة الألم.

أعطى شمشون الجلاد إيماءة وجيزة» قام أحد مساعديه بإمالة اللوح
إلى الأمام بحيث يكون وسط اثنين من أشجار البلوط المنتصبتين. ومع
صدور صوت مكتوم اتخذ كلاب الرقبة مكانه. سحب سامسون العتلة
وسقط نصل المقصلة. سمع الجميع همسات روبسبيير. وانتشرت
الحسرات عبر ساحة الثورة.

لقَد دخل هذا الطاغية التاريخ عبر بوابة الشهادة').

تم إعدام روبسبيير وفقا لدستوره (المادة 17):

التي تنص على أن كل شخص يغتصب السلطة يجب أن يقتل على
الفور من قبل الرجال الأحرار.

انتهى عهد الإرهاب مع موت روبسبيير» ذلك الثوري الذي
استرشدت أفعاله بفضيلة بعض الكائنات الأسمى الغامضة.
الإرهابء أراد روبسبيير أن يحافظ على حكم الفضيلة؛ وأن يحقق

اخدمن سخر كدر ثم إلقاء جل رويسهير في المكان لفتنه: لذي في المقبرة الجماعية التي
2_- كاذ للدفع الأخيرة المؤلفة من اثتين وسبعين من اليعائبة, وأنصار

بسبيير 1
مع الجلاد في اليوم التالي» 29 تموز 94 00 0

17. أما البقية فقد فتحت لهم أبواب السجن.

-90-
لا31 أ ا 01310123 مهودع الا

السلام الأبدي من خلال العنف. وإذا كان التسبب في سفك الدماء
يخلق المشاكل للشخص العاديء فإن هذا المتطرف سار قدماً في هذا
الأمر بطريقة جريئة وإلى أن حان اليوم الذي استطاع فيه بعض من كان
يشعر بالرعب منه أن يعيشوا بلا معاناة مروعة» كانوا يطرحون على
أنفسهم السؤال نفسه في كل صباح: هل سأكون التالي في القائمة؟ في
التاسع من ثرميدور. غرس الخوف في الجبناء شجاعة الأمل الأخير.

وإلى جانب ذلكء فقد أسقطت العاصفة الممطرة المفاجئة رجلا
نزيها.

-91-

لا131أ ا 013102123 مهودع الا

5 لقنامقل 23 1661 تأعأنا0 مهجم

1300ل

-92-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الأسطول البحري المتجمد
3 كانون الثاني 1795

«في نزاع ليست مستعدة له ولن يقف
في وجهها شيء حين تكون مستعدة له).

9 الأمير وليام الخامس»
حاكم هولندا العام, 1/37

اعليك الاستسلام فوراً!» يصرخ الشابء وهو يجلس على حصانه
مشختراً غلى ختضانه والكتارة الشهيرة ذات الآلوان الأحمر والازرق
والأبيض التي تشير إلى الجمهورية الفرنسية بارزة على قبعته ثلاثية
الزوايا. تحت معطفه الأسود» وفي منطقة حول الخصرء يظهر زوج من
المسدسات ملتصقة بحزامه. وهو يحدق بتحذهء فى الأفواه المفتوحة
للمدافع البحرية الضخمة. كان يقف على سطح السفينة ضابط برتبة
أدميرال» يظهر تجعد عميق على جبهته. وعلى وجهه ابتسامة قاتمة:
بدأ يحدق في هذا الفارس الشاب المحبوب. يجب أن يعترفء إن هذا
الشخص يتصرف ضمن أجواء الروح الثورية التي تجتاح أوروبا.

فرد عليه «لماذا لا نناقش مثل هذه الأمور الخطيرة عند العشاء على
متن سفينتي). قبل الشاب ذو الشارة الدعوة.

إنها الساعة العاشرة صباحاًء من يوم 23 كانون الثاني 1795.

عندما سأله السفير الإنجليزي عن مخاوفه من التدخل الفرنسى فى

-93-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

0

الشؤون الهولندية» أجاب جع0110 51208 (رئيس ا أو راعي شؤون
الدولة) بقسوة: «في نزاع ليست مستعدة له ولن يقف في وجهها شيء
حين تكون مستعدة لها حدث ذلك في عام 7»؛ في وفت كان فيه
الأمير وليام الخامس» حاكم هولنداء من بين الشخصيات غير المرغوب
وه فى بلده. 5-5-0 وجيه: فد زاد استبداده من شسعور التجار الأغنياء
وسكان المدن الأثرياء بالإحباط إلى حد بعيد مما جعلهم يقررون
نفيه إلى الخارج. في عام 1786؛ عاد إلى السلطة على ظهر الاسطول
الإنجليزي. لم يكن افتقاره إلى الشعبية شيئا خافيا على الفرنسيين.
ولأنهم كانوا دائماً يعملون على الاستفادة من الفرص المتاحة, فإنهم
تآمروا للاستفادة من الوضع السياسي المتوتر جراء الهيمنة النمساوية
على هولندا. ومع وضع هذا في الاعتبار» أرسل بلاط فرساي مبعوثاً
للاتصال بالحزب المعارضء؛ حزب الوطنيين.

لقد صدم ماركيز دي رينيفال بما اكتشفه. حاول تحذير ملكه من
العدوى الثورية المحتملة. وكتب في رسالته: (إن حماس حزب الوطنيين
هنا قد حقق تقدماً مرعباً وإذا لم يتم إيقافه» فإنه يخشى أن يؤدي ذلك
إلى حدوث انفجار ستكون له عواقب لا حصر لها». كان هذا التقييم
كافياً لزعزعة كيان الملك الفرنسي. وقد وضع عدم وجود مساعدة من
باريس نهاية للانتفاضة الباتافية الهولندية في عام 1787 20. بدون مساعدة
الفرنسيين» كان التسعة آلاف رجل وهو تعداد قوات الوطنيين يمثلون
قوة ميؤوس منها بسبب النقص في العدد والعدة. فى 13.» أيلول 1787)
زحف 26 ألف بروسيٌ إلى هولنداء وتم إخماد الثورة وكان الفضل في
ذلك يعود إلى حرابهم2.

في أعقاب الانتفاضة الفاشلة» وجدت هولندا نفسها في حالة من

1- كانت اضطرابا سياسيا واجتماعيا وثقافياً في نهاية القرن الثامن عشر التى ميزت نهاية
الجمهورية الهولندية وشهدت إعلان الجمهورية الباتافية. ويشار إلى الفترة من التاريخ
الهولندي التي تلت هذه الثورة على أنها «العصر الفرنسي الباتافي»- المترجم.

2 ر اجع : 1977 ةمهلا بعلن و0175 م 320 2221015 , .5 بقتطقط 5

-94-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

هولندا الثورية. تم التقاط شعلة الثورة من قبل حركات شبابية وحملت
إلى فرنسا. بعد عامين» فى في اليوم الذي قام فيه حشد من باريس باقتحام
الباستيل» تحفقت نبوءة ماركيز دي رينيفال. خلال السنوات التالية.
8 سكو جم مي ا قام دوق
قرية اضي (أيلول و تلاها المزيد من , الاتتصارات الفرنسية في
واتيغنيه في (تشرين الأول 03/) وفي فليوروس في (شباط 0004
هذه النجاحات الثورية أثارت النقاش السياسى فى هولندا. ظهرت لجان
وطنية للثورة في جميع أنحاء البلاد» وتم إرسال وفد إلى باريس لإجراء
في فرنساء كان الوضع في حالة غليان. كانت الثورة تأكل أبناءها.
وقد تولت حكومة المديرين 2101601016 السيطرة على شؤون الدولة.
وكان على رأس جدول أعمالها الحرب المزدوجة ضد إنجلترا
وإمبراطورية هابسبورغ. وكان لا بد أن تشمل هذه الحرب هولندا.
منذ عام 1713» كانت البلاد واقعة تحت الهيمنة النمساوية» فى حين أن
العائلة المالكة الإنجليزية كانت تربطها علاقات قرابة عائلية مع العائلة
المالكة في هولندا (عائلة أورانيا أو البرتقال)؛ والأمير وليام فان أورانج
اختبأ الناجون من تمرد باتاان وانتظموا في فصائل سرية. في ظل
القيادة القديرة لهيرمان ويليم داينديلز» الذي كان ضابطاً في الجيش
2- ا اس جار ال
مدارء أوكلت إليهم له التنفيذية. أنشعت' هذه لحر 1 الور
المعتدلين في أعقاب اتفاق ترميدور. المترجم.
95

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الثوري الفرنسي في معركة فالمي؛ وربما كان يصل عدد أنصار معاداة
الهولنديين إلى أربعة آلاف فرد. ومسلحين بشكل سيئ وغير قادرين
على محاولة القيام بانتفاضة شعبية أخرى.

في فرنساء جعل الصراع من أجل السلطة والأزمة السياسية التي
أثارهاء ورثة روبسبيير يتجاوبون مع الشعار القائل: «عندما تواجهك
مشاكل في الداخل» قم بتصديرها إلى جارك». كان الجيش الفرنسي
راغباً وسعيداً جداً فى أن يكون محرر هولندا. كانت المشكلة داخل
الجيش الفرنسى نفسه؛ كانت شؤونه اللوجستية في حالة من الفوضى
وليس هناك حالة شديدة من الانضباط في صفوف أفراده. كان رعب
' روبسبيير قد ترك بصماته على معنويات القوات الثورية. خلال فترة
الاضطرابات» تم وضع الجنراللات في ا ٠‏ وأصبح الجنود
جنرالات في الجيش. كان الضباط يستمتعون باهي نيما “كان
ا ا 0
وبحلول عام 1794 لم يعد هناك وجود للمدافعين الأبطال عن «الوطن»,
الذين لبوا نداء (الجماهير) عام 1793.

أصبح الشقاء في صفوف الجيوش الترميدورية حالة أسطورية. ومع
ذلكء. فقد ظلت روح «العام الثاني» تعيش في واحدة من الوحدات» وهو
حيس الشفال تحت "قناذة لتر ال اثخار لز شرق الدى كان قد قرلق
القيادة» عندما ألفقي بالجنرال السابق» لازار هوشي» في اكه أثناء
عهد الإرهابء بدأ بيشغرو حياته العسكرية كجندي مدفعية خلال حرب
الاستقلال الأمريكية. أثبت أنه رقيب كفوء وانتقل بسرعة بين الرتب
العسكرية؛ لكنه كان زعيماً متواضعاً بالمقارنة مع مرؤوسه د
باتيست جوردان. كان بيشغرو واحداً من هؤلاء الجنراللات الثوريين
البواسل الذين لم يقلقوا فقط بشأن رؤوسهم خلال عهد 2
ولكن كان عليهم أيضاً منع جيوش أعداء الجمهورية من غزو فرنسا أو

-96- لإلءطنا 2012قغممرهذ5هع الا

على حد تعبير جوردان: «وقت الخطر الأعظم»”". لم يكن يدرك كم كان
الخطر قريباً.

كان مكترة سباينا لعفا نا وعندما تم إخباره بسقوط ريمن
كتب يقول: «نحن نناضل من أجل حرية فرنساء لكننا لن نصبح أبداً
أدوات لطاغية». وقد استقبلت رسالته التى اعتبرت كعلامة على الولاء
بحرارة في باريس. لكنه أظهر سذاجة معينة من جانبه. كان من المتوقع
أن يعتني الجنرال بمهمته» وهي خوض الحربء وعدم الانخراط في
السياسة. في خريف عام 1794 في حين تقدمت ثلاث جيوش فرنسية
تحت قيادة جوردان ومورو وميشود على نهر الراين» تلقى بيشغرو
تعليمات من 1011601016 حكومة المديرين الجديدة لأخذ زمام المبادرة
وغزو هولندا. كان النصر في الشمال موضع ترحيب» وسوف يؤدي إلى
إعادة ترسيم الحدود , بين الآراضي وضمها والسيطرة على موانيع القناة
الحيوية. ثم استدرك الحكام الجدد وأخبروه «قم بالسيطرة على قواتهم
البحرية» إذا سنحت لك الفرصة».

كان الأمر بمثابة صدمة كاملة لحاكم هولنداء وكذلك لقائد الفرقة
الإنجليزية» دوق يوركء عندما بدأ بيشغرو ورفاقه فى جيش الشمال
وحفون فسأة فكو هركذا يكنا كان اعماد الإتخله علن :الأرقاء على
عدد قليل من الفرق العسكرية» وجدوا أنفسهم مع احتمال مواجهة
جيش كاملء منتشياً من الانتصار في معركة فليوروس كناتناء/1. لكن
الأمر الأكثر إثارة للقلق كان تزايد الاضطرابات داخل البلاد. وبمجرد أن
تمكن القائد الفرنسي جوردان من دحر النمساويين في معركة فليوروس»
هاجمت مجاميع مسلحة صغيرة من حزب الوطنيين الحاميات وسدت
المعابر النهرية الحيوية. لم تسمح الحكومة الهولندية بذلك» فقد أمرت
بشن حملة اعتقالات في جميع أنحاء البلاد. ذهب زعيم المتمردين
الوطنيين» هيرمان ويليم إلى باريس لمقابلة أعضاء حكومة المديرين.

1- راجع : 1794 عل عمعدتمصق 15 عل وععتهغتاتطد د5عمء8 , .8 .ل رمقل11ا0ل.

97

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وأشار إلى أن الفرنسيين يجب أن يتصرفوا بسرعة أو أن يكونوا مسؤولين
عن حدوث مذبحة لجميع أصدقائهم المستعدين للقيا بالثورة اتير
فى المشهد العسكريء تحركت الأمور بسرعة كبيرة. احتل جر ال
مقرو ركسل (10 تموز 1794) وأنتويرب (22 تموز). استسلم حصن
ايدليغن وسقطت جميع أراضي الإقليم الفلامندي'" في أيدي الفرنسيين
تركت النكسة في فليوروس (لعموم الجيش الهولندي) معقلاً واحداً فقط
هو مقاطعة برابنت©» التي يمكن الدفاع عنها حتى النهاية بفتح بوابات
التحكم على السدود على طول الساحل. اندفع بيشغرو إلى الشمال.
متوقعاً أن يرمي البريطانيين مرة أخرى عبر نهر الميز قبل سقوط أمطار
50 بعد مناوشات وقعت بالقرب من بلدة بوكستل الهولندية؛ احتجز
دوق يورك وقواته البالغ عددها 28 ألف جندي أنفسهم داخل أسوار مدينة
سيرتوخيمبوس الهولندية» في حين أخذ 22 ألفا من المدافعين الهولنديين
والنمساويين مواقع لهم حول بلدة بريدا الهولندية. استطاع الفرنسيون
الاعتماد على سلاح هائل موجود داخل البلاد: عودة ظهور الوطنيين
واستااتهم سرعة على السسلكلة . بحلول منتتصف شهر أيلول من عام 1794؛
ملأت منشوراتهم الأدبية التدميرية الشوارع قيلت كيدا وطدا جديدا:
ما يريده اللهء هو الذي يجب أن يكون
الحرية والمساواة!
وأخيراء في 18 تشرين الأول» خرج الوطنيون إلى العلن وأعلنوا:
ااقريباً جداًء وبمساندة أصدقائنا وحلفائنا الفرنسيين» سننهض كرجل
واحد ضد الطغيان». لكن حلفاءهم لم يكونوا قريبين حتى يقفوا

1- بالمعنى المعاصر فلاندر هو واحد من الأقاليم الفيدرالية الرسمية الثلاث التي تشكل
المملكة البلجيكية» إلى جانب الإقليم الوالوني وإقليم بروكسل العاصمة. يحتل
الإقليم الفلامندي الجزء ء الشمالي من بلجيكا . المترجم.

2- هي مقاطعة في جنوب هولندا . المترجم

3- اه أنهار عذال عزف القار الا رار المترجم.

4- ر اجع : 225101 ع0]آ ,وعووترول.

-98-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إلى جانبهم. وقد عبر بيشغرو نهر الفال» وبدلاً من التوجه مباشرة إلى
أمستردام» تم تحويل مسار الرحلة إلى بلدة نايميخن الهولندية. انهارت
ثورة باتافيان» وفي 5 تشرين الأول» تم اعتقال ستة من قادتها. أخطأت
الشرطة مع أحدهمء وكان أخطرهم. . هرب هيرمان ويليم داينديلز وانتهى
به المطاف في المعسكر الفرنسي . ضغط على بيشغرو نع2106 للتحرك
بسرعة شمالاً» لكن ذلك الجنرال الفرنسي تجاهل طلبه . وأثار هذا اللأمر
داينديلز ليوجه نداءً عاماً لتسليح مواطنيه الهولنديين» الأمر الذي أغضب
الجترال الفرسنى ككل كبير.

وفي الوقت نفسه. أصبح الوضع محفوفاً بالمخاطر للغاية بالنسبة
إلى الأمير وليام الذي أرسل بالفعل بعثة إلى لندن» يطلب فيها مساعدة
عسكرية عاجلة. لم ب يكن رئيس الوزراء بيت مهتماً بالأمرء ولم يقدم ما
يلزم. كان الانهيار المتوقع لهولندا طريقة جيدة للتخلص من المنافسة
التي تشكلها البحرية الهولندية في جزر الهند الغربية» وهذا من شأنه
زيادة مكاسب التجارة البريطانية إلى حد كبير. كانت مناورة بيت واضحة
للغاية» بحيث أشار المساعد الإداري لرئيس برلمان هولند"» فى
ملحوظة كتبها باختصار وعلى عجل في السجل الرسمي: «إن شخصاً
مدرو نا تي الآنتنانه شخي وده لساعة فى اتجلدراء اليرت أن اميه
يخون وطنه ليس لديه ما يقدمه لإنجلتراه. 1

تم تقرير مصير هولندا في المؤتمر الوطني في باريس. وقد أعلن جان
لامبرت تالين» أحد الرجال الذين تسببوا في سقوط روبسبيير» بشكل
واضح «نحن بحاجة إلى السفن الإسبانية والهولندية. والتي ستمكننا
مساعدتها من أن نسرع في الوصول إلى ضفاف نهر التايمز وندمر قرطاج
الجديدة». وصدرت الأوامر إلى جيش بيشغرو بالسير شمالاً.

كانت هولندا محمية» كما كان حالها دائمأء من خلال ثلاث موانع
مائية رئيسية وهى أنهار: الميزء والفال» ولييك. كان البريطانيون

1- وكان يسمى مجلس طبقات الأمة. المترجم.

-99-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المنسحبون قد أحرقوا معظم الجسورء ولم يكن لدى الفرنسيين وسيلة
لعبور الأنهار. وكان يتطلب بناء جسور عائمة قوارب كبيرة طولها عشرة
أمتار على الأقل. وكان سحب هذه القوارب على طول الطرق من فرنسا
أمراً غير عملي ويستغرق وقتأ طويلاً. وقد زادت الأمطار الغزيرة التى
هطلت في الخريف من منسوب المياه في الأنهار وجعلت من عبور
الجسور المؤقتة أمرأً خطيراً. وكان الطقسء وليس الجيوش النمساوية
البريطانية؛ هو من اضطر الفرنسيين إلى التوقف.

لم يفعل بيشغرو شيئاً سوى أن يجلس في المخيم وينتظر. كانت
علاقته مع جوردانء الذي كان أدنى منه رتبة ويقود جيش الراين» متوترة.
عندما طلب جوردان المساعدة للاستيلاء على مدينة ماينتسء التي كان
يسيطر عليها مئة ألف جندي نمساوي تحت قيادة الجنرال وورمسرء
تأخر بيشغرو عن مساعدته بلا سبب مقنع. وجادل بأن الخطر الأعظم
كان يأتي من أعالي نهر الراين» الذي اتخذه البريطانيون والنمساويون
قاعدة لهم في هولنداء ونقطة انطلاق لمهاجمة إقليم الألزاس”) وبعد
مرور أشهر فقط» أصبح السبب وراء مناورة تأجيله واضحا.

ومع تمكن جوردان ومارسو وبيرنادوت من وقف تقدم
النمساويين على نهر الراين» بدأت الثلوج تتساقط في هولندا. اضطر
رجال بيشغرو للنوم في العراء بدون أغطية كافية. خضع السبب الذي
جعل بيشغرو يقرر عدم مواصلة المسير لكثير من النقاش. فهو أولآ
ألقى باللوم على الطقسء فقد كان غير متيقن فيما إذا كان يمكن
تحقيق السيطرة الكاملة على الوضع قبل بداية فصل الشتاء. كذلك
كان لديه شعور دائم بالقلق من أن الهولنديين أو الإنجليزء قد يلجآن
كملاذ أخير» إلى فتح السدود لإغراق جيشه ليهرب أفراده مثلما تفعل
1-- مننطقة ثقاقية» ولخوية) وتاريخية وإدارية في شرق فرنسا وعاصمتها هي ستراسبورغ.

كانت تارييخيا نشل نراع مخ الهانياء تقمتم الالزامس من التاحية الإوارية إلى اقارمرء
باس ريين في الشمال وهوت ريين في الجنوب. المترجم. 0

-100-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الجرذان عند اشتداد الفيضان. ربما لم يكن على علم بأن الإنجليز
قدأمروا بالفعل بالانسحاب. ومع اقتراب حلول فصل الشتاء» كانت
الحملة الهولندية تقترب من نهايتها. كان بيشغرو على استعداد
للتراجع عندما تلقى المساعدة بطريقة غير متوقعة. فقد بدأ الصقيع
يشتد ولم يحدث من قبل في هذا القرن أن انخفضت درجة الحرارة
هكذا. تجمدت الدفاعات الطبيعية لهولنداء مثل السدود والأنهار
وأصبحت صلبة» مما تسبب بسعادة كبيرة للأطفال وباتوا يستخدمون
الممرات المائية للتزحلق.

كتن ذايتديلز إلى تيسغرو قائلاً: #مهوءا تددر أيه علصوااهل8 1.2
20116) أرضن هولندا أاضيكة الآن صلبة. وذلك لتشجيع التقدم السريع
في قلب البلد. فالأنهار التي تحيط بهاء ومياه الفيضانات التي يمكن أن
جنا فى أوقات الأزمات» أصبحت صلبة لأنها 506 وأصبح
الطريق ما بين أمستردام وباريس سالكا”"».

في 2 كانون الأول 1794 ترك دوق يورك قواته وأسرع في
الانطلاق نحو إنجلترا. ومع ذلكء لم يسرع بيشغرو واستمر في التقدم
بحذر شديد. بحلول 27 كانون الأول» عبر جيشه أسفل نهر الميز»
في 8 كانون الثاني أصبح في نهر «الفال»» وفي 15 كانون الثاني» عبر
نهر لييك. وطوال مسيره؛ كانت هناك قوة بريطانية محبطة وموهنة
العزيمة بالكامل» مجردة من القائد والمؤونة. وبعد أن تكبدت الوحدة
الإنجليزية خسائر فادحة» انسحبت أخيرا من هانوفر. إن التخلى عن
الاراضي المنخفضة:. نقطة انطلاق لندن التاريخية إلى أوروباء كان
فقابة كارك حولت نيا شكلت الحملة الهو لحدية بالسية اللفرسييةة
المحبطين غلى طول تهر الرايةة انتصاراً مذهلاً وغير متوقع ورفعت
كثيراً من معنوياتهم. في خلال شهر واحدء كانوا قد استولوا على معظم
هولنداء وحصل بيشغرو على إشادة من الصحافة الفرنسية واصفة إياه

ادر اجع : 1920 23215 ,0131م تتاء6011© ععصوظ عل ع1أمأولط ,رعو21155آ أوع0اظ.

-101-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بالجنرال الرائع والثوري اللامع. ومع ذلك. لم يتم احتلال هولنداء فقد
استسلمت ببساطة.

وبمجرد عبور الفرنسيين لنهر الفال» أصبح الوضع بالنسبة للقوات
الهو لنذزة الموالية ميو وساً ته كانت قوانت :ما يسمى بالتخالف الأول"
في حالة فوضى تامة. ولم تسفر دعوة الحكومة لحمل السلاح بشكل
جماعي سوى عن تجميع قوة من خمسين رجلاً. في 16 كانون الثاني»
أصبح من الواضح أنه لا يمكن تنظيم مقاومة أخرى ضد الفرنسيين
المتقدمين» وأن هولندا ستضطر إلى التفاوض من أجل السلام. وألقى
الهولنديون باللوم على الإنجليز» الذين «دمروا مصانعناء ودمروا
تجارتنا وجرونا إلى حرب مدمرة تنعكس سلباً على مصالحنا». كان
حاكم هولندا يحمل كراهية شديدة تجاه الإنجليز إلى الحد الذي رغب
فيه بارتداء الشارة ذات الثلاثة ألو ان والاتحاد مع الفرنسيين لإبادة هذا
العرق [الإنجليز] الذي لا يوجد لديه شيء مقدس. صدر هذا البيان
القاسى عن فولكير بيندينيك عاء8656012 7011165 الذي عمل ضابطا في
الجيش البريطاني خلال حرب الاستقلال الأمريكية. ْ

دخل الفرنسيون أوتريخت في 17 كانون الثاني» وما إن حل منتتصف
ليلة 18 كانون الثاني 1795 حتى هرب الأمير وليم الخامس على متن
سفينة أقلته من مدينة هارلم الهولندية إلى مدينة هارويتش في إنجلترا.
في الليلة نفسهاء تم الإعلان عن قيام جمهورية باتافيا. وقد لخص
الكونت كليرفايت» الجنرال النمساوي الذي كان يقود قوات هابسبيرج
5 هولنداء الحدث قائلا: «لم تحدث ثورة بهذا القدر من السرعة.
والحقيقة هي أن الأمير وليم الخامس لم يُمنح أي خيار. ففي حين كان
جيش بيشغرو يتقدم بلا هوادة نحو الشمالء كان كل يوم جديد يزيد من
قلقه: ولكي يحمي عملية خروجه«فقد اعتهد على أسطولة الخربى
1 5 مجهود رئيسي من عدة ممالك أوروبية بهدف احتواء فرنسا

-102- نوطنا 2012جأممرهذ5هع الا

لكي يتوجه إلى إنجلترا. لهذاء أمر أدميرال الأسطول. جان هيندريك
فان كينسبيرغن» بأن ترسو سفن البحرية الهولندية في مارسديب» وهو
مضيق يبلغ عرضه ثلاثة كيلومترات» يقع , بين البر الرئيس لمدينة هيلدر.
وجزيرة تيسلفي هولندا. وكانت تؤدي إلى الماء منطقة واسعة من الشقق
الطينية والمستنقعات المالحة. التي تتصل بالمصبات النهرية والتى
يغسلها المد والجزر البحري مرتين يومياء ومن ثم منعت تقدم أي جيش
يستخدم العربات والمدافع. كانت خطة جيدة» ولكن لم يعد حاكم
هولندا يعتمد على الطقس.
في بداية كانون الأول لعب الطقس دوراً رئيسياً فى الأحداث. بعد
أسبوع من الليالي الصافية حدث انخفاض غير عادي في درجة الحرارة.
في غضون عدة أيام أصبح بحر وادن© ابتداءً من مدينة هيلدر إلى بلدة
هارلنغن في هولندا قطعة صلبة من الجليد. أزال هذا الوضع أي أمل في
الدخول إلى بحيرة آيسل» وهي بحيرة داخل هولندا. أعقب هذا الصقيع
الابتدائي هبوب عاصفة غربية شمالية شديدة. أدى الضباب والصقيع
إلى إعاقة حركة الأسطول. ومع ذلكء استطاع الأدميرال» من خلال
قدر كبير من مهارة الإبحار» إحضار سفنه إلى مرسى آمن في جزيرة
تيكسيل. استمر صفير الرياح وتساقط الثلوج لعدة أيام. وعندما أصبح
الجو صحواً أخيراً كان البحارة يحدقون في منظر طبيعي صافٍ جداًء
وانتابتهم مشاعر الحزن لاكتشافهم أن الكتل الجليدية المتراكمة ستمنع
خروجهم من المضيق إلى المحيط. كان هناك جليد من أمام وخلف
1- مسطح مائي ساحلي يأخذ شكل خليج شبه مغلق» يصب فيه نهر أو مجرى مائي من
جهة» ويتصل بالبحر من الجهة الأخرىء تمتزج فيه المياه المالحة بالمياه العذية.
المترجم:
2- منطقة تقع جنوب شرق بحر الشمال في أوروبا وقد أدرجتها اليونسكو عام 2009 على
لائحة التراث العالمي: وهي مكونة من أراض رطبة ساحلية ومسطحة نسبياً تتسم
بمناخ معتدل. المترجم.

-103-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

خمس عشرة سفينة من سفن خط المعركة"'» وسفينتي شحنء وعدة
زوارق مدفعية أصغر وقد أصبحت جميعها محتجزة في المضيق. أدرك
الأدميرال فان كينسبيرغن أن الأمر يحتاج على الأقل إلى شهر قبل أن
تصبح القناة صالحة بما فيه الكفاية لجعل هروبهم عبر البحر المفتوح
أمراً ممكناً. بعد أن كان قد حاولء أن يشقى طريقه عبر كتل الجليد
باستخدام البارود وفشل©» توصل الأدميرال إلى استنتاج محزن وهو
أن سفينته كانت محاصرة» وأنه سيعمد إلى إغراق الأسطول إذا حاول
الفرنسيون الاستيلاء عليه. كانت هناك مشكلة إضافية: كان مرسى
مارسديب ضحلاً لدرجة أنه سيسمح للفرنسيين بالاستيلاء على مدافعه
الثمينة. وقد أجبره هذا الأمر على اتخاذ قرار مؤلم: فبدلا من إطلاق
البارود على العدوء قرر أن يستخدمه لتفجير سفنه العزيزة على قلبه.
في هذه الأثناء» استمرت درجات الحرارة في الانخفاضء وخلال أيام,
كانت السفن محتجزة تماما وسط طبقة سميكة من الجليد.

فى منتصف كانون الثانى.» خطرت فى بال الجنرال بيشغرو فكرة ذكية
جداً كان عليه أن يتعامل مع عملية هروب الأسطول الهولندي. فاجتمع
بمجلسه الحربي وسأل القادة. «من هو الأقرب إلى هذا المكان..» وغرز
إصبعه في الخريطة؛ «... هنا؟» جزيرة تيكسيل!

فتلقى الجواب: الجنرال دي وينتر والفرقة الرابعة التي يقودها
الجنرال جوزيف سوام سيدي.

فأصدر أوامره: «أريدهم أن يتجهوا على الفور نحو هيلدر». كان قد
سمع لتوه أن أسطول الحرب الهولندي بأكمله قد حوصر وسط الجليد.

1- نوع من السفن الحربية التي بنيت في القرن السابع عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر
والذي تكون فيه السفن الحربية مصطفة على شكل خط لمواجهة السفن المعادية. المترجم.

و للك تفيد التلم لان اعد 8
يمكن تفجير الثلج لأن الانفجار لا يحافظ عل جو انف الحلد ا
بالمنشار فقط. على جوانر جليد» ويمكن تقطيعه

-104-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كان النقيب لويس جوزيف لوريء وهو طالب بلجيكي كان قد فر
إلى فرنسا بعد ثورة البارباسان الفاشلة عام 1787. مسؤولاً عن كتيبة في
الفرقة الرابعة بقيادة سوام. كانت وحدته مكونة من 780 فرداً (من جنود
المشاة) و128 من الفرسان و39 من الرماة» مع أربعة مدافع صغيرة من
البرونز. كانوا هم الأقرب إلى الأسطول الهولندي. وفي متتصف ليلة 20
كانوة الثافق ققحي انعد المر التليق معبك روج اما أو اعرد لكر لرفور ا
باتجاه بلدتي الكمار وهيلدر الهولنديتين. وصلت الكتيبة إلى مارسديب
مساء يوم 22 كانون الثاني. عبر المضيق المتجمدء. كان بإمكان مقاتليها
رؤية صف من الأضواءء ولكن الظلام كان حالكاً لدرجة لا تسمح له
بالمغامرة باختراق الجليد. قرر لاورير البقاء فى المعسكر وانتظار
الصباح. على الرغم من أن الجو كان بارداً للغاية في الليل» إلا أن لاورير
منع إشعال النيران في المخيم. وبينما كان الفرنسيون في مخيمهم. كان
أحد الفرسان يمر بجانبه ويشق طريقه عبر المضيق المتجمد. وعندما
وصل إلى سفينة القيادة حيث يتواجد الأدميرال الهولندي, قابله على
الفور وسلمه مغلفاً وهو يقول.

«إنها مذكرة غاية في السرية من برلمان هولنداء سيدي الأدميرال».

أخذ فان كنسبيرغن المغلف. وأزال الختم وبدأ بقراءة المذكرة.
أظلم وجهه وهز رأسه. ثم سلم المغلف إلى مساعده في القيادة» النقيب
رينتس.

«ولكن... لكن هذه... خيانة)» تمتم النقيب.

أومأ الأدميرال برأسه حزناً: «هي كذلكء ولكن يجب علينا الالتزام
بها". أعفته قطعة من البرشمان”" من كل مسؤولية فيما يتعلق بما يجب
القيام به مع أسطوله في حالة الهجوم الفرنسي.

وقد حدث هذا بسبب تحول درامي في الأحداث جرى قبل بضعة

1- الورق النفيس. المترجم.
-105-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لاقي 1 ارد الاي الوه لال روا لل 1 الا
الفور. لهذا الغر ضر قر إوسس د انرس لق الر حرا المجلة ورم
0 أمرفحاس الدوله. ل
اه

وتجمعوا في خيام مؤقتة» في صباح 23 كانون الثاني بزغ الفجر من وسط
غلالة من الضباب الذي هبط فوق مضيق مارسديب المتجمد. كان
لاورير يتفكر في وضعه - هو البلجيكي الهولندي» يقود كتيبة من الفرسان
الفرنسيين» ويهاجم أسطول حرب هولندي ذ فى البحر! يا للجنون! كيف
يمكنه» مع رماته التسعة والثلاثين» سحب ستة وأربعين رطلاً عبر الجليد.
والاستيلاء على خمس عشرة سفينة من سفن خط المعركة مع مئات
القطع من المدفعية البحرية. وليس باستطاعة قذائف مدفعيته التي تزن ستة
أرطال إحداث تجويف في هيكل البوارج الصلب المصنوع من خشب
الملو طم وقد أجبره هذا الأمر على اتخاذ قرار جريء. كان عليه أن يكون
جريئاء على الرغم من أن العديدين قد يصفون ما فعله بالمغامرة المتهورة.
كان ذلك أفضل حل في سلسلة من الخيارات السيئة. أدرك أن حليفه
الأكبر كان الضباب. فهو سيغطي على تقدمه عبر الجليد. كان عليه أن
ااا ال شت اه
الفرسان الثامنة» وكلهم أمل أن تتكلل مساعيهم بالنجا ح. لم يكن يعرف
شيئاً عن ظروف القناة المجمدة؛ ولا ما إذا كان الجر

سيتحمل وزن
رجاله وخيوله. . وأن الأمر قد يتطلب مواجهة مدافع تفوق فى عددها ما
لديه من الرجال! وأن أي هجوم سيقوم به ستصده المدافع البحرية ية الكبيرة

-106-
لا131طأ ا 01310123 مهودع الا

وسيسقط رجاله في البحر المتجمد. . مع هذا التصور المتشائم الذي حمله
في ذهنه. أصدر أوامر صارمة لرفاقه باتباع تعليماته وعدم خوض أي
اندفاع أحمق أو متهور. . تم رفع العلم ذي الألوان الثوريّة» أدى لاورير تحية
قصيرة لهء واندفع مئة وثمانية وعشرون جندياً وسط الجليد. وسرعان ما
ابتلعهم الضباب. وفجأة وجدوا أنفسهم أمام الأسطول مباشرة.

واتشكر التطط فى: الوقوف إلى جات الاووير الى تطنوة لبجل
ولم تفتح بطاريات البحرية الهولندية النار. صعد جتوه سلاح الفرسات
الفر سن الور لشن .. ووجدوا أدميرالاً عجوزاًء كان يتوقع أن يشن
الهجوم جيش ضخمء فوجد أن سفينته محاطة بمئة وثمانية وعشرين
جنديا تحت قيادة طالب هولندي سابق. من الصعب أن نتخيل من كان
من الممكن أن يكون أكثر دهشة: الأدميرال» الذي كان ينظر إلى الأسفل
من مؤخرة سطح بارجته الحربية على حفنة من الفرسانء أو قائد الفرسان
عندما 0 الأسطول: «دعنا نناقش مثل هذا الموضوع
الفليوفان ساد

وهذا ما حدث في 23 كانون الثاني 1795 والذي كان عملا ذا بتي
فريداً من نوعه في تاريخ الحروبء. فقد استولى عدد من الفرسان على
أسطول حربي في وسط البحر. وتم التفاوض على الباقي خلال مأدبة
عشاء أقيمت على ضوء الشموع على سطح سفينة الأدميرال.

بعث الجنرال بيشغرو بمذكرة إلى باريس جاء فيها: 1221116 1.2
15 3 ]5ه ©0156 لقد أصبحت البحر ية الهولندية فى حوزتنا!.
كانت تلك الأخبار مثيرة للغاية» ونزل سكان باريس إلى الشوارع.
احتفالاً بانتتصار وطني عظيم. أصبح بيشغرو رجل الساعة.

وكما يحدث في كثير من الأحيان في التاريخ؛ لا يتم ذكر اسم البطل
الحقيقي. أظهر القائد «لاورير» وفرسانه الحازمون قدراً كبيراً من الجرأة
والخيال. لقد اندفعوا دون معرفة مسبقة بالقرار الهولندي بوقف الأعمال
العدائية؛ كانوا يعلمون فقط أنهم عندما يسيرون على الجليد كانت

-107-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

فوهات المدافع مصوبة نحوهم. وأن البحرية الهولندية لديها تقليد عريق
في الولاء لأميرها. بعد سنوات» منح نابليون لقب «بارون الإمبراطورية)
إلى القائد لويس جوزيف لاهور. أنهى لاهور حياته المهنية كجنرال.
بعد أن خدم إمبراطورأء وبعد معركة واترلو خدم اثنين من ملوك فرنسا.

كان هناك مصير مختلف يختبىع ل «بطل هولندا». الجنرال تشارلر
مككرو :نف خلال مشادة كلامية حدثت عام 1804.» ألقى الجنود
الفرنسيون القبض على عربة لجنرال نمساوي تحمل صندوقين للرسائل
السرية. وقد علموا من تلك الرسائل أن بيشغرو كان على اتصال دائم
مع أمير منطقة كوندي وأمير منطقة مونتغيال لوغاييه. وهم من قادة
المهاجرين الفرنسيين وأعداء ألذاء للثورة. ولم يكن رفض بيشغرو
تقديم المساعدة إلى جوردانء وممانعته التقدم بشكل أسرع وأعمق في
هولنداء عن سوء نية» بل خيانة عظمى”". وكان أثناء مسيرته إلى هولنداء
يتفاوض سراً لفتح ممر أمام الجيوش النمساوية الغازية للدخول إلى
باريس. لم يشرح سبب تصرفه الخادع أبداً؛ ربما كان الدافع وراء ذلك
هو الاستيلاء على السلطة. أو بسبب الغيرة من النجاحات العسكرية
لجوردان؛ رغم أنه كان أقل رتبة عسكرية منه. أياً كان السببء فما كان
يجب على الجنرال أن يساهم في هزيمة جيش كان يأمل في أن يكون
حليفا له. بعد هذا الاكتشاف المذهلء ألقي القبض على بيشغرو واقتيد
إلى سجن المعبد. حيث عثر عليه مشنوقاً بربطة عنقه©. ولم يتم اكتشاف
النطاق الكامل لمؤامرة بيشغرو مطلقاً.

في تشرين الأول 01806 ألغى نابليون جمهورية باتافياء وأقام مملكة
هولنداء ونصب شقيقه لويس على العرش.

تم تزيين القصة المذهلة لمعركة أسر قوات البحرية الهولندية:

إ' بيشغرو وكوند, 1795, نشرت فى فبينا 1898.
2- في 6 نيسان 1804. 7

-108-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وأضيفت لها مآثر بطولية رائعة». لم تكن هناك على الإطلاق معركة
بحرية خاضها سلاح الفرسانء ولم تكن هناك رصاصة واحدة أطلقت في
حالة غضب. وقد صدر أمر إلى الأدميرال بإطاعة قرار وقف إطلاق الناره
وهو ما فعله. وحصل قائد سلاح الفرسان على غنائم خصم مهزوم لم
يستطع الدفاع عن نفسه. إن التاريخ العسكري لفرنسا غني بما فيه الكفاية
بالمآثر المجيدة لدرجة أنه لا يحتاج إلى معركة خيالية لتعزيز عظمته.

الحقيقة المؤكدة هي: لولا الانخفاض المفاجئ في درجة الحرارة.
وتراكم كتل الجليد في مارسديبء لكان الأسطول الهولندي قد أبحر إلى
إنجلترا لتعزيز البحرية البريطانية - ولكان انضمت خمس عشرة سفينة
أخرى إلى القائد نيلسون» واشتركت فى معركة الطرف الأغرٌ. ولكن كما
تبين فيما بعدء لم يكن القائد نيلسون في حاجة إليها.

1-ار اجع : اتعمعع غ1 عدم , .111 صة رءدق تتام 10 نج “1 نل رعتتعنع 15 عل دعتخلطعجم
101 بزل 46"6 :00111111211031 ,51120

-109-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

م لمرماده ١0‏ ,1812 0 هلالا 716

-110-
لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

محارب يدعى تيكومسيه

5 تشرين الأول 1813
هل سنجعل شعبنا يباد بدون قتال؟
هل سنتخلى عن الأراضي التي قدمها

مانيت العظيم لأبنائه؟
هل سنترك وراءنا أضرحة أجدادنا؟ لن
نفعل ذلك أبداً! أبداً!
* تيكومسيه»
زعيم قبيلة الشاوني» 1811 (')
تخترق غواصة نووية جذابة مياه خليج تشيزبيك. وسرعان ما تنزلق
تحت مياه المحيط الأطلسى لترسو وتنتظر فى مكان ما فى أعماق أحد
محيطات العالم. لم تكن هذه الغواصة التي يمكن رؤيتها من الشواطئ»
وتمثل الإضافة الأخيرة إلى الترسانة النووية للبحرية الأمريكية تحمل
أي علامات. فقط طاقمها كان يعرف الاسم. وهو يو أس أس تيكومسيه؛
والتي سميت على اسم رجل هندي أحمر شجاع كان في السابق قد
تسبب بكوارث لجيوش أمريكا.
إنه تيكومسيه» زعيم قبيلة الشاوني وبطل حرب عام 1812.
بدأت قصة هذا الرجل الشجاع في نهاية القرن الثامن عشر. كانت
طلائع الأمريكان تندفع إلى أعماق أراضي الهنود الحمر. وقد اجتازوا
1- من صحيفة محفوظة في مكتبة مقاطعة تيبيكانوي.
-111-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

مع عرباتهم وعائلاتهم. الغابات والمستنقعات حتى وصلوا إلى نهر
الهنود الأمريكيين؛ وهي قبيلة الشاوني؛ التي امتدت أراضيها من ولاية
إنديانا وكنتاكي. إلى ميشيغان» وعلى طول الطريق شمالا إلى البحيرات
الكبرىء. التى فصلت الولايات المتحدة الأمريكية عن كندا الواقعة تحت
الهيمنة البريطانية.

دا قصة تيكو مسيه. المحارب الهندي العظيم؛ في عام 191 ف
محطة تجارية تسمى هلاتنا-لهع-ءم-منا-7اء11. أو ؛ تيبكانو كما يسمى
في نسخته الأمريكية”» «كان المنقبون عن الذهب من البيض يتاجرون
بالسكر والملع والتبغ والخرزء مقابل الفراء مع قبائل بوتاواتومي
وكيكابوو. ع اج د حيو اراسي الما ليسي ل
أراض جديدة في ولاية إنديانا وميتشيغان للمستوطنين البيض» »تم هدم
المحطة التجارية لكي ب «الالاسة لد يتشتت الهنود. كان الخلااف الأبدي بين الرجل
الهندي والرجل الأبيض هو مسألة من يملك الأرض بشكل شرعي.

كان يتم حل هذه المسألة باستخدام القوة والعنف على الدوام تقريباء
وكان الرجل الأبيض هو من يملك البنادق2, ولمواجهة تدنيس أرض
الصيد المقدسة ثار شقيقان من قبيلة الشاوني» أحدهم وهو تنسكاتاواء
الذي كان يعرف على نطاق واسع بلقب «النبي»» وشقيقه شقيقه تيكومسيه الذي
د ب ايد او نام الي
الأرض الذي اكتسبه منذ الولادة؛ كان تيكوصيه يهدف إلى أبعد م ول
ا ل ا المسشترطين: 3
عد لاع الانساء ار إلى قضيته. ل لماذا

1 - تبعد ستة أميال شمال مدينة لافايتا في ولاية إنديانا.

2- من الاستثناءات الشهيرة المعاهدة التي وقعها ويليم بيني مع الهنود.

-112- 000
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لا نبيع الهواء والبحر الكبير. وكذلك الأرض؟ ألم يخلقها الروح العظيم
ليستخدمها أبناؤه؟ السبيل الوحيد لوقف هذا الشر هو أن يتوحد الهنود
الحمر في سبيل المطالبة بحق عام ومتساو في الأرضء كما كان الأمر منذ
البداية» ويجب أن يكون عليه الآنء ولأجل ذلك يجب أن لا نتفرق أبداً».

وعندما تردد زعيم قبيلة سيمينول» تحدث تيكومسيه معه بحدة: ١ما‏
ا وي الح كس و ا 1
قبل مانيتو (الإله) العظيم «هذا هو دليلي». وقام بتسليم محاربي
ل م 1
لاحستاً» هيئوا أنفسكم لأنه في اليوم الذي سأعود فيه» سأدق الأرض
بقدمي وسوف تهتز أرضكم». وقد حدث ذلك بالفعل» واهتزت الأرض»
واعتبر العديد من محاربى قبيلة السيمينول هذا الحدث كعلامة» التقطوا
هراواتهم وانضموا إلى المحارب الكبير لمقاتلة الرجل الأبيض”).

وبمجرد إطلاقه لمشروعه الكبير لتوحيد القبائل» سافر تيكومسيه
شمالاً لإقامة احتفالية 07:-01م مع زعيمي قبيلتي إلينوي وبوتاواتومي.
ثم هتف اتيكومسيه' بمحاربيه «إن إيادة عرقنا ستحدث قريباً». «إلا إذا
وضعنا نزاعاتنا جانباً وتوحدنا في قضيتنا المشتركة ضد عدونا المشترك».
نقلته أسفاره التالية إلى مناطق مثل أراضي ديلاوير» وأوتاوا وميامي
وشيبوا حنى وصل إلى قبائل الإيروكواس في مقاطعة كيبيك.

ومن تيباكانوي التي كانت تعرف. ب «بلدة النبي»» دعا تيكومسيه
محاربيه أن يوعدوا المستوطنين البيض بالويل والثبور لسرقتهم أراضي
الصيد المقدسة عند القبائل وإغواء المحاربين بشرب الخمور. لم
تجتذب الأنشطة القتالية لتيكومسيه وأخوه النبي إلى صفوفهم غير أكثر
من ألف محارب من القبائل» لكنها أقلقت بشكل كبير المستوطنين على
طول الحدود الهندية.

في بداية عام 1؛» تمت مواجهة هذا التهديد المتنامي الذي يمثله

1- من كتاب تي. ال. مكيني تاريخ القبائل الهندية في شمال أمريكا.
-113-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

السكان الأصليون من الهنود من قبل حاكم إقليم إنديانا المعين حديثاء
الجنرال ويليام هنري هاريسون. حيث قام بتجنيد ميليشيا قوامها ألف
رجل وتم تسليحهم بالبنادق. وبينما كان تيكومسيه لا يزال في خضم
توجهه لتجنيد سكان المناطق الجنوبية» نزل هاريسون ورجاله في
تيبيكانو في 6 تشرين الثاني 1811. وصلوا قبل حلول الظلام وخيّموا في
الغايبات خارج بلدة النبي.

كان تيكومسيه يعرف أن أفضل وسيلة لمضايقة اليانكي”" تكمن في
تكتيكات حرب العصابات. كان رجال قبيلته الشاونى يعرفون المنطقة
جيداً» لكن الأميركيين لم يكونوا ذلك. في هذه «المناطق النائية الداكنة
والبرية»» كانت حركة الأمريكان تعرقلها عرباتهم الضخمة وبنادقهم
الكبيرة» في حين كانت قبائل الشاوني لا تحمل متاعاً كبيراً أثناء ترحالها.
لكن الرجل الأبيض كان مسلحاً بالمسدسات أيضاء بينما كان الهنود لا
يملكون سوى السهام والفؤوس فقط. مع وضع هذا في الاعتبار» أرسل
تيكومسيه رسالة عاجلة لتحذير شقيقه من مغبة القيام بهجوم مكشوف
ضدالقوة المتفوقة بسلاحها. لكن (النبي) رفض أن يستمع.

كانت ليلة باردة وممطرة» وكانت النيران تطوق المحيط الخارجى
لمعسكر اليانكي بالقرب من تيبيكانو. وبينما كان جنود القوات
الأمريكية يغطون في النوم» وإن كانوا بكامل ملابسهم. إلا أن النبي حت
محاربيه بخطبة نارية. وأكد لهم أن رصاص بنادق الأمريكان لا يمكن أن
يؤذي محارباً واحداً. شنت القبائل هجومها عند الفجر. وقبل أن يتمكن
الأمريكيون من تنظيم أنفسهم كان الهنود فوقهم. في الساعتين التاليتين»
مات 62 أمريكيا. لكن رجال قبيلتي الشاوني ووينيباغوس عانوا أيضاً من
إصابات - خاصة من طلقات البنادق. وهذا جعلهم في حالة شديدة من
1د مصطلع لدعدة امتعمالات + يتسعطل: في بريطانيا ويعض :دول العالي: للوعارة :إل

بيكان الولايات المجحدة الأمريكية ينما يسعمل في أمريكا للإشارة إلى سكان نبو

إنغلاند خصوصا ذوي الأصول الإنجليزية ويطلق على سكان الولايات الشمالة

عموما اسم «يانكي». المترجم. ١‏

-114-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الغضب لدرجة أنهم هددوا بقتل نبيهم. تركوا تيبيكانو, التي قام بحرقها
رجذال عار سونال وقنك لاحن من ذلك البوعم.”

وعلى الرغم من أن الإجراء المتعجل الذي قام به أخوه قد جعل
تيكومسيه يشعر بالإحباط إلى حد كبيرء إلا أنه ساعده في تغيير موقفه.
الرجال الذين غزوا أراضي الصيد المقدسة التابعة لهم لم يكونوا رجالاً
بيضاً فحسبء بل كانوا رجالا بيضاً من الولايات المتحدة! منذ ذلك اليوم
وصاعداء اعتبر تيكومسيه أي شخص أمريكى عدوه المميت. وقاد هذا
الأمر إلى تداعيات واسعة: عند اندلاع حرب عام 1812» انضم تيكومسيه
ومحاربوه للقوات البريطانية بقيادة الميجور جنرال إيزاك بروك؛ الحاكم
العام لولاية كندا العليا.

اندلعت الحرب فى 18 حزيران 1812. كانت أراضى كلا الطرفين
التعتجارييةة ورهها كندا التريطابة والؤلانات المتححدة الأمريكن أراضى
فضاء شاسعة. اعتمدت الحملة الأمريكية بشكل كبير على المصادفة
- تأثير الطقس - أكثر من اعتمادها على الاستراتيجية. وقد دعت خطة
الرئيس ماديسون إلى الاستيلاء السريع على مونتريال» لكن حكام
نيو إنغلاند رفضوا تبديد جهود رجال ميليشياتهم على هذا الأمر. كان
الميل للحرب أقوى بكثير في «أقصى الغرب» - الذي كانت تمثله في
ذلك الزاقت مينطقة إنقنانا و مكفينان وقد التقلاق الحملة وهن: فى
دذايعها تخد متلق ة نياع ازنا ا يترووت: 0

أثناء مجريات النزاع» كان الجنرال البريطاني بروك يلقى معارضة من قبل
الجنرال الأمريكي وليام هولء حاكم إقليم ميتشيغان» الذي سبق أن أعرب
عن شكوكه الذاتية بإمكانياته العسكرية قبل تعيينه كقائد للجيش الشمالي
الغربي للولايات المتحدة . ولكونه متشائماً بطبيعته؛ في أمور الاستراتيجية
العسكرية واتخاذ القرارات الحاسمة؛ فلم يكن منسجماً مع نظيره ه. سارت
الحملة في طريقها. ومن أجل الوصول إلى وجهتهاء اضطر جيش هال إلى
عبور منطقة تعرف باسم المستنقع الأسوده وهي معروفه أيضاً بأنها تضم

-115-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الهنود المعادين لهم؛ ناهيك عن البعوض الأسود. وبالإضافة إلى تلك
ال ل ل ل ا لتر ان
الوحل» وبمجرد أن توقفت الأمطاره تسببت الأخاديد والحفر التي خلفتها :.
الأمطار في جعل المسارات غير سالكة. وفي خطوة حمقاء نوعاً ما قام
بنقل أوراقه العسكرية السرية على متن مركب شراعي يدعى «كوياهوغا».
على أمل أن يصل إلى ديترويت عبر الطريق البحري الأسرع. وبعد يومين»
تم اعتراض السفينة كوياهوغا بواسطة زورق حربي بريطاني» وصودرت
الأوراق» وأصبحت خطط هال في حوزة بروك» وأخبرته بحجم قوات
العدو ومدى الروح المعنوية لديها.

تعثر هال وجيشه أثناء مسيرهم نحو ولاية ديترويت» وتعرضوا إلى
مضايقات من البعوض الأسود والهنود. وتحت جنح الظلام؛ انقض
المتوحشون» على جنوده. وهاجموهم بقسوة قبل أن يختفوا بأمان في
الغابة وبينما كان هول لا يزال يواصل مسيرته» أصدر إعلاناً إلى شعب
كندا أشار فيه إلى أنه سيتم إطلاق النار على الفور على أي رجل أبيض
تق إلى جاب أى ايكون جتارى: هذا التهديد كان له تأثيره. انضم مئات
من الكنديين إلى الأمريكيين» وتحول الوضع الآن لصالح هال. كان هدفه
التالي هو منطقة فورت مالدن الكندية» التي تقع عبر نهر ديترويت.

بدا أن مهمة هال سهلة إلى حد كبير عندما وجدت طليعة الجيش التى
كان يقودها الكولونيل لويس كاس الحراس الخفر البريطانيين يغطون
في النوم واستطاعت الاستيلاء ء على الجسر الحيوي القائم فوق نهر آكس
كاناردز2). . ولكن بدلا من مواصلة أنشطته والتقدم إلى كنداء استولى على
الجنرال هال شعور بالخوف من حدوث نققص في الإمدادات, فلم يصدر
أي أوامر أخرى إلى العقيد كاس المحبط» والذي سحب وحدته وتخلّى
عن عبور النهر. بعد بضعة أيام» اقترح هال الترا- جع إلى الور رسي

1- يمكن مقارنة هذا الإنجاز مع السيطرة على الجسر المقام على نهر الراين فى بلدة
رماغن الألمانية في كانون الثاني 1945. 5

-116- '
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ووح انيه افاج تدر 3 قاجية الحجترةالمتعار عرد الى و1 :اوها بن
وقد أصبح الوضع سيئاً للغاية حيث قدم مقاتلو الفرقة التماساً إلى ميغس
حاكم أوهايو يطالبون فيه «اعتقال واستبدال جنرالاتهم». تزاجع هال
بعد ذلك إلى ديترويت مع آلاف من جنوده؛ بينما اندفع بروك على عجل
من شبه جزيرة نياغارا متوجهاً إلى مكان بديل في فورت مالدن. بسبب
أنه كان لا يملك سوى قوة صغيرة ة فقط متألفة من 260 رجل ميليشيا و40
جندياً من أصحاب المعاطف الحمر من الفوج 41. بالنظر إلى تفوقه -
العددي في الرجال والبنادق. كان بإمكان هال عبور النهر والقتال في
ل ا ل ل ا
فيت: لكن ندلا مق ذلك أغاقتت الأمطان الغذيرة قر اسيعيه »همأ قتبيين

ا بين أفراد قواته والناجمة
عن إصابتهم بحمى المستنقعات القاتلة. وفي إحدى الأمسيات» أمسك
الهنود ببعض المتخلفين عن ركب قواتهم» وطوال إلليل كانت القوات
تسمع صراخهم؛ وكان هذا دليلاً كافياً على تعذيب الهنود لهم مما تسبب
في استنزاف معنويات القائد ومقاتليه.

حدث لقاء مهم في 13 أب 1812. حيث تقابل بروك مع تكومسيه.
وذكن في :رسالة بعك بها إلى اللووة الفريول:في لندن: «كان من .بين
الهنود الذين التقيتهم في أمهيرستبرغ بعض الشخصيات غير العادية.
والذي جذب انتباهي أكثر كان تكومسيه زعيم قبيلة الشاوني».

ماما ترج روك كات انه حير إناة على التفا ريني الث ترط
بديترويت» رسم تيكومسيه خريطة دقيقة على قطعة من لحاء شجر
البتولا بسكينه التي يستخدمها للصيد ال 0
عبر بروك النهر إلى الجانب الأمريكي من ديترويت في قرية سبرينغ ويلز.
من هناك» أرسل أمراً إلى الجنرال هال كي تستسلم ديترويت. كان يعتمد
على خوف الأمريكيين من الفظائع التي يرتكبها الهنود. عندما رفض
هال؛ لجأ بروك إلى الحيلة. جعل مقاتلي الميليشيا التابعة له يرتدون الزي

-117-
لا31طأ ا 01310123 مر هودع الا

الأحمر الذي كان يرتديه الجنود البريطانيون وجعلهم يسيرون في موكب
بحيث يمكن أن يراهم هال. ثم تلقى هال رسالة مفادها أن قافلة الإغائة
قد ضلت طريقها في الغابات وفي واحدة من أكثر الاحداث المشينة في
التاريخ العسكري الأمريكي. استسلم هو وحاميته في 16 آب 1812.
دون أن يواجهوا أية مقاومة» فى حين أن 2500 فردٍ من الأميركيين ذهبوا
إلى الأسر. ولإظهار تقديره لحليفه الهندي وتكريماً له» نزع الجنرال
البريطاني وشاحه العسكري الأحمر ولفه حول خصر تيكومسيه. ورد
زعيم الشاوني عليه بنزع وشاحه المطرز وقدمه إلى بروك. ثم تعانقا
وسط هتاف الجنود وصيحات الحرب من المحاربين الهنود.
قبل إعلان استسلامه؛» أرسل هال المذعور أوامر إلى سكان حصن
قاكذه» الكابتن ويليام ويلز. بأن عددا كبيرا من المحاربين الأعداء قد
تجمعوا في المنطقة. للأسف. أطاع الكابتن ويل أمر الجنرال هال» وفي
5 آبء انطلق طابور طويل من الجنودء تصحبهم زوجاتهم وأطفالهم.
من حصن ديربورنء وما كادوا يعبرون السياج حتى هجم عليهم مئات
من الهنود من قبيلة بوتاواتوومي» وذبحوا عددا كبيرا منهم. كان مصير
الكابتن ويلز فظيعا جدا؛ تم قطع قلبه وأكله. هذه الحادثة جعلت جميع
سكانث المناطق الحدودية يشعرول بالذعر بالكامل ويمرون هاربين.
وأضيقت منطقة نياغارا الحدودية الآن جاهزة لكى يستولى عليها
البريطانيون والكنديون. ْ '
أعقبت ذلك حادثة أخرى منعت حدوث ذلك. في 12 تشرين الأول
عبر العقيد الأمريكي سولومون فان رينسيلر» الذي كان يقود ميليشيا
نيويورك, نهر نياغارا وهوجم في مرتفعات كوينزتاون في شبه جزيرة
باغارا في كندا. :تغرضن السترال يروك» الذئ كان رموه هموما مض ]د
لاستعادة مدذ مفقود إلى اعتداء ممنس- ا /
6 لى مميت برصاصة بندقية. وعلى الرغم
-118-

لا31طأ ا 01310123 مهودع الا

من أن البريطانيين واصلوا المسير لتحقيق النصر في هذا الهجوم. إلا أن
قواتهم تُركت بدون قائد.

وبسرعة ظهر تهديد جديد على طول نهر واباش للوحدة البريطانية
التي كانت تروم الاستيلاء ء على ديترويت. كانت تتقدم قوة مؤلفة من
0 من رجال قبيلة كنتاكي. أوةة قفهم الهنود بقيادة تيكومسيه وباستخدام
الرياح المواتية قاموا بإشعال النار في أعشاب البراري.

وتدخل الطقسء وأدى حلول الشتاء إلى توقف القتال على طول
الحدود الكندية. استغل تيكومسيه هذه الفترة لجمع المزيد من الدعم
من القبائل. لم يكن هدفه الأساس مساعدة البريطانيين في قتالهم
-والمشاركة فى «حرب الرجل الأبيض» - بل لحماية أراضي الصيد
المقذسة لأشقائه الهنود الحمر. بذأ قادة واشنطن بالقلق من تنامي نفوذ
الزعيم تيكومسيه. لم يكن محاربوه الألف هم الذين يقلقونهم» لكن
حقيقة أن هؤلاء المحاريين ن أتوا من جميع القبائل الشمالية الغربية.
ماذا إذا حدث في < خضم الحرب مع بريطانيا العظمى؛ ؛ أن تضطر أمريكا
إلى مواجهة انتفاضة هندية منسقة؟ ومن أجل ذلك الغرضء لم تكن
الولايات المتحدة تملك الوسائل العسكرية. ومن الحقائق التاريخية
أن البريطانيين لم يدركوا أبداً الدور القوي الذي كان عليهم أن يلعبوه.
كانت لندن بعيدة ومنشغلة في صراعها من أجل البقاء ضد نابليون.
وبروك» الذي كان يشعر بفضيلة الحصول على تيكومسيه كحليف. قد ١‏
مات. والقائد البريطانى الجديد. الجنرال هنري بروكتورء كان يعرف كل
قو ةلا أن كو لو مابنا. ظ

0 القتال من جديد في 22 كانون الثاني 1813. فاجأ بروكتر

بعض الوحدات الأمريكية على نهر ريسين وسحقها بشدة. قتل ثلاثمئة
5 بعد وقوع الكارثة في نهر ريسين» اضطر الجنرال ويليام هنري
هاريسون. قائد المنطقة الشمالية الغربية بالجيش الأمريكي, حاكم إقليم
-119-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إنديانا والرئيمس المقبا للولايات المتحدة(اق إلى الانسحاب إلى حصن

ستيفنسون. وبعد أن أصبح الطريق مفتوحاً أمام تقدم وطن لول
أوهايوء تقدم الجنرال بروكتر إلى حصن ميغسء الواقع عند مصب نهر
ماومىء عند بحيرة إيري. تألفت قوته من 500 من الجنود النظاميين و500
0 محارب. لمدة أربعة أيام» قصف بروكتور الحصن ببنادقه الثقيلة
مؤلفة من ألف ومئتي رجل من قبيلة كينتاكي تحت قيادة الجنرال غرين
كلاي كانت في طريقها لتخفيف الطوق على الحامية المحاصرة» هرع
مع قواته لمساعدتهم. قبل أن يتمكن من الانضمام إلين الجنرال كلاي»
ل ا في الفخ. كد ا 1 تل
زعيم قبيلة الشاوني أن محاربيه قد بدؤوا بذبح أسراهم. سرعان ما
تدخل وكان لذلك أثر في منع إزهاق لمحي اروع الأمريكان في
ذلك اليوم الخامس من أيار من عام 3. ما أغعضب تيكو مسيه هو
عدم ما" بزوكرر ب المديجة فبصق عليه وهو يخاطبه: «أنت لست
لاتقا للقيادة» من الأفضل لك أن تذهب وترتدي البيتيكوت2». كان
لا بد أن تؤدي هذه العبارة إلى حدوث انعدام ثقّة عميق بين الجنرال
البريطاني والزعيم الهندي. وبينما كان بردك هو الدبلوماسي المخضرم
ال 0
جعل هذا من السهل جداً أن يخطط تيكومسيه للاستيلاء غلك الحفية
بالحيلة. أمام ضباطه. صرخ برو كتور بوجه الزعيم النبيل بأنه لن يسمح
أبداً باستخدام جنوده «بهذه الطريقة الهندية الغادرة». بعد تلك الإهانة

1- تم انتخابه في عام 1840 بأغلبية لاتقل عن 150 ألف صوت.
5- هي تنورة يمكن ارتداؤها تحت فستان أو تنورة أخرى. المترجم.

-120-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

تخلى بروكتور عن فكرة الحصار. لا بد أنه كان بمثابة صدمة له عندما
انجرف معظم المحاربين الهنود ولم يفعل تيكومسيه أي شيء لوقفهم.
بالنسبة للشاوني» أظهرت هذه القضية مدى عنصريته الفطرية. إنها
كانت حرب الرجل الأبيضء لكن لسوء الحظ» كانت خطته التي تتسم
بالمبالغة لتأسيس كونفدرالية هندية على وشك أن تفشل. كان مستهل
تلك الدراما هو القتال على بحيرة إيري. بعد مواجهة بحرية حاسمة
على البحيرة» استسلم أسطول بحيرة بريطانيا العظمى. أدرك بروكتور
أنه بدون الحماية البحرية لمسار إمداداته الحيوي» أصبح يتعذر الدفاع
عن موقفه على الشاطئ الجنوبي لبحيرة إيري. في المرة الأخيرة» هرع
تيكو مسيه لمساعدته مع ألف محارب. لكن بروكتوئ الذئ لم يكن أبدا
قائذا قادرا على اتخاذ قرارات.جرعة» قروترك خط المواضلات العافة)
ومعه حصن ديترويت. ومن أجل انسحابه إلى شبه جزيرة نياغاراء اختار

وفي هذه الأثناء» قام هاريسون بجمع ما يقارب 4500 رجل. وقام
شيلبي حاكم كنتاكي بجمع 3000 شخص آخر. آخر من انضم إلى فيلق
هاريسون كان هو المقدر له أن يلعب دورا رئيسياً فى الدراما القادمة.
حول رايته ألفمن المقاتلين الهنود. ومعظمهم من المغامرين والمتلهفين
إلى «الخوض في دماء الهنود الحمر». في 27 أيلول عام 1813» عبرت
القوة المتجمعة من جزيرة الآأخت الوسطى إلى الأراضى الكندية. هرب
بروكتورء ولحقه هاريسون.

لي ا ا ا ا ا ل ا

مع الجنرال البريطاني بأن عدم اتخاذ موقف كان يعني فعليً سايم
ا ال ل واي لع ا 0ن

-121-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

تقدمهمء لكنه توسل إلى بروكتر أن يتخذ موقفاء كانت المرة الأولى في
مزرعة ماثيو دولسون ثم مرة أخرى في نهر مكغريغور لكن الجنرال
البريطاني نبذه وقام بإهانته أكثر عندما أدار ظهره لزعيم قبيلة الشاوني”" ش

وكان بروكتور رجلاً يختبوع من أعدائه وميالاً للذعر» وكان قائداً
ضيق الأفق لم يكن ينظر أبداً إلى حلفائه الهنود كونهم من ذلك النوع
من المقاتلين الذين يمكن الاعتماد عليهم خلال مواجهته مع المشاة
المنضبطين» وعلاوة على ذلك ليس لديهم ما يحاربون من أجله. كان
مخطتاً في كلتا الحالتين. كان الهنود محاربين من الدرجة الأولى؛ وإن
التنازل عن أراضيهم للعدوء يعني أن لديهم الكثير ليخسروه أكثر من
المرارعَين البيض:

وصلت الأمور إلى مرحلة بحيث بات فيها حتى أفضل الجنود خائري
القوى ومنهكين بسبب الإجهاد الدائم. وقد وصلت القوات البريطانية:
إلى هذه المرحلة. بالإضافة إلى ذلك»: بدأت تحدث المجاعة وهبوب
العواصف وسقوط الأمطار والصقيع. تقلص تعداد «جيش بروكتور)
إلى 400 جنديء بالإضافة إلى 1000 محارب من أتباع تيكو مسيه.

أدى النقص في الرجال والإمدادات (تخلى بروكتور بحماقة
عن جميع مدافعه؛ باستثناء واحدء» وعن كل مخزونه من البارود في
ديترويت) إلى أن تضعف عزيمة الجنرال» وهو شعور سرعان ما أصاب
جنوده المحطين: ويلك لم يفقة السيطرة ة على سير الحملة فحسب»
بل أيضاً السيطرة على رجاله» وأصبحت إدارة الشؤون العسكرية الآن
في أيدي اللفتنانت كولونيل أوغسطس واربرتون.

علم هاريسء» وهو يلاحق أخبار البريطانيين بحماس بالانهيار
بمعنويات مقاتلي الفرقة البريطانية. فقد كانت عمليات فرارهم تجري
بسرعة كبيرة إلى حل أن «كلاب الصيد لا يمكنها الإمساك بهم. 5

1- في النهاية خضع بروكتور لمحاكمة عسكرية وتم طرده.
2- اسم أغنية.

-122- ةلاطا 2أمجغمم هذه الا

كانت سرعة هروبهم كبيرة حتى إنهم فشلوا في تدمير الجسور بعد أن
عبروا عليها. لكن تيكومسيه لم يكن كذلك. فقد نصب في نهر مكيغرو
كميناً ذكياً. قام مقاتلوه بالزحف على بطونهم وقاموا بتمويه أنفسهم في
وسط الظلام الغادر للغابة. وصلت الوحدة الأولى من سلاح الفرسان
الأمريكي بعد أن سارت على طول الطريق وخاضت بحذر في النهر.
كان البعض يشتم جنرالهم المذعور لمطاردته العدو. وكانوا في منتصف
الطريق عندما انفجرت في الضفة المعاكسة قذيفة مدفع سقط على أثرها
عدد من الرجال والخيول مجروحين أو ميتين في المياه. قام الهنود
بإعادة تحميل القذيفة الثانية ونجحوا في إطلاقها مرة أخرى قبل أن
يعمل الفرسان التاجون إلن الضفة البعينة تاركين وراءهه العشراك هن
الفرسان الجرحى والجياد المصابة وهي تغرق. بالنسبة لهاريسون؛ كان
الأمر مجرد استعراض توقافة فك لأن أقوائه الرئسة روميت نكل
هذا القوة والشدة لدرجة أنهم دفعوا المحاربين من موقعهم على ضفاف
النهر. وما إن وقف الأمريكيون وسط المياه» أطلق الهنود قذيفتهم
الأخيرة قبل أن يختفوا بين الأشجار.

في تلك الليلة» شعر تيكومسيه بالاكتئاب. كان يشغل تفكيره هاجس
ونال لعنقيقه ارقاو انا زعي تاللا سير كن وبين !:زهاذا سعدك
لأولادي المساكين؟». كان يجلس معهم حول النار ويليام كالدويل؛
الذي كان في السابق نقيباً في إحدى الوحدات العسكرية المعروفة باسم
بتلر رينجرزء لكنه أصبح الآن يقود وحدته الخاصة من القوات غير
النظامية التي يطلق عليها اسم كالدويلز رينجرز. كان كالدويل ينظر إلى
المزايا القيادية التي يملكها تيكومسيه باحترام كبير. كان يعلم أن بروكتور
لم يعد يناقش خطط معاركه مع الهنود. في حين اعتبر الهنود أن بروكتور
جبان وجنوده البريطانيين رجال غادرتهم روح القتال. حتى المؤرخ
البريطاني الرسمي كان يعتقد كذلك. فقد كتب السير جون فورتسكو
يقول: النقص في الأعداد لم يكن هو العيب الوحيد»» لأن الرجال كانوا

-123-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

محبطين للغاية. أثناء تراجعهم, قدموا لائحة الإدانة والاتهام, الى يذو
أنها كانت ويا للبؤس مبررة»؛ وهي أن قائدهم كان أكثر قلقا على سلامة
عائلته وممتلكاته الخاصة أكثر من قواته. ظ

كان حلول الشتاء الكندي قاب قوسين أو أدنى. وكانت تلك الليلة
باردة حين تجمع فيها الجنود البريطانيون المتعبون حول النيران في
المخيم يتبادلون الأحاديث. ١ما‏ هي طول المدة التي يمكن أن يواصل
فيها بروكتور الهروب؟ تذكر كلامي هذاء سوف يجبرنا هاريسون على
أن نصمد قبل أن نصل إلى بعثة مورافيان». وهذا ما كان يجب أن يحدث.
في وقت مبكر من صباح يوم 5 تشرين الأول 1813.

اشتبك هراري في نهاية المطاف مع قوة بروكتور من الرعاع. كان
الأمريكيون يمتلكون تفوقاً عددياً كبيرء ولكن يمكن تعويض ذلك
بسرعة من خلال تطبيق تكتيكات تيكومسيه في صنع الكمائن.

تم اختيار مكان الكمين بشكل جيد؛ كان عند طريق يؤدي إلى وسط
حقل» مع مستنقع صغير في الوسطء ويحده من جانب واحد نهر واسع
ومن الجهة الأخرى مستنقع كبير واسع للغاية. وهناك» كان ينشط حيوان
القندس الد ول لكان كيدا الوطني. قام اجون يك المع لا
واستخدموا الأخشاب لبناء سد» كان جزء كبير من الاأرض مغمورا
بالمياه. وهذا الأمر ضيّق المساحة بين الغابة والنهر بشكل كبير.

هذا الممر الضيّق حد من قدرة هاريسون على استثمار تفوقه العددي.
ولكن كان هناك سبب وجيه آخر لعدم إشراك كامل قوته. على الرغم
من أن جنود الاستطلاع أخبروه بوضع القوات البريطانية المحاصرة, إلا
أنهم فشلوا في اكتشاف مكان وجود ألف محارب من أتباع تيكومسيه.
وهذا أقلق هاريسون للغاية. كان من الغباء أن يشرك جميع وحداته قبل
الديعرت ين يختبئ هؤلاء «المتوحشون». لذلك» أوكل مهمة الهجوم
الاولي إلى اليد ريتشارد جونسون ورماته الألف الذين كانوا على
الخيول. كانت أوامرهم تقضي بالاندفاع على جانبي الطريق وفك

-124-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الحصار عن 400 من الجنود النظاميين البريطانيين» الذين تشكلوا فى
خط مزدوج متعرج على الطريق. قام بروكتر بتركيب قطعة مدفعية فريدة
من نوعها في العلن» وكان مدفعه صغيراً مصنوعاً من البرونز ولكن بدون
بارود أو طلقات!

توجه الكولونيل ريتشارد جونسون إلى الأمام لدراسة الوضع.
اكتشف أن المسافة الواقعة بين النهر والمستنقع الصغير في وسط الحقل
كانت ضيقة جدا لشن هجوم مباشر لكامل مجموعته المكونة من 1000
فرد» لذلك. قام بتقسيم قواته إلى نصفين ومنح قيادة كتيبة واحدة لشقيقه.
اللفتنانت كولونيل جيمس جونسون. مع أمر بضرب صفوف القوات
البريطانية من الخلف من خلال قيادة جنوده إلى الأمام؛ وذلك باستخدام
الغطاء النباتي الثقيل الموجود على طول حافة المستنقع الكبير الذي
يفتقر إلى وسائل دفاعية.

خلال فترة انسحابه الطويلة» لم يوجه بروكتور كلمة واحدة إلى
تيكومسيه؛ لكنه الآن أصبح بحاجة إليه. كان المحاربون الهنود هم الأمل
الوحيد المتوفر ما بين العدو والكارثة. تحت جنح الظلام؛ وبالتحالف

مع مقاتلي كالدويل» نشر تيكومسيه 1000 قطعة من بنادقه في موقع
مثالي» مخبأة في الأعشاب الكثيفة وخلف الأشجار اليابسة على
حافة مستنقعات القندسء وأيضاً ضمن نطاق واسع من قوة البنادق التي
اضطرت إلى المرور من أجل مهاجمة جنود «بروكتور» المحاصرين.
قذائك الهنود:منوف'تشجر إلى:جانن الكثائن المهاجمة والسحة من
شأنها أن تجعل «الإله العظيم شاحباً من الصدمة»» وبالتالي سيتّم التغلب
على التفوق العددي. كان الإعداد للأمر مثاليأء وسيتم ذبح الأمريكيين.

0 لكا ريرك الونود لمحي ودار ومين يتسك إن رات تمان
حافة المستنقع» مرت ساعة ولم يحدث شيء. لقد رأوا بعض الفرسان
الفرادى (جونسون مع جنود الاستطلاع)» لكن لم يكن هناك وحدات
كبيرة. لم يكن هناك سوى الصمت فقطء الصمت غير المريح الذي

-125-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

يحدث فقط في الغابات والبحيرات. كان المحاربون الهنود مستلقين
بهدوء كأنهم جثثء لكن رجال قوة كالدويل بدؤوا يشعرون بنفاد الصبر
ويدورون جيئة وذهاباً فوق الأرض الرطبة. بدأت الدقائق تمضي وبدا
كما لو أن كل دقيقة دامت ساعة.

سيطر القدرء أو الروح العظيمة للرياح» على الوضع. في حين
قام الأخوان جونسون بتقسيم قوتهماء حدثت ظاهرة طبيعية - لم
تكن حدثاً استثنائياً في موسم الخريف - كانت هي التي ستقرر
نتيجة المعركة. كانت ليلة خريف كندية نموذجية» عندما انخفضت
درجات الحرارة إلى حد الانجماد وصبغ الصقيع المفاجئ الأشجار
عبر الأرض بخليط من الألوان الجميلة. كان الهواء يبرد بسرعة. لكن
ماء المستنقع. » حافظ على درجة حرارته الثابتة. و العسر في صباج
لطيف. ارتفعت الشمس وبدأت بتسخين سطح المستنقع بشكل أسرع
من الهواء. ارتفعت المياه على شكل أبخرة» مختلطة مع الهواء البارد.
لتنتج رطوبة زائدة تتكثف على جزيئات الغبار المجهرية في الغلاف
الجوي فوق الأرض مباشرة. وأدى هذا من جديد إلى زيادة محتوى
الرطوبة في الهواء إلى ما وراء نقطة التشبع وتحولت على الفور إلى
ضباب كثيف. على الرغم من أن بقية ساحة المعركة بقيت واضحة
نسبياًء إلا أن المحاربين الهنود الذين كانوا على حافة المستنقع غمرهم
الضباب ولم تعد لديهم أهداف يطلقون النار عليها لأنهم لم يعودوا
يستطيعون الرؤية لأكثر من ثلاثة أقدام.

لقد كان هذا الغطاء من الضباب الكثيف على وجه التحديد. هو
من سيتسبب في الكثير من الفوضى والموت. كان المحاربون ينظرون
عون ضيه ربط الظادم . كانت الرؤية محدودة لا تتعدى أمتاراً قليلة.
كان بإمكانهم فقط أن يصلوا عسى أن ترسل الروح العظيمة لهم بعض
الرياح لتقوم بتشتيت الضباب. . في صباح ذلك اليوم» لم يستمع الإله
العظيم لدعوات أولاده.

-126- ألا 0131013مهوذع ]آلا

كان ذلك هو الوقت الذي نزل فيه موكب جونسون في الفناء ليهاجم

من البداية كان الأميركيون ين يتمتعون بالأفضلية ا
لإطلاق النار. ركع الصف الأول.» 0 جنود الصف الثاني لإطلاق
كولونيل جونسون الاوائل من فتح ثغرة في كمين تيكومسيه دون أن
يصابوا بادى. ووسط حصي ل يبرن لد مدل في هده لحري لامو
بتجاوز صفوف القوات البريطانية وتحولوا إلى جناحها الأيسر. أصبح
5 00 وفوضويا. الداعت 0 جلود
ل الم أقل من عشر قا لمطاردة ذوي المعاطف الحمر في
رجا دن الغرقة ار احدة والاريعين أن يملق جلف لكن كل هذا لم
يكن شيئاً مقارنة بالهرج والمرج الذي كان على وشك أن يسود البقعة
الضبابية على حافة المستنقع.

كان تيكومسيه؛ الذي كان قد لاحظ فرسان جونسون وهم يقومون
بالهجوم من موقعه المميز في إحدى الاشجارء يشعر بالاشمئزاز من
السلوك الجبان للجنود للبريطانيين... فجأة لفت انتباهه وجود حركة
على طول الجناح الأيمن. فقد جنحت مجموعة كبيرة من الفرسان ببطء
نحو حافة المستنقع» وكانت لا تزال تتخفى خلف دثار من الضباب
الكثيف. كانت تلك الوحدة تحت إمرة شقيق جونسون, اللفتنانت

رأى تيكو مسيه فعأة حركة فى الضباب. أراد أن بصرح «أنت
فَونَيت جداأ). «انتظر!» وبسبب ضجيج المعركة التي كانت تدور من
حول البريطانيين» كان يمكن لهم أن يسمعوه ولكنهم لا يرونه» لم يبِقّ

-127-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المحاربون بانتظار إشارة منه. على الأرجح. لم يكونوا راغبين في
وصفهم بالجبناء. ومهما كان السبب» فقد اندفعوا الآن إلى الأمام
يملؤون الهواء بصرخاتهم الحربية الحماسية» وفي وسط الضباب
الكثيف شقوا طريقهم بلا تردد وسط فرسان جونسون البالغ عددهم
خمسمئة: قفز الفرسان وقد لفتهم دوامات الضباب عن ظهور خيولهم.
لم يتلقوا أي تحذير وكان عليهم الآن الدفاع عن حياتهم بأفضل ما يمكن
في وسط البرد والضباب. الجنود والمحاربون لم يعودوا أشخاصاء بل
أشكالأء تجمعت فى مكان كثير الضباب. لقد انخرطوا في معركة مخيفة
وجهاً لوجه مع الظلال - وغالباً ما كانوا يقتلون من كان بجوارهم.
واستخدموا أعقاب البنادق والفؤوس والهراوات وسكاكين الصيد
واللعراحير اح لقاع قار لقد ضربوا وجرحواء وطعنواء
وعضواء وذبحوا بعضهم البعض بمتعة مثيرة للاشمئزاز. لم يسأل أحد
عن أي عفو ولم يمنح أي منهم ذلك. وسط ضجيج المعركة؛ كان يسمع
صوت تيكومسيه مشجعاً محاربيه. ما حدث في هذا الضباب الكثيف
كان يها أكثر فظاعة. تلون المستنقع باللون الأحمر بسيب الدماء.
كانت فؤوس التوماهوك" تهوي على الرؤوس والحراب تنغرز باللحم
الحي. تعثر الرجال أكثر من أي وقت مضى ببعضهم البعض بشكل
أعمى وسط الضباب وهم يحاولون الهربء. وكانوا يصرخون. ويطلقون
النار» ويطعنون» ويموتون. وكان آخرون يفرون مرعوبين ويقتلون وهم
يهربون. كان أحد رجال قبيلة كنتاكي يزحف على قوائمه الأربع. فرمى
هندي فأسه التوماهوك عليه» الذي أصابه بين شفرات الكتف. وسقط
البعض جرحى على الأرض أو عاشوا وقد تشوهوا بقسوة» وسلخت
فروةرؤوسهم. كان كاديويل» قائد الحرسء وقد غطى الدم يديه قد تخلى
عن بندقيته» واستخدم بدلاً من ذلك بلطته للمعارك للتعامل مع الأعداء
واحزا ويه الأ خر: في مكان قريب» أصيب أحد رجاله بإطلاً

ف نار في

-128- 000
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وجهه. جعله يتراجع إلى الوراء وهاجمه بساقيه قبل أن يرقد بلا حراك.
كان رجل قبيلة الشاوني قد سحق وجهه بعقب بندقية» والفارس قد جر
عنقه. كان هناك محارب آخر يركب على ظهر عدوه. ويعوي كحيوان
بري ويخنقه بيديه العاريتين. فجأة تعثر شخص وسط الضباب. كان
ذلك الشخص هو تيكو مسيه. ذراعاه ملفوفتان حول جسده. عندما شاهد
صديقه كالدويل» فتح ذراعيه وبانت حفرة كبيرة في صدره. كان الدم
ينفث مثل نافورة وكانت هناك رغوة على شفاهه. كانت على الأرجح
بسبب جرح في الرئة. . ورويداً رويدء غاص ذلك المحارب العظيم في
الأرض. أمر كالدويل اثنين من الهنود بالاعتناء بزعيمهم. فقاموا بوضع
حفنة من الطين فوق الجرح لمنع تدفق الدم؛ ثم حملوه واختفوا معه في
الضباب. وبعدها لم يرّ أحد المحارب العظيم أبداً.

مع موت تيكوصيه لم يخسر المحاربون زعيمهم فقطء ولكن أيضا
إرادتهم لمواصلة المعركة. لقد اختفوا في المستنقع وانتهت معركة نهر
التايمز بنصر أمريكي"".

إن مسألة من قتل تيكومسيه تعتبر لغزاً تاريخياً©». وهناك العديد من
القصص التي تصف حدث اكتشاف جتثته» وأنه تم تشويهها من قبل
الرجال البيض بعد المعركة. يكاد يكون من المؤكد أنه لم ير أي رجل
أبيض جثة زعيم قبيلة الشاوني مرة أخرى.

كان تيكومسيه هو «الهندي النبيل». الذي لم ينحرف عن عقيدته؛ التي
كانت مبنية على حماية أرض أسلافه وبناء عاتلة واحدة كبيرة ومتحدة من
جميع القبائل. مع وفاته» تلاشت مقاومة القبائل ودفن حلمها بأمة هندية
متحدة إلى الأبد. هاجرت معظم القبائل غرب المسيسيبي. من السخف
1- استمرت الحرب لمدة عام آخر. بعد هزيمة نابليون» قام البريطانيون بتعزيز وجودهم

في كندا. كان هجومهم الأكثر شهرة هو الذي وقع في خليج تشيسابيك والذي أسفر

عن تدمير واشنطن العاصمة. ٍ 1
2- اتهم العقيد ريتشارد جونسون لفترة قصيرة بإصدار أوامر صارمة بقتله حالا.

-129-

لا31طأ ا 01310123م هودع الا

تقريباً أن تنتج مثل هذه العواقب التاريخية الهامة عن مثل هذه المعركة
غير المهمة. لكن هذا هو مجرى التاريخ في كثير من الأحيان. ورغم
أن مثل هذه المجازر الجماعية قد وقعت خلال حروب نابليون ولم
ينتج عنها إلا الشيء القليل أو لم ينتج عنها أي شيء؛ فإن المواجهة التي
حدثت بين بضع مئات من الأفراد -وسط حالة مفاجئة من الضباب-

يمكن الجدال بأن تيكومسيه لو ثبت أنه المنتصر في معركة نهر
التيمزء فإن من غير المرجح أن يكون هذا قد غيّر مسار التاريخ. نظرا
لأن المستوطن الأمريكي وبسبب إصراره كان سيعو د) وإن مصلحته
الاقتصادية ستنتصرء وإن أرض الصيد المقدسة سوف تصبح مدمجة في
الولايات المتحدة الأمريكية التى يسكنها البيض.

يعيش تيكومسيه؛ «أو النجم الثاقب» (في لغة قبيلة الشاوني) وسط
قلوب أبناء شعبه: بالنشبة للأميركييقء لآ يزال الشيخضن الأكثر عموضا بين
من اختاروا طريق الكفاح» ولا زال باقيا إلى اليوم شخصية رمزية مركزية
في القصة الأسطورية التي تروي تلك الأحداث الموغلة في القدم.

-130- ألا 0131013مهوذع ]آلا

1 لقأعقن8 01600:8م18] 1812

لإاعن0 61800
ماوع 3 //ا

ببوع عوابا من اعمج ورمواممهلة. ‏ وعم
ببجمعهواا مما نهم 600'*8أ0 جه 238 5 95 5
8164 بمزماية 14

-131-

لموءطنا 23 0و كع الا

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

عندما توجب الأمر عبور جسرين
5 تشرين الثاني 1812

الخطة الناجحة جرأة. والفاشلة تهور

)1831- 1780( كارل فون كلا وزفيتز‎ ٠
.1812 عن حملة احتلال روسيا عام‎

الصريح: بمجرد أن تبدأ الحرب - فإن واحداً مناء إما نابليون أو أناء
ألكسندرء يجب أن يفقد تاجه». كان هذا هو مضمون الرسالة التى
بعثها ألكسندر الأول قيصر روسيا إلى الإمبراطور نابليون وحملها
الكونت كوليتكورت مبعوثه الخاصء لكن نصيحته ذهبت أدراج
الرياح!".
في صباح يوم 25 حزيران 1812» بدأ أكبر حشد لقوات عسكرية شهده
العالم على الإطلاق - يتكون من أربع مئة وثلاثة وعشرين ألف رجل
1- بتوقيعها على معاهدة تيلسيت عام 1807» وافقت روسيا على الانضمام إلى الحصار
الذي فرضه نابليون على إنجلترا. لكن روسيا لم تستطع الوفاء بوعدها. فالصناعة
الروسية تعتمد في جزء كبير من إيراداتها على تصدير الخشب الذي يدخل في صناعة
السفن؛ (والذي تستخدمه البحرية البريطانية)» في حين أنها تستورد السلع المصنعة»
مثل القماش والصوف. وليس لها بديل غير ذلك. بحلول عام 1810» أمر القيصر
امي مامه رار ل
-133-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ألف ومئة وخمسين مدفعا - عبور نهر 0 للقيام بغزو روسيا.
وهكذا دشن نابليون بنفسه حدثا تاريخيا مهما تمثل بالحرب المدمرة.
كان يمكن أن يكون الأمر أفضل مع جيش بنصف هذا الحجم ولكن
من نوعية أفضل. لم يعد الجيش الكبير 0 11101011056 0 الجيش
الكبير الذي شارك فى حرب عام 2 هو 41:16 622706 الذي شارك
فى حرب عام 1805 ولم تكن قوته المقاتلة مكونة من الجنود النظاميين
الذين كانت شجاعتهم محل شك. ولم وعا جار الات - باستثناء مارات ا
القتال» ولا الحماس للقتال والغزو. كانوا يشعرون بالغيرة من تفضيل
بلاط نابليون لبعضهم دونا عن البعض الآخرء وحجم ثرواتهم التي

كان كبرياء نابليون هو الشيء الوحيد الذي لم تشوبه شائبة. فهولم
يذق أبداً مرارة الهزيمة. حاول الكونت كولاياكوغ» وقد كان يمتلك 2 ٠‏
معرفة حميمة بروسياء وباعتباره المبعوث الفرنسي إلى سان بط رسبرغ.
أن يحذر إمبراطوره: ظ

«سيدي؛ يجب أن تكون مدركاً لحجم مساحة روسيا ومدى قساوة
فصل الشتاء فيها».

أجاب نابليون بإصرار: «أنت يا كولاياكوغ تتخيل نفسك متجمدا
بالفعل. ليس لدي أي نية للبقاء طويلاً هناك». ظ

كانت خطة نابليون بسيطة: يتوجه مباشرة إلى موسكو ويجبر القيصر 2 |

1- نهر يقع بأوروبا الشرقية» ينبع من روسيا البيضاء ويجري في لتوانيا ليصب في بحيرة
فورشء. ثم في بحر البلطيق. المترجم.

2- أو معركة الأباطرة الثلاثة» وكانت إحدى أهم النزاعات الحاسمة في الحروب
النابليونية. وجرت بين قوات التحالف وهي الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية
الرومانية من جانب ومن الجانب الآخر الإمبراطورية الفرنسية بقيادة الإمبراطور
نابليون بونابرت. انتهت المعركة بانتصار حاسم للفرنسيين. المترجم.

-134-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ألكسندر على أن يذعن لمطالبه. لهذا قام بتقسيم حشده الكبير إلى ثلاثة
أرتال» تتقدم بمسار متواز إلى عاصمة روسيا. في مواجهة الفرنسيين
كانت هناك ثلاثة أرتال روسية أقل خبرة وتمرساً بالقتال إلى حد بعيد
تحت قيادة الجنرالين باركلي دي تولي وباغراتيون. فبسبب تمر البلاط
القيصري على اثنين من أفضل الجنرالات» وهما بينيغسين وكوتوزوف
تم تنحيتهما جانبا عن القيادة؛ ولحسن حظ القيصر وروسياء تم الاحتفاظ
بالمارشال كوتوزوف» أخطر خصم لنابليون» كمستشار عسكري
استراتيجي.

لقد سبق لكوتوزوف أن واجه نابليون من قبل» في عام 1805. بعد
يوم من الانهيار النمساوي الروسي في معركة أوسترليتز» وحين تحدث
أحد ضباطه بازدراء عن الإمبراطور الفرنسى حذره كوتوزوف من ذلك
وصاح به قائلاً: «أيها الشاب» من الذي أعطاك الحق في أن تسخر من
واحد من أعظم رجال التاريخ؟» وهو ينصح الآن قيصره بأن يستخدم مع
نابليون استراتيجية مضايقة مستمرة دون إعطائه فرصة لإغراء الجيوش
الروسية التى كانت أضعف من جيوشه للدخول فى المعركة. يجب
التحرك بسرعة» وشن غارات محدودة على أجنحة الجيش الفرنسي من
قبل وحدات سلاح الفرسانء إلى جانب اتباع سياسة الأرض المحروقة
لمنع وصول الغذاء إلى الخصه”" والمأوى. هذه الاستراتيجية سرعان ما
أظهرت نتائجها. بدأ التعب والجوع يتسبب في الحد من فعالية الفرنسيين»
وبدأت ضرائبه القسرية المفروضة على السكان تتناقص بشكل كبير» وأدت
الهجمات المتفرقة إلى إبطاء حركة نابليون كثيراً حتى إنه فشل في محاولته
للتحاق بالقوة ال ني للقاقة ار وض باركلى فى ماين قاو مر 01

وقع أول خطأ في سلسلة من الأخطاء الفادحة التي ارتكبها نابليون
في فيلينوس. فبدلاً من السعي إلى ملاحقة العدو الرئيس بقوة» أمضى
1- كانت جيوش نابليون متواجدة أغلب الأوقات خارج أراضيها.
2- عاصمة ليتوانيا حالياً. المترجم.

-135-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نابليون صانع الملوك بعض الأسابيع في فيلينوس في محاولة لحل
مسألة استعادة عرش صديقه ملك بولندا. لقد قيل إن هذا لم يكن السبب
الوحيد لتأخره. فقد كانت إحدى مبعوثات الحكومة البولندية امرأة رائعة
الجمال» تدعى ماريا فاليسكاء وقد وقع الإمبراطور الفرنسي ضحية
لسحرها”"». ومن أجل حب امرأة أعاق تقدم جيشه.

تقدم الجيش الكبيرء 06 477166 من فيلينوس بدون مقاومة.
للمرة الأولى في حياته العسكرية» شعر نابليون بعدم الارتياح» تذكر
مصير الملك المحارب السويديء تشارلز الثاني عشرء الذي سمح
لنفسه بأن تتورط فى مساحة روسيا الشاسعة قبل أن يعاني من هزيمة
كارثية في بولتافا© في حين فشل نابليون في القبض على باركلي؛ فشل
شقيقه جيروم في محاولته إجبار الرتل الروسي الثاني بقيادة باغارتيون
على الدخول في المعركة.

كتب نابليون ملاحظة غاضبة: «كيف يمكننى خوض الحرب بهذه
الطريقة عندما يتعرض للخطر نجاح الحملة بأكملها». وقرر إعفاء
جيروم من قيادة الجيش ومنحها إلى المارشال دافوت.

في هذه الأثناء» فإن عمليات النهب والسلب التي قام بها أفراد
«الجيش الكبير) كانت توازي أي دعم يمكن أن يحصل عليه
إمبراطوره من العبيد الروس الذين تم تحريرهم حديثاًء فقد تم نهب
الطعام من كل قرية تركت دون أن يمسها الروس المتقهقرون, مما
عرض السكان المحليين إلى خطر المجاعة. لكن حالة جيش نابليون
أصبحت أيضاً محفوفة بالمخاطر. فروسيا البيضاءء التي تعتبر من بين
أفقر المناطق الزراعية في أوروباء لم تستطع توفير وسائل إطعام نصف
مليون جندي. وسرعان ما عاش جيش نابليون على عصيدة الجاودار
المسلوقة. كانت الخيول أسوأ حالا .وانتهك نابليون القاعدة العسكرية
ات اتجرث لداننا هو الكستدر جوزي
2- مدينة في أوكرانيا حالياً. المترجم.

الذي أصبح وزيراً في عهد نابليون الثالث.

06 1 2طأنا 0315م هذع ]الا

القديمة التي تقضي بأن لا يقوم القائد بأي حملة قبل أن تنضج الحبوب.
سبق أن ترك الجيش وراءه أكثر من خمس مئة عربة ذخيرة مع الأسلحة
وقريباً سبيصبح جزء من سلاح الفرسان بدون خيول. ومما زاد من
مخاوفه» أن الإصابات بمرض الزحار والحمى أدت إلى وفاة الآلاف»
ونفقت خيول سلاح الفرسانء. وألقى المجندون بأسلحتهم وعادوا
إلى ديارهم.

وفى 27 تموزء بالقرب من فيتبسك' اعتقد نابليون أنه حاصر جناحى
البحيتن الروسي اللذين كانا بقيادة باركلي دي تولي وبارغاتيون» ولكن
في حركة متقنة استطاع الجنرالان الروسيان الهروب أثناء الليل» وفي
صباح اليوم التالي» لم يقتحم نابليون سوى معسكر مهجور للعدوء
تم تجريده من كل شيء. وقد اجتمع مع كبار قادته العسكريين وهماء
بيرتييه وموراتء اللذين نصحاه بشدة بأن يوقف الحملة» والذهاب مع
بداية الشتاء للإقامة في سمولينسك. ومواصلة حملته في الربيع التالي.
لبعض الوقتء وافق نابليون على ذلكء. لكن بعد يومين غيّر رأيه من
خلال ملاحظة مهمة: القد جعلت جنرالاتي أغنياء جداًء فهم لا يفكرون
إلا في الملذات». لقد سئموا الحرب. أراد أن يدمر الروس» ووجد أنه
من غير المعقول أن يتخلى القيصر ألكسندر عن سمولينسك أو حتى
موسكو من دون قتال.

وفي النهاية» لحق بالروس في سمولينسك. ثم أرسل المارشال جينو
عبر نهر الدنيبر ليقطع عنهم طريق العودة أثناء انسحابهم على طول طريق
موسكو. لكن جينو تردد» وبعد قصف عنيف استمر يومين» أصبح نابليون
على أطراف المدينة متأهباً لدخولها بينما نجح باركلي مرة أخرى في
الإفادظ كته سم قوط بوي التضاك وضل اليرت إلى نقطة لاد غوة:
أرسل جنراليه نبي وميوغات لمطاردة الروس إلى فالوتينوه حيث أغراهم
القائد الروسي باركلي للوقوع في الفخ وألحق قرابة ستة آللاف خسارة

1- مدينة في أوكرانيا. المترجم.

-137-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

على إمبراطورهم لتوفير خيم شتوية لافراد الجيش»؛ ورفض مرة أخرى,
خاصة بعد أن التقى مع مبعوث القيصر.
توجه نابليون بالسؤال إلى الكونت بالاشوف: «لماذا يوجد هناك
العديد من الكنائس؟).
«لأن شعبنا متدين جدأً سيدي».
«باه» ليس فى هذه الأيام. لذا أخبرني» ما هو أفضل طريق إلى
موسكو؟).
١‏ جميع الطرق تؤدي إلى روماء سيدي. أما بالنسبة إليك» فيمكنك أن
الثاني عشر الطريق الذي يمر عبر بولتافا».
كان التهديد واضحاً. كانت بولتافا نهاية المغامرة السويدية» حيث
تم استدراج ملكهم إلى أعماق روسيا وأباده القيصر بطرس الأكيز
أدرك نابليون تماما أن جيشه يمكن أن يختفي أيضا وسط المساحات
الشاسعة من روسياء مثل مياه نهر عظيم تقوم الرمال بامتصاصها. سرعان
كانت موسكوء التي تعد بالمساكن الفخمة والكثير من الطعام» تبعد مئتي
ميل فقط.
إن الخطر الوشيك يضطرنا إلى الاندفاع نحو موسكو. لقد استنفدت
جميع النصائح الأاخرى التي قدمها لي المستشارون».
في 25 آبه أشار رويد وهو قائد قرقة من قوات المجندين الأما
في مذكراته: «تم اتخاذ الى ا.. ها:- . --ه 1
ني كر 5 ذالقرار ها نحن نتقدم. حتى لو وصل الإمبراطور
إلى موسكوء فإنه ما لم يتمكن ا لذ 8
القيصر عاجزاً لسر ستاميمة رجتعل عبان
عكر د جز عن ممل شيء» سوف لن يستطع الاحتفاظ بالمدينة خلال
الشتاء القادم؟ توفي اليوم نقشتهة حين القيصر اعون ا الاي ل ل
:ل خيصر آخيرا الآمير كوتوزوف.
-138-

لا31أ ا 013102123 مهودع الا

البالغ من العمر سبعة وستين عاماًء القائد العام للجيش» وأمرهء خلافاً
لنصيحة الجنرال» بأن يصمد"".

في السابع من أيلول عام 21812 في بورودينو. كان جيش نابليون
قد وصل إلى ضفاف نهر موسكفاء الذي يبعد مسير يوم واحد فقط
عن العاصمة الروسية. ووجد طريقه إلى المدينة مغلقاً. وقد استخدم
كوتوزوف وقته بشكل جيد. وكانت قواته متحصنة بشدة. خلف سدود
ترابية هائلة» أطلق عليها اسم (عانا00ع12 6 الحصن الكبير)؛ قام
بنصب سبع وعشرين قطعة من المدفعية الثقيلة 0
ادعو هذا الخصن منصوبة على انين من النلال القرية #والتي يدكنها
أواتظطلق انا من النيران المتقاطعة القاتلة على أي وحدة مهاجمة.
خلف التلال» نشر كوتوزوف رجاله البالغ عددهم 120 ألفاً وكتيبة مرعبة
من سلاح الفرسان القوزاق. أفسح برد الليل الطريق إلى صباح رمادي
ضبابي. وبينما ركع المارشال كوتوزوف ورجاله للصلاة أمام تمثال
للبيذة العذرام» كان يخمله بعضن الججنود ويسيرون يه أمام كتائب جيشهم
التي تسير بالتتابع» جلس نابليون في خيمته متضايقاً من شدة البرد واضعاً
رأسه بين يديه. كان قد تلقى لتوه أنباء تفيد بأن جيش المارشال مارمون

هزيمة أمام جيش الدوق ويلنغتون في سالامانكا في إسبانيا.

سأل نابوليون نفسه: «ما هي الحرب؟ إنها عمل البرابرة حيث يعتمد

ا . في اللحظة التي بانت
شعة الشمسء خخطا نابليون لفترة وجيزة خارج الخيمة. وكان مزاجه

00 . وقال: انها شمس أوسترليتز». لكن لم يكن الأمر كذلك» كانت
الشمس في الشرقء وفي الشرق كان الروس. حدق من خلال منظاره في
التلال المنتصبة أمامه ثم التفت إلى مساعده. الجنرال راب قائلاً:

«هل تؤمن بانتصارنا؟».

1- يقول كلا وزفيتز: لم يكن كوتوزوف يريد أن يحارب في بورودينوه حيث من الواضح

أنه لم يكن يتوقع أن ينتتصر. لكن القيصر أجبره على ذلك.
-139-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

«بالتأكيد, سيدىي» ولكنه سيكون ذهوياً. :ة

«لذاء دعونا إذاً نفتح أبواب موسكو». وبهذه الكلمات أعطى الأمر
بالهجوم. وخوفاً من أن يحاول كوتوزوفء مثل باركلي؛ أن يفلت. رفض
الإمبراطور اقتراح المارشال دافوت مهاجمة الروس من الأجنحة. وبدلاً
من ذلكء أمر بتوجيه هجمة مباشرة إلى المركزء إلى وسط قرية بورودينوى
التي كانت تستتر فيها المدفعية الروسية عند الحصن الكبير. زمجرت
المدافع؛ واهتزت الأرض. تقدمت كتائب النخبة الفرنسية يزخمها
المعتاد واستولت على بوروديئو» ثم اندفعت إلى الأعلى نحو فوهات
المدافع المحترقة في الحصن الكبير. . تفاجأ الروسء لأنهم لم يتوقعوا
أبداً أن يشن هجوماً عليهم من الأمام» مما جعلهم يرمون بأنفسهم من
التل. وفي خضم المعركة؛ أصيب المارشال دافوت بجروح. . واستولى
المارشال نيي على المرتفعات الثلاث الاستراتيجية وأسكك مدفعته
لكن الهجوم على التلال الحيوية كان مكلفاً من ناحية الرجال واستتزف
الكتاتب الفرنسية. وعندما طلب جنرالات نابليون منه دذخيرة تردد
تابليونفاتفجر نى المغهوز قائلاً: الماذا لايعو إلى التويليري "ورك
جنرالاته ليقوموا بالقتال».

اغتنم كوتوزوف الفرصة وشن هجوماً مضاداً عنيفاً ألقى بالفرنسيين
من الحصن الكبير. بدا للحظة» أن نتيجة المعركة لا يمكن التنبؤ بها.
أمر نابليون كتائبه بإقامة حجاب ناري كثيف على «الحصن الكبير»» وقام
الجنرال مارات؛ بمساعدة بارعة من الجنرال نيي» بقيادة فرسانه المدرعين
وشن هجوماً عنيفاً لسلاح الفرسان لاستعادة التل «مخدول الساعة الثالئة
عصراً تم حسم المعركة. ولكن يا لها من تكلفة مروعة. قتل ما يقرب من
5 ألف رجل. أي ثلاثة أضعاف القتلى في معركة واترلوو©.

ها قد حانت اللحظة لمطاردة الروس وإبادتهم مرةواحدة وإلى الأبد.

-١‏ قصر نابليون.
و .كان كار

معركة بوروديو «مقتل 28 الف قرسي و45 القت زوين »

-140- ل31نطنا دأمجغممه5ع الا

كان نابليون لا يزال يحتفظ بالحرس الإمبراطوري تحت تصرفه؛ لكنه
رفض إشراكهم. «لن أكون سبباً في تدمير حرسي. لن أخاطر بذخيرتي
الأخيرة وأجعلهم يقطعون ثمان مئة فرسخ من فرنسا! إلى هناء من سيتبقى ‏
معي لأحارب به غداً.

في عام 1805 في قمة مجده. لم يترد أبداً في اتخاذ قرار إيجابي -
ولكنه في بورودينو فشل. وهكذاء تمكن كوتوزوف ومقاتلوه الروس»؛
الذين سّحقوا بشكل سيئ ولكنهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة كقوة
قتالية» من الفرار. عبّر مارات أفضل تعبير عمّا كان يدور في ذهنه في ذلك
اليوم: «لم أعد أعترف بعبقرية الإمبراطور».

فى بوزؤيتوة حيقق تايلبوق: انتضارا باهظ الكمن :وير الحملة
الروسية

في صباح اليوم التالي 0 بورودينوه حذر أسير روسي نابليون
قاتلاً: «سيديء إن شهرا واحدا من البرد في مناطقنا سوف يجعل أظافرك
تسقط ». للأسف. فشل الإمبراطور في أن يهتم بتلك الكلمات التي كانت
قبا نما سيحدث: الجن لراك ما تيع ساح للترماد اوور
إلى موسكو. لم يواجهوا أي معارضة جديدة. لقد توصل كوتوزوف
إلى قرار: «ما دام يوجد جيش روسي فإنه لا زال لدينا الأمل بإيقافهم.
ولح إقاكم لامر الججران قلر لكر موس كر لخي ودياك روميا
باكملها».

إذا كان نابليون قد فكر في أنه باحتلاله موسكو قد استولى على
القلب النابض لروسياء فإنه حم بشدة. توجه المنتصر إلى المدينة
متوقعاً أن يرسل البويار" مبعوثاً للمقاضاة من أجل السلام. لكنه بدلاً
من ذلك ران .راع الكرملتن رسي تحديت وسطظ بحو قن لويد 015
روستوبكين» حاكم موسكوء قد أمر بإجلاء سكانها وأشعل النيران في
1- هو أعلى الأفراد رتبة في الأرستقراطيات الإقطاعية الموسكوفية. المترجم.

-141-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المدينة'". لم يحتل نابليون سوى أنقاضٍ محترقة» حيث لم تكن هناك
مخزونات غذائية ولا خيم شتوية لقواته التي أعياها التعب, والتي كانت
فى حاجة ماسة إلى الراحة. عندما وصلت ألسنة اللهب إلى الكرملين
ومنت كاده انارو اجر فاون ل القراريعن عقر إقاة العهر
وعسكر مع قواته خارج المدينة.

قبل وأثناء معركة بورودينوء فقد نابوليون نصف جيشه. والآن يواجهه
احتمال اقتراب فصل الشتاء بسرعة من دون وجود مأوى لاتق لقواته. ولا
علف لخيوله» ولا خبز لرجاله. كان ذلك في شهر تشرين الأول وكان
الوضع يصبح ميؤوساً منه أكثر كل يوم. كان يعلم أن حلول فصل الشتاء
في منطقة جرداء مثل موسكو سيؤدي إلى كارثة. لذلك بعث برسالة إلى
القيصرء يعرض عليه السلام. لكن عرضه بقي بدون رد.

كانت مشكلة القيصر هى كيفية التمسك بالسلطة. فإظهار الضعف
كان خخينان تاك أعرب عن قلق المسعشتاوة قاتاة اروس شائفة ما
لم تحدث معجزة) . لكن الأوان كان قد فات لحدوث معجزة. الحقيقة
هي أن الفرنسيين كانوا في موسكو. لقد فشل القيصر في رؤية ما يعول
عليه الفيلد مارشال القدير كثيراً وهو أن يحدث تغير في الطقس.

لقد أصبح كوتوزوف ضعيفاً عندما خسر جزءا كبيراً من جيشه؛ لكنه
كفرد روسيء يمكنه دائما الاعتماد على حليف واحد للوقوف بجانبه.
في لحظة احتياجه له: «الجنرال شتاء». هذا الحليف الأبدي لروسيا الأم
المقدسة سيصل قريباًء بشكل مؤكد كما يأتي النهار بعد الليل» وتشرين
الثاني بعد تشرين الأول. . في غضون ذلكء ابتكر كوتوزوف الثعلب
القديم خطة لطيفة. . من خلال وضع قواته على الطريق الأقصر الذى
يمكن أن يمر خلاله الجنود عند حدوث انسحاب فرنسي متوقع وتمكن

5 ليس من المؤكد كيف أو متى بدأ الحريق العظيم. . يدعي بعض المؤرخين أنه كان فى
ري احالى لجال الرصدات الترنسية الاي إلى مومبكر. ورنها كاق سادنا قام .ه
-142-
ُ لاطا 2ألح]ه0مرهد5ع الا

من إجبار نابليون على التراجع على طول مسار غزوه الشمالي الأصلي؛
مروراً بالريف القاحل المحترق نفسه. دون أمل في العثور على الطعام
للرجال أو الحبوب للخيول.

في 19 تشرين الأول 1812» بدأ نابليون بالمسير خارج موسكو.

ثم حدث أمر ماء فقد أخذ الطقس زمام الأمور.

0 تشرين الأول. اندفع إلى معسكر كوتوزوف فارس يحمل رسالة
من سان بطرسبرغ. كان أمر القيصر قصيراً ومرتباً. «اهجموا على
نابليون!» لكن هذه المرة رفض المارشال العجوز إطاعة ملكه. كان
يعرف ما الذي يمكن أن يفعله الشتاء الروسي لعدو في حالة انسحاب
كامل: لم يكن رجال تابليون سلكون أئ فرصة للوصول: بأمانة قل
أن يأتي البرد. وهكذا فإن الجيش الكبير الذي لا يهزم سيلاقي مصيره
المحتوم ثم قال دون أن يوجه كلامه لشخص معين: دع البرد يأتي! في
غضون أسبوعين» كان «الجنرال شتاء» في طريقه.

بعد أربعة أيام من استلام كوتوزوف أوامر القيصر لشن هجوم فوري»
شاهد جنود الاستطلاع الروس بقيادة الجنرال دوكتوروفء» وكانت
منطقة عملياتهم في جنوب غرب موسكوء رتلا فرنسيأء وحددوه خطأ
بأنه مجموعة صغيرة من الجنود تبحث عن طعام ومؤونة. في الواقع.
كان نابليون قد انطلق في اتجاه الجنوب الغربى» وأخذ أقصر طريق
تمك أن وله إلى بولذاءمو كان نهدا اونا يل اتمرطة جع اديه
الذين كانوا يتقدمون تحت قيادة الجنرال يوجين دو بوارنيه 06 6غ وناط
5 برسر عان ما اكتشف دوكتوروف أنه ليبس في وضع يسمح
له بالوقوف في وجه قوة نابليون الرئيسية. فنصب مدفعيته المتكونة من
أربعة وثمانين مدفعاً ووضع قوته المؤلفة من ائني عشر ألف رجل في
ضواحي مالوياروسلافيتس» على بعد حوالي 50 كيلومتراً من موسكو.
لمنع انسحاب الجيش الكبير 012106 . في 4 تشرين الأول؛
حدثت معركة ضارية خسر فيها الروس 6000 رجل مقابل 5000 فرنسي»

-143-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بينما تم الاستيلاء على المدينة وتركها في خمس هجمات متتالية. وقد
الأوان بقوته الرئيسية. اختار عدم الاشتباك مع قوات نابليون في معركة

طويلة» لكنه ترك قوة معرقلة خلفه.
شكلت معركة «مالوياروسلافيتس» انتصاراً فرنسياء لكنه واحد من

أسوأ أنواع الانتصارات. كان نابليون في عجلة من أمره. ومع اقتراب
فصل الشتاء» لم يكن قادراً على تحمل الوقت الذي يستلزمه القتال ليشق
فيه طريقه من خلال كتاتب كوتوزوفء التي افترضها (وكان على صواب)
إنها كانت متمركزة على طول طريقه الجنوبي. وهذا جعله يقرر أن يأخذ
جيشه على الطريق الشمالى الأكثر أمناً ولكنه أطولء عبر موزاشيس
وسمولينسك. وهو بالضبط ما كان كوتوزوف يريد منه أن يفعله.

بالنسبة للفرنسيين» أصبح الوضع غير مستقر. سار نابليون خارج
المدينة بصحبة مئة وثمانية آألاف رجل و569 بندقية» ولكن مع عدم
وجود إمدادات ولا طعام. لقد انطلقوا وهم يتوقعون أن يجدوا الطعام
على طول الطريق. ولكن لم يكن هناك شيء منهء لم يبق إلا القليل
بعد أعمال النهب التي رافقت حملتهم الصيفية. أصاب الجوع الجنود
الفرنسيين» والقيام بغارات مكثفة بحثأ عن الطعام أصبح مستحيلاً بسبب
تواجد دوريات من جنود القوزاق كانت تقتل أي شخص يضل طريقه
عن رتل الجيش الرئيس.

كانت الأيام الأخيرة من شهر تشرين الأول صافية والليالي باردة.
انخفضت درجة الحرارة إلى ما دون درجة التجمد. ولم يكن الفرنسيون
مستعدين لمثل هذا الطقس. لم يكن نابليون يعتقد أنهم سيقضون فصل
الشتاء و وقاد جيوشه إلى روسيا وهم يرتدون بذلاتهم الصيفية.
عندما اختفت الشمس خلف السحب الكثيفة وغطت الثلوج الأرض
عندها بدأت معاناتهم الحقيقية. جلبت الرياح كتلاً كثيفة

ظ م شْ من الثلوج عبر
-144-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

ولم يعد بالإمكان رؤية الساريات الخشبية التي نصبت لتمييز الطريق إذ
لم تعد واضحة وسط عاصفة الثلج المندفعة. كان هناك طابور طويل من
الرجال المنهكين» والجائعين والمسعورين يترنحون على طول مشهد
الشتاء الروسي»؛ مدفوعين بالخوف من الوقوع في أيدي الجنود القوزاق»
الذين كانوا يلاحقونهم بلا هوادة. ثرت الرياع عرق ودرحة الخرارة
في الانخفاض. وقد عانى الرجال من قضمة الصقيع؛ ولفوا أكياس
الخيش حول أقدامهم ووجوههم.

كتب أحد جنود النخبة في مذكراته: «لقد كان الجو بارداً لدرجة أن
الغربان تجمدت وهي في السماءء خياشيمنا مختنقة» وأفواهنا مليئة
بكتل الجليد» وذرات الجليد, التي تدفعها الرياح نحو وجوهناء تجعلنا
مثل العميان. صلوا من أجلناء لأن الغد قد يكون متأخراً جداً ولا أحد
يعرف ما ينتظرنا»).

لقد تعثر جنود الجيش الكبير عبر مشهد مدمرء أصبح الكثيرون
يستخدمون بنادقهم كعكازات. وحيثما مرواء أصبح المسار الذي لا نهاية
له يحمل إشارات إلى الجثث. لقد فقد الجيش كرامته. كان الجنود القوزاق
يلاحقون بقاياه وهم يمتطون المهور السيبيرية الصغيرة القوية التي تستخدم
في البرد القارس . كان يتم تجريد أي متشرد د يتم القبض عليه من قبل هؤلاء
المرجان رركي ين د ينه ريك ددع بواسطة رزوي الرماح حت يسكاط
ننتا على الأرضن: يما كانت تفسة المياه على اخرية ويربطوق بالأشجاد
ويتركون إلى أن يتجمدوا. كان الفرنسيون ما زالوا بعيدين عن سمولينسك
حيث كانوا يأملون في العثور على الطعام والمأوى.

في العاشر من تشرين الثاني» تعثر «جيش الأشباح» هذا في
سجر شيك :كرد خط فاديكا | ركه متحيوقة عن باط التموين
حرم الجنود المنهكين من الطعام والملابس والبارود. كانت الوحدات
الاحتياطية قد استهلكت كل الطعام» ولم يتم طلب الملابس الشتوية
أبدأء وقد ترك البارود في العراء وأصبح غير صالح للاستعمال. هناك

-145-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

شيء واحد أصبح واضحاً بشكل يدعو إلى اليأس: إن قضاء فصل
الشتاء فى الخرائب المحترقة لبلدة» خالية من المتاجر والمستودعات.
ودون توفر اتصالات مع فرنساء كان ضرباً من الجنون. وصلت التقارير
عن حشود للقوات الروسية» من الجنود النظاميين وغير النظاميين
إلى الإقطاعيات التابعة لفرنسا فى ألمانيا قبل أن يطبق عليهم الصقيع
الروسي الحقيقي.

تقلص تعداد جيش نابليون بعد أن تكبد عدة خسائر في الأرواح إثر
عدة هجمات متتالية» أو ضياع جنوده في ثلوج سمولينسك» من نصف
مليون إلى حوالى 50 ألف رجل. كان الإمبراطور هو المسؤول شخصيا
عن جيشه الهزيل في المأكل والملبس. كانت العربات محترقة» وتم
تسخير الخيول المتبقية لسحب قطع المدفعية القليلة التي تبقت.

في 14 تشرين الثاني» كان الجنرال كوتوزوف ينتظر نابليون عند مدينة
كراسنوي. ألقى نابليون بكتائب حرسه المدللة في المعركة والتي مرت
عبر القوزاق الروس «مثل مئة سفينة مقاتلة وسط أسطول للصيد»)2©.

بحلول الخامس والعشرين من تشرين الثاني» وصلت بقايا نابليون
إلى ضفاف نهر واسعء هو نهر بيريزيناء كانت مياهه مغطاة بكتل من
الجليد. في هذا المكان» بالقرب من قرية ستوديانكاء التي تقع شمال
الوحيد الذي كان يمر فوق مياه النهر الهائجة التي تغطيها كتل || جليا
على 5 القوزاق. وكان النهر عميقا للغاية. وهذا موقع مثالي لوبادة جيم
نابليوك.:وبوجود النهر امام تجيش تابوليوق»,وليسن هناك طريقة لحيو رة»
كان الجنود الروس بقيادة الجنرال كوتوزوف مستعدين لإنهاء أستطووة
جيش القائد الكورسيكي المغرور الذي لا يقهر مرة واحدة وإلى الأبد.

1 - مقت من مذكرات الجنرال الروسي دافيدوف عن حملة 1812

-146- لأا 06312 ممره5ع الا

«نهاية جبش نابليون وبشكل لا رجعة فيه» ستتم نا في المياه
الجليدية لنهر بيريزيناء وسيتم إخماد ضياء شهابه»» هكذا أكد الجنرال
الروسي لقواته.

وقع جيش نابليون في الفخ. كان وضعه محرجاً تماماً. فهذا النهر لا
يمكن عبوره» والمدافع الروسية وراءه وعلى الشاطئ المقابل» والجيش
جائع» ومتجمد من البرد وفي حالة تدهور كامل. لأول مرة في مسيرة
نابليون العسكرية الزاهية» تتجمع هكذا كل عناصر الكارثة. كان عليه أن
يواجه تضاريس طبيعية (النهر) وعدو لا يرحم. بل والأسوأ من ذلك كان
عليه أن يواجه عامل المناخ.

بالقرب من قرية ستوديانكاء أمر نابليون الجنرال إيبيليه» قائد وحدة
الهندسة العسكرية» بتشييد جسرين يمران عبر المياه الجليدية. كان
التفاني السامي لإمبراطورهمء أطاع ثلاث مئة مهندس فرنسي أمره.
وببطولة غير مسبوقة كانت قريبة من عملية انتحار واضحة؛ تحذوا المياه
الجليدية» وركزوا أعمدة خشبية» ربطوها مع بعض بالحبال. كان غطاء
أكواخ خشبية. وضحى الثلاث مئة فرد من أفراد الوحدة بأرواحهم
(تجمد معظمهم حتى الموت)» واضطروا للوقوف وقد غطتهم المياه
المتجمدة حتى أعناقهم, وهم يواجهون كتل الجليد ونيران المدافع التي
تطلق عليهم من وقت لآخر. وعملوا على ضوء المشاعل طوال الليل.
تم تشييد هياكل خشبية متداعية وبحلول ظهيرة يوم السادس والعشرين
من تشرين الثانى» كان هناك جسران يمتدان على النهرء وهو إنجاز مذهل
بالنظر إلى وسائل وتقنيات ذلك العصر(".

- بعد مئة وثلاثين سنة» وصلت وحدات الدبابات الألمانية إلى الموقع ووجدت بقايا

-147-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نريديناً. اختفت جميع المعالم وغطت الثلوج الأرض بكثافة إلى حد أن
معظم أجزاء عربات المدفعية الثقيلة قد غاصت في الثلج. لكن العاصفة
جلبت إلى الفرنسيين بعض الراحة التي كانوا بأمسٌ الحاجة إليها؛ ففي
مثل هذه العاصفة» لا يمكن حتى للخيالة الروس أن يشنوا هجوما.
تمكن عدد كبير من الفرنسيين» مع مدفعيتهم؛ من العبور على الجسرين
المزدحمين. كانت عملية العبور تسير بخطى متقطعة. حوالي 500 رجل
في الساعة» مع حدوث انهيارات متكررة في الجسرين وكانت الحاجة
تدعو إلى عملية إصلاح مستمر. كما أدى مرور عربات الإمداد والمدافع
إلى إبطاء العملية. في السابع والعشرين من تشرين الثاني» تمكن
المزيد من الفرنسيين من العبور» لكن هياكل الجسرين أصبحت الآن
ضعيفة جداً لدرجة أن المرور فوقها أصبح محفوفاً بالمخاطر. تحت
التدفق المتواصل لكتل الثلج التي كانت ترتطم بقوة بالركائز الخشبية
للجسرين وآلاف الجزمات العسكرية التي تمر فوقهاء سقط الجسران
مرتين. وخاض الرجال والخيول وسط كتل الجليد» ولكن في كل مرة
كان يخوض المزيد من أفراد الوحدة الهندسية وسط المياه الجليدية
لإصلاح الجسرين. توفي هؤلاء الأبطال إما من التعرض للبرد القارس
أو سحقتهم كتلة جليدية» وبدأت جنثهم تطوف في المياه. لم يتم تسجيل

أسمائهم» لكن عملهم بقي خالدا.
بعد ظهر يوم 28 تشرين الثاني» كانت الرياح العاتية قد صنعت
دوامات من كتل الثلج. وبالتالىي حجبت الرؤية عن جنود المدفعية
الروس» هدأت الرياح وأصبح الهواء صافياً فجأة. في هذا الوقت.
كان الفيلق الاحتياطي بقيادة الجنرال أودينو قد أكمل عبوره. وقد
ترك خلفه القوات الدفاعية التي يقودها المارشال فيكتور لوحدها فى
الضفة المقابلة» في محاولة لحماية الحشود الضخمة من التائهين. كان
ذلك هو الوقت الذي ظهرت فيه وحدات الجنرال كوتوزوف المتقدمة
مواد الجرال فيتغينشتاين على ضفة النهر. بدأت قذائف المدافع
-148-

لا131 أ ا 01310123مر هودع الا

بالتساقط فوق المياه والجسرين الخشبيين واللحم البشري. كان الجنود
الفرنسيون» الذين تخلفوا عن الركب قد حوصروا وهم في طريقهم إلى
الجسرين» وأصيبوا بالذعر» حيث تحطمت المزيد من القذائف وسط
هذا التزاحم» مما جعل الحشود تتدافع وأدى ذلك إلى حدوث نتائج
مدمرة. اندفعت كتائب القوزاق نحو الجسور المزدحمة بالبشر وقادت
كا كد أ من الفرنسيين نحو الكتل الجليدية» حيث جرفهم التيار القوي
وحملهم بعيداً أو تم سحقهم حين صاروا ؛ ون الراع فلؤي من الجاحد
العائم. تمكن عدد قليل عند من الأفراد من العبورء وأولئك الذين
فعلواء وصعدوا ضفة النهر كانوا منقوعين بالماء وجمدوا خلال دقائق
وتحولوا إلى أعمدة من الجليد. وبينما كانت هذه المذبحة مستمرة» ظهر
خطر جديد تمثل في فيلق روسي تحت قيادة الأدميرال تشيتشاغانوف.
الذي اصطدم عن غير قصد مع نابليون على الجانب الآخر من النهر.
استخفت كتائتب نابليون بالروسء الأمر الذي جعل المنطقة المؤدية إلى
النهر مليئة بآلاف الجثث.

وق ضيعم تزائك العمليات القتالة هذاء كان الضخط يترايد على قيلق
الجنرال فيكتور فى الجهة المقابلة من الشاطئ» وأصبح الجسران غير
تالككة استيي التساقط المستمر للقذائف التى كانت تطلقها مدفعية
فعتكدار دفة ونتاة توفقه إطلاق النار ويد فرسان معتتعاين
يتوجهون نحو الجسرين. أما أولئك الذين لا زالوا في الخلف فقد تركهم
الفرنسيون وراءهم أثناء اندفاعهم نحو الجسرين خلال محاولة هروبهم
الأخرق» وكانت أحذيتهم تنزلق على الجليد البلوري في أثناء هروبهم
اليائس من رماح كتائب القوزاق. إلى أن حدث شيء فظيع؛ فأمام
ناظريهمء بدأت ألسنة اللهب تتصاعد من الجسرين.

واجه نابوليون خياراً مروعاً. ولأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه» أمر قائد
وحدة الهندسة؛ الجنرال إبيليه» بإشعال النار في الجسرين. وفي الوقت
نفسه»ء بعث رسالة إلى المارشال فيكتور لإنقاذ فرسانه الشجعان وأن

-149-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

يقودهم عبر مياه النهر الهائجة. أجبر جنود سلاح الفرسان الملكى
الفرنسي 25515 /نا-) خيولهم على الخوض في مياه النهر وهم يمسكون
بسروجهم. لقد فعلها البعضء لكن العديد منهم لم يستطع سحب
خيولهم بسبب ثقل دروعهم المصنوعة من الفولاذ الثقيل. وقد ترك هذا
الهروب الأخير الآلاف ليلاقوا مصيرهم على الشاطئ المقابل» حيث
قام القوزاق القساة بتجميعهم وذبحهم. (بعد ذوبان الجليد في الربيع»
وجد الفلاحون الروس 36 ألف جثة تعود لأفراد فرنسيين مذبوحين).

وهكذا فإن تمكن الفرنسيون من إنقاذ أي شيء من هذه الكارثة
فإن هذا يشير إلى التضحية الكبيرة لبعض المهندسين والقيادة الفعالة
لنابليون. وحيثما كان القادة الآخرون قد فشلواء ربما كان نابليون قد
كبن اك نغركة توخسية لف القد القز بو ام قو 'لكن يا لهامن
قوة! في 29 تشرين الثاني أرسل الإمبراطور رسالة إلى باريس: اجيشنا
لم يكن يمتلك بصيرة جيدة اليوم» . أما ماركيز دي شامبري فقد وصف
الأمر بشكل مثير: «على ضفاف نهر بيريزينا انتهت مسيرة الجيش الكبير
14 031106 2ل وهي القوة التي جعلت أوروبا ترتجف لعقدين من
الزمن. توقفت عن الوجود بالمعنى العسكريء وسلامتها تكمن فقط
الآن في رحلة متهورة.

لم يكن الأسوأ قد جاء بعد. كثيراً ما كان يطلق على روسيا اسم
«مطبخ الطقس»» مما يدل على قوة الطبيعة وضعف الإنسان. كان هناك
جيش يتراجع وسط عناد الشتاء الروسي الذي لا يطاق. في بداية شهر
كانون الأول» كانت ريح صارخة تعوي عبر سهول روسيا المفتوحة على
مصراعيهاء وانخفضت درجة الحرارة إلى 32 درجة مئوية تحت الصفر.
كان هذا التيار من الرياح الجليدية يصطدم بالرجال حاملاً مير الطقس
القاسي. تضاعفت شدة البرد وقوة الرياح. في البداية شعر الرجال
الجر د أنهم أصبحوا غير مبالين مع مرور الوقت. كانت العاصفة
تنهش بهم بلا هوادة. وتجلد بهم عند الأكمام والسراويل. تدهورت

-150- متنا دامح الا
4 1 12طأنا 650001431113

أحوالهم بشدة» وتحولت الرؤية لديهم إلى أضواء خافتة» وانتشرت
الآثار البشعة لقضمة الصقيع في كل مكان. وأضافت ظاهرة «سراب
الشتاء» العديد من الضحايا. كانت الأعمدة الخشبية تشير كعلامات إلى
المسار الذي يؤدي للخروج من خلال الثلوج المتدفقة. بدأ الكثيرون
يعانون من الهلوسة التي يسببها البرد. كان هناك عنصر أكثر تدميراء
وكان بمثابة اختبار لمعنويات القوات. فقد عانى الجميع من قضية الزر
الرئيس. ففي البذلة التي يرتديها جندي الجيش التابليوني» كان هناك
مشبك يعلق بزر البذلة الرئيس» وكان يستخدم لرفع بنطلون البذلة.
فى البرد القارس» أصبحت هذه الأزرار متهشمة ومفككة؛ وسرعان ما
أصبح الجنود يسيرون والبنطال حول كواحلهم. يضاف إلى ذلك عذاب
البذلة المتطايرة وهي بدون أزرار» حين تهب الرياح» مسببة تشنجات في
المعدة» وحالات إسهال» وموت. لم يكن هناك ما يرفع من معنوياتهم.

توقفت الأشباح المتعثرة في مشيتهاء متسائلة لماذا يجب أن تستمر
بالسير إلى الأمامء وتواجه صراخ» وضجيج تلك العاصفة من الحقد
المرعب. لكن الجنود عندما نظروا إلى جوانب الطريق» رأوا تحذيراً
قاتماً لجميع أولئك الذين يريدون الاستسلام. كان رفاقهم سيئو الحظ
قد رأوا أوتادا لا تدل على شيء» وكانوا يسيرون وسط البياض معرضين
أرواحهم لخطر شديد. كان خط تراجعهم يمر عبر الجثث المتناثرة»
التي كانت متيبسة مثل ألواح خشبية. وكانوا يتعثرون بأقدام الجنث
وربما يسقطون فوقها. عرف الأحياء أن عليهم أن يسيروا وإلا فإن
مصيرهم هو الفناء وسط هذا الجليد. كان الثلج يتحول إلى جليد وإن
لم يتصلب بعد. كانت كل خطوة تشبه المشي على الرمال المتحركة.
ومثل بعض الآلات العملاقة التي تقذف الرمل» كانت العاصفة تضرب
وجوههم بحبيبات حادة كالإبر. لم يستطيعوا أن يديروا رؤوسهمء كان
عليهم أن يبقوا عيونهم شبه مغلقة على من أمامهم» وهو وسيلة اتصالهم
الوحيد وسط الظلام؛ بالنسبة لجنود الحرس القديم من كبار السنء

-151-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

والمجندين الشباب على حد سواء. وفي حين أن الشباب كانوا أقوياء
الجسد. فإن كبار السن عوضوا عن ذلك بالعزم والإرادة. كانت لحاهم
عبارة عن كتل من الجليد» وكانت العاصفة المزمجرة تنهش في الخرق
الملفوفة حول رؤوسهم. كانت أكتافهم متدلية بشكل هزيل» ليست
لديهم قوة لرفع البندقية؛ وكانت أفواهم مفتوحة» تكافح من أجل أن
تتنفس. شعروا بأن البرد يزحف من بين أقدامهم. بعد مرور يوم آخر.
وليلة أخرى» سقطت ويلات قضمة الصقيع عليهم. وعندما تعثروا في
ملجأ لهم كان عبارة عن كوخ نصف محترق أو كهفء رقدوا ليلآء تكوء
بعضهم فوق بعض ليتبادلوا دفء أجسادهم» وعندما استيقظوا اكتشفوا
أنهم كانوا ينامون مع الجثث.

استمرت العاصفة بلا هوادة وتجمدت العظامء وسيأتيهم الموت
بسرعة ما لم يستمروا في المسير وسط الظلام المتجمد. كانوا يحركون
أكتافهم وسط العاصفة» وظل تخبطهم يتصاعد وسط الخوف المتعاظم
من عدو لم يفهموه. وهو «الجنرال شتاء». وهكذا بدؤوا يتسللون, مئة.
ثم ألف. وعشرة آلاف... كان جيش من الأشباح. لم يسبق له أن هزم من
قبل في أية معركة يتجه نحو نهايته.

وفي 4 كانون الأول» وحين كانت بقايا جيش كان فخوراً بنفسه في
السابق تقاتل في ضاحية سمورغونيء بالقرب من مدينة فيلما. دعا
الإمبراطور قادته إلى اجتماع:

يجب أن أنقذ ما يمكن إنقاذه» وهذا ما يمكنني فعله في باريس فقط».

بتلك الكلمات قام نابليون بتسليم القيادة الشاملة إلى الأمير
مارات وودع جنرالاته. وانطلق إلى باريس وبصحبته سفيره الكونت
كولايكوغ. ثم قال للكونت: ينغي أن ينظر الجميع للروس على أنهم
آفة". «أي حرب تشن ضد روسيا تصب في مصلحة أوروبا القديمة...»
وبعد فترة توقف. أضاف: وال ومعل ظلام يوم الثامن عشر

-152-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

من كانون الأول» دخل نابليون المهزوم باريس تحت قوس النصر
الذي أراده رمزاً يخلد انتصاراته. وكانت بقايا جيشه تمضي قدماء من
خلال صمت الغابات اللامتناهي» تحت بلورات الثلج المتلألثة المتدلية
بينما قرفص آخرون وهم يتلفعون بالبطانيات» وهم يعلمون أن شواهد
قبورهم ستكون في صباح اليوم التالي كومة من الثلج. لن يتم دفن أي
منهم؛ سيرقدون متجمدين في الحقول والغابات حتى يحولهم ذوبان
الجليد إلى غذاء لآلاف الغربان. لقد أصبح ما كان فخرا للإمبراطورية»
ذلك الجيش الذي لم يهزم والذي كان عدد أفراده يربو على نصف مليون
رجل كانوا قد عبروا نهر نيمان قبل ستة أشهر فقط. مجرد مجموعات
منعزلة من أفراد كانت ثيابهم رثة ومنهكينء ويعانون من الجوع ويلفون
أجسادهم بالخرقء وقد عادوا في النهاية إلى نقطة البداية نفسها.

في 13 كانون الأول» كانت مجموعة كبيرة من الجنود رثي الثياب
وجنود من سلاح الفرسان لا يصحبون خيولهم تشق طريقها بصعوبة
أن إطعام هذه الكتلة البشرية شبه الموهنة بأي طريقة منظمة كان أمرأ غير
وارد. وعندما حاول إنشاء مركز توزيع للطعام» تم دفع حراسه جانبا.
فقد اقتحمت الجحافل الجائعة» المخزن. ونهبته» وحشوا بطونهم
بالطعام إلى حد الانفجار ثم إلى حد التقيؤ. والأسوأ من ذلك هو مصير
أولئك الذين مزقوا أكياس الطحين المفتوحة» فبسبب جوعهم التهموا
كميات كبيرة منها. ثم اختنقوا عندما سدت كتلها السميكة أفواههم
وأحشاءهم. ولسبب غير وجيه؛ ألقى عدد قليل من الجنود مشاعلهم في
براميل من النفط وأضرموا النيران في المستودع» وبذلك حرقوا نصف
البداية. ففي وقت متأخر من بعد الظهرء عثر الناهبون على قبو يضم
|- شيّد باه غك أوامرةاللاختفال بذكرئ معركة أوسترليتر:

-153-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

مئات البراميل من شر اب البراندي الفرنسي. فأحدثوا ثقوباً في البراميل؛
وصبوا السائل ذا لون الكهرمان الأصفر في دلاء» ثم انغمسوا في فورة
520 وحشية. ومد الآخرون رؤوسهم ببساطة تحت صبنبور البرميل
وفتحوا أفواههم. . وانتهى بهم الأمر لين أن سكرواء ثم ترنحوا وسط
الثلج المتكدس وتمددوا فوقه وبدؤوا بالشخير. . تم تجريد من كان نائما
وهو في حالة سكرء ويرتدي ملابس صالحة للاستعمال؛ من ملابسه
وتركه يتجمد حتى الموت. وهكذاء بعد أن هربوا من الفرسان القوزاق
اللعينين؛ » لم يصلوا بأمان إلا ليلاقوا الموت من البرد على يد رفاقهم.
في منتصف الليل تقريبًء وصلت ترويكا" تحمل صناديق التمويل
الحربي قادمة من فرنسا مع مرافقيها. تم تفريغ الصناديق وأكياس
الذهب في وسط ميدان المدينة وقد أحاط بها حراس مسلحون لكن
الليل كان بارداً جداً لدرجة أن الحراس بدؤوا يتحركون جيئة وذهابا
ليحافظوا على أقدامهم من خطورة التجمدء وأو هيزن للتحطات يننا
عن الطعام لأنفسهم. هذا الأمر ترك عدداً قليلاً فقط من الرجال لحراسة
الكنز. لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى لاحظ الرعاع كومة الأكياس
شديدة الحراسة. لفترة من الوقت» تمكن الحراس من الحفاظ على
مديرج بطافير النسام بامتعلاء نادو روا لكر اد تجمّع تجمّع الجنود ذوو
الثياب الرئة حول الأكياس المملوءة ة بقطع من الذهب» عندما سمعت
أصوات طلقات نارية من ضواحى المديئة» وارتفعت صرخات تقول
«القوزاق!». هرع الرجال في حالة من الذعر» واتجه كل واحد منهم نحو
الجسر الذي يمر عبر نهر نيمان سعيا وراء السلامة على الشاطئ المقابل.
ووسط حالة الارتباك, قام بعض الجنود. بذلاً من الوقوف والقتال ضد
القوزاق الذين يتعقبونهم» بمهاجمة حراس الكنوز» وطعنهم؛ ثم حشوا
الكثير من الذهب في جيوبهم بقدر ما تتسع معاطفهم الرئة من حمله.
استولى الجشع عليهم» واندلعت المعارك» وقطعت المزيد من الأعناق.

1- عربة تجرها ثلاثة خيول. المترجم.

-154-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كان إطلاق النار يقترب» وظهر أول القوزاق شاهراً سيفه. ولكون
عبور الجسر كان مستحيلاً بسبب تكدس الناس فيه حاول العديد من
اللصوص الهروب عبر النهر المغطى بالجليد. غرق معظمهم, تم سحبهم
والذهب في جيوبهم. ثم تم تجريدهم من ملابسهم وتركهم ليموتوا من
قبل رفاقهم. وما بين قطع أعناقهم من أجل الذهبء أو غرقهم بسبب
جشعهمء هكذا هلكت عبثا البقية الباقية من الجيش الكبير!©.

«لم يعد من الممكن أن نقاتل تحت قيادة رجل مجنون». هكذا كتب
الجنرال المحبط مارات في مذكراته السرية بعد أن وصل بسلام إلى
منطقة غومبينين في شرق بروسيا.

اضطر رئيس هيئة الأركان في جيش نابليون» المارشال بيرتيير» إلى
إلاعلان عن: «إن الجيش كله قد تم حله بالكامل» بما فيهم الأربع مئة
رجل الذين يمثلون كل ما تبقى من الحرس الإمبراطوري".

وصول درجة الحرارة إلى خمس وعشرين درجة مئوية تحت الصفر
وتساقط الثلج بكثافة على الأرض كانا هما السبب في حالة الجيش
الكارثية» والذي لم يعد موجودا.

كتب نابليون خلال منفاه فى سانت هيلينا: «كانت معركة موسكو
أفظع كل المعارك التي خضتها».

في اليوم التالي على كارثة بيريزيناء أرسل المارشال نبي رسالة
مستعجلة إلى زوجته: ١ما‏ تبقى من الجيش يسير في أرتال منكسرة. إنهم
مجرد أفراد يسيرون بلا هدف. جائعون ومحمومون. أنا أغطي تراجعهم.
لقد استولت «المجاعة العامة» و«الجنرال شتاء». بدلا من الرصاصات
الروسية» على الجيش الكبير». بعد ثلاثة أسابيع (في 14 كانون الأول).
قاد المارشال نفسه نيي مؤخرة الجيش عبر نهر نيمان. واستطاع بالكاد
تجميع ألف رجل يصلحون للعمل.

1809-4 ,نمعععنجلاء 1 معل 2115 عع ظلتتاءعمتصلئظ رمعصطة1 قضمع01م8!3 رعغصنا.
-155-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لقد فشل نابليون في الاستماع إلى نصيحة رجاله الحكماء.

«الجنرال شتاء» قام بالباقي.

ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجه الأمير تاليران» صانع الملوك
الأبدي الذي استطاح التهرب من الوقوع تحت المقصلة. خدم ارق
ملوك» خانهم جميعاء عندما قال بعد أن قرأ رسالة نابليون التي بعثها من
الأر اضي الجليدية في ر وسيا: 110 2[ ع0 001711716711121 | أوت0) إنها
بداية النهاية».

في نهاية المطاف تسلل الناجون المحظوظون مرة أخرى إلى باريس»
في مجموعات صغيرة وخلال ساعات الظلام. ربما كانوا يخجلون من
البقاء على قيد الحياة. وكتب الكونت فيليبٍ دي سيغور (ما عاد كان هو
شبح الجيش الكبير». ومع ذلك. شعروا أنهم تعرضوا للهزيمة على يد
الطبيعة فقظ.

على الرغم من عدم خسارته لمعركة واحدة خلال الحملة بأكملها.
فإن غزو نابليون لروسيا تحول إلى أكبر هزيمة له. ومهد انسحابه من
روسيا الطريق أمام قيام الثورات ضد نظامه القمعي عبر قارة أوروبا
بأكملها. بعد عدة أشهر عندما شارك في معركته الكبرى في لايبزيغ»
والتي كانت تعرف في التاريخ باسم «معركة الأمم»» لم يعد يحارب
النمساويين أو الروسء بل كل أورويا".

أما بقية القصة فقد تكفلت بها كتب التاريخ.

كان التاريخ يعيد نفسه بالطريقة ذاتها بالضبط». على الطرق نفسها
وفي القرى نفسهاء والغابات والحقولء من قبل رجل آخر اعتقد أنه قادر
على محاربة العدو والطبيعة» والذي لم يتعظ بدروس التاريخ.

كان نابليوناً جديداً ولكن مع جهاز هاتف ودبابة.

وقد جرى هذا الحدث بعد 129 سنة من اليوم الذي عبر فيه نابليون

العظيم نهر نيمان وبدأ مسيرته المنكوبة إلى روسيا.
1- اقتصرت مشاركة انجلترا في تلك الحرب على إرسال بطارية صواريخ.

-156-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ارغم أن تدمير جيش نابليون قد حدث بشكل أوسع مما كانت تقتضيه
الحاجة» فلمايكن خخطؤه في توغله بعيدا في الأراصى الروضية) ولك فى
ا بدا فيه الحملة. والعدد الكبير في الخسائر بالأرواح
الناجم عن كبكانة وخدم العناية اللازمة بالإمدادات» وأخيراء 5
انسحابه المتأخر من موسكو». (كارل فون كلا وسفييز). ٠‏

-157-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لا131أ ا 01310123مر هودع الا

مجاعة البطاطا الكبرى

أيلول 5- تموز1849
رائحة المجاعة النتنة
لاازالت عالقة في أغصان الشجيرات
وفي أحراج السلتيين" الحزينة
٠»‏ ديزموند إيغان 2)

في تشرين الثاني من عام 2.1844 تلقت الحكومة البريطانية رسالة من
رئيس الوزراء السير روبرت بييل مفادها أن مرضاً مجهول المصدر قد
هاجم ودمر جزءاً كبيراً من محصول البطاطا في الولايات المتحدة. تم رفع
هذا التقرير باسم «آفة البطاطا الأمريكية» ولم يتم فعل أي شيء حيال ذلك.
في منتصف صيف عام 1845» كان محصول البطاطا في أيرلندا يعد
فى منتتصف شهر تموز كان الطقس على عادته حاراً وجافاً» وقد
أعلنت مجلة فريمان بسرور: «لم يكن محصول البطاطا الذي يمتلكه
الرجل الفقير» يوم بهذا الحجم الكبير ولا بهذه الكميات الوفيرة».
لكن تقلبات الطقس الأيرلندي كانت معروفة جيداً. في أحد الأيام»
كانت أشعة الشمس ساطعة فى ذلك الوقت بالذات والناس يتجولون

-١‏ أقوام أوروبية قديمة. المترجم.
2- شاعر أيرلندي. المترجم. ْ

-159-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وهم يرتدون القمصان. لكن في اليوم التالي» ابصيطع دين على
الضبات الأكثر كثافة فى التاريخ. انخفضت درجة الحرارة» واصبح الجو
نأرذاء وكانت الرؤية كود تقد أمتارا قليلة. ذهب الناس إلى
العمل يتلمسون خطاهم بعيون ضيقة وسط الظلمة» يبحثون بيأس عن
طريق يوضلهم إلى أماكن عملهو: يخاولون التغلب على الشعور بغدم
الارتياح الذي بدأ يتملكهم. ماذا حدث؟ إنه شهر تموز وليس شباط!

لم يعد الناس بشراًء بل أصبحوا أشباحأء تخبط فيما حولها في فراغ
مظلم. وظلوا على مقربة من جوانب الشوارع؛ يتنلمسون جدران المنازل,
وعندما تنتهى يتابعون المسير عبر الشوارع» على أمل العثور على جدار
اشوعان الحان لاخر لم يتلق سكان دبلن أي تحذير مسبق واضطروا
إلى التعامل مع البرد والضباب بأفضل الوسائل التي لديهم. بدؤوا
يكدسون الفحم في مواقدهم لتدفئة منازلهم. ثم جاءت الأمطار بعد
يوم كان يبدو أن لا نهاية له.

لم يكن الحال أفضل في الريف. فقد سقطت الأمطار» على مناطق
غالواي» وكيريء وليمريك ودونيغال. وعلى نطاق واسعء كانت ثلاثة
أسابيع طويلة من الطقس البارد المستمرء والضباب الكثيف والأمطار
الغزيرة. نعم» شهد عام 1845 صيفاً غير عادي بالنسبة للمزارع الأيرلندي.
حقوله كانت مغمورة بالماء» وغرقت بهائمه وفاض كوخه بالمياه. وضع
غير واقعي في عالم بات يتملكه الجنون.

وبالإضافة إلى كثرة المصاعب التي تعرض لها السكان» ضرب
الطقين نباك الطاظاء الذي وريدم 'تخصييه ضد العفق» حيث لمم
اكتشاف علاج واف له إلا بعد سبعين سنة فقط. كان العلم في ذلك
الوقت بلا حول ولا قوة. وحينها أعلن الدكتور جون ليندلي» الشخصية
البارزة واستاذ علم النبات في جامعة لندن: «لقد انتشر مرض خبيث فى
محصول البطاطا الأيرلندي. أما بالنسبة لعلاج هذا المرضء فلا يوجد
شيء حاليا. لقد هاجمتنا كارثة كبيرة ويجب أن نتحملها».

-160-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

في 13 أيلول من عام 1845» ظهر مقال للدكتور ليندلى فى جريدة
وقائع البستنة ‏ والحدائق ‏ لدسدااادهنشرماط ‏ عاعزومرط0 0 6
2616 . والتي تعتبر الكتاب المقدس للزراعة يقول فى أحد مقتطفاته:
تلد اوقفتا طبع الضحافة لتعلن بأسف قدي د للغاية أن ميحصيول البطاطا
في أيرلندا قد أصابه الطاعون بشكل واسع فكيف سيكون حال أيرلندا إذا
ما أصاب التعفن محصول البطاطا في العالم كله؟».

ما لم تنشره الجريدة هو ما لم تكن تعرفه. إن هذا كان فقط بداية
المشكلة. نعم» كان هناك ما يزيد عن عشرين عملية فساد لمحصول
البطاطا حدثت من قبل» بسبب تعرضها إلى الصقيع أو إصابتها بمرض
تجعد أوراقهاء ولكنها لم تكن شديدة للغاية مثل تلك التي ضربت أيرلندا
في خريف عام 1845.

كان ذلك الداء الشرير بوغاً"» صغيراً يوقف نمو نبات البطاطس. لقد
أصبح أمراً واحداً واضحاً للأسف. أنه مع تغير المناخ» لن يكون هناك
محصول كبير من البطاطا هذا العام. كانت أيرلندا تعتمد على محصول
البطاطا. إذا مرت سنة واحدة وكان فيها إنتاج المحصول قليلاً فإن الناس
سوف يتضورون جوعاً قبل الربيع» كان ذلك أمراً مؤكداً إلى حد بعيد.
غادر معظم السكان ديارهم وهم يحملون عدداً قليلاً من الحاجيات
البائسة» ما يكفيهم لمدة شهر ربماء ولم يكن يكفيهم من أجل العيش
طوال فصل الشتاء. لم يكن لدى القرويين أدنى شك في أنه ستكون هناك
أوقات صعبة في المستقبل. للجميع باستثناء أصحاب الأرضء لأنهم
كانوا يسافرون إلى إنجلترا كلما أصبحت الأوضاع صعبة.

مع إنهائها للحروب النابليونية بنجاح» أصبحت الإمبراطورية
-١‏ البّوغ (بالإنجليزية: 0:6م5 وجمعها أَبَوْاغْ) في علم النبات هو خلية تكاثر لاجنسي.

تنقل النبات من حالة الركود إلى حالة النشاط أو العكس. المترجم.

-161-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الإنجليزية القوة الأكثر عظمة على وجه الأرض» وفرضت نظام" )روم
2 عبر مستعمراتها الشاسعة. وأصبح من الصعب للغاية تسديلد
ضربة عسكرية خصوصاً إلى جيرانهم في جزيرة الزمرد. كان الإنجلير
هم من يمتلكون الأرض وكان الأيرلنديون يعملون بها. فرض ملاك
الأراضي الإنجليز قوانينهم وقاسى الفلاحون الأيرلنديون منها.
كانت العلاقة بين المالك والفلاحين المستأجرين تدور في حلقة
مفرغة. لم يقتصر الأمر على عدم امتلاك الواح المستأجر للأرض
لرأس المال لتحسين محاصيله؛ فضلا عن تأكده من أن إيجار الأرض
سيرد إذا غامر بإدخال أدنى قدر من التحسن عليهاء لذلك فقد كان
حريصا على عدم تطويرء أو محاولة تحسين جودة «البطاطا». إذا حدث
كان يرفض العودة إلى السعر القديم لأنه يجد أنه من غير الملائم الحد
من الإيرادات التى عود نفسه عليها.
كان على المستأجرء الذي يعمل في قطعة أرض لا تكفي لإطعام
عائلته» أن يبحث عن عمل إضافي لدفع إيجار منزله. الكفاح المستمر
نك رن ا لود له
زوجاتهم 00 مهملالات رأطفاليج ا ولوق 0 خلجر
مغروز في الجرح ويجعله يتقيح» كانوا يلقون باللوم في كل بؤسهم على
المغتصب الإنجليزي. إذا عرّض المستأجر نفسه للطرد من الأرض لأنه
لا يدفع الإيجار بشكل منتظمء فإن هذه السمعة ستلاحقه أينما يذهب
1- ومعناه السلام البريطاني باللاتينية منذ مغامرات نابليون بونابارت الكونية» التي انتهت
بهزيمته في معركة واترلو الفاصلة 5م ومن ثم وضع ص لطموحاته التوسعية
ا ل ة لبريطانياء امتدت لمئة عام
(1815-1914). المترجم
2- الاسم الذي تكنى بهأيرلتدا وذلك بفضل أراضيها؛ اء الغناء التى أوجدها المنا:
المعتدل والأنهار العديدة. المترجم. 1 5-6 لني 6 :

-162- 1 تنطتنا 3013غأم مهدع الا

عت لي لل ارد اكز ينا عر ولم يترك له
هذا الوضوع خياراً سوى الهجرة» لكنه كان يف يفتقر إلى الموارد اللازمة
لتسديد تكاليف الهجرة له ولأسرته.

ومادام سكان الريف المضطهدون الذين يعانون من الفقر لا يمنحون
حافزاء نظراً لأن مالكي العقارات لا يفكرون إلا في الأرباح وليس في
تحسين يخاصدم ونظراً لتقلبات الأحوال الجوية في أير لنداء فإن
حدوث كارثة كان أمرأً متوقعاً. إن البدء بزراعة محاصيل متنوعة كان
ينا الوفا» المغهرة من عدوت الكارلة» لكن التجميغ كان يتباهل
المنطق السليم عندما يتعلق الأمر بحساب الأرباح. وبالتالي اعتمدت
أيرلندا كنا على إنتاح محصول واحدء, وإذا ما تعفن ذلك المحصول.
تتم إدانة شعبها. العلامات الأولى لم تتأخر في المجيء . في تشرين
الأول 21845 نشرت مجلة فريمان رسالة من كاهن محلي: ايحزنني أن
أخبركم بأن العفن يسيّب تلفاً مخيفاً حتى في البطاطاء التي كانت سليمة
قبل ثمانية أيام".

أعلن الدكتور ليندلي عالم النبات المشهور في أعقاب جولة التفتيش
التي قام برعايتها في أيرلنداء أنه بسبب هطول الأمطار المستمر» فإن
البطاطا قد أتخمت بالكثير من المياه التي لم يعد بإمكانها استيعابها مما
أدى إلى تعفنها.

وحينها أصبح من المؤكد أن مرض البطاطا المميت قد عبر المحيط
الأطلسي في شحنة من الحبوب قادمة من أمريكا؛ في ذلك الوقت»
كانت أصوله غير معروفة فلم يهتم أحد أبداً بالتحذير الذي أطلقه
الدكتور ليندلي 0 لم يتم اكتشاف مرضص دعام علا دامطاطمم مراص أو
اللفحة المتأخرة”" أو آفة البطاطاء إلا في القرن العشرين. وكان عبارة عن

إنفستنسء ويعتقد أن بيرو هي الموطن الأصلي للمرض ومنها انتقل إلى أوروبا.
المترلج.
-163-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نمو دقيق» لفطر بوغ ذي قوة تدميرية كبيرة. وهو يتضاعف بمعدل مخيف
ويمكن لبوغ من نبات بطاطا واحد مصاب تدمير آلاف النباتات الأخرى
في وقت قصير جداً. وعلى الرغم من أن المطر ليس السبب المباشر
لهذه الآفة» إلا أنه سبب انتشاره؛ لأنه بدون رطوبة يتضور الفطر جوعاً
ولا يتكاثر. وهكذاء فإن الظروف المناخية في أيرلندا عام 1845 قدمت
الظروف المثالية لانتشار هذه الآفة بشكل سريع.

حاول دانيل أوكونور» عضو مجلس العموم المتتخب عن أيرلنداء
تحذير حكومة السير روبرت بييل لاتخاذ إجراءات وقائية» عندما أعلن
سلطت عليهم هذه المصيبة».

أوضح اللورد هيتزبري (اللورد ليفتنانت) أي الحاكم العام في
أي رلنداء الأمر بنغمة أكثر برودة: «لقد كان هذا الموسم غير لائق فلم
تسطع الشمس كثيراً في هذا الموسم لدرجة أن البطاطا قد نضجت.
بشكل غير سليم».

أظهر ذلك أن الرجل قلق حول أرباح البطاطا أكثر من اهتمامه برفاهية
رعاياه. مهما كان وضعهم الاجتماعي. ولكن ماذا كانت الخطة الع
تعهد بهاء باعتباره ممثل الحكومة البريطانية» لمساعدة الأيرلنديين؟ إذا
5 برت الخرء ل 0
اللورد ليفتانت وفدا من أعيان أيرلئدا وجاء فيه : كان الرد الذي قدمه
يعانون من الجوع!0. ا 0
أن تعبر عنهاء وقد صلى الوفد من أجل أن لا تمبن السوء ء المحاصيل
الزراعية في المملكة. خشية أن يهلك الناس.

«لقد سبق وأن 0 رئيس الوزراء لبرت بيبل بالفعل بتخصيص 1]00

-164-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لشحنه إلى أي رلنداء وقد ساعد تحركه الحاسم على التغلب على المرحلة
الأولية من المجاعة في أوائل عام 1846. ولكن بعد ذلك اندلع نزاع مرير
بين وزرائه» ومنع مجلس الوزراء تقديم أية مساعدات إضافية. ترك هذا
الطريق المسدود أمامه سبيلا واحدا فقط لمكافحة المجاعة: إلغاء قانون
الذرة» وهو تشريع نم تمريره لحماية سعر الحبوب المزروعة في بريطانيا.
هذه الخطوة التي لا تحظى بشعبية هي التي أدت إلى انقسام الحكومة
وأسقطت روبرت بيل2). أو كما قال دوق ويلنغتون الطاعن في السن:
القد فعلت البطاطا المتعفنة كل ذلك. وضعت بيل في رعب مجنون».

جاء الشتاء وترافق الجوع معه. لقد ضربت كارثة كبيرة القرى. لم
يكن هناك المزيد من الطعام... لقد استنفدت جميع مخزونات البطاطا.
كان هناك الكثير من المرضىء والقليل من الموارد. مع مرور الأيام,
تصاعد اليأس. أغلقت نوافذ وأبواب قصر أحد الملاك فى إحدى
القو: كانت اللبايحة الأمالدة لالص ماخة بالساء النائحاتك :و الأطفال
الموتى. وكانت هناك امرأة أشبه بالفزاعة وقد لفت نفسها بخرق ممزقة
تتحرك إلى الأمام والخلف. بدت عليها سيماء الموت» وكانت قذرة وقد
غزاها القمل. استغنى الكاهن عن أداء الطقوس الأخيرة للموتى بسبب
أعدادهم الكبيرة. كانت تلك القرية تحتضرء تمامأ كما هو حال القرى
الأخرى في جميع أنحاء البلاد.

استمرت الآفة بلا هوادة طوال السنة التالية. كان عام 1846 أسوأ بكثير
من عام 1845. بعد ربيع معتدل» استحوذ البرد على أيرلندا من جديد»
ابتداء من مقاطعة دونيجال وحتى مقاطعة كوركء وهطلت الأمطار
وأغرقت جزيرة الزمرد من مقاطعة كيلدير حتى مقاطعة غالواي. تحولت
الطرق الترابية إلى طرق طينية غير سالكة. توقفت حركة النقل» ولم تعد
معونات الطعام الطارئة تتمكن من الوصول إلى وجهتها. شعر سكان
1- لم يتمكن أحد من تشكيل حكومة أخرى لمواجهة الأزمة لذا رفضت الملكة فيكتوريا

قبول استقالة بيل.

-165-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المدن بهذا الأمر عندما تم رفع أسعار المواد الغذائية مع التوضيح أن
النقص فيها وصل إلى مرحلة حرجة. وفي الوقت نفسه. أغرق المطر
المستمر الحقول وحجب ضوء الشمسء وفي الأيام القليلة التي حاول
فيها ضوء الشمس اختراق السحبء لم يستمر الفترة الكافية لتجفيف
الأرض. اجتاحت العواصف الرعدية العنيفة والأمطار الغزيرة البلاد
وأدت إلى انتشار آفة البطاطا. سرعان ما أصبح واضعنا أن الناس لم
يعودوا قادرين على البقاء على قيد الحياة مالم يتم اتخاذ خطوات فورية.
نعم» كان عام 1846 أسوأء لأن التجار عديمي الضمير كانوا يشترون أي
شيء صالح للأكل ويعرضوه في السوق بأسعار باهظة للغاية» وكانت
الأسعار عالية جدا بالنسبة للفقراء الأيرلنديين لا يستطيعون تحملها. وفي
وسط حالتهم اليائسة» اقتحم حشد من الناس أحد بيوت العمل" المحلية
في مدينة ليستويل في مقاطعة كيري» وهم يصرخون: «الخبز أو الدم!).
كان تشارلز إدوارد تريفيليان» يبشغل منصب. مساعد رئيس الخزانة8)
وكان ذلك بالاسم فقط لأنه فعلياء كان هو الوزير. وعلى الرغم من حقيقة
أنه كان ينظر للأي رلنديين باستخفافء فقد تم تسليمه السلطة للإشراف
على برنامج الإغاثة الغذائية الأيرلندي (الذي وضع تحت سيطرة وزارة
الخزانة). ورفض فتح مستودعات الإغاثة الغذائية: قائلاً: «إن الطريقة
الوحيدة لمنع الناس من الاعتماد بشكل داتم على المساعدات الحكومية
هو وقف هذه العملية»؛ وأمر بإغلاق المتاجر الحكومية ري 15 ا
وبهذه الخطوة» أصبح أحد الشخصيات البارزة فى المأساة الأيرلندية
في آب من عام 1846» مع تزايد ظهور البطاطا السوداء فى الحقول
بشكل كبير» كان لا يزال هناك أمل: فقد كانت أجزاء /

صغيرة من الريف
أ
1- .م عاص 6 واي ع ٠‏ 0
ا الإنجليزي لسنة 1834 لمساعدة الفقراء وكملجأً لهم.
م

2- وزير المالية. المترجم.

-166- 121طأا 63013ه0مر هدهع ]الا

تزدان بالقمح الذهبي» والتي كان يمكن استغلالها لتخفيف المجاعة.
ومع ذلك لم تكن الحبوب تعتبر في أيرلندا غذاءً» ولكن كنقود لدفع
الإيجار! لم تساعد السماء الفلاح الأيرلندي الذي يعجز عن دفع الإيجار
مما يجعله يواجه إجراءات الإخلاء الفوري. التي كان يتم تطبيقها
بوحشية مطلقة من قبل المالك وتحت حماية القانون.

نال تريفيليان ومواطنوه كراهية الأيرلنديين الأبدية دون أدنى شك
عندما رفض وقف تصدير هذه المواد الغذائية من أيرلندا. وأعلن أنه
لن يتدخل في قانون العرض والطلب: الا يمكننا تشجيع فكرة حظر
الصادرات»ء والتجارة الحرة المثالية هي الطريق الصحيح».

وهكذاء بحلول أيلول عام 1846» تم تصدير المنتجات الغذائية من أي رلندا
التي تسود فيها المجاعة إلى إنجلترا والموانئ الأوروبية الأخرى. ووفقاً
للسجلات الرسمية» وفي ذروة فترة المجاعة عام 1846 شحنت أيرلندا إلى
إنجلترا: 250 ألف ربع"' من الحبوب و700 ألف قنطار من الشعير» ومليون
ربع من الشوفان ودقيق الشوفان”. وصدر تقرير آخر© يؤكد ذلك ويشير
إلى أن الكميات المصدرة كانت 169,18؛ طناً من القمح» و990,8 ؛ طناً من
الشعير و938,102: طناً من الشوفان. وهكذا كانت تجري الأمورء فبينما كان
الأيرلنديون يموتون من الجوع؛ جمع تجار الحبوب الإنجليز ثروة طائلة.

أقام الطاهي الفرنسي الشهيرء ألكسيس سوير مطاعم للفقراء أمام
الككنات الملكية في دبلن. لكن الحساء الخفيف الذي تم توزيعه كصدقات
كان بالكاد يعتبر بديلاً غذائياً للعمّال الأيرلنديين الذين اعتادوا تناول وجبات
متكونة من 14 رطلاً من البطاطا. وفي حين كانت مطابخ الحساء تقدم الطعام
لثلاثة ملايين من الأيرلنديين» أعلن سكرتير تريفيليان في بيان له:

«هناك الكثير من الأسباب للاعتقاد بأن موضوع قانون الإغاثة قد

1- مقياس يساوي تقريبا ربع رطل. المترجم.
2< ر اجع: ع8 11 طدمآ رصعل:1131 .1.
3 ر اجع لمنسة دع عط ,كصةذ!1/11آ لصة كلتة كلظ .

-167-
لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

انحرف عن غايته إلى حد كبير فهو يتم تطبيقه بشكل مستمر وأصبح
يمثل وسيلة إعانة إضافية لأفراد الطبقات الدنياء ومساعدة للمزارعين
وأصحاب العملء بدلاً من أن يتوجه نحو إعانة المعدمين تماما. وهي
الغاية الحقيقية منه).

ذهب تريفيليان خطوة أبعد من ذلك. وأعلن أن «هذا الإسراف يجب
أن يتوقف» وأن دافع الضرائب في الولايات المتحدة يتحمل العبء
الكامل للمجاعة. وبالتالي فإن كل إعفاءات بموجب قانون مطاعم
الفقراء ستتوقف بحلول أيلول.

إنني أرى أن الكثير قد تم إنجازه للناس. في ظل مثل هذه المعاملة,
أصبح الناس أكثر سوءاً بدلا من أن يكونوا أفضل. كان كل ما يمكن القيام
به قد تم إنجازه. أما الباقي فيجب أن يترك الآن لعمل الأسباب الطبيعية».
وقد تم منح تشارلز إدوارد تريفيليان لقب فارس لقاء أعماله.

كتب رجل دين محلي يائساً في رسالة بعثها لأحد أساقفته. «وحدها
السماء تعرف متى تنتهي هذه الأشياء لأننا لم نر حتى الآن سوى بدايات
البؤس الذي ينتظر مواطنينا التعساء)

هكذا كانت تجري الأمور. كان الناس لأجل أن يتغلبوا على جوعهم.
يخبزون الفطائر من نشارة الخشبء. وكشط الغراء الموجود فى ورق
الجدران وغليه ليتناولوه كحساء مركز. لم يكن المرضى بحاجة إلى
أدوية» بل كانوا بحاجة إلى الغذاء ليتعافوا . مات النامن في كل مكان» فى
أكواخهم؛ في الطرقات وفي الحقول. لم يتم دفن معظم الجثث ب
يتزايد ظهور شبح الأوبئة يوم بعد يوم.

كان عام 7 أو كما كان يطلق عليه الاب لكديون: «العام الأسودا
على وشك البدء. . أدت المجاعة إلى ظهور بطالة على نطاق لم يعرف
من قبل . بدأ الصيف بطريقة رائعة وكان يعتقد الجميع أن رعب الجوع
قد انتهى أخيرا. لكن سبحا احز كان يلوح فوق أيرلندا. كان الناس»
الذين أضعفهم الجوع. فريسة سهلة للأمراض الوبائية. لم تمت الآمة

-168-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ذوعا فحسي ةيل أضدة ساي
التيفوس.

اجاح طاعون التيفوئيد الجزيرة. لم يتأثر الرب بصرخات أبنائه
قار عناده من ل مغفرة خطاياهم, التي» حسب اعتقادهم الشديد.
لوجت 0 الخاردة الجديدة. ارتفع عدد الوفيات من جراء مرض
تفوس 5اناهذ! الوياء يهشو عن طريق القمل: بيد المرضن بالقىء
والغثيان وتظهر البثور قبل أن تنشر الغرغرينا في الجسم. إلى جانب
اليفوين» كانت الحدى الراجعة مرضا ميا اخ يتتقل أيضا زو انرظة
القمل. يبدأ بحمى شديدة وتعرق غزير» وكانت تنتهي معظم حالاته
بالموت. ورغم ذلك لم تصل الأمور إلى نهاية المطاف» كانت هناك
أمراض قاتلة أخرى تماثل الطاعون مثل الزحار العصوي (التدفق
الدموي"" والإسهال المعدي. والذي أصيب به لأول مرة الأطفال
الذين كانوا يلتهمون أوراق الكرنب القديمة أو اللفت المتعفن لأجل
فد جوعهم. وبالطبع كانت هناك دائما وذمة الجوع. التي كانت تؤدي
إلى تورم الاطراف ومن ثم الموت.

وكانت تنطلق من عنابر المرضى قليلة العدد الموجودة في
النستشفيات الرائحة الكريهة من الجثث المتعفنة مما دفع الطاقم
الطبي إلى تركها. كان الأبطال الحقيقيون هم الأطباء ومساعدوهم من
المتطوعين؛ وكذلك الكهنة. كانت شجاعتهم لا توصف. كانوا مدركين
تماما للمخاطر التي يتعرضون لها بسبب احتكاكهم يومياً مع المرضى
المصابين بالعدوى وأبناء الأبرشية.

وكان البقاء في المكان نفسه معناه التعرض للموت المحقق لذلك»
كان جميع سكان البلد يرتحلون. غادر الناس منازلهم وتركوا حقولهم»
تركوا كل شيء للهروب من الرعب وإيجاد حياة أفضل. أدى ذلك إلى
حدوث أكبر موجة نزوح جماعي في التاريخ الأوروبي. وينبغي اعتبار

لميكروبات مر ض معد ومميت» وهو

1- حمامات الدم التي أهلكت الجيوش في القرون الوسطى.
-169-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الهجرة الأيرلندية إلى أمريكا الشمالية أهم تأثيرات المجاعة الكبرى.
بدأ الاندفاع الحقيقي لمغادرة أيرلندا في وقت مبكر من عام 1847. فى
بداية العام؛ هاجر أكثر من ربع مليون شخص من أي رلنداء ولم يكونوا من
الأشخاص المعوزين والأفقر حالآء ولكن كان من بينهم أيضاً من هو
أفضل حالآء مما زرع بذور الكراهية الأيرلندية نحو الحكومة البريطانية
وتحريك «الشعور بالانتماء الأيرلندي». الناجون من تلك المجاعة
الرهيبة حملوا معهم غريزة البقاء والرغبة في الحصول على ثروة» لكن
قلة محظوظة فقط هي التي حققت ما جاءت من أجله - حياة هانئة
وسعيدة في القارة الجديدة. وانتهى الأمر بالعديد منهم لأن يبقوا فقراء
كما كان حالهم في أيرلنداء حيث عملوا من أجل الحصول على أجور
زهيدة فى الصناعات التى كانت تشهد توسعا سريعاء مثل مد خطوط
السكك الحديدية أو ملء شواغر الجنود الذين فقدتهم الوحداث
العسكرية أثناء الحرب الأهلية الأمريكية الدموية.

كانت الرحلة إلى أميركا مكلفة. فتضطر العائلة المكونة من ستة أفراد
إلى دفع 6 جنيهات استرلينية للوصول إلى كيبيك أو 21 جنيهاً استرلينياً
للوصول إلى نيويورك. وقد عبر القنصل الأمريكي في بلفاست عن هذا
الاختلاف في السعر بهذه الطريقة قائلاً: امن كان يذهب إلى أمريكا هم
الناس ذوو الصفات الشخصية الحسنة والمهارات الجيدة, أما إلى أمريكا
الشمالية البريطانية فقد كان يذهب ذوو الشخصيات الشريرة والسيئة»).
بسبب الفرق الكبير في تكاليفف النقل قرر معظم الأيرلتذيين أن يذهبوا
أولا إلى كندا ثم يسيرون ببساطة عبر الحدود الأمريكية غير المحمية.

كانت تروحم أعداد فيشمة اق الاين هل برضييقه موائزه«السقاة:
وكاتوا يمكتون.عناك لأسابيع: قي محاولة للحضول :على مفر: خدع
وسطاء المرور غير النزيهين الفقراء واستولوا على مدخراتهم قبل
الماع لهم بالذهاب على يمتن السفن المتخادرة: تحولت رحلة عبور
المحيط الاطلسي من الموانئ العديدة على طول السواحل الأيرلندية

-170-
لا31طأ ا 01310123 مر هودع الا

والإنجليزية إلى كابوس. كانت غرف السكن الموجودة تحت سطح
السفن مكتظة بالمسافرين» وكانت مأوى للقمل الذي ينشر الأمراض»
حيث كان يتقيأ المسافرون الذين يعانون من دوار البحر على بعضهم
البعض لأنهم كانوا أضعف من أن يصلوا إلى سطح السفينة» وكانت
رائحة البول منتشرة في كل مكان وإمدادات المياه غير صالحة للشرب
في كثير من الأحيان لآن براميل المياه استخدمت لنقل مادة الخل.
ووصف أحد الشباب الموسرين من مدينة ليمريك» ويدعى ستيفن
دي فيري» وكان يروم الذهاب إلى كنداء الركاب الذين كانوا متواجدين
تحت سطح السفينة أثناء الرحلة قاتلاً: ... كانوا متكومين فوق بعضهم.” '
بلا ضوءء ولا هواء» يتمرغون وسط القذارة ويتنفسون فى جو من التتانة»
أجسادهم مريضة. وقلوبهم ضعيفة» وكان المرضى المصابون بالحمى
يرقدون بين الأصحاء في أماكن نوم ضيقة جدا إلى حد لا يستطيعون
تغيير مواضعهم» وبهذيانهم المحموم كانوا يزعجون من حولهم...)20.
كان يطلق على السفن التي تحمل المهاجرين اسم سفن التوابيت. لم
تكن سفينة إليزابيث وسارة عند انطلاقها من ساحل قرية كيلالا الأيرلندية
تحتوي على مراحيضء وكان يستخدم أسرة النوم ذات الطابقين والتي
كان عددها اثنين وثلاثين 276 مهاجراً. كثيرون لم ينجوا من مشقة
الرحلة؛ أما سفينة لارشء التي انطلقت من بلدة سلايغوء بركابها ال404)
فقد مات 108 منهم في عرض البحر. . استغرقت رحلة السفينة لووستهوك
7 أسابيع. هلك 117 سيافراً من أصل 348 هو عدد مسافريها الأصليين.
لم يهلك جميعهم بسبب إصابتهم بالحمى؛ » في بعض الأحيان كان يقام
مزاد لبيع المشروبات الكحولية» وكان ينتهي دائماً بمعارك دموية ويلقى
ببعض الناس في عرض البحر. أبحرت سفينة فيرجينيوس» من ليفربول»
واستغرقت مدة تسعة أسابيع لعبور المحيط الأطلسي. ومن بين 476
مهاجرأء توفي 158 في البحر. ووصلت سفيئة أغنيس التي كانت تحمل

1 - راجع: 1[ ع0 فط ,طنتدك-سقطل1100 .0).
-171-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

7 مهاجرأء وقد نجا منها 150 فقط بعد حجزهم في الحجر الصحى,
الباق وقمو] ضيحية عرض التيفونين: ْ
وقد دعت صحيفة مونتريال غازيت إلى اتخاذ تدابير حكومية صارمة
للحد من «إغراق الفقراء والأيرلنديين المعوزين». أجبر الخوف المستمر
من انتقال الحمى إلى أمريكا الشمالية الحكومة الكندية على بناء محطة
للحجر الصحي على جزيرة غروس على نهر سانت لورنس . وأفاد شاهد
عيان بأن المهاجرين الأشد فقراً حشروا في قواربء وقاموا بالتجذيف
حتى وصلوا إلى الشاطئ حيث «زحفوا على الساحل وماتوا مثل السمك
الذي يترك الماء». وصل حوالي 109 آلااف شخص إلى جزيرة غروس فى
كندا في ربيع عام 1847: من بينهم 2500 مريض يعانون من الحمى وتم
حجزهم تحت ظروف الحجر الصحي المروعة. وبحلول نهاية العام
توفي 20 ألف شخص بسبب الحمى على مرأى من الأرض الموعودة.
لم يعد لدى المستأجرين ن المزيد من الحقول لزراعتهاء ولم يعد بوسع
سكان أيرلندا سداد مستحقاتهم. وكانت عمليات جمع الإيجار تجري
بقسوة ة مفرطة والناس في قمة الجوع. . وكان يتبع الإخلاء الطرد؛ تم طرد
0 ألف فرد من منازلهم خلال عام 1847 . وبحنق شديد ذكر النقيب
هيلارد» المفتش المسؤول عن قانون الفقراء في غالاواي, الذي أرسل
لغرض تطبيق القانون؛ أن أحد الاشخاص المسيحيين من أتباع القديس
جرجس من مقاطعة كونيمارا طرد مستأجريه دون أن تكون معهم
أسمال بالية يغطون بها أجسادهم. كانت أسقف الأكواخ 0 وقد
تهدمت أغليهاء وكان الناس منهكين من الجوع الذي أذهلهم بوحشيته.
ردأ على ذلكء قام بعض المستأجرين بتمرد وقتلوا ستة عشر من ملالك
الأراضي. أصيبت لندن بالذعر. وبدأ طرح الاسئلة ألم تكن الحركة
العمالية الإنجليزية الجديدة التي عرفت بالجارتية بقيادة رجل إيرلندي»
هو فيرغس أوكونور #مهده0”0 دوجوم ع؟ مع وجود ملايين العاطلين
عن العمل في منازلهم؛ ماذا لو وصلت الشرارة من أيرلندا إلى الشواطئ

-172-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الإنجليزية؟ أرسلت الحكومة بسرعة 15 ألف جندي إضافي لمنع
حدر ا ٠‏ ويسبب سياسات لندن الخرقاء. أصبح الوضع السياسي
ل
من اليأس» ولكن بعض الملاك المحليين المقيمين كانوا قريبين من
تهنيذا خطيرا. 3 الى اللورد كلارتدونه الحاكم العام الأبرلتدي
رك ار الك و 1
كارثة جماعية ستجلب العار الأبدي إلى الحكومة البريطانية. لكن
تحذيره ذهب أدراج اب
يكن الأمر ا قد يظن المرء أ الاعتقدبلقضاء القدر
إلى واقع الحال. لكن الأمر لم يكن كذلك. هذه الصعوبات ل
يعيشها الأيرلنديون آنذاك دفعتهم لأن يبحثوا عن هدف لحياتهم, . فربما
كانوا يعيشون على الهامش حينهاء ولكن الأمر لا يجب أن لا يستمر على
هذا النحو إلى الأبد. كان البعض على استعداد للتخلص من نير الملاك
أربعة رجال ليقودوا مسيرة الكفاح وهم: وليام سميث أوبراين» وتوماس
فرانسيس مغير» وتشارلز جافان دافي» وجون ميتشل. وانئذ نضم إليهم عدد
من الفلاحين والعمالء الذين كانوا يجوبون الشوارع يوما بعد يوم دون
أمل في حصولهم على العمل أو تحسين ظروف حياتهم.
اختيار اللحظة المناسية. لم يكن عام 8 هو الوقت المناسب للتمرد
-173-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

الأيرلندي الشامل. بدأت حملة من الاعتقاللات بموجب قانون جزا:
الخيانة الجديد. وحكم على جون ميتشل بالسجن لمدة أربعة عشر
عاما مع الأشغال الشاقة» وتم إلقاء القبض على مغير ودوفي وألقى بهما
في سجن تيوغيت: أصبيخت مدن دبلن» وكورك,. ودروغيدا تور
خاضعة لأحكام قانون الجريمة والغضب. في 29 تموز 1848 وصلت
الانتفاضة الأي رلندية إلى نهايتها دون أن تراق فيها الدماء في حركة تمرد
الشباب الأيرلندي ماكورماك في قرية بالينغاري. كتب وليم سميث
أوبراين بمرارة كلمات الوداع هذه: |

ادعوا تاريخ أي رلندا يسجل هذه الحقيقة وهي أن أفراد الشعب فضّلوا
الموت جوعاً في منازلهم, أو الفرار كمنفيين طوعيين إلى أراض أخرى؛
بدلاً من النضال من أجل حقوقهم وحرياتهم».

جاء الموت مرة أخرى مع المطرء صامتاً وماحقاً.

الأيرلنديين كانوا شعباً خاشعاً لله. كان مذهب ديانتهم كاثوليكياً ويبدأ
وهم في رحم أمهاتهم. أي شيء آخر كان ضد قانون الله. كانت مشيئة الله
هي السائدة دائماء يتوفى الكبير ويولد الصغير. لكن هذه المرة كان الأمر
يحتاناء هلد المرة كان الأطقال يلون موت :+ ويكو فين الكيا ته كار
السن. لآنه في عام 1848 بعد الميلاد» عادت آفة البطاطا لكي تنتقم.

امتدت آثار البوؤس عبر الأرض. كان هناك طابور لا نهاية له من
الأشخاص رثي الثياب يتعثرون في مسيرهم وسط غطاء كثيف من
الضباب الأزرق» متجهين نحو الميناء والسفن» والأمل الغامض.
يحملون على ظهورهم ممتلكاتهم الهزيلة. كانت بعض عربات اليد
تحمل أباءهم وأمهاتهم كبار السن» وقد اخشوشنت أيديهم بسبب العمل
الشاق. وهزلت اجسادهم. معظمهم لم يفكروا أبعد من وضعهم الحالي
وكيف سيعيشون خلال الايام القليلة القادمة. أو حتى الساعات القادمة.
كم هو رائع أن لا نشعر بالجوع بعد الآن. لتقول لمرة واحدة فقط: لد
كان لدي ما يكفي من الطعام.

-174-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نقدوا الإحساص يكل خبي ةلم يكونوا يودعون أحبتهم وأرضهم
لا برئاء صريح ولا حزن صامت. ساروا عبر الأرض مع أكياس
ملابسهم» التي كانت تتدلى من عصيهم ذات النتوءات التي كانت
تجثم على أكتافهم» دون أن يقابلوا روحاً بشرية . كلما ساروا أكثرء كلما
كانت أرواحهم تسوء أكدن. . من وقفت لآخر كانوا يمرود سبعض أكواخ
الفلاحين» لكنها كانت فارغة» وأبوابها مفتوحة على مصراعيها. لو كانت
هذه الأكواخ - وإن كانت لأفقر الناس - تستأنس بها مناظر وأصوات
حتى عدد قليل من الأطفال الذين يلعبون» لما كانت تبدو كثيبة للغاية
هكذا. ولكن لم تكن هناك أية علامة للحياة» بل كان هناك مجرد مشهد
صامت على مساحة فدان من نباتات البطاطس المغطاة باللون الأسود.

لقد ترك الفلاح الأيرلندي منزله وحقوله» وهجر السهول. لم يكن يفكر
سوى أن يصعد على متن سفينة» هرباً إلى عالم آخر يوفر له المأوى.
ويمنع عنه الجلوس وانتظار الموت مثل الآخرين. حتى كهنتهم كانوا
صامتين» لم يكن لديهم المزيد من العزاء ليقدموه إلى أرواح الناس.

انتشر العويل في جميع أنحاء أيرلندا. يا رب» اقتلني وخلصني من
بؤيسى! كان هناك الكثير من الشائعات حول السحرء ومسؤولية النساء
الغرر القع ضقن الرفي#النى: أصالت ابر لتداء لكنها كاتني آمة سسيعنة
وكاثوليكية متعصبة فلا تؤمن بمثل هذه الخرافاتء إنه إبليس الشيطان.
هو من أشعل النار وفتح أبواب الجحيم الأبدي. أصبح المسيح فجأة
قريباً جداً من جميع المتدينين» وحتى من أولئك الذين لم يكونوا قريبين
جداً من الكنيسة» لأن المسيح لم يكن مجرد مغفرة» بل أكثر من ذلك كان
أملاً. بالنسبة لمعظم الناس» كان الأمل الوحيد الموجود. . كان يعرف ما
الذي كان يعاني منه الأيرلنديون» وكان دائماً هناك. كان مجرد رؤية رجل
يرتدي ملابس رجال الدين يساعد على تغيير وضع الكثيرين. ومع ذلك؛
كان المشاركون في التجمعات الدينية يقل عددهم. بعضهم كان قد مات»
وبعضهم اختفى ببساطة. أولئك الذين ما زالوا يمتلكون الإيمان ويجيئون

-175-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إلى ال ات كانوا بذ م ن بأيديهم على الاثار المقدسة القديمة» مثل
١ 1‏ عات > نلك١١)‏ سنئققذنا! لقد : فى اأح ٠.‏
الصلبان المحفورة باليد - فالقديس باتريك ِ عورا
إلى السماء: «اللهمء ارحمني واجعلني أتمتع بالنوم الابدي».

استلقى رجل خارج منزل مالك أرضه؛ وقد القى براسه على ذراعه.
كان كل شيء بداخله يوحي بالسلام والهدوء حتى إنه كانت هناك
ابتسامة لطيفة على وجهه. هذه هي الطريقة التي مات بهاء ووجد فلاح
آخر مشنوقاً في شجرة أمام كوخه المهدم بجانب ابنتيه» اللتين ماتتا من

ءءء د 00 5 - ]ادام

لديها أي شيء آخر لتتغذى عليه.

كانت هناك ستة هياكل عظمية ساغبة ومرعبة» تبدو ميتة من خلال
جميع مظاهرهاء تكومت في زاوية فوق بعض القش القذر. يغطي
أجسامهم ما بدا أنه قماش حصان ممزق وكانت أقدامهم البائسة تتدلى
وهي عارية فوق الركبتين. اقتربت منها واكتشفت من خلال الأنين؛ أنهم
كانوا لا يزالون على قيد الحياة» وكانوا يعانون من الحمى - أربعة أطفالء
وامرأة» وما كان رجلا في يوم من الأيام. «بهذه الكلمات الحزينة وصف
القاضي الأيرلندي للسلام هولاء الناس إلى دوق ويلنغتون2. متوسلاً أن
ينقل الدوق الوضع الحقيقي إلى الملكة فيكتوريا.

في الحقول» سقطت الأوراق المتعفنة من البطاطا غير المحصودة
على الأرض واكتست أيرلندا بغلالة سوداء من الحزن. كان هذا هو العام
الثالث وباتت البلد جرداء من كل شيء. كان يتم غلي لحاء الأشجار
ليشبه الحساء أو الخضار غير المطهوة؛ لكن الحرارة قتلت الأشجار
لالتحا لااتوالكااي ارد 0
0 هو ليس روماني بريطاني توفي في 17 آذار عام 461. المترجم.
ثانا عسكري وسياسي بريطاني من أصل أيرلنديء اشتهر بتحقيقه النصر على نابوليون

بواتارك ف سرك د 0
0 “ي معركة واترلو عام 1815. تولى رئاسة الوزارة في بريطانيا مرتين.

-176-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

0 اللحاء» وتركتها لتكون الشواهد البليغة عن الرعب. وقد
حفر الحقول بأيدٍ عارية من أجل الحصول على آخر ما تبقى من
محصول اللفت. والجزر. أصبحت القطط والجرذان والسناجب». وكل
شيء بمثابة طعام للناس. تجولت بعض الكلاب المرعبة التي فرت من
فؤوس الفلاحين» وهي تجوب القفار عديمة الرحمة. كانت الحرارة
والمطر» والبعوض والقمل تقوم بتعذيب طوابير الأشخاص رثي الثياب
التي كانت تتسلل خلسة. . هل يمكن أن يكون هناك أي شيء أسوأ من
المجاعة؟ كان الألم من الجوع لا يطاقء كان هذا الألم المزعج والفظيع
يمزق الأحشاء.
في حين كشف العديد من الكتبة المعاصرين عن هذه الروايات التى
تتحدث عن الرعبء حاول آخرون فصل الأسطورة عن الواقع. خلص
معظمهم إلى الاستنتاج نفسه: السبب الرئيس وراء الكارئة هو عدم قدرة
بعض الأعضاء داخل الحكومة البريطانية على التعامل مع الوضع. إن الطبقة
الأرستقراطية الإنجليزية في أيرلندا لم تكن تتصرف ببراعة كبيرة كما أشارت
إلى ذلك ملاحظات ذكرت في صحف مجتمع دبلن. في ذروة المجاعة,
أقامت ليدي مايوريس من دبلن حفلة راقصة رائعة في قصر مانشن هاوس:
«استمر الرقص حتى ساعة متأخرة من الليل وتم تقديم أصناف المأكولات
والمشروبات من أجود الأنواع بإسراف ووفرة لا تنضب».
بعد ثلاث سنوات من الأزمة المستمرة أصبح الأيرلنديون منهكين
للغاية لدرجة أنه كان يمكن لأتفه حادث عرضى أن يفجر كارثة كبرى
أخرى. ثم جاء مرض الكوليرا الآسيوية» حدث ذلك في الأيام الأولى
من شهر كانون الأول عام 1848. ادعى البعض فيما بعد أن أحد البحارة
عثر على أحد المصابين بها على ظهر سفينة التابوت التي كان يقودهاء
وقال آخرون إنه كان رجلاً معدماً قادماً من اسكتلندا. على أية حال» حاول
الرجل شق طريقه إلى أحد بيوت العمل المكتظة في بلفاست. لم يكن
هناك مكان لمتسول آخر واندلع شجار. وقد جعله هذا الأمر على احتكاك
-177-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

مغ الآخرين» وأصابهم بهذا المرض 30 من 0 هذا في
بلفاست» انتشر المرض بسرعة في جميع انحاء البامروعر اص جم
بحتة» أ صبحت أيرلندا الآن تحت الحجر الصحي الكامل من الخارج.

وأعلنت لجنة الإغاثة المركزية (إننا ناسف حقا 3 لم تعد لدينا
القدرة على وريم المعونات الغذائية لمواطنينا المعدين+؟ (اللورد
جون راسلء رئيس الوزراء البريطاني الجديد). وتاي رت لكر
البريطانية أنها فعلت ما فيه الكفاية» وتخلت عن الايرلنديين وفق مبدأ
تريفليان هدلااء176» دع الأمور تجري وفق طبيعتها».

انتشرت في البلاد رائحة البطاطا المتعفنة النتنة ورائحة الموت الكريهة.
سيط كان د يصيبهم بسرعة وبشدة. (| ستمر وباء الكوليرا حتى منتصف عام
9. لقد هلك مئات الآلاف. ولم يكن هناك أحد يعتني بهذا العدد
الكبير من الموتىء وبالتأكيد لا يوجد أحد يظهر مشاعر الحزن عليهم.
كانت الجزيرة مليئة بالجثث. وقليل منها حصل على مراسم دفنٍ وفق
طقوس الدين المسيحي. وساعد المتطوعون في التخلص من العديد من
الجثث في الخنادق المحفورة خارج القرى. وظل الأيرلنديون متمسكين
ببلادهم؛ وهذا دليل على أمة رفضت أن تنقرض. لكن نظرة واحدة إلى
ريف بلادهم كانت تظهر حجم الخواء؛ وكم أصبح العالم مجنوناً.

مع نهاية عام 1849 تراجعت آفة البطاطا أخيراً. ما قتل المرض المجهول
بقي لغزا. ولكن حتى حقيقة أن المجاعة قد خفت في جميع أنحاء الجزيرة
لم تكن مطمئنة. حدئت الكثير من الأضرار وقصص الرعب. لم تكن هذه
منطقة حرب تم تدميرها بواسطة البارود. كانت قوى الطبيعة العملاقة
هي التي خلقت مثل هذا الخراب؛ وهي أكثر تدميراً من ألف مدفع» فهذه
الارض الفاخلة كان يكل فيها يوما ما المالارين من الناسن ويعيما رق بيد
في حراثة الارض. عندما بذلت بعضن الأطراف الرسمية مزق ونان مجهودا
لزيارة المنطقة. كانت زيارتهم تهدف إلى إظهار أن هناك وجوداً بشرياً.

-178-
لا31ط أ ا 01310123 مر هودع الا

كان هناك حاجة كبيرة لاستعادة السلطة. "ريخش روجه عام من
أن أيرلندا لن تتعافى مرة ة أخرى من المصير الرهيب الذي أصابهاء وأنه
لن ينتهي الامر بها سوى أن تكون تابعاً زراعياً لإنجلترا. وحتى ذلك
لم يكن مضمونأ» ولفترة 'طويلة عانى الإنتاج الزراعي لأيرلندا من آثار
هذه السنوات الفظيعة. لأن اليف كان مهجورا والحتول مييجور:. بعل
المجاعة الكبرى» ركزت عملية إعادة تعمير الريف على جانب الإنقاذ
أكثر من إعادة التوطين. كانت هناك بعض الحوادث وعدد قليل من
الححكايات؛ ولكن معظمها كان مبالاً فب لأن السكان كانواببساطة أضعف
من أن يصمدوا ويكافحوا. ومن المؤكد أنهم كانوا ضعيفين للغاية بحيث
لا يمكنهم القيام «بيوم عمل حقيقي". لقد عانى هؤلاء الناس الكثير» فقد
كانوا معدمين ويفتقرون إلى كل شيء. أولئك الذين لم يسبق لهم أن
سافروا كانت لديهم الرغبة في الهجرة إلى أمريكاء أرض الذهب. أما من
هاجر منهم» فكان من المستحيل أن يعود. فلم يعد يملك خيارات كثيرة.
لقد كان الموت في جميع أنحاء الريف نتيجة مباشرة لسنوات الجوع
العظيم» ولكن الأمر الكارثي هو حقيقة أن أكثر من مليوني شخص من
الرجال والنساء الأصحاء قد هاجروا وأفرغوا الجزيرة من قوة العمل
الرئيسية. ذهب مليون ونصف المليون أيرلندي إلى الولايات المتحدة.
وبما أن أمريكا الشمالية قد وضعت في النهاية حواجز صحية صارمة ولم
تسمح بدخول المرضىء فقد هبطت نسب الهجرة ة إلى أمريكا الشمالية
بشكل كبير. ربما كان هذا هو ما أنقذ أي رلندا أخيراً.
لقد وصلت المأساة إلى حدودها الأخيرة. فالعفن الذي كان مجهولاً
فى ذلك الحين» إلى جانب تقلبات الطقسء ذمر البلد تقريباً. لقد هلك
مليون شخض بشكل فظيء©: وكثير منهم مات بلا داع. مات بعضهم
1- في تعداد السكان الذي أجري عام 541 بلغ عدد سكان أي رلئدا. 4 نسمة
لكن في إحصاء آخر» أجري بعد عشر سنوات فقطء بلغ عدد السكان 6,552,385.

وبتخفيض الرقم الخاص بالهجرة والزيادة السنوية المقدرة بسبب المواليد» يكون
عدد الوفيات بسبب المجاعة قد وصل إلى أكثر من مليون شخص.

-179-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بسبب الإهمال من جانب المسؤولين البريطانيين في تقديم المساعدة
لشعبهم الذي كان في حاجة ماسة لهاء وبعضهم مات بسبب الأخطاء
التى ارتكبها الموظفون الإداريون الصغار"'» وبسبب عدم توفر الإدراك
"لها طلق من قبل مرافبي صندوق الإغاثة - فقد اعتبرها الأبرليديون
عملية إبادة جماعية. لقد كان الرجال مثل تريفيليان يهددون المصالح
البريطانية طويلة المدى من أجل فرض نسختهم الخاصة من الاقتصاد
قصير الأجل. ودفن أي أمل في إقامة علاقة أخوية مع جيرانهم في حقول
البطاطا في جزيرة الزمرد.

وحتى تلك اللحظة؛ كان ذلك عملاً من أعمال الله. ورغم أن الرب
كان رحيماًء فإنه كان قاسياً أيضاً وعاقب أولاده الأيرلنديين. لم يفكر
الأيرلنديون أبداً بأن أنماط الطقس السائدة - مثل المطر والضباب
والبرد- إلى جانب البطاطا التي بقيت دون علاج» كانت هي المسؤولة
عن سنوات جوعهم. بالإضافة إلى الافتقار إلى التعاطف من الخارج.

لقد استغرق إعادة بناء أيرلندا أكثر من قرن. لكن ذاكرة المجاعة
الكبرى لا تزال موجودة في الفلكلور الأيرلندي» ولا تزال مشاعر
الكراهية حية لأولئك الذين أدى عدم شعورهم بالمسؤولية - وكانوا
بالفعل كذلك - إلى حدوث واحدة من كبرى الأحداث المأسوية فى
تاريخ أوروبا.

2-3 ب 0
ام يقتصر خداعهم على الأيرلتديين فقط. فقد أدى إلى تدمير القوات البريطانية فى
ملينة سي استوبول الروسية (حرب القرم) خلال شتاء عام 1855 تان

-180-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

1915-58 كملق هنا مأ عولانا 16

هنا تلتويع
57 مونلل سه

-181-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الموث الابيض
3 كانون الأول 1916

التأداع 1111 1اككقتاتت و طعم1 عجزءدولع/1[
اعااء/|[! عاكتنداللءد: و وزالء دا ور
هيا إلى القتال يا أبناء إيطاليا
ليس هناك أروع من هذا الطقس.
م عن ل تابي
مقاطعة التيرول!!. 1915.
ثلوج؛ وثلوجء والمزيد من الثلوج. ظل الثلج يتساقط والريح تعصف
لمدة أسبوع كامل. كان الجانب الإيجابي لهذا الأمرء هو أن مدفعية العدو
اضطرت للبقاء في مأواها. كان ذلك هو يوم الجمعة الثالث عشر من
كانون الأول والذي يصادف يوم القديسة لوسي©. من المؤكد أن الجو
كان معتدلآء لم يكن بارداً تماماً كما كان عليه الطقس في الأسبوعين
الماضيين» وكانت أشعة الشمس تنعكس بشكل متقطع من خلال كتل
الجليد الصافية والثلج الذي غطى الوادي الذي يقع اسفل مقر الكتيبة
الأولى من الفوج الثالث من قوات صنف الخيالة الجبليين من حرس
إمبراطور النمسا 3 /2712زوء1 «عجاتاراءد]ءوزهء1 هدءاهز[1.. حيث
1- المنطقة التاريخية في ما هو الآن النمسا وإيطاليا. المترجم. ره
2- وهو التقليد المسيحي الغربي الذي يتخذ من القديسة لوسي الشهيدة شفيعة للمكفوفين
-183-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كانت مدفعيته تتنموضع على ارتفاع 3300 متر» في حين كانت بقية الكتيبة
تتموضع في الأسفل حيث يلتقي النهر الجليدي بالمنحدر الصخري.
كان عليهم الآن أن يخرجوا الثلج الذي ملأ خندقهم.

فقد كان ارتفاع الثلج الذي سقط أكثر من مترين» وفي بعض الأماكن
جعلته العاصفة يرتفع إلى ستة أمتار. كان مسحوق الثلج ناعما للغارة
بحيث لم يكن يبقى على المجرفة. ما هذا الذي يحدث. كان يوما جميلاً
وهادثاً. مر بقية الرجال عبر النفق الجليدي من الكهف الصخريء الذي
كان بمثابة مأوى للقنابل وغرفة تخزين وأماكن للنوم» وبدؤوا بالحفر.
بعد أن حوصروا لمدة أسبوع كاملء قليل من العمل كان مفيدا لرفع
معنوياتهم. كانوا يدخنون ويجرفون الثلج ويمزحون. لم ينتبهوا إلى
الفوهن (الرياح الجبلية الدافئة) التي بدأت تذيب طبقات الثلج. أدى
هذا التغير المفاجئ في درجة الحرارة إلى تحويل الثلج على جوانب قمة
الجبل إلى كتلة غير مستقرة تترنح من فوق النهر الجليدي بدون قاعدة
تدعم وزنها الهائل. بعبارة أخرىء كانت الكارثة حتمية الوقوع.

عند الساعة 07:11 صباحأء لاحظ الرجل الذي كان يقوم بواجب
المراقبة في الملجأ المصنوع من عوارض خشبية وصخور مكدسة.
والواقع أسفل خط القمة مباشرة» تصاعد خيط من الدخان من أحد
مواقع المدفعية الإيطالية وقد امتد عبر أرض الوادي. ثم قال لرجل
كان ينفخ في غليونه اليخسبين المنحني (7نوممء1 ع65 11 - يا لهولاء
الأغبياء»”"» وقد تصادف أيضاً أنه كان جاره الذي يسكن قبالته في القرية
التي : تقع أسفل الوادي 57 51د اهو وهم 4:1 ما هذا الذي يطلقون عليه
النار©؟ سرعان ما سمعوا صوت صفهير حاد عندما اندفعت قذيفة من
فوق قمة الجبل وإلى أبعد من ذلك. تجركاا الريم الرادي
صرت هده العرة بحفل تلج رقع عار يعن معن بعر تيك رقظلة لمر اوة
2 ل 0

-184-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

النمساوية. «إنهم يقتربون» صاح المزارع. الذي هو الآن جندي في
جيش جلالة إمبراطور النمسا. لم يكن مصدر قلقه الأعظم هو الضربة
المباشرة» بل الشظية القاتلة» تلك القطع الدوّارة من الصخور المتشققة
التي تتطاير كلما سقطت قذيفة على سطح جرف صخري صلب. فقد
كان عدد الناس الذين قتلوا من أثر الصخور المتطايرة أكبر مقارنة بالذين
قتلوا بسبب رصاص العدو.

وفي الأسفل عند الموقع الرئيس للكتيبة» سمع الجنود أيضاً الانفجار
وحدقوا إلى الأعلى نحو جانب الجبل الشديد الانحدار الذي يتدلى فوق
رؤوسهم. ورأوا أيضاً خيط دخان أبيض عندما انفجرت القذيفة بعد أن
سقطت وسط الثلج العميق» قبل أن يعودوا إلى العمل بمجارفهم. ثم
جاءت الجولة الثالثة. لم يرها الجنود الذين في القمة ولم يتطلع إليها من
كان في القاع. فجأة بدأت الأرض تهتز والجبل كله يتحرك.

أولئك الذين راقبوا مشهد الانهيار الجليدي» ونجوا منه. قالوا إنهم
شهدوا نهاية العالم. بدأت تتساقط قوة لا يمكن تخيلها من كتل الثلج
من المنحدرات الجبلية العالية» وكانت تتفتت» وتتحطمء ثم تدفن في
الثلج. هكذا سارت مجريات الحرب الشتوية التي حدثت وسط أعلى
قمم جبال أوروبا.

تجزأت طبقات الثلج التي كانت تحت قمة الجبل مباشرة إلى ألواح
صغيرة» وبدأت تنزلق» ببطء في البداية» إلى أن بدأ المنحدر بأكمله
في التحرك. زادت سرعة الكتل التي تجمعتء وزاد الضغطء وانتفخ
مسحوق الثلج الخفيف ليكوّن سحابة... وتناثر المزيد منه في الهواء...
وسرعان ما نمت السحابة وتحولت إلى موجة عاصفة.؛ ارتفاعها 200
مترء وبدأت تكتسب زخماً حتى وصلت سرعتها إلى 300 كيلومتر في
الباعة. كان قغط المزاء:الهائن: الذئ .سيق نكتل العلجج هو العامل
المميت. كانت موجة الضغط الهائلة الخاصة بكتل الثلج تساوي قوة

-185-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

قنبلة مدمرة”». الخنادق سويت بالأرض»ء وتطايرت أجزاء المدافع في
الهواء» وسقطت القذائف فوق الملاجئ ... مات معظم الرجال على
الفوره وسحقهم الضغط الهائل» وتوفي بعضهم إثر الصدمة أو البرد
وتوفي آخرون بعد ذلك بقليل. مختنقين بمسحوق الثلج الذي غطاهم.
قليلون هم الذين نجوا. وكان يطلق عليهم «الخارقون».

في الثالث عشر من كانون الأول 1916» تم دفن 274 فرداً من ضباط
ورجال الكتيبة الأولى من حرس القيصر تحت مليون متر مكعب من
الثلج. وفقد 63 آخرونء ولم يتم العثور على جثثهم أبدا!©. كانوا أول من
يموت في ذلك اليوم. لكنهم لم يكونوا الأخيرين.

عندما أعلنت إيطاليا الحرب على النمساء لم تأخذ في حسبانها
عاملين: الأول كان التصميم الذي لا يتزعزع للفلاح التيرولي للدفاع عن
داره وممتلكاته. والثاني كان هو الطقس. لا شيء متقلب مثل الطقس
الجبلي. يمكن أن تتساقط الثلوج بارتفاع ثلاثة هدام في ليله واحدة في
منتتصف شهر آب» حيث كانت العواصف الثلجية تهب دون أن يعوقها
شيء وتجتاح الأنهار الجليدية والمنحدرات الصخرية» وكان البرق
ينجذب إلى أي شيء معدني» ويكسو الضباب القمم والجبال» مما
يجعل الناس يضلون طريقهم ويهوون عند المنحدرات. في الصيف.
يأتي الخطر الأعظم من الانهيارات الصخرية التي تسببها الأمطارء بينما
كان الشتاء يجلب الثلج» ومعه الانهيارات الجليدية القاتلة.

في بداية الحرب العالمية الأولى في عام 4 كانت إيطاليا حليفاً
للنمسا وألمانيا. تماشياً مع مبدئها المعر وف باسم 690151110 2010دا
الأنانية المقدسة؛ وقامت بنقل معسكراتها عندما حصلت من الحلفاء على

1- تجاوز حجم الضغط الذي سلطته الانهيارات الثلجية الكبيرة خمسة أطنان لكل متر
0

لا تزال إلى يومنا هذاء
27 تتدفق جثث بحالة جيدة من نهر مارمولادا الجليدي و
ترتدي بذلات المقاتلين في الحرب العالمية الثانية. 7

-186-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

مكاسب إقليمية. وعلى وجه الخصوص في المقاطعات الجبلية النمساور به
فى كارينثيا وسالزبورغ وتيرول» أثارت خطوة الخيانة هذه غضباً لدى
التخضناوأنه يبن ممتز 6 بالحب العميق للوطن اانااء0 دهطلءوزلصةارعات!.
النمساويون في المعسكر !١!لءزومعاو0‏ موقا 7رودوزل ١17‏ عادت
تدوي من جديد صرخة الحرب التي مضى عليها قرن من الزمان. كان
السكان الذكور في مقاطعات جبال الألب - أولئك الذين لم سين أن تم
استدعاؤهم للخدمة العسكرية يواجهون الرومن. على بعد آلاف الأميال
من منطقة التيرول - وقد حمل الجميع السلاح من التلميذ ذي الخمسة عشر
ا ان السجوز السكقره في الفا البالغ من العمر سبعين عاماًء دفاعاً
عن منازلهم وقراهم. وكانوا يرتدون بفخر قبعاتهم التي تحمل ريشة طائر
الطيهوج الأسود ونبات الايديليوس الجبلي دوزه:7اع20 -7تلهطاءزمى فيما
حمل قادتهم المنتخبون النسر التيرولي على شريط ياقاتهم. ومع ذلك. بدا
الوضع ميؤوساً منه: : فقد تم استدعاء 17 ألف رجل من الاحتياطي المتبقي
من الجيش النمساوي. بالإضافة إلى 4 ألفاً من الفلاحين غير المدربين
عسكرياً الذين تجمعوا في 45 كتيبة من قوات الحرس الوطنيء للدفاع عن
حدود جبلية بطول 350 كيلومتراً ومواجهة 800 ألف جندي إيطالي شاب2".
كان رئيس أركان الجيش الإيطالي» الجنرال لويجي كادورناء يدرك
أن القوات غير النظامية لن تتخلى عن التيرول بدون قتال» وأنه كان عليه
أن يتوقع قيام أفرادها ببعض الأعمال اليائسة في مؤخرة الجيش عند كل
مرحلة من مراحل خطته التي تهدف للاندفاع إلى قلب النمسا. لكنه لم
يكن قلقاً بشكل مفرط» فقد كان عدد قواته يفوق عدد قوات العدو بنسبة
1 - كانت القوة النمساوية العاملة على طول مسرح عمليات إقليم التيرول تتألف بالضبط
من: كتيبتان احتياطيتان من التشيك وسبعة كتائب سلوفينية» وكتيبة واحدة من كل من
فوجي الرماة والقتال الجبلي النمساويء بالإضافة إلى أفواج المشاة 14 و59» وهو ما
مجموعه 17 ألف رجل لخط المواجهة بطول 350 كيلومتراً. في 19 أيارء 1915 تم

تعزيز هذه القوة ب 24 ألف جندي غير نظامي من الكتيبة الخامسة والأربعين للحرس
الإمبراطوري.

-187-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

عشرين إلى واحد وتتفوق عليها بالسلاح بنسبة عشرة إلى واحد. قرر
القيام بالهجوم على جبهتين: الأولى على طول نهر إيسونزو لتحرير ما
يدعوه الإيطاليون (بحرنا) - وهو الفخر الأدرياتيكي - والضغط بشكل
متزامن للاندفاع على طول وادي إيساك حتى ممر برينر وعبر إنسبروك.
واضطر حتى منتقدوه للاعتراف بأن خطته تحمل مزايا واضحة. أدرك
كادورنا أن السيطرة على مدينة إنسبروك ستكون بمثابة ضربة معلى
من الناحيتين النفسية والاستراتيجية على حد سواء» في حين أن النمسا
يمكن أن تعتمد فقط على المقاتلين غير النظاميين لوقف زحف جيوشه
المتقدمة. إذا كان يعتقد أن غزوه سيكون يمثابة نزهة» فإن فوج الحماية
من مقاطعة التير ول صعجاتاطء512705 71701627 كان يخبئ له مفاجأة.
فالشيب والشبابء الذين نجح أجدادهم في صد جيش نابليون على
طول هذه الوديان والجبال في عام 1809» كانوا مصممين على فعل
الشيء نفسه مع الغرباء عتلءواء/11 ". وقد تمكنوا من ذلك.
تجمع أبناء القرى لتشكيل سرايا قتالية» وقاموا بعدها بانتخاب
قاتد لهاء وعادة ما كان يكون صاحب حانة محلية أو رئيس بلدية
القرية. وحملوا بنادقهمء التي كانوا يستخدمونها في وقت السلم في
ألعاب الصيدء وساروا إلى الحربء. وهم يرددون نشيد حماة الوطن
الع 1ن و10 © و التي تقول كلماتها:
«فليجرؤ العد و أن يأتي إل ىأرضناء أو ليأت
الشيطان نفسه» لن تهدأ البنادق» إل ىأن نموت جميعاً...»
في الأشهر الأولى من الحربء. كانت القوات عرضة للخطر الكبير
من الجبال؛ والطقس» كان على الحراس أن يقضوا أسابيع في العراء في
أعلى المكم . ولعدم وجود خنادق كافية» أو ملاجئ تقيهم غضب الطبيعة
ولكن أبناء إقليم التيرول أقاموا خطأً دفاعياًء وكانت بطولة مقاتليه لا

1- ا 0

-188-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

توصف» ولم يستطع أحد زحزحتهم بوصة واحدة. لم يكن الأمر بحاجة
إلى جنرال ليخبر ابن إقليم التيرول «ل65اه:71» بضرورة الصمود والقتال»
فحينما كان يجلس على حافة الجبل كانت زوجته وأولاده ومزرعته
موجودين جميعاً في أسفل الوادي المقابل. لقد صمد وحارب ومات.
لكنه لم يتزحزح. هناك قصص لا نهاية لها تتحدث عن الشجاعة الفائقة
الي أبداها أبناء التيرول. قاد المرشد الجبلي النمساوي الشهير سيب
أنير كو فلر 12261101165 مم56 مجموعة من المتسلقين إلى أعلى مدخنة
حر عبرت ل حر ترا 015018 3 اكات مومع مدع لإشادن
إيطالي. حين وصل المقاتل الأول في الرتل» إلى قمة الجبل» ألقى بقنبلة
يدوية على الموضع الإيطالي» ثم أصيب برصاصة. وكانت المدخنة
ضيقة للغاية لدرجة أن سقوطه سيتسبب في سقوط - جميع المتسلقين
لأنه سبيجرهم وراءه فهم مربوطون بالحبل ذاته. لكنه ا من ذلك رمى
بنفسه إلى الوراء من المنحدر الجبليء وبالتالي أنقذ أرواحهم.

كان القتال في ظل هذه الظروف قاسياً. وكانت المسارات المؤدية
إلى المواضع الفردية غالباً ما تمر عبر جذوع الأشجار الناتئة» ويتثبتون
بواسطة الحبال بالمنحدرات الرأسية؛ أو بالشقوق التي تثبت بها
المسامير المعدنية حتى يمكن تسلقها مثلما يفعل منظفو المداخن.
أولئك الذين كانوا في واجب الحراسة ربطوا أنفسهم بالصخور بواسطة
الحبال حتى لا يسقطوا من ارتفاع إلق ير ويلفره سنوي نزل
الآخرون بواسطة الحبال إلى التلال الضيقة» وكدسوا بعض الصخور
لتحميهم» ثم استخدموا موضعهم للشروع في إطلاق النار بشكل
كثيف. أما جنود استمكان العدو فقد جلسوا على قمم الجبال وسط
هبوب الرياح الجليدية» وأسنانهم تصطكء ليراقبوا حركة العدو. لكن لا
العاصفة ولا الخطر جعلاهم يتخلون عن واجبهم المقدس»؛ وأصبحت
وجوههم صلبة مثل الصخور التي أحاطت بهم. وأصبحت عبارة خط
القتال المقام وسط الصخور والجليد» هو التعبير الذي بدأ يشير فيه

-189-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

المؤرخون إلى حرب الجبال الني حدئت في السنوات اللاحفة وشملت
جبال باسوبيو وبائيرنكوفيل وأورتلر ومارمولادا وراوخكولف وتوفانا
وسيكستين واينيخن ومووز وسيليان.

كان واحد من أكثر الصراعات دموية ذلك الذي حدث للسيطرة على
| 0101)'' جبل الكول دي لاناء وسرعان ما عمّده ال[يطاليون باسم
الكول دي سانجاء عناع538 01 [0) '*' وتعني جبل الدم.

لا يزال سبب اختيار الإيطاليين هذا الجبل البالغ ارتفاعه 2,462 مترأ
لتنفيذ محاولة اختراقهم صفوف العدو لغزا حتى اليوم. كان من الأسهل
بكثير تجاوزه. لكن ربما كان أحد الجنرالات الإيطاليين يبحث عن
لصا ناكار و ريخل . فلم يجد سواه. كان اسم جبل كول دي لاناء اسم
صو فياء يشير إلى تحمل معاناة غير مجدية. في البداية؛» كان يتم الدفاع
عن القمة من قبل عشرات من حرس الحدود التيروليين حتى اندفعت
سرية من الحرس الإم اطوري المحلي د اناطعيء !1 2 إلى
دعمهم. كانت القيادة الإيطالية العليا طوال عام 1915 ترسل الكتيبة تلو
الأخرى من فيلق النخبة المنمرس في الفنال الجبلي. الذي يعرف باسم
ألبينى 1/0181 86 *' وبحلول أواخر تشاين الأول 1915. كانت هناك
زنع وترون كد بر كاا هه لفن فد اشتركت في احتلال قمة
جبلية لم تكن ذات قيمة ا ستراتيجية مؤكدة. ومع تعالي صرخاتهم "إلى
الأمام يا أبناء سافويا» 53:13 //1037. '". تسلقوا المنحدرات الحادة.
كان حرس القيصر. الذي نجا بطريقة ما من القصف المدفعى الشديد.
يراقب من فوى حاجز شى خندقهم بحثا عن أهداف جديرة بالاهتمام
وكان يطلق النار على كل شيء إيطالي مصحوبا بأحقر اللعنات. اندفعت
-١‏ بالإيطالية في الأصل. المترجم.
2- بالإيطالية في الأصل. المترجم.
3- بالألمانية في الأصل. المترجم.
4- بالإيطالية في الأصل. المترجم.
5- بالإيطالية في الأصل. المترجم.

1 لإةءطنا 013013 ممرهذ5ع الا

الطواقم الطبية على طول خط الخنادق» لتضع الضمادات فوق جروح
المصابين» بينما ظل الجرحى النازفون يصرون على إطلاق النار»
متحمسين للمهمة الكريهة وهي القتال من مسافة قريبة. أولئك الأفراد
من العدو الذين تعرضوا لإطلاق النار سقطوا في المنحدر الحاد
ليتعثروا في الأسلاك المتشابكة. وفي خضم هجومها البطولي الأخير
استمرت قوات النخبة (ألبيني) في التحرك صعوداً قبل أن يعلق أفرادها
بنهايات الأسلاك الشائكة؛ التي كانت على بعد 20 متراً فققط من دفاعات
النمساويين المتواجدة تحت قمة الجبل.

وحيث إن سرية الحرس الإمبراطوري 1550101267 ١‏ تحت
إمرة النقيب 7131017128787 ' كونستانتين فالنتين كانت مهتمة للغاية»
بجبل كول دي لانا إلى حد أنه أصبح ملكها الحصري. فقد كانت تمتلك
ملاجىئ محفورة في الوجه الصخري كمن فيها أفرادها «طوال مدة
الحرب». في أحد أيام الأحد. زارهم كاهن الكتيبة ليقوم بأداء الطتقوس
المقدسة. وبعد انتهائها. شبكوا أيديهم وبدؤوا بالخناء: بذ #داشهالة دا
"١ 0‏ عند تخوم مانتوفا"... هو النشيد الوطني لمقاطعة تيرول
النمساوية الذي يتحدث عن أعظم أبطال بلادهم. أندرياس هوفرء الذي
تحدى قوة نابليون. ومنحهم الشجاعة والثقة بالنفئس.

وبينما استمرت الحرب بلا هوادة للسيطرة على قمم الجبال» استمرت
الحياة فى الوادي. تولت النساء الأعمال المنزلية الزراعية» مثل قص
العشبء وقطع الخشبء وجلب التبن. في أيام الأحدء كانت زوجات وبنات
الجنود الذين يقاتلون في المرتفعات العالية يتجمعن في الكنيسة الصغيرة
1- بالألمانية في الأصل. المترجم.
2- بالألمانية في الأصل. المترجم.

3- بالألمانية في الأصل. المترجم.
4- مذينة إيطالية في عام 4 انضمت إلى النمسا وأصبحت زهزاً لمقاومة أعدائها.

المترجي:
-191-

لا131أ ا 01310123 مر هودع الا

القديمة وير ددن دعاء ومروزلزع الا «عل نات [!ع(انال اكع اأعورء||ة ورج ١‏

السيدة العذراء حاميتناء والتي يطلق عليها الإيطاليون اسم «6/ء6 4//8
ويعازل هااءل ءتزورء:». محاربو اللومبارد© القساة ووفتاً للأسطورة.
هجم اللومبارديون على الوادي. . تعرضت القرى للسلب والنهب. وبدا

ل أرسلت السيدة العذراء ضبابا كثيفاً نزل من قمم
الجبال. وعندما انقشع الضباب» اكتشف سكان وادي 10024806167 مونتانلير
أن المحاربين الوحشيين ذبحوا بعضهم البعض. . وهم الآن يردودن الدعاء
نفسه [ء8 5(انا (أعاى ,10ة1211الال «عوز[زء87» أيتها السيدة العذراء المبجلة
ندعوك للوقوف إلى جانبناء وأعطتهم السيدة العذراء علامة على تعاطفها؛
فقد بدأت لوجع تتساقط على المرتفعات العالية وقمم الجبال» في شهر
تموزء مما أدى إلى توقف القتال مؤقتاً. نزل بعض الرجال إلى الوادي
لقضاء ليلة مع عائلاتهم. فالسيدة العذراء» تقف معهم.

كان أبناء مقاطعة التيرول يستغلون أشهر الصيف لنقل الأخشاب
التي بنوا بها أغرب الملاجئ» فقد كانت تشرف مباشرة على حافة
الجبل. وكان يتم هذا العمل في وقت مبكر من الصباح؛ عندما تتشبث
الغيوم بالجبال وتحجب الرؤية عن مدافع المدفعية الإيطالية. . بعض هذه
الملاجئع كانت تجري بها المياه» التي تتدفق من النهر الجليدي الذي
يمر فوق المنحدرات»؛ وكانت تصل أحياناً إلى أسرّة نوم الجنود. ولأجل
حماية أنفسهم من القذائف والطقس الجبلي غير المستقرء بدأ الجنود
بحفر نفق في الجبل. وقاموا بتفريغه من الصخور وتركيب مقاعد خشبية
وطاولات ورفوف وأسرّة» ثم يجلسون هناك أو يلعبون الورق أو يتناولون
حساءهم الخفيف أو يقومون بإصلاح سراويلهم الممزقة» بينما كانت
القذائف تنفجر وهي تصطدم بالصخور وكانت الشظايا المرتدة تنفلق
1- بالألمانية في الأصل. المترجم.
2- اللومبارد هم قبيلة جرمانية من منشأ اسكندنافي وحكمت إيطاليا بين عامى 568-

4 المتريجم؛ :.

-192-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

في الهواء محدثة أزيزاً وكانت غرف التخزين مليئة بالأسلاك الشائكة
وصناديق الذخيرة» وحبال تسلق الجبالء والشموع والفاصولياء وشحم
الخنزير» وأحذية اللباد المبطنة بنعال خشبية» ومعاطف ثقيلة من جلود
الغنم لأولئك الذين يشاركون في واجب الحراسة . ورغم أن الطقس في
الخارج يكون متجمداً أثناء أشهر الشتاء فإنه يتحول فجأة إلى الأسوأ في
شهر تموز أوات أو ايلول:

لقد احتاج الأمر الاستعانة بالكثير من الرجال لإحضار المؤن أكثر من
د أ رتك امدنع كان وانجوع ماري العو كان حول الما ار
على خطر مميت. فسيرهم على المنحدرات الجبلية المكشوفة» جعلهم
الهدف السهل للرماة الذين كانوا يختبئون في الجانب الصخري للجبل.
كان الحمالون وهم يسيرون تحت قمم الجبال يحدقون في الآلاف من
الصخور التي تتدلى بشكل خطير فوق رؤوسهم. كانوا يرسمون علامة
الصليب. ويرددون مع أنفسهم «الأم المقدسة تقف معي»» ثم يتم تجاوز
الخطر. فعل البعض ذلك والبعض الآخر لم يفعل. أولئك الذين لم يفعلوا
دخلوا ضمن سجلات الإحصاء العسكري: التاريخ: 15 آب, المكان:
منطقة غران لانغازويء. العدد: 4 حمالين» السبب: انهيار صخري2".

اخترق الجنود الممرات فى الصخور الرأسية. وكانوا لون
طريقهم عبر وضع أيادي بعضهم الواحدة فوق الأخرىء ويا يثبتون الحبال
بحافات الجبل فيما كانت أقدامهم تتدلى في الهواء 5 56
ظهورهم حمولة بوزن ستين رطلاً. قاموا بتوصيل الأسلاك من منحدر
جبلي إلى آخرء ورفعوا الأحمال باليده أو قاموا بتركيب محركات
لتكوّن شبكة منتظمة من المصاعد السلكية. أي كان النظام؛ كان يتعين
على المؤن أن تمر. وكان ينبغى أن ينزل الجرحى لمعالجتهم. كان الألم
يخترق الأجساد الموضوعة على النقالات أثناء تعثر حامليها المتعبين
وهم ينزلون. ومع ذلكء لم يكن أي شيء يشبه رعب التمسك بمنصة

1 - هناك الآلاف من هذه الإحصائيات في الأرشيف العسكري النمساوي.

-193-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ال فى الفراغ المال:
معلقة على أكتافهم وتم تضميد رؤوسهم على عجلء فقد كانوا ينزلون
سيراً على الأقدام؛ ويؤمرون بالرجوع في اليوم التالي» وهم يحملون

أصدر الجنرال كانتوري”"» قائد الفرقة العسكرية الإيطالية زمزمام «
الخاصة بالقتال في الجبال» أوامره بالقيام بقصف مدفعي مكثف لجبل
كول. دى لانا. عند مو قع 4/#لا541:]22 شتوسبونتك وهو موقع محصّن
بارتفاع 2 متراً ويمثل خط الدفاع الأول» ويقع على بعد حوالي 20
متر تحت قمة الجبا ؛ فقد الضابط النمساوي توازنه عندما سقطت قذيفة
بضربة مباشرة على الكهف وقتلت جميع أفراد قوته» وكان من بينهم
كشيف للغاية. حتى مساء 22 تشرين الأولء كان ثلاثة رجال فقط لا يزالون
على قيد الحياة. في تلك الليلة» أصبح الإيطاليون هم أصحاب الموقف
الحاسمء واصبحت السيطرة على المدافعين النمساويين المتواجدين في
القمة أمراً مفروغاً منه(©.

كان السابع من تشرين الثاني 1915 يوماً عصيباً على جبل كول دي
لانا. قصفت المدفعية الإيطالية قمة الجبل بوابل مركز من القذائف. مما
تسبب بحدوث خسائر كبيرة جراء تناثر شظايا الصخور المتشققة التى
اخترقت الخندق. عند الظهيرة توقفت المدفعية فجأة» وظهرت كتيبة
من الجنود الإيطاليين تتسلق الجبل مثل القطط عبر الشقوق الموجودة
1- كانتوري جنرال كبير قتل في فانتونا.

2- بالإيطالية في الأصل. المترجم.
- العديد من هذه القصص رواها والد المؤلف. وقد خدم ضابطاً فى إحدى كتائب
الفرقة الجبلية. للفترة من عام 1895 وحتى 1918 وجرح بالقرب من جبل كول دي

لانا وكان شاهدا على الحرب في مارمولادا.

-194-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

في المنحدرات. قام عدد قليل من النمساويين الذين نجوا من القتصف
المدفعي بالقتال بشجاعة باستخدام الرصاص الحي والحراب وأعقاب
البنادق والمعاول والقبضات العارية. وبحلول الساعة الثالئة من بعد
الظهرء انتهى كل شيء وانتهى الأمر بآخر المدافعين إلى التزاحم على
السقوط أسفل المنحدر المقابل. ومن كان في الوادي بات يرى علا
إيطالياً يلوح في القمة.

(و” اه أتأء5آ رعجء1/211 ١70»2267‏ الإيطاليون في قمة الجبل. كان الجميع
يعرف ما الذي سيحدث إذا ما سمح للإيطاليين بالبقاء على الأرض
المرتفعة: فالوادي سيصبح فخا للموت. قام النقيب مصهتمامن 2/2 ©)
قسطنطين فالنتيني من الحرس الإمبراطوري 7عتاناباهىرءونه] 0
بتجميع كل أولئك الذين ما زال بإمكانهم أن يحملوا بندقية ويسيروا.
وعند تللاشي ضوء المساءء كانوا يتدفقون على سفح الجبل الذي كانت
أغلب نقاطه شديدة الانحدار» مندفعين من صخرة إلى صخرة» متحدين
إتللاقالنان السدية هن الابطالين على اليه مكلت العديك من
الأعمال الباسلة في تلك الليلة الرهيبة. ألقى فتى يبلغ من العمر أربعة
عشر عاما بنفسه على قذيفة وضحى بحياته لإنقاذ رفاقه. قام مزارع يبلغ
من العمر 72 عاماًء وكان يقول عنه الجميع إنه لا يستطيع أن يحلب
بقرة بسبب كبر سنه بالتنقل من صخرة إلى أخرىء وألقى قنبلة يدوية
على موضع بندقية رشاشة. تحت جنح الظلام قام النقيب 11211111121111
فالنتيني بقيادة حوالي ثلاثين رجلا للقيام بهجوم بالحراب. وقاموا وهم
يصرخون برمي جنود الفرقة الجبلية من الأعلى. في الساعة العاشرة
مساءء عاد العلم النمساوي ليرفرف مرة أخرى على قمة جبل كول دي
لانا. في 26 تشرين الثاني» قام جنود الفرقة الإيطالية بمحاولة اخرى.

1- بالألمانية في الأصل. المترجم.
2- بالألمانية في الأصل. المترجم.
3- بالألمانية في الأصل. المترجم.
-195-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

هذه المرة» تعلم النمساويون الدرس. اعامرا باسعبدال التسواب العسدرء
بأكياس الرمل» والتي استوعبت سقوط بعض القذائف وأوقفت أي
ارتداد لها. عندما اقترب جنود الفرقة الإيطالية من المنحدر, تظاهر جنود
الحرس الإمبراطوري بالموت وجعلوهم يقتربود مسافة عشرة أمتار
قبل أن يتعرضوا لوابل من القنابل اليدوية. . وسقط أولئك الذين تعرضوا
للضربة إلى الأمام وبقوا مستلقين بسكون على الحجارة الكلسية البيضاء
التي تحولت إلى سوداء بسبب الانفجار وانزلق الباقي أسفل التلال نحو
الصخور المهشمة.

ومنذ ذلك اليوم؛ أطلق الإيطاليون على جبل كول دي لانا اسم كول
دي سانء وتعني جبل الدم. ولا زال يحمل هذا الاسم إلى اليوم. في
السادس عشر من كانون الأولء قاد الرائد غراندولفي كتيبة عسكرية من
الفرقة الجبلية الإيطالية مسنالاء8 «هزاه824 71زما4. كانت هي الأكبر,
بدأت كومة جثث شهداء الفرقة الجبلية الإيطالية تكبر أمام خنادق القمة
بشكل أكبر منذ يوم بدء الجهود لاقتحام قمة الجبل أخفق الهجوم مرة
أخرى مخلفا خسائر فظيعة. كانت صرخات «120 زل © إماناز4 00" يا
إلهي» النجدة! التي ترتفع من حناجر الجرحىء العالقين في الأسلاك
الشائكة» يمكن سماعها جردا في الليل. لم يكن باستطاعة النمساويين
سوى فعل القليل لتخفيف معاناتهم. كان العام يقترب من نهايته وأخفت
أولى كميات الثلج التي تساقطت الجثئث المشوهة تحت بطانية بيضاء.
غطى الثلج الرعب الذي مزق قمة وسفوح الجبل المقدس.

كانت الإحصائيات الرسمية للإصابات فى صفوف القوات الإيطالية
في هذا الجبل لوحده في الأشهر الستة من عام 1915 كالتالي: عدد
الضباط الجرحى: 199., القتلى: 104. زائد 14 في عداد المفقودين.
الجنود الجرحى: 5160» والقتلى: 1050. بالإضافة إلى 435 في عداد
المفقودين. وهنا يجب طرح هذا السؤال» كيف يمكن أن يكون هناك

-١‏ بالإيطالية في النص. المترجم.

-196-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

جنود افي عداد المفقودين» في جبل واحد؟ الجواب واضح تماماً:
كانوا مدفونين إثر الانهيار الجليدي.

امتد تساقط الثلوج من الحدود السويسرية إلى جبال الدولوميت",
ومن نهر إيساك إلى نهر إيسونزو. أصبح كل جبل» وكل خندق مدفوتاً
تحت الثلج الناعم» وكانت كل سارية تحمل قبعة بيضاء. غطى اللون
الأبيض الرجال الذين كانوا في واجب الحراسة؛ وبما أنهم اضطروا إلى
البقاء غير قادرين على الهروب من عيون قناصة العدو. فقد أصبحوا
يشبهون رجل الثلج. كانت نفثات دخان الغليون فقط هي الدليل على أن
رجل الثلج كان على قيد الحياة.

كان الهم الرئيس للجنود على طول سلسلة جبال الألب» من الفرقة
الإيطالية والحرس الإمبراطوري على حد سواءء هو جرف الثلوج. كانت
الممرات» والخنادق» والسلالم» ومواقع المدفعية»؛ وكل شيء مغطّى
بكتل الثلج. تحول الحصول على المؤونة إلى مشكلة كبيرة. لم يعد
بوسع الحمالين شق طريقهم من خلال الثلوج المتدفقة» والصعود الذي
كان يستغرق عادة يوما في الطقس الجيد. بات يحتاج الآن إلى ثلاثة أيام.
كان يجب على الأرتال التي تفرغ المؤن الحيوية» والتي تشق طريقها عبر
الثلوج العميقة» أن تغير قائدها كل عشرة أمتار. كانت أكوام من الجليد
تحيط بأسلاك الاتصالات وكان على الرجال تسلق المنحدرات المغطاة
بالجليد لإصلاح القطوعات التي لا يمكن تركها لأهميتها. على الأنهار
الجليدية الشاسعة في منطقتي مارمولادا وأورتلير» أصبحت كلابات
تسلق الجبال ذات أهمية حيوية مثل الأحذية. وقد انهارت معابر الثلوج
قليلة السمك التي تغطي الصدوع التي لا قعر لها تحت ثقل البغال
والرجال؛ مما أدى إلى سرعة تدميرها.

ومع تساقط الثلوج الكثيفة والرؤية السيئة» توقفت تدريجياً الحرب

1- جزء من جبال الألب الإيطالية تقع في إقليم ترينتينو ألتو أديجي في شمال إيطاليا.
المترسجم.
-197-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الجبلية. ولم تيضف سورى اتشاكات سيطة. أحدها حدث لميكوش
وهو حامل الراية «وترصطة © لدورية من الحرس الإمبراطوري
21 ضلت طريقها وسط العاصفة الثلجية. كانت دزينة

من أفرادها قد شقت طريقهم لساعات من خلال كثبان الثلج التي كان
ارتفاعها يفوق في بعض الأحيان طول رجل وقد وصلت قدرتهم على
التحمل إلى نهايتها عندما اقتربوا من مجموعة من الأكواخ. كانت قواهمٍ
قد استتفدت- تماماء فتعثروا عند باب أقرب كوخ حيث سمعوأ أنفاسا
قوية تصدر عن لءنطداة1 رجال نائمين. حدث ذلك عندما للاحظ حامل
الراية معطفاً لأحد أفراد فوج المشاة 62 الإيطالي. لقد ساروا دون قصد
إلى وسط كتيبة كاملة من القوات الاحتياطية للعدو! شاهدهم أحد
الحراس وأطلق شارة الإنذار. رمى النمساويون عددا من القنابل اليدوية
على الأكواخ» وصعدوا إلى المنحدرات الشديدة.

مع حلول شهر شباط 1916» تحسن الطقس بشكل كاف لاستئناف
الهجوم. وفي الطريق للوصول إلى جبل كول دي لاناء كانت كتيبة من
الفرقة الجبلية الإيطالية ألبيني تسير في طابور طويل عندما نظر أحد
جنودها إلى الأعلى ورأى سحابة مظلمة بالقرب من القمة» تشبه تلك
التي ترافق العاصفة الصيفية الثقيلة. 0 محذراً. وجاءت كتلة رمادية
زرقاء ترعد» مصحوبة بصفير وعواء... ثم أصبح كل شيء صامتأء صمتاً
ميقا لدان 1 لزجلا رطان تنعط ربو را من الثلوج المتجمدة.
كانت الطبيعة هي صاحبة الكلمة الأخيرة» توقف الهجوم على جبل كول
دي لانا لمدة شهر

بعد عام من القتال المرير» وكان في كثير من الأحيان على شكل
اشتباكات بالأيدي على ارتفاعات تزيد عن 3000 مترء كانت وحدات
5 القتال النمساوية تتمسك بثبات بخط المواجهة
الجبلي ولم يتمكن الإيطاليون من التقدم قدماً ‏ والجذا في أرضهم

-١‏ بالألمانية في الأصل. المترجم.

-198-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

البرولة المقدسة .كان الربيع على وشك المجيء ء مما يتسبب في ذوبان
الثلوج 5 الوديان» حينها بدأ الويطاليون نوع جديد من بخرب التجبال:
وا اتات على القمة بسبب العاصفة, بدؤ
الجبل تحت المواضع النمساوية.

أمر الكولونيل تارديتي» وقد كان قائداً 0 لحلة
(ألبيني) اللتين انخرطتا في القتال في قاطع العمليات | 3 في 0
كول دي لاناء اللفتنانت كولونيل بيبينو غاريبالدي لبدء العمل بزرع
الألغام في الطريق المؤدية إلى القمة. ولمدة شهرين» كان النمساويون
المرابطون على قمة جبل كول دي لانا يسمعون ضوضاء الحفر تحت
أقدامهم. قام الإيطاليون بتركيب مكبس هواء كبير الحجم تحت نتوء
جبلي» وبدؤوا يثقبون نففا في الحجبل, . وبمجرد أن وصل النفق إلى موقع

يقع أسفل القمة» بدأ ب يتشعب إلى عدة أنفاق صغيرة تحوي غرفاً في
5 . بحلول 12 نيسانء انتهى الإيطاليون من عمليات حفر الأنفاق.
وفي ليلة واحدة» 15/ 16 من نيسان» كانت الغرف مليئة ب 5000 كيلوغرام
هن مادة نيتروجيلاتين المتفجرة''".

58 الليلة نفسهاء تم استبدال السرية الخامسة من الفوج الثاني للمشاة
والتي كانت منهكة ويقودها النقيب أدلبرت هوما بالسرية السادسة من
الفرقة نفسها تحت إمرة الملازم أول أنطون فون تشوتشورتالين.

في السابع عشر من نيسان من عام 1916. حل فجر رمادي فوق جبال
الألب. فجأة انفجرت جميع حمم الجحيم: تم إطلاق النيران من 150
مدفعاً رشاشاً ثقيلاً على قمة جبل كول دي لانا. في الساعة 14:27 مساءً»
أرسل الملازم أول أنطون فون تشوتشورتالين التقرير التالي:

«إلى قائد الكتيبة 1 .1 من قائد كتيبة جب ل كول دي لانا تعرضنا ما

وا بحفر نفق في

1- - أكبر حقل ألغام أقامه النمساويون على جبل كول دي باسوبيو. . في 13 آذار 1918. كان
يحتوي على 55 ألف كجم من الديناميت. أقام الإيطاليون حقلاً يحوي 35 ألف كجم

من مادة النيتروجيلاتين في جبل كاستيليتو.
-199-

لا31أ ا 01310123 مهودع الا

بين الساعة 5 صباحاً إلى 9 صباحاً إلى قصف بالمدفعية الخفيفة» بعد
الساعة 9 صباحاً بدأت المدفعية الثقيلة بتقصف مواضعنا وتعرضت جميع
خطوط خنادقنا إلى إطلاق نا ر كما هو حال مواضعنا الخلفية وتعرضت
الملاجيئ السرية إلى ضرب مباشر. ولم تعد الملاجئ الموجودة تحت
سطح الأرض صالحة للاستخدام بسبب تصاعد أبخرة الكبريت الكثيفة.
الرعع ووس تقر يمك ن أن نجد له أي حل. في حالة هجوم العدو
سنبذل أقصى ما في وسعنا . نحن بحاجة إلى الآدوية والنقالات بشكل
عاجل. لم تت مكتابة هذا التقري ر لجعلكم في حالة من الذعر ولكن لتبيان
الحقائق. إنني اطلب المساعدة الفو رية. الملازم أول تشوتشورتالين)

ومثلما بدأ فجأة» فقد توقف القصف القاتل فجأة أيضاً. في تمام الساعة
العاشرة والنصف مساءً» أضيئت قمة الجبل فجأة بواسطة كشافات قوية
موضوعة على القمم المحيطة. («شيء ما يحدث». صاح 0 لتقا عللهة
01118 تشوتشورتالين: «فليبحث الجميع عن ملاذ...»

في الساعة 11:30 مساءً»ء هزت الانفجارات المنطقة. كان الناس 5
الوادي يحدقون بفزع في ثلاث كتل عملاقة من اللهب وهي تشتعل في
السماء. تحطمت قمة جبل كول دي لاناء وحلقت آلاف الآطنان من
الصخور في الهواء؛ مما تسبب في انهيار العديد من الصخورء التي وة
أحدها فوق قافلة من البغال التي تحمل المؤونة. تلاشت قمة الجبل؛
وحلت محلها حفرة واسعة قطرها 100 متر قتل 150 فرداً من فوج الرماية
نط1 . جندي واحد فقط من أولئك الذي كانوا في الخندق كان
تخظطوه وهنا فقد رمته قوة الانفجار عبر الهواء وسقط على بعد عدة
منات من الأمتار على أغصان شجرة. ظل يزحف لمدة يومين وهو
مصاب بكسر في الساق. والذين عثروا عليه وجدوه. ينزف وفي حالة
يرئى لهاء وظنوا أنهم قد عثروا على شبح

لقد كانت معجزة أن أحد جنود فوج 50000 .كان
الوتغرر ابن وس بجارةدا حل + مرو د ديه قمم الجبل

-200- لا31 أ ا 01310123مر هودع الا

الثانوية» وحاول هو ورفاقه تركه هربا من الانفجار. لكن تساقط الصخور
منعهم. لم يكن هناك ضوء وبدؤوا يشعرون بالاختناق ببطء جرّاء أبخرة
الكبريت الكثيفة المتصاعدة» فبدؤوا يحاولون تمزيق الصخور باستخدام
أيديهم التي كانت تنزف لفتح منفذ لهم. وبعد عدة ساعات تمكئوا من
إحداث فتحة في الصخوره ليجدوا أنفسهم يحدقون في فوهات بنادق
مغاوير الفرقة الجبلية الذين استطاعوا في نهاية المطاف من الاستيلاء
على جبل كول دي لانا.

وعدا عن أي شيء آخرء فقد أظهر هذا الانتصار عبثية القتال في
المرتفعات الجبلية. ومع توقف العتال لعرفى اليط سان سفن كول
دي لاناء تحولت النقطة المحورية للمعركة في الجبال الآن إلى منطقة
أورتلير» حيث كان النمساويون قد احتفظوا بالسيطرة على جبل سيما
دي ا (3,450م وجبل كونيغسبيتز (3,800م). كان صيف عام
6 جافا وساخناء وهو طقس مثالي لجلب الإمدادات عبر منتحدرات
الجبل القاحلة والوعرة إلى مواضع الجيش في قمة الجبل ولتعزيز عتاد
المدفعية. كانت مشاكل إعادة الإمداد متعددة؛ تطلب الأمر استخدام
عشرة حمالين لكل رجل مقاتل لإحضار طعامه وذخائره. على الممرات
الصخرية الحادة» كانت البغال ومن يتمتعون بقوة العضلات هم وحدهم
من يستطيعون حمل أكداس العتاد وصناديق القذائف والأسلاك الشائكة
والرصاص والمؤن. لم يوفر التحرك عبر الكتل الجليدية المكشوفة أي
فرصة للاختفاء من بنادق العدوء بينما تحول نقص الأوكسجين في كل
خطوة إلى تعذيب خارق للرئة. أضف إلى ذلك أشعة الشمسء التي
تسببت بدرجات عالية من حروق الشمس والعمى الثلجي المؤقت.
لكن الخطر الأعظم كان يأتي من تساقط الصخور.

في الرابع عشر من آبء توجه طابور طويل من جنود الفرقة الجبلية
ألبينى» تحت سماء رمادية اللون بصحبة قافلة من البغال التي تحمل
المؤن» وأكداس من العتاد وعربات المدافع الجبلية» ليصعدوا ممر

-201-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

فالزاريغو. كان من ينظر إليهم من الأعلى؛ يراهم وقد بدوا مثل النمل
يزحفون على الطريق وانتهى بهم المطاف ليتحول شكل طابورهم إلى
ما يشبه الئعبان. ما أعاق تقدم الطابور هو الأحمال الثقيلة التي كان على
اللغال يليا وخفؤنة التضاريس تغير الطقسن وغايت الشمسن وراء
سحابة سوداء وبدأ يتساقط المطر. عل هطول الأمطار الطريق 5
والتقدم بالنسبة للحيوانات أصبح صعباً. ولم يمر وقت طويل» حتى
اجتاح الطريق سيل جارف. توقف الطابورء وأراح الجنود ا
من أحمآلها وجلسوا: وأخيراء انتهى طول الأمطان وأشرقت الكيمين
الساطعة. هيا بنا - 47018770 ١‏ هكذا أصدر 1/2070مه0 © قادتهم الأوامر.

ولكن المطر فعل شيئاً آخر. فقد جرف هطول الأمطار الطبقة الرقيقة

من التربة الموجودة تحت الصخورء وتراكمت في الممرات الطويلة
العتديد الاتحذاز تالش تودى: إلى القتمة الفنجززت قليف .القرت من
علو القيدي وتلا وراك يعت | لستكتوزة نون بر ل سنارت او اق
تنزلق أعداد كبيرة من الصخور ومن أحجام مختلفة. لقد انهار العالم
أمام أفراد الطابور... وسقط جبل بكامله فوق رؤوس الجنود التعساءء
وانفتحت أفواههم على صراخ يائس غرق وسط هدير مدوٌء حيث
هشمت الصخور العملاقة البغال والرجال: تدحرج 258 من الرجال
وأربعة عشر مدفعاً نحو الوادي؛ واندفنت جثثهم المشوهة تحت مليون
طن من الصخور إلى يوم يبعثون.

المكان: منطقة جيل مرمولاداء الزمان: خريف عام 1916. كانت
وحدات نمساوية قد أقامت مواضع في هذا الجبل البالغ ارتفاعه 3434
مترأ والذي يشتهر بنهره الجليدي العملاق» وحؤلته إلى مدينة جليدية
منتظمة تحت الأرض. فقد نحتت في داخله متاهة من الممرات ومواقع
المدفعية ومرافق المستشّفيات ومراكز المراقبة ومستودعات التخزين.
1- بالإيطالية في الأصل. المترجم.
2- بالإيطالية في الأصل. المترجم.

-202-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وكان هناك أماكن لنوم الجنود. ومطبخ ميداني ولوحة مفاتيح هاتفية.
وضعت الألواح الخشبية فوق الصدوع. وتم تحصين الشقوق الأصغر

فى السطح الأملس للنهر الجليدي وجعلها مواقع للمدافع الرشاشة.
اكوسقط الكثين من الضحايا بسبب معابر الثلج الخفية الغادرة» وحتى
اليوم؛ وبعد مرور ثمانين عاماء ما زال النهر الجليدي العملاق يلفظ
ضحاياه. تموضع رجال المدفعية فوق الكثبان الثلجية شديدة الانحدار»
التي تقع أسفل القمة مباشرة» وكان هناك نظام متكامل من السلال
التي تجرها الكابلات» والمعروفة باسم التوابيت الطائرة» يزودهم
بضروريات الحياة وهم في المرتفعات العالية. لم يكن للنشاط اليومي
للمدفعية تأثير يذكر على الرجال داخل الكهوف الجليدية» وكان القيام
بأي هجوم عبر النهر الجليدي المصقول في مواجهة المدافع الرشاشة
الثابتة بمثابة عملية انتحار.

بحلول منتتصف شهر تشرين الثاني من عام 1916» بدأت الثلوج
.تتساقط. وبندأت الانهيارات الثلجية تتوالى مثل الشلالات على
الوادي في المواقع المحيطة بمنطقة شيليرباخ كان الوضع أسو أ ركثير.
بالنسبة لقوافل المؤن والتجهيزات. يوماً بعد يوم» كان على الحمالين
أن يصعدوا في مسارات متعرجة» وسط الرياح الشديدة للعاصفة
والمنزلقات الثلجية. لا يوجد حساب لعدد الذين ماتوا متجمدين» وقد
تهشمواء واندفنوا تحت كتل الثلج العالية. وبحلول أوائل كانون الأول
0 أصبحت الثلوج كثيفة للغاية بحيث أصبحت أية عملية إعادة
إمداد أخرى لمواقع المقاتلين في قمة الجبل أمرا متيلا . لحسن
الحظ» كانت المخازن مليئة والذخيرة وفيرة.

أولئك الذين لم تكن لديهم حاجة للخروج من النهر الجليدي
المفتوح» أتخذوا مأوى لهم في عشرات الأكواخ الخشبية التي تم بناؤها
خلال أشهر الصيف,. محميين بشكل جيد من قصف العدوء لكنهم لم
يكونوا آمنين من الانهيارات الجليدية.

-203-

لا31طأ ا 01310123 مهودع الا

في يوم القديسة لوسي الذي صادفء 13 كانون الاول 1916. كان
رجال الكتيبة الثانية يجرفون الثلوج طوال اليوم. مما جعل أجسامهم
رطبة ومتعبة» وكانوا قد خلعوا ملابسهم وزحفوا إلى أسرّتهم في
الأكواخ التي تقع على السفح المؤدي إلى القمة. وصف الآب مارتن
ميتشيكء كاهن الكتيبة الآولى» من فوج الحرس الإمبراطوري الثالث ما
حدث بعد ذلك:

«كنت في صحبة صديقي العزيز هرقل في أحد الملاجئ بالقرب من
المنحدر. وعند حلول شهر تشرين الثاني بدأت الثلوج تتساقط مما أسفر
عن حدوث انهيارات ثلجية تسببت في سقوط ضحايا فاقت بأعدادها
أولئتك الذين ماتوا جرّاء الحرب. في هذا الصباح المميز» وعند حوالي
لقد فاجأ رجالنا أثناء نومهم داخل الأكواخ على منحدر غران بوز. جعلتنا
صرخات المصابين ندرك أن مأساة قد حدثت. كان الملجأ الذي يشغله
قائدناء رودولف شميد هو الأول الذي وصلنا إليه» وكان يقع مبا: و
كان صلبا مثل الخرسانة. استغرق الأمر سبع ساعات لحفره. ومع ذلك
كان واحدا من المحظوظين الذين نجوا. لم يتبق شيء سليماً في أكواخ
الكتيبة الثانية»؛ ولم تظهر سوى قطعة صغيرة من الجليد النقي كشفت
عن ما خلفه الانهيار الجليدي وراءه أثناء سيره المدمر. اتجه ضغط
الهواء تخ و سلشلة اخرى من الأكواح» لم تكن تبعدسوئ القليل عن
المساو المباشر للانهيار الثلجي الكينة وحولها إلى كتلة من الأنقاض
المهشمة والمحطمة التصقت بكتل من الثلج وامتزجت بكتل من الجليد
والصخور الكبيرة. عملنا لمدة أربعة أيام» في الجرف والحفرء وكنا دائماً
ذات وجوه زرقاء. في اليوم الرابع» حفرنا في آخر تجويف وانتهى بنا
المطاف إلى كهف جليدي طبيعي حيث وجد سبعة جنود ملاذاً لهم؛ كان

-204-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

أحدهم ميتء والآخر كان نصفه متجمداًء لكن خمسة كانوا على ما يرام.
لكنهم فقدوا كل إحساس بالزمن. قال لي أحدهم إنه يعتقد أنه بقي تحت
الثلج لمدة أربع وعشرين ساعة فقط"".

لم يكن العدوء الذي كان يسيطر على المنحدرات المقابلة» بحال
أفضل . كانت قصة الملازم الأول توليو مينغيتي من كتيبة الفرقة الجبلية
الإيطالية (ألبيني) السابعة مماثلة لتلك التي رواها الكاهن النمساوي.

كانت تلك هي ليلة القديسة لوسي [13 كانون الأول] وكان بالي
مشغولاً بعائلتي المقيمة في أرض الوطن. كنا ثلاثة عشر في كوخ
ذي سطح مائل كان يؤوي المحرك الخاص بعربة التلفريك التي كنا
لا ميا ها أراد القدر وجدت نفسي على الجانب الجنوبي من
الكوخ الضيق» الذي كان مثبتا بواسطة سلكين من الفولاذ في الصخرة
الصلبة الموجودة في الحافة التي تهوي عمودياً في وادي تشيامبي دي
آري 04161 أم1 2 اقلا . فجأق شعرت بضغط فظيع في أذني وظننت
أن رأسي سوف ينفجر. انطفأت الشموع» وحدث ارتطام فظيع هز
الكوخ وسمعنا بوضوح انفجار أحد أسلاك التثبيت. «لقد انتهى كل
شيء» وسنسقط في الوادي»؛ كان ذلك أول ما خطر في بالي. لكننا لم
نسقط ملا الثلج الغرفة وتلقى ظهري دفعة نحو الحائط. الهواء... كنت
مرا اللحعير لاغي فته من الوواف. لقي بالبسقر: بكلا يداي سق
سلخت الجلد عنهماء لكنني تمكنت من فتح منفذ صغير. وتمكنت من
إخراج رأسي منه عندما اكتشفت» ويا لصدمتي؛ أن نصف كوخنا كان غير
موجود. وكان يتدلى بزاوية ماتلة بشدة فوق الهاوية. وبعيداً في الأسفل»
حيث أنهى الوحش الجليدي طريقه الشيطاني؛ لاحظت تلة كبيرة من
الثلج المتراكم» دفن تحتها أفراد كتيبتي7...
1- من مذكرات الأب ميتشيكء في 14 كانون الأول 1956 وكان من الناجين من الحرب

في مارمو لادا وصدرت بعنوان و1 لساطمءجانتطءورهء215 1 ,3أ2[مصططة81 عأنا في

عام 02.
2- راجع فتقناطع1 عوماعع.آ ,لل1للهط زخده]1 أعل ناعة 1 ,تأعطعمتل8 1110نا1 .

-205-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

في ذلك اليوم المميت المصادف 13 كانون الأول من عام 1916,
تل عدد لا يحصى من الجنود الإيطاليين والنمساويين» وكانوا جميعهم
ضحايا الانهيارات الثلجية©. في الوثائق التي يعلوها التراب» يمكن
للمرء أن يجد إحصائية جافة مكتوبة بقلم لآ يعرف الرحمة. تضم قائمة
بالآف الأسماءء لأفراد دفنوا تحت ملايين الأطنان من الصخور والثلوج.

إن الدرس الذي يمكن استخلاصه من هذا التقاتل لأجل الاستيلاء
على تلك «الأرض المرتفعة». أن كلا الطرفين كانا مصممين على عدم
استخلاص العبر من الدروس التي تعلمها أولئك الذين مروا بتلك
الأرض قبلهم. ومع ذلك وعلى الرغم من كل نواقصهماء فإن الفرقة
الجبلية 1هام1ه والحرس الإمبراطوري 5601111268 على حد سواء قد بذلا
كل ما بوسعهما في القتال الذي دار في هكذا ارتفاعات عالية» كان من
المستحيل التمييز بين المنتصر والمهزوم. وفي النهاية» لم تسفر ثلاث
سنوات من المعاناة وإراقة الدماء عن شىء. كانت المكاسب الإقليمية
صفراً. وكان هذا حكم الطبيعة. ْ

تم إحصاء خسائر الويطاليين وكذلك النمساويين التي لم تنجم عن
معارك الجبل. وإجمالاء فإن ثلثى الضحايا أثناء هذه الحرب الجبلية
القائلة النسنيت يا الطيحة يمكق الؤنيان أن كرو مني ١‏ فد اه
الإنسان؛ ولكن عندما تواجهه قوى الطبيعة المنفلتة من عقالهاء يقف
عاجزاً. عند قمم الجبال؛ يكون الجميع متساوين. الإنسان معرض دائماً
لنزوات الطبيعة. فقط الجبل يقرر من الذي سيعيش ومن الذي سيموت.

.)0 استنادا إلى إحدى وثائق معهد الحرب النمساوي لان ل ون رنن] [ لع طن وطن زع ناو‎ - ١

0 قطنا 3013)ه0مهذع اا

6 منام !6 لم3 موح :06
سد 1 5 ,ببوومعوه4/ا

11ظ10

معامس6 (ة) رمعم ممعدوط 200 أه «رمتعاناك 116/8
134 اصايدة 1400 (ا) رطعم بصم 300 لائق

1 بوط هع 06 5 ,0/1/6

لمك 60
ومعاوة أمابس50 أ مات

ومن 4ص ١‏ ريل 2
وماجعة تتصمصنا رفيش 5
ومن 5م01 960 14

ونون متهن ١‏ + مماواعة 0لنسصدم8 موجه 00 0

-207-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الأسبوع الذي تجمدت فيه الدبابات الألمانية
5 كانون الأول 1941

لقد أخبرنا الرقيب فى وحدتنا أن
الشتاء قادم. لكن من كان يظن أنه سيكون
نه السيزه؟

» من رسالة جندي ألماني من الجبهة
الشرقية» كانون الأول 1941.
مد العريف أوتو شيلله من السرية الرابعة الكتيبة الثالثة من فرقة
المشاة يده إلى جيبه وأخرج صفحة من صحيفة فولكيشير بيوباختر
وسأل الجندي هانس فولنير» وهو صبي من فييناء كان يجلس في
إحدى الزوايا مرتديا قميصه الداخلي» ويقوم باصطياد البراغيث: «ما
الذي يخبئه لنا زعيمنا الوسيم الهر هتلر لهذا اليوم؟» بعد مضي ستة أشهر
على وجوده في روسيا لم يعد يفكر كثيرا في سيده الفوهرر. في واقع
الامر كان يشاركه الآخرون وجهة نظره؛ وهم يجلسون بالقرب من النار

المتقدة داخل الملجأ الوحيد المتبقى فى القرية المحروقة.
كشف أوتو شيلله عن الصفحة التي تحمل عبارة مكتوبة بخط عريض
(وزير الدعاية جوزيف غويلز» من خطاب: «تماعاءا نج 015 امشقك
لمعن ءا للعاعاء| جعل0 0تنا ‏ 119ق ألا . . . سنقاتل حا آخر ر جل وآخر
رصاصة!» وقام بعناية بتمزيق قطعة صغيرة» تحوي السطر الذي يبدأ بكلمة

-209-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نقاتل 4.3م:7زه» »» وأخرج من جيبه الآخر حفنة من 126/07/48 الماتشوركا
العراك لوي انوا ملت ا ا 00 ة أطول. وبدأ يلف
0 كان ب ب ا كن
ل ل

من الصقيع مدوكةا): التصق جليد على وجهه غير المحلوق. ©دوزوطه5)
من بين شفاه بيضاء مرتعشة خرجت هذه الكلمة. الليلة سنتجمد.

«ماهو الجديد أيضأ؟» يسأل الجندي وولنر.

«(و(اناوة|ط 11/201712 21١١)‏ تغيير الحرس اللعين» هذا كل شيء!

سبيت سم سد (أعتقد
كان ون كر ال رن ارده
فوق أخرى ثم قال لزميله مع ابتسامة حزينة: «لا تنس أن تحتفظ لي بشيء
من وجبة الإفطار «تءدداءلط ..أئآ وعطعاء/7 ماه بوتدهل] ألم امرط اه
2 القهوة الساكيف وساندويش من العسل والبيض الطري».
ثم أمسك ببندقيته وبدأ يخطو مترنحاً وسط ظلام الليل. كانت درجة
يا ل ب ل 0
يعاد كثيراء لقد نامة زج مر

يمكن القول بدقة إن 5 كانون الأول 1941 سوف يذكر في سجلات
الحرب الحديثة باعتباره يوم التضحية في صفوف جنود المشاة
الألمان. في ذلك اليوم. أظهرت كتيبة المشاة الحادية والثلاثون شعوراً
بالمسؤولية يمكن مقارنته مع الهجوم البطولي لرجال القائد العسكري
رسي ب الاي فى قمر زور لو أد رجل القائد يكت في بر
لسيير ] نا الحرب الأهلية الأمريكية.

1- بالألمانية في الأصل. المترجم.

-210-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لقد كان التغير الذي حدث في الطقس هو الذي قرر مسار الأحداث.
وبحلول الساعة الواحدة» وحينها كان القمر بدرء انخفضت درجة
الحرارة إلى 46 درجة مئوية تحت الصفر. وكان الرجال يرتدون زوجين
أو ثلاثة أزواج من الملابس الداخلية الطويلة أو السراويل التى كانت
تحوكها النساء وأي شيء آخر يمكن أن يضعوه على أجسادهم. وارتدى
البعض ملابس خارجية مبطنة كانوا قد جردوها من أعداتهم الذين سقطوا
صرعى في ساحة المعركة. كانت أحذية اللباد عالية القيمة» لكنّ القتلى
من الروس هم فقط من كان يملكها. كان الانتظار المثير للأعصاب»
والاضطرار للوقوف في طقس متجمد» يجعل أعصاب الرجال على حافة
الانهيار. ومن خلف الغابة المقمرة» كانت تصل أصوات زمجرة مبحوحة
لمجموعة من محركات الدبابات التي لم تعد صالحة للاستخدام.

إنها ليست دباباتنا إنها دباباتهم!» أشار عريف عجوز على نحو غير
0 ظ

ااعليهم اللعنة إنها على وشك أن ينفد منها البنزين!») شتم الوافد
الجديد» وقد توترت أعصابه بسبب الصوت المزعج.

االديهم الكثير من البنزين التي يمكن أن ثقلى بها مؤخراتهم»

أخيراء انتهى انتظارهم فقد كان القائد. الذي يجلس داخل عربته
الدافئة المزودة بجهاز لاسلكي والتي تقف في المؤخرة. قد قرر ماذا
سيحدث لكتيبتهم في غضون السناعة القافمة: بالنسبة لجندي ألماني
متواجد على بعد مسافة قصيرة ة من موسكوء كان أي شيء بالنسبة له
أفضل من أن يتيبس متجمداً ويتمدد على الأرض مثل قطعة جليد. صرخ
الرقباء: هيا تحركوا»» تناول الرجال بنادقهم وبدؤوا بالتقدم وسط الثلج.
كانوا جوعىء لا الملابس التي يرتدونها ولا الأسلحة التي يحملونها
كانت مناسبة لفصل الشتاء الروسيء ومع افتقارها إلى الدعم المدفعي.
كانت الفرقة الألمانية للمشاة تتقدم إلى الأمام وسط الثلج المتراكم
بكثافة» كانت أنفاسهم تتجمد بمجرد خروجها من أفواههم. عندما فتح

-211-
ألا 0131013مهوذع ]آلا

العدو النار عليهم؛ كان الرجال يمسكون بنادقهم بقوة واستمروا بالسير
مباشرة وسط ومضات فوهات بنادقهم المتقطعة. كان تقدمهم على
شكل موجات صغيرة من التعثر» ثم الوقوع على الأرضء ثم النهوض؛
ل يد صرخ الرقباء
لتشجيع رجالهم الذين لم يكن بإمكانهم أن يسمعوا بسبب عويل الرياح
وأزيز الرصاص. كان الرجال يتحركون بسرعات مختلفة» وحافظوا على
رؤوسهم منخفضة بشكل جيد كما لو أن ذلك يمكن أن يحميهم. وعلى
الرغم من البرد القارسء بدأت أجسامهم بالتعرق بسبب الجهد الهائل
الذي يبذلونه والإرهاق والخوف. قاموا بصب اللعنات على بنادقهم
والضرب بقبضاتهم على الأقفال المتجمدة لأجل فتحها. وبدؤوا بشتم
الجنود السوفييت لأن بنادقهم كانت مناسبة لفصل الشتاء والتي من
الواضح أنها لم تتعطل. الجميع وقعوا في جنون الصراخ والموت. كان
عليهم أن يستمروا بالمسير... ومن الواضح أن أولئك الذين سيسقطون
على الأرض سوف يتجمدون فى غضون دقائق. ما حدث بعد ذلك كان
فورة مخيفة للطاقة والموت المفاجى. ظهرت الفجوات في كل مكان.
وكان الثلج الأبيض الذي لا نهاية له يبتلع الجنود بكل بساطة. ورغم أن
العالم كله كان يحتضر من حولهم. لكنهم استمروا في المسير.

في منتصف النهارء انقشعت الغيوم الرمادية اللون عن السماء مثلما
تزاح الستارة عن إحدى المسرحيات اليونانية. استمر الموت» وأظهر
جنود فرقة المشاة الحادية والثلاثين شجاعة تجاوزت كثيراً حدود تلبية
نداء الواجب. وفي الوقت الذي تعطلت فيه جميع الابتكارات التقنية
التي وضعتها العلوم تحت تصرف القوة القتالية الحديثة» استمر جندي
المشاة متمسكاً بإرادته للبقاء على قيد الحياة. اخترقت فرقة المشاة 31
خطوط العدو ووصلت إلى مسافة ثمانية كيلومترات من هدفها.

عندها انتهى كل شيء.؛ لم يعد بإمكانها التحرك.

يجب تدمير معظم وحدات الجيش الروسي المرابط فى روسيا

-212-
لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

إلغربية في سلسلة من العمليات الجريئة تشكل رأس الحربة فيها
الصبنوف المدرعة. ومنع الانسحاب المنظم للوحدات السليمة إلى
الأراضي الشاسعة في داخل روسيا.

كان هذا هو نص أوامر هتلرء 1داغاء8 طن" برقم 221 والتي تم
إقرارها في 8 كانون الأول 0, والتي كانت تدعو إلى تدمير 0
التوفبيتي» إن الهجوم الألماني» الذي أطلق عليه الاسم الرمزي فال
بارباروسا و05 [لول1 والذي بدأ قبل فجر يوم الثاني والعشرين
من حزيران عام 1941 قد حدث بسبب الصراع الذي لم يكن قابلاً للحل
بين المفهوم المتعصب للتفوق العنصري ومفهوم الدعوة إلى قيام ثورة
عالمية تقودها الطبقات العاملة.

لقد أخطأ هتلر في تقدير كلّ من القدرات القتالية للقوات الاحتياطية
للجيش الروسية التي كانت ذات تدريب ضعيفء. وصلابة الموقف
السياسي لاستبداد ستالين©. وعلى الجانب الآخرء فإن اعتقاد ستالين
بأن هتلر لن يتصرف بطريقة غير عقلانية ويدخل حرباً جديدة قبل أن
ينهي الحرب التي كان يخوضها كان خطأ جوهرياً. كان القيصر الأحمر
على دراية بقدرات ألمانياء ولكن ليس بخططها الفورية؛ ومع ذلك»
وفي 5 أيار 1941 أي قبل شهر من الهجوم» خاطب خريجي الأكاديمية
العسكرية الروسية بالقول: «لا يمكن استبعاد الهجوم الألماني في وقت
مافي المستقبل. كونوا مستعدين للتعامل مع أي مفاجآت».

وعندما حدث الهجوم. في الثاني والعشرين من حزيران 1 كانت
آلة الدفاع السوفييتية بمجملها غير مهيأة للهجوم وبشكل صادم. وعلى
الرغم من النصائح بالحذر التي قدمها كبار جواسيس روسياء مثل الدكتور
ريتشارد سورج وكيم فيلبي» بالإضافة إلى رئيس إدارة المخابرات
العسكرية» غوليكوف. فإن ستالين تجاهل تحذيراتهم» فهو ببساطة لم
1- بعد شهر واحد من بدء الحملة» كتب هاندر» رئيس أركان قوات هتلر يقول: «الوضع

كله يدل بشكل واضح أننا قللنا من تقدير إمكانيات العملاق الروسي».

-213-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

يصدق ذلك. حتى إنه اتهم سورج بأنه عميل مزدوج يعمل مع الألمان.
بحلول ظهر ذلك اليوم الأول - بعد أن دمر الألمان مئات الدبابات
واحتلوا العديد من المدن الحدودية الروسية - نقل المشير تيموشينكو
الأمر المحدد لستالين إلى قائد وحدته الأمامية الجنرال بولدين:

لا ينبغي اتخاذ أي إجراء ضد الآلمان دون معرفتنا. لقد منع «الرفيق
ستالين) فتح نيران المدفعية ضد الألمان.

في مواجهة هذا التشويش المرتبكء» لم تكن قوة العملاق الروسي
تمتلك أية فرصة للنجاح» حيث إن الحرب الهجومية الحديثة» تشبه
هجوم سلاح الفرسان في القرن التاسع عشرء ينتصر بها أولئك الذين
يصلون «بأسرع وقت ويكونون الأكثر ثباتا». كان ستالين يملك المزيد
من الدبابات» والطائرات» وبالتأكيد رجالاً أكثر من خصمه. ولكن فرق
الجيش الأحمر لم تكن متدربة وقطعاتها متناثرة من شمال منغوليا
حتى الحدود البولندية. حاول المخططون العسكريون الحكماءء.
أمثال المارشال توكاشيفسكىء تنبيه ستالين إلى الأخطار الكامنة» لكن
تم إخماد أصواتهم بقسوة خلال عمليات التطهير الدموية التي قام بها
الجيش في عام 1937.

اعتاد هتلر أن يغتنم الفرصء وكان يدرك مأزق القيصر الأحمرء لكنه
ارتكب حينها خطأ استراتيجيا... وبدلاً من اتباع خطط نابليون وتركيز
قواته في محور واحدء قسّم قواته إلى ثلاثة أقسام. الأول إلى الشمال من
لينينغراد» والثاني وسط موسكوء والثالث جنوباً نحو خزان الحبوب في
أوكرانيا وحقول نفط بحر قزوين الحيوية, التي كان يحتاج إليها لتزويد
آلة الحرب الشرهة. ورغم أنه لم يكن يملك الرجال ولا المعدات لعملية
بهذا الحجمء فقد استمرت العمليات القتالية لمدة خمسة أشهر. يبدو أنه
لم يكن هناك شيء قادر على إيقاف أعمال هتلر. إلا إذا حدثت معجزة.

كان صيف عام 41 حاراً وجافاًء وارتفعت درجات الحرارة فوق
0 درجة مئوية» وهو شيء لم تكن الجيوش الألمانية معتادة عليه. كان

-214-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

,خلى الطرق في روسيا الغبار الناعم الذي تسبب في انسداد شبكات
0 الهواء ومرشحات الهواء في الدبابات» مما أدى إلى تسخين
محركاتها إلى مستويات عالية» وتشقق طلاء دبابات البانزر الألمانية.
وكما هو الحال في كل حرب على مر العصورء كان جنود المشاة هم
من عانوا أكثر من غيرهم» فقد ظهرت بثور في أقدامهم» وبدؤوا يفركون
باطن أفخاذهم بسبب العرق حتى كشطوها. كل شيء كان مغطى بطبقة
رقيقة من الغبار الذي تسببت حركة الوحدات الآلية في تصاعده. كانت
وجوه الجنود المبللة بالعرق يكسوها غبار أحمر وكانت أفواههم تلوكه
كما لو كانت تمضغ البطاطس المهروسة. في ظلال الغابات تعرضت
أكتافهم العارية للهجوم من قبل أسراب من الحشرات التي تعيش على
دم الإنسان. أصبح شرب الماء مشكلة خطيرة. ألقى الروس المتقهقرون
الحيوانات الميتة وسط الآبار لتلويث مياهها. هذا النقص الحاد فى المياه
جع .من الفروري تفنين إشدادات الساد» وت اتسويل تاقللات الوقوة
لدبابات البانزر المتقدمة إلى ناقلات مياه. وكانت الوحدات الطبية قد
أصدرت أوامر صارمة بعدم شرب الماء غير المغلى» ولكن الحرارة
والأتربة والأبخرة التي تتصاعد من الذخائر الحربية جعلت الكثيرين
يتجاهلون الخطر. وعندما ازدادت حدة العطشء. اضطر الجنود إلى
شرب مياه الآبار الملوثة» مما أدى إلى إصابة العديد منهم بالمرض»
وأصبح شرب مثل هذه المياه جريمة أدت في كثير من الأحيان إلى
تعرض مرتكبيها إلى محاكمات عسكرية.
وكان لارتفاع درجات الحرارة عواقب أخرىء ستثبت مدى أهميتها
في الأشهر اللاحقة. ولكون جنود المشاة كانوا يسيرون وهم يحملون
جميع معدات القتال - من أحزمة الذخيرة والمدافع الرشاشة وقذائف
الهاون والإمدادات الطبية - فإن أي حمل إضافي سيبطئ حركتهم.
ةيا بره ين تمصاهم ل ولا اشوا ذلك
بلة وباتوا يتقدمون مرتدين قمصانهم فقط. و 1
-215- إ'
لا31أ ا 01310123 مهودع الا

كان الفوهرر قد وعدهم بتحقيق النصر السريع - فاعتقدوا أنهم سيعودون
إلى الوطن قبل عيد الميلاد بفترة طويلة.

كو يرويهيا مكل ونيا بلك الدولة المبيجية ذات المعالم الرائعة
والناس اللطفاء والطرق المعبدة التي يمكن التنقل فيها بمساعدة
الخرائط السياحية الممتازة التي يوفرها دليل ميشلان"". وكان يمكن
الوصول إلى فرنسا عبر شبكة سكك حديدية ممتازة من مدينتي كولونيا
وكورلة الالماهين: لكن هذه كانت روسيا! كل شيء فيها يأخذ أبعادا
مختلفة» والمسافات فيها تتضاعف عشرة أضعاف» ومديات السكك
الحديدية أطول© واستخدام وسائل النقل الألمانية للتنقل من خلالها
فقد كانت عملية غير مجدلية. فقد فجر مقاتلو حركة الاتضار الروييي
خطوط السكك الحديدية والجسور على طول المسافات الشاسعة
التي تفصل برلين ولايبزيغ عن سمولينسك وكييف. . ثم كان هناك عامل
الطقسء الذي كان تأثيره حاضراً على الدوام» فهناك درجات الحرارة
التي تصل إلى حدود الغليان في الصيفء والرطوبة في فصل الخريف.
لم يكن الألمان يعرفون شيئاً عن الشتاء بعد. كار ميطمهع فو نفع ين
الشتاء الروسيء لكن لم يسبق لأحد أن عاش أجواءه من قبل.

سارت المرحلة الأولى من حملة بارباروسا وفق الما خطط لها ويحلول
منتصف تموز 1941» استطاعت الفيالق المدرعة بقيادة الجنرالاات هودنر
وهوبنر وجوديريان من عبور ثلثي المسافة إلى موسكو. عانى الاتحاد
الود من خسار يدف بسو ل #لتوتنها حورت مالي طن 6ه
تم أسر ثلاثة ملايين روسي والاستيلاء على 17 ألف دبابة أو تدميرها.
ومع ذلك. لم يكن العمل العسكري هو المفتاح لتدمير البلشفية» بل كان
1- من أوسع الأدلة السياحية انتشاراًء أطلقه الأخوان إدوارد وأندريه ميشلان عام 1900

ليقدما من خلاله معلومات تعين سائقي المركبات على التنقل ومواجهة أعطال

مركباتهم. المترجم

ار م امد الززس قم فل روسيا عن بقية أوروبا وإحباط أي طموحات
عسكرية لدى ابن عمه؛ قيصر ألمانيا.

-216-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

إستخدام الوسائل السياسية هو من يجعل البلشفية تنهار. ولكن هتلر
فشل في هذا الموضع. وأبرز مثال على ذلك هو حالة أوكرانياء حيث
أدت عمليات التطهير الدموية التي قام بها ستالين إلى استنزاف سكان
الريف» وكان الهدف السياسي لألمانياء هو جعل شعب هذه الصومعة
الغنية بالحبوب يتمرد على الدكتاتورية البلشفية» لكن السلوك الوحشي
لأفراد وحدات الإس إس” تجاه السكان المدنيين أحبط هذا الهدف.
فانتشرت الأخبار التي تتحدث عن حدوث عمليات الإعدام على نطاق
واسع في الأراضي المحتلة والعدد الكبير من الوفيات جراء الإهمال في
معسكرات الاعتقال الآلمانية في بقية أنحاء روسيا.

في 19 تموز» في ذروة معركة سمولينسكء أصدر هتلر أمره المرقم
33 * ارغاء0)28. وكان بمثابة دليل على خطته الاستراتيجى الأكبر.
فبينما تم إرسال الفرقة المدرعة التي يقودها الجنرال هوث إلى الشمال
للمساعدة في الهجوم على لينينغراد» تم سحب التشكيلات الآلية بقيادة
الكرال عوديزياة بعيدا عن مسارها المتووعه إلى مورشكو ونم إريبالها
بدلا من ذلك نحو الجنوب لتطويق قوة روسية ضخمة كانت تسيطر على
مدينة كييف. هناك» يمكن لهتلر أن يأسر مليون روسي آخرء وهو إنجاز
سيضع عبقريته العسكرية في سجل تاريخ الحروب في العالم. ومن
أجل تحقيق نصر مذهلء لكنه بلا معنى» تغاضى هتلر عن أن يأخذ بعين
الاعتبار العوامل الحيوية الثلاثء التي تسببت في هزيمة نابليون: المكان
والزمان والطقس.

على الرغم من الاحتجاجات التي قام بها جنرالات هتلر» مثل هاينز
غوديريان» وهو أقدر جنرالاته في قيادة فرق الدبابات (البانزر) الذي
حاول دون جدوى إقناع الفوهرر بإلغاء هذه الخطة المجنونة التي كان
لا بد أن تجعل العمليات العسكرية تحدث في فصل الشتاءء» لكن «أعظم
1- المنظمات العسكرية التابعة للحزب النازي. المترجم.
2- بالألمانية في الأصل. المترجم.

-217-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

عبقري عسكري منذ زمن يوليوس قيصر» لم يرغب في الإصغاء إلى
نبوءة هذا الجنرال.

وبخ هتلر أولئك الذين يعتبرون أنفسهم عباقرة ألمانيا قائلا:
ااموسكو؟ إن الأدمغة المتحجرة فقط» التي تعشش في رؤوسها أفكار
الماضيء لا ترى في احتلال موسكو هدفاً يستحق القتال من أجله! . كما
رفض أن يستمع إلى قائده العام» الجنرال هالدر الذي أشار في مذكراته:
الا يمكن إزعاج [هتلر] بنسب القوة ة. بالنسبة له فإن عدد أسرى الحرب
هو دليل قاطع على تفوق ألمانيا". . مع هوس هتلر بأخذ أكبر عدد من
الأسرىء تم تعليق الهدف الرئيس لخطة بارباروساء وهو شن هجوم
مركز تقوم به ثلاثة جيوش مدرعة بالدبابات على موسكو. تم إهدار
أربعة أسابيع لا تقدر بثمن في التركيز على أهداف ثانوية.

ومع تلاشي اهتمام الألمان بقاطع العمليات في وسط روسياء نجح
مارشال الجيش السوفييتي تيموشينكو في تخليص أكثر من نضف مليون
رجل ومعداتهم من الفخ المعد لهم حول مدينة سمولينسك. وأصبح
بإمكانه حينها استخدامهم لتقوية الطوق الدفاعي حول موسكو. وبعد
أن كان من المتوقع أن يواجه الهجوم الألماني 200 فرقة سوفييتية» أصبح
عليه بدلاً من ذلك مواجهة 360 فرقة» وهو ما يكفي لإفشال استراتيجية
هتلر في الحرب الخاطفة.

كانت المرحلة الأخيرة من خطة هتلر تقتضي الاستيلاء بشكل كامل
على روسيا الأوروبية. ولتحقيق هذا الهدف. كان لا بد من الاستيلاء
على المركز السياسي للنظام السوفييتي - ألا وهو مديئنة موسكو. كان
الهجوم على العاصمة الروسية يجري من خلال تقدم متزامن لثلاثة
جيوش مدرعة بالدبابات. ما كان يمكن أن يتحقق في تموز كان نجاحه
مشكوكاً فيه في شهر تشرين الأول ذي الأجواء الرطبة. ومع قدرة ألمانيا
على نشر قوة قتالية متمكنة, ٠‏ لكنها لم تكن تملك الدعم اللوجستي
المناسب. لم يتعلم المعتدون شيئاً من انتصاراتهم السهلة» وقللوا إلى

-218-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

حدٌّ كبير من تأثير حرب العصابات التي كان تشنها وحدات الأنصارء أو
تأثير عامل الطقس . . دافع الأنصار الروس عن وطنهم بكفاءة وحماسة
قديدة: ولأجل بث الرعب في صفوف الألمان» شن مدنيون مسلحون
لا يمتلكون خبرة عسكرية سابقة هجمات انتحارية على خطوط السكك
الحديدية والجسور ومستودعات الإمدادات. كان إيصال الوقود
والذخيرة إلى الوحدات الأمامية يتم بشكل بطيء . وفوق كل ذلك
حدث تغير في الطقس زاد من تفاقم هذا الوضعء كما تمت إعاقة التقدم
الألماني المعد له مسبقاً بشكل كبير. تجاهل هتلر كل الأخطار الممكنة
وأمر باستئناف الزحف على موسكو في الثاني من تشرين الأول 1941,
وهو تاريخ قريب من اليوم الذي قرر فيه نابليون الانسحاب من تلك
المدينة هربا من الشتاء القادم.

حل الليل وكان الطقس دافئاً جداً في ذلك الوقت من السنة. تمدد
الرجال على طول حافة الغابة» ليستريحوا على مفارشهم. كان قسم منهم
يحدق في السماءء والقسم الآخر يدخنء وقد اختفت السجائر وسط
قبضات يديه. كان الجميع صامتون. قام سائق الدبابة الشاب بتفحص
ساعة يده بعصبية. .. إنها الرابعة وعشرون دقيقة لم يتبق سوى أربعين
دقيقة للرحيل كان يبحث عن تأكيد من عريف سريته» وهو من قدامى
المحاربين في معارك الدبابات منذ معركة سيدان حتى سمولينسك»
وكان يمضغ حينها بسكويتاً غير مملح.

«سيدي العريف». ما رأيك بتناول وجبة لذيذة من شراب الشنابس
والكافيار في الساحة الحمراء» بعد شهر واحد تقريبا» . لم يكن رد فعل
الرقيب» الذي رأى وسمع كل ذلك من قبل» سوى أن يهز كتفيه قائلآ مع
نفسه : يا للطفل المسكين» وهل تعرف أنت شيئاً؟

قام نقيب الوحدة. ديتليف فون فاغنبيرع» الذي التحق بالجيش في
عام 1939 وذهب إلى الحرب من أجل «الدفاع عن الفوهرر وأرض الآباء
والأجداد»» بفرك عينيه ليزيل عنها آثار النعاس. كان عليه أن يهيئ دباباته.

-219-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لم يتعلم كيفية | تخدامها من أجل التسلية. كان هناك ما يزعج تفكيره.
بع لاني كافه القوات تبر على طرق تعيدة انناء الصيفب
ال ا عا غير اقيق التكان
الجاف والمعتدل» وكانت تحصل على مؤونت» ا ا
اللحديدية المتطورة. في هللة المساحات الشاسعة من الأراضي؛ واج
فناط العتريو حكن لالجا قال لاي 0
وكان ينبغي على دباباته التقدم علي طول الطريق الذي نمث الإشارة
اليه على الخريطة الاستراتيجية التي رسمت في برلين» ولكنه لم يكن
موجوداً في الواقع» أو كان لا بد 0 و عادو على م
عليه أن يتعامل مع ذلك الزميل الاحمق وهو ضابط نرجسي برتبة عقيد.
كان يحيي الجميع بتحية -زه11111 8611 يعيش هتلر»ء ويطلق الإشاعات
ليؤكد لقادة الوحدات أن الحاكم المدني لروسيا في طريقه إلى موسكو
وأنه بالفعل فى حالة تأهب (في مدينة كوبليتتس على نهر الراين»!. وأن
القوات المسلحة الألمانية #بلهوجمطة17) كانت تمتلك أعظم القادة
العسكريين (وهذا صحيح)؛ والأهم من ذلك كله أنه يمكن أن يعتمدوا
دائماً على المخطط الأكثر تألقاً في التاريخ» وهو الفوهرر الملهم الذي
كان بعبقريته يفكر في كل شيء وينظم كل شيء حتى أدق التفاصيل.
وقد أمر (كما لو كان هو الله) بوضع جميع الموارد الإنتاجية لآلمانيا''
تملك كل الذخيرة والوقود الذي تحتاجها لتندفع مباشرة نحو موسكو.
إعء | ل] اأء8] يعيش هتلر ١‏

لم تعد ضفة النهر الذي يفصلهم عن العدو تميل إلى الزرقة» ولم تعد
كتلة عديمة الشكل. نظر النقيب ديتليف فون فاغنبيرغ عبر النهر ولم ير
6ه هل انتم جاهزون لل: ى [:؟)

نعم اجاهزون).

1- سميت بألمانيا الكبرى عند ضمها النمسا في آذار 1938.

-220-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

السرية الثانية ...101102111 ع+زعن/نات) عادت الحياة إلى محر كات
الدبابات.

اشتعلت الجبهة كلها بالنيران كأن يوم القيامة قد حل. تصاعد الدخان
الزيتي المنبعث من القذائف المتفجرة» وتطايرت الحمم الملتهبة من
الأرض نحو السماء. اهتزت الأرض. وانطلقت قذائف المدفعية 0
أهداف بعيدة. ثم تحركت الدبابات. وقف النقيب في برج الدبابة التي
كانت تسير في المقدمة حاملاً في يده الخريطة. لكنها لم تكن ضرورية»
لأن الجميع في سريته كانوا يعرفون وجهتهم: إنه الشرق» باتجاه الشمس
المشرقة - وموسكو! سويت حقول الجاودار والشوفان بالأرض حينما
مرت الدبابات فوقها. القرية الأولى التي وصلوها كانت قد سويت
بالأرض. لم يبقّ أي شيء قائمأ في مكانه. ولم تتوقف الدبابات؛ لم يعد
هناك حدود لأي شيء. فالجميع كان يفعل ما يريد.

اخترق التقدم المتزامن لثلاثة جيوش مدرعة بالدبابات طوق الدفاع
الخارجي لموسكو. واشتعلت النيران في أربع مئة ميل من الخطوط
الأمامية للجبهة» بينما تزاحمت آلاف الدبابات للاندفاع. شق الجيش
الثاني المدرع بالدبابات بقيادة الجنرال غوديريان طريقه عبر جبهة
بريانسك بقيادة المارشال يريفيتكو. سرعان ما استطاع مقاتلوه اجتياز
حقول الألغام واخترقوا الحشود الضخمة لجنود المشاة السوفييت.

وقف النقيب منتصباً في البرج المفتوح لدبابته من طراز مارك الرابع.
وكان يمثل طليعة القوات الألمانية التى كانت تبغى إسكات المدفعية
الروسية وهو ينظر إلى القرية المحترقة» عندما خرجت موجات من
المشاة الروس من الغابة» تتبعهم من الخلف دبابات قليلة» حشود هائلة
لأشخاص كبار في السن. خرج لهب برتقالي ضخم من بندقية ذات
ماسورة طويلة من دبابة ألمانية. تسبب في إصابة مباشرة وتسربت الشظايا
إلى أطراف وأضلاع المشاة الذين يركبون الدبابات. أدارت الدبابات
الألمانية مدفعها الرشاش» لتتتبع تدفق حشود الروسء ولتطرحهم

2121 لقنطتنا وتصدغهحرهد5ع الا

أرضاً. أولئك الذين كانوا داخل الدبابة كان بإمكانهم سماع الأصوات
الحادة لصافرات المفوضين البلاشفة وهم يقودون جنودهم لمهاجمة
المدرعات الألمانية. من مكان ما على الجناح الخاص بهم» فتحت
بندقية مضادة للدبابات النار. اشتعلت النيران في إحدى الدبابات» في
حين أن دبابة أخرى مالت إلى الامام لتسقط في حفرة أحدثتها إحدى
القذائف. لحقت بكلا الجانبين إصابات خطيرة. وبينما كان يبدو أن
الروس لديهم احتياطي من القوى البشرية ليس له حدود. فإن الألمان
تحملوا بصعوبة خسائرهم الثقيلة. احتدمت المعركة لمدة أربعين دقيقة
قبل أن يتلاشى الهجوم الروسي.
على طول محيط موسكو الخارجي كانت الصورة مشابهة. تم
تحطيم موجات الهجمات الانتحارية وآخر الدفاعات الشديدة التي
كانت موجودة أمام خط الجبهة الروسي. كانت مجموعة من الجنود
السوفييت المنعزلين عن ركب قواتهم تختبئ في غابة بالقرب من إحدى
القرى. لم يكونوا يعرفون اسم القرية» ولم يهتموا بذلك. لقد تخلصوا من
بنادقهم وهم يحاولون الهروب. كانوا مستعدين لفعل أي شيء يجعلهم
يبتعدون عن حمم الفولاذ التي نزلت عليهم كالمطر» ومحت فوجهم.
كان الموتى والذين يحتضرون منتشرين في كل مكان. وكانت دورية من
الخيول الألمانية قد ضبطتهم وهم على وشك أن يخرجوا إلى العراء
فقام جنود سلاح الفرسان الذين كانت السيوف تتمايل بأيديهم بذبح
عدد منهم. ومن سرية تعدادها مئة وعشرين فرداً» لم يتبق سوى خمسة
فقط. وقد تقاسموا فيما بينهم قطعة من الخبز اليابس وقطعة بصل.
كان بإمكانهم رؤية الظلال التي برزت في أرض الغابة الخالية وهم بين
الاشجار. همس فيهم الرجل الذي نصب نفسه زعيماً عليهم: «أخفضوا
رؤوسكم)»» توقف أحد الظلال وأشار ببتدقيته باتجاه مخبئهم. بدؤوا
بالعادة يا امنا المفلاسة روسياء تضرع :إليك أن را ركوت ومن الازمنان.
(إنهم جماعتنا! إنهم جماعتنا» صاح اك المتخلفين عن الركب.

-222-
لا31طأ ا 01310123 مر هودع الا

قمر ولوح بذراعيه بحماس شديد. حينها اختارته إحدى الرصاصات
وجعلت أشلاءه تتنائر حول أقرب شجرة. هؤلاء كانوا روسأء لا شك
في ذلك! ركضوا نحو الأربعة الباقين وأوقفوهم في صف واحد وأطلقوا
النار عليهم. نعم» كان هؤلاء من الروس بالفعل» ولكن من نوع خاص.
من فرقة /2/161 7" التي تتعقب الفارين وتعدمهم.

أمر مرعب! بهذا الوصف تحدث الميجور جنرال ك. ف. تليغين؛
رئيس منطقة 00 عن موسكوء والمسؤول المباشر عن تقديم المشورة
إلى ستالين بشان الوضع العسكري قرب العاصمة» وهو يعلق على
الاختراق المفاجئ الذي قامت به قوات الجنرال الألمانى غوديريان
في الجنوب. ما حدث بعد ذلك كان بمثابة صدمة: في 5 تشرين الأول»
عاد طياران من طلعة استطلاع وقالوا إنهم رأوا أرتالاً معادية تتقدم على
طول طريق وارشو (الطريق السريع) المؤدي إلى مدينة مالوياروسلفتس»
موقع المعركة التاريخية التي جرت عام 1812. وقد بدا هذا مستحيلاً.
عندما كان الميجور جنرال تليغين يدقق في خريطته العسكرية» تم إبلاغه
أن دبابات الجنرال غوديريان على بعد 125 ميلاً عن مدينة كالوغا وليس
مالوياروسلفتسء وأن طليعتها تتحرك باتجاه مدينة أوريول. دعا الجنرال
تيليغين قائد سلاح الجو في مقاطعة موسكو أن يأمر بالقيام بطلعة جوية
أخرى من قبل الطاترات الاستكشافية. عندما عادت هذه الطائرات» كانت
الدبابات الألمانية قد وصلت بالفعل إلى نهر إيغرا الذي يقع قرب مدينة
يوخنوف التي تبعد» أقل من مئة ميل عن وسط موسكو. لم يجرؤ على
الاتصال بستالين مباشرة» فقد كان يعلم جيدا أن الشخص الذي يجلب
الأخبار السيئة قد يتم نفيه إلى كتيبة انتحارية - هذا إذا كان محظوظا. لكن
عليه أن يخبر أحدهم. استدعى المارشال شابوشنيكوفء الذي كان يشك
مثله في صحة التقرير. وبعد بضع دقائق» اتصل بوسكريبتشيف السكرتير
الشخصي لستالين بالجنرال تيلغين» ثم كان ستالين نفسه على الخط.
1- 299 الشرطة السرية السوفييتية ذات السجل المرعب.
0

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

«يا تليغين» ما هذا الذي يحدث؟».

«الرفيق القائد العام» الوحدات النازية تتقدم على طول نهر ايغرا».

«هل أنت متأكد؟).

انعم) أيها الرفيق القائد العام».

الهمماء نيك سكا لين ثم أقفل الخط. ارتعدت فرائص تيلغين ورن
وي هاتفه مرة أخرى. في هذه المرة كان لافرانتي بيريا التابع الأمين
لستالين» الذي كان يخشاه كثيرً» والذي أرعد وأزبده واصفاً الجنرال بأنه
محرض ويبث الشائعات . عندما يدافع عن نفسه كان تيلغين سبيتوف, مؤكداً
أن قائد سلاح الحجو لمنطقة موسكوء العقيد قد أكد على صحة التقرير» كان
رجال بيريا يقومون باعتقال سبيتوف. وبينما كانت جبهة موسكو بكاملها
على وشك الانهيار» اضطر القائد العام لمنطقة دفاع موسكو إلى تكريس
وقته وطاقته في إنقاذ الكولونيل قائد سلاح الطيران من فرقة الإعدام.

وما حدث كان بسيطاً بما فيه الكفاية. اندفع الجيش الثالث المدرع
بالدبابات بقيادة الجنرال هوث ونظيره الجيش الرابع بقيادة الجنرال
هوير :وققا طريقهما مخ خلال الجبهة الغرنية التى يقودها الهازشال
كونييف» وكانت أرتال دباباتهما تتسابقان على طول مدينة موجايسك
وطريق وارشو للقيام بحركة كماشة حول مدينة فيازما. وقد وصلا إلى
موقع يتجاوز قوة المارشال كونييف الرئيسية وباتا يهددان جبهة المارشال
بوديني الاحتياطية» التي تمثل الموقع الدفاعي الأخير حول موسكو.

على الجسر المقام على طريق وارسوء. اكتظت جموق الفارين من
النساء والأطفال» كان خبراء المتفجرات ينكبون بحماس على ربط
القنابل الألمانية المضادة للدبابات. وسط هدير قويء تم تفجير إحدى
القنابل قبل الأوان. انفجر منتصف الجسر وأرسل مئات من اللاجئين
إلى السماء. هذا الجسر المتفجر سيؤخر تقدم القوات الألمانية في
خدودادجي عشرة ساعة» لكن من المؤكد أنه جعل الدبابات والبنادق
الروسية تتقطع بها السبل على الضفة المقابلة.

-224-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بعد سبعة أيام فقط من القتال الشرسء بلغت المعركة ذروتها في
حركة التطويق الكبيرة لمدينتي فيازما وبريانسك. بعد هجوم عنيف
اقتحمت دبابات الجنرال غوديريان مدينة أوريول. عندما أمر الجنرال
ييرمينكو بشن هجوم مضاد. انتهى المطاف بالهجوم ليتحول إلى محاولة
يائسة للخروج في اتجاه موسكو. ونتيجة لذلك الفشل» تعرض الجيش
السوفييتي في مدينة بريانسك إلى الوبادة.

في 7 تشرين الأولء التقى جيش الجنرال هوبينئر مع جيش الجنرال
هوث واكتملت الكماشة. وتمت محاصرة ستة جيوش روسية و55 فرقة
و663 ألف رجل و1242 دبابة و5412 بندقية. وكانت طوابير لانهاية لها من
الأسرى تسير متعثرة ومتمايلة عبر الطرق الموحلة في طريقها إلى الأسر.

كانت آخر مئة ميل على الطريق المؤدية إلى موسكو مكتظة
باللاجئين. وكانت هناك أيضاً أسراب القوة الجوية الألمانية 16ة/ نا
وهي تحوم. كان على الهاربين أن يتقافزوا من حول الحفر التي صنعتها
القنابل» والدبابات المحطمة؛ والخيول الميتة» وأرتال الإمدادات التي لا
عجلاتهم. في بعض الأحيان كان يتم إيقاف جموع الفارين 1/1/1 في
حواجز الطرق التي يقيمها عناصر المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية”"
حيث كان عليهم إظهار أوراقهم؛ ويتم أخذ أولئك الذين ليس لديهم
تصاريح سفر حقيقية لحفر خنادق مضادة للدبابات - إذا كانوا من
النساء. . أما الرجال فيتم إعدامهم بالرصاص على الفور.

وشهد الجنرال ج. ف. بالوشين بعضاً من أعنف المعارك منذ أوائل
شهر تموز. وقبل معركة سمولينكء قاد كتيبته في هجوم بطولي من أجل
وقف تقدم كتيبتين من فرق الدبابات الألمانية وإعطاء قواته فرصة التخندق
1- وهي مؤسسة سوفييتية جمعت بين أنشطتي الشرطة والشرطة السرية عملت على

التنفيذ المباشر للارادة السياسية السوفييتية بما في ذلك القمع السياسي خلال عهد

00

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ا نتابعة للجنرال بالوشين تقوم بإدارة القاطع
وحيئهاء أصبحت كتيبة الحرس التابعه للجنرك ومس 0 ٠‏
الشمالي في منطقة سباس-دد بمينسك: فى 'صباح يوم 5 تشرين! ضير
تشكيل للدبابات فجأة من وسط الضباب. وانقسمت الدبابات إلى شقين»
قار نو نوها الى الأمام يا توك الناو اوس عادها كو تك ار ميم
الجنرال بالوشين. انفجر سقف الكوخ الذي يتخد منه كرو ارين وقطع
خط هاتفه. وبدون وجود اتصالات وبسبب تصاعد لخاد اد
من | سدع تسيرنة باايسلاتك يوا صبحت مواضعه الأمامية مكشوفة أمام
نيران العدوء وخطه الرئيس مخترقا. وكانت قوات المشاة الالمانية» التي
عدة جيوب لم يكن هناك أي مخرجء ما لم يتصرف الجنرال على الفور,
ويأمر بانسحاب فوري إلى خط النهر المقابل. ولم يكن يمتلك الصلاحية
لفعل ذلك» ولكن من دون الانسحاب» سيفقد جميع رجاله بالإضافة إلى
معداتهم الحربية الثمينة. تجاهل اعتراض مفوضه السياسي» وأصدر الأمر
بالانسحاب. تراجعت كتيبته. وقبل أن يصلوا إلى خط أوغراء بالقرب من
يوخانوف» توقفت سيارته عند حاجز طريق يديره رجال من الشرطة السرية
7. توقفت سيارة بالقرب منه» وقفزمنها نقيب في الشرطة السرية
1 ؛ وأخرج من حقيبته» ورقة كتب فيها: «إلى الجنرال بالوشين» بأمر
لم يظهر أن الجنرال قد فهم شيئأء حدق نقيب الشرطة في الضابط
الذي كان أعلى رتبة منه. «بالوشين» لم تعد جنرالاً. سلم مسدسك». أومأ
إلى اثنين من حراسه اللذين صوبا مسدسيهما الآليين نحو صدر الجنرال:
اتم إصدار الحكم بالإعدام على غريغوري بالوشين بسبب إدانته
وهكذا! يا لها من حياة - بالأمس كان بطلآ» واليوم هو خائن. «هل
لي أن أدخن سيجارة؟» أومأ نقيب الشرطة برأسه موافقاًء على الرغم من
-226-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

أنه كان يعلم أن هذا لم يكن مسموحاً به في المعتاد. لكن بالوشين كان
بطل وقد ورد اسمه في البرقية. أشعل الجنرال سيجارته» وسحب نفساً
واحدأ ونفئه بعيدا؛ كان طعم النهاية مرا . اقتاد الحرا س الجنرال بالوشين

على الرغم من الخطر الوشيك. احتفظ ستالين بهدوئه الخارجى.
في اليوم الذي تم فيه إعدام الجنرال بالوشين» اتخذ قرارين. الأول
هو استدعاء الجنرال جوكوفء الذي أوقف حدة التقدم الألماني في
ل و ل ا
كد الم

قالتعالئق مقاط جر كرف دترا الجبهة الغرية صيعويات جينة.
أريدكم أن تراجعوا الموقف وأن تقدموا لي تقريراً». وأضاف: «لديك
السلطة الكاملة».

كان فجراً رمادياً تساقط فيه بعض الثلج عندما انطلق جوكوف في
بار عكر يز تخول عاد مارك معي لقد كان مستيقظاً طوال الليل
وكان متعباً جداً لدرجة أنه كان عليه أن يأمر سائقه بالتوقف من وقت
لآخر ليسير خطوات قليلة إلى جانب السيارة ليظل مستيقظاً. كانت
محطته الأولى هي المقر الرئيس للقوات الاحتياطية بقيادة المارشال
بوديني» ولكن لم يكن هناك أي شخص لديه أدنى فكرة عن مكان
العثور على المارشال بوديني. من المقر الرئيس» انتقل جوكوف إلى
بلدة يوخانوف» التي كان يعرفها جيداًء لآن هذا هو المكان الذي ولد
فيه بالقرب من جسر نهر إيغراء اجتمع أخيراً مع المارشال بوديني الذي
كان مضطرباً وأمره» على الرغم من أنه كان مجرد جنرال» وبوديني
برتبة مارشال بالدفاع عن طريق وارشو وأن يترك كل شيء عداه» ثم
أرسل فى طلب قادة الجبهة الآخرين» مثل كونييفء وبولغانين",

1- الذي أصبح رئيس وزراء في عهد خروتشيف.
-2277-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

552000 و الوه أن خط المواجهة ١في‏ حاله من العتيوكة
وهو تعبير يشبه القول إنه «في حالة من الفوضى الكاملة»» وأنهم لا
يملكون «معلومات حاسمة حول الموقع الحالي در الاألمان). قام
جوكوف بالتالى بشيء أفضلء قرر أن يتعرف على الأمور بنفسه. ما
اكتشفه لم يكن مطمئناً. بدا له أن طوق الدفاع عن موسكو بأكمله كان
مثل غربال» والثتقوب في كل مكان فيه. في ليلة 8 تشرين الاول» اتصل
جوكوف بالقائد ستالين» وبكلمات واضحة أطلعه على الحقيقة. تمت
محاصرة جيوش القائد كونييف السادس عشر والتاسع عشر والعشرين»
بالإضافة إلى مجموعة القائد بولدين الهجومية» كما تم تدمير الجيشين
الرابع والعشرين والثاني والثلاثين تحت إمرة القائد بوديني ص 600
ألفاً من الرجال وآلاف الدبابات والبنادق. في 11 تشرين الأول» أصدر
ستالين أمراً بتعيين الجنرال جوكوف قائدا لجبهة موسكو الجديدة.

«ما هي نصيحتكء أيها الجنرال؟).

(اننسى كونييف» ويريميكوء وبوديني» ولندعهم يحاولون القتال
بطريقتهم الخاصة. يجب علينا أن نركز كل جهودنا على إنشاء خط دفاع
داخلي حول العاصمة:» أيها الرفيق ستالين».

«ماذا تحتاج لذلك؟» سأله ستالين.

١مئة‏ فرقة ومئتي دبابة».

هز ستالين رأسه ولم يستطع جوكوف أن يمنع نفسه من التساؤل» من
أين لستالين أن يحصل على مئة فرقة ومئتي دبابة.

هذا هو القرار الثاني لستالين في ذلك اليوم المشؤوم. كان لديه
المزيد من الأوراق الرابحة في جعبته» جاسوس كبير يتمثل في
شخص الدكتور ريتشارد سورج؛ مراسل صحيفة فرانكفورتر تسايتونغ
الألمانية. في طوكيو في أواخر شهر آبء عندما أصبح الوضع حرجأء
كان ستالين بحاجة إلى إجابة على سؤال حيوي: هل يمكن أن يخاطر
بسحب احتياطياته من سيبيريا ومن ثم يفتح الباب أمام غزو ياباني. بناء

20

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

على أوامره؛ أرسل مقر الاستخبارات السوفييتية في موسكو برقية إلى

الدكتور سورج.
افيما يتعلق بالحرب الألمانية الروسية» ما هو القرار الذي اتخذته
الحكومة اليابانية حول بلادنا؟».

شرع سورج بتفعيل شبكة اتصالاته 2121م2 (. وتوصل إلى استنتاجه
النهائي خلال مأدبة عشاء خاصة جمعته مع السفير الألماني أوتوى
الذي أكد له أن «هؤلاء اليابانيين اللعينين سيرفضون الإصغاء لمطالبنا
والوقوف إلى جانبنا ومهاجمة الاتحاد السوفييتي. فهم يخططون
للسيطرة العسكرية البحرية على المحيط الهادئ».

في 4 تشرين الأول 1941» أمر الدكتور سورج مشغل جهاز اللاسلكي.
ماكس كلوزن. بإرسال برقية مشفرة إلى مقر الاستخبارات السوفييتية في
موسكوء والتي تم تسليمها على الفور إلى ستالين©. والتي ذكر فيها أن
اليابانيين لا يعتبرون أنفسهم ملزمين بشروط الميثاق الثلاثي (محور
برلين-روما-طوكيو الذي تم توقيعه في أيلول 1940):

لرْتُعلناليابان» تح تأي ظرف من الظروفء التخلي عن معاهدة عدم
الاعتداء الموقعة مع الاتحاد السوفييتي. ويتركز التخطيط الاستراتيجي
لها في جنوب المحيط الهادئ» ولا شيء أكثر من ذلك. يمكن اعتبار
منطقة الشرق الأقصى الروسية مؤمنة ضد أي هجوم ياباني على أقل
تقدير حتى نهاية الشتاء. ولا يمك ن أن يكون هناك شك في ذلك7”...

1- 84 هى شبكة الجواسيسء كان لدى سورج مخبرين في بعض مجالس الدولة
اليابانية وكذلك فى اللجنة المنظمة لسكة الحديد في منشورياء والتي تمثل خط
الإمذاد,الركيس لذى قر غرق:

2 كانت الرسالة الأخيرة لسورجء فقد اعتقلته الشرطة السرية اليابانية في اليوم التالي.

3- تم توقيع ميثاق الحياد بين اليابان وروسيا في نيسان عام 1941 وكان هجوم هتلر على
الاتحاد السوفييتى فى شهر حزيران قد فاجأ اليابانيين بقدر ما تفاجأ به الروس. لهذا
السبب لم يخبروا برلين أبداً عن هجومهم المخطط له على الولايات المتحدة.

-229-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

اعتماداً على برقية واحدة جاءت 0 طوكيو”' قرر ستالين القيام
بالمغامرة. وبينما كانت الدبابات الألمانية تقترب من بوابات موسكوء
وهكذا رهن الدكتاتور الذي امتاز بأنه كثير الريبة مصير بلاده برسالة
مشفرة من أحد عملائه. أمر ستالين بما يلي:

على كل من الجيش في الشرق الأدنى. وجميع القوات في سيبيرياء
وجمهوريات آسيا الوسطى» والوحدات في معسكرات التدريب في
كازاخستان وأوزيكستان أن تتوجه إلى موسكو بأقصى سرعة» وذلك
باستخدام جميع القاطرات وكل وسائل النقل المتاحة التي تستخدم
السكك الحديدية وبغض النظر عن جميع تدابير السلامة الخاصة
بالسكك الحديدية... -.

وبهذا الأمرء جرّد ستالين حدود بلاده في الشرق الأقصى من جميع
القوات الدفاعية. وبدأت أكبر عملية نقل بواسطة السكك الحديدية
في جميع العصور. ولم تعرف القطارات التي تحولت من خط إلى
آخر في المحطاتء طريقها وسط غيوم البخار والثلوج المتصاعدة.
وتقاطعت القطارات المنطلقة من خطوط السكك الحديدية على
طول دوق لكين وستتر ابا بوسسييوناء عفن المبياو /الرقين. القابر
لسيبيرياء حيث كانت جميعها تتجه غربأء وكانت تسير أحياناً بشكل
قريب جد من بعضها البعض لدرجة أن سائقي القطار كانوا يستدلون
على الطريق بواسطة الأضواء الحمراء لآخر عربة في القطار الذي
يسير أمامهم. كان هناك خمسون. اف كوه أو مئة قطار تسير في
اليوم» كلها تتوجه إلى الوجهة نفسها: موسكو. وكانت تحمل البنادق
والدبابات. والرجال» حشود من الرجال. كانت هناك ثمانونٍ فرقة.
ومليون جنديء إضافة إلى تشكيلات النخبة» المجهزة تجهيزاً جيداً
ومخصصة للقتال في أجواء الشتاء السيبيري. كان أفرادها يرتدون
بذلات بيضاء» ويحملون بنادق بيضاء» ويستقلون دبابات بيضاء - من

1- تم تأكيد هذه المعلومات من قبل كيم فيلبي جاسوس روسيا في لندن.

-230-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وإراز 7-34 الجديدة» والتي كانت قوتها تفوق أي دبابة كان باستطاعة
الألمان صنعها"".

بحلول الحادي عشر من تشرين الأول» وهو اليوم الذي تم فيه تسليم
الجنرال جوكوف القيادة العامة للقاطع الأوسطء تم تطويق شين
أصبح لديه 660 ألف أسير آخرين.

في ليلة 12 تشرين الأول بدأ المطر يتساقط ... واستمر المطر...

أصبحت العاصمة الروسية هي خط المواجهة. تم استدعاء 100 ألف
من سكان موسكو إلى حمل السلاح. ساعد 40 ألف فتى وفتاة دون سن
السابعة عشرة نصف مليون فرد من النساء ورجال كبار السن على حفر
خندق مضاد للدبابات طوله 98 كيلومتراً. وقد مات كثيرون منهم بسبب
التعرض للأجواء الباردة» حيث كانوا يرتدون فقط الملابس التي كانت
على أجسامهم عندما تم جرهم من منازلهم. تم نفخ المناطيد الحاجزة©
خارج مسرح البولشوي وفي الساحة الحمراء. ازداد عدد العوارض فى
الطرق الرئيسية التي تتكون من الحواجز المصنوعة من أكياس الرمل
والقضبان الحديدية الملحومة التي انتشرت في كل تقاطع. تكدست عند
ضفة النهر وحديقة غوركي البطاريات المضادة للطائرات. وتم سحب
الرجال من مكاتب عملهم وتجنيدهم في «كتائب عمل طوعية»» وتسلم
كل رجل بندقية وحخمس رصاصات» وأمروا بالصمود حتى الموت.
وأعلن قانون المارشال. كان يتم إعدام «أعداء النظام» دون محاكمة. لم
يتم تحديد ما تشير إليه كلمة «النظام» بالفعل.

كانت المدينة فى قبضة الذعر. بحلول 17 تشرين الأول» تم إخلاء
1-- من كتاتب العامل الحاسم لمؤلف هذا الكتاب (ي. دورشميد).
2- عبارة عن منطاد مجهز بكبلات معدنية وكان يستخدم للمهمات العسكرية الدفاعية.

عندما يكون المنطاد في أقصى ارتفاعه فإن الكبلات المشدودة تساهم في الوقاية من

هجوم الطائرات المعادية المحلقة على ارتفاعات منخفضة. المترجم.

-231- 0
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

العاصمة من «سكانها المهمين». وكانت خطوط محطة قازان إلى
غوركي وجبال الأورال هي الوحيدة التي بقيت تعمل'"'. . وكانت الساحة
المواجهة للمحطة مزدحمة بآلاف اللاجئين. كان أعضاء الحزب وهم
«السكان المهمون» يجلسون بصبر فوق أمتعتهم وحقائبهم. بينما كان
الناس العاديون في موسكو يراقبون بصمت أساطيل السيارات التي
تجوب الشوارع تحمل على متنها موظفين رفيعي المستوى وهي تسرع
للخروج من المدينة. كان أي شخص يحاول الفرار دون تصريح رسمي
يتعرض إلى إطلاق النار عليه على الفور من قبل فرق الشرطة السرية
(3/161/9). لم يكن هؤلاء فقط هم من قتل في تلك الأيام على يد فرق
الإعدام التابعة للشرطة السرية (2/161/1). فقد أفرغت قوات الكوماندوز
الخاصة السجون من نزلائها. وتم اقتيادهم إلى الفناء وأطلقت عليهم
الناره وعندما لم يكن هناك مكان لمزيد من الجثث تم إطلاق النار على
السجناء في زنازينهم. تم حرق بطاقات الحزب على عجلء ونهبت
المتاجر. وتم رفع تابوت لينين من النعش الخاص به ونقله بعناية
وبسرعة من المدينة©. دوّت أصوات طلقات الرصاص في الشوارع.
حيث كان يقتل عناصر الدوريات المعزولة من فرق إعدامات الشرطة
السرية ((7/1617/1) ثم استخدمت أسلحة القتلى للقضاء على المزيد من
أفراد الشرطة المكروهين. بدأ عناصر فرق الإعدامات فى الشرطة السرية
(1617) بنزع شاراتهم وحاولوا الاختباء» ولم يتم القبض عليهم إلا من
قبل زملائهم حيث تم إطلاق النار عليهم.

تقاطعت في سماء الليل النيران المضادة للطائرات من فوق أبراج
الكرملين الأثرية وغطى الدخان مركز المدينة من جراء انفجار قنابل
القاذفات الآلمانية. انحشرت النساء والأطفال في محطة مترو الأنفاق
ماج وكوفسكي طلباً للمأوى. . تم إجلاء السلك الدبلوماسي إلى مدينة

2 1 ريم

-232-
لا31طأ ا 01310123 مر هودع الا

كويبيشيف وتم إخلاء الكرملين. كل ما بقي في غرف الاستقبال
الرائعة الموجودة تحت القباب الذهبية هي خرائط لمواضع المارشال
شابوشنيكوف كانت معلقة على الحائط. ليس من المؤكد ما إذا كان
ستالين قد غادر العاصمة. في أواخر شهر تشرين الأول (التاريخ غير
معروف بالتحديد)» التقطت صور له وهو يزور الجنرال المصاب
يبرمينكو في مستشفى موسكو.

واستمر المطر بالهطول... من سمولينسك إلى أوريول» ومن فيازما
إلى كالينين. تحول نهرا أوكا وأوغرا إلى سيول مستعرة» وأصبحت
الطرق الريفية المتربة أنهاراً من الوحل الدبق واللزج والعميق» والذي
كان يشكل مصدر خطر للجيوش الفتية عبر التاريخ. وغاصت عربات نقل
المشاة الألمان حتى منتصفها في المستنقعات التي كوّنتها مياه الأمطار»
واختفت الخيول حتى بطونهاء» واضطر «اللاندرز)» (جنود المشاة) أن
يشقوا طريقهم بصعوبة سيراً على الأقدام. وأصبحت كل خطوة واحدة
يمشوها صراعاء حيث كان الطين يلتصق بجزماتهم» ويضعضع قوتهم.

ومع ذلكء كان الزخم الألماني لا يقاوم» ولم توقف المستنقعات أبداً
تقدم الدبابات الألمانية. لكن «اندفاعهم في موسكو» تحول إلى ازحف
إلى الأمام». انهارت الطريق الصلبة الوحيدة» وهي طريق موجايسك
وارشوء تحت ثقل الدروع الألمانية. واقتحمت فرقة الدبابات بقيادة
الجدرال:عوديزيان مدينة كالوغا فى 13 تشرين: الآول؛ 0 فرقة
الذياباته بقيادة التهووال:ريتياروت على ملي كاليدن: في 16 تثير
الأول» وتم اجتياح خط الدفاع الأخير في موجايسك من ا فرقة
الدبابات التي يقودها الجنرال هويبنير في 18 تشرين الأول الكو دمي
كان بخطى أقل بكثير. لم يكن هذا بسبب مقاومة روسية منظمة أكثر
صرامة» ولكن بسبب ذلك المطر الملعون والطين اللعين.

تقدمت فرقة الدبابات الأربعون بقيادة الجنرال شتومه نحو مدينة
روزا. كان هدفهم هو تطويق موسكو من جهة الشمال الغربي. علقت

-233-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

دباباته في ذلك المستنقع الملعون - ولم يسعفه الصراخ المستمر من قادة
الجيش من أغلون المستويات والذي كان يسمع في مقر 4 الفوهرر -.
ولم يكن أمامه حل أفضل سوى أن يأمر فوج المشاة بأكمله بالقيام
بتقطيع أشجار الغابة لبناء حاجز من الخشب عبر الوحل حتى يتمكن من
نقل الإمدادات من الوقود والذخيرة التي تمس الحاجة إليها إلى وحداته

«ندعوك يا رب أن لا يطول هذا الطقس السيئ سوى أسبوع واحد
فقط». هكذا كان يدعو قادة الفرق المدرعة الألمانية في صلواتهم. وقد
برهن حينها قرار هتلر الذي اتخذه في تموز بالاحتفاظ بمجموعة كبيرة
من الأسرى في أوكرانيا بالإضافة إلى التأخير الذي حدث,. أن عواقبه

كان المطر يتساقط عندما وقف النقيب ديلفيت فون فاغنبرغ على
قمة برج دبابته من طراز مارك الرابع» وبدأ يزيح المطر عن خوذة رجال
الدبابات السوداء التي كان يرتديها ويتفحص البلدة التى أمامه من خلال
نظاراته. كان من المفترض أن تكون مدينة موجايسك هي مفتاح اختراق
طوق الدفاع الذي أقامه الجيش السوفييتي» ومع ذلك كانت المدينة
يكور تاها . تفحص فاغتبرع د بعض الصور المتسلسلة. التي التقطت
قبل أسبوع. . كان هناك جسران؛ وكانا متجاورين تقريباً استخدم أحدهما
كطريق عاديء والآخر للسكك الحديدية. كان من الضروري السيطرة
على واحد على الأقل منهما وهو سليم. رفع النقيب ذراعه وأشار إلى
الأمام. دخلت الدبابات» وكانت تسير كل اثنتين منها , شكا متوازء
لعن المدينة المهجورة و تلهس طريقها عبر الشوارع غير المألوفة
مع علامات الطريق التي تمزقت جميعاً. لقد قوبلت بصمت غريب.
كانت المنازل مهجورة» وتم تحطيم رأس برج الكنيسة عن طريق ضربة
مدفعية مباشرة. في الساحة الرئيسية» سارت الدبابات من حول نصد
الاشتراكية التذكاري الشهير» وكان عبارة عن فتاة ترفع منجلاً وعاملاً

-234-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

يحمل راية. وبجواره كان هناك ل يستذكر المعركة العظيمة التي
خاضها نابليون في 26 : تنشزيق: الأول :1812 . كان التاريخ نفسه تقريباً
الذي كان فيه نابليون في طريق عودته» محاولاً الهروب من هجمة الشتاء
الروسي. . بماذا كان يفك ر الجنود الألمان» وهم يمودول الدبابات» وقل
كر بالماء جراء - المتواصيل. دسل 00 المياه ٠‏ في امارج
سه سا
من الجنود. وهناك» أمامهم» كان الجسرء لا يزال شاخصاً! قامت قوات
المشاة بتطهير أحد الممرات وتسابقت أربع دبابات عبر جسر الطريق
الذي لم يتلف لإنشاء موطئ قدم عند الشاطئ البعيد.

تم إرسال النداء التالي: من قائد الوحدة المتقدمة إلى الفوج. الجسر
6 تمت السيطرة عليه» أكرر الجسر سليم.

«ماهو الجسر الذي تشير إليه؟».

«اجسر طريق موجايسك».

«ماذا... ما هو الجسر؟» تلت ذلك لحظة من الصمت المذهل. ثم
جاء صوت بنبرة تشكيك في الأمر. كرر: «ما هو الجسر الذي سيطرت
عليه؟).

اجسر طريق موجايسك. إنني أطلب الدعم».

«تهانيناء أيها السيد النقيب. ابق في مكانك سيتبعك الفوج على
الفور».

كان ذلك عندما رأت الدبابة التي في المقدمة ثلاث سيارات تقل
موظفين روس تقترب من النهر بسرعة عالية. إلى أين يتجه هولاء
الروس؟ عندها فقط أدرك النقيب الألماني لماذا لم يتم الدفاع عن البلدة
وأن كل شيء كان افا ذا . لم تفاجاً القيادة العليا وحدها بهذا التقدم
السريع؛ بل إن الروس كانوا غير مدركين تماماً لسبب انهيار خطوطهم
الأمامية. لهذا السبب لم يتم تفجير الجسر ! لا بد أن يكون سائق السيارة

-235-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

السوفييتية التى كانت فى المقدمة قد اكتشف شيئاً غير عاديٌ» لأنه ضغط
بشدة على المكابح وتراجع عبر فاصل الطريق. ثم علت أصوات إطلاق
نار من بنادق ثلاث دبابات واختفت بعدها المركبات الثلاث.

كان يمتد أمام الدبابات الأربع» طريق سريع يمتد لمسافة بعيدة كانت
الدبابات الألمانية على بعد خمسة وستين ميلا من موسكو. وكان ذلك
هو المكان الذي صدرت الأوامر لها بالتمركز فيه.
الوحل الملعون. في ذلك الوقت. تسببت مستنقعات المياه» بالإضافة
إلى الحالة المؤسفة للمعدات» بتوقف آلة الحرب الألمانية. الغبار
الخفيف في الصيف والمسافات الهائلة كانت لها آثار تدميرية على
المعدات. فقد تآكلت محركات الدبابات وعانت ماسورات البنادق
من الإنهاك. مقابل كل خمس دبابات انطلقت. انهارت أربع. كانت
إطارات شاحنات الإمداد متهرئة وتتشقق على الطرق الموحلة. لم تكن
هناك قطع غيار» ولا ذخيرة. الأهم من ذلك كله؛ لم يكن هناك وقود.
لم تكن الحرب مقتصرة على الدبابات والبنادق فقطء كان فيها جنود
وحياة وكائنات بشرية تتنفس. وعندما تتعطل أجزاء جسم الإنسان.
لا يمكن إصلاحها بالصامولاات والمسامير الملولبة. أو استبدالها من
خلال بعض خطوط التجميع الصناعية. أرسل الجنرال غوديريان طلباً
عاجلا لإرسال قوات احتياطية. وافق هتلر وفكر بإرسال خمس مئة
رجل - خمس مئة فقط ليحلوا محل مئات الآلاف الذين كانوا مدفونين
فى الآرضن الروسية!

في 19 تشرين الأول وبينما كان ستالين يجتمع مع أعضاء المكتب
السياسي للحزب ومجلس الدفاع عن الدو لة لتحديد ما إذا كان ينبغى
عليهم مواصلة الدفاع - أو التخلي عن العاصمة - كانت 0-0
الجيوش الوسطى الألمانية بقيادة الجنرال فون كلوغ قد اضطرت أخيراً
إلى التوقف في المستنقع. لم يكن لدى قائد الجيوش الوسطى الألمانية

-236-
لا31 أ ا 01310123 مهودع الا

أي فكرة عن عن الجني الذي استدعاه عندما كان عليه تقد يم المشورة إلى
بمو بسطء !ا ععل ملممتصتممعل 06 نآ 06. (المقر الر تنس لهتلر):

علينا الانتظار حتى يتجمد الصقيع على الطرقات بحيث يمكن
لدياباتى ي أن تتحرك.

اهتاج هتلر غاضياً. . نتوقف الآن؟ ولم يتبق للوصول إلى موسكو سوى
ثلائة أيام. كان ذلك بمثابة الخيانة العظمى. أصدر هتلر أوامره بالتقدم
الفوري. وفي محاولة هجوم أخيرة» تقدمت فرقة الدبابات الثالثة وفرقة
المشاة 2558 على طول طريق روسلافي الذي لازال سالكاً وخاضت فى
نهر نارا بالقرب من مدينة نارو - فومينسك. ومن هناك انتشرت بسرعة
خلف خط الدفاع الروسي الرئيس. لقد تم الآن تهديد موسكو أيضاً

ْ من الحجتوت الغربي. دفي ا الخيرة 0 الألمان» ابض اله القادة

اي تمت إبيادة اناده وألقى 0 0 لم يقتلوا 0
واستسلموا. !انانامق] و11 - انانامدط 72نز1/0 انتهى - الوطن الآم -
انتشر في جميع خطوط الجبهة».

كان الجندي الألماني يسير بتثاقل مثل جندي مشاة حدث معه الأمر
نفسه قبل 130 سنة» كان جائعاء وكان مطبخه الميداني في مكان ما في
المؤخرة» حي حيث غاصت المركبات في الوحل العميق» وكانت بذلته رطبه
ودبقة ومتيبسة. تقدموا دائما إلى الأمام نحو مو سكو 11111167 ,115ة/011/آ
ناهعلو1/]0 باع دس نش إعترة ترم 27 كان هذا هو الآمر الذي صدر في ذلك
اليوم» وفي اليوم التالي؛ وفي اليوم الذي تلاه.

كانت هناك فترات تصل فيها الحرب إلى قمتها أو إلى أدنى مستوياتهاء
وبالنسبة إلى الجيش الألماني #89تصا11) الذي لا يقهرء كان على
وشك أن يواجه النقطة الحاسمة. ومثلما فشلت محاولة اختراق شمال

1- بالألمانية فى الأصل. المترجم.
-237-

لا31طأ ا 01310123 مر هودع الا

العاصمة» توقفت محاولة نقل المركز الصناعي المهم في تولا في الجنوب
بسبب البرد» وكانت المعركة شرسة. . وكانت هي المرة الأولى التي استخدم
فيها السوفييت قاذفات الصواريخ المعروفة باسم كاتيوشا 8(ادنار)ق] .)١(‏

كانت الخطة الألمانية تقوم على شن هجوم مفاجئ على مدينة تولا
في 29 تشرين الأول. لكن الخطط العسكرية» كما شرح فون كلاوزفيتس
ان في ملسب عن لجرب نادرأ بجحت اناد ل سالتهع الحيد.
كانت مدينة تولاء المدينة ذات مداخن المصانع وشقق العمال تقع بمحاذاة
الجالب الجترع 2 نومكو وقام باالوصدرء جلتي الدب بانتها لان يتناد
الجنرال غوديريان» والذي كان بمثابة مضيعة للوقت» وقد تباطأ بسبب
أحوال الطرق السيئة وفشل الخدمات اللوجستية. لذلك» تم تكليف مهمة
القيام بالهجوم الأولي إلى المشاة. كان يقود الجنود الملازم أول فون أوبن

من الفرقة الثانية. ووصلوا إلى حقل يبلغ عرضه حوالي 0 مترء تتناثر
في أرجائه حفر سببتها القذاتف وكانت مليئة بالماء. خاوارا كيام كد
سريعة» ولكن الطين العالق بأحذيتهم جعل هذا الآأمر مستحيل عمليا.
وسرعان ما تم إرغامهم على التوقف من خلال نيران مدفع رشاش ثقيل
كان موجودا في مبنى سكني كبير كان يشغله العمال» واضطروا إلى المسير
ببطء وقد خفضوا أجسادهم ليختبئوا ذ في الحفر التي صنعتها القذائف.
هناك استلقواء وقد غمرت المياه المتجمدة أجسامهم حد الرقبة.

أشار العريف فيخمان نحو الهيكل الكبير المبني بالقرميد الأحمر
الذي يقف في طريقهم. 6/55 602111116 اللعنة» علينا أن نسكت
النيْران الصادرة من ذلك المبنى أو سيتم محو الفرقة بأكملها رع ممع ع0
اعدواطععووء/ة طنى لم 07ل لبن عاتروم جرمعز 6 ونجحوا بأعجو به
في الوصول إلى منتصف الطريق حيث وجدوا خندقاً مضاداً للدبابات

|- كان هذا السلاح معروفا باسم جهاز ستالين» وكان ينطلق من شاحئة» وهو فتاك بشدة
ومميت. عبر بحيرة لادوج.
2- بالألمانية في الأصل . المترجم.

-238-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كنتو مارق موتنا من ترات الأبنلة الصشرة كانك الرضافينات تمر
سريعاً من فوق رؤوسهم وتصدر أزيزاً وهي تسقط وسط الطين والماء.
كانت ترمى عليهم قنابل يدوية من النوافذ العلوية لشقق العمال» ولكن لم
تصل واحدة إلى خنادقهم. وأصابت إحداها جندياً في وجهه ولم يتحرك
بعدهأ . ثم أصابته شظية من قذيفة هاون في عنقه. لم يتمكنوا من الجلوس
هناك طوال اليوم؛ في انتظار القتل . كان من المفترض أن تكون تلك لحظة
المجد للعريف فيخمان. برأسه الكبير ذي الشعر الأحمرء الذي كان يحب
النقانق الشحمية والنساء الشقراوات الممتلئات الجسم وكان في يوم من
الأيام البطل الأولمبي لرياضة العدو في ألمانيا. فقد أمسك بمجموعة
من القنابل اليدوية العصوية", وقذف بنفسه على حافة الخندق» وركض
جورم الفرسة الامو الذىئ كالايومظن فكل تتيخ يفت النار وها
وصل تقريباً إلى جانب المبنى انزلق في الوحل؛ مما تسبب في تعثر
وعلى الرغم من أنه وقف خلال لحظة من الزمنء فإنه كان هالكا لا محالة.
وجعله اندلاع تبادل لإطلاق النار يتسمر في مكانه ويتهادى للوصول
مباشرة تحت فتحة يتموضع فيها مدفع رشاش. وبجهد بشري فائق» رفع
نفسه على ركبتيه» وسحب المساميرء وألقى بالقنابل اليدوية عبر النافذة.
اشتعل الطابق بأكمله باللهب» وخرج الرماة السوفييت» بالإضافة إلى
مدفعهم الرشاشء» من خلال الثقب الذي كان في الأصل نافذة» قبل أن
يؤدي انفجار حدث في مبنى آخر إلى أن يرتطم ويخمان بالأرض. 0
اثنان من رفاقه إلى زعيمهم الساقط على اللأرض ض وسحبوه مرة أخرى
ليعيدوه باستخدام سترته الغارقة في الدماء . لقد كان نجاحهم معجزة, كان

من المستحيل ترك عريفهم مرمياً هناك. توفي ويخمان بعد دقائق. وحصل
على ١‏ صليب كد مسدي 2 بعد وفاته.

ل ا م
المترجم :
2- بالألمائية في الأصل . المترجم.
-239-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كانت الحياة قاسية في مدينة تولا. فقد تعرضت للقصف وتمت
مهاجمتها لعدة أيام. وأحرقت المستودعات وبدأت الحصص الغذائية
تتقلص يوماً بعد يوم. سرعان ما تقاتل الناس للحصول على البطاطاء أو
جرذ أو فأر ليأكلوه. كان الخبز يصنع من خليط من دقيق العظام ونشارة
لحتو كادك تجريد الأشجار في المتنزهات من لحائها الذي كان
يتم غليه. وعلى الرغم من سقوط القذائف والقنابل كالمطرء فإن النساء
كن يجثمن مرتعدات حول أنابيب المياه المتدفقة أو ينزلن إلى النهر
لملء دلائهن. عاش الناس في الملاجئ تحت الأرض» وعلى وميض
ضوء الشموعء عملوا وماتوا. تم جلب المزيد والمزيد من الضحايا في
الخطوط الأمامية للقتال إلى الملاجئ. كانت النساء تنوح على موتاهن
بينما كان الأطفال الصغار يحدقون في الرعب الذي من حولهم دون
أن يقهيدوه: حلسة امرأة على وركها بالقرت من احدى الحنث» كانت
عيناها متورمتين وقد جفت الدموع فيهاء فلم تعد تستطيع البكاء. كان
الجرحى مستلقين على الأرضء بوجوه متجهمة وينتظرون المساعدة
أو لا يتتظرون سوى الموت. واستمرت الأرض تهتز» والمدافع الرشاشة
:تهدر والقذائف تنفجره بينما كانت كتائب العمال, التي شغل أفرادها
الشقق المتشابهة والمبنية من الأحجار الحمراء قبالة مصنع الصلب
العملاق» تواجه الدبابات الآلمانية بالقنابل والبنادق. كان عليهم وقف
تقدمها. وكان أملهم الوحيد للبقاء يكمن في إبقاء الممر الضيق المؤدي
إلى فوسك ترجا كاتح لعسيو قل حطيفه ولك لزيا سمي
النهرء وكان هذا هو أملهم الأخير في الحصول على الطعام!".
ولم يكن هجوم الدبابات الألمانية أفضل حالاً من هجوم المشاة.
فشلت محاولة الاستيلاء على مدينة تولا على حين غرة. صدرت
الأوامر باتخاذ مواقع دفاعية والبقاء إلى أن يتم استئناف الهجوم أو يتم

1- كما هو الحال في لينينغراد المحاصرة؛ حيث تم جلب جميع الإمدادات عبر بحيرة
لادوج المتجمدة.

-240-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وقفه نهائياً. ومنذ تلك اللحظة فصاعداء اضطر عبقري نظرية حرب
إريابات ومخترع مبدأ الحرب الخاطفة الحديثة (وهجلع)ز/8)".
الكولونيل العام هاينز جوديريان؛ أن يشن هجماته باستخدام الخيول
حيث إن الناقلات التي تحمل الذخيرة والوقود كانت محتجزة على بعد
0 كيلومتراً من وحداته الأمامية» وقد غاصت في الوحل إلى أكثر من
نصفها. إنه الوحل» ولا شيء سواه. دائماً كان هناك هذا الوحل الملعون»
حيث لم يترك له» سوى 35 في المئة فقط من دباباته قادرة على القتال»
أما البقية فقد كانت غاطسة إلى منتصفها في المستنقع. وأصبح الدعم
المدفعي غير منتظم لأن معظم القذائف كان يطمرها الوحل دون أن
تنفجر. وبشكل مذل استطاعت ميليشيا عمالية غير مدربة تم تشكيلها
على عجل وقف هجوم نخبة من جنود المشاة. أصبح شيء واحد واضح
للغاية» وهو ما فعله التغيير في الطقس. لم يعد من تبقى من الجنود بسبب
الإعياء الذي أصابهم. وبعد ستة أشهر من القتال المتواصل. وتكبدهم
خسائر فظيعة» يملكون الحافز لجعل الهجوم يصل إلى نهاية ندجحة. تم
الضغط على موسكو من الجنوب. نعمء يا قائدنا الفوهررء نقد أد خلا
في هذه الفوضى. ليس هناك ما يكفي من الدبابات» ئيس هدد م يكمي
من القذائف؛ وليس هناك ما يكفي من الرجال. والجو ' لد قرأن كناب
ابليونء لكنك» لم تصغ عندما حذرناك من الطقس... نحن الآن في
ورطة حقيقية دواع 50 عنل وأ ؟آنها (ن2اذى اجاعر '*...

أصر ستالين على المضي قدماً في إقامة العرض العسكري التقليدي
في 7 تشرين الثاني في الساحة الحمراء. كان المقصود منه رفع اتروح
المعنوية. وطلب من المارشال جوكوف التأكد من أنه في هذا اليوم
بالذات؛ لن تزعج أية قاذفة قنابل ألمانية جو الاحتفاللات. قدم له

١‏ بالالمانبة في الأصل. المثر جم.
3 رنة عسكرية ألمانية أعلى من الحترال. المئر حم.
١‏ بالألمابة في الاصل. المثر حم.

-241-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

جوكوف تأكيداته بعدم حصول ذلك. لم يقم الجنودء الذين كانوا
يستعرضون في الساحة الحمراء وسط عاصفة ثلجية قوية بالهتاف.
لكنهم أعطوا الموسكوفيون شيئا ليهتفوا به. كيف كان المزاج حقا في
الخطوط الأمامية الروسية؟ كتب الملازم فلاديمير سوبيل» وهو قائد
سرية روسية» في بداية تشرين الثاني. عن ذلك الحدث «لقد عبرنا طريق
أورويل تولا. ثمانون في المئة من أفراد وحدتي تركوها. الجميع يقول
إننا خسرنا الحرب. إذا لم يأتِ الشتاء قريباء سنكون قد هلكنا». قتل
الملازم سوبيل في 12 تشرين الثاني خارج تولا.

كان القائد العام للجيوش الألمانية الوسطىء الجنرال فون بوك
يصلي من أجل أن يأتي الصقيع. والذي لم يكن يعني فقط توفر الأرض
الصلبة التي تسير عليها الدبابات للقيام بالهجوم. بل كان يعني الشتاء
من النوع الروسي. أرسل الجنرال الألماني طلبات لتجهيزه بملابس
واقية ومواد خاصة للحفاظ على استمرار عمل الآلة الحربية. والتي لم
يكن يملكها الألمان. وسواء كان ما حدث هو إهمال تام من الفوهرر
الودود أو من خلال بعض الإلهام الإلهي ظل أمراً يثير الجدل» فقد عدم
توفر إمدادات الشتاء الحافز إلى أن تسرع الجيوش الألمانية الخطى نحو
موسكو لكي تحصل على مساكن شتوية مريحة. الحقيقة هي أن هتلر
لم يكن يعير اهتماما لتجربة نابليون المرعبة: لأنه. لم يكن يقرأ التاريخ
جيدا. وبسبب غروره جراء النصر اللامع الذي تحقق إثر النجاحات
السهلة خلال حملة الصيف الأولى» أصدر تعليماته إلى الضابط الأعلى
للتجهيزات العسكرية لتوفير ملابس شتوية لستين فرقة فقط ستكون
مكلفة بواجبات الاحتلال بعد انهيار الدولة البلشفية. علاوة على ذلك؛»
كانت هناك مسألة توفير نوع خاص من الزيوت اللازمة للاستخدام في
فصل الشداء :ققد كانت جميع الالاتهامن محركات الدبانات إن الجهدة
الارتداد فى البنادق» ومن محرك الشاحنة إلى بندقية الجندي. تحتاج إلى
نوع من الزيوت يمكنه أن يتحمل درجات حرارة دون الصفر المئوي.

-242-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

عند التعرض للهجوم» وبدون وجود ذلك الزيت لم يكن من المؤمل أن
تعمل المدفعية الآلية.

على حين غرة بدأت تراود من كان في برلين أفكار مرعبة. «ماذا لو لم
زتمكن من الاستيلاء على موسكو قبل أن يحل البرد؟ ماذا لو...؟2. انتبه
قادة الحزب فجأة إلى المأزق» وكيف أن جنودهم كانوا غير مستعدين
فعلاً لدعم حملة الشتاء في روسيا. في محاولة أخيرة» دعا وزير الدعاية
جوزيف غوبلز السكان الآلمان للتضحية إلى أقصى حد والتخلى عن
ملابسهم الشتوية. وانطلقت حملة أطلق عليها المساعدات الشتوية
للجيوش الشرقية اءعء/و0 025 معلا عاانطعامة/11 «ه2414". أفرغت
ألمانيا خزائنها وتم جلب الملايين من القفازات والسترات الصوفية
والمعاطف الكبيرة إلى مراكز التجميع في عدد من المدن عبر ألمانيا©,
لكنها بقيت في المكان الذي جمعت فيه لأن شبكة التوزيع كانت معطلة.
فقد تعطلت حركة المرور على الطرق في روسيا بسبب الأوحالء وقام
الأنصار بنسف جسور السكك الحديدية» ولم تكن وسائل النقل المتوفرة
والتي تستخدم خطوط السكك الحديدية كافية لإمداد المقاتلين بالذخيرة
والملابس الشتوية. أثبت الجيش الألماني أنه كان غير مهيأ لفصل الشتاء
الروسي. وبدون سابق إنذار كان الأوان قد فات.

في الأسبوع الثاني من شهر تشرين الثاني» جاء فصل الشتاء لينتقم.
فى 12 تشرين الثانى» انخفضت درجة الحرارة إلى 15 درجة مئوية تحت.
الصفرء وانخفضت في اليوم التالي إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر.
تفاجأ الألمان بذلك. مع البرد» وصل شيء آخر: ثمانون فرقة جديدة
من سيبيرياء ومئات الدبابات القتالية من طراز 74 الجديدة» وكانت
تنفوق بشكا كبير على أي شيء يمك للألمان أن يملكوه. كان هذا
شيئاً لم يشك فيه الألمان أبداً. في 17 تشر ين الثاني» وفي صباح مظلم

1- بالألمانية فى الأصل. المترجم
2- سجله فيلم أننجته وزارة الدعاية الألمانية التي يرأسها غوياز.

-243-
لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

وملبد بالغيوم؛ ذاقوا أول طعم لشجاعة أبناء سيبيريا. وفي تصعيد آخر
لحالة الرعب» هاجمهم فوجان من فرقة الفرسان المنغولية الأربعين عبر
الحقول المتجمدة. أطلقت فرقة المشاة الألمانية 107 النار على اللأرض
المفتوحة. لم يتمكن مهاجم واحد من إحراز أي نجاح يذكرء فمن أصل
ألفي فارس لم ينج فارس واحد ومن أصل ألفي حصان لم ينج حصان
التاريخ. من الناحية الت م لتكتيكية» كانت عملية لا معنى لهاء لكنها شكلت
نجاحا نفسيا هائلاً. لم يقتصر الأمر على الإشارة إلى قسوة ستالين
المطلقة في التضحية بقواته للحصول على أدنى ميزة حتى» بل أظهر
ذلك مدى ضخامة احتياطياته البشرية. كان حمام الدم الذي لا يُغتفر
هذا إنذاناً بيكانة الأجافية عن ١جحافل‏ ستالين» والتى أصبحت الشغل
الشاغل للجنود فى الخنادق الألمانية.

في 13 تشرين الثاني» عقد الجنرال هالدر رئيس أركان جيش هتلر
اجتماعا لقادة الجيوش حيث أوجز لهم خطة هتلر للهجوم النهائي...
تجرأ أحد القادة على الاعتراض على أوامر الفوهرر. وأعلن الجنرال
هاينز جوديريان أنه في هذه المرة لن يقف الحظ إلى جانب الفيرماخت7©,
اطع وتصسطء 11 وأن عليهم التوقف قبل أن يدمرهم جنون هتلر. كان يعلم
حصول كارثة. لا يمكن للفيرماخت تحمل خسارة الآلاف من الرجال
والمعدات الثمينة©. ١‏
حرارة ما دون 20 درجة مئوية؟ ففي مثل هذا الطقس تكون المكابس
متجمدة: والزيت الناقل للحركة يصب ككلة صلية من الاين ردن
1- القوات المسلحة الألمانية. المترجم.

6 في الحقيقة فقد تسبب هجومهم السيئ التخطيط في خسارتهم 155 ألف فرد و800
دبابة و300 مدفع. ١‏

-244-
لا131أ ا 0130123 مر هودع الا

نابض الارتداد في بنادقنا عالقاً. حافظ على النبيذ الأحمر الذي عندك
زاوسل إلى أدلاديق بعض المعاطف الشتوية المبطنة بدلاً من ذلك».
بهذه الكلمات كان الجنرال غوديريان يشير إلى شحنة من النبيذ الفرنسى»
أرسلها له ضابط التموين في فرنسا كبادرة حسن نية لعيد الميلاد المجيد.
الذي حل على الجبهة الشرقية ؛05/8407 وقد غطت أراضيها كتلاً من
الجليد الأحمر. قام هتلر بتوبيخ بطل فرنسا لموقفه الانهزامي. وتنحية
وجهة نظر الجنرال غوديريان انا وتم تحديد موعد الهجوم عا
موسكو بتاريخ 15 تشرين الثاني.

ولأن عنصر المفاجأة قد ذهب. كان على الألمان مواجهة مقاومة أكثر
صرامة» بوجود الجسور التي تم تفجيرها والطرق المزروعة بالألغام.
وطوال الليل» كانت طواقم الدبابات تبقي النيران مشتعلة تحت الدبابات.
حتى تتمكن المحركات من أن تدور في الصباح. ما هو هدفنا اليوم
السيد النقيب؟2 كان النقيب يدرك تماماً أن رجاله قد وصلوا إلى أقصى
حدود القدرة على التحمل وأنهم بحاجة إلى الراحة. كان عليه أن ييث
بعض الشجاعة فيهم. فقال لهم بتجهم نحن قريبون من الساحة الحمراء
«اواط 6غه؟1 :6 (011» وغرفة طعام السيد ستالين «7:ز[ها5 جره/2». لا أحد
يمكنه أن يوقفنا الآن!

على بعد ألف كيلومتر من خط المواجهة» كانت المحركات تهدروقد
عادت لها الحياة - ولكن ليس لكل الدبابات» فقط تلك التى أشعل
طاقمها النار طوال الليل تحت محركاتها الفولاذية التى تشبه ال:
تحركت الوحدة التي يقودها النقيب ديلفيت فون فاغينبورغ المؤلفة من
2 دبابة من طراز مارك الرابع 11/5 ع1/1271. . كان هدفها الجباشر كو عيور
نهر ناراء د لم التوجه إلى مدينة بودولسكء التي تقع على بعد 34 كيلومتراً
من وسط موسكو. «قم بالاستيلاء الى الحيون رالجلط بهاو 5
جاء الأمر من قيادة الفرقة.

-١‏ بالألمانية في الأصل. المترجم.
-245-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

دكان الأمر نفسه في كل مرة سيطر على الجسورء وقم بإنشاء موطئ
5 ماهو اسم النهر؟ كان يوم أمس نهر براتفاء واليوم نهر ناراء وغداء
5 وماذا عن دعم المشاة لدباباتي؟2 فكر النقيب مع نفسه (ما
دمنا حال تحرك؛ هذا جيد» لكن الجسور ستجعل دباباتي كرب
وسط الطريق». عندها سنكون في حال؛ ويمكن لاي شخص ان يتسلق
الدبابة ويحشر قنبلة يدوية في أسفل كوة قائدها.

لقد بلغت الدبابة التى في المقدمة قمة التل وأصبح الجسر أمامها
550 2 كانوا يخشون. «تحرك» تحرك...») صاح
النقيب بجنوده من خلال مكبر الصوت الذي كان لديه. لم يستغرق
الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تنفجر الأرض من حوله. بدا أن جميع المدافع
في العالم قد توجهت نحو سريته الهزيلة غير الكفوءة. وهذه المرة» لم
تخرج القذائف من بنادق أطفال» ولكنها جاءت من فوهات المدافع
المضادة للدبابات ذات 76 ملم. لحسن الحظء كان تهديفهم رديئا. ربما
كان المجندون من المبتدئين» وتم زجهم في المعركة دون تدريب فقد
كانت قذائفهم تئز عاليا فوق الدبابات. وحين مست نيران المدافع دباباته
مساً خفيفاً. أدخل النقيب رأسه داخل الدبابة وأغلق فتحتها.

هتف النقيب بصوت عال: «تحركواء نحو الجسر». انحدرت دياباته
نحو الأسفل بسرعة» كانت جنازير الدبابات تنزلق فوق الجليد. «أطلق
النار!» هدرت بنادق الدبابة» وتم ضرب الأهداف. «استمروا استمروا
في إطلاق النار». انفجرت ينابيع من الأرض أمام دبابته التي كانت في
المقدمة» تلقت إحدى دباباته في الصف الثالث ضربة مباشرة وانحرفت
عن الطريق» ولكن البقية استمرت في التقدم» كانت الوحوش الفولاذية
التي تنفث النيران تتسابق نحو الجسر وكانت الأجساد معلقة فى
العوارضء لتربط المصهرات بالقنابل المضادة للدبابات. أطلقت قذيفة
من البنادق الرشاشة في برج الدبابة وتطايرت الأجساد في الفضاء لتتحطم
على الجليد. وارتمت هناك لتخلف, بقعاً داكنة على النهر المتجمد.

-246-

لا31طأ ا 01310123 مر هودع الا

«كان الأمر نفسه في كل مرة سيطر على الجسورء وقم بإنشاء موطئ
قدم ما هو اسم النهر؟ كان يوم أمس نهر براتفاء واليوم نهر ناراء وغداء
من يدري؟ وماذا عن دعم المشاة لدباباتي؟» فكر النقيب مع نفسه "ما
دمنا فى حالة تحرك؛ هذا جيد» لكن الجسور ستجعل دباباتي تنوقف
وسط الطريق». عندها سنكون في حال» ويمكن لآ شيخص إن يدن
الدبابة ويحشر قنبلة يدوية في أسفل كوة قائدها.
لقن ولغنة) الدناية الت فى المقدمة قمة التل وأصبح الجسر أمامها
اقرف كن اله 50 كانوا يخشون. «تحرك؛ تحرك...) صاح
النقيب بجنوده من خلال مكبر الصوت الذي كان لديه. لم يستغرق
الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تنفجر الأرض من حوله. بدا أن جميع المدافع
في العالم قد توجهت نحو سريته الهزيلة غير الكفوءة. وهذه المرة» لم
تخرج القذائف من بنادق أطفال» ولكنها جاءت من فوهات المدافع
المضادة للدبابات ذات 76 ملم. لحسن الحظء كان تهديفهم رديئاً. ريما
كان المجندون من المبتدثين» وتم زجهم في المعركة دون تدريب فقد
كانت قذائفهم تئز عاليا فوق الدبابات. وحين مست نيران المدافع دباباته
مسا خفيفاً. أدخل النقيب رأسه داخل الدبابة وأغلق فتحتها.
هتف النقيب بصوت عال: «تحركواء نحو الجسر». انحدرت دباباته
نحو الأسفل بسرعة» كانت جنازير الدبابات تنزلق فوق الجليد. «أطلق
النار!» هدرت بنادق الدبابة» وتم ضرب الأهداف. «استمروا استمروا
في إطلاق النار». انفجرت ينابيع من الأرض أمام دبابته التى كانت فى
المقدمة» تلقت إحدى دباباته في الصف الثالث ضربة مباشرة وانحرفت
عن الطريق» ولكن البقية استمرت في التقدم» كانت الوحوش الفولاذية
التي تنفث النيران تتسابق نحو الجسر وكانت اللأجساد معلقة فى
العوارضء لتربط المصهرات بالقنابل المضادة للدبابات. أطلقت قذيفة
من البنادق الرشاشة في برج الدبابة وتطاير ت الأجساد في الفضاء لتتحطم
على الجليد. وارتمت هناك لتخلف, بقعاً داكنة على النهر المتجمد.
-246-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

حسم تأثير الصدمة النفسية لهجوم الدبابات الجنوني نتيجة المعركة»
أكثر من قوتها النارية. خفتت النيران المضادة للدبابات من قبل العدوء
قبل أن تتوقف تماماً حالما توغلت أول دبابة عبر الممر المعدني الواسع
وتوقفت الدبابات وصوبت أسلحتها على مدفعية من عيار 76 ملم؛
لكنها وجدت أنها مهجورة. ا ا
المجندون قليلي الخبرة»» أجاب عريف السرية متجهماً «قليلو الخبرة
اليوم؛ لكنهم سيتعلمون). ٠‏ ثم ماذا؟. قفر «من الدبابة قائلاً. «عجلوا
وأخرجوا العلم قبل أن تدمرنا غارات قوتنا الجوية) 238ة60/نا1. تناثرت
الأعلام الحمر مع رايات الصليب المعقوف على الثلج. كان سرب
دباباتهم يمثل الآن أقرب تواجد لقوات ألمانية بالقرب من العاصمة
الروسية» وليس ببعيد عن مرمى القذائف الثقيلة التي تنطلق من مدينة
بودولسك. درس النقيب الموقف. كانوا بدون دعم أرضي وسوف يحل
الليل سريعا. إذا حدث هجوم من قبل قوات المشاة الروسية بعد حلول
الظلام» سوف يستنزف قوة دباباته. يا لها من اندفاعة مجنونة! كانت
خزانات الوقود الخاصة بدباباته على وشك أن تنفد» وربما ستوصله
مسافة عشرة كيلومترات أخرى فقط» وكانت رفوف قذائفه فارغة تقريباً.
إذا تقدم دون أن يمتلك قذائف فسوف تتحول دباباته إلى فتات صغيرة.
لم يكن هناك سوى جانب إيجابي واحدء لم يعد هناك بينه وبين الكرملين
جسور أخرى عليه عبورها..

كل حرب لها قصتها مع «الوقفة الاخيرة»7". ففي معركة إسبرطة كان
هناك الملك ليونيداس ومقاتلوه الثلاث مئة» وضابط الجيش الأمريكي
جورج كاستر إبان الحرب الأهلية وكارئة معركة ليتل بيغ هورن» وقد
حانت الآن لحظة المجد ل «بانفيلوف» ورجاله الثمانية والعشرين. كان

رو م لك امسدم 0-0
المارجي
-247-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كل شيء هادتاً في هذا القطاع الشمالي الغربي من الجبهة» ولهذا السبب
لم تضع القيادة السوفييتية العليا سوى الحد الأدنى من الدفاعات لعرقلة
طريق فولوكولامسك - موسكو. ولكن فجأة تم اختراق الجناح وبدأ
الخط بأكمله في الانهيار. تراجعت وحدات المشاة» وتخلت المدفعية
عن بطارياتهاء وركض الجميع بأقصى ما يستطيعون» ابتعدوا جميعاً عن
الدبابات الرهيبة. انهار الخط الدفاعي الأخير. وفي وسط ضوء النهار
المتلاشي, اندفع الجنود نحو نقطة التجمع في الخلف. حيث يمكن
إعادة تشكيلهم 5 نوع من وحدات القتال. ولتحقيق ذلك؛. كان قادتهم
يحتاجون إلى الوقت. وبالكاد لاحظت القوات الهاربة الوحدة الصغيرة
عند تقاطع طريق فولوكولامسك.
كانت الليلة باردة» سقط الثلج بارتفاع بضع بوصات وتجمدت
الأرض. كان ذلك هو الطقس المثالي لدو ختدوم بالديابات. تجمع
المقاتلون الروس البالغ عددهم ثمانية وعشرون فرداً وراء الجدران وفي
المنازل» محاولين اختراق الضباب المتجمد» مدركين أن العدو سيأتي
ويا كانت الأوامر الواردة من القيادة العليا للفرقة صريحة: «اصمد.
ولا تتراجع!» على أي حالء لم يكن بإمكانهم الاستسلام. وكانت
ا ل ا
0 من ثيابهم ويدعوهم يموتون من البرد. كانوا ثمانية وعشرين
جلاء بعضهم صغير إلى حد أنه لم تنبت له لحية» وآخرون تجاوزوا
سن الاق د كنز كل > لت بق سه كال ار ور ا
بانفيلوف. للدفاع عن نقطة الطريق الحيوية في فولوكولامسك. لذلك
تم تزويدهم بمدفع واحد صغير مضاد للذتانات سماه الألمان طراقة
الباب «المهذبة»» وسبع قذاتف. وثلاث ذزيتات من القتايل البلوية ومكة
زجاجة بيرة مليئة بالبنزين وقطعة من خرقة محشوة ة في عنق الزجاجة
لتكون بمثابة فتيل إشعال الزجاجة: : وكان هذا سلاح يستخدمه الأنصار

1- مسؤولون كبار في الدولة السوفييتية. المترجم.

-248-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ويسمى بمزيج مولوتوف. لقد كانوا قد سمعوا قبل فترة طويلة زمجرة
مشؤومة» معلنة وصول رتل الدبابات. كانت دبابات من طراز مارك
اثالث هي أول من اخترق الضباب. لم يبد أنهم كانوا يتوقعون أنهم
يلاقون مقاومة ويكادون لا يكلفون أنفسهم عناء بناء تشكيل تكتيكي؛
ومن المؤكد أنهم كانوا واثقين من انهيار الخطوط الأمامية الروسية.
وقد تقفلصت المسافة إلى مئتي متر ما بين كل دبابتين في الصف الأول
وأطلقت بعض القذائف على مبنى مهجور عند التقاطع. تم إطلاق قذيفة
من المدفع المضاد للدبابات الصغير والمموه من مسافة قريبة» وتم
تسديد ضربة قاضية إلى الدبابتين الأساسيتين قبل أن تحولهما ضربة
مباشرة إلى كومة من الحديد الملتوي. زمجرت محركات الدبابات
بغضب وهي تندفع مع قعقعة الطريق» تنهش بالأشجار وتقذف بطبقات
العشب الرخوة وراءهاء وكانت منيعة بوجه نيران البنادق والمدافع
الرشاشة. تحاول خمس دبابات الآن الالتفاف على مركز الدفاع» لكن
المدافعين امتلكوا ميزة واحدة: السرعة. هرع رجلان إلى الأمام وألقيا
حفنة من زجاجات المولوتوف على إحدى الدبابات قبل أن يسقطا
صريعين. تحطمت الدبابة الأولى بعدما أمطرت بالمزيد من زجاجات
المولوتوف المشتعلة من ثقب أحدثته قذيفة في جدار من الطوب. تدفق
السائل المشتعل إلى برج الدبابة المفتوح قليله واشتعلت النيران فيه.
توقفت دبابة أخرى وقفز الطاقم من مركبتهم المحترقة. قبل أن يصلوا
إلى الأرض تم تقطيع أوصالهم بواسطة طلقات البنادق. وتعالت
الهتافات بالروسية «...512112 1000112...22 22 عاش الوطن... عاش
سبالير ويا . نهض عدد أكبر من الرجال وهرعوا إلى الأمام» وزجاجاتهم

من البتزين تنفجر يصاحبها طنين مرتفع» والتفت على دبابة أخرى كرة
من النار. 12001112 222 عاش الوطن 08 يوري وركض بأقصى طاقته
ثم لقي حتفه. وبعده؛ كان دور بيوتر. وأخذ يوري آخر مكانه. وقبل أن
يتمكن من إلقاء قنابله الحارقة» تمت إصابته في يده برصاصة وتعثر
بحركته إلى الأمام» وأصبح كتلة بشرية ملتهبة» وبآخر ما يملك من جهد.

-249-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

رفع نفسه نحو إحدى الدبابات» وسحب دبوس القنبلة اليدوية. وترم
أسفل الأنبوبة القصيرة لمندقية دبابة من طراز مارك الثالث. صائحاً «م2
...100172 عاش الوطن». تم تدمير أربع عشرة دبابة بهذه الطريقة قبل
أن يتم إسكات «أبطال ليوف الثمانية عشر». كان آخر من مات هو
زعيمهم, الذي تسلل حاملاً حزمة من القنابل تحت إحدى الدبابات» ثم
فجر نفسه وذهب بالدبابة إلى الجحيم.
في موسكوء وصلت المئات من القطارات من سيبيرياء والمزيد من
الجنود الذين يرتدون ملابس بيضاء وقد نزلوا من عربات القطارات
اجات ال لم يكونوا جميعاً من قوات النخبة. وقدم لمقاتلي
بعض الفرق المنغولية المدربة بشكل سيئع قدحأ فقيرا من الفودكاء
أرصلت مباشزة إلى الأماء وآمزت باعلا الطريق ,شن قوق الألغاء
للوحدات السيبيريّة الأفضل تدريبا والمجهزة جيدا. هجم المغول وماتوا.
ولكن كذلك فعل الكثير من الألمان» ولكن لم يكن جميعهم برصاص
العدو. في 27 تشرين الثاني» كان مقياس الحرارة ب يشير إلى درجة حرارة
مئوية مقدارها 40 تحت الصفر. كان يجب تزويد المواقع الأمامية بالرجال
ليلا ونهاراً. ل ب ا
د ا ف أما الروس فكانوا يملكون لاضف كانت أحذيتهم
فضفاضة بشكل مناسبء مما سمح لهم بسدها بواسطة القش أو الجرائد.
كان الألمان يرتدون بساطيل عسكرية #عناءءطاه100 مسمرة النعل
وضيقة» وكانت تلك أضمن طريقة يقة للحصول على أقدام جامدة. كان
الجندي الألماني يرتدي زيا رمادياً داكناء يكون ملحوظاً بشدة في الشتاء
الأبيض. . أما الجندي الروسي فيمكن له أن يستلقي وهو يرتدي بذلته
البيضاء ء المبطنة لساعات في الثلج» دون أن يتجمد ودون أن يتم رصده.
ا ا ل ا
فري نمه جل أصابعهم متيبسة للغاية وغير قادرة على سحب الزناد
- هذا إذا كانت بنادقهم أو رشاشاتهم تعمل! لم تكن أسلحتهم مناسبة

-250-
لا1131 ا مم ألا

لفصل الشتاء» وكثيراً ما كانت شريحة عمل المزلاج تتجمد وتصبح صلبة
لاتتحرك . عانت معظم المركبات من مسارات الوقود المغلقة» كان الزيت
يتجمد في علبة المرفق وصناديق حر للدت اتوي :كان
وابض الارتداد في المدافع الثقيلة تتآكل مثل جليد هش. في اليوم نفسه
7 تشرين الثاني» كتب رئيس هيئة الأركان الألمانية الجنرال هالدر: «لقد
يولك قوتنا البشرية والمادية إلى نهايتها. تعرعدوسب ملم جمد لمرو ]|

مورقن! دعالء 112111 لتلا جالع دهدرعم)١)2.‏
تبعد عه بورزيمو 5 كيلومتراً عن موسكو. وجدت سرية من فرقة
المشاة 258 مأوى في مخبأ في ساحة للتدريبات العسكرية. قبل وصول
الألمان» كان المزارعون المحليون يستخدمونه مأوى لدجاجهم. ترك
الدجاج المخبأء ولكن البراغيث كانت لا تزال هناك. عندما لا يكون
الجنود في واجب الحراسة كانوا ينامون مثل سمك السردين وهو
محشور في علبة واحدة. كانوا يضعون الطوب على النار. وكلما كانت
تمر ساعة جديدة» يأخذون الطوب الساخنء ويلفون خرقاً من القماش
حولهم ثم يضعونها فوق أجهزة ارتداد مدافعهم الآلية. كان ذلك هو
السبيل الوحيد للحفاظ على الأسلحة من التوقف. كان ثلاثون من رجال
السرية يعانون من قضمة ة الصقيع.
ما إن دخل أولئتك الذين كانوا في واجبهم في الحراسة م

بسبب البرد ونزعوا بساطيلهم لتدفئة أقدامهم حتى قام الروس بالهجوم
عبر الحقل بسرب من الدبابات من طراز 72345. أصابت القذائف
الألمانية المضادة للدبابات الصفائح العلوية للدبابات الروسية دون
أن تسبب أدنى تأثير على تلك الؤحوش الفولاذية التى كانت تقترب
تسرعة حطيع الدبانانس الفبيضية الهدراة والأسييجة واكاك قمر
الشارع الرئيس. وراء كل حطام كان يكمن فرد ألماني» في انتظار المشاة
-١‏ بالألمانية في الأصل. المترجم.
2- يوميات الجنرال هالدر رئيس أركان قوات هتلر في 27 تشرين الثاني 1941.

-251-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

النونى: كان لا بك ممق الدبابات. وظهرت الأشكال البيضاء وهي
كفن سيط الشلج. أرسلت رشقة من ثلاثة رشاشات قوات المشاة
الروسية إلى الأبدية. لكن الدبابات استمرت في زحفهاء دون أن
يستطيع أحد وقفهاء قبل أن تتوقف عند الساحة الرئيسية. ومثل حيوان
الدعلج الميتء كانت فوهة البندقية تبرز وهي مصوبة في كل اتجاه.
ربما أدرك قائد الدبابة أنه لم يعد لديه أي حماية إضافية من المشاة,
وبالتالى كان عرضة للهجمات البرية. قامت مجموعة من «الجنودا
رقا يقودها رقيب» بمحاولة التسلل خلسة إلى الدبابات. فتم
اصطيادها في العراء بواسطة مدفع رشاش مثبت على برج دبابة. وكات
اللفتنانت بوسرتء قائد السرية» ومجموعة من الجنود» يسحبون ألغاما
روسية ثقيلة مضادة للدبابات» كانوا قد أخرجوها قبل يوم واحد فقط
من الطريق؛ وبدؤوا بالزحف خلف دبابتين. ثم قاموا بوضع الألغام
بهدوء تحت الوتد السفلي لهما. تحركت الدبابتان» وتبعتهما نافورتان
من اللهب ولم يكن هناك ناجون فيهما. ظلت الدباباتين تحترقان بشدة
بينما كانت بقية الدبابات من طراز 1-34 لحك في انسحاب متسرع.
لقد توقف الهجوم, لكن الآلمان عانوا أيضا من خسائر فادحة. كان
سبعون فرداً منهم يجلسون على أرضية مغطاة بالجليد في قبو للبطاطا.
عدن اد المسعد بن ملسم بالمور فين الى كان هليه أن ويل ون شرت
سرواله لمنعه من التجمد. وكانت هناك العديد من الإصابات الخطيرة
التي استخدم فيها الدواء المسكن للألم حتى نفد منه. قرر الملازم أن
يحمل الجرحى على زلاجاتين ويسحبهما إلى المستشفى الميداني
التجريبي. وعين اثني عشر رجلاً لكل زلاجة, سنّة للسحب وسيّة لإبقاء
اعينهم مفتوحة لتراقب الأنصار. كان يجب ترك الموتى دون دفن. ما
حدث كان يشبه ما حدث في' تقهقر نابليون. ليس بعيداً عن الأكواخ:
وفعت الزلاجة التي في المقدمة في كمين نضبعه مجموعة من الأنضارء
1- بالألمانية في الأصل. المترجم.

-252-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وتم إطلاق النار على الاثني عشر شخصاً الذين كانوا يديرون الزلاجات
وتقطعت حناجر الجرحى. فوجئ الأنصار بمجموعة الزلاجة الثانية التي
قلت عشرة منهم وقامت بأسر الباقين. قام الألمان بلف أسلاك الهاتف
الميداني حول رقاب أسراهم وربطوهم بأقرب شجرة. حدث مثل ذلك
وأكثر في حرب الشتاء في روسيا.

على الرغم من الثلوج والجليد. ونقص الوقود والغذاء. واصل
الألمان تقدمهم. استولى العقيد رودتء. قائد لواء المكناة الثانى. على
مدينة بوشكي وتقدم نحو مدينة كاتجوشكي. كان بإمكان العقيد أن يرى
سحبا من الدخان تتصاعد من ارتفاع شاهق في المدينة الكبيرة.

في 7 تشرين الثاني» قامت وحدات من الجيش الثالفق المدرع
بالدبابات تحت قيادة العقيد فون مانتوفيل بالاستيلاء على جسر جاكروما
المقام عبر قناة موسكو - الفولغاء الواقعة على بعد 70 كيلومتراً شمال
شرق موسكوء واستولت أيضاً على محطة الطاقة الكهربائية الرئيسية.
وبهذا فإن الألمان أصبحوا يمتلكون مفتاح الإنارة الخاص بالكرملين.

وفي اليوم نفسهء وصل الرائد رايخمان من الكتيبة الثانية؛ فوج المشاة
4 إلى بلدة غوركيء التي تقع على بعد 20 كيلومتراً من موسكو.

وفي 30 تشرين الثاني» توجهت أجزاء من فرقة الدبابات الثانية إلى
بلدة تشيمكيء التي لا تبعد سوى 8 كيلومترات عن أطراف مدينة موسكو
الخارضفية تفرك الأخيار سوعة غيز المدينة: #الالمان قن تيمك !2

وأخراء ايحت :دوررة تدلحة تابغة" للكتية الطليغية 38 أقرس:
بشكل أكبر» فاستولت على محطة للحافلات التي تسير على خط مدينة
موسكو في بلدة لوبنياء على بعد 17 كيلومتراً من الكرملين. «دعونا
نستقل الحافلة ونقوم بزيارة الأب ستالين 5زاهاى صء 8م216 ...2 قال
جنو الكتبية وهم يمزحون وانتظروا الخافلة» لكنها لم تأت . لقد جاء

بعد ظهر ذلك اليوم كانت الوحدة الألمانية على بعد 17 كيلومترا

-253-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

من قلب روسياء حدث تغير في الطقس. هبت عاصفة ثلجية كست
الأرض بالثلج. عنقت ع معان المدينة» لم تعد هناك منازل ولا
أشجار فقط كتل من الثلج تكدسها الرياح. بحلول صباح اليوم التالي
كانت الحقول مغطاة بتلال ثلجية صغيرة. وكان يرقد تحتها الألمانء إما
موتى متجمدون أو غير قادرين على تحريك أحد أطرافهم. انخفضت
درجة الحرارة إلى 8 درجة مئوية تحت الصفر قبل أن تنخفض إلى
درجة حزارة لذ تصدق وقدرها 52 درحة مكوية تحت الصفر. .وكان
الزفير يتجمد لحظة خروجه من فم الجندي. كان الحراس يتجمعون
معأ ويدخنون سيجارتهم الأخيرة. في المرة التي هوجموا من قبل قبائل
منغولية» لم تعد بنادقهم الآلية قادرة على الحركة.

قام الألمان بمحاولة أخيرة. فقد أظهرت الاستطلاعات الجوية
أن معظم أجزاء بلدة تولا كانت سليمة ويمكن استخدامها كمساكن
شتوية. كان العامل الحاسم هو الحصول على مخزونات الفحم والوقود
الضخمة في مصانع حديد تولاء وقد كانت كبيرة بما يكفي لتلبية كامل
احتياجات الجيش الثاني المدرع بالدبابات طوال أشهر الشتاء القاسية.
وببساطة كان لا بد من الاستيلاء على مديئة تولا!

لقد كانت خطة التضحية بفرقة المشاة الحادية والثلاثين لقطع طريق
تولا المهم من الشمال متأخرة جدا. فهي لم تغير شيئاً. ربما يكون قد
تأخر القرار بضعة أيام؛ لكن لم يعد بالإمكان تغيير النتيجة النهائية. يمكن
أن تعود عملية إشراك المشاة غير المحميين في شن هجوم جبهوي”":
إلى الجنرال هيج الذي اقترح العمل بها في عام 1916؛ وهي لم تنجح
في حينها ولن تنجح الآن. هذا الأمر غير المجدي. الذي أصدرته القيادة
العليا الألمانية في 4 كانون الأول» كان يستند إلى استنتاج بسيط. «أثبتت
الخبرة التي تم جمعها خلال«فترة انتشار الأوحال» الذي منع أي تقدم

1- نوع من التكتيكات العسكرية التي تعتمد على مهاجمة مقدمة قوات العدو بطريقة
مباشرة. المترجم.

-254-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ريع من قبل وحداتنا الآلية» أن القوة الوحيدة التي يمكن الاعتماد
عليها في وجود جبهة مناخية سيئة هي قوة المشاة الذين يسيرون على
أقدامهم»)7".
بمعنى آخرء «نعم» قال الجنراللات» الدينا دبابات عالقة» وقد توقفت

محركاتهاء لكن المشاة يستطيعون السير والقتال في أي درجة حرارة».
وهذا معاكس تماماً للاستراتيجية المجربة جيداً - الدبابات هي الني تقو
هجمات المشاة - يجب استخدام ا 0
من الدروع المتحركة. . وهو ما عرف بتكنيك نابليون للهجوم الخاطف.
مور اناه 1 4 21120116 و لكننا نتحدث عن عام 1941» وليمس عام 1799.

تم وضع الخطة. وتم تكليف فرقة المشاة 7 لكسر الطوق الدفاعى
المهم حول مدينة تولاء وبعدها تلتحم مع فرقة الدبابات الرابعة» والتي

اا لام ا ب ا 0
وبهذا يكون الطوق محكماً حول مدينة تولا. هذا ما كانت
الخطة. كراد افيا جز جد رون ومين هله كان ونا وي
عدا ما كان يمكن تحقيقه عبر الأرض المتجمدة ة لم يعد بالإمكان القيام
به بعد مال وأربعين ساعة من تساقط الثلوج بغزارة. . وبوجود الثلج
لناعم الذي يرتفع إلى أربعة أقدام, وكتل الثلج التي يصل ارتفاعها إلى
خمسة عشر قدمأء كان من المستحيل حتى على الجنود المشاة اتتحرك.
لكن الأمر كان أمرا وعليهم القيام به» «إنقاذاً لماء الوجه». وفي 5 كانون
الأولء شقت كل من الكتيبة الثالثة» وفوج المشاة 82 وفرقة المشاة 31:
طريقها من خلال ثلاثة كيلومترات من الثلوج العميقة لتصل إلى نقطة
انطلاقها. استنزفت هذه المسيرة والبرد القارس معظم قوتها. كان هدفهم
مدينة صغيرة» هي نوفاجا شيسنغي. (هوجمنا من الجنوب. كانت هناك
بعض المقاومة الشديدة والكثير من بنادقنا لم تكن تستطيع إطلاق النار»
لكننا اقتحمنا القرية» وأخذنا بعض الأسرى» وبعض الأسلحة» وخمس

1 مذكراتك الجر الهاندو.
-255-

لا31أ ا 01310123مر هودع الا

شاحنات محملة بالملابس الشتوية الروسية الثقيلة. يا له من صيد ثمين!)
هكذا كتب جندي مفعم بالحيوية في يومياته. لا عجب. لا بد أن تلك
الملابس قد أنقذت العديد من أطراف الجنود من التجمد.
«أليس لهذا نهاية أبداً»» صرخ الطبيب الجراح» وهو يقوم ببتر ساق
رجل آخر. إنها قضمة الصقيع! كان واجب الحراسة في درجات الحرارة
هذه مساوياً لحكم الإعدام. قضمة الصقيع» ثم تليها الغرغرينا. كانت
الغرغرينا هي التي تقتل الجنود وليس الرصاص. كان منتسبو الصنف
الطبي يعملون على ضوء الشموع لساعات إضافية» ويقومون ببتر أصابع
اليدين والقدمين والذراعين والساقين «/طعاعهطة عءء17 دععمدع رءدومن
تعاممتتت! كنات تطعتر 11111 أصبح جيشنا يتألف بالكامل من المقعدين.
«(اقطع. ع ولا تفكر) ارج يركز اللصبيل» كاد المسعفون الطبيون
يكومون الأطراف المصابة بالغرغرينا مثل أكوام الحطب.
هناك وصف للهجوم على كيتري» وهي قرية صغيرة كانت تسيطر
عليها كتيبة روسية» والتي هوجمت من أجل لا شيء آخرء غير الحصول
على ملاذ من قسوة الطبيعة. والذي يروي لنا وصفاً أكثر من جميع
الإحصاءات الجافة من تقارير المعارك الرسمية. خلال موجة الهجوم
1 أصيب القس الكاثوليكي للفرقة؛ الدكتور شايدت» بجرح
+ اخل مكانه القس البروتستانتي (7767ا1ط )7 هاينئريش لينك»
الل مو الود ره على
موسكوء وهوالهجو م الذي شنه فوج المشاة 17 من فرقة المشاة 31: «قبل
حلول الليل في 4 كانون الأول؛ انضممت إلى وحداتنا المتقدمة لأمنحهم
لدعم الروسي: وجدت حالة قواتنا مروعة. . بعد تعرضهم لإطلاق النار
لمدة 12 يوماً متواصلة» كانت وجوه المقاتلين شاحبة ومتعبة» وكانوا
منهكين بشكل يفوق الوصف؛ أولئك الذين كانوا في واجب الحراسة
ل لت بن . خلال أسبوعين من القتال العنيف حول

-256-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

يوبنة تولاء عانت الكتيبة من خسائر فادحة. تم دفن العديد من رفاقهم
يمن أكوام الثلج الذي سقط خلال اليومين الماضبين. كانت أكوام الثلج
ىميقة لدرجة أن أقصر رحلة أصبحت جهداً متعباً. لقن تحلقت
حاولت أن أمنحهم الشجاعة ولكن لم يرد عليّ سوى عدد قليل جا
550 أخبرني أحدهم أنهم لم يتناولوا وجبة دافئة منذ أكثر من شهر. قبل
0-7 ) تم إعطاؤهم نصف رغيف خبز ليتم تقاسمه بين خمسة أفراد.
كان كل جندي قد تلقى أوقية واحدة من الدهن. عندما جمعتهم لإقامة
زداس جماعي» فإن حتى أولئك الذين لم يسبق لهم أن ذهبوا إلى الكنيسة
تجمعوا حولي وأغمضوا أعينهم؛ وكانت أيديهم مطوية» وبدؤوا بالصلاة.
ثم جاء الليل كانت ليلة باردة لم يسبق لها مثيل من قبل. في حوالي
الساعة الحجادية عشرة» انخفضت درجة الحرارة إلى 35 درجة مئوية تحت
الصفر. كان معظم رجالنا لا يرتدون سوى المعاطف النظامية التي وزعت
عليهم من قبل» وأغطية أذن مصنوعة من أكياس من الخيش ملفوفة حول
وجوههم» وخوذاتهم الفولاذية على رؤوسهم. كانت هناك طبقات من
الجليد تتشبث بلحاهم. فلم يكونوا محميين مثل العدوء الذي ينتظرنا أفراده
عبر الأرض الجرداء التي يكسوها الثلج في بذلاتهم المبطنة بشكل ممتاز
مع قفازات الفراء ومعاطف من جلد الغنم. على الرغم من وجود الكثير من
الأخشاب المتاحة, إلا أنهم لم يتمكنوا من إشعال النيران لأنها ستجلب
عَلِذًا المدفعة الروسية: كنت أرتدي معطفأء ومع ذلك بقيت أتجمد كثيراً
من البرد لدرجة أنني اعتقدت أنني لن أبقى على قيد الحياة في تلك الليلة.
وسرعان ما أصبح واضحاً لي أن الشيء الذي استنزف قوة رجالنا أكثر من
الخوف من الاعتداء المرتقبء كان هو البرد. أصبحت : تحركاتهم بطيئة)
وإيماءاتهم متثاقلة. قبل عشرين دقيقة من الهجوم. صدر الأمر إلى الجميع
بالخروج إلى العراء والتحقق من أسلحتهم. وانخفضت درجة الحرارة
خمس درجات أخرى وأصبحت عند 40 درجة مئوية تحت الصفر. قام
الرجال بدق الارض بأقدامهم غضباً وشبكوا أيديهم حول أجسادهم.

857 121 طأا 0143013م هدع ]آلا

عند الساعة الواحدة ليلا للاستفادة من ضوء

تم تحديد وقت الهجوم 1
لاأعرف كيف فعلنا ذلك»

القمر الذي كان بدر . عندما انتقلنا إلى الأمامء ا
لكن الجميع بدا سعيداً بتحريك أطرافه المتيبسة. كانت تلك النفوس
المسكينة متجمدة لدرجة أنهاء لم تتمكن من الإمساك ببنادقها عندما
هلها فاخ النهر المععيل ل سقط وفع أجساننا بشو كمه الضفة على
الجانب الآخرء كانت أصابعنا متيبسة للغاية. وضعها البعض فوق جانب
الضفة» واندفع امات ون الاتجان دوت أصوات رقاسات العلدق
تم إحباط هجومنا الأول ووقعت خسائر فادحة. ثم وجد أحد الضباط
برتبة رقيب مساراً يؤدي إلى ضفة النهر. وبما أنهم لم يستطيعوا جعل
بنادقهم تعملء قاموا برفع حرابهم واندفعوا إلى الأمام... انزلق عدد كبير
منهم ببساطيلهم فوق الجليد قبل أن تصيبهم رصاصات العدو...

وفيما إذا تمكنت الكتيبة من الاستيلاء على كيتري فأنا لا أستطيع قول
ذلك بكل دقة» ففي ذلك الوقت كان تركيز ذهني منصباً على أن أتبادل
آخر الأحاديث مع الكثيرين الذين تذكرت أنهم صلوا معي قبل ساعات
فقط. في المقر الرئيس للفوج في بلدة أيسولجيء امتلأت الأرض خارج
المركز الطبي بالجنود الذين يعانون من الجروح وقضمة الصقيع.
كان من المستحيل مساعدة هذا العدد الكبير من الضحاياء ومعظمهم
تركوا خارجاء معرضين لرحمة الطبيعة» في درجات حرارة تقل كثيراً
عن 35 درجة مئوية". وكان إخلاء معظم الجرحى أمراً غير وارد. كان
هناك ببساطة الكثير. كانت خيول العربات قد ماتت منذ زمن بعيدء أو
تم ذبحها من أجل الطعام» وتجمدت محركات الشاحنات. وأولئتك
الذين اعريت لهم عمليات أو بترت أطرافهم أو تم إصلاحهاء وكانوا
محظوظين بما فيه الكفاية لينالوا رحلة العودة» اضطروا لأن يتكوموا
3 بلغت أقل درجة حرارة سجلت على الإطلاق من قبل

في بلدة رزيف. غرب موسكوء
(63- درجة فهرنهايت).

ْ أتأء مك717 الجيش الألمانى
في كانون الثاني 1942: 52 درجة مئوية تحت الصفر

-258-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

على ظهر الزلاجات المفتوحة أو العربات على طول الطريق إلى محطة
السكك الحديدية الرئيسية في بلدة كالوغا. مات كثير منهم أثناء عملية
النقل. والبعض الآخرء حتى أولئك الذين لم يصابوا بجروح خطيرة
والذين كان من الممكن إنقاذهم, أغلقوا أعينهم وناموا إلى الأبد. لم تكن
لديهم إرادة الصبر. لا أستطيع أن أقول كم كان عدد الذين كانوا مستلقين
هناك» متوفين ومتجمدين - فقد كان عددهم أكبر من أن يحصى. في
ذلك اليوم» خسرنا على يد البرد الرهيب أكثر من الذي خسرناه في كل
المعارك الشرسة للاستيلاء على مدينة تولا.

اليوم تبخرت الروح القتالية من فرقة المشاة الحادية والثلاثين
الشجاعة. وبوصفها وحدة عسكرية» وبعد أن تحطم عمودها الفقري؛
لم تعد موجودة كقوة مقاتلة. لكن الروس أيضاً لم يعد لديهم الطاقة
للاستمرار. وبعيون نصف مستيقظة. كانوا يحدقون في المجموعات
الصغيرة من الناجين الألمان المتعثرين أمامهم, على بعد أقل من 100 متر
من مواقعهم الخاصة. لم يعد هؤلاء أيضا لديهم القوة لمواجهة تراجع
عدوهم”". قبل منتصف الليل» في 5 كانون الأول» كان على قائد الفرقة
الحادية والثلاثين» الميجر جنرال برتهولد» أن يصدر أوامره إلى فوجى
المشاة 17 و82 بالانسحاب بأقصى سرعة إلى مواضعهم التي غادروهاء
أو مواجهة الموت بواسطة هجوم روسي كبير مضاد كان يتشكل على
طول جبهة موسكوء وأبلغهم أنهم لا يستطيعون الاعتماد على الدعم
الجوي أو المدفعية. سيكون عليهم العودة إلى الوراء. وهذا ما فعلوه.

ذهبت كل تضحياتهم سدى. بعد أن تعثرت الوحدة الأخيرة في موقع
دفاعي جديد» تم حساب الأعداد المتبقية. ما كان يشكل» فرقة قبل أربع
وعشرين ساعة» تقلص إلى أقل من كتيبة. في أفواج المشاة 17 و82: كان
متوسط القوة القتالية لكل فرقة ملازم أول واحد. و3 عرفاء و14 مقاتلا
بدون ذخيرة» بدون طعام» وكذلك بدون ملابس شتوية. وأخيراء فإن

1- من تقارير الخطوط الأمامية السوفييتية.
-259-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

شخصاً ما كان في برلين نسي أن يهتم بالمقاتلين الألمان. شعر الناجون
منهم بالخيبة والإحباط لأنه قد تم التخلي 0

عند الفجر شنت الفرق الروسية هجوماً. في 6 كانون الأول 21941
قام مليون جندي يرتدون ملابس بيضاءء ويستقلون المئات من الدبابات
من طراز 7-34 المطلية باللون الأبيضء باختراق الخطوط الألمانية. كان
ستالين لوحده عندما سارع سكرتيره الشخصي» » بوسكريبتشيفء. إلى
التلويح ببرقية. وصلتنا أخبار للتو تفيد بأن خطوط القوات الآلمانية قد
انها رت

انحنى ستالين إلى الخلف في مقعده وأغمض عينيه.

وكانت التقارير التى وصلت إلى 016177 (القيادة العليا الألمانية) تنذر
بالخطر. أصبح من الواضح أن العدو كان يحوز على درجة عالية من
التفوق الميدانى ضد القوات الألمانية المنهكة» وأنه سيضغط على أي
ميزة بأقصى قوة وبتجاهل تام للإصابات. وقد حافظ على هذا الزخم
تركيز الدبابات القتالية وتدفق الأمواج البشرية من مشاة سيبيريا. ولم
تكن الهجمات المضادة ممكنة» حيث كانت معظم الوحدات تتعرض
للهجمات البرية والجوية الضخمة؛ فى حين كانت الدبابات بلا وقود
ولا قذائقي وبالتالي> كاك اخدراق الحدى أمرا تيا :وو الجهات يوان
كاملة خطر تقطيع أوصالها.

كان النقيب فون فاغنبرغ» حامل وسام الفارس الصليبي الحديدي
للشجاعة. جلاء م1111 يقف منتصياً في برج دبابته البانزر. دكا
بمعطفه المشمع. كانت وحدته بأكملها عالقة. وكانت المحركات
متجمدة» وساكنة. ومتعطلة (انامه/2)1. خبط بقبضته في غضب عاجز

على المعدن البارد لدبابته. وقال بسخرية: : الأعظم عشرين ا 3
المسلحة الألمانية اطع هستصطع/1] 6 عشرون كيلومتر أ عن

1- كان الحجيش الرابع لوحده قد خسر 236,14 من أفراده بسبب قضمة الصقيع.
2- بالألمانية في النص. . المترجم.

-260-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

موسكو وليس عندنا وقود 71م5». ومن أجل ماذا؟ من أجل الوطن
والفوهر ر لمقاعء)ة لا 10انا أ راتاط .

دوى صوت إطلاقة عبر الميدان حين كانت الثلوج تتكوم بجانب
النقيب فاغنبرغ. وقد تجاهلها. أصابت الرصاصة التالية بدن الديابة.
وكان صوتها مثل الجرسء جرس جنازة. لم يسمع قط صوت الرصاصة
الثالثة. ارتمى النقيب إلى الأمام» لقد أصابته فى صدره.

باتت وصية هتلر لتنفيذ قدره الإلهي» تمثل المصير المأساوي للجيش
الألماني.

الحقول البيضاء أمام موسكو كانت مليئة بالآلاف من أجزاء العربات
المدمرة. أصبح الثلج أسودً من آثار القذائف. قفز جنود يرتدون ملابس
بيضاء من دبابة من طراز 1-34 يحفزهم نجاحهم وقربهم من الموت.
انضم طاقم الدبابة لهم. وجوه يتصبب منها العرق 0 اسودت بسبب
البارود. ملؤوا رثاتهم بالهواء البارد. وهم سعداء انهم تخلصوا من
رائحة دخان المتزدة والكوردايت"'' المحروق. تجمد العرق على الفور
على وجوههم. لكنهم كانوا يضحكون وهم يمسحونه عن وجوههم.
أدخل أحدهم يذه في جيه وأخرج قطعة من النقائق السميكة. وقدمها
إليها لفترة طويلة. وقال 50580017 570وقئةك *: ممتازة يا سيدي - لم
لمناسبة خاصة». لقد جعل البرد الفودكا ثخينة وتشبه الشجمء وتحرق
البلعوم. ولكنها ذات طعم رائع.

1- هي المادة الدافعة المستعملة في القذائف الصاروخية والمدافع والأسلحة النارية.
المترجم.
2- بالروسية في الأصل. المترجم.

-261-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الخندق الحربى . وبجانبه» كان هناك شخص آخر وقد سحب معطفا على
ا 0
متجمدين. لن يشرب رقيب الدبابة وسائقه الشاب أبدا شراب الشنابس

المسكر في قاعة الرقص في الكرملين.

أبطأت دبابة من طراز 7034 من حركتها وتوقفت إلى جوار هيكل
لدبابة ألمانية من طراز مارك الرابع . كانت هناك جثة ضابط متجمدة

معلقة ببرجها. انتزع قاتد الدبابة الروسية وسام فارس الصليب من عنق

الألماني الميت ووضعه في جيبه. لز يح روسل ضوت وعد عرازم
الثقيلة. سرعان ما انطلق محرك دبابة من طراز 1-34 00-0 ونا ثم
ابتلعته غمامة الثلوج الكثيفة التي كانت تدور فوق الطريق المؤدي
بعيداً عن موسكو. «لقد فشل الهجوم على موسكو. لقد عانينا من نكسة
شديدة»» تجرأ الجنرال غوديريان على قول هذا في 25 كانون الأول؛
أعفى هتلر أهم جنرال في اللواء المدرع في ألمانيا من منصبه في القيادة.
في بداية الحربء عندما كان الجنرالات الألمان يتابعون استراتيجيتهم
الخاصة؛ انتصروا في كل معركة. ما إن تولى هتلر القيادة» حتى بات
يضحي بالجنود الألمان من دون أن يحقق أي مكاسب على الإطلاق.
كانت جيوش هتلر مبعثرة في القبور في جميع أنحاء روسيا.

تت مغركة الاستيلاء على موسكو أن هتلر كان دجالاآًعديم الرحمة»
رتذح ات لحكل ان جا مدي إن الحو وعند تفكيره في احتلال
روسيا الشاسعة» لم يكن لدى هتلر ما يكفي من الرجالء ولا أسلحة
كافية» وليس هناك ما يكفي من التخطيط المسبق. فشله خلال شتاء 1941
الكارثي تركه مع خيار واحد: السيطرة الكاملة» أو الهزيمة الكاملة. قرر
هتلر أن يلعب لعبة الروليت الروسية ويقود العالم إلى حافة الدمار.

ا مس ا لس

الحرب العالمية الثانية.

-262- قطنا 2أمجغممهذع الا

الو سر سرس

في 7 كانون الأول» فيد اليابان حليفة ألمانياء الولايات المتحدة
في بيرل هأربور.

في غضون ثلاثة أبام» لم يواجه هتلر فظائع حملة شتوية في
روسيا لحان ابلك أيضا حربا متعددة 0
المتحدة الأمريكية.

كانت خطة بارباروسا تستند على افتراضين. أن الجيه ش الروسي

يقف عند حدوده» وأن النظام الحزبي السوفيبتي كان ضخماً للغاية
وضعيفاً مما يسمح لألمانيا بغزو روسيا قبل مجيء شهر تشرين الأول
حين تصبح الأرض مليئة بالأوحال . لقد كان هتلر مخطئاً في الافتراضين.

نو الموؤكد أنه لم يعول أبذا على :الاضطرار إلى وض كرت قفري
وكان تأجيله لشن هجوم منسق على موسكو في أوائل آب بمثابة خطأ
استراتيجي. وفي اللحظة التي فرض فيها رأيه على مستشاريه العسكريين
ووضع الأهداف السياسية قبل الأهداف العسكرية الاستراتيجية» فإنه
كاوايتحة بعتا تحر الكارنة لكن خطأه الأساس كان سياسياً. لقد
استهان بقدرة ستالين على البقاء» وتجاهل عزم الأمة الروسية. لقد أطلق
لبها ارون تنم التحرب الوطية المظمئ.

لقد استنزفت المساحة الشاسعة والوقت والطبيعة 14 وحيوية
المعتدي. فبغزوها روسياء غزت ألمانيا بلدا ذا مناخ مختلف. وكان
على جيوشها التعامل مع التغيرات الموسمية المفاجتئة والعنيفة. كانت
استراتيجية الحرب الخاطفة الألمانية معدلة بشكل سيئ للحفاظ على
استمرار العملية» وفاجأت المصاعب في شتاء عام 1941 هتلر داعية
النظام العالمى الجديد. عندما جاء فصل الشتاء» مع صقيعه القاتل»
مات جنود ألمان من البرد القارس أكثر من الذين ماتوا جراء الرصاص

-263- لطنا وأصدغممره5ع الا

والحراب الروسية. ومع ذلك. قد يكون من الخطأ الافتراض أن هزيمة
هتلرء الذي تجاوزت خسائرها كثيراً خسائر نابليون عند تقهقره من
موسكوء كانت بسبب التغيرات في الطقس. فقد حققت ذلك التضحيات
الروسية والرجال الروس والرصاص الروسي. وهذا لا يغير لاع
أن ستة أسابيع من الطقس القاسي يمكن أن تحدث تغيراً في مسار أعظم
المعارك في كل الأوقات. ولذلك كان دور الجنرال شتاء» الحليف
الأبدي للأم المقدسة روسياء لا يقدر بثمن.

يقولون إنه لا يمكن أن يحدث ذلك مرة أخرى. فالمقاتل المعاصر
معزول عن البيئة بواسطة التكنولوجيا الحديثة. ومع ذلك فإن الطبيعة
تضرب عندما لا يتوقعها أحدء وعندها تنهار التكنولوجياء وتتحول
الحرب الحديثة إلى صراع من أجل البقاء البدائي. إذن» فقط دروس
الماضي يمكن أن تكون بمثابة مبادئ توجيهية للبقاء في المستقبل. إن
درس 1941 لازال يحتفظ في وقتنا الحاضر بالأهمية ذاتها التى كان عليها
فى وفته.

-.264- ل1ةطأنا 043013 ممهذ5ع ]الا

تطورات جديدة غير متوقعة
6 حزيران 1944

تنهدات.. الكمان... المتواصلة فى
لكشا ْ
٠‏ بول فرلان (1844-1896). ورسالة راديو

بي بي سي (5 حزيران 1944)

كانت السماء تمطرء وهي منذ عدة أيام لا تتوقف عن المطر. كان
جندي شاب ينظر إلى كابلات المناطيد المضادة للطائرات. «لماذا لا
يقطعون الأسلاك ويجعلون الجزيرة الدموية تغرق!»).
المقدم جيمس ن. ستاغ» رئيس الأرصاد الجوية» فى القوات الجوية
الملكية» إلى الغرفة. وأدى التحية العسكرية على الجنرالات المجتمعين
أمام خريطة جدارية كبيرة لأوروبا.

قال الرجل الذي يرتدي سترة قتالية خضراء داكنة: «تفضل أيها المقدم».

اسري للغاية». فتح المقدم مجلد كتبت عليه عبارة «يا سادتى».
وقال: «أيها السادة هناك تطورات جديدة غير متوقعة...).

اكتشف مكتب الأرصاد الجوية وجود جبهة هوائية» تتحرك بسرعة
نحو القناة الإنجليزية» فى غضون الساعات القليلة القادمة. ومن المتوقع
أن تقوم بتصفية الأجواء مؤقتاًفي المنطقة التي يتم التخطيط لغزوها. كان
من المتوقع أن يستمر هذا التحسن على الظروف الجوية الحالية طوال

00 -265-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الصباح الباكر من يوم السادس من حزيراكن. بعد ذلك» فإن من المتوقع

أن يتدهور الطقس من جديد. ومن خلال «نافذة» الطقس الجيد هذه. كان

من المتوقع حدوث انخفاض في سرعة الرياح وأن تكون السماء صافية.
«شكراً لكء أيها المقدم». أدى الضابط التحية العسكرية وغادر

الغرفة.
سأل القائد الأعلى الرجال الستة المتجمعين حول الطاولة المغطاة

بقماش البيز: «أيها السادة» ما هو رأيكم؟)27.
«أنا من رأيي أن نشرع في المهمة!» تحدث الضابط الذي يرتدي سترة

ذات ياقة عالية. 1
أما قاتد القوة الجوية فكانت لديه تحفظات. «لتوفير الدعم الجوي

الكافي» نحتاج إلى ضمان مطلق بأن السماء ستكون صافية».
كان الأمر منوط بالقائد الأعلى. وقراره سيحدد مصير الآمة. كان

يحدق في النوافذ الزجاجية المليئة بالأمطار. لقد أجلها من قبل» ولكنه

لا يستطيع تأجيلها مرة أخرى.
(أنا مقتنع بأنه يجب علينا إصدار الأمر بالهجوم. أنا لا أود ذلك. لكن

ليس لدينا خخيار آخر».
واستناداً إلى التنبؤات الجوية التي وعدت بتحسن الظروف الجوية»

أصدر قائد القوات المسلحة دوايت ديفيد أيزنهاور أوامره إلى ثلاثة

ملايين رجل للقيام بغزو عسكري كان الأضخم والأكثر طموحاً في

تاريخ البشرية: عملية أوفرلورد» ومهاجمة أوروبا المحصنة6.
كان الطقس هو العامل الحاسم.

1- كان المجتمعون هم: اللفتنانت جنرال والتر بدل سميثء اير مارشال السير آرثر تيدر
الأدميرال السير بيرترام رامزيء المشير الجوي السير ترافورد لي مالوري» المشير
السير بيرنارد مونتغمري, الجنرال عمر برادلي. ْ

2- الاسم الكودي لغزو شمال غرب أوروبا في الحرب العالمية الثانية من قبل قوات
الحلفاء. المترجم.

3- تعبير كان يطلق على الأراضي التي احتلتها ألمانيا النازية في أوروبا. المترجم.

-266-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

4 :0606/16 ,38 مم10 اوها بولا 05

٠0 24.0015 ١8 06+ 4‏ 06 17 000 الابما تااك6بت أن بارع اممنو لم3

371 لسالجه أن ينه 1
بوعل بعولة ككل

٠.
بده ده يي بي بوه 00د‎

ون بوحو0 ككنا 09 تكوتنووف معجوم5 كتنا 09

المجقممت أن اه كص
ا 9 لكت اطحقت قي ٠.‏
ونيم ١‏ د00 ينا ماخمطاومم وكنة! ككنا .00
وممععه شذا ككنا (© لتم #علهومه
بوموحافة 1 بجا مهم (لحرسن؟ وموس بريه اروم
2
١‏
03 3
به ١‏
م١‏
:. 3
3 -
: ل سدح رمك
8 ل« ممم
- ابه
ا ممهخ2”
ل
.
امم بومجطنهة ا
10071١‏ أن انهه لسفم كه
00 0 هالنيقمه
أكنا الوعمم 146
6 وكوي وميك نه مملوخصمكها اننا 055

قا لاهالم , ممه وجوع مريه ‏ بوبواجمةا 055
اواج معنا لجع ببهيد 06 لمهم
2281 أن انين لمااريح وجو 300 وهل 6وبحوه

أع0 وروب هونا 700

-267-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

من أجل أوئئك الذين تحيط
بهم الأخطار وسط البحر
8 كانون الأول 1944

يا أبانا يا خالداً أبد الدهره أنت المقتدر
والمخلضص

القادر على أن يصّد الموج المضطرب

فى أعماق المحيط الجبار

ويمنعه من أن يتخطى حدلوده

نتوجه إليك وندعوك.

أن تحفظ أبناءنا الذين تحيط بهم
الأخطار وسط البحار.

٠‏ نسشيك البحارة التقليدي.

كانوا .وس ما العددي' التكمن عالة ولس :هناك اشمة قواء:
والحرارة شديدة. تحت سطح السفينة كان الوضع أفضل. كان لوم
مستحيلاً بالنسبة لأفراد طاقم السفينة» الذين كانوا رد اكير
من الليل على سطحها بعد انتهائهم من العمل. في داخل السفينة لم تكن
هناك حياة ولا هواء. الحرارة خانقة» والحصول على الهواء عملية شاقة
ووعرق أجسادهم أغرق مفارش الأسرة. .كان الصوت الوحيد هو ضجيج
المحركات الكبيرة واهتزازها المستمر وهي تدفع بالسفينة إلى الأمام.
كان على الكابتن ريمون كالهونء قائد المدمرة يو أس أس ديوي من

-269-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

طراز فرغت التابعة للبحرية الأمريكية» التي يبلغ وزنها 15 طن أن يقدم
تقريراً إلى زوجته عن أول إصابة خطيرة على متن السفينة» وكانت ثقبا
في حوض المرحاضء بعد أن أوقع السباك عن غير قصد مفتاحه الثقيل
فيه لكن «بخلاف ذلك فإن الأمور هادئة»). هادئة جدا ولمزيد من التأكيد
كان يرتشف فنجاناً من القهوة البحرية عند منصة القيادة» كان ينتابه القلق؛
نقد أصبيكت فيه تقزلة سعدا بعل أن ات ورا بيت مجموعة من
الهوائيات وصواري الرادار فيهاء وربما سيجعلها ذلك تتحرك ببطء في
ظروف الطقس القاسية. لم يكن هو ولا زملاؤه من الضباط يمتلكون خبرة
كبيرة في ما يجب عمله في حال حدوث عاصفة حقيقية. في واقع الأمر,
كان عدد قليل جداً من القباطنة الأمريكان يعرفون ما هو الإعصارء عدا ما
قرؤوه في كتاب مهارة جندي البحرية المعاصر للكاتب أوستن أم كنيت .

ومع ذلكء إذا كان هناك خطر حدوث عاصفة كبيرة» فسوف يطبق
كالهون «قانون المغني»؛ كما كان قد أطلق عليه في أعقاب حديثه؛ قبل
عامين» مع ضابط آخر في البحرية» يدعى واتسون سينغرء الذي شهد
حدوث عاصفة في المحيط الهادئ وشرحها فى عدة كلمات: «عندما
ينذل مؤشر البارومتر 10 بوضة أو أكثر خلال الساغات القللات القادمة)
هذا يعني أن الإعصار في طريقه إليك» ومن الأفضل لك أن تفلت بسرعة»).

قال كالهون متأملا اتأكد أن هذا ما سأفعله». وقد كان في هذا
اليوم المشمس في منتصف كانون الأول 1944 يحدق مباشرة فى البحر
اللعين. «هذا بالضبط ما سأفعله» . أفلت وأهرب بأقصى سرعة ممكنة.
كان ذلك بالطبع» إذا كان يعمل من تلقاء نفسه. وكان مقتنعاً بأن الظروف
الجوية السيئة لن تؤثر على سفينته إذا كان يببحر وسط الأسطول البحرى
فستحجب السفن الحربية الضخمة الريح عن سفينته؛ وسيكون محمياً
بشكل جيد من آثار أية (ضربة». . لقد كان مثل كثير من البحارة الآخرين»
لايمتلك أدنى فكرة ة عن قوة الإعصار التدميرية.

اتطلقت المد :
مرة ديوي مع مدمرة أخرى فى يراس امن سوتدن ا
-270-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

إلى جنب للانضمام إلى قوة المهام التابعة للبحرية الأمريكية رقم 38
(38 #)) بقيادة الأدميرال «بول» هالسي. وقد غادرتا ميناء بيرل هاربور
ني 25 تشرين الأول وأجريتا عملية تزود بالوقود استمرت فترة قصيرة في
جزيرة إينيويتوك أتول. وعندما أصبحتا بالقرب من يوليثي» وهو ميناء في
المياه العميقة قبالة جزيرة كارولين» كانوا قد تلقوا تحذيراً من أن هناك
إعصاراً من الدرجة الثانية ولكن تبين أن هذا إنذار كاذب.

تتألف قوة المهام الأمريكية 38» وهي قوة بحرية ضخمة تشكلت
دعماً لعملية الإنزال التي قامت بها قوات الجيش الأمريكي بقيادة
الجنرال دوغلاس ماك آرثر على جزيرة لوزون وهي من أكبر جزر
الفلبين» من أربع مجموعات عمل منفصلة» تضم كل واحدة منها عدداً
كبيراً من الناقلات الهجومية والبوارج. وكانت تحوي حوالي تسعين
سفينة ضخمة» ويحيط بها طوق دفاعي من المدمرات. بحلول الصباح
الباكر من يوم 17 كانون الأول» بدأ مقياس الضغط في الانخفاض
وقررت قيادة الأسطول بدء عمليات تزويد السفن المرافقة لها بالوقود
على الفور» بحيث يمكن لها اجتياز فترة الطقس السيئ بأمان.

تم استدعاء المدمرة يو أس أس سبينس» وكانت تحوي على الكمية
الأقل من الوقودء إلى جانب السفينة الحربية الضخمة يو أس أس نيو
جيرسي» وهي التي كان على متنها الأدميرال بول هالسي.

تتغذى الأعاصير على الهواء الساخن والرطب ومياه المحيطات
الاستوائية. تحوّل مياه البحر المتبخرة الطاقة الحرارية إلى قوة عاصفة
بمقاييس مرعبة للغاية. من بضع غيوم رقيقة يمكن أن تنمو الأعاصير
وتكبر لتتحول إلى وحش عملاق يصدرعويلاً صاخباء يصل قطر بعض
الأعاصير إلى خمس مئة كيلومتر. تجلب معها دماراً لا مثيل له لا
تستطيع صده التكنولوجيا العسكرية. ويكون كل شيء في البحر عرضة
لتأثيرهاء من سفن الجولات السياحية إلى السفن الحربية الضخمة»
وفقط المحظوظون هم الذين يعيشون بعد انتهاء الإعصار ليروون

-271-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

قصته. تحجب الأمطار الغزيرة الرؤية مابين السفن. ربما تستطيع السفن
الضخمة أن تنجو من العواصف الشديدة» لكن عليها ان تخمن مديات
ارتفاع العاصفة والأمواج العملاقة التي تضرب جوانبها المصنوعة من
صفائح الفولاذ وتجعلها متجعدة لتصبح مثل ورق الألومنيوم.

فى منتصف كانون الأول 1944 تشكلت عاصفة في المياه المحصورة
ما بين جزيرتي غوام ويوليئي» أسفرت عن العديد من الا ضارابات
الاستوائية. تسارعت حركة السحب الدورانية وتحولت إلى كتلة هوائية
كثيفة على طريق الدمار الذي لا يمكن وقفه. وبدأ وحش الطبيعة ينشط.
كانت الكاميكازيء «الريح الإلهية»» في طريقها إلى الوصولء وكانت
ممائلة لتلك التى كانت تحمى الجزر المقدسة في اليابان» وأغرقت
أسطول إمبراطورية المنغول العظيمة في عام 1281.

كانت هناك 132 سفينة تابعة للأسطول الأمريكى الثالث» كان موقعها
تقريباً عند خط عرض '59 140 شمالاً وخط طول '08 130 شرقاء أو
حوالي 300 ميل إلى الشرق من جزيرة لوزون في الفلبين» كانت تسير في
مسار تصادمي مع واحد من أسوا الأعاصير المسجلة في التاريخ.

كان القائد جورج ف. كوسكو في مركز الأرصاد الجوية على متن
البارجة يو أس أس يتلقى التقارير من مواقع رصد في أرخبيل (مجموعة
جزر) الأميرالية وجزيرة ليت» وكان يحصل كذلك باستمرار على
معلومات من قبل طائرات الاستطلاع الجوي التي تحلق فوق جزرغوام
أو سايبان أو بيليليو وغيرها من الجزر المرجانية في المحيط الهادئ التى
تم احتلالها مؤخرا. أضف إلى ذلك مركز التنبؤات الجوية فى الأسطول
الموجود في ميناء بيرل هاربور الذي كان يقدم توقعاته الخاصة بالطقس
ادبع 3-2 يوميا. يتم نقلها من المدمرة نيو جيرسيء إلى وحدات
الاساطيل الاصغر التي كانت لا تمتلك وسيلة للتنبؤ بالاضطرابات
سوى الحدس والحس السليم؛ بمساعدة وسائل بسيطة مثل البارومتر
ومقياس الحرارة.

-272-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

«لقد أتت هذه الرسالة للتوء يا سيدي»2. استل بحار قديمء كان
يررافر على متن سفن الشحن في بحر الصين قبل الحرب. ورقة من
جهاز التلغراف في مكتب الأرصاد الجوية وقام ب: بتسليمها إلى الأدميرال
ليقرأها : من المتوقع أن يكون هناك منخفض جوي بعمتق 998 مليبار 010(
مصرحوباً بعاصفة أو رياح شديدة عائية.

حتى لو استطاع من كان على المدمرة الحصول على استراحة»
وتجنب الأسوأء لا يزال هناك جحيم يننظرهم جراء هيجان البحر. هر
الأدميرال 0 00 ملفسيراً إلفن ضابط مكتب الأرصاد الجوية.

أجاب بصوت هادئ: «حسناً يا أدميرال» إذا كان هذا المنخفض سيئا
كنا رد ورد عسل سقر الل كوي كل سيب ضوف يدع
سطح السفينة نظيفاً تماماً».

كان تقرير الطقس أسود مثل السماء. بدأ الطقس يزداد سوءاً. كانت
موجات الأثير مليئة بتشويشات مزعجة وأصوات مرعبة. بعضها كان
واضحا تماماء والبعض الآخر كان مجرد ضوضاء بعيدة. ولكن كان
ينوي الهروب يفعل ذلك كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً. كان المنخفض
بتحرك» ويتقدم بسرعة؛ ويتجه مباشرة إلى الموقع الذي كان موجوداً فيه
الأسطول بأكمله. وإذا لم يغير المنخفض الجوي مساره. فإن الله وحده
ل
ونال جان نوريف لاللف السبيان ا 0
التشغيلى المحدد بدقة؟ اعتمد الأولاد في البر على الدعم من القتصف

1- وحدة لقياس مقدار الضغط الجوي الناشئ في مراكز وأطراف المنخفضات
والمرتفعات الجوية. المترجم.

-273-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الذي يقوم به أسطوله الجوي. ارتبطت خيارات الهبوط بمستويات المد
والجزر. هل يقوم بإلغائها؟ كل ذلك بسبب إشارة لاسلكي واحدة كانت
تحذر من عاصفة؟ أو النجاة من دوامة قوية» كما كانت تشير إلى ذلك
كل توقعات الطقس؟ من المؤكد أن الكثير :من اقراد الطاقم والجنود
سيضابؤة يدوان البح الشلين لكن عذوهي الخياة فى البحرء لحن كلا
قرر الأدميرال هالسي عدم تغيير مسار عملية الغزو.

ايتحرك منخفض جوي يعمق 956 مليبار من حافة المحيط الهادئ
ولا يزال يزداد عمقاً ويتوقع هبوب عاصفة عنيفة»... هكذا أشارت
تقارير المتابعة في جهاز نقل البرقيات في مكتب الأرصاد الجوية.

لذلكء في الساعات التالية» لم يتحول مسار المنخفض الجوي.
فقط علق هناكء مهدداًء ولكنه ثابت. أمام قمرة القيادة» كان البحر
متقلبأء وسلسلة من الأمواج التي تحمل الرغوة تتدفق مع اتجاه نسيم
الرياح. لكن بالتأكيد لم يكن هناك ما يدعو للقلق. (بالطبع» كانت
السفينة الحربية مزودة بمنصة أكثر ثباتا من تلك الموجودة في المدمرات
الصغيرة» وهي تتمايل فوق الأمواج). ومع سرعة القافلة الحالية» فإن
حاملات الطائرات وسفن التموين وناقلات القوات ومراقبيها العديدين»
وتلك المدمرات المميتة والفرقاطات المضادة للغواصات سيكون لديها
وقت كاف لتجاوز منطقة الخطر.

في وقت مبكر من يوم 7 كانون الأول سجلت قراءة البارومت ©
في المدمرة ديوي 29.70 درجة» مع رياح تصل إلى 20 عقدة» تبعد عنها
حوالي 30 ميلاً إلى الشمال؛ أما على متن المدمرة نيوجيرسى» فقد كان
البارومر يقرا 2005 0 مع رياح تصل إلى 25 عقدة. لم تكن الرياح
التي تكون سرعتها خمسة وعشرين عقدة شيئاً مميزاً فى منطقة المحيط
الهادئ. في بعض المدمراتء ازداد وضع الوقود خرجا. زادرح الخزانات
الفارغة من عدم استقرار السفن إلى حد كبير» لأنها تتجعلها ترتفع عالياً
1- مقياس الضغط الجوي. المترجم.

00

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

نوق سطح الماء. وللتغلب على هذا العائق» قام القباطنة بملء خزانات
إوثوة الفارعه مياه البخر) وهر إجراء لا يحبذه المهندسون كثيراً حيث

جد هناك دائماً خطر تلوث مخزونات الوقود المتبقية.

عند الساعة الحادية عشرة وخمس دقاء تق ساسا انخفض حجم
الوقود في المدمرة د يو أس مق اي إلى 5 بالمئة فقط من طاقة
خزاناته الاستيعابية. وكانت تلك هي المرة الأولى التي ترسو فيها بجوار
المدمرة نيوجيرسي لتملاً خزاناتها بالوقود. تم مد الخراطيم عبر المدمرة
وبدأ التزود بالوقود. في هذه الأثناء» كانت الرياح تنشط إلى ما يصل
إلى 45 عقدة وأصبحت العملية خطيرة تماماً. بسبب التمايل المستمر
للمدمرة الصغيرة» كان هناك خطر حاد من الاصطدام. لم يكن التزود
بالوقود على المدمرات الأخرى والسفن المرافقة أفضل من ذلكء وتم
وقف العملية.

عند الساعة الثانية ظهرأًء عندما تراجع مؤشر البارومتر إلى 29,58,
درجة أبلغت شاشة المدمرة الخارجية قيادة فرقة مهام النقل السريع
للأسطول الثالث 7838 أنها تعتقد أنها قد دخلت إلى الحافة الخارجية
لإعصار استوائي. وبالاستناد إلى الجداول المتاحة في ذلك الوقتء تم
حساب أن مركز العاصفة كان يبعد حوالي 250 ميلاً إلى الجنوب الغربي.
كان هذا الحساب خاطتاً بشكل سيئ» لأن عين الإعصار كانت على بعد
0 ميلاً فقط.

اما هى أحدث التوقعات؟» سأل «الأدميرال».

(إنها تتحرك أسرع من المتوقع» سيدي الأدميرال. بقوة 1,006 مليبار»
وري دل الجر

(والاتجاه؟).

ابالتوازي تقريباً مع سفن فرقة المهام يا سيدي؟.
«وماذا تقترحون؟).
-275-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

"أن نتجه إلى الجنوب الغربي» يا سيدي».

«حسناً). التفت لك مشيؤول الاتصال. «أرسل إشارة لغلق جميع
الفتحات وتأمين كل شيء فوق سطح السفن».

صدرت الأوامر إلى أطقم السفن لتأمين حبال الإنقاذ» وإزالة أي
معدات عاطلة. وخزن الذخيرة الحية» مع اهتمام خاص بالرفوف التي
تحوي قذائف الأعماق") القاتلة.

بعد ظهر يوم 17 كانون الأول؛ انحرفت العاصفة بشكل مفاجىئ
نحو الغرب. وإذا استمرت فى هذا الاتجاه العام, فإنها ستقطع طريق
الأسطول. لكن يمكن أن تكون الأعاصير غير منتظمة؛ فهي تغير مسارها
باستمرار. سرعان ما كانت «هبة هواء» تتحول إلى نوبة عادية. انكب
موظفو الارصاد الجوية على متن السفينة الحربية يو أس أس نيو جيرسي
الأرصاد الجوية المركزي مشجعة: قوة العاصفة كانت 940 مليبان
وهناك فرصة لتساقط الأمطار.

أصبحت السماء سوداء اللود شغلل لدوم التي كانت تحوم فيهاء
وكانت تتمزق إلى قطع صغيرة بفعل الأضواء البنفسجية والبرتقالية مثل
نيران تشتعل بعيدا في السماء. ذاب البحر في السواد. وفجأة» من خارج
هذا السواد» كان هناك خط أبيض رقيق يظهر على الشاشة الخارجية
للمدمرة» يمتد إلى أبعد ما يمكن للعين رؤيته» وكان البحر من خلفه مثل
مرجل من الماء المغلي. كان البحارة على سطح السفيئة يؤدون واجبهم:
بعيون نصف مغلقة بسبب الرياح ورذاذ المطر المندفع نحوهمء كان
لامر جميلا مثلما هر مخيف: من .باطن السفيئة جاءت أول ضوضاء
عريبة حيث بدات صفائج هيكل السقينة تنثنى سيب ضنغط الميأه:

أصبحت إمكانية الإبحار في عاصفة كاملة في البداية واضحة لأولعك

1- هي نوع من سلاح الحرب المضادة للغواصات. الغرض منها هو تدمير الغواصة من
خلال إسقاط قذيفة الأعماق في الماء. المترجم.

-276- ل 3نطنا 3أ3غه0مرهدع اا

لذين كانوا على متن السفن الصغيرة في واجب مراقبة الشاشة» التي
تضربها الرياح العاتية. انخفض مؤشر البارومتر بشكل يثير القلق بمقدار
7 بريه في خلال عشر بدفائق: . وفي غضون ساعة انتقل المقياس
6 مليبار إلى أقل من 900 مليبار! كان ذلك جحيم 5
بكثير مما يمكن «لقانون المغني» الذي يدعو للهروب 0 بدأت
صافرات الإنذار تطلق أصوانا عالية؛ وبدأالبحارة الذين كانوا يستريحون
خارج أوقات العمل يتعثرون بالأراجيح الشيكية ويعشيكون رياء لعل
حياتهم؛ أو يسحبون أنفسهم إلى الأعلى نحو السلالم.

غمرت البحر سلسلة من الأمواج الشعواء» كان ارتفاع بعضها نحو
عشرين قدما. وكانت بالكاد ملحوظة على السفن الكبيرة» بالنظر إلى
حجمهاء فهي تمثل حاملات الطائرات الضخمة والسفن الحربية التابعة
للأسطول الحربي الأمريكي في المحيط الهادئ. ولكي يكون على
الجانب الآمنء أمر الأدميرال هالسي بإيقاف عمليات التزود بالوقود
وإنشاء نقطة التقاء جديدة على بعد 160 ميلاً إلى الشمال في الصباح
التالي. وبسبب الافتقار للوقود» كانت المدمرات سبينس» وهيكوكس»
ومادوكس في وضع من الرسو غير المستقر» وتركت الشاشة الخارجية
لتبقى في جانب السفن الكبيرة المحجوب عن الريح. كانت المدمرة
سبينس» على وجه الخصوص. تتمايل وسط المياه؛ وأمر قائدهاء الملازم
جيمي أندرياء لوقف تمايل المدمرة أن يملأ خزان الوقود الخاص بها
بالماء لجعلها صالحة للإبحار. وبغض النظر عن ارتفاع مخاطر تلوث
إمدادات الوقود» فإن المدمرتين هيكوكس ومادوكس امتثلتا للأمر على
الفور وملئتا خزاناتهما الفارغة بالماء . في هذه الأثناء كان الطقس يزداد

سوءاً مع مرور الوقت في حين قام قادة المدمرات بتفحص البارومترات
بقلق. وأمروا بتغيير المسار لإبعاد قوة المهام عن مسار ما أصبح يُعرف
الآن بأنه عاصفة استوائية كبرى.

راجع القائد كوسكو. مسؤول الأرصاد الجوية في المدمرة نيوجيرسي»

-277-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

تقديراته لمركز العاصفة الذي كان أقرب كثيراً مما كان يعتقد في السابق...
في غضون ساعة: تم تأكيد ذلك من قبل طائرة استطلاع جوي انطلقت من
حاملة الطائرات البحرية شانديلور عناءعاءلصقط" 27 والتي حددت مركز
العاصفة عند خط طول 13 درجة شمالآً وخط عرض 132 درجة شرقاً
مع رياح تصل إلى 60 عقدة. ولأسباب غير مفهومة. لم يتم إرسال هذا
التصحيح الجديد من السفينة نيو جيرسي إلى شاشة المدمرة. ولأغراض
السلامة» اتصل القائد كوسكو بمجموعتين من فرقة المهام المتواجدة في
مكان بعيد. وهما فريق الأدميرال ماكبين وفريق الآدميرال بوغان, اللذين
أفادا أن المنخفض الجوي كان يتحرك باتجاه الشمال بسرعة 12 عقدة.
نقل كوسكو هذه المعلومات إلى قائده؛ الأدميرال هالسيء لكن كان
من الواضح في ذلك اليوم أن هالسي لم يدرك المدى الحقيقي لخطر
الاقتراب. وهكذاء ودون إدراك للتغيرات السريعة فى الطقس المتغير:
فان 13 مدمرة© أعلنت أنها تعاني من نقص في الوقود بشكل خطير» وفي
الساعة 05:00 من صباح يوم 18 كانون الأول؛ أمر الأدميرال هالسي مرة
أخرى القافلة بخفض السرعة والشروع في عمليات إعادة التزود بالوقود.
ولكن الأوان كان قد فات بالفعل» وكان هذا التأخير باهظ التكلفة.

في الساعة السادسة وست عشرة دقيقة صباحاًء صدرت الأوامر
بتغيير المسار بمقدار ثلاثين درجة» مما جعل القافلة بأكملها فى طريق
الإعصار! لم يمض وقت طويل قبل أن ترسل سفن مرافقة أخف وزناً
وهي نينها باي» وكيب إسبيرانس» وروديرد باي» تقارير تفيد بأنها قد
ارتطمت بأمواج عالية. أمرهم الأدميرال هالسي بأن يقرروا هم المسار
الذي يختارونه.

في الساعة الثامنة و18 دقيقة» أرسل الأدميرال هالسى رسالة إلى

1- بالفرنسية في الأصل. المترجم.

وك كاز 9 5 ٠.‏ . 5
0 ايم وكا يارنال وويدربورن وستوكهام وويليس وموورو تاوسيغ وكولهان
وبوش وفرانكس وكاشينغ وومادوكس وسبينس وهيك وكس.

-278-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الجنرال دوغلاس ماك آرثر يخبره فيها بأنه لن يتمكن من ضرب أهداف

برية في جزيرة لوزون خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة. وفي
لواقع» ستكون المدة أطول من ذلك بكثير... كان للبحر نظرة متوحشة:
أمواج ا متكسرة تعتد إلى الأفق» والسماء كتلة داكنة مخترقها خسطوط ماثة
زات لون برتقالي. اندفعت أولى العواصف الممطرة باتجاه نوافذ منصة
القيادة. فيما كانت الرياح تعول من خلال اهتزاز الأسلاك. تزايدت
ضربات الأمواج على هيكل السفينة مع مرور كل ثانية» وتغير ضجيج
العاصفة إلى عواء شيطاني.

أصبح الأفق حينها كتلة سوداء تتلوى وهي تغلف السماء والبحر.
تسارع اندفاع رغوة الأمواج نحو المدمرات. كانت العواصف الرعدية
تضرب والسفن تتمايل. بات البحارة الذين كانوا أثناء الواجب»
ويمارسون الأعمال الروتينية المخصصة لهم على سطح السفينة» والذين
كانوا مسحورين قبل لحظات بالمنظر الرائع من حولهمء يلجؤون نحو
الأبواب التي تؤدي إلى داخل السفينة مثل حفنة من الأرانب المذعورة.
انزلق العديد منهم عبر سطح السفينة المنحدرة وبقي على سطح السفينة
فقط أولئك الذين تمكنوا من التعلق بشيء ماء فيما اختفى الباقون في
المياه المظلمة. أولئك الذين نجحوا فى الوصول إلى فتحات الأبواب
المؤدية إلى داخل السفينة كانوا كما باون في الداخل» نتيجة هبوب
عاصفة هائلة من الرياح ورذاذ الموجات التي كانت اكلم حراتت
السفينة. البرق» الذي كان يومض باستمرارء أضاء مكرهداً غير عادي
- كان هناك أسطول حربيٌ ضخم يمخر عباب البحر وسط غضب
الإعصار. ازداد هدير العاصفة. كان أولئك الذين على سطح السفينة
عا ونين في سكود نام رانور ا يتشيثون بأي دعامات أو سلم كان على
مقربة منهم. . وفجأة» كانت أولى موجات الوحش تلوح في الأفق بسبب
زوبعة قوية من المطر والرذاذ.

كانت أرضية قمرة القيادة ترتفع وتنخفض وكان القبطان يترنح

-279-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وكأنه شخص مخمور على كرسيه الدوار المرتفع. في كل مكان, كان
البحر يغلي بالرغوة البيضاءء كان زجاج نافذة قمرة القيادة تحجبه طبقة
من الماء. ارتفعت السفينة وصعدت عالياً فوق الأمواج» ثم هبطت بعد
ذلك» وغطست مقدمتها عميقاً في المياه.

كان اننته الأدنالععيدا ومريهنا: كان يعلم أنه كان يحمل عبئاً
ثقيلا من المسؤولية.

«إلى ماذا تشير قراءات الجهاز؟).

لحري جات مرا قط مال ارك روا يظهر مقياس شدة
الريح قوة الرياح بين 50 و60 عقدة؛ وهي تخفي الكثير وراءها».

أصدر قبطان السفيئة مونتيري أوامره يجب تأمين جميع الفتحات؛
ودعم المرتخية منها»). ردأ على إشارة تم تمريرها من سفينة القيادة.
الدعونا نر ما إذا كان بإمكاننا تجاوزها». تحطم الصمت الذي كان مخيماً
تحت سطح السفينة بسبب حدوث ثلاثة انفجارات جراء دوي العاصفة
ووقع الرجال من أسرّتهم.

في 18 كانون الأول؛ كان على الأدميرال هالسي أن يقدم تقريراً إلى
القاعدة البحرية في ميناء بيرل هاربور يشير فيه إلى أن فرقة المها م التي
تخد تيت إدرثه على ولت أن نسي رميطط الجقار ل 1
كما هو واضح على شاشة الرادار على بعد خمسة وثلاثين ميلاً فقط.
بعد دقائق ئق» ضربهم الإعصار! كانت الأمواج تتوالى الواحدة بعد الأخرى
على الأسطول الحربي. لقد أصبحت القوة ة التدميرية للمنخفض الجوي
الآن بدرجة 938 مليبار. اجتاحت العاصفة سطح السفينة» محدثة هديراً

يهز البوابات المقفلة. وترتطم بألواحها المعدنية. فيما ازداد تفكك
العائم. بلنسبة إلى الرجال في قمرة القيادة؛ وكانوا معظمهم قد عاش
وسط البحر لفترة كافية لفهم قوته» فقد تجاوزت قوة الإعصار أي شىء
كانوا قد مروا به في أي وقت مضى على الإطلاق. ١‏

كان الدمار الذي لحق بالمدمرات هو الأسوأ. وتحطمت نوافذ غرفة

-280-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

القيادة» واقتلعت الأبواب من مفاصلها. ولأجل إدارة دفة المدمرة كان
يتعين الاستعانة باثنين من البحارة الأشداء. وفجأة» ظهرت سفيئة أخرى
على الجانب الآخر وأصبحت أمام المدمرة هال. «اسحبها إلى هنا!) صاح
القبطان وسط تلاطم الأمواج. أدار البحاران دفة السفينة بحماس. ولكن
كان قد فات الأوان. ومع صوت تمزق بدن المدمرة المعدني انحنت
مقدمتها وتحطمت عند اصطدامها بمؤخرة سطح سفيئة شقيقة. . تعرضت
كلا المدمرتين إلى إصابة ولكنها لم تكن قاتلة . أصبح عبر البحارة الأمامي
كتلة متشابكة من الفولاذ والأشرعة والصواري المدمرة» فيما كانت أمواج
البحر تتلاطم فوقها. كانت السفن تتمايل متخبطة وسط البحار» وكانت لا
تتسلق قمة الموجات العملاقة إلا لكي تنزلق على المنحدر الآخر. كانت
المياه ترتفع داخل السفن» وسرعان ما دخلت المضخات الكهربائية التي
تشفط المياه في معركة خاسرة. ترنحت المدمرة إثر هجمة موجة عملاقة
أخرى. كان هناك صوت مكتوم شديد للمحركات يتردد صداه في غرفة
عمود دوران المحركات . كانت المحركات تدور بشكل وحشيء وتنفث
الهواء فوق قمم الأمواج! وعلى أثر هزة عنيفة وسريعة انغرزت السفينة في
الماء . كان هناك صراخ وصوت كأن شخصاً ما كان يتمزق في الداخل.

«أرسل تقريراً إلى غرفة القيادة حول إجراءات الحد من الأضرار».

انغرزت مقدمة المدمرة فى البحر وتسارعت المياه للدخول من
خلال الثقوب في هيكلها. كانت المياه ترتفع بسرعة مقلقة في غرف
المدمرة الأمامية.

اهل ستطفو مع هذا القدر من الماء؟».

«ربما - ما لم ينهّر أحد الحواجز).

«وبعد ذلك؟).

اثم تنقسم إلى أجزاء صغيرة».

بالنسبة لأولئك الذي كانوا في غرفة القيادة في المدمرة موناغان» كان
الطقس حينها قاسياً جداًء وكانت الأجواء من حولهم ضبابية لا يمكن

-281- لةطنا وأصصخغمممره5ع الا

الرؤية من خلالها لدرجة أنهم لم يتمكنوا من الحصول على أدنى لمحة
عن بقية الأسطول البحري الضخم. وحينما تمايلت المدمرة فوق قمة
موجة هائلة شاهدوا فجأة. على بعد 100 ياردة فقطء أن البرج الرمادي
للسفينة الحربية كان يتجه إليهم مباشرة.
امن الصعوبة تحويل الدفة إلى اليمين»» صاح ضابط غرفة القيادة.
لقد انحرفت السفينة التي كانت عالقة في الأمواج ببطء شديد جدا بالنسبة
لأولنك الذين كانوا يراقيونياء #اسحبهاء لوجه الله؛ اسحبها...). ثم تبع
ذلك ارتطام هائل» أعقبه صوت مزعج حينما اصطدم فولاذ المدمرة
بفولاد السفينة الأخرى. وقع جميع البحارة الذين كانوا على ظهر السفينة.
«تقرير الضربة». صاح القبطان» وهو يزحف إلى الوراء على أقدامه.
تبعه صمت طويلء حتى جاء صوت عبر جهاز الإرسال الداخلي:
«تحطمت مقدمة المدمرة» لكن حواجز الغرف بقيت متماسكة». تنفس
الجميع الصعداء. الحمد لله على مهارة الحرفيين الأمريكيين القدماء.
لم يكن لدى الرجال داخل السفينة أي فكرة عن قوة الرياح الحقيقية:
فهم لم يكونوا بحارة» بل كانوا مجموعة من النجارين والمحاسبين
وسائقي سيارات الأجرة والمزارعين» لبوا نداء حمل السلاح للدفاع
عن بلدهم. لم يجربوا أبدا مواجهة عاصفة محيطية تزيد سرعتها عن
0 عقدة وأكثر لذا لم يكونوا على علم بما يجري في الخارج. كان
هذا أفظع شيء, كانوا يسمعون, ولا يرون» كونهم سجناء داخل تابوت
فولاذيء غير قادرين على تقييم ما كان يحدث في الخارج. كانت حركة
السفينة تبعث على الغثيان» مهما حاولوا التعلق بأمل بالحصول على
الدعم كانوا يشعرون باهتزاز السفينة داخل أجسامهم. غطى عويل
الريح على أية أصوات أخرى, كما حدث مع الماء الذي يدق على ألواح
هيكل السفينة الفولاذية. امتلا بهو السفينة بالخوف ورائحة القىء النتنة.
بدأت تصل تقارير من السفن الكبيرة في القافلة تتحدث فيها عن
مشاكلها. أولا كان زورق السحب غيكاريلا لديه مشكلة فى المحرك.

-282-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وكانت حاملة الطائرات إندبندنس تحمل على متنها رجلاً تائهآء ونشب
حريق في حاملة الطائرات «مونتيري» في منصة حظيرة الطائرات حين
أقلعت إحدى الطائرات. ومع ذلك, ففي رسالة بعث بها إلى مقر قيادة
أسطول المحيط الهادئ» لم يصنف الأدميرال هالسي ما حدث سوى أنه
مجرد (اضطراب استوائي». بينما كانت حاملة الطائرات مونتيري تقلل من
سرعتها وهي تكافح النيران. أدرك هالسي أخيراً أن ما يواجهه هو إعصار
مننظم وأمر بالتحول إلى مسار جديد. في تلك الأثناء كانت الرؤية منخفضة
إلى حد الصفرء فيما غاص الجزء ع الأكبر من حاملة الطائرات مونتيري في
مامه سكن تفتينا لأية سفينة أخرى. عند الساعة العاشرة ودقيقتين
صباحاًء نفذت المدمرة نيوجيرسي مناورة قوية لتجنب التصادم مع حاملة
طائرات مجهولة الهوية . في الساعة العاشرة وعشر دقائق 000
المدمرة ديوي على الأغلب مدمرة أخرى. بعد دقيقتين» فقدت حاملات
الطائرات ويسكونسن وميامي وبوسطن طائرات الاستطلاع الجوي ونشب
حريق تحت سطح حاملة الطائرات يو أس أس كوبينز.

قبل الظهر بفترة قصيرة. أمر الأدميرال هالسي بإحداث تغيير جديد في
يناو الشاقلة :رامل شديدائلة [الطاز راك قعيع امد يران رقنا اق لقتو
حريق في منصة الإقلاع. وردت المزيد من الأنباء السيئة من حاملة الطائرات
سان جاسينتو حيث انزلقت أربع طائرات مجهزة بالكامل بالوقود على سطح
حظيرة الطائرات الخاصة بهاء وهي على وشك الانفجار في أية لحظة.

انقطع الاتصال بين سفينة القيادة والوحدات المختلفة» وكذلك فيما
بين السفن ذاتها. كان الأسطول الحربي يكافح بأكمله من أجل استعادة
الاتصالات بأفضل ما يمكن وبقاء الجميع في مسار موحدء لكن هذا كان
مستحيلاً. فقدت المدمرة ديوي القدرة على التحكم في دفة القيادة» وخلال
ساعة؛ كان يقود السفينة العديد من البحارة من تحت سطح السفينة» والذين
كانوا يستلمون إشاراتهم من غرفة القيادة من خلال أنبوب صوتيء ثم
يضطرون إلى تسيير الدفة الثقيلة من خلال التحريك اليدوي! كان الأسطول

-283-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الحربى الأكثر حداثة الذي شهده العالم يعود إلى عضر السفيه الشراعية.
تم إغلاق جميع الأبواب المانعة لتسرب الماء؛ وهذا من شانه أن يمنع أي
محاولة هروب سريع للرجال الذين كانوا تحت سطح السفينة. وفي نهاية
المطاف؛ تمكن الميكانيكيون من إصلاح دفة القيادة في المدمرة ديوي.
ولكن بعد ذلك توقف رادار السفينة عن العمل. مع مجال رؤية اقل من 300
ياردة» كان القبطان يقود سفينته كالأعمى على أمل أنه لا يوجد شيء أمامه.
إلى أن رأى وحشاً في طريقه؛ إنها حاملة الطائرات مونتيري!

«الدفة اليسرى صعبة) صرخ القبطان. انحنت المدمرة.» وتحطم 1
شيء لويكن مانا بفكل الستية. لهذ تمجنت للترمن المرزون ابقل نميه
الطيران التابعة لحاملة الطائرات التي كانت تلوح في الآفق قبل أن تنزلق
في الدخان الأسود الناجم من النيران التي اشتعلت في حاملة الطائر ات
مونتيري. لا بد أن تكون تلك الحركة العنيفة قد كسرت عتلة في آلية
التوجيه الخاصة بالمدمرة ديوي نزع/اء(1» لأنها لم تعد تستجيب للدفة.

انداء من أخيل أنا فاقد للسيطرة» أقوم بالعبور من خلال التشكيل من
الجانب الأيمن إلى الأيسر». أصدر القبطان كالهون توجيهاته إلى القافلة:
(ابتعد!). تحولت الرحلة في الدقائق التالية إلى كابوس بينما كانت
المدمرة ديوي تتمايل من جانب إلى آخر عبر مسار دزينة من السفن.

افجأة كانت تلوح في الأفق أمامنا كتلة سوداء. وحالما ارتفعنا عالياً
بسبب الموج الذي اعترض طريقناء بدا لي أننا سنذهب إلى أعلى قمته.
ولكن عندما نزلنا إلى الأسفل» فإن باخرة نقل الوقود التى حملتها الموجة
التالية على قمتها. اصبحت تعلو فوقنا الآن» كان من المستحيل مقاومة
زخمهاء بالإضافة إلى قوة الريح والبحر القادمة من خلفهاء 5 لم يكن
يبدو أن من الممكن أن تتجنبهاء أو أسوأ من ذلك» أن تتعرضن لشبرية من
واحدة من تلك السفن الضخمة)2.

كان مؤشر البارومتر عند قرجة 841:28 وكان ينرل بقوة شديلة 1 فى

-

1د ر اجع : لاللاعصط تعا0 ع1 نومام 1 مز ماعط لون .1 .0 متمامة©.

١ -284-‏
لا131طأ ا 013120123 مر هودع الا

نمام الساعة الثانية عشرة ظهرا وصل إلى 28. 10 وبلغت سرعة الرياح
أكثر من 5 عملة. وكانت المدمرة ديوي قل اتخذدت الاحتياطات
اللاز زمة لملء خزانات الوقود المستنفدة ة بمياه البحر بحيث تسير السفينة
مكل منخفض في المياه. ومازال ميلانها بعيداً عن علامة الخطر البالغة
60 درجة. . كان القبطان كالهون يعرف أن 70 درجة هي الحد الأقصى
المطلق» قبل أن تغوص. في أسوأ وقت ممكن. ؛ توقفت جميع أجهزة
السيطرة في غرفة القيادة عن العمل. وقبل أن يتوقفف جهاز الرادار
بلحظات» كان قد لااحظ وجود إشارة ضوئية على بعد حوالي 5000
ياردة. اعتقد قبطان المدمرة ديوي أن هذه هي المدمرة موناغان» حيث
كان قاتدهاء بروس غاريت»ء قد أرسل قبل دقائق ق فقط برقية تفيد أنه فقد
السيطرة» حيث غمرتها الأمواج الهائلة.

براك انوك مرص يار اسليةة»وسرعان ها أصبع يجان المادر
ديوي عند 70 درجة! ثم ارتفع إلى 75 درجة!!: وصلئ الجميع: »؛ من
القطان نزول ايا ربنا ندعوك أن تنقذها!» وكان لهم ما أرادواء ولكن
بعد أن تحطم جزء من مكونات السفينة فوق السطح. كان الجميع مقتنعاً
بأنهم سينزلون إلى القاعء وسأل «بوتسوان ميلر» القبطان «كالهون»:
اهل سنتئرك السفينة؟» ورد عليه كالهون قائلاً: اليس إن استطعت
المساعدة. طالما أن ديوي لم تتخل عناء فلن نتخلى عنها». وما إن قال
ذلك» حتى جاءت موجة جعلت السفينة تميل» وفلتت الأحمال التى فى
العمق وتدحرجت إلى الخارج» ولحسن الحظ دون أن تضرب أشياء
تنفجر. استمرت محنلتهم . تمزقفت دعامات الصواري» ووفعت على
سطح السفينة» وتهشمت المدخنة الأمامية وسقطت. وتحطمت قوارب
النجاة» وتمزق أنبوب البخار الموصل بغرفة الإطفاء. تسرب البخار
الساخن مطلقاً صوتاً شديداً. ربما كانت المدخنة المنهارة هي التي
انقذت المدمرة ديويء لأنه بعد سقوطها مباشرة تناقص تمايل السفينة.
دمع هذا لا يزالون يغرقون في المحيط المجنون وكانوا مثل ألعوبة

-285-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

يتسلى بها عملاق. كانت قوة ارتطام العواصف تضرب على فترات
عار عط كانت الحواجز تصدر صريراً خطيراًء ولكن بقيت ثابتة في
مكانها. اختفت هوائيات الإرسال وأجهزة الاستقبال» وأنابيب التهوية,
والمداخن. ومع ذلك ورغم كل هذا الدماره سادت روح «القدرة على
التغلب على المصاعب» وسط كل تلك الفوضى.

وكان الوضع على متن المدمرات الأخرى أسوأ من ذلك» فكل
موجة هائجة كانت تميل السفن إلى حد ينذر بالخطر. وقف بيل روجرز
ورجاله على سطح المدمرة ألوين متمسكين بالبقاء فيها حتى النهاية,
وعاشوا فيها »على الرغم من أن صاري المدمرة تحطم وأحدث سقوطه
حفرة عميقة في السفينة.
ظ نفدت المدهرة ميكرقين كن قرقها عند الباعة 10:30 يا خا كيه
قيامها بمناورة مفاجئة لتجنب الاصطدام مع سفينة أخرىء وبدأت تغرق
وسط غور عميق. وبعد كفاح امتد لساعات» تمكنت أخيراً من المرور.

لم يكن الأمر كذلك مع المدمرة هال. في الساعة العاشرة والنصف
من صباح ذلك اليوم» ضربتها عاصفة تبلغ قوتها قرابة 200 عقدة. غطى
عويل العاصفة على أي صوت آخرء وأغرقت مياه البحر غرفة الإطفاء
حيث دخلت من خلال فتحات التهوية. في غرفة المحركات» سمعوا
وكا غنيفا كأنه صوت انفجارء عندما بدأت المشابك التي تحت
أقدامهم تترنح فجأة» بسبب صوت الماء المندفع بقوة ليملاً المقصورة.
كان الميكانيكيون مستلقين وهم باسطون أذرعتهم وأقدامهم على
مشبك معدني» وقد تخدرت حواسهم بسبب صوت الأمواج التي تخبط
السفينة» صوت ممل مزق أجزاء السفينة. شعروا أن السفينة بدأت تنزلق
من تحتهم. برقت عدة أضواء. ثم انطفأت. . صاح أحدهم: «(إنها أضواء
الطوارئ». أصيب وقاد السفينة بجرح خطير في رأسه. وبدأت قطرات
إلدم تساقط على الصمائع المعدنية: تم وحنب على راكيليه [لوضول إل
سلم معدني عمودي. بدأ يتسلقه بجنون, تبعه كل أولئك الذين لا يزالون

-286-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

يستطيعون التحرك. كانوا غافلين عن أي شيء إلا الفرار. اصطدم تيار
شديد من الماء ببعضهم وجرفهم من السلم. ثم جاءت أضواء الطوارئ.
من خلفهم» بحر دين «ادبانة صررر أنوانت: ضرب أحد البحارة
بعنف الياب الأخير من أبواب القبو وانفتح البابت: ٠‏ وهرع الجميع عبر
الممر الضيق والداكن» محدثين ضجة قوية في الأرفف والأنابيب.
في الأعلى في غرف المعيشة لم يكن الأمر مختلفاً كثيراً. كان هناك
أنين» وصراخ» وتحطم المعدات جعل أجزاءها تتناثر في الأرجاء
وتصطدم بالجدران. كان هناك هاتف يتدلى من سلكه. تحطمت
مضخات ثقيلة داخل أماكن النوم» هوت على البحارة» سحقتهم
وشوّهتهم خلال رحلتهم في أرجاء السفينة. فقد الرجال قدرتهم على
المشي وزحفوا للأمام على اليدين والركبتين. جعلتهم موجة أخرى
يرتدون إلى الخلف. وأمسك بعضهم بالبعض الآخر من الأرجل
والأحزمة إلى أن يصلوا إلى السلالم لكي يتسلقوها. ووصلوا إلى بهو
السفينة فوجدوه غارقاً في المياه إلى حد الركبء واعتماداً على الجهة
التي كانت تميل إليها السفينة» فإن الماء كان يعلو فوق الطاولات. لم
يكن هناك أي طريق من خلال البهوء فقد تكوم عند بابه مزيج من الأثاث
د وأكياس الطحين المشبعة بالماء.
نجح البعض في الصعود إلى سطح السفينة . ثم وقعت الدراماء مالت
المدمرة حجان وبقيت على هذا النحو. وقد تهشمت معدات الإجلاء
الخاصة بحالات الطوارئ بواسطة الحطام المتساقط. لم يكن هناك
أي داع لركوب القوارب» لأن ذلك قد يرقى إلى مستوى الانتتحار.
وبينما كانت القوارب لا تزال تتدلى من الرافعات» فإنها تهشمت عندما
اصطدمت بجوانب السفينة الفولاذية. بقي القبطان جيم ماركس في
ممشى غرفة القيادة» منتصباً مثل شاهد القبر» ويراقب طاقمه» ويتأكد
من أن الجميع كانوا يرتدون سترة نجاة. اندفعت موجة عاتية وهادرة
وجرفت كل من كان على سطح السفينة دون حبل نجاة» تبعتها موجة
-287-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

أخرى» قبل انقللاب السفينة قفز جيم ماركس في البحر. . أوائك الذين
تمكنوا من الفرار تشيثوا بأي قطعة من الحطام يمكنهم العثور عليها.
لكن معظمهم كانوا محاصرين تحت سطح السفينة ولم ينجحوا في
الخروج منها أبداً. . من بين 263 ضابطأ وجنديا كانوا على متن المدمرة
هالء من أولئك الذين عانوا ليلة أخرى من الرعب على العوامات في
البحر المفتوح» تم إنقاذ 1 فردا.

لا بد أن يكون بروس غاريت» ربان المدمرة موناغان» قد تعرض لمصير
مشابه. تعطلت محرّكات التوجيه فيها وبدأت تزأر بسدة» وتُركت تحت
رحمة البحر. كانت السفيئة تتمايل وتصدر صريراً. طار مقود القيادة عالياً في
الهواء. أما طواقم الطوارئ» المربوطة بحبال الآمان إلى السلالم؛ بحيث لا
نم جرفها عن ظهر السفينة؛ ركبت الحبال إلى مستوى الورك بين الدعامات
والبوابات لاستخدامها كحبال نجاة. في كل مكان من حولهم كانت أجزاء
السفينة التي فوق السطح ملتفة وملتوية» وتم حجب سلالم السفينة بواسطة
الحطام. وسمع هناك صوت تمزق آخر عندما انهار أحد الحواجز.

كان مجموعة من الرجال يرتدون سترات النجاة البرتقالية متخفين
وراء حجرة مدير الدفة بحثاً عن أمان مخادع؛ كان كل واحد منهم يدعو
ضامنا! آيااونة أرسل علينا ويدف لايقافه البكر العناحب» :.. بذاك
تنجرف صفائح كبيرة من الخشب الأخضر الداكن من بداية السفينة إلى
المؤخرة» وتصطدم عند هيكل غرفة القيادة بقوة مدمرة. كانت السفينة
لتسلق: أسحن جوانب الموجة لتهوي في الحض يض مع خبط وحشي

بلا رادع لمراوحها التي تخفق بقوة لتفسح لها ممرأ في الماء. تمايلت
السفينة مرة أخرى بشكل يثير الغثيان» ويبدو أنها كانت معجزة أنها في
كل مرة تنجح من جديد.

وفي الأسفل عند غرفة المحرك؛ رفض رئيس الميكانيكيين الاستسلام
للخوف. أطفأ التوربينات التي كانت تدور بشكل وحشي عندما ضربه
سيل جارف من الماء ودفعه إلى جانب السفيئة» ثم مات وحيداً.

-288-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لم تصل تقارير جديدة» ولا نداء للمساعدة» ولم ب يبِقّ أي ضابط على
ول الحياة إثر فاجعة المدمرة موناغان. وصف مكراين أحد الناجين
إ.ءة؛ ما حصل قائلا: «ما عرفناه فيما بعد أننا كنا سوية» واندفعنا إلى
الخارج» أما أولئك الذين قمفزوا في البجعر انيه وسيم الأمواج بقوة
لبرتطموا بشدة بأل جوانب السفينة - عندها طرت أنا فى الهواء.
وسمعت زميلي غيو يقول: : «مهلاء جوء التقط طوافة النجاة تلك)2" ثم
استدارت الطوافة وكان علينا انتشال الجميع. توفي غولو في وقت لاحق
على متن تلك الطوافة ودفناه في البحر.

في حوالي الساعة 11:00. صباحاً انقلبت المدمرة سبنس» تصاعدت
موجة هائلة ثم تكورت واجتاحت سطح السفينة. عندما تلاشت شت الموجة
ايت التتفنة أيضا. لقد حدث الأمر بشكل مفاجئ للغاية ولم ينج
سوى أربعة وعشرين شخصاً فقط.

عند متتصف نهار يوم 19 كانون الأول» حصل الأشخاص المتعبون
والمرضى الذين كانوا في داخل السفينة» على الشيء الذي يريح رؤوسهم
وهو الإحساس بالسكون. وقد تراجعت الضوضاء إلى أن تلاشت على
شكل همهمة بعيدة. ما كان كابوساً صاخباً تحول الآن إلى سكون
وهدوء. كانت الأشياء الوحيدة التي أبقتهم على قيد الحياة هي الملابس
الجافة والحساء الساخن. كان الناجون يتحركون بصعوبة على سطح
السفينة وسط مشاعر من الحيرة والاغتراب. وكان ضوء الشمس الساطع
يقتحم مقل عيونهم. وكانوا مصدومينء كأنهم يحدقون في كابوسء ولا
يرون سوى ما كان أمامهم مباشرة» كأنه مشهد من ساحة المعركة. كان
هناك ثقب كبير في سطح السفينة عند موضع المدفع الأمامي» وكانت
هناك رافعة فقدت دعامتهاء وتدلى ذراعها على شكل زاوية وهو يترنح

في الهواء. ارتطمت قطع منبعجة من أجزاء سطح السفينة» بجوانب
خزانات الذخيرة. كانت تطفو فوق الماء صناديق» وباللات تحوي أشياء

-١‏ زميل السلاح جوزيف غويو.
-289-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

متنوعة» وسترات النجاة البرتقالية اللون. ثم اختفت. كان هناك الكثير
من الأمواج ومن السفن البحرية المتضررة. تنائرت في المحيط قطع
الأسطول الحربي التي تكبدت خسائر فظيعة.

انطلقت بسرعة الرياح التي كان اليابانيون يطلقون عي اسم
كاميكازي - الريح الإلهية -» كانت أكثر عنفا وتدميرا من أي شيء
يمكن أن يتصوره أي إنسان. ومن عاشوا تلك اللحظات حكوا لاطفالهم
وأحبائهم عن اليوم المرعب الذي عاشوه.

في 19 كانون الأول 21944 وفي الساعة 09:22 صباحاًء أرسل قائد
الأسطول الثالثء الأدميرال هالسيء برقية غاية في السرية إلى قيادة
أسطول المحيط الهادئ في بيرل هاربور:

كان مركز الإعصار يتحرك على بعد ثلاثين ميلاً عن السفينة التي
ترشد الأسطول عند منتصف اليوم الثامن عشر من هذا الشهر» تعرض
الأسطول إلى ضربة شديدة أشار التقري رالوارد من السفينة تابري زر إل ى أن
المدمرة هال قد انقلبت بعد إرسالها إشارة تحذيرية قصيرة عند الساعة
العاشرة والنصف... نجا فقط عشرة مجندين. لا يزال هناك عدد لا
يحصى من التائهين.

ممن لايعرف شيئاً عنهم تقوم السفينة ماتاكو بسحب المدمرة
المعطلة إلى جزيرة يوليثي. تم إرسال السفن مونتيري وكاوبنيس وسان
جوسينتو وجيكاريلا إلى جزيرة يوليئي لغرض تصليحهاء أما السفن
دايسون ولوس وبينهام وهيكوكس وألوين وديوي وتابرير فقد تعرضت
إلى أضرار مختلفة وستنضم إلى السفن المعطلة.

لم يكن الأدميرال يعلم حتى ذلك الحين بفقدان المدمرتين مونوغان
وسبينسء أما الوحدات الرئيسية التي تطلّب الأمر إجراء تصليحات طارئة
عليها فقد كانت حاملات الطائرات كاوين» :و كابوك» ولكستتورن:
وتيكونديروجاء وإسكسء ولانجلي. والبارجة أيوا. وسيتم فقدان هذه
الوحدات الرئيسية في معركة الفلبين القادمة.

-290-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ما فشلت أسراب الطائرات الانتحارية اليابانية (الكاميكازي) فى
تحقيقه» تمكية الريح المقدسة من إنجازه. منحت هذه الحقيقة فوة
دفع هائلة لمعنويات المقاتلين اليابانيين. كانوا يعتقدون. كما حدث قبل
سبعة قرونء أن الرياح الإلهية قد أنقذت بلادهم من الغزو.

بعد التحقيق الذي أجراه مجلس البحرية الأمريكي في مأساة بحر
الفلبين» وقع الأدميرال «بول» هالسي على بيان8» اختتمه بالتالى:

لا أرغب في تجنب مسؤوليتي في هذه الظروف. ومع ذلكء أود أيضاً أن
أذكر بشكل لا لبس فيه أنه في كل من كانون الأول 1944؛ وحزيران 1945: لم
تقدم خدمات الإنذار بالأعاصير الجوية معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب
والتي كانت ضرورية لتمكيني من اتخاذ إجراءات تجنب تلك الظروف في
الوقت المناسب. وبسبب هذا التقصير أطلب إعفائى من المسؤولية.

دبليو. ف. هالسى

كان هناك تعديل أصدره قائد البحرية الأمريكية» الأدميرال كينغ»
مدنا ركواف] علب هون قل وزير السد 1

أنا أرى أن إجراءات ونتائج وتوصيات محاكم التحقيق والسلطة
الممنوحة لا يمكن تعديلها بأي شكل من الأشكالء وأن المسؤولية
الأساسية عن الأضرار والخسائر الناجمة عن العواصف... تقع على
عاتق قائد الأسطول الثالثء الآدميرال ويليام ف. هالسي.

خسر 790 فرداً من البحارة الأمريكيين حياتهم.

أما أولئك الذين نجوا من الإعصار فنظروا إلى الأمر على أنه معجزة.

1- موافقة البحرية رقم 12 بتاريخ 29 أيلول 1945.
2- موافقة البحرية رقم 14 بتاريخ 23 تشرين الثاني 1945.

-291-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

4 معطم 066 2 اع م5 9ن 5 ,عوانا8 106 01 881016

0زم 01م

قان 51 881

عه
كيدا اخ باع 1 4

م
0-١ .‏ ا
سحا كي ١‏

(100نهم) يدم 05 31:0

به

-292-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

طوفان من الثار
24 كانون الأول 1944

أيها الأب القادر الرحيم» إننا نتضرع
إليك بعظيم فضلكء. أن توقف هذه
الأمطار الغزيرة التى اضطررنا لمواجهتها.
- م 5
امنحنا طقسا صاحيا من أجل المعركة.
ه قسيس الجيش الأمريكي جيمس أونيل؛
من «دعاء الجنرال باتون».
2 كانون الأول 1944.
الم يتبق سوى تسعة أيام فقط لعيد الميلاد. والعد مستمر)» هتف
ديفيس جيمس وهو مظلي شاب في الجيش الاأمريكي يحمل الرقم
المتسلسل 44-7812/137554143 من حي برونكس في مديئة نيويورك.
اابحلول عيد الميلاد» سنكون فى المنزل»» أجابه زميله» جون د.
فورد؛ الذي يحمل الرقم 44-016332143. وهو جندي في فرقة السلاح
المجوقل الأمريكية 1 قبل دقائق من صعودهم على متن شاحنة.
حدث ذلك في يوم السادس عشر من كانون الأول 1944.
الأراهن أنهم سيجعلوننا نقوم بإنزال في برلين».
لم يكونوا متوجهين إلى برلين» بل إلى مكان ذي منظر ثلجي لم

000

يسمعوا به قط. باستون وهي بلدة صغيرة تقع عند سلسلة جبال أردين

1- رهي منطقة غابات تقع بين بلجيكا ولوكسمبورغ وفرنسا. المترجم.

-293-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

قتل الجندي جيه في 20 كانون الأول» أما صديقه جوني فقد فتل

في الثامن عشر من كانون الأول 1944.

كان الليفتنانت كولونيل تعره اصمدط جسرس كر 06 )07 يواكيم يوخين
بيبر» وهو في التاسعة والعشرين من العمر من أصغر القادة الميدانيين في
فرقة النخبة الألمانية (#مون#/متدة) الحرس الشخصي لهتلر التابعة
لمنظمة الأس أس (55 772675) الجناح العسكري للحزب النازي يسابق
جميع الوحدات الأخرى المهاجمة من فوج الحرس الخاص لهتلر(55
ومثعنس 1ط ]71 40011 16:دومعاكطتء.1) كان الهدف هو السيطرة على
خطوط السكك الحديدية والجسور المقامة على نهر الميز...

خاطبه أحدهم قائلاً: «ليفتنانت كولونيل لا بد أن تكون الجسور
الحجرية التى أمامنا ملغمة».

صاح بيبر: التذهب إلى الجحيم؛ سوف نتوجه إليها!» وهو متأكد
من أن النصر في قبضته. وقد تم اختيار رجاله خصيصا لهذه المهمة.
وجميعهم من دوي الخبرة في القتال الفريتهة: فالدبابات التي كانت
بحوزته» هي من أفضل ما أمكن لألمانيا أن تنتجه فهي تسحق الأسوار
السوق المهجور «8431656 نال 2136)© فى بلدة ريفية صغيرة. وقد كان
ذلك هو المكان الذي فتحت فيه قاذفة الصواريخ الأمريكية البازوكا
التابعة لكتيبة الجيش الأمريكي تحت قيادة الرائد سوليس نيرانها كانت
تسبب من الضوضاء أكثر مما تسببه من الأذى. كان سائق إحدى الدبابات
من طراز تايغر 7186711 © مرتبك للغاية بسبب الدوي الذي يتردد داخل
1- بالألمانية في الأصل.. المترجم.
2- بالفرنسية في الأصل. المترجم.

3- احدث نسخة من دبابة القتال الرئيسية الألمانية» بانزر 6) أو تايغر 2. كانت أقوى مما
كل ما تمتلكه قوات الحلفاء.

-294-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

ررن مركبته الفولاذي لدرجة أنه فقد السيطرة ة ودخل في أحد المنازل.
قظا الحني ا كول ة على الدارة: . تراجعت الدبابة التي يبلغ وزنها 60 طناء
وهي مغطاة بالغبار والطوب. اندفعت دبابة أخرى إل الأمام وهرست
53 ا 0 عات و 00 0
البعض الآخر منهم 0 إلى لأزقة. بلاحنيه وابل من الرصاص يطلقه
متتبعوهم وحينما يقفز جندي أمريكي في إحدى الحفر التي خلفتها
القذائف يجد فيها ثلاثة من زملائه الموتى. حشرت مجموعة أخرى من
الجنود الأمريكيين أنفسهم في أحد الخنادق وراء مدفع رشاش ثقيل.
تهتاج المزيد من الدبابات الضخمة في الشارع الرئيس حتى تصل إلى
حاجزها النهائي» وهو عبارة عن صف من الألغام المضادة للدبابات.
أما مشاة الدبايات فقد 0 اليج 1 0 العقبات 3
الا لساك ادر شاط فى طريقه با تقدمنت اه تايغر
تزن كل واحدة 60 طناً. وسط كرة من نار» توقفت الدبابتان في الطريق»
وانفجرت جنازيرها. لكن الطريق أصبح سالكاًء وتحركت القوة الهائلة

أما الرائد في الجيش الأمريكيء الذي كان متحمساً للقتال مع الجيش
الألماني بأكمله؛ فإنه سحب أخيراً رجاله فى اتجاه آخرء لمطاردة ديابات
بيبر. كان هناك شيء يعرفه الرائد سولسء وليس للألمان علم به. . وهو
أن في مشارف مدينة ستافيلوء تكدست آلاف البراميل من الوقود كانت

: مخبأة بشكل جيد تحت مظلة من الأشجار» كانت تحوي: 13 مليون لتر
من مادة البترون الثمينة. الذي يمثل غذاء الدبابات! الله وحده يعلم ما

-295-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الذي سيحدث إذا تمكن الألمان من الحصول على هذا الكنز. لا يمكن
لأحد أن يوقفهم في تلك اللحظة. كان يعرف ما يجب عليه فعله. وعلى
النقيض من خصومهم الألمان» حيث تتم مكافأة المبادرة الشخصية في
كثير من الأحيان بطلقة في الرقبة» كثيراً ما يتخذ الضباط الأميركيون
القرارات على الفورء دون الحاجة إلى الرجوع إلى آمرهم الذي يكون
متواجدا في المقر الرئيس للقيادة

أصدر سوليس أوامره: «خذوا دزينة من البراميل» اسكبوا البنزين عبر
الطريق» ثم قوموا بضرب هذه الحاويات اللعينة لتشتعل عالياً في السماء
بمجرد أن يشم أول ألماني رائحة منها». وقد أخذ بنظر الاعتبار» أن
يضع وحدتين من وحدات قذائف البازوكا بعيدا بما يكفي لسلامتهماء
ولكنهما قريبتين بما يكفي لإشعال ثقب في أكوام براميل الوقود.

كانت هناك أربع عشرة دبابة على رأسها بيبر تسير على بعد ميلين من
أكبر مستودع للبنزين في الجبهة الغربية. ركنت الدبابة الأولى مقدمتها
الحادة قرب منعطف في طريق الغابات.

عندما اشتعلت النيران في إسفلت الشارع الذي أمامها. اضطر رتل
مكون من أربع عشرة دبابة إلى التوقف المفاجئ. لماذا تسير وسط
حجاب من النار إذا كان هناك طريق آخر قريب؟ تراجعت الدبابات»
وقررت الابتعاد عن الطريق الذي اشتعلت فيه النيران.

كان الوقت ظهراً. . وقد فات على الهجوم الألماني على منطقة آردين
0 ساعة. لم يحدث أبدأ من قبل أن كان هناك جيش أمريكي غير مستعد
تماماً هكذا لهجوم ألماني.

ايجب أن يكون هدفنا الوحيد هو تحسين الوضع في الغرب..
الشيء الوحيد الذي ليس في صالحنا هو الموقف في الجو. لذلك» نحن
مضطرون لتحقيق أقصى استفادة من الطقس السيوع» والشيتاء» .

هكذا نصت الأوامر السرية التي أصدرها أدولف هتلر إلى قادة

-296-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الجيش في 12 كانون الأول 1944 0. . منل تطويق جيوشه في بلدة فاليز
الفرنسية» واختراق الحلفاء لقواته في أفرانش (تموز- آب 1944). كان
متلر يخطط «للهجوم النهائي والحاسم». كانت جيوش الحلفاء قد
حررت باريس (في نهاية آب 1944). أعقب ذلك بفترة قصيرة تنفيذ خطة
الجنرال مونتغمري التي عرفت بالاسم الرمزي «عملية ماركت غاردن
رولجة © أ6عاتة!/1 6:2102م10 والتي كانت تقضي بأن تتقدم مجموعة

من الجيوش البريطانية بعملية خاطفة» بمساعدة فرق من المظليين»
للاستيلاء على الجسر المقام عبر نهر الراين ويؤدي إلى بلدة أرنهم
الهولندية» ومن هناك» إلين المانيا عزو هو لنذا. يبدو أنه لم يكن هناك أي
شيء يوقف عربات القوات المتحالفة. . ثم» فجأة» بدأ تقدمهم الشديد في
التراجع. وقد أقنع هذا القائد العام لقوات الحلفاء الجنرال آيزنهاور: بناء
على نصيحة الجنرال عمر برادلي؛ بإعادة الجنرال باتون للخدمة لتولي
قيادة الجيش الأمريكي الثالث. جم وضع بانرن في ججانه التطان» وصادرت
اليه الأوامر بدعم الجهود البريطانية في أرنهم عن طريق القيام بهجوم
تضليلي في جنوب بلجيكا. تحولت عملية (ماركت غولدن» إلى كارثة:
لقد تم القضاء على كتائب المظليين البريطانية وبولندا الحرة» ولم تنجح
محاولة اقتحام قلب ألمانيا عبر هولندا.

في خريف عام 1944» قررت القيادة العليا الألمانية أن نقطة انطلاق
الهعجوم ستكون من الأراضي المرتفعة الممتدة من الحدود الألمانية
إلى لوكسمبورغ وبلجيكاء عبر جبال أردين» ومن إيشترناخ في الجنوب
إلى سانت فيث في الشمال. منح هتلر هذه العملية اسماً مناسباً حماة

3

الراين لمتعط؟1 بع غطءة/17 216) © (عصنطظ عطا ده معدي ع1)©. .تم
تغييره فى اللحظة الأخيرة إلى «عملية هربستنبل»)» أو «ضباب الخريف».

1- راجع : : 2 لاعطء نانع[ جع 1150 دسا عأمممستاعة 1 .
2- أغنية الكانة شعبية ة خلال الحرب العالمية الأولى.
3- قصيدة للشاعر ماكس شنيكنبيرغر (1849-1819) بعنوان الحارس عند نهر الراين.

-297-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وهو الاسم المناسب منذ أن بات تقدم القوات الألمانية يعتمد على سوء
الأحوال الجوية.

في مواجهة الألمان كانت هناك مجموعة من الجيوش البرية تحت
قيادة الجنرال برادلي: الجيش الأمريكي الأول تحت قيادة الجنرال
هودجز. التاسع تحت قيادة الجنرال سيميسونل» والتالق تحت قيادة
الجنرال باتون. وكان الأكثر مدعاة للقلق هو الأسطول الجوي الضخم
للحلفاء: 4700 طائرة مقاتلة» و4000 طائرة استطلاع. و6000 قاذفة
متوسطة وثقيلة. وقد فرض هذا العامل شن هجوم بري خلال فترة يكون
فيا سوه الاأخوال التحوية ألثر امو كذ ويح لمدرة ة طويلة”". بدأ خبراء
الأرصاد الجوية الألمان»ء تحت إشراف الدكتور شوسترء بالعمل. بعد
دراسة الظروف الجوية السائدة لعدد من السنوات» استقروا على أن يبدأ
الهجوم في كانون الأول

لم يكن الجنرال باتون المتهور سعيداً على الإطلاق في تكليفه
بواجب الإسناد؛ لم تكن هذه طريقته في خوض الحروب. اتصل
بالجنرال أيزنهاور وتوسل إليه وتجادل معه حتى أعطاه الإذن لدفع
الجيش الثالث حتى نهر الراين قبل بداية فصل الشتاء. كان الفيلق الثاني
عشر التابع لجيش باتون» تحت قيادة الجنرال إيدي» يتقدم نحو مدينة
نانسي الفرنسية» في حين أن الفيلق العشرين الذي كان بإمرة الجنرال
ووكر كان من المقرر أن يستولي على مدينة متز الفرنسية. تم تعيين موعد
الهجوم في 7 تشرين الثاني» وعندما طلب الجنرال إيدي تأجيله بسبب
الظروف الجوية السيئة» نظر إليه الجنرال باتون شزراً بطريقته المعهودة
وخاطبه قائلاً: «إذا كنت لا تستطيع الهجوم. أرجو أن تقترح اسم قائد
يخلفك». شن الجنرال إيدي هجومه في 8 تشرين الثاني» وكانت دباباته

1- عندما يرتفع الهواء الدافئ ويبرد إلى درجة حرارة نقطة الندى» فإنه يتحول إلى تراكم
مرئي من قطرات الماء الصغيرة أو بلورات الجليد الدقيقة» والتى تبقى بعد ذلك نشطة
في الغلاف الجوي. نحن نسميها سحابة» أو ضباب. ويمكن أن تبقى معلقة هناك لفترة
طويلة.

-298-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

م ال ل ا 0
متحي اطق :00 مارت اران | او

في 16 تشرين الثاني» وبدعم من 2500 قاذفة قنابل ثقيلة» بدأت أربع
فرق من اللجيش الأمريكي الأول والثاني بالقيام بعمليات قتالية في بلدة
0 الألمانية وتلتها معركة مريرة استهدفت السيطرة على

نهر الرور: فاك د ار 0
جرى لأجل السيطرة على فوسناتش» وهي قرية صغيرة تعتبر مفترقاً
للطرق. . تركها السكياة ال لهال: ثم استعادوهاء ثماني وعشرين مرة!
نجاحهم في تأجيل تفوق الحلفاء البري الذي كان بنسبة ثمانية إلى واحد
فى الدبابات» مهد الطريق لمعركة الثغرة القادمة). كل ما استلزمه الأمر
وراد اد ححيا ها الحيوم الشيهاء, كات من المتوقع حصول :ذلك
في الأسبوع الثاني من شهر كانون الأول. تم تأجيل الهجوم مرتين؛ ولكن
في 12 كانون الأول» تم تحديد موعد الهجوم عند الساعة 05:30» من
صباح يوم 16 كانون الأول 1944. وقد أعطى هتلر أوامر محددة تبعث
بكلماته عشية مع ر كته فى قرية ليتوين البولندية فى 2 كانون الأول 1757 ©:

القد حانت ساعتك» كل شيء أصبح على المحك».

«ممتاز» ممتاز)» تم: تمتم المشير غيرد فون روندشتيدت ذو الوجه
المنجهم. وهو يدرس ك0 تقارير الطقسء» انشير التوقعات إلى
استمرار الأجواء السيكة). ٠‏ نعم) كان الطقس السب أخانا جيدة» لأنه

1 - يسمونه الألمان هجوم أردين.

2- حقق فريدريك الكبير» وسط روف صعبة؛ نصراً في اللحظة الأخيرة على النمساويين
الذين كانوا على وشك غزو بروسيا. عندما سار رجال الشرطة البروسيين إلى المعركة؛
وهم يعنون. مان أتعك الضباط الملك: «هل أوقفهم عن الغناء؟» كل" أبذاء مع هؤلاء
الرجال سيضمن لي الله النصر اليوم بالتأكيد.

-299-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

سوف يبقي طائرات قوة الحلفاء الجوية جائمة على الأرض. يمكن
للألمان مواجهة دباباتهم واحدة مقابل واحدة» ولكن لا شيء يمكن
لقوتهم الجوية أن تفعله للتغلب على التفوق الجوي للعدو. كان بإمكان
الجنرال باتون وجيشه الثالث استدعاء أكثر من 1300 قاذفة قنابل ثقيلة من
طراز الحصن الطائر وعووء 1ه" عنايزا1 ومن طراز ليبر اتور 110612101
كان روندشتيدت يدرك ماذا يمكن أن يقع لو سيطرت طائر ات الحلفاء
على الأجواء فهي ستجعل دباباته ا مقووها حتى توجيه هتلر
العملياتي شدّد على «الاستفادة من تأثير عنصر المفاجأة وشن الهجوم
خلال الفترة التي تكون فيها الظروف الجوية غير مواتية لطيران العدو).

تحعا القنادة الكاملةاسة المقير عير فون زوث ل تتندت» تكونت
قوات الهجوم الألمانية من مجموعة الجيش بي (نموذج المشير)»
والتي تتألف «ابتداءً من الشمال إلى الجنوب) من الجيش الخامس
عشر وجيش الدبابات السادس التابع لمنظمة الحزب النازي تحت قيادة
أوبرغروبن فوهرر 005618111826111116/167) 55 ١‏ سيب ديتريش وكان
هدفه الاستيلاء على مدينة لياج البلجيكية» وجيش الدبابات الخامس
بقيادة الجنرال هاسو فون وكانت مدينة أنتويرب الهولندية هى الهدف»
والجيش السابع؛ والجيش الأول» مع مجموعة الجيش ]5 بقيادة الجنرال
بلاسكوفيتز لتأمين الجناح الجنوبي. كان من المقرر أن يتم تنفيذ حملة
الحرب الخاطفة من قبل جيش الدبابات السادس التابع لمنظمة الحزب
النازي 55 وجيش الدبابات الخامس وفي جلسة الإحاطة النهائية في
القيادة العليا الألمانية تم التأكيد على أن مفتاح الاختراق الألماني هو
السيطرة على الجسور المقامة على نهر الميز دون أن يمسها الأذى» وأن
يتم ذلك خلال ثمان وأربعين ساعة. . واستدعى هذا التغلب السريع على
مراكز القوة الرئيسية للحلفاء في سانت فيث وباستوجن. . وبمجرد تحقيق
ذلك» ستتجه جيوش الدبابات شمالا وئة الطريق بالكامل على قوات

1د ر اجع : للاعووء1 سل عرعه]ظ ,اقطجاوة]؟ امرعوع 0

-300-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لحلفاء في بلجيكا وهولندا (بقيادة الفيلد مارشال مونتغمري) فى حركة
تملويق مشابهة لتلك التي تم تنفيذها بنجاح في حزيران 1940. لكن لم يعد
ونم التعيضن الالمالى في عام 1940؛ كانت أرض الآباء (200/سع/و/[ )1
في عامها السادس من الحربء وقد عانت الأمة من الحرمان الرهيب
والخسائر التي لا يمكن تعويضها. في مساء جلسة الإحاطة النهائية» كان
جميع المشاركين يعرفون أن هجوم آردين كان آخر صيحة ابتهاج يمكن
أن تعيشها ألمانيا. إذا لم يتمكنوا من الوصول إلى أهدافهم خلال ثمان
وأربعين ساعة» سينتهي كل شيء©.

استعد حماة الراين(ضأعط8 صة غطعة7 156)©. وكان 250 ألف
جندي ألماني ينتظرون أمر التقدم. تم الانتهاء من التحضيرات النهائية.
أن الخترال يايرلين؟+ قائد فرقة الدبابات من النخبة(ماء.ط رمعموط) بخزن
احتياطيات مادة البنزين الثمينة داخل نفق للسكك الحديدية بالقرب من
مدينة كوتشيم لإبعادها عن طريق الأذى. كانت الثلوج تتساقط خلال
الليل» والريف كان يذروه غبار أبيض مثل السكر وتعلوه طبقة من اللون
الأبيض النقي» غطت أهوال الأسابيع السابقة التي شهدت أعمال قتل
متذبذبة والتي ما كانت تنتهي حتى تعود مرة أخرى.

في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحاًء يوم السادس عشر من
كانون الأول 1944» اهتزت الأرض جراء سقوط القذائف حيث كانت
أعداد كبيرة من قاذفات فى 802185 هتناير11 1-1 تزأر فى السماء» فيما
كان تشكيل من الدبابات الألمانية يتقدم وسط مشاهد حلول فصل الشتاء.

اندفعت طليعة دبابات وحدات فرقة ال أس أس 55 السادسة وهى
النطية السكرية الناسة الحرية النازى بقادة الججر ال دتري اجر
مواقع بالقرب من مدينة مونشاو الألمانية» التي كان قد استولى عليها

1- بالألمانية في الأصل. المترجم.
2- فرقة تدريب الدبابات هاوووء1 مذ ءعه11 ,لقطمادء'1] أمجعمء .

3- بالألمانية في الأصل. المترجم.

-301-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الفيلق الخامس للجيش الأمريكي بقيادة الجنرال جيراو الذي أرسل,
وقد نولت عليه المفاعأة شك كامالء كتييعين لمتساندة وحد الك افرفة
المشاة التاسعة والتسعين. التي باتت تتعرض لضغوط شديدة في وادي
لوسهايم» تسارعت وعدا من المجموعة القتالية (ءممنايجهام صم )
التي يقودها يواخيم بيبر نحو مواضع فيها تسع مئة رجل من فوج الفرسان
الرابع عشر بقيادة الكولونيل مارك ديفاين من الفيلق الثامن لجيش
الولايات المتحدة. قدّر لوحدة أمريكية صغيرة تحت قيادة الملازم بوب
ريبا والرقيب جون بانيستر أن تكون أول من يصطدم مع دبابات بيبر.
لقد كان أسبوعاً هادئاً. لأول مرة منذ فترة طويلة غسل الجنود أجسادهم
وغيروا جواربهم. تم نصب مدفعهم الرشاش الثقيل في الطابق الثاني
لبيت ريفي يقع على حافة قرية كروينكل. من هناك؛ يمكن أن يمطروا
بالرصاص أي جندي مشاة ألماني قد يجرؤ على الهجوم مرة أخرى.
لكن الجميع كانوا يعرفون أن الآلمان كانوا منهارين. كان ذلك بالأمس.
وهم الآن يجلسون القرفصاء خلف أسلحتهم ويطلقون النار إلى أن
تتوهج البراميل. كانت هناك صفوف من الألمان الذين يرتدون ملابس
بيضاء تتقدم عبر الحقول المفتوحة وراء المركبات المجنزرة. وفي
غضون دقاتقء لم يعد بونيستر يرى سوى القتلى الراقدين في الثلح,
وكان الجرحى يزحفون إلى الخلف. كان على يقين من أنهم لم يواجهوا '
سوى هجوم طفيف» ونجحوا في إيقافه.

ااسيدي الرقيب إنهم يهاجموننا»» صرخ أحد رجاله.

(إلى الجحيم نحن باقون». حدث ذلك قبل ظهور خمس دبابات
ألمانية ضخمة من طراز «بانثر»» ومزقت قذائفها القرية.

"قم بتحريك المركبات حرّكها -صاح ريبا-. لنذهب إلى هولشايم».

أنشأ ريبا موضعاً جديداً في هولشايم. ووجد هناك شيئاً أفزعه وهو
أن السكان المحليين كانوا قد تخلصوا من أي شيء يربطهم بالأمريكيين
بإلقاته في النار.

-302- لأا 2أصجغأهمره5ع الا

«أنذال» تمتم أحد رجال ريباء ما إن مرت بضع دقائق حتى رفعوا
العلم النازي.

وجاءت نحو احد اجنحتهم» مجموعة قوية من جيش الدبابات
الخامس بقيادة الجنرال -00 000 سانت فيث حيث
ور ري .تم
نسليم هذا الهدف إلى الجنرال فريهرر فون لوتفيتز وفيلق دباباته السابع
والأربعين» الذي يتكون من فرقة ة الدبايبات الثانية. وفرقة ف اليشاة الألفانة
السادسة والعشرين من قوات النخبة وفرقة الدبابات من قوات النخبة.

خاطب الجنرال فريتز بايرلين قائد فرقة الدبابات من قوات النخبة)
رجاله قائلاً: «هدفنا هو نهر الميز. هذه هي المعركة الحاسمة فى الحرب
بأكملهاء وأتوقع من كل واحد التضحية والمبادرة. لننطلق». بهذه
الكلمات قفز ليصعد إلى الدبابة التى فى الطليعة وعندما حاول مساعده
الشخصي ثنيه عن الأمرء لم يقل له سوى جملة واحدة: «ماذا يهم إذا تم
قتلي اليوم... ؟

في القيادة العامة للحلفاء» حيث كان الوضع الذي يتطور بسرعة غير
واضح. استدار الجنرال بيديل سميث نحو الجنرال عمر برادلي. قائلاً
احسنايا براد» لقد كنت تريد دائما القيام بهجوم مضاد. على ما يبدو لقد
حصلت على ذلك».

احسناً نعم»؛ أجاب برادلي» ولكني لست مجنوناً وأريده أن يكون
بهذا الحجو©.

بعد أن تلقى أخيراً البريغادير جنرال في الجيش الأمريكي بروس
1- جون تولاند معركة الثغرة.
2- وفقاً لما ذكره العقيد أوتو سكورزيني في محاكمته فإن بيبر» رغم أنه اتهم فيما بعد

بالجريمة؛ لم يكن قريبا ا من مكان الحادث؛ ولكن كان مع وحدة أخرى على بعد عدة
أميال.

-303-

لا131أ ا 01310123 مر هودع الا

كلارك إذناً لقضاء بضعة أيام من الراحة كان يستحقها تماماً في باريس
رن جرس الهاتف. كان قاتد الفرقة» الجنرال هازبروك على الخط «تم
إلغاء إجازتك بأمر من الجنرال براد» اصطحب فرقتك السابعة للدبابات
إلى مدينة باستون».

«لماذا؟ ما الأمر؟».

لا بال لاأحد لديه أدنى فكرة».

لم يصل بروس كلاراك أبداً إلى باستون. بأمر من الجنرال ميدلتون
قائد الفيلق الثامن» تمت إعادة توجيه دباباته نحو سانت فيث. باوج
هداك كان جتحيما.

أثناء ليلة 17-16 كانون الأول» صعد 1200 فرد من المظليين الألمان
من النخبة بإمرة القائد فون دير هايدت 107772700 إلى طائراتهم
700-2.. كان هدفهم: مفترق الطرق باراك ميشيل بالقرب من مدينة
مالميدي. وكانوا يريدون الاستيلاء عليها مع وصول دبابات 67م261
الوحدة القتالية التي يقودها بيبر. قام اللفتنانت كولونيل فريدريش
أوغست فون دير هيدت بطلعة اعتيادية فوق الهدف في الساعة 03:30,
صباحاً ولكن معظم الطائرات الأخرى حلقت بعيداً عن مسارها بسبب
الظروف الجوية السيئة وأخطاء في الملاحة. أنزلت خمس عشرة طائرة
من طراز 30-52 المظليين - فوق مدينة بون! هبط 200 فرد فقط فوق
الهدفء بما في ذلك قائدهم؛ الذي أصيب بجروح بالغة وأسرته دورية
أمريكية قرب مدينة مونشاو في 22 كانون الأول. أصبح القائد فون دير
هيدت ضحية المعركة حتى قبل أن يشارك فيها:

في اليوم نفسه 17 كانون الأول» وفي حوالي الساعة الواحدة ظهراً

وقعت واحدة من حوادث الحرب التي كانت سمعتها سيئة للغاية في
الغرب وأشدها انتشاراً. غطى ضباب كثيف الوديان المغطاة ة بالثلوج
وارتفعت الغيوم الخفيفة إلى المرتفعات. حجب الضباب المنخفض ما
كان يوجد أمام طليعة قوة بيبر القتالية التي كانت تدمدم على طول طريق

-304- 5
لا131طأ ا 01310123 مر هودع الا

عزوي نحو بلدة مالميدي البلجيكية. زحفت الدبابات عبر الضباب»
ئانت بنادقها جاهزة لإطلاق النار على أي شىء يتحرك أمامها. كانت
لواقم الدبابات تحدق فيما حولها من خلال الشقوق الصغيرة في
الفولاذ. كانت هناك مدرعتان نصف مزنجرة تسيران كدورية استكشاف
أمام الدبابات المتعثرة في سيرها. وقف ضابط في المركبة الأمامية» وهو
يمسك بالجزء العلوي من زجاجها الأمامي. ما حدث بعد ذلك لم يتم
توضيحه بالكامل.

ما إن بدأت المدرعتان نصف المزنجرة تطهر الطريق حتى ظهر فجأة:
من وسط الضبابء رتلاً من المركبات التي تعود إلى وحدة البطارية 8
من كتيبة المراقبة الميدانية الأمريكية رقم 285. توقفت المدرعتان
نفك المزنجهزة الالمانتان: تدريجيا عم الحركة: ونذات: مدافعهننا
الآلية بالدوران» وأرسلتا زخة من الرصاص نحو رتل الشاحنات. تكوم
الأميركيون التعساء خارج مركبتهم ورفعوا أيديهم في الهواء وهي
العلامة المتفق عليها دوليا للاستسلام.

أمر ضابط ألماني من وحدات الأس أس (ذلك الذي كان في المدرعة
لكنه بالتأكيد ليس «بيبر الذي نعرفه») الأمريكان بالتوجه إلى الحقل
الذي على جانب الطريق. وفجأة» سمع إطلاق عدة أعيرة نارية"». (استل
الضابط مسدسه الآلي وأطلق النار علينا»» على حد قول أحد الناجين
لاحقاً. وهو اللفتنانت في الجيش الأمريكي فيرجيل تي لاري. «طلقته
الأولى قتلت سائقى. وأعقب ذلك على الفور عدة رشقات نارية من
أسلحة آليةه. 2

ألقى الأمريكيون بأنفسهم على الأرضء لكن جنود قوات الأمن الخاصة
1- بعد الحربء واجه اللفتنانت كولونيل بيبر و74 من رجاله محاكمة بتهمة ارتكاب

جرائم حرب من قبل الحلفاء في داخاو. وحكم على بيبر و43 من جنود الكوماندوز

التابعين له بالإعدام. أدت الضرورة السياسية (الحرب الباردة) وكذلك الجدل ٠‏

القانونى إلى وقف عمليات الإعدام. تم إطلاق سراح بيبر من السجن في عام 19256 .

توفي خلال حريق غامض في شقته بباريس في عام1967.

-305-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

المُوجودين ظلوا يرشونهم بالرصاص. توفي العديد من الأمريكبين الذي
كان يبلغ عددهم واحد وثمانين فرداً هناك. لكن ليس جميعهم. وعندما
توقف إطلاق النار. دار رجال الأمن الذين يتكلمون اللغة الإنجليزية حول
الجرحى وسألوا عما إذا كان بإمكانهم المساعدة. ثم تم الرد على الذين
كانوا يجيبون بطلقة مسدس في رؤوسهم. تم قتل واحد واربعين جريحا.
في غضون دقائق بعد إطلاق النار» قامت الوحدة الألمانية بتسريع دوران
محركاتها وباشرت بالتحرك. ثم اختفت الدبابات في الضباب.

نجح اللفتنانت لاري وهو يتعثر في مشيته» مع بعض الناجين
المحظوظينء فى أن يعود فى النهاية إلى الخطوط الأمريكية. كان لا
يزال في حالة من الصدمة؛ وقدم تفاصيل للفظاعة التي ارتكبت. ووفقاً
لروايات أخرى؛ أطلقت بعض قوات الأمن الخاصة النار على الموتى
والجرحىء الذين كانوا مستلقين في الميدان. إطلاق النيران العشوائي هذا
الذي أعقب موجة القتل وفر القاعدة التي بنيت عليها المحاكمة اللاحقة
للمتورطين بإصدار الأمور عن عمد لارتكاب مذبحة مالميدي7.

من خلال عدد من الروايات المختلفة المتاحة» لم ترو ولا واحدة
منها القصة نفسها. زعم الألمان أن إطلاق النار بدأ بمجرد ظهور الرتل
الأمركن- الذي اعتادوا عليه أن كون مسلها امن وسيل الغنيات.
أما الرواية التي أجمع عليها الناجون الأمريكيون فتقول: إنهم قفزوا من
سياراتهم للاستسلام, ثم أمرهم ضابط وحدة الأمن الخاصة ل أسن
بالتحرك إلى الميدان قبل بدء إطلاق النار. وما إن وصلوا إلى الميدان
حتى تم إطلاق النار عليهم بدم بارد. لم ينكر أحد النتيجة. لقي واحد
وثمانون جنديا أمريكيا مصرعهم في ذلك الصباح©.

1- أظهر فيلم أنتجته هوليوود أن الأسرى كانوا يُحضرون إلى الميدان فى شاحنات ألمانية
ما بالقماش المشمع . هذه القصة لم يتم تأكيدها أبداً. تم انتشال الجثثء التي تُركت
في الميدان أثناء التقدم الألماني. خلال الهجوم المضاد الأمريكى. وتظهر الصور التى
التقطها مصور في الجيش الأمريكي بوضوح أن أياً من الضحايا لم يكن مسلحاً.

2 ر اجع : اعسمع لومخ مدعل ده ,نلو م ع1

-306-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ومع هبوط ليل اليوم الثاني» وصلت فرقة نخبة الدبابات إلى موقع
رول 16 كيلومترا شرفي مدينة باستون. وقد تعرقل تقدمها بسبب سوء
حالة الطرق الريفية المحلية. مشكلة الجنرال بايرلين أصبحت أسوأ
سيب إحدى فرق المشاة» والتي سلكت الطريق نفسه وتوقفت شاحناتها
عند تقاطعات حيوية. عند فحص خريطته. وجد الجنرال بايرلين أمامه
ثلاث طرق للاختيار من بينها. وقد تم اتخاذ القرار من خلال لقاء جمع
بين فلاح محلي وجنرال ألماني ودار الحوار التالي بينهما.

«ما هو أفضل طريق للوصول إلى باستون؟».

لم يكن المزارع» الذي أمضى بضعة أشهر في معسكر الأسرى؛ يشعر
بالود تجاه أي شيء له علاقة مهما كانت بعيدة بألمانيا. في اللحظة التي
قال فيها: «الطريق الذي يمر في قرية مغيريت»» كان قد أرسل الألمان إلى
أسوأ طريق ممكن أن يتخذه أحد ما. بعد مسافة كيلومترين فقط» انتهت
الطرق المعبدة وبدأت الوحدات المتقدمة الثقيلة تختض وسط أوحال
الممرات الريفية حيث غرزت عميقا في الطين. علقت مركبات الدعم
وتعطلت أخرى واضطر الألمان إلى دفعها لإخلاء الطريق. تقلصت
الحرب الخاطفة لفرقة الدبابات النخبة إلى مجرد دبيب على اللأرض.
استغرق الأمر حتى 19 كانون الآأول» حتى وصلت الوحدات الألمانية
الأولى إلى قرية ميغريت» وبعد يومين من الموعد المحدد كانت لا تزال
على بعد خمسة كيلومترات من الهدف. كان لتساقط الثلوج والظروف
الجوية السيئة التى أبقت طائرات الحلفاء جاثمة على الأرضء التأثير
نفسه على الألمان. فقد أبطأت حركة دباباتهم وبدون أن يعلم, أنقذ ذلك
الفلاح قوات الحلفاء: كان الطريق الريفي غير المعبد عنصراً أساسياً في
صمود الأمريكيين في باستون.

دخل الكولونيل بيبر من وحدات الأمن الخاصة 55 والليفتنانت
الأمريكي ريبا إلى هونسفيلد في الوقت نفسه تقريباء وإن كان من
اتجاهين متعاكسين. كان بيبر يمتلك الدبابات» وكان ريبا لا يملك منها

-307-

لا31طأ ا 01310123م هودع الا

شيئاً. قبل أن يتمكن الأمريكيون من الخروج من الطريق الخلفي» طرق
رجال وحدات الأمن الخاصة 55 على باب مخبثهم.

اأنتم الذين في الداخل اخرجوا رافعين أيديكم فوق رؤوسكم».

المعلمةل] معوءطمطى أزجد ونتضاءط ,تاء دهعل هل 2111 .

ص الرقيب لوفلوك» مساعد ريباء وهو يمتح الباب: «يا رفاق»,
رافيا يديه فوق رأسه0".

اندفع بيبر بدباباته قدماً. بدون أدنى توقف كان مصدر قلقه الأكبر هو
توافر الوقود لدباباته. على بعد أميال قليلة من هونسفيلد» دخلت وحدة
بيبر المتقدمة إلى حاجز نصب على ععجل على يد وحدة مشاة تابعة للفرقة
الأمريكية الثانية. قرر الأمريكيون الصمود. ونجحت صواريخهم من
نوع البازوكا في إصابة بعض المركبات الآلمانية المسرعة. وبينما كانت
تجري تلك العمليات الاستباقية» اقتربت إحدى الوحدات الاحتياطية
للفرقة المدرعة الأمريكية السابعة من قرية بوغنتز واصطدمت إحدى
دبابتها من طراز شيرمانز بالقوة الرئيسية لدبابات بيبر. لم يكن باستطاعة
ل ا ل
الذي تحمله الدبابات الألمانية القتالية» والتي كانت تشق طريقها عبر
القرية» ومن هناك توجهت نحو قرية لينيوفيل.

وفي مدخل لينيوفيل» كان هناك حارس واحدء ودبابة واحدة من
طراز شيرمان. لقد تم تركها لآن أحد جنازيرها 0 إلى إصلاح.
وفي خطوة بطولية» أطلقت النار» وبضربة حظ»؛ أشعلت النيران في
دبابة ألمانية من طراز تايغر كانت في المقدمة» قبل أن تقوم تلاك من
الدبابات الآلمانية بتوجيه مدافعها الرشاشة من طراز 5 88 على الدبابة
البطلة وتسحقها. . بعد وقت قصير من تلك المعركة القصيرة» اعتقل
رجال بيبر ضابط أمريكي كان يقود سيارته الجيب ومر من أمامهم.

21 اجع: ع1 دعل ه70١‏ ,1112019511

-308-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بود استجواب سريع» فمز بيبر إلى سيارة جيب الكولونيل في الجيش
إل مريكي وقادها إن وحداته الأمامية. لمنعهم من إطلاق النار. لم
رسا 0 الي وحدة مقر القيادة الأمريكية في

كان بيبر يتفحص المكان مر من خلال نظاراته الميدانية. تم نشر مدفعان
مضادان للدبابات مقاس 57 ملم على جانبي جسر حجريء مما منع
دخوله إلى المدينة. اتصل بمساعده الثاني فى القيادة شتاينباتز (أنت
نصيت الذئ على السار» وأنا الذئ على اليمين»: انظلقت رشتان
طويلتان من اللهب من فوهات المدافع» ولم يعد هناك وجود للمدفعين
المضادين للدبابات. تم الاستيلاء على الجسر لعدم وجود شحنات
متفجرة عليه. قبل أن يدرك الاآمريكيون ما يجري. انقضت دبابات التايغر
عليهم. بدات الذيابات الالمانية الضخمة تزمجر في المدينة. وصلت
اثنتان منها إلى سوق مدينة لياج البلجيكية عندما تعرضت كل منهما
إلى إصابة مباشرة بقذائف مدفع آخر عيار 57 ملم» وضعه هناك سولس
الرائد في الجيش الأمريكي. توقفت الدبابتان عن الحركة وخرج الدخان
الأسود من برجيهما. ألقى طاقم الدبابة بأنفسهم من مركباتهم المحترقة
وتدحرجوا على الأرض لإخماد ألسنة اللهب التي اشتعلت في بذلاتهم
الملطيخة بالد وق

قامت أربع عشرة دبابة تايغر تحت إمرة القائد كورفكين بسحق
المدافع من عيار 57 مم تحت جنازيرهاء في حين نجح الناجون من
وحدة الرائد سوليس في الانسحاب سريعاًء تطاردهم دبابات كورفكين
بحماس. اريم الديابات في طريق الغاية ووصلت إل منحدر
خفيف عندما تصاعد اللهب فجأة فى الطريق الذي أمامهم بأكمله.
لقد منع البنزين المح ق حركتهم إلى الأمام. ون الراااع ولاكني
ذلك الوقتء فلم تكن تفصل الألمان سوى بضع دقائق ئق ونصه ميل عن
الجائزة الكبرى»؛ مستودع تخزين البنزين للجيش الأمريكي في ستافيلو

-309-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الذي يحوي 13 مليون ليتر من الوقود» وهو ما يكفي ويزيد عن حاجة
جيوش دبابات هتلر للوسراع نحوء بروكسل وباريس"".

كان الوقت المناسب لواحدة من أشهر الوحدات في القوات
الأمريكية لتكلل نفسها بالمجد. بعد تنفيذ إنزالها الليلي في نورماندي
0 01 المحمولة جوأ في
الجيش الأمريكي. كان قائدها الجديد هو البريغادير جنرال أنتوني
مكوليف. بعد وقت قصير من بداية الهجوم الألماني» تلقى رسالة مشفرة
ليسرع بفرقته لتقديم المساعدة الفورية للجيش الأمريكي الأول بقيادة
اللفتنانت جنرال كورتني هودجز. في صباح يوم 18 كانون الآول. تم
تحميل جنود القائد مكوليف البالغ عددهم أحد عشر ألف فرد في 380
شاحنة وتوجهت بسرعة 180 كيلومترا فى الساعة نحو مدينة غامضة فى
ننطلنة تلذل تعطنهنا الافتعان فى الطر فك التحتوني اشرق ل لطا وى
باستون. كان عليهم أن يعززوا الفرقة الأمريكية الثامنة والثلاثين التي
هوجمت بشراسة» تحت ضغط من وحدتين عسكريتين ألمانيتين جوالة»
هما فرقة الدبابات من النخبة» والفرقة المدرعة الألمانية الثانية. فى سباق
مع الزمن» وصلت الفرقة 101 إلى باستون قبل ساعات فقط من تمكن
فرقة الدبابات من النخبة من تخليص دبابتها من الطين الذي علق بها.
في قرية ماغيريه أمر القائد مكوليف الفوج 501 بقيادة الكولونيل إيويل
بإنشاء موضع دفاعي على طول التلال شرق باستون. وجه فوجه 506
ا ل ع ا ا ل ل عندما
ظهرت دبابات فرقة النخبة في النهاية» كان الأميركيون ميحتكينة لشكل
جيد. ا 0

كانت ليلة ضباب كثيف عندما شن الجنرال بايرلين هجومه في
الساعة 30: ل ل

اسيم

-310-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ان الأمريكيون قد نصبوا مدافعهم الآلية في وضع مسار ناري ثابت»
فيما كانت نيرانهم المتقاطعة تتخلل الضباب. دوت أصوات القذائف
الأمريكية وحولت انفجارات الكبريت الضباب إلى غطاء أصفر اللون.
وسط إرباك تقدمهم من خلال الضباب الكثيف. وتساقط القذائف
وإطلاقات الرصاص من المدفعية الأمريكية غير المرئية» تشظت الفرقة
الألمانية 901 والفوج 902 بشكل كبير. كان على بايرلين أن يوقف
الهجوم على التلال المحيطة بالمدينة. . كان قلقه الكبير هو الطقس. كان
الجنرال الألماني رظنا على باسكولد وأخرى على السماء» كل شيء
على ما يرام ما دام الطفس ينا: سرت شائعة بين طواقم الدبابات»
أشارت إلى أن الأميركيين مستعدون للاستسلام؛ فيما ذكرت أخرى أن ظ
دبابات الجنرال باتون في طريقها إليهم. سواء جاء باتود أم لاء كانت
قوة دبابات القتال الألمانية الرئيسية قوة كاسحة للغاية بالنسبة للرجال
من الفرقة 101 المحمولة جواً. في سلسلة من الضربات الخاطفة»
لحك الشاناف الالداية: خول الوحدات الأمريكة باون 21
كانون الأول» أصبحت المديئة معزولة تماماً عن بقية قوات الحلفاء.
وأصبحت باستون حجر عثرة في طريق تقدم الدبابات الألمانية وتصدر
المدافعون عنها عناوين الأخبار.

كانت المعنويات والمزاج في مقرات الطواقم في القواعد الجوية
لقوات الحلفا ء في جميع أنحاء أوروبا عند مستوى الصفر. . وكان الإحباط
يتناوب مع الداسن» أرادنتك طواقم القاذفات الاندفاع إلى مساعدة القوات
البرية المحاصرة؛ لكنها لم تستطع. ا
أن هناك احتمال أن الغيوم قد تنشقع فعلاً ولكن في تلك اللحظة لم يكن
هناك أ احتمال على الإطلاق أن يكون الطقس مناسبا للتحليق. لم
تكن المشكلة فقط في الغيوم» ولكن في الارتفاع أيقاً, كانت أجيرة
تحديد الارتفاع القياسية - المعيارية - غير دقيقة انا وسط المناطق
التي يكسوها الثلج؛ انقطع تردد نبضات أعمدتها المثبتة على الأرض

-311- ش
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بسبب كتلة الثلوج العميقة. كان من المستحيل غهايا تقييم الارتفاع أو
تحديد المسافة. ومما زاد من المشكلة» أن الغيوم والأرض اندمجت
في شكل رمادي. وعلاوة على ذلك؛ كانت الاتصالات اللاسلكية بين
وحدات الاستطلاع الأرضي والقادة الجويين ضعيفة وغير متماسكة. لم
يكن هناك طريقة لتخبرهم من الأسفلء من هو الصديق ومن هو العدو.
فقد كان من المحتمل أكثر أن يقصفوا وحداتهم. وهكذا جلس الطيارون
وطواقم الطائرات ينتظرون يوماً بعد يوم.

دخل العقيد أوتو سكورزيني من فرقة وحدات الأمن الخاصة
61-5 /. وقد تركت ست سنوات من القتال بصماتها على وجهه.
وكزعيم لوحدة كوماندوز» عاش حياة مليئة بالمخاطر. لكن ذلك كان
بالضبط ما رسمه له القدر (وهتلر) - وهو أمر فريد من نوعه. الرجل
الذي خرّر موسوليني: من سيجنه الجبلي» قائد رجال الكوماندوس الذي
كان يدعى «ذو الندبة » (كانت لديه ندبة على خده إثر مشاجرة خاضها
في شبابه)» قرر الاشتراك بحماس في عملية (غريفون). وكان على رجاله
الكوماندوز وهم يرتدون ملابس أفراد الشرطة العسكرية الأمريكية» أن
يتسللوا إلى خطوط العدو ويقوموا بالتشويش على الاتصالات وتعطيل
حركة المرور. حصلوا على زيهم من معسكرات الأسرىء لكنهم واجهوا
مشكلة كبيرة: فقد كان كل الأسرى يرتدون ملابس كبيرة مكتوب عليها
بأحر ف كبيرة: 6121196861 58و11 ,160 ومعناها سيق حرب.

وقد أجاز هتلر شخصياً عملية الكوماندوز هذه. قسّم سكورزيني
رجاله إلى فرق قتالية فردية وتم تزويد كل فريق بسيارة جيب أمريكية.
ندأثت العملية بشكل سيئ. في 21 كانون الأول. أثناء اقترابهم من مدينة
مالميديء انفجرت قذيفة أمام سيارة قيادة سكورزنى. حطمت الشظايا
الزجاج الأمامي وتدلى العقيد من مقعد الراكب وحطلن الدم وجهه
وسترته القتالية. ديه بريجاله قبل لحظات من انفجار خزان الوقود
في السيارة. بدا ميتاء لكنه لم يكن كذلك, وبدلاً من السماح بنقله إلى

-312-
لا131طأ ا 01310123 مهودع الا

مستشفى ميداني» أمر الطبيب المعالج بأن يعطيه زجاجة من الكونياك:
بينما أزال طبيب الوحدة شظايا العظام وضمّد جراحه. أضاف «ذو
الندبة» جرحاً آخر في الوجه إلى مجموعته السابقة من الندوب.

لم يوقف الجرح شسخصاً مثل سكورزيني عندما لم يتمكن من الحصول
على ما يكفي من الزي العسكري الأمريكي؛ حمل رجاله إلى شاحنتين
رك استطاع الألمان الاستيلاء غلهنناء وغطاهما بقطعة من القماش
المشمع» وجعل السائقين يرتديان بذلاات اجنود أمريكيين». وهكذا
أصبحوا مستعدين للانطلاق. فرت الشاحياتة التي تحمل نجومها
البيضاء على مقصورة السائق» مسرعة من أمام حواجز الطرق الأمريكية
وهي تلوح لمواضع المدافع الرشاشة الثقيلة. عندما توقفواء قطعوا خطوط
الهاتف» وقاموا بتحويل إشارات الطريق» وعلامات الطرق الملغومة. لقد
انطلقت ست سيارات جيبء؛ وهي كل ما كان يمكن لسكوريني وضع يده
عليه» لخلق ازدحام مرور كثيف خلف خطوط الجبهة الأمريكية. حدث
أكبر نجاح لديهم مع فوج دبابات أمريكي. عندما اقترب رتل دبابات
أمريكي من طراز شيرمان من إحدى نقاط التقاطع» قام فريق سكوريني.
الذي يرتدي زي الشرطة العسكرية» بإعادة توجيه خط سيرهم وتسبب
في فقدانهم المسار الصحيح.ء ولم يتمكن مقر قيادة الفيلق الخامس في
الجيش الأمريكي من تحديد موقع دباباته ليومين متتاليين.

كانت نهاية هذه المغامرة العجيبة ترتبط مع الهوس الألماني بالتوفير في
المقاعد والمعدات. لم يكن الأمريكيون يضعون أربعة أفراد من الشرطة
العسكرية في سيارة جيب واحدة. وبالتالي فإن اكتظاظ سيارة الجيب كان
السبب في إيقافها وتم اكتشاف الألمان الذين يستقلونها. . وقد أدرك رجال
قوات الأمن الخاصة الألمان أنه بسبب ارتدائهم بذلات الجنود الأمريكان؛
فسيتم إرسالهم لامحالة إلى فرقة الإعدام باعتبارهم جواسيس

دون إطلاق النار علينا»» قال قائدهم دون أن يهتز له طرف»
الكن هناك الآلاف منا خلف خطوطكم).

-313-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ابتسم ضابط التحقيق الأمريكي قائلاً: «توقفوا عن المزاح معي. إذن,
من هو قائدكم الشجاع؟2.

العقيد سكورزينى. تركت الابتسامة وجه الأمريكان. كان هذا الاسم
كافياً لإثارة الذعر بين جميع طاقم العسكريين. كان لا بد من اتخاذ
ترتيبات أمنية خاصة. وأن تبطيع القوافل من سيرهاء وحظيت مقرات
القيادة العليا بالمزيد من الحماية"» تم تسيير دوريات على الطرق
التي تسلكها القوات الموجودة في الجبهة» واعتقل ببساطة العديد من
الأمر كنيو الح كين الديرة. كاذوا بور تق ون ما نسى مك لاحر كدرركه
دون سبب سوى لأنهم يشبهون الآلمان. قضى قبطان أمريكيء. كان
يرتدي حذاءً من نوع ألماني. أسبوعاً في السجن. وحتى أحد الجنرالات
عانى من المصير المذل للاحتجاز. «أنا الجنرال بروس كلارك». أعلن
الجنرال عندما أوقفت سيارته الجيب عند إحدى التقاطعات. حدق
رقيب الشرطة العسكرية فى عينه وخاطبه ساخراً. «وأنا البابا. انزل» أنت
رهن الاعتقال». لقد تمكن ثلاثة عشر من الرجال المتفانين من تحقيق ما
لم يكن بمقدور فرقة عسكرية أن تفعله©.

تم قطع الطريق على المجموعة القتالية التي يقودها بيبير بسبب
جحيم الوقود المحترق. فاتجهت إلى الشمال» نحو قرية بلجيكية
صعيرة تدعى تروا بونتسء استولت عليها وحدة صغيرة من المهندسين
الأمريكيين لديها مدفع واحد من عيار 57 ملم؛ وضعوه عند مدخل القرية
بالقرب من المعبر النهري الوحيد. اشتعلت النيران فى الدبابة الألمانية
الأولى إثر ضربة مباشرة» قبل قيام دبابة أخرى بإسكات المدفع :امع تققدم
الدبابات الالمانية» تفكك الجسر وسط سحابة من الغبار. لقد تم قطع
الطريق بشكل كاملء مما أجبر بيبر على الانعطاف.

اما هو وضع الوقود لدينا؟» سأل بيبر أثناء معاينته لخريطته.

1- سرت شائعة بان سكورزيني كان ينوي خطف الجنرال أيزنهاور.
7 من مقابلة للمؤلف مع أوتو سكورزيني جرت فى مدريد 1959.

-314- ل121طأا 0131م هودع ]آلا

كان الجواب محرجاً.

ضغط بيبر بإصبعه على الخريطة. «ستومونت. نحن نمر عبر قرية
ريومونت البلجيكية؛ وبحلول ليلة الغد نكون على الجانب الآخر من
نهر الميز».

فى فندق بريتانيكاء كان رجل آخر يحدق في خريطته. كان على
ادال كوردني هودجز أن يوقف تقدم بيبر الصادم.

كان يخاطب قائد فيلقه السابع: اكولية: هل هناك من تطورات؟).

رلا شيء حتى الغد).

حسناًء دعنا نرسل بعض الطائرات».

فى هذا الطقس؟».

«كقهل الطموا:

اخترقت بعض القاذفات المقاتلة من وحدات فرقة القيادة الجوية
التكتيكية التاسعة الغيوم. وفجأة اكتشفت فتحة وسط الغيوم التي تغطي
المكان» وهناك؛ أسفلهم مباشرة» كان يسير رتل دبابات بيبر. ولجت
الطائرات من خلال تلك الفتحة وأضرمت النار في عشر دبابات ألمانية
من نوع تايغر» بينما سارعت بقية الدبابات إلى الاحتماء بالأشجار. لقد
أوقفت تقدم مجموعة القائد بيبر حتى حلول الظلام. وعلى الرغم من
النجاح المحدود نسبياً الذي حققته. إلا أنها قدمت لمحة مسبقة عما
يمكن أن تحققه الضربات الجوية الضخمة في الوحدات الأرضية
المحرومة من النيران الجوية.

في ليلة 19 كانون الأولء قاد بيبر دباباته نحو قرية ستومونت. لقد
نحوا جانباً الدفاعات الهزيلة عندما ظهرت وحدة متقدمة مؤلفة من أربع
عشرة دبابة من طراز شيرمان وخمسة من «المدافع المضادة للدبابات»
من طراز 90 ملم. لقد تبادر إلى ذهن الألمان أن هذه ليست مجرد دبابات
ضالة» بل الوحدة المتقدمة لمجموعة أكبر من ذلك بكثير. إنه جيش

-315-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الجنرال باتون! أمر بيبر ثلاث دبابات أن تتدخل لفتح الطريق. اصطدمت
إحدى الدبابات بمجموعة من الألغام المضادة للدبابات واستمرت
تتدحرج في الميدان حتى انقلبت على ظهرهاء وقتل طاقمهاء وتقطعت
الثلجي مثل الزلاجات ثم توقفت فجأة. ثم زمجرت محركاتها وبدأت
ترمى العشب خلف جنازيرها أثناء تجاوزها الطريق الملغوم وتعرضت
للهجوم.

هذا الهجوم | لمضاد المفاجىء. الذي عززته فرقة من جنود المشاة
الآ (16220115وء2577). استطاءع فيه جنود ١‏ اعتقال 133

2 58 اي ا ره
رجلاً من الفرقة الثلاثين في الجيش الأمريكيء بما في ذلك قائدهم.
الرائد هال ماكووين. بعد أن علم بمذبحة مالميدي» تحول الضابط
الأمريكي إلى قائد فرقة الدبابات الألمانية: «كولونيل» هل ستعطينى
كلمتك أنه لن يخدث شئء لرجالى::وفقاً لاتفاقية جنيف؟4:

بدا بيبر متفاجئاً من طلب الرائد (الذي كان مؤشراً جيداً على أنه لا
يعرف شيئأ عن قضية مالميدي). أجاب: «أعطيكم كلمتيء أيها الرائد».
ومن المؤكد أنه حافظ على كلمته. وحرر جميع أبيواة الأميركيين»
باستثناء الرائد ماكووين الذي تمكن من الفرار أثناء الليل7).

وصلت المزيد من الوحدات الأمريكية إلى ميدان المعركة وسرعان
ما وجدت المجموعة القتالية (منزنةغ/متتنة»ظ) نفسها داخل طوق. على
الرغم من أن بيبر لا يزال يمتلك وقودا كافياً ليحاول اختراق العدوء إلا أن
هذا الخيار رفضته القيادة العليا الألمانية. أصبح وضعه يائساًء وبينما كانت
دباباته تدور في حلقة فإنها سرعان ما خرجت من العمليات القتالية فى

1- صرح ماكووين لاحقا بأنه وجد أن بيبر ليس واحداً من «هؤلاء الهون (مجموعة من
الرعاة الروكل»«الذين ظيرواامن وزاء نهر الفولها فى روفبيا وقاموا بيناة امبر اطارر.ة
قوية. المترجم) الاوغاد». تم استخدام هذه الحادثة من قبل هيئة الدفاع خلال محاكمة
بيبر بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

-316-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الميدان» وفقدت كل شيء. البنزين والذخيرة. . قام بيبر بالاتصال لاسلكياً
بقائك فرقته» جنرال قوات الأمن الخاصة 55 موهنك» الذي أخبره أنه لا
يم تقديم المساعدة وأن بيبر عليه أن يعمل بما تبقى عنده. لم يتبق
/ أي شيء» لا مؤونات لرجاله؛ يقاومون بها الجوع والبرد. ولا «أوتو)
(الاسم الرمزي للبنزين) ولا «هيرمان» (ذخيرة).
حاول مرة ثانية: (أطلب الإذن بالانسحاب مع رجالي».
كانت إجابة القيادة العليا واضحة تماماً: امرفوضء ما لم تعد مع
دباباتك».
لقد تم إهدار الكثير من الوقت الثمين أثناء تدفق القذائف المستمر
من مدافع الهاوتزر الأمريكية من عيار 155 ملم التي تسببت في هلاك
المجموعة القتالية التي يقودها بيبر الذي أرسل المزيد من الصرخات
طلباً للمساعدة» ولكن لبقية اليوم بقي جهازه اللاسلكي صامتاً. في
الوقت الذي قرر فيه بيبر سحب رجاله؛ وبالتالي المخاطرة بالمثول
أمام إحدى المحاكم العيدكر وفرق الإعدام. فإن الفرقة الأمريكية
الثانية والثمانين المحمولة جوأ كانت قد هبطت على ستافيلو وعززت
الوحدات التي أحاطت بما تبقى من المجموعة القتالية التي يقودها بيبر.
«اللعنة على أولتك الأغبياء». هكذا شتم القائد الشاب وحدة
الدبابات. والتفت إلى جندي الاتصال اللاسلكي في وحلته قائلا: ١(حطم‏
هذا الجهاز اللعين. إنه غير مجدٍ. سنعود الليلة. سيراً على الأقدام». وقد
فعلوا ذلك بعد تفجير كل دباباتهم. كانوا ثمان مئة رجل» يغوصون في
الثلج أحياناً حنى وركهم» ويصطحبون معهم جرحاهم. عندما تلاقوا
بخط تطويق الأمريكان, أطلقوا النار. وأضيء ظلام الليل من خلال .
توهج مدافع الهاون وكانت توشحها رصاصات متتبعيهم. واجه الألمان
المدفعية المتحصنة» والمدافع الرشاشة الثقيلة» ومدافع الهاون» وسرايا
الدبابات. على الرغم من الظلام والارتباك» نسي الجنود الخطر الذي
كانوا فيه» وباشروا بالفرار. سدت عليهم طريق الهروب طائرتان من نوع
-317-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ملك الكوبرا. زحف أحد أفراد طاقم مدمرة دبابات خلف إحداهاء وألصق
لغماً مضاداً للدبابات بالبرج وسحب دبوس اللغم كان الانفجار مدمرا
وأصبحت الدبابة كتلة ملتهبة من النيران. قفز رجلان من الدبابة وتدحرجا
على الأرضء وأطفؤوا ألسنة اللهب المشتعلة في بذلاتهم في الثلج.
الدبابة الثانية انفجرت مع مدفعها. اهتزت الأشجار من تأثير قذائفها
الثقيلة. كان آخر مدفع مضاد للدبابات من طراز 88 ملم تمتلكه المجموعة
القتالية التى يقودها بيبر قد اصطف إلى جانب الدبابة الذي اشتعل وميض
بننائتها: لسبان من اللهي» وضرية مبائرة وبحدها أصلح الطريق سالكا.

عندما حاول مقر قيادة فرقة بيبر الاتصال به عن طريق جهاز اللاسلكي.
ومنحه الإذن بالانسحاب»ء بقى اتصاله دون إجابة. وعبر الجنرال موهنك
عن اعتقاده قائلا: لإنهم جميعاً ميتون» ماتوا بشرف»). لكن لاء لم يكونوا
كذلك. لقد عانوا من خسائر كبيرة» لكنّ بيبر ظل يسيطر على الوضع
وجعل رجاله يجتازون المحنة. في ليلة عيد الميلاد» وصل أخيرا ما تبقى
من مجموعة بيبر القتالية الذين كانوا في يوم ما فخورين بأنفسهم إلى
الخطوط الألمانية» ولكن لم يكن لديهم شيء يحتفلون به2.

قبل أسبوع مضىء أمر الجنرال باتون قسيس فرقته العسكرية» الكابتن
جيمس أونيل» بإلاعداد للصلاة» التي نقلها إلى قواته عبر راديو القوات
المسلحة في 22 كانون الأول:

«أيها الأب القادر الرحيم, إننا نتضرع إليك بعظيم فضلكء أن توقف
هذه الأمطار الغزيرة التي اضطررنا لمواجهتها. امنحنا طقساً صحواً من
أجل المعركة».

انطلقت الدبابات الأولى لفرقة النخبة من وسط الغابة المظلمة وكان
أمامهم سهل واسع تغطيه طبقة رقيقة من الثلج. بدا كما لو أن الله قد نشر

1- نجا بيبر من الحرب. ومات في حريقء اندلع في منزله في فرنسا في ذكرى يوم اقتحام
الباستيل؛» عام 1967. على الرغم من تأليف مسرحية سخيفة» أعقبها تحقيق قصيره لم
يتم العثور على الجناة أبدا.

-318-

2ط ا 12ل3غ0ممرهذ5ع الا

ئنناً. خلال الليل» كانت الرياح قد أخفت كل علامات الطريق السابقة
ئانت الوحدات الألمانية لوحدها في العالم الأبيض. كان الضوء أكثر
إشراقاً بكثير مما كان عليه في الأيام السابقة العامة. كان الجنرال بايرلين
ذا مظهر قلق. كانت عيناه ثابتة على السماء. وقد زادت الرياح من قوتها.
كانت طبقة الغيوم لا تزال كثيفة» ولكن على طول الحواف العليا فقطء
وارتفعت السحب مثل ستارة رائعة.

لم يكن هناك شكء أن الطقس على وشك أن يتغير.

بعد ظهر يوم 22 كانون الأولء تغير الطقس لمدة ساعة وذاقت القوات
البرية الألمانية للمرة الأولى طعم الضربات الجوية لقوات الحلفاء.

سمعها أول بردرنب في وحدة اللفتنانت هينترهولزر من فرقة
الدبابات النخبة فصاح قائلا: «الطائرات قادمة!».

«لا تقلق» هذه طائراتنا».
«كلاء سيدي الليفتنانت» إنها قادمة من الغرب!». صوت الرقيب

أغضبه. كان يعرف جيداً مثل أي شخص في مجموعته أن تلك لم
تكن طائرات ألمانية. كل الوعود بالدعم الجوي القريب التي أطلقها
المارشال غورنغ قائد سلاح الطيران الألماني قد تحولت مثل كل الذي
قاله من قبل إلى» مجرد وعود فارغة. لم يكن لدى هرمان غورنغ البدين
أي طائرات يمكن أن تطير.

زأرت دزينة من القاذفات المقاتلة من طراز ثندر بولت بي 47
اأمط]ء ص11 8-47 فوق رؤوسهم في هجوم منخفض المستوى
وأفرغت حمولتها المميتة في وحدة مجاورة.

١ابقوا‏ في أماكنكم لا تتحركواء لم يرونا». ثم أضاف الملازم بصمت:
لم يحن الأوان بعد. لم تأتِ تلك الطائرات اللعينة لمنعهم فحسب»
ولكن لتحطيمهم أيضاً. فقط عندما خفت الضوضاءء أصبحت لديهم
الجرأة على المضي قلما:

-319-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كان الجنرال باتون يسير على أرضية غرفة عملياته. اللعنة» لا توجد
إلى الآن إشارة رسمية للتقدم لكي تشترك دباباته في القتال. سواء صدرت
الأوامر أم لم تصدرء فهو كان ٠‏ يفتح الخناق الذي شدده الألمان أكثر
ب اواراساته ل لحا ائرة ترارا
هجوماً باتجاه مديئنة فيتزء بينما قامت الفرقة الثمانون بعملية التفاف حول
الجناح الأيمن للعدو. في الليالي غير المقمرة فقدت الوحدات الاتصال
مع بعضها البعض» ازدادت الاختناقات المرورية عند التقاطعات» ونم
رمى الدبابات المحطمة ببساطة فى الخنادق لتكون الطرق سالكة. كان
المعران انون كاك فرانسيا لمميو قينا لك هر اقة نو امن افد و انه
«توجهوا : نحو أصوات مصادر إطلاق النار». كانوا يسمعون القرقعة
احد حي تي ايا حجان عرزي ادوم 0
بسكن أذ بعيمه هق لا الرنجال فو القرنة 101 لد ا

كانت عيون العالم الغربي مركزة على مكان صغير في آردين. هل
يمكن لأولادهم الصمود. أولئتك الذين غادروا مدنهم ومزارعهم في
الولايات المتحدة. وأبحروا عبر المحيط الأطلسي العاصفء ثم ساروا
عى الطرت في عر اشنا لعوا جه الوسجوم الالهاني؟

كان 22 كانون الأول ا من القصف العنيف والانفجارات
ار ا
رض وبقوة لا تعرف المح سبق امد 10-6 إل 00
امتلاً الهواء برائحة الكورديت() اللاذعة والكريهة. وأه ديق اوه
1- المادة الدافعة المستعملة في القذائف الصاروخية والمدافع والأسلحة النارية.

المترجم.

-320-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كوت وعاء كبيراً من القذائف المحطمة والنار والغبار وقطرات اللهب
الشريرة والشظايا المحترقة من الفولاذ الساخن. . وهم يسيرون وسط
غبار الطوب. ويمرود من أمام البيوت المحترقة. وجد القادة أنه من
المستحيل إجراء اتصالاات مع وحداتهم. أصبحت «باستون» المطوقة
يخا للصبيان المنهكين الذين دوختهم القذائف من مينيسوتاء ونيو
جيرسي» وأنواء . رقدت جثث المدنيين والجنود على حد سواء 50
أنقاضها. ويحلول الليل» كف المدينة أرقا قاحلة من الأخشاب
المحترقة والطوب المتفحم.

بينما كانت عيناه مثبتتين على قرص جهاز الاتصال» وكان يربط
سماعات الأذن بأذنيه. نظر فجأة إلى مشغل الجهاز في مخبأ القيادة التابع
للجنرال ماكوليف بتعبير مثير للاستفسار ثم صرخ على نائب الجنرال.

رسالة من الألمان» سيدي).

بعد ساعة» سار أربعة ضباط ألمان يحملون الراية البيضاء وسط
باستون» وتم اقتيادهم إلى مقر قيادة الجنرال ماكوليف. طلب الهم
الجنرال فون لوتويتزء استسلاماً فورياً. استقطع اللجنرال ماكوليف وقتا
كافياً من اجتماعه لمعرفة ما الذي كان من يدور حوله بحق الجحيم"".

ايطلبون منا الاستسلام. إنه هراء»).

دون أن يكلف نفسه عناء قراءة رسالة الألمان أدار ظهره للألمان
وقال كلمة سيسجلها التاريخ: «المكسرات»!

جعلت دوامة الثلج من الصعب على الأولاد في الخنادق أن يميزوا
الصديق من العدو. وجعل الطقس السيئ المخططين الاستراتيجيين في
حيرة من أمرهم. «الطقسء هذا الطقس الملعون»» هكذا كان يشتم رجال
طواقم الطائرات؛ وكانوا جالسين جميعهم في غرف طاقمهم. وعدهم
رجال الاستطلاعات الجوية بحدوث تغير في الطقسء لكن في الوقت

-١‏ لم يكن الجنرال فون مانتوفيل على علم بطلب الاستسلام» وعندما اكتشفه» شعر
بالغضب.

-321-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الحاضرء كان غطاء السحاب لا يزال كثيفاً إلى حد جعل الحمام يمشي.

مع أول شعاع ضوء في يوم 23 كانون الأول» وعلى الرغم من الغيوم
الكثيفة وتساقط الثلوج» استيقظ الرجال في الخنادق التي حول مدينة
باستون على صوت هدير مرعب. فقد اخترقت السحب متتي قاذفة قنابل
من طر از ثند ربو لت بي 47 9[وطرء 17:0 8-47)) و بدأت ترعد وهي تحلق
فوق المدينة بمستوى سطوح مبانيها. وجعلت حركة مراوحها الضباب
ينقشع. كانت تسقط من داخلها حاويات كبيرة» برفق على الأرض من
خلال المظلات الصفراء والحمراء المتموجة في الهواء. وكانت تلك
الحاويات تحوي المؤونة والوقود والذخيرة للقوات المحاصرة. بالنسبة
للأميركيين» كان الأمر أشبه ببابا نويل وهو يهبط من المدخنة. بالنسبة
للجنود الآلمان» الذين كانوا يعانون من نقص في كل شيء. كان هذا
العرض لوفرة المواد مشهداً مذهلاً. هنا كانت كتيبة عسكرية» طوقت من
جميع الجهات» وتم تزويدها بجميع البضائع التي لم يتمكن نظام النقل
الألماني من الوصول إليها على طول الطرق المفتوحة. وبالنسبة للقادة
الألمان» كان الضغط من أجل أن تصل الأمور إلى النهاية يتعزز. إذا كان
بإمكان قاذفات ثندربولت 7781:706182011 الطيران في مثل هذه الظروف
الجوية وتحقق أهدافهاء فما الذي يمكن توقعه منها بمجرد أن تصبح
السماء صافية؟ وقبل أن يحدث ذلكء كان لا بد من الاستيلاء على
باستون! أمرت القيادة العليا الألمانية 016117) القادة الميدانيين بشن
اهجوم دون تراجع» وأن يكسروا الطوق المفروض عليهم . قاموا بتغذية
كتيبة بعد أخرى في القطاعء وما تبقى لديهم من احتياطي من الدبابات.
وبعد تزويدهم بالذخيرة بالكامل» صمد رجال ماكوليف وقاتلوا وماتوا.

اتخذ الطاقم الوحيد من المدافع المضادة للدبابات من قياس 57 ملم
موضيعاً وفاعياً له خلفب يناء متهالك توجهت سرية من الدبابات على
الحافة واندفعت على نحو مهددء وهي تنشر نيرانها. أطلق طاقم المدفع
عيارين ناريين قبل أن تسكتهم ضربة مباشرة إلى الأبد. اكتسحت الدبابة

-322-
لا31طأ ا 013102123 مهودع الا

زايغر وكانت مثل الوحش حيث يبلغ وزنها 60 طناً خط الدفاع الأمريكي
إلأول» وسحقت موضع المدفع الرشاش جاعلة الغبار يتطاير منه. فيما
ألقى الجنود القنابل المضادة للدبابات تحت جنازيرها. اهتزت الأرض
من جراء انفجارات خزانات الوقود وصناديق الذخيرة. اتتعلتك النيران
في الدبابة ذات الستيوة طن ولكن أخذت مكانها دبابة أخرى. وتبعت
الدبابات بشكل لصيق كتيبة من جنود المشاة الآليين 0201675 بورءعموط.
مسلحين بقاذفات اللهب ومسدسات آلية. كانت قذائف الهاون تتساقط
من حولهم. . قامت دبابتان أمريكيتان من طراز شيرمان باستطلاع ما كان
موجوداً حول أحد المنازل. . سرعان ما تعرضت إحداها إلى ضربة من
قذيفة من عيار 88 ملم أطلقتها دبابة من طراز تايغر ألمانية الصنع, أما
الأخرى فقد اصطدمت بزميلتها المتوقفة. استمرت النيران تنطلق من
المدافع المضادة للدبابات الأمريكية» وقد وصلت نيرانها المتقاطعة
القاتلة إلى مديات مخيفة. انفجرت دبابة أخرى من طراز تايغر. حاول
طاقمها الخروج من البرج ولكن تقطعت أوصالهم بفعل شظايا قذيفة
بازوكا. لقد جن جنون العالم. التحم جنود المشاة الألمان والجنود
المظليين الأمريكان في قتال بالسلاح الأبيضء لم يكن أحد يعرف
من هو الصديق ومن هو -العدو. في هذا القتال الفردي. تعطلت كل
مستويات القيادة» وتحول كل شىء إلى مذبحة دون خطة أو توجيه.
كانت الموجات البشرية الألمانية تهجم في النهار وتتعرض للهجوم
ليلاً. وسقطت مدينة باستون.

في القواعد الجوية لقوات الحلفاء المنتشرة في جميع أنحاء أوروباء
كشف خبراء الأرصاد الجوية عن تنبؤاتهم للطقس في صباح اليوم
التالي» 24 كانون الأول: «الأجواء صحوء ومدى الرؤية يتراوح بين 5
إلى 8 كيلومترات...» اجتاحت موجة السكون صيحات الهتاف من أطقم
القاذفات. غداً سيكون بإمكانهم التحليق بطائراتهم

في الليلة السابقة لليلة عيد الميلاد».. . في الواقع» كان ذلك قبل

-323-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

م أيام من :عَيد المتلاد» في 2 كانون الأول» عندما أقيمت صلاة
وو 0 الجنرال باتون وبدا ار 0 0-7
كوقون إلى آن تصن السيفاء زرقا#:وضافية ثماما.بيدات 0 لحركة
فى القواعد الجوية» من جنوب إنجلترا إلى بلدة باد كاليه في شمال
فرنساء ومن إيطاليا إلى جنوب فرنسا. في وقت مبكر من 0 ذلك
اليوم؛ شعر الناس في جميمع انحاء فرنسا المكود برعيكل يهر ا
حيث بدأت أسراب مقاتلات وقاذفات الحلفاء؛ التي تم تزويدها بالوقود
وتم تح تجهيزها للإقلاع على مدار عدة أيام» تحلق في السماء لتسيطر على
الأجواء. كان هناك الكثير من التكتلات على طول الممرات الجوية
مما توجب على أسراب المقاتلات أن تحلق وكل جناح منها بجانب
جناح مقاتلة أخرى. توجهت جميعها إلى الوجهة نفسهاء في النقطة
التى يبرز فيها نهر الميز من خلال الجبال. حلقت مقاتلات من نوع
لايتنغ وثندربولت وموستانغ» وبي 217 وليبراتورو» وامطرت الدبابات
الألمانية بطوفان من القنابل. واحترقت وحدات كاملة من قوات الفافن
اس اس 2717262-55 المرعبة بمادة الفوسفور. من اللحظة التي صما
فيها الطقس» وتمت إزاحة الحماية التي كانت توفرها الغيوم للألمان»
بدأت أسراب الأسطول الجوي العملاق عمليات القصف الجوي ورمى
القذاتئف على القوات البرية الألمانية.

حلقت طائرات 8-17 الكبيرة ذات الأربعة محركات مسافة أعلى من
حاجب القتال الواقي. راقب طياروها وأطقمها ولكن بشكل غير واضح
القصف الذي كانت تقوم به طائرات أصغر ولكن بشكا أسرع. لقد
أعجبوا بشجاعة طياري المقاتللات لايتنغ وموستانغ وتندربولت» فقل
كانوا يعاودون هجماتهم وسط النيران المضادة للطائرات. منذ اللحظة
التي م بها الطيارون مقبض القيادة إلى الأمام وتنخفض مقدمة الطائرة
وتبدأ تتمايل مؤشرات مقاييس شاشة القيادة» فإن الأمر يستغرق ما بين

1- الجناح العسكري للحزب النازي. المترجم.

-324-

لا131ط أ ا 01310123 مهودع الا

اثنني عشرة إلى خمس عشرة ثانية لرمي القذائف. خمس عشرة ثا

من الجحيمء من الفولاذ المتشظي والذي يقتفي الأثر. إلى أن تسقط
صواريخها على الأرض. . على حافة إحدى الغابات» اختفى رتل كامل

من المركبات في انفجار واحد ضخم.

كان سرفت: من نطاتر ات موستنغ بي 5188785نها/1 8-51 يحلق على
ارتفاع منخفض فوق خط الأشجارء كان طياروه على استعداد للقتصف
في اللحظة التي يكشف فيها الألمان مواقعهم عن طريق نيران مدافعهم
المضادة للطائرات. ظهر خلف المقاتلين تشكيل كبير» مثل نقاط
سوداء ف سماء زرقاء. ولم يكن بالإمكان مدخ صوت القاذفات
ذات المحركات الأربعة» لكن قنابلها الأولى بدأت في قصف التلال»
تبعته عاصفة من الانفجارات» غمرت أرض الوادي بالكامل. جلس
الجنرال بايرلاين في دبابة قيادته وبدا عاجزاً عن فعل أي شىء وسط
انفجار مجاميع من القنابل التي يبلغ وزنها 500 رطل بين رجاله. كانت
حدة الانفجارات ترمي بالأشجار وتحطم المركبات وتقذفها في الهواء.
في قلب المعاناة كان المحاربون في معارك الدبابات البطولية البارزة
في كورسك في صيف عام 1943؛ فقد واجهوا حينها بشجاعة جحافل
دبابات تي 7-345 السوفييتية» ولكنهم كانوا بلا حيلة أمام هذا الهجوم
الجماعي الذي قدم من السما

كان الجنود في كل صباح يحدقون في السماء ويتساءلون: متى سوف
تفسح السحب الطريق إلى سماء صافية وأرواحنا تذوي تحت وابل من
النيران. بالنسبة لرجال فرق الدبابات الألمانية» كانت المنافسة غير متكافئة
في مواجهة أقوى قوة جوية في العالم . حاولت المدفعية الألمانية المضادة
للطائرات تعقب أهدافها صعبة المنال» بينما سارع الرجال والمركبات
إلى الاختباء بين الأشجار. لكنهم لم ينجحوا في مسعاهم أبداً. كانت
الطائرات سريعة جداً وصواريخها مميتة جداً. لقد تحولت إلى كابوس.
' كانت طائرات الحلفاء تطرق مسامعهم طوال اليوم. في بعض الأحيان
525

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كانت قريبة جداء كان صوت محركاتها النشاز يدوي فوق خط الأشجار
بارتفاع مئتين أو ثلاث مئة قدم. في أحيان أخرى؛ كانوا لا يسمعون سوى
قرقعة سقوط قنابل صغيرة في أمكنة بعيدة. وكان أكثر ما يزعج أولئك
الذين كانوا على الأرض هو عدم اليقين من أن ضوضاء المحركات البعيدة
أصبحت أكثر قرباً منهم. هل سيكونون الأهداف القادمة؟

(متى سوف يسقطون هذا القرف علينا... عع 10 1/1 5112 أضاعل
وووزءط50) هكذا كان يتمتم جندي ذو وجه مليء بالبثور» وهو يغطي
رأسه بذراعيه» كما لو أن ذلك يمكن أن يوقف سقوط القنبلة.

ناه انبطحوا». صرخ كارلي برينز» وهو رقيب ذو شعر أشيب
من فرقة النخبة المدرعة» وأشار إلى نقطة سوداء تمثل طائرة تحلق
فوق رؤوسهمء وهي تسرع نحو موضعهم. ومع هدير عالي النبرة مرت
المقاتلة من فوقهم.

« عله انبط..). مع وقوع الانفجار الذي مزق أذنيه انقطعت
الصرخة. وموهوماً بالسلامة» عانق الأرض» واجتاحته سحابة من الغبار.
من مكان ما داخل سحابة الغبار الحمراء جاء ضجيج المذبح» الخليط
المروع من الصرخات كان ينتهي بنحيب رقيق. سقطت القنبلة على
أرض خالية حيث كان الجرحى ينتظرون إخلاءهم.

كان على الجنرال بايرلين أن يكتب فى تقريره: «إن القصف الجوي
استمر دون انقطاع. قصف الحلفاء كل شيء دون أدنى تمييز. بالقرب من
بارييه وشامبليون» ظلت مركبات الفرقة تحترق حتى صباح اليوم التالي.
من خلال نظارتي» يمكن أن أرى الطائرات الشراعية التي تستخدم للشحن
الجوي المعادية القادمة بالعشرات وهي تهبط داخل محيط مدينة باستون
في البداية» تم إنقاذ قواتي» ولكن لم يتم إنقاذ أرتال المؤن. حدثت أفدح
خسائرنا عندما دمرت القنابل وحدتي إصلاح دبابات متحركتين. بما أن
جميع مخزوننا من الوقود كان بعيدا عناء في ترويسدورفء على الطريق
الطويل إلى الجبهة» فقد فقدنا أكثر من ثلاثين شاحنة ناقلة للبترول.

-326-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

عندما طلبنا الدعم الجوي للدفاع عن أرتال الإمداد الحيوية» لم تظهر
طائرات مقائلة واحدة من سلاح الجو الألماني.

كان هذا الكلام صحيحاً فقد كان سلاح الجو الألماني 11/7/2118 شبه
معدوم. في المرات النادرة التي كانت تحلق فيها طائرة ألمانية من طراز
ميسرشميت 6501111445 1/1655 أو فوك وولف 145-/20016-17. كانت
أسراب الطائرات الأمريكية من طراز موستنغ 5 وثندربولت
11601 تتفوق عليها في المناورة أو التسلح وتنقض عليها. كانت
معدلات الاحتكاك آخذة في الارتفاع» وكان الأمر يستلزم توفر نوع
خاص من الشجاعة لطيار مقاتل ألماني للعودة مرة أخرى لتنفيذ طلعات
جوية. كان النقيب كارل كريتشمان الحامل لوسام الفارس الصليبي
واحدا منهم. فقد حلق بطائرته من طراز ميسر شميت ”155650111114131
9 عندما انضم إلى سلاح الجو كطيار شاب» كانت هذه الطائرة أفضل
آلة طيران في الحرب. كان المدفع المثبت على مقدمة الطائرة قد جعلها
سلاحاً مخيفاً. كان ذلك في عام 1940, في حرب أخرى تماماًء أو كما
قال أحد طياري «الجيش الأمريكي» الذين تم أسرهم: «لعبة أخرى».
ومضت خمس سنوات وهو لا يزال يطير بالمقاتلة القديمة نفسها. لكنه
علمهم درساً. فخلال دقائق كان قد أسقط طائرتين من طراز موستانغ
بي 1 (مو2هادود 1 2-51). لا بد أن يكون طياروها من الملتحقين الجدد
بالخدمة. كان قد اصطف خلف الثنائي» وطائرته ترتجف مع سقوط
القذائف. اصطدم بالطائرتين الأمريكيتين» وفجر بدنيهما. طوردت
طائرته» التي كانت مثل طفل صغير خرج لتوه من المدرسة التدريبية؛
من قبل اثنين من طائرات ثندربولت 711170610115 خرج لهيب من مظلة
المحرك. انتشر الهواء المدفوع من مروحة الطائرة إلى أن أحاطت النيران
بالمقاتل. ثم تسارع سقوطه قبل أن يختفي تحت الأشجار.

حدق كريتشمان في كرة اللهب» وفجأة» نسي أن يتحقق من ذيل طائرته.
لفد لمح شعاعاً من الشمس يومض على معدن الطائرة» وهذا ما أنقذه. كانت

-327-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

طائرة موستانغ معلقة في ذيل طائرته. وبغريزة طيار محنك» دفع مقبض فيادة
طائرته إلى الأمام في هبوط انتحاري» ثم سحب المقبض في اللحظة الا خيرة
وترك صمام الخائق منساباً وهو على بعد 10 أقدام فقط من الأشجار. أخطأ
طيار الموستانغ في تقدير خطوته وعلق جناحه بشجرة صنوبر. انفجرت
الطائرة وسط كرة من اللهب؛ تخطى حطامها المحترق قمم الاشجار قبل أن
تختفي في الغابة. دفع كريتشمان مقبض القيادة إلى الأمام؛ كان قد صعد إلى
السماء. الدليل الوحيد على وجود سلاح الجو الآلماني.

وأصبح صوت انفجار القنابل والقذائف قرقعة ثابتة» لا صدى لها.
كان رجال الجناح العسكري للحزب النازي الفافون-إس إس !م
5؟) وفرق الدبابات يحدقون في السماء التي فوق رؤوسهم ورأوا أن
خطأً نفاثاً أبيضّ صادراً من خلف طائرة يتقاطع مع زرقة السماء. لو لم
تكن فترة حربء لكانت تلك الخطوط الدقيقة شيئاً جميلاً. لكن الموت
لم يكن جميلاً أبداً. وفي الأعالي كانت هناك قاذفات قنابل أميركية تحمل
مجموعات من القنابل في أجوافها الضخمة» وهي جاهزة للإسقاط.
بالنسبة للقادة البريين مثل سيب ديتريتش وهاسو فون مانتوفيل» تحولت
الساعات والأيام التالية إلى نهاية العالم الأكثر دموية وكدراً.

«اتصل الجنرال فون» مانتوفيل «بالقيادة العليا الآلمانية». وطلب
الإذن بالتوجه إلى الشمال لتحقيق نجاح جزئي على الأقل. كان الجنرال
جودلء رئيس القيادة العليا للفيرماخت”2» على الخط الآخر. «يمنعك
الفوهرر من الانسحاب متر ا و ادا عأ تناج كأهتتررعء 1م - 115 1/0118 لعن
الأمام ليس هناك تراجع أبدأ».
كان الجنرال فون مانتوفيل يعلم أن الجدال معه وشرح وجهة نظره
أمر ميؤوس منه. ومع ذلك فققد قام بتغيير وضع فرقه القتال حول باستون
من الحالة العدوانية إلى حالة الترقب.

1- جهاز عسكري لإدارة شؤون الجيش وسلاح الجو وسلاح البحرية» وكانت لديه
خصومة مستمرة مع القيادة العليا للجيوش الألمانية. المترجم.

-328-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وفي الوقت نفسه؛ اقتربت الوحدات المتقدمة من وحدات فرقة
الدبابات بقيادة الجنرال باتون من باستون. وكانت فى الصف الأول
الكتيبة السابعة والثلاثين للدبابات بقيادة العقيد كريتون أبرامز. وعند
وصوله إلى المرتفعات» وبينما أصبحت باستون أمامه. قام بالاتصال
بمقر قيادة الجنرال باتون من دبابة قيادته... إلى ثندر بولت السادس”)
«اطلب الإذن بالتوجه مباشرة إلى باستون».

«انتظر يا كريغ»؛ جاء الرد من أحد مراكز المساعدة والدعم التي
تحت إمرة الجنرال باتون» «سأسأل الرئيس». وذهب ذلك الشخص
يسأله وغنذما علم الجترال ,انو بطلب العقيد أبرامز» زميجر قائلة:
«وهل أريد غير ذلك؟ هيا بنا!).

وقف العقيد أبرامز في دبابته. «الجميع جاهزون؟ حستاًء أغلقوا
الأبواب ولنرحل! اليوم سنكون في باستون». وبينما كانت دبابات
العقيد أبرامز تتسارع لفك الطوق الألماني» فتحت المدفعية الأمريكية
الموجودة في باستون نيرانها ودمرت قرية أسينوي التي لا تبعد سوى
ميل واحدٍ فقط عن حدود المدينة والتي كان يسيطر عليها الألمان بقوة.
كانت دبابات أبرامز تقترب من مواضع القصف المدفعي القاتل. وجاء
صوت عبر جهاز اللاسلكي «سيدي العقيد» سنتعرض للقصف من
أسلحتنا». كان ذلك صوت قائد وحدة دبابات كانت تزن الواحدة منها
أربعين طناً من طراز ملك الكوبرا.

اتقدم تقدم!) صرخ أبرامز. وسارت تسع دبابات من طراز ملك
الكوبرا بأقصى سرعة نحو القرية» وإلى داخلهاء وخارجها على الجانب
الآخر. في إعادة تمثيل باستخدام الدبابات لهجوم اللواء الخفيف2,

1- اسم رمزي للاتصال. المترجم.
2- هجوم شهدته حرب القرم» قامت به قوات الفرسان البريطانية الخفيفة بقيادة اللورد
كارديغان ضد القوات الروسية أثناء معركة بالاكلافا في 5 تشرين الأول 1854.

العتر تجن

-329-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

قامت دبابات العقيد أبرامز بسحق أي شيء في طريقها تحت جنازيرها
أوتكويلة إلى اده . وبمجرد أن فتحت ثغرة في الطوق الألماني؛ اندفع
جنود المشاة فى الفرقة الثامنة والثمانين من خلالها. تسابقت الدبابات
التي في المقدمة نحو الغابة. تم تدمير منزل حارس الغابة بواسطة قذيفة
دبابة حيث تعالى الغبار منه. كانت الأرض أمامهم مغطاة بمظلات ملونة.
هل كانت لهم؟أم لنا؟ كان قناصة الدبابات متحمسين جداً لدرجة أنهم
كانوا مستعدين لإطلاق النار على أي شيء يتحرك؛ عندما ظهرت خوذة
على شفا خندق. تبعها وجه وهيئة جندي حاملين غصن زيتون اخضرء
يلوح بذراعيه بجنون وهو يتعثر وسط الثلج العميق الذي يصل حد الركبة
نحو دبابة كانت فى المقدمة من طراز الملك كوبرا. كان اللفتنانت ويبستر
من القرقة 101 المحمرلة حرا #الحمه لله آنا مسرون لوؤيتكم رفاتى ١‏

أدى رجال باتون مهمتهم. تم فك الحصار عن باستون.

لم تنته معركة الثغرة» ولكن لم يعد من الممكن عكس نتائجهاء
لقد أكدت نتيجتها القنابل والقذائف التى أسقطتها الآلاف من طائرات
الخلقات كانت النان مقط فى النملى وكاقق معركة الناقاحك على
الطرق في ألمانياء وهي تمتد على شكل ناقلة بعد أخرى من الحدود.
قد تعرضت للقصفه. وتم تدميرهاء وإبادتها. كانت فرقة النخبة المدرعة
فرقة بالاسم فقط. كان الألمان أثناء تراجعهم» يسيرون بمحاذاة القرى
لتجنب الطرق الرئيسية وحافظوا على السير في مسارات الغابات بشكل
رئيس. ومع ذلك كانت تلك الطائرات اللعينة تكتشفهم. كانت الفرقة
تؤدي رقصة الموت الأخيرة وسط جحيم القنابل.

كان الحقل أمام الجنرال المتعب بايرلين خالياً من الحياة. أضاء
ضوء القمر المنظر الثلجي الذي تنتشر فيه الحفر السوداء القبيحة حيث
كانت الانفجارات قد صدمت الأرض. وتناثرت الدبابات والمركبات
المحطمة والمدمرة بشكل عشوائي. وقد تشابكت قطع معدنية فى

هو

شكل زوايا غريبة - سحقها وسواها بالأرض وابل من القنابل. كانت
-330-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

فوهات البندقية الباردة تشير بشكل أعمى نحو سطح القمر. ومشاهد
الدمار» دليل على ما استطاعت أن تفعله المئات من قاذفات القنابل.
لفرقة دبابات البانزر» فرك الجنرال بايرلين عينيه. فرقته متمددة هناك فى
.الميدان مسحوقة ومدمرة. كم من رجاله دفعوا ثمن شجاعتهم في تلك
اللحظة القصيرة» عندما تفككت الغابة» عندما حلقت الأشجار والرجال
نحو السماءء» عندما انتهى العالم؛ عالمه(». دخلت فرقة النخبة المدرعة»
الفرقة التي اقتربت من تحقيق الإنجاز» إلى المعركة مع 100 دبابة و11
ألف رجلء وانتهت في عام 1944 ب 10 دبابات و400 رجل. وانتهى
أمرها كفرقة عسكرية.

كانت الخسائر كبيرة في كلا الجانبين. كانت خسائر الأمريكيين:
0 جندي و733 دبابة و1200 سيارة. فقدت ألمانيا أكثر من 110 ألف
فرد ما بين قتيل» وجريحء أو أسير» ومعظم دروعها الثمينة. دمرت خمس
مئة وخمسين دبابة» وكثير منها من طراز تايغر (النمر) وبانثر (الفهد).
تركت خمسة آلاف مركبة أخرى أو قصفت حتى تحولت إلى أجزاء؛ وتم
إسقاط 1280 طائرة. حاول سلاح الجو الألماني القيام بطلعة جوية. أمر
مارشال الجو غورينغ بتنفيذ عملية الضربة الكبيرة (1ءدووهم22) همناهرءم0
28 . في وقت مبكر من يوم الأول من كانون الثاني 1945» أقلعت
ألف ومئة طائرة مقاتلة ألمانية من قواعدها. كان هدفها: تدمير سلاح
الجو التابع لقوات الحلفاء» بقصف المطارات» والقواعدالجوية وأقلعت
نحو السماء طائرات من طراز فوك وولف.11:11 100166 وميسير شميت
كنل ن ك1 وى ل/» ويو نكر ز 116175انال ودورنيرز 100121615» و أي شيء
يمكن أن يطير. وبسبب خطأ فادح في التخطيط تم وضع العديد من
الأسراب فى ممرات الإطلاق الثابتة للصواريخ المضادة للطائرات
الألمانية وطنجره13 وساير[1 1" ومباشرة وسط الستارة المضادة للطائرات
الاكترتر كيرا فى أن مكان في مسرح العمليات الأوروبي. على الرغم من

1- أنهى الجنرال بايرلين الحرب برتبة قائد فيلق.
-331-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ل إل» ٠‏ أأم ة للحلفاء. ٠‏
هذا الستار الدفاعي؛ دمر الألمان 27 من القواعد الجوية و كن
طلعاتهم أثبتت أنه انتصار باهظ الثمن. تم إسقاط ثلاث مئه واربعا من

أليانة ف ذلك الصباح» وتعرض سلاح الجو الالماني إلى

الطائرات الالمانية في د بأ اق ب
هزيمة ساحقة. / 1

فى 3 كانون الثانئ 5 5 الحلفاء هجوما مضادا واسعا. قامت

7 8 95 5 5 ل 0 1 م
طائرات سلاح الجو الأمريكي بقيادة الجنرال هاب ارنو بعزل جبهة
اال من يقالن اساي" تحن اعائرات على مستوى
ميختقن: مما أوقك وضول الإمدادات إلى وحدات الجبهه 0 نية.
ويسبب نفاد الوقود والذخيرة:» بدا لمات في تلغيم معداتهم. في 13
كانون الثانى» بدأ السوفييت مسيرتهم النهائية نحو برلين. لم يترك الاالمان
شيئاً ليقف في وجههم؛ حيث كانت دباباتهم متتائرة في تلزن اردين وهي
محطمة ومدمرة كافح هتلر لدفع القطعات الحربية مي القتال
حيث كانت هناك حاجة ماسة إليها: لكن» لم تكن لديه آية قطعات.

فى الساعة 9:05 من صباح يوم 6 كانون الثاني» تقدمت عناصر من
الجيش الأمريكى الأول والثالث والتقت بالقرب من هوفاليز. وانتهت
معركة الثغرة.

وكان هجوم آردين هو آخر صدام كبير جرى خوضه على الجبهة
الغربية» حيث خاضت أهواله آلاف الدبابات والطائرات ومليون رجل.
ربما كان الجنود الألمان يؤمنون بالنصرء لكنهم بالتأكيد لم يصدقوا
جنرالاتهم. لقد عرفوا الحقيقة.
الأحداث كالتالى:

«في 24 كانون الأول؛ تغير الطفس. كانت قوات الحلفاء تمتلك
التفوق الجوي بحيث أصبحت كل حركة وحداتنا مستحيلة ولم يعد

-١‏ عملية قصف كبيرة في منطقة كبيرة عادة عن طريق إسقاط كثير من القنابل غير الموجهة
كالقنابل الجاذبية. المترجم.

-332-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

بالإمكان نقل الإمدادات والوقود إلى الجبهة. لقد أثبتت فكرة كسب
الوقت في الغرب» من خلال وقف الأميركيين» إنها كانت وهما سيئاً.
الوحيدون الذين استفادوا من هذا هو الروس.

ربما كان هتلر قد تصرف من وجهة نظر سياسية عندما أمر احتياطياته
الأخيرة بإقامة موضع دفاعي على طول منطقة آردين. كانت الطريقة التى
نظر إليها للأمور -وفي هذا الصددء كان على صواب فى تقييمه-» هو
أنه لا يمكن للقوى الغربية أن ترغب في أن يحتل السوفييت ألمانيا
بأكملها. تأتي الأدلة على ذلك من محادثة تمّ تسجيلها بين هتلر
وغورينغ في المقر الرئيس لهتلر في 27 كانون الثاني 1945 7".

هدلدن: «هل تتخيل حقاً أن البريطانيين متحمسون حيال تقدم
السوفييت». ش

غورينغ: القد دخلوا الحرب لمنعنا من التوجه إلى الشرق [أي بولندا
9ه ولكن ليس للسماح للشرق بالوصول إلى شواطئ المحيط
الأطلسى».

إذا استطاع هتلر أن يوقف الحلفاء الغربيين لفترة كافية» فإن تأخيرهم
سيخلق حالة من الذعر في واشنطن ولندن بأن ألمانيا قد تحقق سلاماً
منفر د 1 مع القوى الغربية.

الحقيقة المرة كانت مختلفة. إن أولئك الذين ما زالوا متمسكين
بالأمل البائس «بالنصر النهائي» قد خاب أملهم. أصبحت معركة الثغرة
هي المحرقة الجنائزية للقوات المسلحة الألمانية 77/772017 . لقد تم
توريط جيشين بريين من دون سبب معقول في معركة ضد أضخم تجمع
للطائرات شهده العالم على الإطلاق.

|- راجع: 1950 ع0 ,جة']؟ عدا داع ععنط ج16ن11 باكء5 011 عام شرع لمم .

-333-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كممناء لم2 أروااع أ6أ/501

-334-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

عامل الرياح
1970-5

من أقوال شعب البوشمر:2": «القصة
مثل الريحء إنها تأتي مخ مكان مغيك عحداًء
لكننا نصدقها»
٠‏ من كتاب لورانس فان دير بوست».
قصة مثل الريح
لعل قرو اللقيى قدهير المدننة.
علم قائد الطائرة من طر از سوبر فور ترس بي - 29 (8-29 5و76ارم]! زوصناى)
بالأوامر الصادرة إليه.
... إلقاء القنبلة الأولى من نوعها في أقرب وقت يسمح به الطقس
برؤية مجال القصف يعد 3آب 1945؛: على أحد هذه الأهداف: كوكورا
أونيغاتا أو هيروشيما أو ناغازاكي...
ودالدعيي كاثوا جاتر فرق الكخيط اليادى المتدى با جيرا ٠‏ في
الساعة 06:10 بدأت السحت بالانفصال. ليحل محلها حجابا رققا من
السحب عالية الارتفاع. 8 الساعة 407:00 رصد مراقب الأرصاد الجوية
في طائرة الاستطلاع الجوي التابعة للقوة الجوية الأمريكية التي كانت
تحلق فوق مدينة كوكورا اليابانية أن الهدف تغطيه السحب بكثافة. وكان

1" واجموعة غرقة رزافة تفيقق قن محرا كالهازي التي تتوزع بين عسوانا. وناانبيا
-335-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

تقرير طائرات الاستطلاع الجوي فوق مدينة نيجاتا مماثلا له فثماني
أعشار المدينة مغطى بالغيوم. وأخيراًء في الساعة 07:15 تصل الرسالة
المشفرة من مراقب الطقس في الطائرة التي تحلق فوق مدينة هيروشيما.

عشرا مساحة المدينة تغطيها الغيوم على ارتفاع منخفض بقياس 15
ألف قدم.

القن فيل تاك لد فاه روطي انعد زر له لحري زيمت نيرة تقر قلت
قصيرة» يضيف: «هيروشيما».

انزلق طاقم الطائرة في بذلاتهم الضخمة المضادة للاحتراق. في
الساعة 07:40» دوى صوت المحركات الأربع الضخمة وارتفعت
الطائرة الكبيرة ذات اللون الرمادي الفضي إلى علو 31 آلف قدم. وبعد
عشر دقائق» بلغت اليابسة فوق واحدة من الجزر اليابانية الصغيرة
وتدعى» شيكوكو. وبسرعة 328 ميلاً في الساعة» اتجهت أينولا غاي
ز2) وامورع (١‏ إلى مدينة لاحت في الأفق» توضحت بالكاد في شمس
الصباح. هدفهم الدقيق هو مفترق الطرق في نهر أوتاء الذي يمتد إلى
جسر أيوي في وسط المدينة.

تفتح أبواب القنبلة... يسقط وعاء أسطواني أسود اللون زنته أربعة
أطنان من كوة القنبلة المفتوحة... يتم سحب أسلاك التفجير من مزلاج
الأمان... ومع انعطاف شديد, يحول تيبتس الطائرة بعيداً عن الهدف فى
عن كان يؤى أنقلة داكيه مظلنات متوحة حيطا ذا قو دير
لم يشهد لها العالم مثيلاً من قبل...

الساعة 08:15 يوم السادس آب 5. العالم يدخل العصر النووي
تم شط ارو اليد . من الآن فصاعداء سيبقى شبح سحابة الفطر
مخبما غك البشويةة:

1- وهو الاسم الذي يطلق على قاذفة القنابل سوبر فورترس بي 29. المترجم
2- صدر أول رد فعل من مساعد الطيارء الكابتن روبرت لويس. باإلير + تعفر

-336-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

عندما نظر بافل كولنكوف إلى السماء من نافذة شقته في إحدى
ضواحي كييف» في تلك الليلة في عام 1962: لم يكن يعرف مدى قربه

من الهلاك. كانت هذه اللحظة ذروة مواجهة دراماتيكية , بين القوتين
العظميين. بعد ظهر ذلك اليوم؛ القن الرئيسئ الأمريكي. جون ف.
كبنيدي؛ خطاباً للأمة أوضح فيه تماماً نواياه لوقف نشر الصواريخ في
كوبا. وبانتظار رد فعل الاتحاد السوفييتي بدأ العد التنازلي للحرب
النووية. ففي ذلك الوقتء كانت الصواريخ السوفبيتية من طراز 554
الي ل 0
للإطلاق على أهداف في جميع أنحاء أوروبا الوسطى. ختى لوالم دكن
المنان الركسية هدفاً اهيا فإن السكان المدنيين سيعانون بالتأكيد
من هجوم يستهدف الأهداف العسكرية. (في المصطلحات العسكرية.»
كانت تسمى هذه علاوة إضافية). لم يكن الهدف من الضربة الذرية هو
«تعطيل» أو إهانة» أو تدمير)» بل (إبادة».

إن شبح الهجوم المفاجئ السوفييتي المرعب. كان أمر غير متوقع في
وشط أؤوويا::وكان يظهن عراز ا وتكر ازا بادا إلى فكرة أن «المناسأة
هي المبدأ الأساس للحرب وهذه الفكرة ة تنتمي إلى مجال علم النفس».
لقد فشل السياسيون الغربيون في ذكر حقيقة أن الاتحاد السوفييتي قد بدأ
في تبني (صيغة التعايش») كمحدد لسياسته الخارجية التى اعتمدت على
العيؤوررة العولنة اتعحدى جرت لووية نخزا ةر وكانرا سرون السينه.

كان الخبراء النوويون في كلا المعسكرين يدركون تماماً أن أي هجوم
نووي سوفييتى على أوروبا الوسطى سيؤدي إلى الانتحار الجماعي
لروسيا. لا يرجع ذلك إلى الانتقام النووي من الغربء والذي لا يمكن
تجنبه» ولكن بسبب نمط الطقس السائد بشكل دائم. وبسبب عامل
الرياح. إن اتجاه الرياح السائد - من الغرب إلى الشرق - بالتوافق مع
دوران الأرضء قد يجعل من السحابة الإشعاعية الناتجة من انفجار قنبلة
وزنها اثنين ميغا طن» فوق الترسانة النووية الفرنسية في جبال بروفانس»

-337-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

تمعد سيريا إلى كننقه فى أوكرافادي أو إن صلاخا نوويا مشابهاء يكم
إسقاطه على تجمعات قوات الناتو في فولدا غاب في ألمانياء سيقوم
هي العدالة الى نطيقها الطقسن علي الحميغ تار ام
للمرء أن يتوقع حدوث تغييرات مفاجئة قصيرة ال 0
من ذا الذي يجرؤ على الاعتماد على ذلك؟

والحقيقة هي أن من يسيطر على الريح 7 ستشيظر على الحرب النووية
القادمة. هذا الأمر جعل القوى النووية تقوم ببدء برامج بحوث مكثفة.
الك لامر تم ا
ياج إلى ديل ستويات تفاع ين الهواء ولأرض واما همأ

العالم واعيا بهشاشة البيئة وسط عمليات تطوير أسلحة أكثر

0 وهناك فئة جديدة من الأسلحة في الأفق» وربما تكون
تلك الأسلحة أكثر ضرراً ومدمرة من الأسلحة النووية» فهيى مصممة
لإحداث تغييرات في أنماط الطقس الحالية وستصبح سلاح الإرهاب
ار ااي ل 0
ونظيره ارك بريه بريجنيف» في تمورز ز 1974 . وقد وردت العبارة
الرئيسية التالية في ديباجة مسودة البيان الختامي للاجتماع. «ستقوم قوتانا
بإجراء مفاوضات حول سبل إحباط محاولات تعديل البيئة للأغراض
العسكرية التي يمكن أن تكون لها تأثيرات وخيمة واسعة النطاق وطويلة
الأمد تضر برفاهية البشرية»).

امار اجتماع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فى واشنطن فى
1- صحح السوفيبت سوء تقديرهم بصواريخ 5520 و5521 الجديدة» التي حملت

7 . كان هذا يمثل خطراً حقيقيأء حيث كان تأثير

اشمعة الرياح» ضئيلاً للغاية. (من الدراسات التي أجراها الجنرال بيير غالواء أحد

أهم الخبراء الاستراتيجيين العسكريين).

-338-

لا31طأ ا 01310123 مر هودع الا

تشرين الثاني 1974 تعزيزاً لهذا البيان» حيث أصدر إعلاناً تضمن تقييماً
أكثر تفصيلاً لتقنيات تعديل الطقس المختلفة. أدى ذلك إلى حظر الأمم
المتحدة لأعمال تغيير الطقس في الحربء وهو اقتراح شاركت في رعايته
الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في 3 أيلول 1976 وتم توقيعه في
جنيف من قبل رؤساء خمس وعشرين دولة فى 18 أيار 1977 2. والذي
دعا بصورة محددة لتحسين البيئة واللاستخدام السلمي لها. لكن كيف
نحدد ما هو سلمي وما هو عسكري؟ فالتشتيت الاصطناعي للضباب
فوقف المطارات للمساعدة على هبوط الطائرات المدنية أمر سلمي»
ولكن إذا كان هناك عدو بحاجة إلى رؤية الأهداف التي يريد قصفهاء
فإن تشتيت الضباب عمل عسكري وضار. يقوله اليرت اينشقاية :1 إن
0-0 الاصسابي اديب يساعد «بلدا ل
05

«لا يمكن أن أ فندق أن الله يلعب بالنرد مع الكون».

إن الإنسان وليس الله هو من يلعب بالنرد مع الكون.

ل ل ل ل ل ل ذخ ل

-339-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

-340-

006 لاقي

168

8 768 ,مونهةا/ا

الموت في الدلتا
الثاني من آب 1965

في الليلة الماضية» سقط النيزك الكبير
وأصبح الجميع مسعورين وقبيحين.

٠‏ من رسالة جندي أمريكي
في دلتا الميكونغ تموز 1965.

إنها فيتنام» عشيقة دلتا ميكونغ العظيم المثيرة» ولؤلؤة جنوب شرق
أسياء حيث أمضى السكان الأصليون ستة أشهر كحد أدنى في الوحل» وفي
اللحظة التي توقفت فيها الأمطار الموسمية أو الأعاصير» أشعلت الشمس
أدمغتهم المختبئة تحت قبعاتهم المخروطية. بالإضافة إلى هذه الظروف
المناخية السعيدة كانت هناك غابة خضراء نضرة مليئة بطنين الحشرات التى
تمتص أو تلسع أو تمضغ أو تلتهم ببساطة. تحت الخيمة المظلمة التي تضم
النباتات المتسلقة» والأشواك» والأوراق المتعفنة التى تغطى جزءاً كبيراً من
هن التجة الغرية يوك أن نفس أعلدادا واقيزة فين النها . اللحموه انال
الأسودء والنمل البرتقالي» والقمل» والبراغيث» والعناكب المكسوة
أرجلها بالشعرء والثعابين» وذلك الكيس الأرجواني» إنه حيوان العلقة".

أظهر أولئك الذين اضطروا للعيش هناك اختلافاً كبيراً في المصالح»
1- جنس من الحيوانات التي تتبع شعبة الديدان المقسمة. يلتصق بجسم الإنسان ويمتص

دمه. المترجم.

-341-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كان هناك الجنود النظاميون الفيتناميون ومقاتلو الفيتكونغ» والسكان
الأضابون مين المرتتعارف الومطى في انام بوغملام الخابرات
الأمريكية والسوفييتية: وزارعو نبات الخشخاش اللاويون» وأمراء
الحرب من الخمير وتجار المخدرات الفيتناميون» والمبشرون
الكاثوليكيون؛ والرهبان البوذيون» والتجار الصينيون» والمزارعود
الفرنسيون» وجيش من العاهرات اللواتي ينشرن مرض السيلان بدوت
قيود» والمصابون بمرض التهاب الكبد الوبائي والزهري.

كانت هناك الشراك الملغومة» والفخاخ المتكونة من الأعواد.
والألغام المضادة للأفراد. ونيران المدفعية العشوائية» وبنادق
الكلاشيتكوفء والعامل البرتقالي") وسلاح البازوكا الذي يباع في
السوق السوداءء» والجثث المتعفنة» وصبيان وجوههم مليئة بالبثور من
أوكلاهوما ووايومنغ وإنديانا ونيوجيرسيء وهم يهيمون على وجوههم
بلاغرض واضح عبر هذا المشهد.

أمضيت عشر سنوات تقريباًفي فيتنام. ليس كجندي» ولكن كمراسل
وتعور عدي التبكات الاتريودة ارايك الكصين من البومن والكبن

من الموت. لقد واجهته خلال تجوالي في حقول الدلتاء وأنا أسير في
طرق ملئعة بالبعشراخدق المزتفهات الوشطى: كلنا غانيتاء الأشرا رسكل
الأخيار. وكان علينا فعل الكثير مع الطقس. والمعادن الصدثئة» وغشاوة
العدسات بسبب الضباب والرطوبة» والفطريات الجلدية» والأحذية
المتعفنة. عندما كانت تهطل الأمطارء تصبح أجسامنا رطبة» وعندما لا
تمطر» تظل أجسامنا منقوعة بسبب الرطوبة. الماء الذي شربناه والطعام
الذي أكلناه جلب لنا المرض

كنت دائماً مع «الناس الأخيار» لأن الخير يكون دائماً حيثئما تكون
أنت. قرأت ذات مرة حكمة كتبها المؤرخ, السير مايكل هوارد. كانت
1- هو الاسم الحركي لمبيد أعشاب يجرد الأشجار من أوراقها استخدمه الجيش

الأميركي أثناء حرب فيتنام كجزء من برنامج الحرب السامة. المترجم. -

-342-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ندور حول الاصطفاف مع أي جانب بينهما نزاع. «أولا: لا تصطف إلى
جانب حل ثانيا؛ إذا قمت بذلك. اختر خانناً . ثالعاً: : اختر الجانب الذي
نفر ثم تأكلمن ذلك «تخبباء كنا ع الأخاره البدى كذلت: كنا
ل الأبطال نحن مقاتلو الفييت كونغ"" الذين انتصروا في النهاية2.

بغوة أصل كلمة 1100500 إلى اللغة العربية وتعنى ني الموسمء وهي
تشير بشكل خاص للموسم الذي تمطر فيه السماء . وفي مناطق الغابات
والجبال في جنوب شرق آسياء كانت الرياح الموسمية تستمر من بداية
اسان عي ستصته أبلول» ومن الجواني الحيدة العناط كلل اذه
القتال الفعالة هي الحفاظ على النظافة بشكل مناسب. والطين والمطر
يحول دون ذلك.

اكتشف الفرنسيون ذلك عند خسارتهم معركة ديان بيان فو. لم يكن
بنيتهم أبدا البقاء في فيتنام إلى بداية الرياح الموسمية» كانوا يبحثون
عن انتصار سريع وحاسم. لكنهم لم يحسنوا اختيار مواقعهم بشكل
جل كان على 300/0 كيلومتر من قاعدة إمدادات هانوي. في
وادٍ مسطّح محاط بالتلال المرتفعة» المغطاة بغابة كثيفة ومتشابكة. ١لا‏
يمكننا أن نستولي على هذه التلال» ولا يستطيع الفيتناميون السيطرة
عليها كذلك»؛ هكذا كان يقول منطقهم. لكن نغوين جياب الجنرال فى
قوات اتحاد تحرير فيتنام أثبت خطأهم. لم يقتصر الأمر على محاصرة
الأراضي المرتفعة» بل أحكم الحصار عليهم وتم اصطياد الفرنسيين
7 مضيذة الفكوان الخاضة بهد 'عندما سقطت الأمطار» فاض نهر
نام يوم وغمر بمياهه المعسكر الفرنسي وأزاله. غمر المطر الخنادق
والتحصينات بالإضافة إلى انهيال أنهار من الطين» مما تسبب في مشاكل
صحية حادة. أصبح الإسهال والتيفوئيد قتلة متسلسلين؛ حتى المصابون
بجروح بسيطة فى المعركة ماتوا بسبب التقرحات الملتهبة والغرغرينا.

1- مقاتلو حركة المقاومة المسلحة الفيتنامية. المترجم.
2- كان الأمريكان يطلقون عليهم لقب 16:ةط0 7/1107 المترجم.

-343-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

في هذا الوضعء حيث كانت العمليات العسكرية تعتمد بشكل كامل في
إمداداتها وإخلاء المصابين على الجسور الجوية» لم تصل أي إمدادات
إلى وحدات القتال. كان موسم الأمطار قد غطى الوادي بستارة» هي
عبارة عن غطاء سحابي دائم. كانت الحفر التي تسبب بها القصف
المدفعي قد دمرت مواقع هبوط الطائرات؛ وعلى أي حال» كانت الأرض
لاسرا أ إلى حد لا يمكن أن تهبط عليها أي طائرة كبيرة . في حين كان
على الفرنسيين المحاصرين الاعتماد كلياً على وسائل النقل الحديثة
استخدمت القوات الفيتنامية الحمالين لإيصال المؤن والإمدادات إلى
وحداتها. بعد معاناة شهر من القصف المتواصل من مدفعية القائد جياب
(كان على كل حمال أن يجلب قذيفة مدفع على ظهره)» وصل الحصار
إلى نهايته. كان على الحامية الفرنسية المكونة من 7000 رجل والذين
كانوا مرضى إلى الحد الذي لا يستطيعون فيه القتال وضعفاء إلى الحد
الذي لايستطيعون فيه المشي أن تستسلم. لم ينج الكثير منهم من الأسر.

قبل أي نزاع» تكون وظيفة القائد العسكري هي التخطيط للأسواً.
ربما سمع الجنرالات الأمريكيون عن الكارثة الفرنسية في ديان بيان
فوء لكنهم لم يقرؤوا الكتاب. ولا سرد أحداث المعركة التى كتبه
الفرتسيؤن ولا ها كه عدر المسقان» الجترال: تدوين سيان
الذي سرد تفاصيلها. لكن لا بد أن يكونوا قد سمعوا بحملات الأدغال
التي كان على قواتهم خوضها خلال الحرب العالمية الثانية فى المناطق
المدارية”" مثل بورما وغينيا الجديدة. وكما كان الحال هناك كان الطقس
أكبر خصوم الولايات المتحدة. بعد بعض التحركات الأولية» وللمرة
الأولى في تاريخهم اللامع» كانت تستشرف أمريكا إمكانية حقيقية
لتعرضها للإذلال. ومع ذلك» تمكنوا من تحقيق بعض الانتصارات من
خلال بعض الضريات الشديدة.

عندما تورطت الولايات المتحدة كل الأعمى فى في امهم
1- تعني المناطق المدارية عموماً المنطقة الواقعة بين مدار السرطان ومدار الجدي.

-344-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الآسيوي» استمر قادة الحرب بإخبار الرأي العام بشيء واحد بينما كانوا
بعرفون أن الصورة الفعلية مختلفة تماماً. . في 8 آذار 1965» نزل أول جنود
مشاة البحرية الأمريكية على الشاطئ في دا نانج» في ما وصفه الجنرال
لاه سا
حاملين أعلام ا 3 ضابط العلاقات ت العامة في البحرية لني
ب ل

كان الأولاد دوو قصة الشعر القصيرة الذين جاؤواء مباشرة من
معسكرات التدريب في مكان ما من الولايات المتحدة» قليلي الخبرة
عا للغاية. ودودين بطبيعتهم: التي تكمن داخلها جدية الأمريكان؛
وتزيد من حماسهم الهرمونات الذكورية وقد أحضروا معهم شرائح
اللحم المجمدة وموسيقى الروك والكوكا كولا. حول معسكراتهم التي
تم تجميعها على عجل. لمت البلدات المبهرجة العادية» حيث كان
بوسع الفتيان أن ينسوا كل شيء عن الحرب في بيوت الدعارة المؤقتة.
كان هناك صوت إذاعي نسائي» يلقب ب (هانوي هانا لهسمداط أمسة11.
تقدم دعاية مملة. ورد الأمريكيون عليها من خلال بث موسيقى وأغاني
الروك أند رول في إذاعة القوات المسلحة الأمريكية في فيتنام.

لم تكن حركة العصابات الناشئة» والمعروفة باسم الفميت كونغ»
أي شيء سوى آلة قتل فعالة. في البداية» كانت أسلحتهم تتكون في
بعض الأحيان من أنابيب معدنية مثبتة بالأسلاك إلى إطار خشبي» مع
مسمار إشعال مطاطي. تعلموا بسرعة وتحولوا إلى خبراء محترفين في

-١‏ هي معركة نشبت فى 19 شباط 1945 بين الولايات المتحدة وإمبراطورية اليابان»
انتهت المعركة فى 26 آذار 1945. كانت نتيجتها انتصار الولايات المتحدة. المترجم.
2- لازال المؤلف حياً وقد اشتهر على نطاق واسع فيلمه التلفزيوني الوثائقي 2)115 156
5 مط 01.
-345-
لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

صنع الكمائن. نادراً ما كان مقاتلو الفييت كونغ يحتفظون بالأرض»ء
ولكنهم كانوا يسعون إلى شن الضربات» وإلحاق أكبر قدر من الخسائر
ويسارعون بالانسحاب قبل أن يصل العدو. كانوا يتجولون في الريف.
ويلقون المحاضرات على القرويين التي تتحدث عن المستقبل الشيوعي
المجيد وقتلوا بعض الزعماء الذين لم يرغبوا في الاستماع. وهو ما أزعج
كثيراً السلطات في سايغونء لدرجة أنهم أرسلوا قوات الأمن القاسية
لتذبح المزيد من القرويين» بتهمة أنهم من أنصار الفيكونغ. خلفت هذه
العمليات المزيد من القتلى والمشردين» ومن الذين أصبحوا لعبة في
أيدي الفيكونغ. انضم المزيد من الناس إلى الحركة إلى أن بدأ «التهديد
الشيوعي للمنطقة» يتوهج على شاشة الرادار في البيت الأبيض. بدأت
مراكز البحوث في وزارة الخارجية الأمريكية بالشعور بالقلق من أن
قوة بعض حلفائهم الإقليميين يمكن أن تبدأ في التراجع تحت الضغط
الأحمر. كان ذعرهم رمزا لمشكلة التعامل مع الحرب الباردة» لأنه لم
كس أنا لفت كر تنو اضيا عيف .ل ادال ابرع عندما
ازداد الضغط السياسي. وجهت سايغون نداء استغاثة للحصول على
مساعدة خارجية والح جص المساغدة قن زات العالم الحرء أي
الولانات المع الامو

دخل الجيش الأمريكي حرب فيتنام وهو يمتلك واحدة من
أفضل القوات المجهزة ة في العالم. وكان ابتكاره الجديد هو فرقة
سلاح الجوء المزودة 35 طائرة هليكوريرة". وعلى الرغم من حالة
الااستعداد القتالية المرتفعة ا فإن الانتقال من السلام في تكساس
أو افيه كيهان أو إيداهو إلى الحرب في أدغال جنوب شرق امنا يقل
مشكلة خطيرة للجيش. . كان الضعف الرئيس هو افتقار الجيش إلى
الاستعداد لنوع الحرب التي كان على وشك الدخول فيها. وقد جعل

1- أنشئت قبل ثلاثة أشهر فقط وحدة مستقلة» تم إنزال الفرقة في كوي نهون فى 28 أيلول
5.

-346- ل121طأا 013013م 0ذ5ع ]آلا

المطاف للإصابة بالإسهال» أو ما هو أسوأ من ذلك. ومع ذلك. فإِن ما
كان ينتظرهم لم يكن نزهة تحت المطر» فسرعان ما كان يصادفهم مقاتلو
القيتكوئغ المتحمسون.

كان الخروج مع الدوريات أمراً مخيفاً للغاية» مع سقوط كل هذا
المطر لا يمكنك سماع أي شيء. سوف تتعود عليه بعد حين هكذا
أخيرن جندي شاب من ولاية ألاباماء سألته «هل تعودت أنت عليه؟».

فأجابني بوجه متعب: اليس اها

تذكرت الرقيب البارع فرانكلين» وكان من المحاربين القدامى
الآقوياء الذين شاركوا في الحرب في كوريا وكان شديد الاهتمام بأبنائه»
وللرح التريلى الحدائر الح و الع ل وتوران وتران
بمجرد أن ينتهى «الأولاد اللطفاء من تدريباتهم».

في اليوم الذي تمّ تحديده للذهاب إلى الدلتاء قدم لهم إيجازاً
للعمليات: «تحتوي كل وحدة على عشرة رجال على الأقل» عليك أن
تتأكد من تأمين جناحك. سيتم إنزالنا هنا - هنا». وقام بالتأشير على بقعة
جيزاء :على 'اللخرئطة# عو ار قوية مغر ة. لاله تغيرو | العدماما: للقررة
فسوف تسمعون الكثير من الضوضاء فيها - لكنها قرية صديقة».

لم يكن هناك أحد على الإطلاق يتطلع إلى العمل في دلتا نهر ميكونغ
سمت انتشار الأوحال فيه» والحشرات التي تتطفل على دم الإنسان»
ومقاتلي الفيتكونغ المراوغين. أضف إلى ذلك التضاريس التي جعلته
شيعا ىقر اكير المدر” انكر ااي الالبطار
الموسمية الغزيرة» وبهذا كان البؤس مكتملا. ربما سمع الأولاد عن
سانت ماري إيغليز أو أيوا جوناء لكنهم كانوا أصغر من أن يعرفوا أين
تقع هذه الأماكن. . ولم يكونوا صغاراً جداً إلى الحد الذي لم يكونوا قد
ذاقوا بالفعل إطلاق النار - فقبل يوم واحد فقط قتل اثنان من رفاقهم أثُناء
عبورهم ما يفترض أنها قرية صديقة. تعلموا بسرعة أن لا يفترضوا أبداً.
كان من الصعب تمييز مقاتلي الفيتكونغ عن غيرهم.

-348-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

كانت أوامر العمليات القتالية تقتضي القيام بإنزال جوي مفاجئ
على جزيرة باو» وهي جزيرة مليئة بأشجار المانغروف الثقيلة» مع
سهل خصب يحتوي على حقول الأرز وأشجار الفاكهة وجوز الهند.
وقد أشارت المراقبة الجوية إلى وجود عدد كبير من قوات الفيتكونغ
العاملة في المنطقة بالقرب من مدينة بن تري. دعت الأوامر إلى إجراء
عملية منسقة بين جنود المغاوير الفيتناميين والأمريكيين. وكانت مهمة
كل منهم حماية جناح الآخر في حركة ثلاثية الاتجاهات على- قاعدة
فتش ودمر أو -باللغة العامية للجنود- تخلص منه وارمه وسط النفايات.
لهذا الغرض كانوا يحملون بنادق أوتوماتيكية» وقاذفات قنابل يدوية»
وسلاح البازوكاء وصواريخ مربوطة بأعمدة من الخيزران» ومشاعل
إششازة ملونة "وأكياسن الدم» ومعظمهمء يحمل تعويذة لجلب الحظ
في رباط خوذاتهم. لقد قاموا بإخفاء شارات رتبهم بصبغ الأحذية. وتم
تغيير موضع ساعات اليد وأبازيم الحزام لتجنب انعكاس الضوء عليها.
اصطف أفراد السرية جنبا إلى جنب على طول شريط من العشب. تم
التخطيط لتنفيذ العملية عند الثالثة مساء. وكان الوقت الآن 4. 30 مساء.
جلسوا وانتظروا وطردوا الذباب. كان الشخص النشط الوحيد هو كاهن
الكتيبة» الذي يمكن التعرف عليه من الصليب الموجود على خوذته. كان
يحمل أيقونة للمسيح مصنوعة من البلاستيك ويمنح الغفران لأولئك
الذين يحتاجونه أو يطلبونه.

ثم طال انتظارهم وبدأت تصلهم أصوات الصراصير. كان أحد
الأولاد قد فتح عينيه على مصراعيهماء كان مجنداً جديداً لا يعرف ماذا
يتنظره. وكان جندياً آخرء قد أغمض عينيه» وسبق له أن شاهد مناظر
الموت من قبل وكان يعاني من معاودة مجيء تلك الصور المرعبة في
خياله. كان كل واحد فيهم يفكر بعائلته أو حبيبته» والذي حرك فكيه
كان يفكر فقط في لوح من شوكولاتة هيرشي. آخرون كانوا يحدقون
فقط فيما هو أمامهمء عقولهم كانت بالفعل هناك» في المستنقعات.

-349-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

استلقيت على ظهريء وقد مسحت وجهي بطبقة سميكة من غسول
مضاد للبعوض» وضعت ذراعي خلف رأسيء. أراقب زوجاً من طائر
مالك الحزين الرمادي اللون وهما يلتقطان الحشرات من الماء. وبكسل
كانت الطيور الرشيقة تمشي الهوينى أمامنا على ركائز مثل السيقان. لا
يمكن أن يكون هناك من هو أكثر اطمئناناً منها. ثم سرت في المشهد
همهمة خافتة. ظهر سرب من العقارب الطائرة من وسط الغبار الحار.
تصاعدت الحركة عبر الميدان» وبدأ الرقباء بتشكيل فصائلهم. حدث
هذا عندما بدأ المطر يتساقط وهبّت الرياح الموسمية الشديدة التي تأتي
دائماً فى أوقات لا يتوقعها أحدء وفى الدلاء كان المطر يتساقط بمعدل
بوضة والحدةاكى الدويفة ْ

اهيايا أصحابء ارفعوا مؤخراتكم عن الأرض وانهضوا». خضنا في
المياه العميقة التى كانت تغطى كاحل أقدامنا. كانت ريش المروحيات
التي تدور ترمينا بقطرات المطرء التي تشبه الحبوب التي تتطاير عندما
تهب عليها عاصفة رملية. وباعتباري «مراسلاً معتمداً» مُجِهَّاً ببطاقتي
الصحفية البلاستيكية الخضراءء تم تنسيبي في فصيل في التشكيل
الثاني. قام الجندي المسلح بالرشاش في المروحية والذي يضع على
أذنيه سماعات مثبتة على خوذته بضم كفيه وصاح ليخبرنا أن التشكيل
الأول قد لحقت به إصابات. ورأيت جنود المغاوير الفيتناميين بخوذهم
الملونة الزاهية وهم يطلقون النار في المستنقع عندما اقتربوا من الهدف.
لم أتمكن من تحديد موقع العدوء لم أرَ سوى الأرز الأخضر اللامتناهي
وعلامات الرذاذ التي تتكون عندما تضرب الرصاصات الماء. قبل أن
أقفزء بدأت تشغيل الكاميرا وأغلقت زر الأمان حتى لا تتوقف عن طريق
الخطأ. بقيت ملتصقاً برقيب الفصيل» الذي يشبه عملاقاً خرج من حفرة
رمل في مكان ما في ولاية يوتاه. تعرضنا إلى رشات من المياه» ليس
لدينا غطاء يقينا من الماءء وكنا اثنين من الأهداف المفتوحة فى أرض
منبسطة. انتفخت ساقاي» علق حذائي في الوحل. شعرت بأنني أتحرك

-350-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ببطء وأن كل خطوة تصبح كابوساً. بيطاي الفتكر رامت
الحرب» ولكن أكثر من أي شيء آخرء فقد لعنت اللزوجة التي منعتني

من الوضوك إلى جدار أو خفرة للانتباء فيها. كنا غلى وشك الوضول
إلى حافة قناة الري التي تؤدي إلى قرية صغيرة عندما بدأ يطاردنا حشد من
المتعقبين. «تفرقوا... تفرقوا!) صا اح الرقيب» جاء التحذير متأخراً جداً.
الي لأخة الوا 3 زيما كان قد مس انمه ولكر يسيب الجر الى
جعله يسير منتصباً أصبح صيداً سهلاً. انطلقت صرخة ألم حادة» فيما
ترنحت ذراعيه وهما يحاولان التشبث بالهواء بحثاً عن دعم ما . خفضت
رأسي بشكل غريزي ووقعت في الوحل. بقي الجندي الأمريكي يئن.
سحبه أحد رفاقه خلف سد ترابي منخفض» كان في الواقع جداراً ينفصل
مابين حقول الأرز. لم يكن هناك أي مؤشر على خروج وميض من فوهة
بندقية لكننا عرفنا أن القناصين لم يكونوا بعيدين جداً. على بعد عشرين
ناودة أذامنا كانكهتالة انه لحفرة قله رصيق تتحوهاء وتيتار رت
الحافة ونزلت في الحفرة وغمرني الماء حتى رقبتي. انزلق عريف
الفصيل وصبي كان في مهمته القتالية الأولى بجانبي.

١(إنهم‏ مقاتلو الفيتكونغ م(0), صاح الصبي» » وقد وضع مسدسه فوق
لحف وأرسل رشة من الطلقات الاي على صف من أكواخ القصب

«هذا ليس وقت للمزاح - تمتم الرقيب- من المؤكد أننا لسنا في
أعياد الميلاد).

بأصابع هادثة» قمت بتغيير لفة الفيلم. كنت قد أغلقت الغطاء لتوي
عندما دوّى صوت انفجار هائل مسببا طوفاناً من الوحل البني. اصطدمت
قذيفة صاروخية بالحافة الخارجية لحفرة القنبلة. سببت الرائحة النتنة
لمادة الكورديت حرقة في عيني.

كان هناك شىء واحد مؤكد: على حين غرة بدأ عنصر المفاجأة
يعمل. وانخفضت حدة الهجوم القادم من السماء بشكل مفاجئ للغاية

1- 6ذائةتط0 في الأصل وهو الاسم العامي الذي كان يطلقه الأمريكان عليهم. المترجم.

-351-

لا131أ ا 01310123 مر هودع الا

حتى ذاب الفيتكونغ المتشددين في الحقول وأشجار المانغروف. حينها
وجدوا أنفسهم محاصرين في قرية صغيرة وحولهاء وكانوا على استعداد
للقتال حتى النهاية.

«اخفضوا رؤوسكم». صاح الرقيب بصوت عال؛؟ «جهزوا التغطية
النارية»).

تبوضع مدع رعاش قبل في الشاجز دي اللود الني رمادق,
مما أدى إلى تمزق مجموعة كثيفة من أشجار الخيزران. وتم الرد على
الانفجار من خلال فرقعة شديدة صدرت من بندقية هجومية من طراز
1-7.

أدار الرقيب رأسه نحوي قائلاً: انحن في مأزق أصبحنا وسطهم».

من الجزء العلوي من الحفرة التي كنا فيها وصلنا ضجيج صوت
ييا صرت اعد تي سيا بالنرة ون الوكل: كان جندي
المغاوير الفيتنامي قل * شق طريقه عبر الجانب الآخر من السد الترابى
قبل أن يتمكن ف الرشترك إلى حون وجا موك 1 نز قار جر
الآرز. ألقى الجندي ذراعيه وترنحت ركبتيه وألقى بنفسه على الأرض
دون حراك أو نفس.

همس جاك القادم من ولاية يوتا: ايجب أن نخرج من الحفرة» وتسلق
الحفرة بخفة مثل القطة. وحمل نفسه فوق السد الترابي المنخفض.
ارتفع صوت طلقة أخرىء أقرب بكثير هذه المرة لصوت كيده
أخرى. . تصاعدت في الأعالي موجة من نيران المدافع الرشاشة شة» لكنها
كانت مرتفعة للغاية وسقط علينا وابل من الأغصان والأوراق. كان من
المستحيل معرفة ماذا كان يحدث بالفعل» وأصبح عدم اليقين هذا لا
يطاق. مع تفجير قاتل اخر تمزقت شجرة جوز الهند التى أمامنا. رأيت
اثنين من طائرات سكاي رايدر 5اء2/0 بن /؟5, 4-1 تحوم فوقنا وتتجه نحو
مجموعة من أشجار جوز الهند بالقرب من حافة المياه. اهتزت اللأرض
عندما أسقطت الطائرات قنابلها. تحول كل ما تبقى من أشجار الخيزران

-352-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

التى أمامنا إلى سحابة سوداءء فيما كانت أوراقها تتطاير وتتناثر. بعد
الضربة البسيطة للقنابل الثقيلة» استطعت أن أميّر بوضوح صوت رشاش
ثقيل. ولكن هل كان يتبع قواتنا؟ أم قواتهم؟ ما الذي قاله لي الرقيب قبل
أن يشرعوا في العمل؟ «أبق على رأسك منخفضاً. الطلقات غير مرئية.
أنت لا تسمع الرصاصة إلا بعد أن تعود ولا تعني لك شيئاً».

تذكرت تلك النصيحة وأنا أمعن النظر وأنا على حافة الحفرة. انتشر
أفراد فصيلناء وكان مغمورين بالمياه إلى نصف أجسامهم في حقل
الأرزء متخفين وراء حقول الأرز الضحلة. كنت قد ابتعدت للتو عن
أحد تلك الحقول عندما حلقت بسرعة طائرة سكاي رايدر 51781067
أخرى فوقنا ويصدر منها هدير مرعب وكانت تحلق بارتفاع قريب من
مستوى الأرز. ركضت بضع خطوات قبل أن تنهار الآأرض من تحت
قدمى وأختبأت خلف أحد الجدران. بدأت قطرات المطر تسقط على
الأشاض الجتراكية والأركن فتن السماء الدنظالالة«التعريك باع متنا
م العدلتن :لوا كد كنع جد جه مليكة ادر ما مدنا من اريت نر ع1
جرعة كبيرة من قنينة الماء التي كنت أحملها. تسابقت المروحيات نحو
السحابة الشحمية» وقد توهجت بنادقها.

(إنها الساعة الحادية عشرة» صرخ الرقيب» وفتح بندقيته الخاصة.
ارتفعت أصوات مثل بانغ بانغ - راتاتات» بانغ» راتاتا...

عاذ يؤندنك: انها ]لر فيي؟ إنلى لا أرى شينا».

(إنهم أصحاب البيجامات السوداء" أعتقد أننا أذقناهم المر أبناء
الزنا هولاء».

.توجه جندي كان مغطى بالوحل» وقد أحنى رأسه» وهو يسير بخط
متعرج نحو الرقيب. (إنهم عللتدران) تشارلي© هناك» - وأشار إلى مجموعة
من أشجار جوز الهند - ١في‏ الساعة الثانية» على بعد حوالي ثلاثمئة

1- يقصد مقاتلي الفيتكونغ. المترجم.
2- يقصد مقاتلي الفيتكونغ. المترجم.

-353-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

ياردة». حاول التقاط أنفاسه. «أبناء الزنا هولاء نجحوا في إبعادنا عن اللواء
برافو""... إنهم لا يتحركون بثقة الآن... أعتقد أننا نستطيع القضاء عليهم».

«حسناء شعّل جهاز الاتصال وأخبر كيرلي بأن يأتي إلى هنا ويقوم
بالتغطية. سألقي نظرة».

«حاضر». قفز الجندي واستدار عائداً إلى موقعه. وبعد لحظات
قليلة» لاحظت أن جندي المدفع الوشاش يشعر الى أنه مستعد. وكذلك
كان بقية أفراد الفصيل جاهزين للاقتحام. اضطررت للذهاب معهم
للحصول على ما جئت من أجله - الصور. «لا بد مما ليس منه بدا
فكرت مع نفسي» «دعونا فقط نأمل أنهم قد ماتوا جميعاً».

همس الرقيب: «من الأفضل أن يعرف كيرلي ما يجب عليه فعله».

رفع ذراعه» وأشار إلى الأمام. في إشارة إلى بدء الهجوم وصرخ
قائلا: «هيا بنا». كان مدفعنا الرشاشس يقصف كالمطرقة ونحن نجتاز
الحقول. ا ل لج سه
وسقط وانقسم إلى نصفين جراء انفجار قذيفة مدفع اليد
ل ا
الموحلة. كان الهواء محصوراً داخل الملابس السوداء مثل إطار سيارة
داخلي منفوخ وكانت هناك بندقية قد غاصت فى الوحل ويد متجمدة
على الوثاذء كان التعسن نمدا ووجهه نحو 0 صرخت: «أيها
الرقيب» تعال إلى هنا».

سرعان ما انقلب الجسد. تجمدت فقد كان جاك من ولاية يوتا هو
من مات بالانفجار. تراجع الجسد إلى الوراء. أمسك الرقيب بقبضته
العملاقة بالشعر الأسود المشبع بالماء وسحبه. ارتفع رأس من الماء
كان مشهداً مروعاء لقد تهشم وجهه. لسار
الوحل. لقد ارتجفت كل أجزاء جسمى

-354- لإقطأنا 2أمجغمدرهد5ع الا

قال الرقيب: «الحق أقول لايزال هناك الكثير لأتعلمه).

ركض ثلاثة جنود نحونا وألقوا نظرة ة سريعة على ما حل بمن كان
منذ بضعة أيام صبياً في سن المراهقة. قال أحدهم: «كان يجب عليه
أن يركض»» وكان حينها ينفخ بالوناً من العلكة الفقاعية» التي انفجرت
وعلقت بشفتيه.

«أيها الرقيب» قال رجل اللاسلكي. «اللواء برافو يتحرك. سوف نقوم
يتغطية جناحه الأيسر ونتتحرك إلى جانبه».

«هل أصيب أحد؟».

انعم» بيرت في الأسفل. وكذلك كيرلى وبيلى جو).

«وهل إصابتهم خطيرة؟21.

«لا أعلم إنهم ينتظرون ).
زملائهم القتلى» استدار الرقيب نحو أحد الجنود وأشار إلى الجئة
قائلا: حسنا هذا يكفيء انقلهاء خذ بندقية تشارلى2 هذه. وليتبعنى بقية
رفاقك). ١‏

واصلنا الخوض في المياه» ثم دوى صوت انفجار قذيفة من مدفع
آلي. لقد جاءت من مجموعة معزولة من الأكواخ على حافة القرية.
زحف عريف الفصيل على بطنه على طول الخندق. نحو الكوخ الذي
انطلقت منه النيران. رمى بصندوق عتاد كامل من خلال البناء المتداعى»
ثم ألقى قنبلة يدوية من خلال ستارة مليئة بالخرز. حدث دوي شديد
ثم توقف إطلاق النار. اقتحم الرقيب الستارة ليجد أربعة رجال يرتدون
البيجاما السوداء© وهم مضرجون بدمائهم.

صاح الرقبين: «اليبتعد الجميع»).
1- مقاتل الفيتكونغ. المترجم.
2- بذلات مقاتلي الفيتكونغ. المترجم.

-355-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

توقف إطلاق النار لقد مرت عشر دقائق فقط منذ أن نزلنا المروحية.
ولكن في هذه الدقائق العشر فقد اللواء برافو سبعة رجال. وقد غطانا
الطين والرطوبة» شقينا طريقنا من خلال الوحل العميق. بالقرب من
مجموعة صغيرة من الأشجار وجدنا أربعة من مقاتلي الفيتكونغ صرعى
رمدي ردنا ع صو المع عندما سقطت القنابل على مرتفع من
الأرض انشقت أشجار الخيزران وتحولت إلى عائق لا يمكن اجتيازه.
وسط فوضى متشابكة من أغصان الأشجارء لاحظت جثة نازفة لحيوان
جاموس الماء اخترقتها سعفة شجرة جوز هند مهشمة. تركت قنابل
النابالم بقعا سوداء على الأشكال المتفحمة؛ والتي يمكن أن تكون
أجساداً بشرية. وصلنا إلى الكوخ الأول في القرية وعثرنا على جندي
مغاوير فيتنامي بدا وكأنه شبح. أمامه كانت ترقد جثة رفيقه الميت. خلف
الكوخ كانت هناك بعض الجثثء وهي لعائلة كانت وجوه أفرادها ذات
شفاه وجفون مزرقة» وقد حوصرت وسط وابل من النيران. بجانب
الموتى كانت هناك امرأة تجلس منكمشة وترتعد من الخوف. بدا أن
نحيبها يخرج من قلب الأرض نفسها. بدت بقية القرية مهجورة.

«أيها الرقيب» هناك * شيء ما هنا»).

داخل الكوخ وجدوا جسد رجل عجوز. تجلس بجانبه؛ امرأة عجوز
أخوفالم تراد تركيس ذا وقد ملكت رجهها الجاع بيعب تعر
كان زوجها ينزف حتى الموت. وراء الموقد اكتشفوا حفرة» وفيها شاب
مع طفل. . وما دام أنه كان متخفياً فلا بد من افتراض أنه كان من مقاتلي
سك . قاموا بجره من الكوخ. وهو يمسك بالطفل. أشار الرقيب إلى
المرأة العجوز: «أعط الطفل للجدة, هياء أعط الطفل للجدة».

لم يفهم الشاب شيئاً أو كان خائفاً للغاية (أغرل جناي الشن للفو
الذي كان يصرخ وسلمه إلى المرأة العجوز. ثم قاموا بتقييد معصمى
الرجل ووضعوا بطاقة تعريف معدنية حول رقبته مذكور فيها مكان وزمن
الاعتقال.

-356-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

استعلة أيها الجدة».

ارتمت المرأة العجوز على الأرض وأمسكت بسروال الرقيب . حاول
الرقيب أن يتحرك» لكنها لم تتركه. . قام رجلان بسحبها وحملها مع الطفل
إلى الكوخ. فكرت مع نفسي «هل هذه هي الغاية من الحرب؟).

بالقرب من بستان النخيل وقفت مجموعة من الشباب أصغر عمراًء
بلاحراك. ليس لديهم ما يخاف منه الجنود. قام بتجميعهم جنود المغاوير
الفيتناميون وكانوا ينكزونهم بفوهات بنادقهم. صرخ ضابط عليهم وهو
يلوح بغضب بمسدسه. انفصل عنهم أحد الشباب. دوى صوت إطلاق
رصاصة بعدها سقط الصبي على الاأرض.

(يا إلهي» هؤلاء هم مجرد أطفال فلاحين بسطاء».

«لا تخدع نفسك»» غمغم الرقيب وهو يكرٌ على أسنانه.

(أيها الرقيب» انظرء ماذا وجدت). أشار جندي ببندقيته إلى امرأة
عجوز أخرى وهي تجثم مرتعدة خلف إحدى جرار الأرز الكبيرة في
القرية» وهي تحتضن طفلاً صغيراً. ورفع الجندي الشاب الغضء الذي
يشعر بسعادة غامرة لكونه على قيد الحياة» بندقيته وفتش في جيوبه.
فأخرج قطعة شوكولا. «أيها الجدة, إنها شوكولا؟2.

ابتسمت العجوز المتعبة ابتسامة عريضة بوجهه من خلال أسنانها
المصفرة وهى تلوك مضغة التنبول. ورفعت يدها المرتبكة برقة غير
متوقعة. أ تحطم الصمت» دوى صوت رصاصة وسقط أحد
الأمريكيين وهوء يمسك بطنه. أما الباقون فقد تحركوا بسرعة ليختبئواء
وأطلقوا النار بشدة على القناص غير المرئي. لم يلق أي أحد أي اهتمام
بالجدة التي أسقطت لوح الشيكولاتة» ومن تحت الولد الصغير المستمر
في البكاء» أخرجت رمانة يدوية» وسحبت مسمارهاء ورمتها في وسط

عة من الجنود كانوا يختبئون خلف الكوخ. قتل الانفجار الرقيب
وأربعة رجال. دخل الناجي الوحيد إلى الكوخ وبكل غضب مزق
العجوز الشمطاء إلى نصفين.
-357-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

استغرق الأمر ساعتين إضافيتين من القتال» ودعم من ثماني طائرات
كوبراء قبل أن يتوقف إطلاق النار أخيرا. ولم تعد القرية الصغيرة سوى
كومة من الأنقاض المدمرة التى يعلوها السواد”".

استمر المطر طوال الليل. في صباح اليوم التالي شعرت بالمرض.
قضيت الأيام العشرة التالية» في الفراش وأنا أعاني من حمى شديدة.
كنت قد نجوت من الرصاص. ولكن لم أنج من الطفيليات الموجودة في
الماء الذي كنت أبتلعه بشراهة لإرواء عطشي وتهدئة أعصابي.

في الواقع» يمكن القول إن الغابة الاستوائية تمثل واحدة من أكثر
البيئات صعوبة فى القتال. حطمت الحرارة الشديدة والرطوبة المستمرة
المناعة الذاتية للجسم. وفرت الأمطار فرصة التكاثر لأعداد كبيرة
من الحشرات القاتلة. تفشت الإصابات بأمراض الالتهاب الكبدي
والملاريا وحمى التيفود وكانت الجروح الطفيفة تتلوث لتتحول إلى
مرض الكزاز حيث تتشنج وتتقلص العضلاتء وتتيبس الوجوه وتصبح
كأنها تلبس أقنعة رهيبة.

كانت الطبيعة» هي العدو أكثر من كتائب الذين يرتدون البيجاما
السوداء» في الغابات وفي حقول جنوب شرق آسياء كانت الطبيعة هى
المسيطرة. ١‏

1- هذا النص مأخوذ بالكامل من كتاب المؤلف القادم البوم الثلجي.

-358- لةطتنا وأصدغمممرهذع الا

ما الذي سوف نراه في قادم الأيام:

«السيطرة على الطقس في عام 22025
(إنهم يملكون الحاضرء أما المستقبل
فهو لي).

٠‏ نيكو لا تيسلا» رائد في علم
الإلكترونيات (1943-1857)

إن الحلم بالسيطر ة على أحو ال الطقس قديم قدم الرجل البدائي
الأول الذي صلى من أجل المطرء أو كانت له رغبة شديدة فى إنزال
غضب السماء على «عدوه». فى أيام العصور القدتمة» أركلت هذه
المهمة لساحر أو كاهن القبيلة. كان الشامان) يهزون الخشخيشات
باتجاه السماء لاستحضار المطرء وكان الأطباء السحرة يلقون بعظا
. (
الدجاج المجففة في الهواء لكي ينتهي الجفاف, وكان السحرة يتمتمون
من العطش» وكان رجال الطب يرقصون حول أعمدة الطواطم لكي
تستدعى السحر الذي يسدد ضربة إلى عدو القبيلة بصاعقة من البرق.
حتى موسى لم يتورع عن سؤال الله أن يسوم أعداءه أسوأ المعاناةه وكان
إلهه قاسياً ومنتقماً.

مرت بضعة آلاف من السنين قبل أن يقوم أحد الأشخاص بإطلاق
1- كاهن يستخدم السحر لمعالجة المرضى ولكشف المخباً والسيطرة على الأحداث

عاش قسم منهم في سيبيريا وآسيا الوسطى ومناطق أخرى من العالم. المترجم.

-359-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

قنابل بدائية على السحاب لتفجيرها لكي يسقط المطر. وإذا فشلت
المحاولة. فإن أولئك الذين باعوهم البنادق واللارود المستخدم في
الساةضةر لو سال : «لقد كان التصويب سيئاً».
لا تزال جبهات الطقس حتى يومنا هذا غير متوقعة وغير متحكم بها
كما كانت الحال خلال أيام ابي نوح: . كان التقدم في فهم كيفية التحكم
فى الطقس بطيئاً بسبب تعقيد غلافنا الجوي الأرضيء المكون من
طفاك ميتدافة : ' «الأحزمة» 0
رطبقة استراتوسفير لني" تحتوي على طبقة الأوزو التي تحدي
الأشعة الكونية)» وحزا ا
والذي تم اكتشافه في عام 1958 أثناء التشغيل الأولي لأول قمر صناعي
أمريكى» اكسبلورر 1..1 10167مط1
على مدى آلاف السنين التي لا عد ولا حصر لهاء لم يجرؤ سكان
الأرض على الاقتراب من عالم الآلهة. بالإضافة إلى ذلكء فإنه لم تكن
لديهم الوسائل. تغير هذا في عام 1944» عندما أطلقت ألمانيا صواريخ
2 وكانت مصممة بدقة لأغراض تدميرية. لقد قيل عن مؤسس
برنامج الصواريخ, ويرئر فون براونء «قليلا ما كان يستهدف ضرب
لندن لأن طموحاته كانت أكبر من ذلك بكثير وهي استهداف الفضاء»
بدأ الاهتمام بالبحوث الفضائية في أعقاب الحرب العالمية الثانية لنشر
الصواريخ الموجهة ذات القدرة النووية. سار البى ك في تكنولوجيا
الأسلحة والبحوث في الغلاف الجوي جنباً لل حم وقد أدى ذلك
إلى اكتشاف الأحزمة الجوية المختلفة حول الأرض.
لت لتر الباردة 0 ل مح موم من أجل
-360-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

سبوتنيك» ثم أرسلت رائد الفضاء يوري غاغارين ليدور حول العالم في
عام 1961. على سبيل المثال لا الحصر أطلقت الولايات المتحدة نفسها
سلسلة من «برامج المجرة)2.

في الفترة ما بين آب إلى أيلول 1958. بدأ مشروع أرغوس 5لا418.
عندما قامت البحرية الأمريكية بتفجير ثلاث قنابل نووية من النوع
الااشطاري فوق جنوب المحيط الأطلسي. بالإضافة إلى ذلك» تم
تفجير قنبلتين هيدر وجينيتين فوق جزيرة جونستون فى المحيط الهادئ.
وقد وصفها العسكريون بأنها «أكبر تجربة علمية على الإطلاق». وكان
الغرض منها تقييم أثر التفجيرات النووية على ارتفاعات عالية على
الإرسالات الراديوية» والضوابط الصاروخية وعمليات الرادار. وكانت
خطتهم التالية هي إنشاء «درع اتصالات» في طبقة الأيونوسفير. وكان
من المقرر تحقيق ذلك بزرع حزام من الإبر النحاسية التي تدور في
الحزام الأيونوسفيري.

وقد تلا مشروع آر غوس مشروع ستارفيش 71758ةا5 2:00 وفي 9
تموز 1962 تم إجراء تجربة أخرى في طبقة الأينوسفير» وأدى انفجار
«جهاز يزن ألف طن» إلى إحداث اضطراب خطير في حزام فان ألين
67 هه" السفلي. مما أدى إلى تغيير شكله وشدته بشكل كبير.
وقد أدت هذه التجربة إلى احتجاج أطلقه عالم الفلك وعضو الجمعية
الملكية البريطانية السير مارتن رايل.

تلاه في عام 1968: مشروع 525 (مشروع الأقمار الصناعية التي
تعمل بالطاقة الشمسية)» والذي يهدف إلى اعتراض الإشعاع الشمسي
باستخدام الخلايا الشمسية الموجودة على الأقمار الصناعية ونقلها في

1- معظم المعلومات التالية مأخوذة من مقالة بقلم روزالي بيرتل» وهي حاملة شهادة
دكتوراه الام كينها في لجنة فراجية 8285 (مشتروع الأقمار الضناع التي تعمل
بالطاقة لقي ): المصادر الأخرى هي الفيزياء والمجتمع بقلم سي . أل. هر زنبرغ
4 وأخبار المايكروويف بقلم ب. ايستلوند 1994.

-361-
لا31ط أ ا 01310123 مر هودع الا

شكل طاقة عبر حزمة الموجات الميكروية إلى مجموعة ضخمة من
غوائيات الاستقبال» تسمى ركشنا (عوموعاء2:) كانت التكلفة المتوقعة
للكهرباء المنتجة أعلى بكثير من مصادر الطاقة التقليدية التي تم تعليق
استخدام المشروع لها.

على الرغم من أن برنامج 585 كان ظاهرياً برنامجاً للطاقة» إلا أنه كان
يحمل تطبيقات عسكرية مهمة . كسلاح نفسيء كان قادراً على التسبب في
حالة من الذعر العام بحلول عام 01978 أخذت بحوث برنامج 575 منعطفاً
حديدا عكدها أشار العالم مايكل. 2 . أوزيروف إلى إمكانية تطوير سلاح
شعاع يحمله القمر الصناعي لاستخدامه في الصواريخ المضادة للصواريخ
الباليستية. وافق الرئيس كارتر على المشروع؛ ومع ذلك» رفض الكونغرس
الأمريكي تمويله. عاد المشروع نفسه إلى الظهورء تحت اسم مختلف. بعد
بضع سنوات تحت قيادة رونالد ريغان» الذي حؤّله إلى الميزانية الأكبر في
وزارة الدفاع. وأطلقت عليه تسمية «حرب النجوم).

في عام 5, أدى حدوث خلل في صاروخ ساتورن 5 إلى إشعال
«اثقب أيونوسفيري كبير» في الغلاف الجوي منع بشكل مؤقت جميع
الاتصالات عبر المحيط الأطلسى. قاد هذا الاكتشاف بالمصادفة
إلى نوع جديد من البحوث. كارن عام 1981» قامت وكالة الفضاء
الأمريكية ناسا 4 بمشروع 3 266125م5 الذي يتضمن قيام المكوك
الفضائي بحقن الغازات من المكوك إلى طبقة الأيونوسفير من خلال
نظام المناورة في المدار لإحداث «ثقوب أيونوسفيرية». . في 29 تموز
5 أحدث نظام المناورة المداري 0745 خلال 47 ثانية أكبر فتحة
في طبقة الأيونوسفير حتى يومنا هذا. وهناك تجربة أخرى أجريت في
آب 15 ابجوت سح وان تفط في اخيراق للخلاف الجوي طوله
8 كيلومتراًء أنتجت توهجاً ليلياً مرئيأء غطى أكثر من 400 ألف كيلومتر
مربع فوق ولاية كونيتيكت.

أثناء عملية عاصفة الصحراء (1991), وهو الاسم الذي أطلق على

-362-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الحرب ضد العراق. أفادت تقارير صحفية© أن الولايات المتحدة
نشرت سلاح النبضة الكهرومغناطيسية المصمم لمحاكاة الوميض
الصادر من قنبلة نووية. وكان مختبر سانديا الوطنى قد أنشأ موقعاً فى
قاعدة كي ركلاند للقوات الجوية الأمريكية (1989)» لإيواء مولد شعاع
الإلكترون هيرميس الثاني القادر على إنتاج 20 تريليون واط من النبضات
من أجل إحداث انفجارات تستغرق 20 مليار جزء من الثانية.

في عام 1994. تم إطلاق صاروخ من منصة بوكر فلات ريسيرش رينج
لإطلاق الصو ار يخ ءهمة][ طامبدءده ]1 :112 رماو التي تقع على بعد
0 كيلومتراً شمال مذينة فيرباتكس» » في ولاية ألاسكاء لفهم التفاعلات
الكيميائية في الغلاف الجوي المرتبطة بتغير المناخ العالمي. وقد أطلقت
تجارب مماثلة من مدينة تشرشلء في مقاطعة مانيتوبا (كندا)» مثل تلك
التي وقعت في آذار 1989» عندما أطلق صاروخان من طراز بلاك برانت
اكس )7 أصه81 عل8/20 واروخان من طراز نيكى أوريون 2م07 عملا فى
سماء كنداء وأطلقت عنصر الباريوم على ارتفاعات عالية» ومن ثم تم
زرع سحب اصطناعية.

وأخيراً جاء برنامجح 544772 (برنامج الأبحاث الخاصة بالشفق
القطبي النشط عالي التردد)» الذي بدأ في 18 تشرين الأول 1993 وشارك
في تمويله سلاح الجو الأمريكي والبحرية الأمريكية» في موقع على طول
طريق توك السريع بالقرب من مدينة غاكونا في ولاية ألاسكا. وتتمة
مهمته في ١فهم‏ ومحاكاة ومراقبة العمليات الأيونوسفيرية التي قد تغير من
أداء أنظمة الاتصالات والمراقبة». وقد ثم شرح لمرو بشكل مختلف
للجمهور كمشروع غير عسكري؛ أو درع فضائي ضد الأسلحة الواردة.
أو كالية لإصلاح طبقة الأوزون في الأرضء ولكن برنامج 174/418 هو
بالتأكيد تجربة يمكن توسيعهاء لأنها مرتبطة بشكل وثيق بخمسين سنة من
الدراسات المكثفة لفهم الغلاف الجوي العلوي والتحكم فيه.

1- راجع: 26/5 1068856 نيسان 1992 .

-363- ألا 0131013مهوذع ]آلا

أحد مجالات أبحاثه هو التحكم في الطقس أوء باستخدام تعبير
عسكري مخفف. تعديل الطقس. إذا تمكن الفنيون في نهاية المطاف من
إرسال إشارات لاسلكية إلى حزام فان آلن الإشعاعي /لء8 مءال4 هذلا.
فيمكنهم استخدام تأثير الرنين المغناطيسي الذي اخترعه العالم نيكولا
تسلا 165/2 371012 للسيطرة على الطقس العالمي من خلال إطلاق
مصادر طاقة هائلة في مناطق معينة.

بدأ العصر الحديث لتعديل الطقس باكتشاف حدث عن طريق
الصدفة. في عام 1946: اكتشف العلماء في شركة جنرال إلكتريك عن
طريق الخطأ أن جزيئات الثلج الجاف (جزيئات ثاني أكسيد الكربون
المجمد) التي تم إسقاطها في حجرة باردة خلقت بلورات ثلجية مماثلة
لتلك الموجودة في السحب وأظلق ذلك هذا ميخغيضا أشاضا للمناطق
المنكوبة بالجفاف. التقطت الدوائر العسكرية هذه الفكرة بسرعة.

أثناء حرب فيتنام» قامت القوات الأمريكية بأول تطبيق جاد لتعديل
الطقس أثناء حدوث نزاع مسلح. وفي محاولة لزيادة هطول الأمطار
استخدمت خدمة الأرصاد الجوية في الولايات المتحدة ثلاث طائرات
شحن محورة من طراز 770-130 من خلال رمي مشاعل تحتوي على
مركبي يوديد الفضة ويوديد الرصاص من أجل استمطار الغيوم وتتسبب
في حدوث زخات مطر فوق طرق مدينة هو تشى مينه"©. كانت هذه
المهمة السرية. الى أطلق عليه انما تشفرا هو اعملية بوناى اه تتتضن
إطالة موسم الرياح الموسمية المعتادة» وأن تغمر الأرض بالمياه» وجعل
الطين يملاً طرق الإمداد الحيوية وبالتالي لا يمكن السير فيهاء مما يقلل
من فاعلية خطوط اتصال العدو. أثناء إقلاعها من قاعدة أودورن الجوية
في تايلاند» كانت طائرات عملية بوباي قد قامت بمئة واثني عشر نوعاً
من مثل هذه الطلعات الجوية الخاصة بالاستمطار على فيتنام الشمالية:
وكمبودياء ولاوسء وفيتنام الجنوبية. بدأت العملية في عام 1967

1- عاصمة فيتنام. المترجم.
-364-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

واستمرت حتى عام 1972. تباينت التقارير حول نجاح أو فشل مشروع
تعديل الطقس المعروفة باسم بوباي عنزوممط, اعتماداً على الجانب
الذي كان يصدر هذه التقارير.

ان حيت بجاوك اللعدول ملم وا ركان الماح ابن ترات #بندن تين
طراز 0-123 من أجل إزالة ضباب الصباح الذي يجثم على أرضية ممر
الخروج لمشاة البحرية الأمريكية المحاصرين والمتمركزين في مدينة
خي سان 76-527كك دون نتائج إيجابية. (في وقتنا الحاضرء 0
الضباب البارد» المكون من قطيرات سائلة عند درجات حرارة أقل من
درجة التجمدء تكنولوجيا روتينية لتعديل الطقس» تمارس في معظم
المطارات الرئيسية).

فى أوائل السبعينيات» كشفت وسائل الإعلام الأمريكية عن

عمليات تعديل الطقس السرية”"» والتي أثارت غضب الرأي العام.
وأمر الكونغرس بإجراء تحقيقات. وأدى ذلك إلى صدور معاهدة الأمم
المتحدة لعام 1978 التي حظرت «الحرب البيئية».

أظهرت عملية بوباي عن وجود إمكانية في المستقبل لتعديل الطقس
في ساحة المعركة. لم يكن سبب فشل العملية يرجع فقط إلى المعرفة
المحدودة بعملية استمطار السحاب» المتوفرة في ذلك الوقت. في
عام 21965 في مرحلة التخطيط الآولي للعملية» كان طريق الإمداد
الاستراتيجى موى +75:05 الجبل الطويل -وهو الاسم الفيتنامي
لمسار ط315 1 810- عبارة عن مسار ترابي باهتء استخدمته قبائل
المرتفعات الوسطى للقيام بغارات صيد في الغابة. وكان استخدام
«الطريق» يمثل رحلة تفوق حدود التحمل البشري. من أيلول إلى شباط»
في ذروة الأمطار البوسعية جرفت الفيضانات المسارات التي صنعها
الإنسان والتي تحولت إلى أنهار هائلة» حتى إن حقائب الظهر غرقت
في الماء لدرجة أن الرجال كانوا ينهارون تحت وزنها. كان الممر قابلاً

-365-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الشهيرة باسم العم هو التي بلغ عددها 0 ألف ةا راغي

باليد مرا ا ب 0

يرفع شعره» وهو يتمايل فوق الجسور المصنوعة من أشجار الخيزران”؟

لاحظ الفيتناميون الشماليون أهمية وجود طريق إمداد آمن وعملوا ليلا

ونهاراً لتحسينه0. تم تحويل الطريق الترابي إلى طريق يصلح لجميع
الأحوال الجوية وتم إكسائه بطبقة من الصخور المسحوقة. وإذا لم

كن انتما يقام طريق من جذوع الاشجار. د

الموسمية الأكثر غزارة. وقل اناد 00 هافان لاو وهو مخطط

استراتيجي لمدينة هانوي إليه بالقول: «كان نظام الطرق يمتد لمسافة

3 ألف كيلومتر على طول الحدود الجنوبية لفيتنام ثم يستدير وينحرف

مثل نظام تجهيز السيارة بالوقود وكانت فيتنام الشمالية تمثل محطة تعبئة

الوقود. وفى هذا السياق. حصلنا بالتأكيد على عدد أكبر من الإصابات

بسبب الظروف الجوية مقارنة بما فعلته القنابل الأمريكية»).
حلت عبارة «هاجموا الطريق!») محل عبارة «هاجموا مقاتلى

الفيتكونغ!» على أنها العبارة الرئيسية للجيش الأمريكي. ألقت القاذفة

الأمريكية 852 ما مجموعه 0 طن من القنابل على الطريق»

لكن هذا لم يكن يمنع من وصول ستين طناً من الإمدادات إلى الوحدات

الفيتنامية الشمالية يومياً . كان الأميركيون يقصفون الطريق نهار اخنوقاة
الفيتناميون يردمون الحفر التي يصنعها انفجار القنابل ليلا. عندما لم تؤدٍ
القنابل المهمة المطلوبة» عمل الأميركيون على استخدام خطة الحمم

8 21217 » لتحويل تربة الغابات الرطبة إلى ما يشبه الزيت الزلق. لكنها

1- ولفريد بورشيتء فيتنام وحرب العصابات 1965.

2 في عام 1979 التقى المؤلف مع العقيد الفيتنامي الشمالي المسؤول عن المشروع في
هانويء الكولونيل فان» الذي أوضح أن القتصف تداخل مع الإمدادات التي وصلت
إلى الوحدات الأمامية» ولكن سوء الأحوال الجوية حال دون ذلك.

-366-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

لم تنجح» وكذلك فشل الحمام الزاجل الذي كان يخفى القنابل الصغيرة
تحت جناحيه. حتى إنهم توصلوا إلى بعض الأفكار الحمقاء مثل إسقاط
علب البيرة اعكاء/17ل1811 من أجل جعل سائقى شاحنات العدو يسكرون.
ولحسن الحظء فإن هذه المشاريع لم تتعدٌ مرحلة التخطيط). ربما
كان هذا «الطريق» هو آخر صراع عسكري مهم تفوق فيه الإنسان على
التكنولوجيا. لسنوات» حاول الأميركيون» لسنوات إيجاد وسيلة لوقف
حركة المرور على طول طريق هوشي منه. واضطروا أخيراً إلى الاعتراف
باستحالة تحقيق ذلك.

تم إطلاق العديد من البرامج الأخرى. مثل بحث مشروع برايم
أرغو كناهتة ءدمء». الذي تم تمويله من قبل وكالة مشاريع الأبيحاث
الدفاعية المتقدمة» والذي كان يستهدف إيجاد الوسائل لتكوين زلازل
صناعية. اختبرت وزارة الدفاع الأمريكية دراسات لإجراء تغييرات في
ظاهرة البرق من خلال مشروع سكايفاير 51/1716 01هز8:0 ثم بدأ برنامج
آخر» وهو مشروع ستورمفوري 51/077111 كبرنامج تجريبي مشترك
تابع للبحرية الأمريكية ومكتب الأرصاد الجوية في الولايات المتحدة
في أوائل الستينيات. كانت لهذه البرامج تطبيقات سلمية» وكانت
غايتها إجراء سلسلة من التجارب على الأعاصير لفهمها بشكل أفضل
والتنبؤ بهاء والتحكم في مسار هذه العواصف الشديدة. فأبدان طائرات
ستورمتشيسر 05101771012561 مثلا قد تم تقويتها بشكل استثنائي لتتمكن
من مواجهة الرياح التي تبلغ سرعتها 150 ميلا في الساعة لتستطيع أن
تتغلغل فى «عين» الإعصار. وعلى الرغم من تعرض الطائرات وطواقمها
لضربات شديدة من الرياح؛ إلا أنه تم بواسطتها جمع معلومات ثمينة
ولم تفقد طائرة واحدة.

بحلول عام 1994 كشفت القوات الجوية الأمريكية عن خطة شاملة

1- واحدة من الأفكار المضطربة التي تم تجريبهاء وفقاً لفرانك سنيب» مدير وكالة
المخابرات المركزية الأمريكية.

-367-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

باسم 2020 060351 2م5. تتضمن السيطرة على أحوال الطقسء. والالتزام
بميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على «حظر استخدام تقنيات التعديل
يمكن لأنماط الطقس التي تم إنشاؤها بطريقة متأنية أن تؤثر ليس
تغيير السلوك وأنماط المعيشة للسكان بأكملهم. الفكرة مخيفة» لكنها
ليست جديدة. إن مسألة أنه من الممكن القيام بمثل هذه التأثيرات
قد صدرت بشأنها نظريات قبل مئة عام» ولكن لم يكن أحد يمتلك
الوسائل الكفيلة بوضعها موضع التنفيذ فتم وضعها على الرف. ناقش
العلماء نظريات عالم الفيزياء اليوغوسلافيء نيكولا تيسلا (1857-
3) التي ساعدت في اكتشاف (التيار المتناوب) ثم طبقت أفكاره
على تطوير نظام انتقال عملي لموجات هيرتز. وشرح إمكانية تعديل
الحالة العاطفية للناس7". منذ تلك الأيام الحالمة» تم إحراز تقدم هائل.
في أقاصي وادي النحاس في ألاسكا يقف النموذج الأولي للسخان
الأيونوسفيري العملاق الذي يجعل أفلام الخيال العلمي أمراً عفا
علية رمن إد طاقته المركزة الصادرة من مجموعة مؤلفة من ثمانية
وأربعين هوائياء والتي تعمل في تناسق مثل بعض مسدسات الأشعة
المركزة. يتم بثها عند نقطة محددة في طبقة الأيونوسفير». تصطدم
الموجات المنشبعثة مع نهر من الجسيمات المشحونة المحصورة
في الأيونوسفير» مما يضطرها إلى أن تنفجر في الخارج في شكا
فقاعة عملاقة» أطلق عليها اسم «الريشة»» فى عملية تعرف باسم
1- يمكن استخدام هذا بطريقة أكثر إيجابية. لقد أثبت الدكتور ريخو ماكيلا بنجاح أن
تعض المواد الكبمائه بالاكتراك مع موجات: "انالا يمكن أن تؤثر جلى الامراضن
الموهنة للعزيمة. من ناحية أخرىء أظهر الدكتور خوسيه دلغادو تأثيرات الموجات
الكهر ومغناطيسية التي تعطل الدماغ البشري.

2- تم اكتشاف وجود الأيونوسفير لأول مرة بواسطة العالمين أبلتون وبارنت (من
المملكة المتحدة) في عام 1925.

-368-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

«ه1زاكناط/ن/5) قاهر السماء. ويمكن استخدامها لدراسة تأثير ظاهرة
الاحترار العالمي واستنفاد طبقة الأوزون وربما السيطرة عليها. وإن
آثارها النهائية أو تطبيقاتها غير معروفة.

تقدم عالم الفيزياء بيرنارد ج ج. إيستلوند من تكساسء ببراءة اختراع»
رقم 4,686,605: 0 وجهاز لتغيير منطقة في الغلاف الجوي
للأرضء وطبقة الأيونوسفير/ أو الغلاف المغناطيسى». وبقيت مغلقة
لمدة عام بموجب تعليمات السرية الحكومية. وها لبراءة الاختراع.
يمكن رفع المناطق الكبيرة من الغلاف الجوي إلى ارتفاع شاهق
بحيث تواجه الصواريخ قوى إعاقة غير متوقعة وغير مخطط لها مع
التدمير الناتج عن ذلك... وإن تعديل الطقس ممكن عن طريق تغيير
أنماط الرياح في الغلاف الجوي العلوي. عن طريق إنشاء عمود واحد
أو أكثر من جسيمات الغلاف الجويء التى ستعمل كعدسة أو جهاز
رك يكن آل تعد يلات جزيلية فن الخلاف الجوى بيت
يمكن تحقيق تأثيرات بيئية إيجابية”". وبعبارة أخرىء إذا ثبت نجاحهاء
داف اه اتكدرار ماكو ادقريك إن فطل أنضمة التوجيه المتطورة
للطائرات والصواريخ» وتملاً مناطق كبيرة من الأرض بالموجات
الكهرومغناطيسية» وتقوم بتعديل بيئتنا.

بودن ع اتن كراد ا اه الكلما كت لوو الجا ضير هق
ملكهم» المستقبل لي». :لقن قنع انلعل صو واليوم؛ لم يعد التأثير على
حاط الى اء حر تترلها هر شكر ين شكال عبان يعض العلما:
المجانين» فهو يتمركز في قلب قوة المجمع العسكري والصناعي لأي
دولة تمتلك تكنولوجيا متقدمة. الإنسان هو آلة لصنع الأفكار تتحرك
بكامل قدراتها. ما يبدو اليوم فكرة» أو حلمء أو رؤية» يصبح واقعاً في
1- مقتبسة من كتاب «الملائكة لا تعزف بهذه القيثارة» 1184810 من قبل الدكتور ن. بيغ

و. . ج مانينغ, عام 5 . ومع ذلك» فقد أكد متحدث باسم مشروع م1 مذ 0
المؤلف أن التجربة لن يكون لها تطبيق عسكري.

-369-

لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الغد. تتم غربلة الأفكار وتتحول إلى برامج بحثية واسعة» والتي يمكن
أن تساعد في تطوير حياتنا وحياة أولئك الذين يأتون بعدنا.

لا يزال التردد في التخلي عن الحكمة التقليدية واعتناق الأفكار
الجديدة قائماً. قد يرحب الكثير منا بالتطورات المتوقعة باعتبارها
تقدماً مهما في معرفتنا وقدرتنا على تحسين نوعية حياتنا؛ وقد يعتبرها
آخرون من جديد أمراً مشكوكاً فيه وأنها بمثابة ناقوس خطر. كما هو
الحال مع المحاصيل المعدلة ورائياء والبذور الغريبة» وتحضير نبات
الذرة في أنابيب الاختبار على سبيل المثال. لا يوجد حد لما سيحلم
به العلماء. للحصول على المزيد من الغذاء نحتاج إلى المزيد 0
أشكة الشسر ب والمزيل'من المياه: بعبارة أخرىء يحتاج العالم إلى أشعة
الشمس والأمطار لكي يمكن إنتاج الطماطم المحورة جينياً التي تكون

بحجم القرع ومع جميع أعاجيبه فإن العلم ترك الإنسانية في مفترق طرق

أخلاقي. السيطرة على الطقس هو أحد الاحتمالات. مناكان ذوما ميجلا
يتحكم به الخالق قد يصبح قريباً مجالاً يتحكم به الإنسان.

لن تكون المرحلة التالية هى التنبق بأحوال الطقس يل لاستغلال
الإمكانيات الكامنة فيه. ومع بداية الألفية القادمة» سيتحكم أولئك الذين
يستطيعون السيطرة على الطقس في توزيع السحب وتوزع الأمطار في
العالم بالإضافة إلى توزع كثافة الغطاء النباتي. سيغر ضون درجة حرارة
معينة على العالم ويكونون قادرين على وقف التصحر أو بدئه وكذلك
تحديد الكثافة السكانية. وهذا قد ينتج ظاهرة مثيرة للقلق للغاية. إذا
كان من الممكن ربط الزيادة الحالية في عدد الكوارث الطبيعية ارتباطاً
مباشتراً بالسخونة الزائدة في الغلاف الجوي».يمكن أن يودي استمزاز
تدخل الإنسان في الطبيعة إلى حدوث تغييرات مناخية شديدة يمكن أن
تؤدي إلى عواقب وخيمة '".

في عصر المعلومات الذي نعيشه حالياًء ليس هناك من مكان على

-١‏ ج. بيرتز» رئيس قسم البحوث البيئية؛ لشركة ميونيخ ري للتأمين.

-370-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

الأرض بعيد المنال عن الأقمار الصناعية لأغراض التجسس ونظم
الاستشعار عن بعدى والتي توفر العديد من المعلومات ليس فقط عن
موقع العدوء ولكن أيضاً حول تطوير أنماط الطقس. يمكن أن تقوم
الأقمار الصناعية والتحسينات فى أجهزة الكمبيوتر بتحويل المناطق
المليئة بالضباب, التي كان على السلاح الجوي لقوات الحلفاء في
الحرب العالمية الثانية أن يتعامل معها خلال معركة الثغرة» أن يجعلها
فاطق ريفية ضافية جد)لةا: وتتيؤات الطقين الدقيقة هن آذاة الاغى غنها
لأي نشر للقواتء وسوف يستفيد منها كثيراً أولكك الذين يمتلكونها. قام
الجنرال آيزنهاور بمجازفة خطيرة عندما أمر بغزو شواطئ النورماندي
الفرنسية» مستنداً كلياً إلى تخمين مدروس من قبل رئيس مكتب الأرصاد
الجوية الأمريكى. فى المستقبل» لن يكون المخططون العسكريون
57000ظ5 نمال الطتنين الحالية. سيكونون قادرين على تصميم
نمط الطقس الذي يرغبون في الحصول عليه أو يرغبون في أن يواجهه
عدوهم. سوف يأمرون بتكوين عاصفة» وسيقوم الفنيون الخاصون
بهم بتشغيل صنبور المطر وبالتالي إنشاء حاجز طيني اصطناعي لوقف
الأرتال المدرعة للعدو. سوف يجعلون الثلج يتساقط. ثم يخلقون موجة
حر ساخنة مفاجئة لإذابة الثلج المتراكم» وإغراق منطقة معينة بأكملها.
سوف يدمرون المحاصيل الزراعية من خلال عواصف البَرّده ويخلقون
مجاعة لدى العدو بسبب الجفاف الذي يجعلوه يحل على أراضيه؛ أو
بسبب احتراق غاباته بصواعق من صنع الإنسان.

ورغم أن العالم الغربي شهد استقراراً في فترات طويلة ما بين
الحروب2©» فإنه لن يفعل ذلك في حقبة تغيير غير مسبوق سيجري في
نطاق حروب المستقبل. في المعارك الجيوفيزيائية القادمة في الألفية
1- خلال حرب الخليج (1991) والصراع في صربيا (1999): لم يعق القصف الجوي

وجود غطاء من السحب الكثيفة.
2- لم يأخذ في الحسبان «الحروب غير المعلنة» أو دور «شرطي العالم».

-371-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

القادمة» قد نرى محاربين يرتدون ملابس مثل جنود الفضاء في أفلام
الخيال العلمي وهم يطلقون صواعقهم من صناديق سوداء صغيرة على
عدو لا يجب عليهم حتى رؤيته لكي يقتلوه.

وبقدر تعلق الأمر بما يصفه الجيش والعلماء بأنه خط دفاع جديد.
فما الذي يمكن للعالم أن يتطلع إليه فيما يتعلق بالأسلحة المتطورة فائقة
التكنولوجيا أثناء نشوب نزاع جيوفيزيائي؟

1 -الفيضانات الاصطناعية.

2 - تعديل التيارات المحيطية.

3 - تحويل العواصف الاستوائية.

4 - فتح الثقوب (ممرات للضوء في السماء) في الغلاف الجوي

5 - توسيع الغطاء الجليدي فوق الأراضي القطبية.

- الزلازل التي يتم تكوينها اصطناعياً.

يعتقد خبراء الأرصاد الجوية العسكرية الأمريكان أنهم قادرون على
الفوز بحرب الطقس في أوائل القرن المقبل. وستقوم هوائيات الأشعة
التي بحوزتهم بتسخين طبقة الأيونوسفير لتقطع اتصالات العدوء
وستطلق أسلحة الليزر البرق لإسقاط الطائرات المهاجمة» وسوف تنشر
الطائرات غير المأهولة في الغلاف الجوي الغبار الأسود المجهري.
مما يصنع المزيد والمزيد من الأمطار. درول توفوة دوق باذ
المروحة السماوية لإعادة توجيه نمط التهاطل النووي2. ستغرق
الصين» وستتجمد أوروياء وتدمر كاليفورنيا. وستكون الاحتمالات إلى
ما لا نهاية. عدونا في عام 2025» عليك الحذر!

االطفعي حوض امد للدرة: : السيطرة ة على الطقس في عام 2705© هو
العتوان اندي » وإناكاة مخفا إلى يهاه لبراسة حديقة أجريت قل
مدى عامين؛ تم تنفيذها نيابة عن كلية الحرب الجوية الأمريكية. وهى

-372-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

توضح بقدر كبير من التفاصيل إمكانات تعديل حالة الطقس في البلاد
في المستقبل.

من خلال تعزيز العمليات الصديقة أو تعطيل العمليات الخاصة بالعدو
عبر تصميم أنماط الطقس الطبيعية على نطاق صغير لاستكمال السيطرة
على الاتصالات العالمية والتحكم في مساحات الفضاء الشاسعة؛ يوفر
تعديل الطقس للمقاتل الحربى مجموعة واسعة من الخيارات الممكنة
لهزيمة الخصم أو إجباره على الاستسلام... بعض أدوات التدخل
موجودة اليوم وستجهز غيرها ويتم صقلها في المستقبل" وتتمثل رؤية
هذه الدراسة في أنه بحلول عام 2025 سيتمكن الجيش من التأثير على
الطقس على نطاق هائل من أجل تحقيق قدرات تشغيلية مواتية. قد يقال
أيضاً إن حرب الطقس ستكون أقل تدميراً من نشوب محرقة ذرية. لا
أعتقد أنه على البشرية أن تضعها على المحك.

المرة الأخيرة التى حاول فيها الجيش الأمريكى تغيير أنماط الطقس
كانت في فيتنام. وقد ادق جهوده القادمة قد حول يفك[ مدل
سيتمكن قادة الحرب في الغد من الاعتماد على ترسانة جوية ذات أبعاد
غير محسوبة. سوف يكون لدى الحواسيب العملاقة مراقبة متطورة
للغللاف الجوي والتلاعب بالمناخ إلى أن تصبح ماهرة بها. سوف يتم
تشكيل الطقس حسب الطلب. ولكي لا نبالغ في القول» فإنهم» بغض
النظر عن جنسيتهم». سوف يمتلكون السماوات.

ولكن يمكن للبشرية جمعاءء لا سيما الأجيال القادمة التى يواجهها
الانشجان المكان» نيمكتها تطيق. التكدولوجيا اللمتقلدفة بطريقة أكدر
اذم ومقيدف على يفيل الجتال للكلي عي النقصن قن إقد ادانع مياد
الشرب لدينا. إن تزايد عدد سكان العالم سيضع ضغوطاً متزايدة على
احتياجات المياهء ويمكن تعديل أنماط الطقس لتحفيز نمو الحبوب.
1[ در اجع : ذ تعاممط0 2025 15 تعطادعء'1]1 عط عستم 0 :ععتامادك8 2 كه معطادء/171

41 ذلآ,3 عتصنساه/1.

-373-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

وقد تؤدي عمليات الاستمطار إلى التخفيف من حدة الجفاف. ٠‏ في
حي أن هناك الكثير من الماء على وجه الأرض» فإنك الأ يوكمن ذا ته
في الأماكن الصحيحة: أو في حالة صالحة للشرب. ويؤثر نقص المياه
المؤميق عن نيو تلكا كان العاله:
في عام 5» سيصل عدد سكان العالم التقديري إلى تسعة مليارات
شبيقة ولكن نسية 26:0 فقط من المياة الموجودة فق كوكنا ستكون
صالحة للشربء أما الباقي فهو إما ملحي أو ملوث بدرجة تجعله غير
صالح للاستهلاك البشري. واقما لدراسة سخديقة الجعين أبحاظ: المياء:
لويعة بإمكان:623 مليون شخصن في 26 ذولة ين الول على مياه
الكبرزمج الثقية: حتى في أوروباء هناك واحد فقط من كل سبعة أشخاص
لديه «مياه شرب صحية». وفي إسرائيل» يندرج توزيع المياه تحت بند
«الأمن الدفاعي» ويسيطر عليه الجيش”2".
وبما أن المياه لا تتقيد بحدود بشرية» فإنه غالباًما تحصل نزاعات بين
البلدان حول استخدامها. حدثت الكثير من الحروب فى القرن الماضى
حول النفط» وستكون النزاعات في القرن الحادي والعشرين على الماء.
لا ينبغي أن نتوقع من التطبيق السلمي لبرنامج تعديل الطقس أن يحل كل
شيء؛ ولكن يمكن أن يحدث تقدماً كبيراً في تحسين الحياة بشكل عام.
لا يؤيد الجميع الرأي القائل بأن التعديل السلمي للطقس سيحسن
حياتنا. وتوقع البروفيسور توماس مالونء المتخصص في الأرصاد
الجوية في معهد هولكومب للأبحاث» قبل عدة سنوات: «إن النتيجة
البيولوجية لتعديل الطفس تميل لأن تكون مزيجاً من التأثيرات الجيدة
والسيئة على النظم البيئية الصناعية للإنسان». والعلماء حذرون جداً فى
أن يطلعوا الرأي العام على أسرارهم. البديل يمكن أن يؤدي إلى غضب
مشروع جراء اهتمام الرأي العام وحدوث سيناريوهات مفزعة وغريبة.
سواء كانت النتائج مدمرة» أو مفيدة» فإن التنبؤ بامتلاك الطقس في

- راجع نغوين تيان دوك» لومانيتيه مورات إيل دي سويف. باريس1999.

-374-

لا31أ ا 01310123 مر هودع الا

5 قد يصبح حقيقة واقعة. إن التحكم في الطبيعة هو رمز قوي» يربط
بين مهارة الإنسان التكنولوجية الهائلة وعوامل دماره الذاتي. إنها تجربة
عالمية ضخمة حيث الناس والبيئة هي فئران تجارب. يواجه عالم اليوم
معضلة قديمة العهد: كيفية التأكد من تطبيق الأفكار التي تهم تعديل قوى
الطقس الطبيعية بمسؤولية وبعد تفكير عميق.

خلال عملية التطور» تطورت الطبيعة عبر ملايين السنين. تعديل
الطقس هو خطوة عملاقة. فمن خلالهاء يريد الإنسان أن يكون مايسترو
قوى الطبيعة البارعة ويمكن أن يتحول إلى صبي الساحر.

لا يمكننا إيقاف التقدم؛ ولكن علينا جميعاً أن نطيع قانون الطبيعة.
كان «القدماء» يلقون باللوم في كل الشرور على الشيطان» ومن ضمنها
الطقس. بطبيعة الحالء لا أحد يصدق بعد الآن أن الشيطان له أي علاقة
بالطقس. لكن البعض منا لا يزال يشعر بالراحة من مشاهدة كاهن وهو
يرش الماء المقدس في الهواء» على أمل أن يؤكد لنا أن الطقس خلال
فد ارتم ال - أو المعركة الجوية القادمة» إذا حدث أن تكون
نان عقا كبكو تهنا مهدر

ومازالت الجبهات السطحية لا يمكن التنبؤٌ بها كما كان الأمر خلال
أيام نوح. يجب أن نتعلم العيش في وتام مع الطبيعة. سيكون من الحماقة
أن يحاول الإنسان السيطرة على الطبيعة؛ هناك ببساطة عدد كبير من
الأشياء التي لا يمكن قياسها وتقديرها.

هناك * شيء واحد فقط مؤكد:

شك الإقان موفسير كيم : ويا

لكن الله لا يزال يسيطر على الطبيعة.

-375-
لا31ط أ ا 01310123 مهودع الا

“كيل الولف ؛ وهو يصف الأحداث الحقيقية» 0 تراج . إك نقده [للأأحداث ى لشسبت
في (أو أحيانا تمنع) حدوث نتائ 0 30 ل تي له ل الكدة
ال ل سبد ملتسن على الرغم من 90000
حت ال 0 06 نمم أو قمعهم في كثير ه بن ليان ٠‏ فاه اسرد كل
شىء جرى بعد الحدث!
يمكر كاري ة التأثير التاريخي الذي أحدثته بعض الأحداث. عا على الرغم هن أنها كانت
صغيرة نسبياء بتأثير المعارك الضخمة التي لا تزال تختزنها الذاكرة الحديكة. وعلى سبيل
لمخال» ,في حين أن مغركة غابة تويتوبورغ. الخاسمة بين الألمان والرومان التى جرت
وقائعهاا 517 4 ٠‏ #هدات موابجهة بين حرا أربعين ألف مارب قاتل بعضهم البعضر
الآخرء لكن معركة موسكو ني عام ١45١‏ 90-0
تدمير أربعين ألف مدفع, وموت الملايين من الحنود.
| ومع ذلك, ا اك الات 0
صغيرة» فإن كل واحد منها شكل منعطفا تاريخيا.
ا ل ا 0 6ه
تاضر لتوجيهي في خياري . واعتمدت عا ى أعمال
00 أعمال المؤرخ الروماني السو شه
جيداً لاحن العثور عليها ِ اكات

7

00س الجترال الجموستاتيجي ب
لح والورح يدر 0 رية

وقائد و ٠‏ لاني السابق» ريل أوتو لكر رسي (امتوى), والخبير 9
التاريخ الأيرلندي» روبرت كي الذي نجا من الإعصار الرهيبء وربان المدمرة الأمر يكبة
ديوي» الكابتن ريمون كالهون؛ (ضابط متقاعد في البحرية الأمريكية) . فقد كانت رواياتهم
القيعة ية حاسمة في جعل هذا الكتاب حقيقة واقعة.

978-9933-6046-1-5 [ز8ّ5ا

4

204